The social values derived from divorce and its educational applications
Samer Mohammed Al-Ansari
Ministry of Education || KSA
القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق وتطبيقاتها التربوية
سامر محمد الأنصاري
وزارة التعليم || المملكة العربية السعودية
المقدمة
الحمد لله القائل في منزل كتابه الكريم: “ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين“(1)، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله، معلم الناس الخير، من بعثه الله بالعلم والنور والهدى رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فإن القران الكريم كلام الله سبحانه وتعالى وكتابه أنزله كاملاً وشاملاً ومفصلاً فيه جميع جوانب نواحي الحياة، به تنير العقول، وتصلح النفوس، ويرتقي الانسان فكراً وسلوكاً.
وذكر الله – عز وجل – في كتابه الكريم وصايا عظمى وحكما بليغة وآداباً عالية، كل ذلك من أجل حفظ الانسان عن الخطأ ومن ثم حماية الأسرة والمجتمع من الشرور والأخطار، ومن هنا اهتم الإسلام بكيان المجتمع وأحاط به، فجاءت سورة الطلاق بجملة من تلك الآداب الاجتماعية التي تمس أهم قضايا المجتمع في العصر الحاضر، ألا وهي العلاقات الزوجية، وحفظ حقوق الزوجين تجاه بعضهما، وحق الرضاعة للولد، فمتى ما تمسك به المجتمع عمت الفضيلة وانتشرت.
ومن هنا نلاحظ حرص القران الكريم الشديد على بناء مجتمع قويم، والسعي إلى حلول أولية، ومن ثم العلاج للقضايا الاجتماعية، وسورة الطلاق إحدى هذه النماذج والتوجيهات التربوية التي تضمنها كتاب الله الكريم فهذه السورة المباركة اشتملت على أسس في التربية للفرد والمجتمع.
ونظراً لأهمية تلك التوجيهات ودورها الفاعل في تهذيب نفوس المجتمع، سلطت الضوء عليها ليكون الانسان المسلم على بيَنة من دينه وعلاقته مع خالقه الكريم.
والله اسأل أن يعلمني ما ينفعني وأن ينفعني بما علمني ويزدني علماً وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم.
مشكلة الدراسة:
يعد القران الكريم المرجع الأول لهذه الأمة ودستورها، فيه من العلم والمعرفة والمبادئ والقيم الاجتماعية والتربوية والقواعد الأخلاقية والتشريعية والتطبيقية ما يجعلنا نعتز به، ونستغني عن النظريات البشرية، وهذا ما دفع الباحث إلى كتاب الله الحكيم، وإلى سورة الطلاق على وجه الخصوص، وما فيها من قيم اجتماعية وعليها نسلط الضوء.
وتحاول هذه الدراسة الاجابة عن السؤال الرئيس الاتي:
ما القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق؟
ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة التالية:
- ما الموضوعات والقضايا التي عالجتها سورة الطلاق؟
- ما الذي يميز سورة الطلاق عن غيرها موضوعا وأسلوبا؟
- ما القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق؟
- ما التطبيقات التربوية للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق؟
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إجمالاً إلى بيان ما تضمنته سورة الطلاق من قيم اجتماعية للمجتمع العالمي والمجتمع الإسلامي خصوصاً.
ومن الممكن تحديد أهداف هذه الدراسة تفصيلاً في النقاط التالية:
- بيان موضوع سورة الطلاق ومكانتها.
- التعرف على القضايا التي عالجتها سورة الطلاق.
- التعرف على القيم الاجتماعية التي تضمنتها سورة الطلاق.
- اقتراح أهم التطبيقات التربوية المستنبطة من سورة الطلاق.
أهمية الدراسة:
يعد القران الكريم كفيلاً بإسعاد الانسان في دنياه وآخرته ، حيث فيه الطريق الصحيح والمنهج القويم، فحفظ له حقوقه وواجباته، فمن تمسك به وجعله دستوره فاز وظفر، ومن زل عنه خاب وخسر.
وعليه فإن الباحث يرى أن أهمية هذه الدراسة تكمن في الآتي:
- إبراز الوحدة الموضوعية في سورة الطلاق.
- إبراز المزايا والخصائص التي تميزت بها سورة الطلاق عن غيرها موضوعا وأسلوبا.
- تحديد القضايا التي وردت في هذه السورة دون غيرها وكيف عالجتها.
- التعرف على التربية الاجتماعية.
- إبراز القيم الاجتماعية التي أمرت بها السورة.
- الكشف عن التطبيقات التربوية ذات الفائدة في علاج كثير من مشكلات المجتمع وخاصة لدى الأسرة.
منهج الدراسة:
اقتضت طبيعة هذه الدراسة منهجين رئيسيين من مناهج البحث هما:
- المنهج الاستقرائي: الذي يقوم على جمع المادة العلمية من مصادرها المختلفة.
- المنهج التحليلي: القائم على تحليل البيانات ونقدها نقدا علميا في ضوء منهجية البحث العلمي الموضوعي السليم.
حدود الدراسة:
تكمن حدود الدراسة في الحدود الموضوعية والتي هي كل المبادئ والأساليب والقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق وتطبيقها في المجتمع.
مصطلحات الدراسة:
-
القيم الاجتماعية:
- القيم:
لغة: القيمة واحدة القيم، وهي في اللغة تدل على معان متعددة منها: القدر، يقال: قيمة الشيء قدره، ومنها الثبات والدوام على الأمر(2).
اصطلاحاً: هي “مجموعة المعايير أو المستويات الأخلاقية المرغوب توفرها في سلوك الأفراد في المجتمع“(3).
- القيم الاجتماعية:
“هي الأشياء التي تكون ذات قيمة معينة عند جماعة من الناس مجتمعين أو موزعين“(4).
التعريف الاجرائي للقيم الاجتماعية: مجموعة من السلوك والقواعد والضوابط التي اشتملت عليها سورة الطلاق من خلال الرجوع إلى تفسير السورة أو الفهم العام لمعانيها ويلتزم بها الفرد لتنظم حياته ويصلح مجتمعه.
-
الاستنباط:
لغة: نبط الماء ينط، وينبط نبوطاً: نبع، وأنبط الحفار: بلغ الماء، والاستنباط: الاستخراج(5).
اصطلاحا: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة(6).
-
التطبيقات:
لغة: مقابلة الفعل بالفعل والاسم بالاسم(7).
-
التطبيق اصطلاحاً:
تطبيق الشيء على الشيء: جعله مطابقاً له، بحيث يصدق هو عليه((8.
الدراسات السابقة:
على حد علم الباحث بعد مراجعته لقواعد ومراكز المعلومات في الجامعات والمكتبات العامة ومراكز المعلومات المشهورة لم يعثر على دراسة علمية مستقلة عن القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق وتطبيقاتها التربوية إلا دراسة قام بها الباحث: كلام الدين رحمة الله رحيم الدين، من جامعة المدينة العالمية بكلية العلوم الإسلامية، قسم التفسير وعلوم القرآن في دولة ماليزيا، لنيل درجة الماجستير بعنوان: سورة الطلاق دراسة وتحليل، وهدفت الدراسة إلى:
عرض الأحكام المتعلقة بالنساء من خلال سورة الطلاق كالطلاق والعدة والنفقة والرضاع، وترغيب المؤمنين في الطاعة، وترهيبهم وتحذيرهم من المخالفة، كما هدفت أيضا إلى توضيح المنهج القرآني في التعامل بين الزوجين في جميع الأحوال.
وهذه الدراسة تعد من المصادر التي يمكن أن يستفيد منها الباحث فيما يخص جانب التفسير وأسباب النزول من هذه الرسالة.
بينما جاء هذا البحث لتكون دراسته لسورة الطلاق من الجوانب الاجتماعية المتعلقة بالأسرة والمجتمع التي اهتمت بها السورة اهتماما كبيرة، ومعالجة الحياة الزوجية من خلال السورة.
خطة الدراسة: تتكون هذه الدراسة من مقدمة، وتمهيد، وخمسة مباحث، وخاتمة.
التمهيد: وفيه التعريف بسورة الطلاق.
المبحث الأول: موضوعات سورة الطلاق ومزاياها وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الوحدة الموضوعية في سورة الطلاق.
المطلب الثاني: مزايا هذه السورة عن غيرها موضوعا وأسلوبا.
المبحث الثاني: الموضوعات التي تميزت بها سورة الطلاق وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: المشكلات التي تميزت بها سورة الطلاق.
المطلب الثاني: رعاية الإسلام للأسرة بعد تفرقها.
المطلب الثالث: الترغيب والترهيب للمؤمنين.
المبحث الثالث: القضايا التي عالجتها سورة الطلاق.
المبحث الرابع: القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق.
المبحث الخامس: الأضرار الناتجة عن الطلاق وأثاره ومعالجة السورة لها.
المبحث السادس: التطبيقات التربوية للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق.
التمهيد
المطلب الأول: التعريف بسورة الطلاق
مدخل
- التعريف بالسورة
- سبب نزول السورة
- عدد آيات السورة
- علاقة السورة بما قبلها وبما بعدها من السور
- ترتيب السورة في المصحف وفي النزول
التمهيد
المطلب الأول: التعريف بسورة الطلاق
مدخل:
يتناول هذا الفصل سورة الطلاق من عدة جوانب، التعريف بالسورة وبيان أهميتها، وسبب نزولها، ثم بعد ذلك عدد آياتها، وأخيرا ترتيبها بالمصحف.
- التعريف بالسورة:
سورة الطلاق مدنية بالإجماع وهي عظيمة في معانيها، فقد أودع الله عز وجل فيها جملة من الأحكام تتصل بالأسرة، والمحافظة على كيانها على أسس وقوام سليم.
وسميت بسورة الطلاق لأنها تضمنت الأحكام المتعلقة بالطلاق، وما يترتب على الطلاق من العدة والنفقة والسكنى.
- سبب نزول السورة:
لمعرفة سبب نزولها رجعت إلى كتب المفسرين كابن كثير والطبري والقرطبي وغيرهم.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه طلق امرأته وهي حائض، على رسول الله وسلم ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم– عن ذلك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (مره فليرجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)(9).
- ما رواه عاصم بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم– طلق حفصة بنت عمر الخطاب ثم ارتجعها(10).
- “غضب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على حفصة، لما أسر إليها حديثاَ فأظهرته لعائشة فطلقها تطليقة“(11).
-
عدد آياتها:
اختلف المفسرون على عدد آياتها قال الألوسي–رحمه الله-: “واختلف في عدد آياتها ففي البصري إحدى عشرة آية، وفيما عداه اثنتا عشرة آية.
-
علاقة السورة بما قبلها وبما بعدها من السور:
إن وحدة الموضوع تظهر من خلال العودة إلى السورة التي قبلها و هي سورة (التغابن)، فالمناسبة بين السورة وسابقتها ظاهرة جلية، فقد إشارة سورة التغابن إلى حقيقة الابتلاء وموقف المؤمن منه، وواجبه منه، وإعداده وتهيئته لما يطرأ عليه من ابتلاءات، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}12، بينما جاءت سورة الطلاق مفصلةً في صنفٍ من صنوف البلاء وهو أشدها على اٌنسان، فالطلاق يعني الفراق بعد عشرة، والهجرة بعد الوصال، وكم يترتب على الطلاق من خسائر مادية ومعنوية، ومن ثُم جاءت سورة الطلاق داعية من ابُتلي بالطلاق إلى الصبر و اليقين والرضا والتُقى وتفويض الأمر إلى الله.
أما السورة اللاحقة لها فهي سورة ( التحريم ) وهي ذات موضوع مرتبط بسورة الطلاق، فموضوع سورة التحريم يتناول النساء عموماً وزوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – خصوصاً؛ بالإضافة إلى قضية الطلاق التي نحن بصددها قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}13 ، ويقول سبحانه: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}14.
وهكذا تحدد لنا السورة لتي قبلها والتي بعدها موضوع ( الطلاق ) لأهميته وعظيم خطره على الأسرة المسلمة.
ترتيب السورة في المصحف وفي النزول:
من المعلوم أن عدد سور القرآن الكريم مائة وأربعة عشر سورة، وأن عدد أجزاء القرآن الكريم ثلاثون جزءًا،
وسورة الطلاق تقع في الجزء الثامن والعشرين، وترتيبها في السور الخامسة والستين‘ قبل سورة التحريم وبعد سورة التغابن.
وقد أجمع علماء التفسير أنَّ سورة الطلاق سورة مدنيّة، نزلتْ على نبيِّ الرحمة في المدينة المنورة، وترتيبها الخامسة و الستون، حيث تقع في الجزء الثامن والعشرين والحزب السادس والخمسين في ترتيب المصحف الشريف، وقد نزلتْ بعد سورة الإنسان، ويبلغ عدد آياتها 12 آية، وقد تناولت الأحكام التشريعية المتعلقة بأحكام الزواج والطلاق، قال العيني: قيل: أنها نزلت بعد سورة الإنسان وقبل سورة البينة15.
وسورة الطلاق “مَعْدُودَةٌ السَّادِسَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْإِنْسَانِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْبَيِّنَةِ“(16).
المبحث الأول: موضوعات سورة الطلاق ومزاياها وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الوحدة الموضوعية في سورة الطلاق:
- موضوعات السورة:
تناولت السورة موضوعاً بالغ الأهمية وعظيم الشأن وهو الطلاق، وبيان أحكامه تفصيلاً، وإيضاح معناه، وبيان مهلة العدة والحكمة منها، والإشهاد عليه، وذكر حق السكنى، ونفقة العدة، وأجرة الرضاعة، وأن ذلك حد من حدود الله لا يقبل النقاش أو الجدال، يجب الالتزام به، والإذعان والتسليم لقضائه، لأنه قد أحاط بكل شيء علماً.
- مقاصد السورة:
ما اشتملت عليه سورة الطلاق، يجدر توضيح مقاصد السورة، ويمكن تلخيصها في الآتي:
- مخاطبة الله لنبيه – صلى الله عليه وسلم – يبين له ولأمته أحكام الطلاق وبيان الأصل فيه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}17
- بينت هذه السورة أحكام العدة من حيث زمان العدة واحصائها قال تعالي: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}18
- بينت هذه السورة أحكام النفقة والرضاع حيث يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}19
- بيان حال الأمم السابقة والاعتبار بها، قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا}20.
- تضمنت هذه السورة إبراز عظمة الله عز وجل وأنه أرسل نبيه – صلى الله عليه وسلم – ليبين لأمته معاني القرآن الكريم، وأحكام شريعته، قال تعالى: {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}21.
- مكانة السورة:
يعد القرآن الكريم دستورا ومنهاجاً تسير عليه الأمة الإسلامية في تربية أجيالها وصلاح أحوالها على الطريق القويم في كل زمان ومكان.
وسورة الطلاق إحدى سور القرآن الكريم التي تعد أنموذجاً فريداً في صلاح المجتمع والمحافظة على كيانه وتحمل في متنها وسائل عظيمة لصلاح الأسرة المسلمة في كل زمان ومكان.
الطلاق والخلاف الأسري ظاهرة اجتماعية متفشية في كل زمان ومكان، حيث ظهر الخلاف في أطهر بيت على وجه الأرض في بيت نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وهو بيت النبوة، وليست العبرة هنا بوقوع الخلاف بل في كيفية تعاملنا معه.
ونجد في هذه السورة علم الله عز وجل الذي أحاط بكل شيء، وحفظه لنبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – وبيان منزلته.
ثم تذكر السورة الضمانات التي قررها الإسلام في حق الطلاق، من حيث وقت وقوعه، والآثار التي تترتب عليه، ولذلك ربط المولى سبحانه بالطلاق عدة إجراءات لحفظ هذه الحقوق، كي تظل الأنساب معلومة والحقوق المادية محفوظة وحقوق الرضاع والأطفال مصونة.
المطلب الثاني: مزايا هذه السورة عن غيرها موضوعا وأسلوبا
تميزت سورة الطلاق عن غيرها من السور بخصائص في الموضوع والأسلوب:
حظيت سورة الطلاق بأحكام الطلاق تفصيلا وإصلاح الضرر وبخاصة الواقع على المرأة، ليتحقق أقل الضررين، ورتبت من الأحكام ما يقلل الضرر ويعلي المصلحة، فتتحقق المصلحة في إيضاح معنى الطلاق، ومهلة العدة والحكمة منها، ومكوث المعتدة في البيت كأصل عام، والإشهاد على الطلاق والرجعة، وعدة الصغيرة واليائس من المحيض وأولات الأحمال، باعتبار أحوالهن، وحق السكنى للمطلقة عموما والمبتوتة خصوصا، وعلته، ونفقة العدة، وأجرة الرضاع، تلك هي الأحكام التي تناولتها سورة الطلاق، بينما سورة البقرة عندما ذكرت في شأن الطلاق تختلف عن تلك التي ذكرتها سورة الطلاق في ذات الشأن، باعتبار أن ما ذكرته سورة البقرة يمس عقد الزواج بما يحول دون استغلاله في الأضرار بأحد الزوجين، إما من خلال الإيلاء أو إخفاء العدة أو التلاعب بالرجعة وجعلت الخلع أو الإبراء مخرجا من الاستهزاء بحدود الله تعالى، ونهت عن الإمساك ضرارا، كما نهت عن عضل الولي، وحررت مسألة الرضاع من أية خلافات أسرية، وأكرمت المتوفى عنها زوجها في إطالة عدتها وحقها في المكوث في بيت الزوجية حولا كاملا، ولم تتحدث عن الطلاق قبل المساس إلا باعتبار أنه فسخ لعقد الزواج قبل ولوجهه وتنفيذه بما يخفض من حقوقها المالية المترتبة على الزواج.
كما جاءت سورة الطلاق بأسلوب مغاير عن باقي السور في القرآن الكريم في موضوع الطلاق لأهميته وعظيم خطره على الأسرة المسلمة، وهو عظيم الشأن، فالإنسان ليقف مدهوشاً أمام هذا الحشد من الحقائق الكونية الكبرى في معرض الحديث عن الطلاق، أمام هذا الاحتفال والاهتمام حتى ليوجه الخطاب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بشخصه، وهو أمر عام للمؤمنين وحكم عام للمسلمين، زيادة في الاهتمام وإشعاراً بخطورة الأمر المتحدث فيه، وأمام هذا التفصيل للأحكام حالةً حالة، والأمر المشدد في كل حالة بالدقة في مراعاته، وتقوى الله في تنفيذه، ومراقبة الله في تناوله.
يُقرأ هذا كله تعقيباً على أحكام الطلاق. ويجد سورة كاملة في القرآن من هذا الطراز، كلها موقوفة على تنظيم هذه الحالة ومختلفاً كذلك، وربطها هكذا بأضخم حقائق الإيمان في المجال الكوني والنفسي22.
المبحث الثاني: الموضوعات التي تميزت بها سورة الطلاق
وفيه ثلاثة مطالب:
تمهيد
المطلب الأول: المشكلات التي تميزت بها سورة الطلاق
- الطلاق.
- العدة.
- حسن العشرة.
المطلب الثاني: رعاية الإسلام للأسرة بعد تفرقها
- النفقة ومشروعيتها وأحكامها.
المطلب الثالث: الترغيب والترهيب للمؤمنين
المبحث الثاني: الموضوعات التي تميزت بها سورة الطلاق
التمهيد:
يبين الله عز وجل في هذه السورة أحكام الطلاق ويفصل فيها الحالات التي لم تفصل في السور الأخرى التي تضمنت بعض أحكام الطلاق؛ ويقرر فيها أحكام الحالات المتخلفة عن الطلاق من شؤون الأسرة، وسوف يتطرق الباحث في هذا المبحث القضايا التي انفردت بها سورة الطلاق والمتمثلة في: تعريف الطلاق ومشروعيته مع بيان أحكامه وآثاره، وحسن العشرة، ثم يلي ذلك رعاية الإسلام للأسرة بعد تفرقها من حيث: النفقة ومشروعيتها وأحكامها، الرضاعة وحقوقها، وأخيراً الترغيب والترهيب.
المطلب الأول: المشكلات التي تميزت بها سورة الطلاق
أولا: الطلاق:
تعريف الطلاق:
الطلاق في اللغة:
للطلاق في اللغة معان متعددة منها: التخلية وإزالة القيد ,يقال: طَلقْتْ الناقة إذا سُرِحَت حيث شاءت, أو أُرسِلت بلا قيد, ومنه طلقت المرأةً وطلقت–بفتح اللام وضمها–تخلت عن قيد الزوج(23).
ويستعمل في معان أخر فيطلق على الصفو الطيب الحلال فيقال هو لك طلق أي حلال، ويطلق على البعد يقال طلق فلان إذا تباعد، ويطلق على الخروج يقال أنت طِلْقٌ من هذا الأمر أي خارج منه(24).
الطلاق شرعًا:
تعدد مفهوم الطلاق شرعاً عند الفقهاء، وكثرت تعريفاتهم، فمن ذلك: حل قيد النكاح أو بعضه(25).
وجاء في تعريفه أيضا أنه: رفع قيد النكاح حالاً أو مآلاً بلفظ مخصوص(26).
الحكمة من مشروعيته:
الطلاق مشروع بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع.
أما الكتاب: ورد في القران الكريم ذكر الطلاق في آيات كثير منها قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}27 ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ28.
أما السنة: فقد جاء الطلاق في السنة النبوية, متمثلاً بفعله– صلى الله عليه وسلم – ،فعن ابن عباس عن عمر: (أن النبي –صلى الله عليه وسلم – طلق حفصة بنت عمر ثم راجعها)(29).
- أما الإجماع: جاء في المغنى لابن قدامه “أجمع الناس على جواز الطلاق“.(30).
ثانيا: العدة
- التعريف بالعدة لغة واصطلاحاً
العدة في اللغة:
“العِدَّة بكسر العين من الفعل عدًّ وهو إحصاء الشيء مثل قولهم عدّه يعدّه عدّاَ وتعداداً بمعنى أحصاه وعدًده“(31)، و“منها اعتدت بالشيء: أي أدخلته في الحساب والعد، ومنها عدة المرأة قيل أيام أقرائها مأخوذ من العدّ والحساب، وقيل: تربصها المدة الواجب عليها والجمع (عدة ) مثل سدرة وسدر، وعدة المرأة: أيام إحدادها على زوجها وحزنها عليه“(32).
العدة اصطلاحًا:
تعددت التعاريف حول العدة ومنها: “أنها تربص محدود شرعاً بسبب فرقة نكاح وما ألحق به“(33).
-
أدلة مشروعية العدة:
اتفق الفقهاء على مشروعية العدة ووجوبها، وثبتت مشروعيتها في القرآن الكريم والسنة والإجماع:
أولاً: من القرآن الكريم:
- قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}34، أوجب الله عز وجل على المطلقة العدة والتربص ثلاثة شهور(35).
- قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}36، وظاهر الآية أن عدة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشراً، وهي تشمل الصغيرة والحرة والأمة وذات الحيض واليائسة(37).
- قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(38)، بينت الآية أن عدة الصغيرة واليائس هي ثلاثة أشهر، وأن عدة الحامل وضع حملها، وهذه دلالة صريحة على وجوب عدة المرأة39.
- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}(40)، في الآية الكريمة أمر للنساء المعتدات بإحصاء عدتهن، والأمر هنا للوجوب، وإحصاء العدة لامعنى له إلا وجوب العدة نفسها(41).
ثانيًا: من السنة:
جاء في السنة عدة أحاديث تدل على مشروعية العدة منها:
- عن زينب رضي الله عنها قالت: (دخلت على ابنة جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: أما والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا)(42).
دل الحديث السابق على وجوب الإحداد على المعتدة بوفاة(43).
- عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقة البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعر فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء، فجاءت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فذكرت ذلك له فقال: ليس لك عليه نفقة ولا سكنى، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدى في بيت أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني(44).
في الحديث السابق وجوب الاحداد على المطلقة والاعتداد وعدم الخروج من البيت إلا لحاجة(45).
ثالثاً: من الاجماع:
أجمع الفقهاء على وجوب العدة في الجملة وإنما اختلفوا في أنواع منها(46).
ثالثا: حسن العشرة
إن الله تعالى خلق الخلق وبيًن لهم شرعيتهم وسنً لهم سنن عديدة ومن تلك سنة الزواج التي بها تكثر الأمم وتبنى المجتمعات وهذه السنة هي رحمة الله تعالى بعباده أن خلق لهم من أنفسهم أزواجاً يسكنون إليها حيث قال في محكم كتابه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}47، قال ابن كثير–رحمه الله-: “من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي: المحبة ورحمة: وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إلية للإنفاق، أو للألفة بينهما“(48)،
وجعل لكل من الزوجين حقوقًا، فمن حق المرأة عشرتها بالمعروف والإحسان إليها قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}49 “وفي حالة عقد النكاح تنشأ الالفة والعشرة والمصاحبة الحسنة للزوجة، والمعاشرة تشمل القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته ببذل النفقة والكسوة والمسكن اللائق بحاله، ويصاحبها صحبة جميلة بكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة والخلق، أن لا يماطلها بحقها، وكذلك عليها ما عليه من العشرة، وكل ذلك يتبع العرف في كل زمان ومكان وحال ما يليق به“(50).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: (استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)(51)؛ ففي الحديث دلالة على حث النبي – صلى الله عليه وسلم – على الإحسان للنساء في المعاملة.
ويعد حسن العشرة منهجًا ربانيًا ونبويًا قويمًا، فمن أعظم أسباب الألفة بين الزوجين، واستمرار المحبة بينهما موافقة الزوجة لزوجها، وطاعته في غير معصية الله، ومن أعظم أسباب الشقاء بين الزوجين؛ مخالفة الزوجة لزوجها، وعصيانه وترك طاعته، ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعتها لزوجها هو تعبد لله، فالله هو الذي خلق الذكر والأنثى، وهو جل جلاله الذي جعل القوامة للرجل، بما أعطاه الله من المقومات الحسية والمعنوية، والتركيب البدني.
ومما سبق تتضح أهمية حسن العشرة في الحياة الزوجية، ثمة أسباب تحفظ للزوجين حسن العشرة ومنها:
-
حفظ الحق والفضل بينهما:
بعد عقد النكاح ودخولهما في الحياة الزوجية، أنشأ الإسلام حقاُ لكل منهما على الآخر، وجاء ذلك صريحا في قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}52، قال ابن كثير–رحمه الله-: “ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابر، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال في خطبته في حجة الوداع: (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهُنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيري، عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟“(53).
ومن خلال ما سبق يجب على الزوج أن يداري زوجته ويستميل قلبها، وأن يصبر على ما يبدر منها– مالم يكن فيه تضييع لحق الله أو حقه–، والزوجة مطالبة بحسن التبعل والطاعة في غير معصية الله، وبهذا وذاك تستقيم الحياة الزوجية، ويسعد أهلها.
-
اختيار الزوجة الصالحة:
يعد اختيار الزوجة الصالحة أحد أسباب حسن العشرة، وهو أمر بالغ الأهمية، وقد دل على هذا حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم _ حيث قال:: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)(54).
فقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم – أن ذات الدين مقدمة على من سواها من المذكورات، ولو اجتمعتا جميلة ذات دين، وجميلة غير ذات دين، فذات الدين أولى بالنكاح.
-
النظر إلى المخطوبة:
من أسباب دوام العشرة نظر الخاطب إلى مخطوبته وهي ما تسمى النظرة الشرعية؛ لذا من أراد يخطب فتاة له الحق في النظر إلى المخطوبة حتى لا يحدث عقب عقد النكاح الانفصال بينهما، وهو منهج نبوي ثابت في السنة النبوية المطهرة دل على ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)(55)، وجاء الحديث لرفع المحظور لكون المخطوبة تعد أجنبية بالنسبة للخاطب، ويكون النظر في الوجه والكفين والقدمين.
-
طاعة الزوجة لزوجها:
من تمام الألفة بين الزوجين، وحصول المحبة بينهما، هو طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية الله، ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعتها لزوجها هو تعبد لله ما لم تكون في معصية الله؛ فالله عز وجل جعل القوامة للرجل، بما أعطاه الله من المقومات الحسية والمعنوية، وعلى الزوج أن يراعي الله في ذلك حينما منحه القوامة وحق الطاعة، فليس له أن يستغل هذه القوامة وحق الطاعة فيما يضر بالزوجة، فلا ضرر ولا ضرار، كما أنه ليس له أن يمنع زوجه من زيارة أبويها، أو زيارتهما لها في بيته إلا إن خاف أن يفسدا عليه زوجته، وليس له أن يأمر زوجه بمعصية الله؛ وإن أمر فلا سمع ولا طاعة، وإن أمرها بمعصية ولم تطعه فعاقبها على ذلك فإنه آثم عند الله.
-
الصبر على النقص والخلل بين الطرفين:
وليعلم كل ذي لب أن الكمال لله وحده–سبحانه–وأن الحياة لا تستقيم على حال وأن الزلات والنقص حاصل لامحالة، وكل خطأ يعالج بالعفو والمسامحة، وبما أنك كذلك فلا ينبغي إطالة أوقات الغضب والجفاء، والعمل من قبل الزوجين على تقصيرها ما وجدا لذلك سبيلاً.
المطلب الثاني: رعاية الإسلام للأسرة بعد تفرقها
اهتم الإسلام بالأسرة ورفع شأنها وأعلى مكانتها، وحفظ لها كيانها، وصانها منذ البداية حيث قال تعالى:
ﱡﭐ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}56.
أولا: النفقة ومشروعيتها وأحكامها
وضع الإسلام أحكام وتشريعات ما يكفل الغاية في الزواج من السكينة والطمأنينة، والتكاثر والتناسل، والعفة عن الوقوع فيما حرم الله.
وألزم الله عز وجل الرجل بالنفقة، حيث إنه مكلف بالكد والكسوة والطعام والمسكن دون حواء، فالمرأة محتبسة لمصلحة هذا الزوج فكلف بنفقتها.
ومن أهم المشكلات التي تواجه المطلقات وأسرهن النفقة، وكثير من الأزواج يتخلون عن مسئولياتهم تجاه أبنائهم بعد طلاقهم لزوجاتهم، وقد تناولت في بحثي تعريف النفقة ومشروعيتها وأحكامها.
النفقة لغة: نفق البيع ينفق بالضم نفاقاً راج، والنفاق بالكسر فعل المنافق، وأنفق الرجل افتقر وذهب ماله ومنه قوله تعالى: ﱡ ﭐ إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ}57 ، “أي خشية الفناء والنفاذ“(58)
النفقة شرعًا: عند إطلاق كلمة النفقة يراد بها ما يصرفه الإنسان على غيره من نقود وأموال ونحوها(59).
والنفقة: اسم لما يصرفه الإنسان على زوجته وعياله ومماليكه من طعام وكسوة ومسكن أما نفقة الزوجة فيراد بها ما تحتاج إليه لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة، وما يلزمها من فرش وغطاء، وسائر أدوات البيت ،بحسب المتعارف بين الناس(60).
حكم النفقة ودليلها:
تجب على الزوج نفقة زوجته سواء كانت فقيرة أم غنية، قال الإمام الشافعي–رحمه الله-: “وينفق على امرأته غنية كانت أم فقيرةً بحبسها على نفسه“(61).
أدلة مشروعيتها:
أولا: من القرآن الكريم:
- قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا}62
- قال تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}63
- قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}64.
ثانيا: من السنة النبوية:
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما آخذ من ماله بغير علم، أفهل علي في ذلك جناح؟ فقال رسول الله: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)(65).
دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة على زوجها.
- حديث حجة الوداع وفيه قوله عليه الصلاة والسلام (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بالمعروف بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف).
ثالثاً: الإجماع:
أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها(66).
المطلب الثالث: الترغيب والترهيب للمؤمنين
إن القارئ والمتدبر لقراءة القرآن الكريم يجد فيه أساليب متعددة لتربية النفس واستقامتها، ومن ذلك أسلوب الترغيب والترهيب الذي يعد من أنجع الأساليب الدعوية؛ لاعتماده على مبدأ الثواب والعقاب، فالترغيب أسلوب تشويقي يدعو إلى الاستجابة وقبول الحق والثبات عليه، بينما الترهيب يكون موازيا له وهو أسلوب خوف وتهديد يحذر من الوقوع فيه وتترتب عليه عقوبة إثم أو ذنب نهى الله عنه أو التهاون فيه.
إن أسلوب الترغيب والترهيب في سورة الطلاق ذكر في قوله تعالى: {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}67
وبعد قراءة هذه الآيات وتدبرها يخبر الله تعالى عن أحوال الأمم السابقة وهلاكها عندما كذبت رسلهم–عليهم السلام–وفيها عبرة وعظة للذين أمنوا بأن يتمسكوا بما أمرهم به الله عز وجل.
قال السعدي–رحمه الله تعالى–يخبر تعالى عن إهلاكه الأمم العاتية، والقرون المكذبة للرسل أن كثرتهم وقوتهم، لم تنفعهم شيئًا، حين جاءهم الحساب الشديد، والعذاب الأليم، وأن الله أذاقهم من العذاب ما هو موجب أعمالهم السيئة(68).
وهذا استدراج من الله تعالى للأمم الذين كذبوا رسله بأن حاسبها وعذبها ثم كان جزاءهم الخسران و مأواهم العذاب الشديد، فتبين لنا أن الجزاء من جنس العمل.
وفي ضوء ما سبق نستنتج بعضاً من القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق وهي كالآتي:
- بيان وقت وقوع الطلاق الذي يقبله الله عز وجل قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}69، ففي مطلع السورة الكريمةِ بيانٌ لبعض أحكام الطلاق.
- وجوب حق المطلقة البقاء في بيتها– وهو بيت مطلقها– فترة العدة لا تُخرج ولا تَخرج إلاّ أن تأتي بفاحشة مبينة قال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}70 ، قال صاحب الظلال: “والحكمة من إبقاء المطلقة في بيت الزوج هي إتاحة الفرصة للرجعة، واستثارة عواطف المودة، وذكريات الحياة المشتركة، حيث تكون الزوجة بعيدة بحكم الطلاق قريبة من العين؛ فيفعل هذا في المشاعر فعله بين الاثنين! فأما حين ترتكس في حمأة الزنا وهي في بيته! أو تؤذي أهله، أو تنشز عليه، فلا محل لاستحياء المشاعر الطيبة، واستجاشة المودة الدفينة، ولا حاجة إلى استبقائها في فترة العدة، فإن قربها منه حينذاك يقطع الوشائج ولا يستحييها“(71).
- بيان حق المطلقة بعد انقضاء العدة في الخروج لتفعل بنفسها ما تشاء، ما لم يكن الزوج قد راجعها وأمسكها في فترة العدة، لا ليضارها ويؤذيها بهذا الإمساك ويعطلها عن الزواج، ولكن لتعود الحياة الزوجية بينهما بالمعروف قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}(72)، وهذا توجيهٌ حكيم بشأن الطلاق ومراعاة ما يتعلق به من أحكام وآداب.
- إيضاح حكم المسكن الذي تعتد فيه المعتدة ونفقة الحمل حتى تضع، ثم وضح حكم الرضاعة لولد المطلقة حين تضعه، وأجر الأم على الرضاعة في حالة الاتفاق بينها وبين أبيه على مصلحة الطفل بينهما، وفي حالة إرضاعه من أخرى قال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}( 73).
المبحث الثالث: القضايا التي عالجتها سورة الطلاق
حظيت سورة الطلاق بمعالجة العديد من القضايا التي تمس شؤون الأسرة والمجتمع الإسلامي خاصة بعد انفصال الزوجين وتفرقهما، كما حفظت للزوجة والأطفال حقوقهم، وقد تضمنت هذه السورة بيان القضايا المتعلقة بالحياة الزوجية وبعد تفرقها وعالجتها بتشريع رباني بأحكام مفصلة ودقيقة، فيذكر الباحث تلك القضايا ومعالجتها:
- الآيات قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}(74)، عالجت سورة الطلاق كل ما يخص الأسرة في جميع مراحل الحياة الزوجية، كالحقوق والواجبات على الزوجين، وأمرت المؤمنين بسلوك أفضل الطرق عند توقع حدوث الخلافات الزوجية الناتج عن اختلاف طبيعة الزوجين، من حيث الطلاق، والمفارقة بينهما، كما دعت الرجال إلى التمهل وعدم التسرع إلى الانفصال.
- الآيتان قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}(75)، عالجت قضية احصاء العدة حتى لا تختلط الأنساب ويلحق الضرر بالمطلقة، فبينت عدة اليائس وعدة الصغيرة وعدة الحامل، ثم ذكر الله–سبحانه تعالى–التقوى وكرر ذلك ترغيبا تارة وترهيبا تارة أخرى حتى لا يظلم أحد الزوجين، ثم بين أن المودة والمعروف في القلوب تكون بلمسات التقوى والأمل في الله وانتظار رضاه.
- الآيات قال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(76)، عالجت السورة أحكام السكنة والنفقة وبينتها، والابتعاد عن ألوان العنت التي لا يحصرها نص قانوني مهما اتسع، وإلى التعويض الذي يعده الله للمتقين في الدنيا والآخرة. وبخاصة في مسألة الرزق التي تكرر ذكرها في صور شتى، لأنها عامل مهم في تيسير الموقف، وتندية الجفاف الذي تنشئه حالة الطلاق.
وإن الزوجين ليفترقان في ظل الأحكام والتوجيهات وفي قلوبهما بذور للود لم تمت، ونداوة قد تحيي هذه البذور فتنبت.. ذلك الأدب الجميل الرفيع الذي يريد الإسلام أن يصبغ به حياة الجماعة المسلمة، ويشيع فيها شذاه.
- الآيات قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}(77)، ختمت السورة ببيان التحذير من تعدى حدود الله، وأوضحت ذلك بضرب الأمثلة للأمم السابقة وما حل بها، كما أشارت إلى قدرة الله–عز وجل–في الخلق، وبراهين وحدانيته وعلمه بكل شيء.
المبحث الرابع: القيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق
اشتملت هذه السور على عدد من القيم الاجتماعية التي جاء الإسلام بالحث عليها، ومن أهمها:
- عدم جواز إخراج المرأة المطلقة من بيت الزوجية أو خروجها بنفسها:
إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا يملك فيه الرجعة، فليس له أن يخرجها من بيتها ما دامت في عدتها، ونُقل الإجماع على ذلك، وممن نقل الإجماع: ابن عبد البر –رحمه الله–حيث قال: “وأجمعوا أن المطلقة طلاقًا يملك فيه زوجها رجعتها، أنها لا تنتقل من بيتها“(78)، والموافقون على الإجماع ما ذكره ابن عبد البر من المالكية من أن المطلقة طلاقًا رجعيًّا لا تُخرَج من بيتها، وافق عليه الحنفية، والشافعية، والحنابلة في المذهب، ومن الظاهرية ابن حزم، وهو قول جمع من الصحابة كعمر، وابن مسعود، وعائشة، وابن عمر، وأكثر الصحابة رضوان الله عليم ، والنخعي عدم الجواز للمطلقة الخروج من بيت الزوجية سواء فيه الرجعية والباتة(79).
وذكروا لذلك أسباباً تدل على عناية الشريعة بالحياة الاجتماعية، ومن هذه الأسباب، حفظ ماء الرجل من الاختلاط بماء غيره صيانة لعرضه ومنعا لاختلاط الأنساب، ومنها: أن خدمة المرأة له ورعاية أبنائه مما يعين على إمساكها وإعادة الحياة بينهما إلى طبيعتها(80)، وكما نهى النساء عن الخروج، وكان النهي أبلغ حين أوقعه بلفظ الخبر في قوله: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}(81).
- إقامة الشهود على الطلاق وعلى الرجعة:
“وهذا الإشهاد ليس شرطًا في صحّة المراجعة أو المفارقة؛ لأنَّه إنّما شرع احتياطًا لحقّهما، وتجنّبًا لنوازل الخصومات، خوفًا من أن يموت فتدّعي أنّها زوجةٌ لم تطلّق، أو أن تموت هي فيدّعي هو ذلك“(82).
ولا شك أنَّ في الإشهاد منع لكثير من الخصومات وما يترتب عليها من آثار اجتماعية سلبية لا تقتصر على الزوجين بل تعم مجتمعها وكثيرا، وهذا أمر مشاهد للعيان.
- حق السكنى والنفقة للمطلقة:
فيجب إسكان المطلقات في مسكن مشابه لما يسكن فيه الرجل؛ وذلك “بقدر أحوالكم، وقدر سعتكم وطاقتكم، ولو كان ذلك في حجرة من غرف الدار التي تسكنون فيها، ولا تلحقوا بهن ضررا في النفقة والسكنى، فتلجئوهن إلى الخروج من المسكن، أو التنازل عن النفقة، فالوجد: الغنى والمقدرة. وهذا بيان ما يجب للمطلقات من السكنى في المستوى الملائم لحال الرجل، لأن السكنى نوع من النفقة الواجبة على الزوج، فإذا طلق الرجل زوجته، وجب عليه أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها، دون مضارّة في السكنى أو النفقة“(83).
- الإنفاق على المرأة المطلقة الحامل:
إن كانت المرأة المطلقة حاملا، وجب الإنفاق عليها حتى تضع حملها، “ولا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة“(84).
- أن الإنفاق على يكون على قدر الوسع والطاقة:
وهذا الأمر مناسب للحكمة والرحمة الإلهية حيث جعل كلا بحسبه، وخفف عن المعسر، وأنه لا يكلفه إلا ما آتاه، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، في باب النفقة وغيرها(85).
المبحث الخامس: أضرار الطلاق وأثاره ومعالجة السورة له
الأسرة هي اللبنة الأساسية التي يقوم عليها أي مجتمع، وبقدر تماسك الأسرة يكون تماسك المجتمع، ويقوى نسيجه الاجتماعي، ومن أشد الأمور زعزعة للمجتمع العلاقة الأسرية، فإذا كانت الأسرة مترابطة، تقوم حياتها على الحب والوئام والتفاهم، تفرغ المجتمع لما ينهض به، ويطوره، والعكس صحيح.
ولا شك أن الطلاق أمر ينتج عنه تفكك الأسرة، ويخلف كثيرا من القضايا الاجتماعية السلبية، ولعل من أبرزها:
زعزعة استقرار المجتمع: إن حدوث نزاعات وخصومات بين أهل كلا الزوجين، يُحدث زعزعة في استقرار المجتمع خاصة، إن كانت تلك المشكلات كبيرة ووصلت إلى حد بعيد من النزاعات والمشاحنات، فقد تبلغ في بعض الأحيان حد الاعتداء على الأرواح والعياذ بالله تعالى، وقد عالجت سورة الطلاق هذه القضية بالأمر بتقوى الله عز وجل وإمساك المرأة بالمعروف أو طلاقها بالمعروف والإشهاد على ذلك درءًا للمشكلات فقال تعالى: ﱡ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}(86).
انحراف الأبناء: توجه الأبناء إلى السلوكيات غير السوية في بعض الحالات بسبب غياب الجو الأُسري، وهذا ما قد يزيد من الجرائم في المجتمع، ويزداد الانحراف والتوجه نحو الانحطاط الأخلاقي وتزداد حالات الأمراض النفسية في المجتمع بين الأبناء سواء كانوا أطفالا أم بالغين، وقد عالجت السورة هذا الأمر بإقامة المرأة في بيت طليقها فنهت عن إخراجها منه أو خروجها إلاّ بسبب بيَّنته وهو إتيانها بالفاحشة فقال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}87 ولا شك أن إقامة المرأة في بيت مطلقها مدة عدتها يؤدي إلى رعايتهما لأبنائهما والتعاون على تربيتهما.
النظرة السليبة من المجتمع للمطلقة: نجد أن كثيرًا من الرجال يتجنب التقدم للزواج بالمطلقة بسبب هذه النظرة، وبأنها قد تنحرف في سلوكياتها، ولهذا تعيش المطلقة حالة نفسية سيئة للغاية، وقد تكون مضطرة إلى تحمل مسؤولية أطفالها مع عدم وجود مصدر دخل لها مما يجعلها تلجأ للعمل في أي مجال أو التوجه للسلوكيات غير الصحيحة، وقد عالجت السورة هذا الأمر بإيجاب النفقة والسكنى للمطلقة المعتدة سواء كانت حاملا أو حائلا، وكذا المرضعة على الزوج حسب طاقته فقال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(88).
الرجل المطلق قد يعاني ضغوطا نفسية: تُؤثر على جميع أعماله، فقد يُقصر في وظيفته مما يُعرضه لمشاكل مالية أيضاً، وقد يضطر في بعض الحالات إلى القيام بأعمال مخالفة مثل الاختلاس بسبب الضغط النفسي الشديد وتقصيره في عمله، وقد عالجت السورة هذا الأمر بتكرار الوصية بتقوى الله عز وجل فإنَّها مجلبة للرزق، وتيسير الأمور، وتكفير الذنوب، فقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}(89).
انعدام الأمان والحنان بين أفراد الأسرة التي تشتت بسبب الطلاق: مما ينعكس على أفراد المجتمع كلما ازدادت حالات الطلاق، حيث إن انعدام الشعور بالانتماء للأُسرة من الطبيعي أن يجعل الفرد يشعر بعدم انتماءه للمجتمع، وبالتالي زيادة المشاكل والجرائم، وقد عالجت السورة هذا الأمر بالحث على الإمساك بالمعروف أو الطلاق بالمعروف فقال تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}(90)، والمعروف هو: كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل للقريب والبعيدـ وقيل: هو لإحسان والطاعة، وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه(91).
المبحث السادس: التطبيقات التربوية للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق
سنتناول بإذن الله تعالى في هذا المبحث أهم التطبيقات التربوية للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق للاستفادة منها على مستوى المسجد و الأسرة والمجتمع ونذكر منها ما يلي:
- تطبيق الإيمان بالله: فالإيمان بالله متى استقر في القلوب، هان كل شيء في سبيله، وحاجتنا اليوم إلى غرس العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوسنا أولاً ومن ثم غرسها في نفوس ابناءنا، وتعليق قلوبنا بخالقها، وأن ما يجري في هذا الكون كله بإرادة الله تعالى، وأن أمر الإنسان كله خير ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﱡ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}92.
- تطبيق العدل: خلق الله عز وجل الخلق على مقتضى العدل والميزان، فحرمه على نفسه قبل أن يحرمه على عباده، فإذا فُقد انهار المجتمع، والعدل له قيمة عليا فهو نظام الكون الذي لا صلاح لشيء بدونه، وهو من أسماء الله تعالى وصفته التي شهد أنه قائماً بها وأمرنا أن نأتي بها ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﱡ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}93.
- تطبيق التوكل: عرفه الجرجاني: التوكل هو الثقة بما عند الله واليأس عما في أيدي الناس94. وبينت السورة ذلك في قوله تعالى: ﱡ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}95.
- تطبيق الصحبة والمفارقة الحسنة: حيث أمر الله سبحانه وتعالى بالصبر وعدم الاستعجال في أخذ الأمور، فهو مطلب شرعي يتبين ذلك في قوله تعالى: ﱡ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}96، حيث أمرت المؤمنين بسلوك أفضل الطرق عند توقع حدوث الخلافات الزوجية الناتج عن اختلاف طبيعة الزوجين، من حيث الطلاق، والمفارقة بينهما.
التطبيقات التربوية للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق:
أولاً: المسجد
المساجد دور عبادة وذكر، وتضرع وخضوع لله عز وجل، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله عز وجل ورغبة فيما عنده من الأجر الكبير.
أما عن جانب التطبيقات التربوية للمسجد فهي كثيرة ونذكر منها ما يلي:
- يقوم الإمام بإلقاء خطبة أو محاضرة عن الزواج وأهميته، وعن العلاقة الزوجية وحسن المعاشرة والتعامل فيما بينهما، ويحث فيها المصلين بهذا الجانب، كما يمكن وضع زاوية خاصة بالكتيبات والأشرطة التي توزع أو تُعار كي يستفيدوا منها.
- يقوم الإمام بإلقاء خطبة أو محاضرة عن الطلاق وخطورته، وما ينجم عنه من آثار وضياع للأبناء، وأنه أبغض الحلال عند الله، ويحث المصلين على اختيار الزوجة الصالحة، وأنها سبب في بقاء بيت الزوجية.
- يقيم الإمام سلسلة من الدروس أو الكلمات الوعظية عن الطلاق، ويشرح لهم مصير كل من فعل ذلك من تشتت الأسر وضياع الأبناء.
- يُعد إمام المسجد خطبة أو محاضرة عن السعادة الحقيقية، وأنها في الطاعة والعمل الصالح الخالص لله سبحانه وتعالى، كما يحثهم على العدل، وأهمية حقيقة التوكل على الله.
ثانياً: الأسرة والمجتمع
إن في سورة الطلاق توجيه كبير على أهمية الأسرة، و تُعد الأسرة الدرع الحصينة، وعشيرة الرجل وأهل بيته، وهي الخلية الأولى التي تنشأ فيها الأجيال.
فمن التطبيقات التربوية في هذا الجانب:
- يُغرس في نفوس الأبناء تعظيم كلام الله تعالى وإجلاله، بحيث يحث الوالدان الأبناء على تقديس المصاحف والعناية بها، والحفاظ عليها من التمزيق ووضعها في المكان الملائم لها.
- يُعوّد الأبناء على القيم الكريمة والخصال العالية، والتي من أهمها قيمة الصدق، بحيث ألا تناقض أقوالهم أفعالهم، وأن يوضحوا لهم أهمية الصدق وعاقبته على الفرد والمجتمع.
- على الأب حق النفقة والسكنى وطلب العلم، وعلى الأم ضمان المطعم والمشرب، وأن يكسوهم من أطايب العيش؛ لضمان حق الأبناء ومنعهم من سؤال الناس في حق عيشهم.
- يسلك الأبوان أسلوب الترغيب والترهيب في تربية أبنائهم، بحيث يشجعوهم على الأفعال الحسنة، وفي المقابل يحذروهم من الأفعال القبيحة.
- تأكيد الوالدين لأبنائها على مراقبة الله عز وجل في كل وقت وحين، بل على الزوجين أن يهتما بغرس ذلك في أنفسهم.
الخاتمة:
وفي ختام هذا البحث أحمد الله تعالى على ما وفق و هدى، وأسأله سبحانه أن يخلص فيه النية وأن يجعلني ممن يعمل بما يعلم، ومن خلال دراستي للقيم الاجتماعية المستنبطة من سورة الطلاق وتطبيقاتها التربوية توصلت إلى نتائج عديدة ومن أهمها:
النتائج:
- تشتمل سورة الطلاق على العديد من القيم الاجتماعية والأساليب التربوية التي يجب أن تؤخذ بها في العملية التربوية.
- إن سورة الطلاق لها أهمية كبرى في شؤون الأسرة المسلمة، لا يعلمها إلا من تدبرها وعلم تفسيرها وعمل بمقتضاها.
- أظهرت سورة الطلاق الاعتناء بالأسرة عناية خاصة، وبينت وفصلت أحكام الفرقة بعد الزواج، وحرصت أشد الحرص على عودة كل الزوجين لبعضهما حفاظا على كيان الأسرة، ويتضح ذلك من خلال قراءة النص القرآني في السورة.
- تظهر في السورة أهمية الاعتبار بالأقوام السابقة والأمم الغابرة، وأن في ذكرها عبرة لمن كان له قلب.
- وضحت السورة أن كل ما يحصل للعبد بصفة خاصة وللكون بصفة عامة من ابتلاء وامتحان هو من عند الله سبحانه وتعالى.
- إن منهج الاجتماع والتآلف منهج ضروري دعا إليها الدين والعقل والطبيعة الإنسانية 0
التوصيات:
من خلال النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة فإن الباحث يوصي بما يلي:
- ضرورة تكثيف وتشجيع البحوث التربوية المتعلقة بالقرآن الكريم.
- العمل على تأهيل الزوجين لإعطائهم دورات في الحياة الزوجية، وكيفية التعامل بينهما.
- على أئمة المساجد ودور التعليم تخصيص وقت مناسب لتعليم الناس كلام الله وتفسيره، ويسلطوا الضوء على الآيات التي تحث على الترابط الأسرة، وتبين أحكامها.
- إنشاء مراكز وهيئات متخصصة في التربية الأسرية، تستهدف الوقاية من التحديات التي تواجه الآباء والأمهات.
- على الزوجين أن يراعيا حقوق بعضهما على الآخر في حال إذا قررا الانفصال واستحال بقاءهما بجنب الآخر، حتى لا يكون في ذلك أي أثر سلبي عليهما، وعلى أولادهما.
- توجيه الباحثين وتشجيعهم على إجراءات البحوث العلمية التأصيلية، والتي تعتمد على المصادر الرئيسية للتشريع الإسلامي.
فهرس المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن القطان، علي، الإقناع في مسائل الإجماع، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديث للطباعة والنشر، ط1، 1421هـ-2004م.
- ابن المنذر، محمد، الأوسط في الإجماع، تحقيق: أبو حامد صغير أحمد بن محمد حنيف، الرياض، دار طيبة، ط1، 1405هـ-1985م.
- ابن حجر، أحمد، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1379هـ.
- ابن حزم، علي، مراتب الإجماع، بيروت، دار الكتب العلمية، (د.ط)، (د.ت).
- ابن حنبل، أحمد، مسند الإمام أحمد، تحقيق: شعيب الأرنؤوط؛ عادل مرشد وآخرين، إشراف: د.عبد الله بن عبد المحسن التركي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ-2001م،
- ابن عاشور، محمد الطاهر، التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنشر، ط1، 1984م.
- ابن عبد البر، يوسف، الاستذكار، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ-2000م.
- ابن فارس، أحمد، مجمل اللغة، دراسة وتحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1406هـ-1986م.
- ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، دار الفكر، 1399هـ-1979م.
- ابن قدامة، عبد الله، المغني، القاهرة، مكتبة القاهرة، (د. ط)، 1388هـ-1986م.
- ابن كثير، إسماعيل، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي محمد سلامة، الرياض، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ-1999م.
- ابن ماجة، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي،، (د. ط)، (د.ت).
- ابن منظور، محمد، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط2، 1414هـ.
- ابن نجيم، إبراهيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ط2، (د.ت).
- أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود, تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، صيدا–بيروت، المكتبة العصرية، (د.ط)، (د.ت).
- آل فوزان، صالح، الملخص الفقهي/ المعاملات وغيرها، كتاب الطلاق، مكتبة الهداية، الدار البيضاء، 1429هـ.
- الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح الجامع الصغير وزياداته، بيروت، المكتب الإسلامي، ط1، (د.ت).
- الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح سنن أبي داود، الكويت، مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، ط1،1423هـ-2002م.
- الألوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، القاهرة، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ.
- الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر؛ محمد فؤاد عبد الباقي، إبراهيم عطوة عوض، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ، ط2، 1395هـ-1975م.
- الجرجاني، علي، التعريفات، بيروت، دار الكتب العلمية، 1403هـ.
- الجوهري، إسماعيل، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، بيروت، دار العلم للملايين، ط4، 1407هـ-1987م.
- الرازي، محمد، مختار الصحاح، عدد، تحقيق: يوسف الشيخ محمد، بيروت، الدار النموذجية، صيدا، المكتبة العصرية، ط5، 1420هـ-1999م.
- زاهر، ضياء الدين، القيم في العملية التروبية معالم تروبية، القاهرة، مركز الكتاب للنشر، 1996م.
- الزحيلي، وهبة، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دمشق، دار الفكر المعاصر، ط2، 1418هـ.
- السعدي، عبدالرحمن، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ-2000م.
- الشافعي، محمد، الأم، دار المعرفة، بيروت، ط2، (د.ت).
- الشوكاني، محمد، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دمشق، دار ابن كثير، بيروت، دار الكلم الطيب، ط1، 1414هـ.
- عبدالله، عمر، أحكام الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، دار المعارف، 1968م.
- العثيمين، محمد صالح، الشرح الممتع على زاد المستقنع، السعودية، دار ابن الجوزي، 2002م.
- عمر، أحمد، معجم اللغة العربية المعاصرة، بيروت، عالم الكتب، ط1، 1429هـ-2008م.
- العيني، بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد، عمدة القاري شرح البخاري، تحقيق: عبد الله محمود محمد عمر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1421 ه، 2001م.
- القحطاني، أسامة؛ الخضيري، علي؛ العمري، وآخرون، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي، الرياض، دار الفضيلة للنشر والتوزيع، ط1، 1433هـ-2012م.
- القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني؛ إبراهيم أطفيش، القاهرة، درا الكتب المصرية، ط2، 1384هـ-1964م.
- القشيري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، (د.ط)، (د.ت).
- قطب، سيد، في ظلال القرآن، القاهرة، دار الشروق، ط1، (د.ت)
- الكافي، إسماعيل، موسوعة القيم والأخلاق الإسلامية ، مصر، مركز الاسكندرية، 2005م.
- الكفوي، أيوب، الكليات، تحقيق عدنان درويش، محمد المصري، بيروت مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع.
- مصطفى، إبراهيم؛ الزيات، أحمد؛ عبد القادر، حامد؛ النجار، محمد، المعجم الوسيط، الكويت، دار الدعوة (د. ط)، (د.ت).
- النووي، يحيى بن شرف، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392هـ.
- الهيثمي، علي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق: حسام الدين القدسي، القاهرة، مكتبة القدسي، 1414هـ-1994م.
1 () سورة النحل، آية (89).
2 () أحمد، معجم اللغة العربية المعاصرة، 1/330؛ الزيات، وآخرون، المعجم الوسيط، 2/768.
3 () ضياء الدين، القيم في العملية التربوية معالم تربوية، ص70.
4 () الكافي، موسوعة القيم والأخلاق الإسلامية، ص19.
5 () الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، 4/299،.
6 () الجرجاني، التعريفات، ص 38.
7 () الجرجاني، مرجع سابق، ص 61،.
8 () الكفوي، الكليات، ص 313،.
9 () البخاري، صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا طلق الحائض، 7/41، حديث: 5251، ـ.
10 ()ابن حنبل، مسند الإمام أحمد، 271/25، حديث 15924.
11 () القرطبي، الجامع لأحكام القران، 18/147.
12 (1)سورة التغابن، الآيات (11-13).
13 ()سورة التحريم، آية (1).
14 (3) سورة التحريم، آية (5).
15 ()العيني، بدر الدين، عمدة القارئ، 19/350.
16 () ابن عاشور، التحرير والتنوير، 28/293.
17 ( (سورة الطلاق، آية (1).
18 (2)سورة الطلاق، آية (4).
19 (3) سورة الطلاق، آية (6).
20 (1)سورة الطلاق، الآيتان (8 – 10).
21 (2) سورة الطلاق الآيتان (11 – 12).
22 () قطب، سيد، في ظلال القرآن، ص 3594، ج6.
23 () ابن منظور، لسان العرب، فصل: طلق، 4/ 2193ـ
24 () ابن فارس، مجمل اللغة 3/330، ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، مادة (طلق).
25 () آل فوزان، الملخص الفقهي/ المعاملات وغيرها، كتاب الطلاق، ص556.
26 () ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، 3/235.
27 (5)سورة البقرة، آية (229).
28 (6) سورة الطلاق، آية (1).
29 () أخرجه أبو داود، سنن أبي داود, كتاب الطلاق, باب في المراجعة، 2/985, حديث:2283، وابن ماجة، سنن ابن ماجة, كتاب: الطلاق, باب الرجعة، 1/650، حديث:، وصححه الألباني. ا، صحيح سنن أبي داود، 7/52،.
30 () ابن قدامة، المغني، 8/233،.
31 () ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، 3/281، مادة: عدد.
32 () الرازي، مختار الصحاح، ص416، مادة: عدد،.
33 () العثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، 13/321.
34 (6)سورة البقرة، آية (228).
35 () الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، 1/272.
36 (8) سورة البقرة، آية (234).
37 () الشوكاني، مرجع سابق، 1/285.
38 () سورة الطلاق، آية (4).
39 () القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، 18/153.
40 () سورة الطلاق، آية 1.
41 () الشوكاني، مرجع سابق، 5/287.
42 () البخاري، صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، 7/59، حديث: 5334.
43 () النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، 10/111.
44 () صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، 2/1114، حديث: 1480.
45 () النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، 10/111.
46 () ابن المنذر، الأوسط في الإجماع، 4/249، ابن القطان، الإقناع في مسائل الإجماع، 2/44.
47 (1)سورة الروم، آية (21).
48 () ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 6/308.
49 (3)سورة النساء، آية (19).
50 () السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، 1/171.
51 () الترمذي، سنن الترمذي، أبواب النكاح، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، 3/459، حديث: 1163، وقال: “هذا حديث حسن صحيح“، وصححه الألباني، ينظر: الألباني، صحيح الجامع الصغير وزياداته، 2/1304.
52 (1) سورة البقرة، آية (228).
53 () ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، 1/609.
54 () البخاري، صحيح البخاري مرجع سابق، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، 7/7، حديث: 5090.
55 () ابن حنبل، مسند الإمام أحمد، مرجع سابق، مسند جابر بن عبد الله، 22/440، حديث: 14585، وأبو داود، سنن أبي داود، مرجع سابق، كتاب النكاح، باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها، 2/228، حديث: 2082، واللفظ لأحمد، قال ابن حجر–رحمه الله–عن حديث أبي داود: “وسنده حسن“. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، 9/87ـ.
56 (1) سورة النساء، آية (35).
57 () سورة الإسراء، آية (100).
58 () ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، 10/358.
59 () عبدالله، أحكام الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، ص356.
60 () المرجع نفسه.
61 () الشافعي، الأم، 5/88.
62 () سورة الطلاق، آية (7).
63 () سورة الأحزاب، آية (50).
64 () سورة البقرة، آية (233).
65 () مسلم، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب الأقضية، باب قضية هند، 3/1338، حديث: 1714.
66 () ابن القطان، الإقناع في مراتب الإجماع، مرجع سابق، 2/55؛ ابن المنذر، الإجماع، مرجع سابق، ص48؛ ابن حزم، مراتب الإجماع،، مرجع سابق، ص92.
67 () سورة الطلاق، الآيات (8-10).
68 () السعدي، تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان، مرجع سابق، 1/872.
69 () سورة الطلاق، آية (1).
70 () السعدي، تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان، مرجع سابق، 1/872.
71 () قطب، في ظلال القرآن، 6/3599.
72 () سورة الطلاق، آية (2).
73 () سورة الطلاق، آية (6).
74 () سورة الطلاق، الآيات (1-3).
75 () سورة الطلاق، الآيتان (4-5).
76 () سورة الطلاق، الآيتان (6-7).
77 () سورة الطلاق، الآيات (8-12).
78 () ابن عبد البر، الاستذكار، 6/160.
79 () القحطاني، وآخرون، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي، 3/673.
80 () الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، 28/261.
81 () سورة الطلاق، آية (1).
82 () ابن عاشور، التحرير والتنوير، مرجع سابق، 28/309.
83 () الزحيلي، التفسير المنير، مرجع سابق، 28/285.
84 () المرجع السابق.
85 () السعدي، تيسير الكريم الرحمن، مرجع سابق، ص871.
86 () سورة الطلاق، آية (2).
87 () سورة الطلاق، آية (1).
88 () سورة الطلاق، الآيتان (6-7).
89 () سورة الطلاق، الآيتان (2 – 3.)
90 () سورة الطلاق، آية (2).
91 () السعدي، تيسير الكريم الرحمن، مرجع سابق، ص194.
92 سورة الطلاق، آية 2.
93 سورة الطلاق، آية 2.
94 الجرجاني، مرجع سابق.
95 سورة الطلاق، آية 3.
96 سورة الطلاق، آية 2.