The ways of the causes and its practices on Taiser Atfseer for The Scholar Sheikh Amuhammad bin Yousf Atfish
HILAL BIN KHALFAN BIN MOHAMMED AL- BATTASHI
College of Shari’a Sciences || Muscat || Sultanate of Oman
مسالك العلة وتطبيقاتها في «تيسير التفسير» للشيخ امحمد بن يوسف أطفيّش
هلال بن خلفان بن محمد البطاشي
كلية العلوم الشرعية || مسقط || سلطنة عُمان
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنَّ علم أصول الفقه أحد أهم أدوات المجتهد التي يستفرغ بها جهده لاستنباط الحكم الشرعي من أدلته، ومن أهمّ ما يقوم به المجتهد حمل مجهول الحكم على معلومه بجامع العلّة بينهما، وذلك هو القياس، ولا يمكن أن يكون إلا إذا عُلمت العلّة في الأصل الذي يُقاس عليه، وللعلة مسالك وطرائق تُعرف بها ويستدل عليها، وهي– في مجملها– لفيف من الألفاظ والأساليب التي تعتمد على كيفية استعمال العرب لها في لغتهم الخالدة بخلود القرآن الكريم. وأردتُ في هذا البحث أن أتناول مسالك العلة وتطبيقاتها وفق منهج الإمام امحمد بن يوسف أطفيش من خلال تفسيره الذي سمّاه “تيسير التفسير” الذي يقع في ستة عشر جزءًا حسب طبعة وزارة التراث العُمانيّة.
مشكلة البحث:
يفتقد علمُ أصول الفقه في بعص جوانبه الصلةَ بين التأصيل والتطبيق، ولربما كان الجمود سمة ظاهرة على كثير من تطبيقاته التي يُمثّل بها الأصوليون على ما يذكرونه من قواعد، وأعمق من ذلك أنّ كثيرا من الأمثلة التي تُذكر في أصول الفقه أمثلة ليست مأخوذة من النصوص الشرعيّة بل قد لا يكون لها نظير فيها، ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتبحث عن موضوع دقيق من مواضيع أصول الفقه– وهو مسالك العلة– لأجل النظر فيما يمكن أن يكون له من أمثلة في النصوص الشرعيّة، وذلك بعد استقراء منهج الشيخ أطفيش في مسالك العلة وما يعتبره دالا على العليّة وما ليس كذلك.
أهداف البحث:
للدراسة أهداف يمكن حصرها فيما يلي:
- إظهار منهج الشيخ أطفيش الاجتهادي فيما يتعلَّق بتعليل الأحكام ومسالك التعليل.
- ربط التأصيل بالتطبيق فيما يخص مسالك العلة من خلال النظر في التطبيقات القرآنية التي تعرَّض الشيخ أطفيش لبيانها خلال تفسيره للقرآن الكريم.
أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في أمرين اثنين:
- أنه– وهو يُظهر منهج الشيخ أطفيش في مسالك العلة– يبيّن بعض الملامح العامة لمنهجه الاجتهادي ولمنهج واحد من فقهاء الإباضية.
- أنه يضيف أمثلة لمسالك العلة غير تلك التي يتكرر ذكرها في كتب أصول الفقه، وهو ما يُعين على فهمها وإدراك حقيقتها.
الدراسات السابقة:
هنالك بحوث تناولت تراث الشيخ أطفيش ودرسته من نواحٍ عديدة لم يكن منها –حسب الاطلاع– دراسةٌ تعنى بالبحث عن منهجه في مسالك العلة وتطبيقاتها لا سيما من خلال تفسيره للقرآن الكريم الموسوم بـ “تيسير التفسير“.
منهجية البحث:
تقوم هذه الدراسة على منهج استقراء الجزئيات المتوزّعة في “تيسير التفسير” ثم على منهج الاستنباط من خلال النظر في التطبيقات المتوفّرة لإعطاء صورة واضحة عن رأي الشيخ أطفيش ومنهجه. وذلك مع ما يقتضيه البحث العلمي من التوثيق وعزو الآيات وتخريج الأحاديث وغير ذلك.
خطة البحث:
جعلت البحث في مقدمة، وتمهيد، ومطلبين، وخاتمة، وفق الآتي:
- المقدمة: وتحدثت فيها عن مشكلة البحث وخطته ومنهجيته.
- التمهيد: وترجمتُ بإيجاز للشيخ أطفيش، ومهّدتُ فيه للموضوع ببيان مسالك العلة وأقسامها عند الأصوليين.
- المطلب الأول: وتحدثت فيه عن العلة المنصوصة في مقصدين: الأول عن النص الصريح في العِلّيّة، والثاني عن النص الظاهر في العِلّية.
- المطلب الثاني: وتحدثت فيه عن مسالك العلة الأخرى كتعليق الحكم بالمشتق أو الإشارة إلى المشتق، والتعليل الجملي، وما يكون في معنى التعليل، كما تحدثت عن بعض الأمور التي نصّ الشيخ أطفيش على عدم عليتها، وذلك في أربعة مقاصد.
- الخاتمة: وفيها عرضتُ أبرز النتائج والتوصيات.
والله ولي التوفيق،،،
تمهيد
المقصد الأول: ترجمة الشيخ أطفيش:
الشيخ أطفيش امحَمَّد بن يوسف بن عيسى ابن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى ابن إسماعيل بن محَمَّد بن عبد العزيز بن بكير الحفصي، أطفيش(1). وقد اشتهر تلقيبه بـ «قطب الأئمة» ويُختصر أحيانا فيقال: «القطب»(2).
وكانت ولادته في “غرداية” من “وادي ميزاب” بالجزائر كما نصّت على ذلك بعض المصادر(3)، وذكر تلميذه أبو إسحاق أطفيش أنه ولد بوادي يسجن من ميزاب(4). وقد اختلفت المصادر في تاريخ مولد القطب، فقيل: عام 1236هـ(5)، وقيل: عام 1237ه(6)، وقيل: عام 1238ه(7)، وذهب بعضهم ترجيح ولادته في عام 1243ه/1827و1828م(8).
وقد توفي الشيخ أطفيش عن عمر يناهز تسعا وثمانين سنة، وقيل: توفي وهو يناهز ستا وتسعين سنة(9)، وذلك يوم السبت بتاريخ 23 ربيع الثاني سنة 1332هـ الموافق لشهر مارس سنة 1914م، وكانت وفاته– فيما تذكر بعض المصادر– بسبب سمّ وضع له في حذائه من قبل أحد عملاء الاستعمار الفرنسي ليُتوفى بعده بأسبوع(10).
وكان الشيخ أطفيش نشأ– يوم نشأ– يتيما فقد توفي والده وهو في الرابعة من عمره، واعتنت به أمّه ودفعته إلى من يقوم بتحفيظه القرآن الكريم حتى حفظه وهو ابن ثماني سنين. وقد تتلمذ أول ما تتلمذ على أخيه الأكبر إبراهيم بن يوسف أطفيش فدرس على يديه مفاتيح العلوم كلها فيما تذكر بعض المصادر(11). كما تتلمذ على عدد من المشايخ الذين تتلمذوا على يد العلامة الثميني(12).
وقد تبوّأ الشيخ أطفيش مكانة عظيمة بين أتباع المذهب الإباضيّ فقد كان من أكابر مراجعهم الذين جدّدوا المذهب بتحقيقاتهم واجتهاداتهم العلميّة، فعرف قدره العلماء(13)، وسلاطين عُمان وزنجبار والدولة العثمانية(14).
وكان له تلاميذ من أماكن شتى وأقطار متفرّقة، كان لهم دورهم الريادي– فيما بعد– في مجالات الحياة المختلفة(15). يقول أبو إسحاق أطفيش: «تبرَّز عنه العلماء الفطاحل أخص من بينهم ذلك السري الفخيم سليمان باشا الباروني»(16).
وقد ألّف الشيخ أطفيش عددا كبيرا من الكتب والمؤلفات يذكر تمليذه أبو إسحاق أنّ «تآليفه تجاوزت ثلاثمائة مصنف بين كبير وصغير»(17)، ويذكر وينتن أنّ «أوفر قائمة وجدناها هي القائمة التي أثبتها المستشرق (كوبرلي) وفيها ثلاثة عناوين ومائة عنوان»(18). وكانت كتبه في مجالات شتى؛ كالبلاغة والأصول والتفسير والتجويد والتوحيد والتاريخ والجبر والحديث والحساب والرسم والسِّيَر والطب والصرف والعروض والقافية والفقه والفلك والفلاحة والفرائض والفلسفة واللغة ومصطلح الحديث والمنطق والنحو والوعظ (19). ومن أشهر كتبه المطبوعة: تيسير التفسير، وهميان الزاد، وشرح النيل، ووفاء الضمانة، وشامل الأصل والفرع، والذهب الخالص(20).
المقصد الثاني: مسالك العلة وأقسامها عند الأصوليين:
مسالك العلة أو طرق العلة هي الأدلة الدالة عليها، وهي تستفاد من أمور عديدة ليست على درجة واحدة من القوّة في دلالتها على التعليل، وقد ذكر الأصوليون أنّ العلة قد تكون منصوصة، وقد تكون مستنبطة، فأما المنصوصة فهي ما كان بالنص عليها في القرآن أو السنة أو ما أجمعت الأمة على أنها علة. وأما العلة المستنبطة فهي ما يتوصل إليها عن طريق السبر والتقسيم، أو المناسبة، أو الشَّبَه، أو الدوران، أو الطرد، أو غير ذلك مما هو مذكور في مصنفات الأصول(21).
وبما أنَّ الشيخ أَطْفَيَّش في مقام تفسير كتاب الله فإنه من الطبيعي أن يتركّز تعرّضه بما هو لصيق بالقرآن من تلك الطرق، ولذا فقد أكثر من التعرّض لطرق العلة المنصوصة التي تعرف بطريق القرآن والتي هي في أصلها ذات علاقة باللغة، وندر أن يتعرّض لغيرها من الطرق أو يكاد ينتفي.
وبناء على استقراء طرق العلل في تفسير الشيخ أَطْفَيَّش؛ فإن الحديث هنا عن مسالك العلة يكون في المطالب التالية:
المطلب الأول: النصّ
ويُقصد بالنص في هذا المقام– كما يقول الرازي في المحصول– «ما تكون دلالته على العليّة ظاهرة سواء كانت قاطعة أو محتملة»(22)؛ حيث إنّ النصّ الشرعي قد يكون صريحا في التعليل ولا يحتمل غيره، وقد يحتمله ويحتمل غيره ولكن احتماله للعليّة أرجح، ولذلك اصطلح الأصوليون على تقسيم النص على مراتب حسب قوّة دلالته على العليّة، وليس يهمنا هنا ذكر اختلافهم في طريقة تقسيم النصّ، فلهم في ذلك مذاهب(23)، ولكن يهمنا أن نستعرض بعض ما ذكره الشيخ أَطْفَيَّش منها، وسوف يكون الحديث عنها فيما يلي:
المقصد الأول: النص الصريح في العليّة:
وهو ما لا يحتمل غير العليّة، وله ألفاظ تدل عليه، منها: لِعِلَّة كذا، ولسبب كذا، ولمؤثر كذا، ولموجب كذا، وكي، ولأجل، وإذن، ونحوها (24)، على أنّه– فيما يبدو– لا يوجد نص من القرآن تُذكر فيه العلة بصيغة «العلة كذا، علة كذا أو لمؤثر كذا، أو لموجب كذا»، والجزم بعدم وجودها في السنة مجازفة لا أقوى عليها، ولكن حينما تُذكر على أنها من أقوى الصيغ فإنك لا تجد من يُمثِّل عليها من القرآن أو السنة، وشاع التمثيل بــ «من أجل أو لأجل»، ولذلك فمن الطبيعي عدم وجود مثال لها في تفسير الشيخ أَطْفَيَّش إلا للتالي منها:
- من أجل: كقوله تعالى– بعد أن قصَّ نبأ ابنَيْ آدم-: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [المائدة: 32]. يقول الشيخ أَطْفَيَّش في تفسير الآية وفي معنى الأجل: «وأَصل الأَجْل– بإِسكان الجيم– جناية الشر، ثم استعمل في تعليل الجناية ثم في التعليل مطلقًا، ومن للابتداء وذلك كقولهم: (من جرَّاك فعلته)(25) بشد الراءِ بوزن دعوى، أَي: من أَنْ جررته، أَي جنيته، والمعنى: من أَجل ذلك فرضنا»(26).
ولم ترد كلمة «أَجْل» في القرآن إلا في هذا الموضع، وكثير من الأصوليين حين يمثلون بهذه الآية يذكرون معها حديث النبي– صلى الله عليه وسلم-: ((إنما جعل الاستئذان من أجل البصر))(27)، وحديث تعليل النهي عن ادخار لحوم الأضاحي: ((إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم، فكلوا وتصدقوا وادخروا))(28).
- كي: سواء سبقت باللام أم جرّدت منها، ومثالها قوله تعالى: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: 7]، وفي تفسير الشيخ أَطْفَيَّش للآية ما فيه إشارة إلى أنّ التعليل مستفاد من اللام المحذوفة؛ حيث قال: «وكي حرف مصدر معناه الدلالة على الاستقبال والدلالة على المصدر، وحرف التعليل والجر لامٌ مقدرة متعلقة بما يتعلق به (لله) أو بـ(الله) لنيابته»(29).
وقد تُسبق (كي) باللام مثل قوله تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد: 23] يقول الشيخ أطفيش: «أي: أخبرناكم بذلك لكيلا تأسوا»(30).
- ذكر المفعول له: وقد جعله الزركشي في «البحر المحيط» في المرتبة السادسة من مراتب الصريح(31)، ويُقصد به– كما هو ظاهر– أن يُذكر ما لأجله الفعل، والأمثلة عليه كثيرة، منها:
- قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [المائدة: 96]، فإنّ «﴿مَتَاعًا﴾ تعليل لقوله: ﴿أُحِلَّ﴾ أَي تمتيعًا»، وتحتمل أن تكون مفعولا مطلقا أَي: متعكم به تمتيعًا(32).
- قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ﴾ [المائدة: 38]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿نَكَالًا﴾ تعليلا لـ﴿جزاء﴾ أَو بدل منه على أَنه نوع منه وهو العذاب أَو الإِصابة بنازلة، أَو تعليل لـ﴿اقطعوا﴾، أَو لو جعلنا ﴿جزاء﴾ تعليلا له لجواز تعليل شيء واحد بعلتين بطريق التبعية كالبدل هنا، وأَجازه بعضهم ولو بلا تبعية، ولا بأس بتعليل علة ومعلولها»(33).
- قوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي﴾ [الممتحنة: 1]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «والنصب في الآية على التعليل أي: للجهاد والابتغاء»(34).
- قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: 8]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «ونصب (زينةً) من قوله: ﴿وزِينَةً﴾ على التعليل لاتحاد فاعلهما؛ لأَن الخالق والزاين هو الله جل جلاله»(35).
المقصد الثاني: النص الظاهر في العليّة:
سبقت الإشارة إلى أن المقصود بالنص الظاهر في العلّية ما يحتمل غير العليّة لكن دلالته على العليّة أرجح، وما سواها مرجوح. وله ألفاظ تدل عليه، وهي ليست نصًّا في التعليل، فهي موضوعة لغةً له ولغيره من المعاني، وقد تكون موضوعة للتعليل حقيقة، وقد تكون دلالتها عليه مجازا(36).
ومن الألفاظ التي حملها الشيخ أَطْفَيَّش على معنى العليّة أو ذكر لها وجوها والعليّةُ أحدها: “اللام“، و“الباء“، و“الفاء، و“إنْ الشرطية“، و“إنَّ“، و“أنَّ“، و“أنْ“، و“لعلَّ“، و“إذْ“، و“على“، و“مِن“، و“في“.
وتفصيل ذلك فيما يلي:
-
- اللام: ومن المواضع التي جزم الشيخ بأنّ “اللام” فيها للتعليل قوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [سورة البقرة: 185](37)، وقوله: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: 8](38). ووردتْ في بعض الأمثلة محتملةً للتعليل وغيره، فيذكر الشيخ أَطْفَيَّش لها وجوها متعددة من بينها التعليل، مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [سورة الذاريات: 65]، فهي هنا للتعليل، وقيل: للعاقبة(39)، ومثل قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14] فإنها للتعليل أو للتوقيت بمعنى: اقضها عند ذكرها(40).
- الباء: ومن أمثلتها: “الباء” في (فبظلم) في قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [النساء: 160]، أي بسبب ظلمهم حرّمنا عليهم ذلك(41). ومثل “الباء” في (بظلم) في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ [الأنعام: 131]، «أي: لم يهلك ربك أَهل القرى لأَجل ظلمهم أو بسببه من شرك ومعاص وهم غافلون خالون عن العلوم بالوحي لعدم نزوله وعدم إِنذارهم به، ولا ضعف في ذلك…»(42). ومثل الباء في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا﴾ [الكهف: 106] «أي: الشأْن ذلك أو احذروا ذلك أو ذلك جزاؤهم عليه أو به جهنم، فحذف الرابط المضمر المجرور، ولو لم يذكر مثله لعلمه من المقام… ولا يتكرر هذا الضمير مع قوله: ﴿بما كفروا﴾، وذلك كما تقول: هذا العقاب جزاء عمرو بكفره لوقوع الكفر منه، فـ“الباء” الثانية بمعنى التعليل أو السببية والأولى للتعدية، هذا إذا جعلنا (بما كفروا) خبرًا ثانيًا، وإِلا فلا إشكال…»(43).
- الفاء: ومن أمثلتها: “الفاء” في (فمِن الناس) من قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [سورة البقرة]. يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «فقد تكون الفاء تعليلا، لقوله: ﴿فاذكروا الله﴾، أي: لأن الناس بين مقل ومكثر، ومصيب في ذكره ومخطئ في منى، فكونوا من المكثرين المصيبين فيها؛ لأن من الذاكرين من يقلل ويخطئ، وهو من يقتصر على الدنيا في دعائه»(44). ومثل “الفاء” في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [سورة البقرة: 211] يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ جواب الشرط أي: شديد العقاب له، فإن لم تقدر (له) كان تعليلا للجواب، أي: عاقبه الله عقابا شديدا لأن الله شديد العقاب جزاء وفاقا إذ بدَّل أشد النعم، وكان سببا لزيادة كفره، وهو الاعتداء المعبر عنه بالآيات المعبر عنها بالنعمة وهن سبب الهدى وملزومه»(45).
- إِنْ «الشَّرْطيّة»: ومن أمثلتها: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [سورة النساء: 104]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿إن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ إلخ تشجيع للصحابة– رضي الله عنهم– وتعليل لقوله تعالى: ﴿ولا تهنوا﴾، لأنه أصابهم مثل ما أصابكم، فصبروا، فكيف لا تصبرون أنتم، مع أن لكم لا لهم عاقبة الخير في الدنيا والأخرى، وأنتم على الهدى وهم على الباطل»(46).
- إنَّ (مكسورة الهمزة): ومن أمثلتها: قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾ [سورة طه: 15] يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «وعلل وجوب العبادة وإقامة الصلاة بقوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ﴾…إلخ»(47). ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [سورة الطور: 28]: فإنّ قوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ تعليل لقوله: ﴿نَدْعُوهُ﴾ «كما يدل له قراءة فتح الهمزة، أي: لأنه»، ويحتمل أن يكون الكلام مستأنفًا أيضا(48). ومثل قوله تعالى: ﴿وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ [الأحقاف: 17]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش عن قوله تعالى: ﴿إنَّ وعد الله حَقّ﴾: «والجملة تعليل لـ﴿آمِنْ﴾ جملي، كما قرأ الأعرج وعمرو بن فائد بفتح همزة إن تعليلا إفراديا أي: لأن وعد الله حق، أو يقدر: آمِنْ بأنَّ وعد الله حق على غير التعليل، وتقدير لام التعليل أولى لموافقة كسر “إنَّ“، فإن كسرها على التعليل الجملي، ولو احتمل الاستئناف في كلامهما»(49).
- أَنَّ (مفتوحة الهمزة): ويبدو من تفسير الشيخ أطفيش لعدد من الآيات أنّ التعليل مستفاد من لام التعليل المقدَّرة لا منها هي، ولذا فإنّ عدّها من حروف التعليل فيه تجوُّز.
ومن أمثلتها: قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: 33]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ هذا تعليل، أَي: لأَنهم لا يؤْمنون…»(50). ومثل قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: 39]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «مُقدَّر بلام التعليل، أي: لاشتراككم في العذاب كاشتراككم في المعاصي»(51).
-
- أنْ (ساكنة النون): ويبدو من تفسير الشيخ أَطْفَيَّش أنّه يحملها على التعليل بتقدير لام التعليل أيضا، ومعنى ذلك أنّها لا تدل على التعليل بنفسها وإنما باللام المقدرة، ولعل هذا ما ذهب إليه بعض النحويين كابن هشام؛ حيث يرى أن التعليل مستفاد من اللام المقدرة في نحو قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ﴾ [العنكبوت: 33](52).
ومن أمثلتها في تفسير الشيخ أَطْفَيَّش: قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [سورة القلم: 14]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ مقدَّر لام التعليل معلقة بـ﴿تطع﴾، أي: لا تطع كل حلاف… إلخ لأنْ كان ذا مال وبنين، أي: لكونه ذا مال وبنين»(53). ومثل قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء: 24]. يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ تعليل لأحل أي: لأن تبتغوا، أو قصد أن تبتغوا، أو دعاءَ أن تبتغوا، وقيل: إرادة أن تبتغوا»(54). ومثل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ [سورة الأنعام: 131] «أي: إِرسال الرسل مبتدأ أَخبر عنه بالعلة في قوله ﴿أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ أي: ثابت، لأَنه لم يكن ربك مهلك القرى… إلخ، أو خبر لمحذوف، أي: الأمر ذلك الإِرسال لأَجل أَنه لم يكن ربك مهلك القرى»(55). ومثل قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: 176]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش في المعنى: «لئلا تضلوا، أو كراهة أن تضلوا…»(56). ومثل قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: 282]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿أَن تَضِلَّ﴾ أي: تعددت المرأة لاحتمال أن تضل، أو حكمنا بذلك إرادة أن تضل… ودخلت لام التعليل على ﴿تضل﴾؛ لأن الضلال سبب التذكير وملزومه…»(57).
-
- لعل: والصَّحيح عند الشيخ أَطْفَيَّش «أن استعمال (لعل) في ترجي المخاطب أو في التعليل مجاز»(58)، ويقول في موضع آخر: «إِلا أَن (لعل) يثبت المحققون مجيئها للتعليل»(59). والواضح من تفسير الشيخ أَطْفَيَّش لِمَا ورد فيه «لعلَّ» من الآيات أنّه يحتمل لها معانيَ عديدة في التفسير منها التعليل. ومن أمثلتها: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ [الأنعام: 42]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ أَي: كي يتذللوا إِلينا، وعاملناهم بالبأْساءِ والضراء كمعاملة من يرجى تضرعه بالتأْديب لأَن المصائب سبب للين القلوب والتضرع إِلى علام الغيوب»(60). ومثل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 130]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ حالهم، كحال من يعصى فيعاقب رجاء للانزجار، ففيه استعارة تمثيلية، أَو “لعل” للتعليل أَي ليذكروا أَن ذلك لكفرهم ومعاصيهم، فينزجروا»(61).
- إذْ: والنحويّون على خلاف في عدّها من حروف التعليل، فبينما يرجح ابن هشام دلالتها عليه يرى آخرون عدم مجيئها للتعليل بحال(62)، ويحقق الشيخ أَطْفَيَّش «أن التعليل في (إذْ) التعليلية مستفاد من مدخولها، مثل استفادة العلة من تعليق الحكم بالمشتق»(63)، فهي في ذاتها لا تدلّ على التعليل وإنما من مدخولها.
ومن أمثلتها: قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَ﴾ [الفتح: 18]: يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «و(إذ) للتعليل، ولا بأس بالتعليل لما هو أزليٌّ… ثم قيل: مفيد التعليل هو (إذ)، وقيل: هي ظرف زمان، ومفيدُه ما بعدها كإفادة العلَّة بتعليق الحكم بمضمون المشتق»(64). وأيضا قوله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: 16]: يقول الشيخ أَطْفَيَّش عن «إذْ»: «وأجيز أن تكون تعليلية لقوله: ﴿فأووا﴾»(65).
-
- على: ومن أمثلتها: قول الله تعالى: ﴿فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «و(على) للتعليل، أو السببية متعلق بقوله: ﴿نادمين﴾»(66). وكقول النبي– صلى الله عليه وسلم– في شأن انفضاض الناس عنه وهو قائم فيهم خطيبا للجمعة: ((لو خرجوا كلهم لاضطرم المسجد عليهم نارا))(67)، يقول الشيخ أطفيش: «ومعنى اضطرام المسجد عليهم نارا: اضطرامه لأَجلهم نارا وكذا اضطرام الوادي فـ(على) للتعليل…»(68).
ومما احتمل الشيخ أطفيش أن تكون فيه (على) للتعليل مع احتمال معنى آخر: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [الأعراف: 52] يقول: «﴿على عِلْمٍ﴾ حال من (نا) في فصلناه، أو من هاء فصلناه، لأنّ المعنى: مشتملا على علم، أو (على) للتعليل». (69)، وقوله: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [الحج: 36]، يقول: «﴿عَلى ما هَدَاكُم﴾ ما مصدرية، والتقدير: على هدايته إياكم متعلق بـ﴿تكبروا﴾ لتضمنه معنى تشكروا أو تحمدوا، أو التقدير لتكبروا الله شاكرين، أو حامدين على هدايته إياكم، أو على للتعليل»(70).
-
- حرف الجر (مِنْ): ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾ [الأنعام: 151]، أي: «من خشية إملاق لقوله تعالى: ﴿خشية إملاق﴾ (الإسراء: 31)، أَو من أَجل إِملاق، فـ(من) للتعليل كما دل عليه نصب (خشية) على التعليل»(71). ومثل قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ [نوح: 25]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «(من) للتعليل متعلقة بـ(أَغرق) بعدها وقدم للحصر وعلى طريق الاهتمام بذكر ما أوجب الإِغراق وللتشويق إِلى ذكر ما يترتب على الخطايا»(72).
- حرف الجر (في): كقوله تعالى: ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 14]، أي: «بسبب ما أفضتم من الإفك»(73).
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ حروف التعليل السابق ذكرها عندما تُذكر في أصول الفقه يُذكر لها من الأمثلة ما لا علاقة له بالأحكام، فلعل المراد التدليل على دلالتها على العليّة أن لو جاءت في شيء من أدلة الأحكام، وبمثل ذلك فعلتُ هنا فيما لم أجد له مثالا من كلام الشيخ أَطْفَيَّش له تعلُّق بالأحكام الشرعية للأمر نفسه.
المطلب الثاني: مسالك العلة الأخرى، وما لا يكون للتعليل
المقصد الأول: تعليق الحكم بالمشتق والإشارة إلى المشتق:
صرّح الشيخ أَطْفَيَّش بأنّ تعليق الحكم بالمشتق من مسالك العلة حين فسَّر قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 98] فقد قال: «أي: لليهود لكفرهم، ولهذا لم يقل: عدو لهم، وهكذا أمثاله في سائر القرآن، ولو لم أنبِّه عليه، من وضع الظاهر موضع المضمر؛ لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بكونه علةً للحكم»(74).
ومن أمثلته كذلك: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [سورة البقرة: 21] «أي: اعبدوه لسيادته وملكه وخلقه لكم، فما ليس سيدًا لكم ولا مالكًا ولا خالقًا لا يستحق أن يعبد»(75). وأيضا قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [سورة الرعد: 35] «والمراد: وُعد المتقون على اتقائِهم؛ لأَن الوصف يدل على العلَّة»(76). وأيضا قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾ [سورة يس: 47]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿قال الَّذين كفروا﴾ أي: (قالوا) فوضع الظاهر ليصفهم بالكفر، أعني أن هذا النصح الكريم من جملة ما يذكر فيه علة الحكم، ولو شاء الله تعالى لقال: قالوا كافرين، أو قالوا لكفرهم، فيفيد العلة وهي الكفر»(77).
وقد نصّ الشيخ أطفيش على أنّ الإشارة إلى المشتق تدلّ على العلّة كذلك؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ [المطففين: 4]، يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿ألاَ يَظُنُّ أُوْلَئِكَ﴾… والإشارة لبعد مرتبتهم في الشر، ولتعليق الحكم باستيفائهم وإخسارهم، فإن الإشارة إلى المشتق كالتعبير بالمشتق تؤذن بالعلة، كأَنه قيل: (ألا يظن المستوفون المخسرون)، فالتخطئة لاستيفائهم وإخسارهم، ولو أضمر لهم لم يفد الضمير ذلك بنفسه بل بمرجعه»(78).
المقصد الثاني: التعليل الجُمْلي:
في غير ما موضع من تفسيره يذكر الشيخ أَطْفَيَّش ما يُطلِق عليه «التعليل الجملي»، ويقصد به– كما يبدو– أن جملةً ما تكون تعليلا لجملة أخرى.
ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: 74]، فجملة ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ…﴾ «تعليل جملي لـ﴿أشد قسوة﴾»(79). ومثل قوله تعالى: ﴿لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ﴾ [البقرة: 143]، وقوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [سورة البقرة: 144] تعليلان جمليان لقوله قبلُ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ [البقرة: 143](80). ومثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153] تعليل جملي لقوله قبله: ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاة﴾ [البقرة: 153] يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «وذلك تعليل جملي، متعلق بالاستعانة بالصبر، لأنه المحتاج للتعليل، وأما الصلاة فحيث كانت أجل المطالب لم يفتقر الأمر بالاستعانة بها إلى التعليل، كذا قيل مستأنسا له بقوله– صلى الله عليه وسلم-: ((جعلت قرة عيني في الصلاة))(81). ويجوز أن يكون تعليلا للاستعانة بهما على الحذف، أي: أن الله مع الصابرين والمصلين، قيل: أو للاستعانة بالصلاة فهمًا، وبالصبر تصريحا، فإنه إذا كان مع الصابرين فأولى أن يكون مع المصلين، لاشتمالها على الصبر، وفيه أن الصبر أشد، وشامل للصبر على الصلاة وغيرها»(82). ومثل قوله تعالى على لسان إبراهيم: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ [إبراهيم: 36]، أي: «سألتك العصمة منهنّ لأنهنّ….، فهذا تعليل جملي لقوله قبله: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾»(83).
والأمثلة على هذا التعليل كثيرة، ويلاحظ أنّ بعضها من قبيل التعليل بـ «إنّ» السابق ذكره.
المقصد الثالث: ما يكون في معنى التعليل:
هناك عدد من الآيات التي فهم الشيخ أَطْفَيَّش منها التعليل دون أن يكون فيها شيء من صِيَغ التعليل، وإنما يُستفاد التعليل من القرائن، وذلك مثل: قوله تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [الأنعام: 48] يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «والحصر إِضافي؛ لأَن الرسل أَيضًا يصلون ويصومون ويعبدون عبادات كثيرة غير التبشير والإِنذار، ويفعلون مباحات، أي: أَرسلناهم للتبشير والإِنذار لا للاقتراح والقدرة على إِظهار الآيات، فإِن مؤونته يكفيها ظهور المعجزات كالشمس، والحال في الآية تتضمن معنى التعليل كما رأَيت، وهذا متصل بقوله تعالى: ﴿وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه﴾»(84).
ومثل قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: 131] يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «﴿وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ غنيَّا، مبرمًا لأفعاله، لا خلل ولا عبث، واستشهد لكمال غناه وقدرته بقوله: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ﴾ خلقا، وملكا، وأوسع منهن، فهن تمثيل، وهذا في معنى التعليل لقوله: ﴿وَاسِعًا﴾، بل زعم بعض أن الواو تكون للتعليل»(85).
المقصد الرابع: ما ليس علة:
هناك بعض الأمور التي نفى الشيخ أَطْفَيَّش دلالتها على العليّة رأسا، أو نفى دلالتها عليه في بعض المواضع دون بعض، ومن ذلك:
-
- حرف الواو: فإنه يرى عدم دلالتها على التعليل رأسا، فقد قال عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: 74]: «وزعم بعض– وتبعهم الشيخ عمرو التلاتي– أن الواو تكون للتعليل، ولا يصح، ولو صح لحملنا عليه الآية، أي: لأن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار»(86). ومثل ذلك قال في تفسير قوله تعالى– وقد تقدم قبل قليل-: ﴿وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [النساء: 130- 131]؛ حيث قال الشيخ أَطْفَيَّش: «زعم بعض أن الواو تكون للتعليل»(87).
- إذ: وقد تقدّم أن الشيخ أَطْفَيَّش يرجح دلالته على التعليل عن طريق مدخلوها، ولكنه مَنَع أن تكون للتعليل في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾ [مريم: 16]، يقول: «والقول بأن (إذ) حرف مصدر على معنى التعليل أي: لِأَنْ انتبذت، تخليط»(88).
الخاتمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فهذه طائفة من النتائج والتوصيات التي خلصت إليها من خلال البحث في مسالك العلة في تيسير التفسير للشيخ أطفيش، وهي كما يلي:
أولاً– النتائج:
- في تفسير الشيخ أطفيش “تيسير التفسير” مادّة أصوليّة وفيرة تعطي الباحث مجالا واسعا للبحث في مجالي التأصيل والتطبيق.
- للشيخ أطفيش آراء وتطبيقات عديدة تتعلق بمسالك العلّة وبغيرها من المسائل الأصوليّة الأخرى.
- تركّز اهتمام الشيخ أطفيش في تفسيره– فيما يتعلق بمسالك العلّة– على ما هو لصيق بالقرآن من مسالك العلة، فقد أكْثَر من التعرّض لطرق العلة المنصوصة التي تعرف بطريق القرآن والتي هي في أصلها ذات علاقة باللغة.
- في تفسير الشيخ أطفيش لا تتوفر مادّة علميّة (تأصيلية أو تطبيقية) تتعلق بمسالك العلة غير المنصوصة– كالسبر والتقسيم والمناسبة– ، وتوجد إشارات أو تطبيقات قليلة لمسالك أخرى كالتعليل بالمشتق.
- غالب النصوص التي يُمكن التمثيل بها على مسالك العلة وطرائقها لا علاقة لها بالقياس– من الناحية العمليّة– ، لأنها نصوص– في غالبها– لا تتعلق بالأحكام الشرعية الفرعيّة.
ثانياً– التوصيات:
- الاعتناء بدراسة التراث الأصوليّ دراسةً مُعمّقة تكشف عن مخزون الأمة الفكريّ.
- تقريب أصول الفقه للدارسين من خلال ربط قواعده بأمثلةٍ حيّة غير افتراضية ولا بعيدة عن النصوص الشرعيّة.
- تجريد علم أصول الفقه من المسائل الدخيلة عليه والتي لا دور لها في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
المصادر والمراجع
- ابن هشام، عبد الله بن يوسف بن أحمد، ط6، 1985، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، دار الفكر، دمشق.
- أَطْفَيَّش، أبو إسحاق إبراهيم، ط2، 1419ه/1998م، مقدمة الذهب الخالص، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، السيب، سلطنة عمان.
- أَطْفَيَّش، امحمد بن يوسف، ط1، 1425ه– 2004م، تيسير التفسير، تحقيق: إبراهيم بن محمد طلاي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان.
- أطفيش، محمد بن يوسف، 1407هـ/1986م، شرح لامية الأفعال، وزارة التراث القومي والثقافة، عمان.
- بحاز، إبراهيم بن بكير وآخرون، 1420ه/1999م، معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب)، جمعية التراث، القرارة– الجزائر.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، ط1، 1422هــ، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي).
- جهلان، عدون، د.ت، الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ محمد بن يوسف أَطْفَيَّش، جمعية التراث– القرارة– غرداية – الجزائر.
- دبوز، محمد علي، 1969، نهضة الجزائر وثورتها المباركة، المطبعة العربية– عالم المعرفة– الجزائر– 2013- وزارة الثقافة، الجزائر.
- الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، ط5، 1420هـ / 1999م، مختار الصحاح، تحقيق: يوسف الشيخ محمد، المكتبة العصرية– الدار النموذجية، بيروت – صيدا.
- الرازي، محمد بن عمر بن الحسن، ط3، 1412ه – 1992م، المحصول، تحقيق: الدكتور طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، بيروت.
- الزحيلي، وهبة، ط1، 1406ه– 1986م، أصول الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق.
- الزركشي، محمد بن عبد الله بن بهادر، ط1، 1414هـ– 1994م، البحر المحيط في أصول الفقه، دار الكتبي.
- السالمي، عبدالله بن حميد، 1981م، اللمعة المَرضيَّة من أشعة الاباضية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان.
- السالمي، عبدالله بن حميد، 2004، شرح الجامع الصحيح، مكتبة نور الدين السالمي، السيب– سلطنة عمان.
- السالمي، عبدالله بن حميد، د.ط، 2010م، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، تحقيق: عمر حسن القيّام، مكتبة الإمام السالمي، بديّة – سلطنة عمان.
- السعدي، عبد الحكيم عبد الرحمن، ط2، 1421ه– 2000م، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، دار البشائر الإسلامية، بيروت.
- صالح بن سيوسيو، 1432هـ/2011م، شخصية القطب أطفيش من خلال تواصله مع الدولة العثمانية، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، المركز الجامعي– وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، غرداية– الجزائر، ع14.
- الفراهيدي، الربيع بن حبيب، ط1، 1432ه– 2011م، الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بين حبيب الفراهيدي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان.
- النسائي، أحمد بن شعيب بن علي، ط1، 1421هـ– 2001م، السنن الكبرى، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة – بيروت.
- وينتن، مصطفى بن الناصر، 1417هـ / 1996 م، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أَطْفَيَّش العقدية، جمعية التراث، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر.
1() بحاز وآخرون، معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب)، رقم الترجمة: 864.
2() السالمي، عبدالله بن حميد، 2004، شرح الجامع الصحيح، مكتبة نور الدين السالمي، السيب– سلطنة عمان، جـ3، صـ593- 594.
3() أطفيش، محمد بن يوسف، 1407هـ/1986م، شرح لامية الأفعال، وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، جـ4، صـ437.
4() أطفيش، مقدمة الذهب الخالص، صـ8.
5() المرجع السابق، صـ8.
6() وينتن، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أطفيش العقدية، صـ25.
7() المرجع السابق، صـ25.
8() صالح بن سيوسيو، 1432هـ/2011م، شخصية القطب أطفيش من خلال تواصله مع الدولة العثمانية، مجلة الواحات للبحوث والدراسات، المركز الجامعي– وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، غرداية– الجزائر، ع14، صـ108.
9() وينتن، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أطفيش العقدية، صـ27. جهلان، الفكر السياسي عند الإباضية، صـ105.
10() وينتن، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أطفيش العقدية، صـ27.
11() دبوز، نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة، جـ1، صـ293.
12() وينتن، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أطفيش العقدية، صـ44- 45.
13() يقول الإمام السالمي في سياق ذكر شُرّاح كتاب (دعائم الإسلام) لابن النظر: «ثم تناوله البحر الزاخر والبدر الباهر الذي يقال في حقه كم ترك الأول للآخر قطب الأئمة وعالم الأمة محمد بن يوسف أطفيش المغربي فشرحه شرحًا كافيًا شافيًا». السالمي، عبدالله بن حميد، 1981م، اللمعة المَرضيَّة من أشعة الاباضية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، صـ24.
14() أطفيش، الدعاية إلى سبيل المؤمنين، صـ107 (الهامش).
15() جهلان، الفكر السياسي عند الإباضية، صـ108- 109.
16() أطفيش، الدعاية إلى سبيل المؤمنين، صـ107 (الهامش).
17() أطفيش، الدعاية إلى سبيل المؤمنين، صـ107 (الهامش).
18() وينتن، آراء الشيخ امحمّد بن يوسف أطفيش العقدية، صـ63.
19() أطفيش، الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، ص13 (المقدمة).
20() للتفصيل انظر: جهلان، الفكر السياسي عند الإباضية، صـ112- 116. وانظر الملحق الخاص بقائمة مؤلفات القطب في كتاب: آراء الشيخ امحمد بن يوسف أطفيش العقدية لوينتن، صـ479.
21() يُنظر: السعدي، عبد الحكيم عبد الرحمن، ط2، 1421ه– 2000م، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، دار البشائر الإسلامية، بيروت، صـ337 وما بعدها. السالمي، عبدالله بن حميد، د.ط، 2010م، طلعة الشمس شرح شمس الأصول، تحقيق: عمر حسن القيّام، مكتبة الإمام السالمي، بديّة – سلطنة عمان، جـ2، صـ188 وما بعدها.
22() الرازي، محمد بن عمر بن الحسن، ط3، 1412ه – 1992م، المحصول، تحقيق: الدكتور طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، بيروت، جـ5، صـ139.
23() يُنظر: السعدي، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، صـ346.
24() الزحيلي، وهبة، ط1، 1406ه– 1986م، أصول الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق، جـ1، صـ663.
25() قال في مختار الصحاح: “وَفَعَلْتُ كَذَا مِنْ (جَرَّاكَ) أَيْ مِنْ أَجْلِكَ“. الرازي، مختار الصحاح، صـ56.
26() أَطْفَيَّش، امحمد بن يوسف، ط1، 1425ه– 2004م، تيسير التفسير، تحقيق: إبراهيم بن محمد طلاي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، جـ4، صـ16.
27() البخاري، محمد بن إسماعيل، ط1، 1422هــ، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، باب الاستئذان من أجل النظر، رقم الحديث: 6241، جـ8، صـ54.
28() الفراهيدي، الربيع بن حبيب، ط1، 1432ه– 2011م، الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بين حبيب الفراهيدي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، كتاب الذبائح، رقم الحديث: 110، صـ139.
29() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ14، صـ439.
30() المرجع السابق، جـ14، صـ358.
31() قال في البحر المحيط: «سادسها– ذكر المفعول له: فإنه علة للفعل المعلل، كقوله تعالى: ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة﴾ [النحل: 89] ونصب ذلك على المفعول له أحسن من غيره، كما صرح به في قوله: ﴿لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ [النحل: 44]، وفي قوله: ﴿ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون﴾ [البقرة: 150] فإتمام النعمة هي الرحمة. وقوله: ﴿ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ [القمر: 17] أي لأجل الذكر، كما قال: ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون﴾ [الدخان: 58] وقوله: ﴿فالملقيات ذكرا﴾ [المرسلات: 5] ﴿عذرا أو نذرا﴾ [المرسلات: 6] للإعذار والإنذر». الزركشي، محمد بن عبد الله بن بهادر، ط1، 1414هـ– 1994م، البحر المحيط في أصول الفقه، دار الكتبي، جـ7، صـ241.
32() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ4، صـ145.
33() المرجع السابق، جـ4، صـ29.
34() المرجع السابق، جـ15، صـ11.
35() المرجع السابق، جـ7، صـ410.
36() الزحيلي، أصول الفقه الإسلامي، جـ1، صـ664.
37() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ1، صـ394.
38() المرجع السابق، جـ7، صـ410.
39() يقول الشيخ أَطْفَيَّش: «والمشهور أن أفعال الله لا تعلل بالأغراض، والحق جواز تعللها بالأغراض، مع بقاء الغنى الذاتي، وعلى المنع فمعنى التعليل باللام أنه خلقهم على وجه يتوصل به من كلف منهم الى عبادته، وتكون غاية لذلك الوجه، وليس المراد أنه أراد منهم كلهم العبادة، أعني المكلفين لأن لو أرادها لم تتخلف، وعبدوه كلهم، والموجود غير ذلك ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس﴾ وإنما الذي يمكن تخلفه أمره ونهيه، بمعنى أنه أمرهم فلم يأتمروا كلهم، ونهاهم ولم ينتهوا كلهم، بل بعضهم، لمجاورة تعليل أفعاله بالأغراض، قيل: اللام للعاقبة تقول: خلق البقر للحرث، وليست كلها تحرث». أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ14، صـ90.
40() المرجع السابق، جـ9، صـ130.
41() المرجع السابق، جـ3، صـ412.
42() المرجع السابق، جـ4، صـ463.
43() المرجع السابق، جـ8، صـ442.
44() المرجع السابق، جـ1، صـ452.
45() المرجع السابق، جـ1، صـ14.
46() المرجع السابق، جـ3، صـ331.
47() المرجع السابق، جـ9، صـ131.
48() المرجع السابق، جـ14، صـ110.
49() المرجع السابق، جـ13، صـ239.
50() المرجع السابق، جـ6، صـ234.
51() المرجع السابق، جـ13، صـ100.
52() ابن هشام، عبد الله بن يوسف بن أحمد، ط6، 1985، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: د. مازن المبارك / محمد علي حمد الله، دار الفكر، دمشق، صـ53.
53() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ15، صـ224.
54() المرجع السابق، جـ3، صـ190.
55() المرجع السابق، جـ4، ص462.
56() المرجع السابق، جـ3، صـ441.
57() المرجع السابق، جـ2، صـ214- 215.
58() المرجع السابق، جـ2، صـ43.
59() المرجع السابق، جـ5، صـ156.
60() المرجع السابق، جـ4، صـ277- 278.
61() المرجع السابق، جـ5، صـ156.
62() يُنظر: السعدي، مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، صـ361.
63() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ8، صـ304.
64() المرجع السابق، جـ362، صـ13.
65() المرجع السابق، جـ8، صـ304.
66() المرجع السابق، جـ13، صـ419.
67() لم أجده.
68() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ15، صـ80- 81.
69() أطفيش، المرجع السابق، جـ5، صـ72.
70() أطفيش، المرجع السابق، جـ9، صـ403.
71() المرجع السابق، جـ4، صـ506.
72() المرجع السابق، جـ15، صـ322.
73() المرجع السابق، جـ10، صـ81.
74() المرجع السابق، جـ1، صـ194.
75() المرجع السابق، جـ1، صـ37.
76() المرجع السابق، جـ7، صـ270.
77() المرجع السابق، جـ12، صـ53.
78() المرجع السابق، جـ16، صـ109- 110.
79() المرجع السابق، جـ1، صـ147.
80() المرجع السابق، جـ1، صـ294.
81() رواه النسائي في سننه عن أنس بن مالك. رقم الحديث: 3940، جـ7، صـ61.
82() أَطْفَيَّش، تيسير التفسير، جـ1، صـ315.
83() المرجع السابق، جـ7، صـ324. (بتصرف)
84() المرجع السابق، جـ4، صـ284.
85() المرجع السابق، جـ3، صـ370.
86() المرجع السابق، جـ1، صـ148.
87() المرجع السابق، جـ3، صـ370.
88() المرجع السابق، جـ9، صـ20- 21.