مجلة العلوم الإسلامية

وسطية القرآن الكريم في تعامله مع ظاهرة الطلاق

The centrality of the Quran in dealing with the phenomenon of divorce

Khaldia abdelkader benyamina

Faculty of Arts || Ahmed ben bella- 1- university oran || algeria

DOI PDF

Tab title
I have tried through my studies to appreciate the efforts of researchers who dealt with the issue of divorce, summarize the sum of their ideas in it or more remind us of our youth and those concerned with the danger of divorce, which has become a strange phenomenon, and an unusual event razed the body of our Muslim society or nearly, despite the existence of what it organizes and limits In the Holy Quran, which emphasized the moderation and moderation in the management of human affairs and the universe, as the provisions and laws surrounded by the Koran divorce aims to maintain human relations based on housing and affection and mercy, and restrict or narrowing the circle of divorce by specifying the number Shots and staging them, and limit the causes and disobedience B who tamper with it and exceed the limits of God, and follow him by restricting and paid by the provisions of the kit and the expense of mediation mediated by divorce and made them a tool of reconciliation and treatment and review more than the tool of separation and division and destruction, without arbitrariness in the kit prolongation of , And in the expense of the husband’s insolvency to spend above the cost itself, as well as that the Holy Quran was an average when equated between the parties to the marriage in the request for divorce, and fought Nchuz which disturbs her life and leads to divorce, preventive steps and stages of reform distancing the sex from The power of masculinity and the language of conflict, and remove women from humiliation and humiliation, and maintain the relationship between parents Children. The centrality of the Quran and the moderation of Islam in dealing with divorce are based on its miraculousness, which does not leave a minor or a large one except that it is counted. He did not prohibit divorce so as not to be extreme, and he did not give him absolute permission so as not to be unjust. He was between the custodian of the conditional marriage And he maintained the sanctity of the human relationship in the event of separation between the spouses. He was merciful to the man and he is marrying him, and he is also merciful to him, and he is authorized to divorce him, and he is merciful and he hates this divorce. Keywords: The holy Quran – Divorce- The kit –Eloping- Tradition- Magistrate.

وسطية القرآن الكريم في تعامله مع ظاهرة الطلاق

خالدية عبد القادر بن يمينة

كلية الآداب والفنون || جامعة أحمد بن بلّة– 1- وهران || الجزائر

Tab title
لقد حاولت من خلال دراستي أن أثمّن مجهودات الباحثين الذين تناولوا موضوع الطلاق، وألخص مجموع أفكارهم فيه أو أزيد بتذكير شبابنا والمعنيين بخطورة الطلاق الذي أضحى ظاهرة غريبة، وحدثا غير عادي نهش جسد مجتمعنا المسلم أو كاد، بالرغم من وجود ما ينظمه ويحدّ منه في القرآن الكريم الذي أكد على وسطيته واعتداله في تدبير شؤون الإنسان والكون، ذلك أن الأحكام والقوانين التي أحاط بها القرآن الكريم الطلاق تهدف إلى صون العلاقات الإنسانية المبنية على السكن والمودة والرحمة، وتقيد أو تضيق من دائرة الطلاق بتحديد عدد طلقاته والتدريج فيهما، وحصر أسبابه وعقاب من يعبث به ويتعدى حدود الله، وإتباعه بما يقيده ويدفع به من أحكام العدّة والنفقة التي توسط بهما الطلاق وجعل منهما أداة صلح ومعالجة ومراجعة أكثر من أداة انفصال وفرقة وهلاك، دون أن يتعسف في العدة بإطالة مدّتها، وفي النفقة بإعسار الزوج على الإنفاق فوق ما تكلف نفسه، فضلا عن أن القرآن الكريم كان وسطيا حين ساوى بين طرفي الزوجية في طلب الطلاق، وحارب فيهما النشوز الذي يعكّر صفو حياتها ويؤدي إلى الطلاق، بخطوات وقائية ومراحل إصلاحية تنأى بالجنسين عن سلطة الذكورة ولغة الصراع، وترفع عن المرأة الهون والإذلال، وتحفظ علاقة التواصل بين الآباء والأبناء. إنّ وسطية القرآن الكريم واعتدال الإسلام في تعامله مع الطلاق تنم على إعجازه الذي لا يغادر صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها، فهو لم يحرّم الطلاق حتى لا يكون متطرفا، ولم يبحه إباحة مطلقة حتى لا يكون ظالما، كان بين بين حافظ على قدسية الزواج المشروط بالرضا والسكينة، وحافظ على قدسية العلاقة الإنسانية حال الانفصال بين الزوجين، لقد كان رحيما بالإنسان وهو يسنّ له الزواج، ورحيما به أيضا وهو يرخص له الطلاق، وأرحم وهو يبغض هذا الطلاق. الكلمات المفتاحية: القرآن، الطلاق، النشوز، تقييد، عرى الزوجية. التدريج.

مقدمة:

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد خير البشرية المبعوث رحمة وهدى للعالمين.

أهمية الدراسة وأهدافها:

إنّ الأمة هي نسيج معارف وثقافات تتباين من خلال معادلة الإنسان والمكان والتراب التي لا يمكن أن نشيد بها الحضارة إلا إذا خضعت لتقييم شامل لهذه المعادلة، يبدأ أساسا بتكوين الإنسان الرشيد، ومدى تحصيله لمجموع المعارف والأفكار والسلوكيات، ليحقق مبدأ انتمائه الجماعي عبر حلقات التأثير والتأثر الوسطي.

وإذا كان الجنسان(الذكر والأنثى) يختلفان من حيث التركيب الفيزيولوجي والبسيكولوجي مما اصطلح عليه علماء الأحياء وأثبته المنطق، فإنه لا يعني إطلاقا وجود تنافر في تأدية الأدوار، وتنفيذ الوظائف وأثبات الحقوق والواجبات، كما لا يعني البتة انتفاء التتمة في جنس البشر التي يفرضها الواقع البشري ويقرها الحق، بالرغم من الجدليات العقيمة التي تجاهلت أن قيام مجتمع لا يكتمل إلا بقيام المرأة، وقيام المرأة لا يكون إلا بقوامة الرجل التي لا بد أن يفهم معناها القرآني حتى لا تتفشى فوضى العلاقات الإنسانية سيما الزوجية.

فالزواج في القرآن الكريم يقوم على التواد والسكن والرحمة، وليس على المتعة الجسدية، والمرأة كائن منحه الله تعالى: حقه الكامل في الوجود وحظه الوافر ماديا ومعنويا، وكرمه بالعناية والاهتمام بأن جعل له سورة من طوال السور هي سورة النساء، وليست ورقة يكتب فيها الرجل ما يشاء، أو لعبة يعبث بها كما يشاء، أو أثاثا يبتاعه متى يشاء بحجة الطلاق أو التطليق.

ظاهرة الطلاق التي استشرت في المجتمع العربي الإسلامي، فتنازع أفراده وفشلوا في إقامة العلاقات الإنسانية المبنية على المودة والرحمة والتكاثر، بالرغم مما جاء في الدين الإسلامي من أحكام وتشريعات لو التزم بها الإنسان لاستطاع أن يقيم لنفسه حياة مستقرّة آمنة، ولكنّه بات يقلّد بل يتغنى بحريّة الغرب الذي زرع فيه الفتنة والتهافت حول المادة، وإنكار البعث ويوم الحساب، والهروب مما سماه بالقفص الذهبي، ناسيا أنّ الزواج هو الميثاق الغليظ، وأنّ الطلاق أبغض الحلال إلى الله، وأنّ الدين الإسلامي هو الدين الوحيد عند الله الذي تطمئن به القلوب، وتتغدى العقول بآياته المعجزات ونظامه التعاملي والتكاملي والوسطي الذي يضمن الحد من استفحال ظاهرة الطلاق، ويدفع عن الإنسان خطر النرجسيات القاتلة والحريات الكاذبة.

إشكالية البحث:

تعاني المجتمعات الإسلامية؛ من تفشي مظاهر التشتت والتمزق الاجتماعي؛ ولعل أشدها فداحة ما وصلت إليه الأسرة وما آلت إليه المجتمعات التي تدّعي أنها مسلمة، وقد نصبت الطلاق مفخرة، وشعارًا للحرية الكاذبة، وبجانب ذلك فهناك قصور وتساهل لدى معظم المجتمعات المسلمة حول أبغض الحلال إلى الله؛ الطلاق، وأن الله ما أبغضه إلا تكريمًا للإنسان ورحمةً به، وتقديسا للعلاقة الزوجية التي يجب أن تتأسس على مبدأ الأمن والطمأنينة والرضا الذي يقيمه القرآن الكريم علاجًا، ويحض عليه بلغة واضحة لا تحتاج تأويلاً.

تتحدد مشكلة هذا البحث في الأسئلة الآتية:

  1. ما موقف الإسلام من الطلاق؟
  2. كيف تعامل الإسلام مع الطلاق في إطار تقديسه للعلاقة الزوجية؟
  3. ما هي التزامات الزوجين إزاء الأحكام التي أحاط بها القرآن الكريم دائرة الطلاق؟ وفيم تكمن وسطية القرآن الكريم وهو يقيد ويسعى للحد من ظاهرة الطلاق؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى تحقيق الآتي:

  1. توضيح موقف الإسلام من الطلاق.
  2. بيان كيف تعامل الإسلام مع الطلاق في إطار تقديسه للعلاقة الزوجية.
  3. تحديد التزامات الزوجين إزاء الأحكام التي أحاط بها القرآن الكريم دائرة الطلاق.
  4. إظهار وسطية القرآن الكريم وهو يقيد ويسعى للحد من ظاهرة الطلاق.

أهمية البحث:

تبرز أهمية البحث من أهمية موضوعه، ومن قلة الأبحاث التي تناولت الموضوع، وبذلك فمن المؤمل أن تفيد نتائج البحث على النحو الآتي:

  1. قد تفيد في زيادة الوعي بأهم الموضوعات الاجتماعية في الإسلام، وخصوصاً مسألة الطلاق، كظاهرة عالمية، وبيان أهمية الرجوع إلى قواعد الدين الله الإسلامي، إذ هو الكتاب الجامع المانع، الجامع لمعالم القوة والرحمة والهدى، والمانع مما يحط من قيمة العلاقة الإنسانية، ومن رسالة الإنسان التي كرّم بها وهي خلافة الله في الأرض.
  2. قد تفيد في بيان عظمة الإسلام، والتأكيد على أنّ الإسلام ما كرّم الرجل بالقوامة إلا ليصون المرأة ويحفظها من الانزلاق في براثن الهوى.
  3. من المؤمل أن يمثل البحث إضافة نوعية للمكتبة العربية؛ بما يفيد الباحثين في الموضوع وجميع المهتمين.

منهج الدراسة:

  1. استعنت في دراستي بقواعد المنهج التحليلي النقدي الذي يعنى بالتركيب والتفكيك والتحليل.
  2. التزمت في هذا المنهج بتعريف المصطلحات الفقهية اللغوية من مصادرها المعتمدة.
  3. توثيق المصادر والمراجع في الحواشي، وفي فهرس البحث، مبتدئة باسم المؤلف ثم اسم الكتاب حسب الحروف الهجائية.
  4. عزوت الآيات إلى مواقعها في السور بذكر اسم السورة ورقم الآية.
  5. خرّجت الأحاديث النبوية، وعزوتها إلى مصادرها.

الدراسات السابقة:

تناول موضوع الطلاق عدد كبير من الباحثين والمفسرين، وأسهبوا فيه أيّما إسهاب، منهم:

  1. الدكتور أحمد شاكر في كتابه نظام الطلاق“.
  2. روحية مصطفى أحمد في كتابها الآثار المترتبة على مخالفة قيود الطلاق السني“.
  3. الدكتور عادل صدقي في كتابه الطلاق ليس هو الحل“.
  4. الدكتور عماد عمر خلف الله أحمد في بحثه ظاهرة الطلاق –أسبابها وأثرها وعلاجها –في ضوء الهدي النبوي ، من مجلة مركز بحوث القرآن الكريم والسنّة النبوية، العدد الثاني، سنة 2015م.

وغيرها من الدراسات والبحوث العلمية التي كوّنت لدى العقل االبشري فكرة طيّبة عن أهمية اللجوء إلى نظام القرآن في علاجه لظاهرة الطلاق التي تعدت حدود الله.

الجديد في طرح الموضوع:

تناولت الموضوع بلمستي الخاصة، وفي ناحية ربما تختلف عن النواحي التي ركنها غيري من الباحثين الذين أقدّر جهودهم، وأشاركهم فيها، من أجل التذكير بالأدوات العلاجية للحد من استفحال ظاهرة الطلاق التي وجب التنوع والإكثار من معالجتها لخطورة دائها، وكلّ ذلك بوسطية القرآن الكريم، واعتداله، ورحمته.

فأزمتنا ليست أزمة أفكار ومنهج، إنها أزمة قراءة وتعامل مع النصوص.

خطة البحث:

بنيت دراستي المتواضعة على مبحثين، تناولت في المبحث الأول مفهوم الطلاق بين الإطلاق والتقييد، قسمته على ثلاثة مطالب، بعد تمهيد خصصته للتعريف بالطلاق لغة واصطلاحا، وحكمه، وأنواعه، تضمن المطلب الأول حصر أسباب الطلاق، والمطلب الثاني التدريج في الطلاق الطلاق مرتانوحكمة القرآن، أما في المطلب الثالث فوقفت على آيتي العدة والنفقة في الصلح، كما طرقت في المبحث الثاني إلى إعجاز القرآن في علاج ظاهرة النشوز عند الزوج والزوجة، لأختم بنتائج توّجتها ببعض التوصيات.

وفي الأخير أرجو أن يثمر عملي بما يفيد الفرد والمجتمع، فالسعادة أن ترى الفرحة في عيون الآخرين، وتكون أنت سبب هذه الفرحة. وبالله التوفيق والسداد.

المبحث الأول: مفهوم الطلاق بين الإطلاق والتقييد:

تمهيد:

لقد اختلف الفقهاء في تعريف الطلاق، وإن كان يحمل لغة معنى التخلية والإرسال(1).

حيث عرّفه الحنابلة بأنّه حلّ قيد النكاح(2)، وعرفته الحنفية بأنّه رفع قيد النكاح الثابت شرعا في المآل والمآل بلفظ مخصوص(3)، أما المالكية فعرفوه بأنه إزالة عصمة الزوجة بصريح لفظ، أو كناية ظاهرة، أو لفظ ما مع نيّة(4)، كما عرفته الشافعية بأنه حلّ عقدة النكاح بلفظ الطلاق ونحوه(5).

وجميع هذه التعريفات ترى الطلاق فكّاً، وحلاًّ، وإزالةً، ورفع قيد النكاح الصحيح بلفظ الطلاق.

كما قسم الفقهاء الطلاق حسب الأثر إلى:

  1. الطلاق الرجعي: وهو الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته التي نكحها نكاحا صحيحا، ودخل بها، ويحق له مراجعتها بين التطليقتين، لقوله تعالى: “الطَلاَق مَرَّتاَن فَإمْسَاك بمَعْروف وتَسْريح بإحْسَان(6).
  2. الطلاق البائن: وهو الطلاق الذي لا يملك فيه الزوج حق مراجعة زوجته التي تبين منه بينونة صغرى أو كبرى؛ فالبينونة الصغرى هي التي يحق للزوج فيها مراجعة زوجته بعقد جديد، ومهر جديد عند اكتمال العدة وبلوغ الأجل؛ أي بعد التطليقتين مصداقا لقول الله تعالى: “فَلاَ جنَاحَ عَلَيْهماَ أَنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظَنّاَ أَنْ يقيمَا حدودَ الله(7)، أماّ البينونة الكبرى فلا يملك فيها الزوج حق مراجعة زوجته ولو بعقد جديد، حتى تنكح رجلا آخر وتتطلق منه طلاقا صحيحا، لقوله تعالى: “فَإنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحلّ لَه حَتَّى تَنْكحَ زَوْجَا غَيْرَه(8).

واختلف الفقهاء في حكم الطلاق، ومشروعيته؛ حيث يرى القرطبي بأنّ الأصل فيه الإباحة، ويرى الكمال بن الهمام بأنه الحظر لحاجة، ويجد الكاساني أنّ الأصل في الطلاق الحذر والكراهة إلا لرخصة التأديب(9)، أمّا الغزالي فيرى أنه الحصر، إذا لم يكن فيه إيذاء بالباطل، ومهما طلقها فقد أذاها، ولا يباح إيذاء الغير إلا بجناية من جانبها أو بضرورة من جانبه(10).

وعليه، لما شاعت فوضى العلاقات الإنسانية، وخطّئ مفهوم الحرية، وتاهت المرأة في وحل المتعة الجسدية والاحتقار الجنسي، وضاع الأبناء، شاء الله سبحانه وتعالى: خالق الكون ومدبّره أن ينقذ الإنسان من البدعة والضلالة، ويهديه سواء السبيل، فسنّ له الزواج وكاد أن يفرضه، ورخّص له الطلاق، وكاد أن يحرّمه رحمة وتثبيتاً لعلاقة الزواج باعتباره دعامة الدين وأساس الكون.

وإن شدّد القرآن الكريم في أحكام الزواج التي تقوم على الرضا والسكن النفسي وعدم تعدي حدود الله، فإنه شدد أيضا على الطلاق بأحكام وتشريعات تنأى به عن المفهوم الخاطئ، وتصيب فيه هدف المودة والسكن الذي نص عليه القرآن الكريم في خلق الإنسان، وذلك حتى لا يطعن الزوج في قدسية الزواج فيطلق عنان الطلاق ناسيًا أنّه أمام طلاق وليس إطلاق، إذ الطلاق من الفعل طلّق الذي يقتضي المشاركة والمشاورة التي هي أساس العلاقات الإنسانية واستمرارها، كما يحمل معنى المبالغة والكثرة نظرًا لما ينتج عنه من أضرار لا حصر لها، فلا عيب إن لم ينجح الطلاق كعلاقة زوجية، ولكن العيب أن لا ينجح كعلاقة إنسانية.

ومن الأحكام التي حدّ بها القرآن الكريم الطلاق، وضيق بها من دائرته ما سوف نفصله فيما يأتي:

المطلب الأول: حصر أسباب الطلاق

من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق:

  1. الاختيار الخاطئ للطرف الآخر الذي يؤلف معه رباط الزوجية؛ فلا المرأة تختار الرجل الصالح الذي ترضى دينه وخلقه مصداقا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلاَّ تفْعَلوه تَكنْ فتْنَة في الأَرْض وفَسَاد كَبير(11)، ولا الرجل يختار المرأة الصالحة لقول رسول الله –صلى الله عليه وسلمعن أبي هريرةرضي الله عليه– : “تنْكَح المَرْأة لأرْبَع لمالها ولحَسَبها وجَمالها ولدينها فاظْفَر بذات الدين تَربَت يداك(12).
  2. انتفاء مبدأ المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، لقوله تعالى: “وَ لَهنَّ مثْلُ الذيْ عَلَيْهنَّ بالمَعْروف(13)، وقوله تعالى: أيضا: “وَعَاشرُوهنَّ بالمَعْرُوف فَإنْ كَرهْتموهنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَا وَيَجْعَل الله ُفيه خَيْرا كَثيرا(14).
  3. الإتيان بفاحشة مبيّنة، والخيانة الزوجية، لقوله تعالى: “وَاتَّقوا الله رَبّكمْ لَا تخْرجوهنَّ منْ بيوتهنَّ ولَا يَخْرجْنَ إلَا أَنْ يَأْتيْنَ بفَاحشَة مبَيّنَة (15)، وقوله تعالى: أيضا: ” قلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبّي الفَوَاحشَ مَا ظَهَرَ منْهَا وَمَا بَطَن(16).
  4. غياب شرط الرضا والباءة في الزواج لقول الرسولصلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن مسعود: “من اسْتَطاعَ منكمْ الباءَة فلْيتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَّض للبَصَر، وَأحْصَن للفَرَج، ومنْ لمْ يَسْتَطعْ فَعَليْه بالصَّوْم فإنَّه لَه وجَاء(17). والباءة هي القدرة النفسية والمادية على أداء واجب الزواج، وقوله تعالى: “وَخَلَقَ لَكمْ منْ أَنْفسكمْ أَزْوَاجا لتَسْكنوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكمْ مَوَدَّة وَرَحْمَة(18).
  5. تقصير الزوج، أو إهماله لقوامته على شؤون زوجته، وصون كرامتها، لقوله تعالى: “الرجَال قَوَّامونَ عَلَى النّسَاء بمَا فَضَّل الله بَعْضَهمْ عَلَى بَعْض وَبمَا أَنْفَقوا(19)“.
  6. وجود عيب من العيوب النفسية (الجنون)، أو العيوب الجسدية مثل الجب، العنّة، الخصاء (20). ويذهب ابن قيّم في قياسه إلى أنّ كل عيب ينفّر الزوج للآخر منه، ولا يحصل معه مقصود الزواج من الرحمة والمودة يوجب الخيار(21)

تلك الأسباب وغيرها يحصرها القرآن الكريم جميعاً في سبب واحد وهو أنّ الإنسان نسي في دوامة الطلاق أن يتّقي الله، ويتمسك بكتاب الله وسنته، ولا يتخذ آيات الله هزؤا حتى لا يضيع، لقوله تعالى: “وَ لَا تَتَّخذوا آيَات الله هزوَا وَاذْكروا نعْمَةَ الله عَلَيْكمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكمْ منَ الكتَاب وَالحكْمَة يَعظكمْ به وَاتَّقوا الله َ وَاعْلَموا أَنَّ الله َ بكلّ شَيْئ عَليم“. (22)

فالقرآن الكريم جاء؛ لينظم ظاهرة الطلاق بعدما كانت مجرد كلمة يتفوه بها الرجل، أو ورقة يعبث بها متى وكيفما شاء، ويحيطها بأحكام مزج فيها التشريع بالتربية الأخلاقية والأحكام العملية بالآداب النفسية؛ لقوله عزّ وجلّ: “سَيجْعَل الله بَعْدَ عسْر يسْرا(23)، ومَن يَتَّق اللهَ يَجْعَلْ لَه منْ أمْره يسْرا(24)، ويؤكد أنّ وجود المرأة مكمل لوجود الرجل، ولا يقلّ شأناً وفاعلية من دور الرجل إن الله سبحانه وتعالى: لم يشأ أن يحرم المرأة على زوجها هفوة حتى لا تأكل الحسرة قلبه، أو تطيح الندامة بفؤاده، فقد يكون الطلاق قد وقع منه في غمرة من الغضب بلا تقدير لعواقبه وانتباه إلى سوء منقلبه، أو تكون المرأة قد ركبها شيطان عقلها واستولى عليها زيف هواها فسوّلت لها الوساوس إساءة عشرة زوجها ليقوم بتطليقها، ثم رجعت إلى عقلها وفاءت إلى صوابها(25).

المطلب الثاني: الطلاق مرّتان وحكمة القرآن

رخص الله سبحانه وتعالى: للزوج الطلاق، وأنعم عليه فيه بتضييق دائرته بتطليقتين لقوله تعالى: ” الطَّلاق مَرَّتان فإمْسَاك بمَعْروف أَوْ تَسْريح بإحْسَان وَلا يَحلّ لَكمْ أنْ تأْخذوا ممَّا آتَيْتموهنَّ شَيْئا إلاَّ أَنْ يَخَافَا ألاَّ يقيمَا حدودَ اللَه فإْن خفْتمْ ألاَّ يقيمَا حدودَ اللَه فَلاَ جنَاحَ عَلَيهمَا فيمَا افْتَدَتْ به تلْكَ حدود َاللَه فَلاَ تَعْتَدوهــَــا وَمَنْ يَتَعَدَّ حدودَ اللَه فأولَئكَ هم الظَالمون(26).

حيث نهى الرجل أن يطلق دفعةً واحدة، أو طلقة واحدة، وأعد له عقاباً شديدا ًفي الطلقة الثالثة، وجعل بين التطليقتين مجالاً لتهدئة النفوس وتضميد الجراح الثائرة.

فتدرّج القرآن الكريم في إرشاد الرجل أن يطلق مرّة بعد مرّة تكمن في الحفاظ على حق الرجل في الرجعة، وصون كرامة المرأة، وتثبيت أواصر المودة، وتحقيق سلامة النسل، فإن تعدى الزوج هذه الرخصة والفسحة بين التطليقتين أخذ بجريرة نفسه وركب حموقته، روي أن رجلاً جاء ابن عباس فقال له: إنه طلق امرأته ثلاثا، قال مجاهد: فسكت ابن عباس حتى ظننت أنه رادها إليه، ثم قال: يطلق أحدهم فيركب الحموقة، يقول: يا بن عباس وإن الله سبحانه وتعالى: يقول (وَمَنْ يَتَّق اللهَ يَجْعَل لَه مَخْرَجَا) وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجا، عصيت ربك وبانت منك امرأتك(27).

وبالرغم من ذلك لم يشدد الله سبحانه وتعالى: على الإنسان، فأخذه بين وبين، علّه يجد في زوج آخر سكنه واستمراره، ولعل الطلاق عملية بتر تستلزم الإجراء لاجتناب فساد الجسم كلّه، أو فرقة يعرف فيها الزوج قيمة زوجه (تعرف قيمة الشيء عند فقده)، وحري أن يرجعا ويشيدا في زواجهما ما تقوّض؛ لأن ّ الزواج الصحيح يقوم على أساس الإيمان، فإدا استحال هذا الركن تصدّع البناء، وركب القلوب غبار العداء، وانتفى من النفوس حبّ اللقاء. قال تعالى: ” فَإنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحلّ لَه منْ بَعْد حَتَّى تَنْكحَ زَوْجَا غَيْرَه (28).

فالمراد بالآية كما قال ابن عباس، وغيره التعريف بسنّة الطلاق، وأن من طلق اثنتين فليتّق الله في الثالثة(29).

وهذا ما تبين من خلال قوله تعالى: (فإن طلقها) وهو شرط جازم يعقبه جواب شرط متصل بفاء الجزاء (فلا تحل له) التي تدل على لا حلية الزوجة بعد الطلاق البائن لزوجها الأول إلا بعد بضعة وقت (من بعد) حين يتم طلاقها من الزوج الآخر لتتحقق المراجعة الزوجية برضا الزوجة، وشرط إقامة حدود الله وتقدير مسؤولية الزواج. لقوله تعالى: ” فَلاَ جنَاحَ عَلَيْهماَ أَنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظَنَّا أَنْ يقيمَا حدودَ اللَه، وَتلكَ حدود اللَه يبَيّنهَا لقَوْم يَعْلَمون(30).

المطلب الثالث: العدة والنفقة آيتان للصلح(31)

إذا كان الطلاق مرّتانيحدّ من الفرقة بين الزوجين، ويفتح مجالاً لتهدئة النفوس، وردع وساوسها، وتذكيرها بميثاق الزواج الغليظ، فإنّ العدّة مرحلة أخرى تتقابل فيها كفتا الرجعة والبينونة، وفسحة تتوسط معادلة الاتصال والانفصال، وتصل بينهما، ومرفأ تستقر فيه الأنفس وتصطلح، بواسطة حكم تراعى فيه الحكمة والرشاد لاتخاذ القرار الحصيف فمتى كانا عدلين متجردين عن الهوى فإن رأيهما في إبقاء علاقة الزوجية أو فصمها واجب التنفيذ، فقد استكشفا الحقيقة واختبر الأمر، فحكمها غالباً هو الصواب(32)

ولا يتأسس هذا الصلح إلاّ على قبول ورضا الزوجين بمراجعة العشرة الزوجية، مصداقاً لقوله عزّ وجلّ: “الطَّلاَق مَرَّتَان فإمْسَاك بمَعْروف أَوْ تَسْريح بإحْسَان(33).

فعبارة (إمساك بمعروف) الواردة في الآية القرآنية كما يفسر الرازي تدل على وقوع الرجعة بالجماع؛ لأن الإمساك على النكاح إنّما هو الجماع وتوابعه من اللمس والقبلة ونحوهما، والدليل عليه أن من يحرم عليه جماعها تحريما مؤبدا لا يصلح له عقد النكاح عليها، فدلّ ذلك على أن الإمساك على النكاح مختص بالجماع فيكون الجماع ممسكاً لها، وكذلك اللمس والقبلة للشهوة والنظر على الفرج بشهوة(34).

أما (تسريح بإحسان) فهو إطلاق سراح زوجته مع ضمان حقوقها المشروعة لقاء ما حصل عليه من متعة وتعويضًا لكل ضرر ألحقه بزوجته ماديا كان أو معنويا، قال الله تعالى: “وإذَا طَلَّقْتمْ النّسَاءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهنَّ فامْسكوهنَّ بمَعْروف أَو ْسَرّحوهنَّ بمَعْروف ولاَ تمْسكوهنَّ ضرَارًا لتَعْتَدوا ومَنْ يَفْعَلْ ذَلكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه(35).

تلك هي القاعدة التي تبنى عليها الحياة الزوجية في القرآن الكريم فإن محيت آية المعروف فدبّت النفرة، وساءت العشرة واتّسع الصدع، وامتنع التوفيق سواء أكان سبيل ذلك الزوج، أم الزوجة، أوهما معا فما خير تلك الحياة، وما فضل البقاء عليها؟ وقد جعل الله الزواج مبعث الود والرحمة، لا سبيل التعس، وبؤس الحياة. لذلك أبيح الطلاق(36).

وقد قدرت مدة تربص المرأة (العدة) من خلال سياق الآية القرآنية والمطَلَّقَاَت يَتَرَبَّصْنَ بأنْفسهنَّ ثَلاَثَة قروء. وَلَا يَحلّ لَهنَّ أنْ يَكْتمْنَ ماَ خَلَقَ اللَه في أَرْحَامهنَّ إنْ كنَّ يؤْمن بالَّله واليَوْم الآخر وَبعولَتهنَّ أحَقّ برَدّهنَّ(37) بثلاثة أقراء أو ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، واستبراء الرحم لذوات الحمل.

واختلف في المراد بالقروء هنا، فقال عمر وجماعة كثيرة، المراد بالقرء في الآية الحيض، وقالت عائشة، وجماعة من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم المراد هو الأطهار وهو قول مالك، واختلف المتأولون في قوله تعالى: ” مَاْ خَلَقَ الله في أَرْحاَمهنَّفقال ابن عمر ومجاهد، وغيرهما هو الحيض والحبل فيها، ومعنى النهي عن الكتمان، النهي عن الإضرار بالزوج في إلزامه النفقة، وإذهاب حقّها في الارتجاع، فأمرن بالصدق نفيا وإثباتًا(38). في حين تقدر مدة تربص الأمة كما أخرج الأئمة الأربعة من خلال عموم الآية السابقة بقرأين لأنها على النصف من الحرة والقرء لا يتبعض فكمل لها القرآن(39).

ولعل طول مدة التربص المحددة بثلاثة قروء أو حيض يدل على طول زمن المهلة والاختيار(40)، حتى تفرغ العقول وتفكر القلوب وتدبر الأبصار، في حوار داخلي وخارجي يعتدّ فيه طرفا الزوجية؛ لأن ما شاب الحياة الزوجية من صراع وعاصفة يحتاج إلى جو من الهدوء والسكينة لمراجعة الوضع واختيار أحد الحلين؛ إمّا الإمساك والمراجعة القائمة على الرضا والصلح (المعروف)، أو التسريح الذي يتبعه الإحسان وتعويض الضرر ماديا ومعنويا لقاء ما حصل عليه الزوج من متعة، وتقديرًا لما بذلته المرأة طيلة الحياة الزوجية، لقوله تعالى: ” وبعولَتهنَّ أَحَقّ برَدهنَّ في ذَلكَ إنْ أَرَادوا إصْلاَحَا وَلَهنَّ مثْل الذي عَلَيْهنَّ بالمَعْروف وَللرّجَال عَلَيْهنَّ دَرَجَة وَالله عَزيز حَكيم (41).

وإلا يكون الطلاق البائن الذي لا تحلّ الزوجة فيه لزوجها بعد انقضاء العدة إلا بعقد جديد، وبعد نكاحها من رجل آخر وطلاقهما منه، قال تعالى: “فإنْ طَلَّقهَا فَلاَ تَحلُ لَه منْ بَعْد حَتَّى تَنْكح َزَوْجا غَيْرَه“. (42)

وإذا كان ضرر المرأة واقعا بالطلاق فهو في تطليقها حال الحيض أشد وقعا؛ ذلك لأن في هذه الحالة تكون الزوجة راغبة تائقة إذا كان أصل المحبة ثابتا. “(43)

فضلاً عن أن وقوع الطلاق في هذه الحال باعث على طول العدة، وبالتالي نفور الزوجة وتضررها. فالطلاق زمن طهر الزوجة بعد الجماع هو قرينة يقين من نوع العدة (القرء أو الحمل).

إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة، حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحسب من العدة، وإذا طلقت طاهرًا بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع، فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالقرء، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر ومعنى في ذلك هو تضررها بطول مدة التربص، فإن زمن الحيض والنفاس لو طلقت فيه لا يحسب من العدة(44) قال تعالى: “ياَ أيّهَا النَبيّ إذَا طَلَّقْتم النّسَاء َفَطَلّقوهنَّ لعدَّتهنَّ واحْصوا العدَّة وَاتَّقوا اللَهَ رَبَّكم ْلا َتخْرجوهنَّ منْ بيوتهنَّ ولَا َيخْرجْنَ إلاَّ أَنْ يَأْتينَ بفَاحشَة مبَيّنَة وتلْكَ حدود اللَه ومنْ يَتَعَد َّحدودَ الله فقَد ْظَلَم َنَفْسَه لاَ تَدْري لَعَلَّ اللهَ يحْدث بَعْدَ ذَلكَ أَمْرا (45)، فالخطاب هنا فيه نهي الرجل أن يطيل العدّة مضارة للزوجة، وأن يراجعها قرب انقضاء الأجل ثمّ يطلق بعد ذلك، فمعنى وبلغن أجلهنّقاربن؛ لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإمساك، ومعنى( امسكوهنّ) راجعوهنّ و(بمعروف) قيل هو الإشهاد، و( لا تمسكوهنّ ) أي لا تراجعوهنّ( ضرار )”(46).

إنّ الطلاق في القرآن الكريم سواء كان ُرجعياً أم بائنًاً يقع بالدخول وغيره، ويحفظ حقوق المرأة عند اكتمال عدتها في المسكن والمبيت ما لم تأت بفاحشة، وذلك ابتغاء الصلح بين الطرفين لقوله تعالى: ” وإذاَ طَلَّقْتم النسَّاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهنّ فَامْسكوهنَّ بمَعْروف أَوْ سَرّحوهنَّ بمَعْروف ولاَ تمْسكوهنَّ ضرَارا لتَعْتَدوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه(47).

ففي إحسان الزوج إلى من كانت زوجته عن طريق الإنفاق عليها بإتيان أجورها وكسوتها بالرضا والمعروف حكمة تدلّ على حرص القرآن الكريم على إثمار التواصل بين الزوجين حال فصلهما لعرى الزوجية، وزرع الطمأنينة والسكن الذي غاب في رباط الزوجية من جديد حتى تصفى القلوب، ويأنس الأبناء، وتقوم دعامة الكون في المودة والتعارف الذي خلق الإنسان لأجله، قال تعالى: ” لينْفقْ ذو سَعَة منْ سَعَته وَمَنْ قدرَ عَلَيْه رزْقُه فَلْينْفقْ ممّاَ آتَاه اللهُ لاَ يكَلّفُ الله ُنَفْسًا إلاَّ ماَ أَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عسْر يسْرَا(48)، وقال أيضا: “وَعَلَى المَوْلود لَه رزْقُهنَّ وَكسْوَتُهنَّ بالمَعْروف لاَ تكَلّف نَفْس إلّاَ وسْعَهَا لَا تضَارَ وَالدَة بوَلدهاَ وَلاَ مَوْلُود بوَلَده(49)، كما قال عزّ وجلّ: ” وَمَتّعوهنَّ عَلَى المُوسع قَدْره وَعَلَى المقْتر قَدْره مَتَاعَا بالمَعْروف حَقّا عَلَى المحْسنينََ (50)

هذا عن المطلقة، أما المرأة المتوفى عنها زوجها (الأرملة) فتقدير عدتها أربعة أشهر وعشر مصداقا لقوله تعالى: ” وَالذّينَ يتَوَفَّوْنَ منْكم ْوَيَذَرونَ أَزْوَاجا يَتَرَبَّصْنَ بأَنْفسهنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهر وعَشْرا فإذا بَلَغْن َأَجَلَهنَّ فَلَا جَناح َعَلَيْكم فيمَا فَعَلْنَ في أَنْفسهنَّ بالمَعْروف واللْه بمَا تَعْمَلونَ خَبير(51).

ففي عدة المرأة المتوفى عنها زوجها حكمة تنمّ على إعجاز القرآن الكريم ووسطيته في تعامله مع الزوجين، وحفظ مودة المرأة لزوجها، وتقدير مسؤولية الزواج إن هي تصرفت في حياتها وتزوجت مرة ثانية، وفي كلا الحالتين تحفظ قدسية الزواج؛ لأنّ في تربصها تجمع عواطفها؛ لتتأكد من استعدادها لأداء واجب الزواج وقائمة السكن والمودة.

ومنه، نجد أن القرآن الكريم تدرّج وتوسط في الأحكام المتعلقة بالعدّة والنفقة؛ فلم يرسل الطلاق مرّة واحدة، ولم يطل الفسحة بين التطليقتين حتى لا يضرّ بالطرفين، كما لم يطلق مقدار النفقة فجعله على قدر سعة الزوج، حتى يستطيع أن يؤدي واجب قوامته، ويضمن راحة واستقرار أبنائه وإحساسهم بالدفء العائلي وإن تفرّق الزوجان.

المبحث الثاني: إعجاز القرآن الكريم في علاجه لظاهرة النشوز:

لأن العشرة الزوجية قد تشوبها سوءات وعيوب سواء من جهة الزوجة أم الزوج يضطر الزوج في بعض الحالات إلى هجران زوجته عندما تزداد ضغوطات الأسباب المنفرة، كما تضطر الزوجة إلى النفور من زوجها. وحتى يحدّ الإسلام من أسباب إيقاع الطلاق سعى إلى معالجة هذا النفور أو النشوز بين الزوجين بأحكام وسطية تحاور الطرفين، وتدعو إلى تحكيم العقل والقلب معا تحت بناء واحد وهو ثنائية السكن والمودة.

المطلب الأول: نشوز الرجل

يأخذ نشوز الرجل من زوجته عدة أشكال تؤثر في نفسية المرأة سلبا، كأن يحلف على عدم مباشرة زوجته وجماعها باسم الإيلاء(52) الذي يختلف المفسرون في تعريفه، وإن كان يأخذ معنى الحلف على الزوجة بترك الجماع، وفي هذا الصدد يقول الطبري: “اختلافهم في هذا من اختلافهم في تعريف الإيلاء، فمن خصه بترك الجماع قال لا يفيء إلا بفعل الجماع ومن قال الإيلاء الحلف على ترك كلام المرأة أو على أن يغيظها أو يسوءها أو نحو ذلك لم يشترط في الفيء الجماع بل رجوعه بفعل ما حلف أنه لا يفعله(53). على ألا يعد الزواج موليا إن حلف على أقل من أربعة أشهر عند جمهور العلماء لقوله تعالى: ” للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر(54).

ونفاذ الإيلاء في القرآن الكريم يشترط أن يكون الزوج أهلاً لإيقاع الطلاق، وأن تكون المرأة محلا للطلاق، فمن آلى من مطلقته ً طلاقاً بائنا لم يتحقق منه الإيلاء، فإن كانت مطلقة رجعيًا كان موليا ًوعلى هذا لا يصح الإيلاء من الصبي والمجنون، لأنهما ليسا من أهل إيقاع الطلاق، كما لا يصح إيلاء الزوج من زوجته التي طلقها طلاقًا بائنًا (55).

ويرتبط أيضا بضرورة وحاجة ماسّة دعت إليه كأن يكون علاجًا نافعاً في بعض الحالات للزوجة الشامسة المستكبرة المختالة بفتنتها على إغراء الرجل وإذلاله أو إعانته، كما يكون فرصةً للتنفيس عن عارض سأم، أو ثورة غضب تعود بعده الحياة أنشط وأقوى(56).

قال تعالى: ” للَّذينَ يؤْلونَ منْ نسَائهمْ تَرَبّص أرْبَعَة أشْهر فإنْ فَاءوا فإنَّ اللهَ غفور رَحيم، وإنْ عَزَموا الطَّلاَقَ فإنَّ اللهَ سَميع عَليم(57).

فالخطاب في هذه الآية الكريمة موجه للأزواج الذين يهتمون بمسألة الإيلاء، ويقضون بها بأن يجعلوا له مدة أربعة أشهر عدة للزوج يكون فيها اختيار الرجعة أو العزم على الطلاق؛ لأن هذه المدة أكرم للزوجة وأعف وأصون، وأروح للزوج كذلك وأجدى، وأقرب إلى العدل والحد في هذه العلاقة التي أراد الله بها امتداد الحياة لا تجسيد الحياة (58).

وإذا كان الإيلاء حلفا يقع على المرأة المطلقة طلاقا رجعيا، كما يقع على المرأة غير المطلقة باتفاق العلماء عدا المعتدة من طلاق بائن، فإنه لا تكفي عدة أربعة أشهر لنفاذ الإيلاء، فمسّ الرجل لزوجته أيام التربص يبطل الإيلاء، ويوجب على الزوج كفارة اليمين(59) فقد جاء إن للأزواج الذين يحلفون على ترك قربان زوجاتهم أن ينتظروا أربعة أشهر فإن فاءوا وعادوا إلى الاتصال بزوجاتهم قبل مضي المدة فعودهم هذا يكون توبة منهم عن الذنب الذي اقترفوه في حق زوجاتهم، فالله يغفر لهم بالكفارة عنه، أما أصر الأزواج على تنفيذ يمينهم واستمروا على هجر زوجاتهم فلم يقربوهن حتى مضت المدة المذكورة (أربعة أشهر) فإن ذلك يكون منهم إصرار على الطلاق فيكون إيلاؤهم طلاقا(60).

لتعتد الزوجة المولى منها كما ذهب الجمهوركسائر المطلقات لأنها مطلقة(61).

ومنه لم يطلق القرآن الكريم حبل الإيلاء للزوج، بل بين له حكما مغايرا لما كان في الجاهلية من تحريم الزوج زوجته عليه تحريما مؤبدا يؤذيها به يضرها، وقيده بضرورة ملحة تستدعي حل الرباط الشرعي وتستحيل معها الحياة الزوجية وأوضح أن حكم من لم يرجع عن يمينه ويعود إلى زوجته الإثم في الآخرة والحكم بالطلاق أو الانفصال في الدنيا.

كما يقع نشوز الزوج عن طريق الظهار الذي أنكره الإسلام واعتبره يمينا مكفرة رحمة من الله تعالى: ، بعد ما كان طلاقا في الجاهلية مصداقا لقوله تعالى: “وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكمْ اللَائي تَظَّاهَرونَ منْهمْ أمَّهَاتكمْ(62).

وقد عرّف ابن عرفة رحمه الله الظهار بأ نّه تشبيه زوج زوجته ذي أمة حل وطؤه إياها بمحرم منه أو بظهر أجنبية في تمتعه بهما والجزء كالكل والمعلق كالحاصل(63).

والظهار واقع على الزوجة المدخول بها أو غير المدخول بها، ولا تحل الزوجة المظاهر منها لزوجها حتى يؤدي كفارة حددها القرآن الكريم بتحرير رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا كغاية امتد إليها تحريم القول. قال الله تعالى: ” قدْ سَمعَ اللَه َقوْلَ التّي تجَادلُكَ في زَوْجهَا وتَشْتَكي إلَى الله وَاللهُ يَسْمَع تحَاوركمَا إنَّ اللهَ سَميع بَصير(64).

حيث روى أن خولة بنت دليج ظاهر منها زوجها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته كذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد حرمت عليه، فرفعت رأسها إلي السماء، فقالت إلى الله أشكو حاجتي إليه، وعائشة تغسل شق رأسه الأيمن، ثم تحولت إلى الشق الآخر، وقد نزل عليه الوحي، فذهبت أن تعيد، فقال: يا عائشة، اسكتي، فإنه قد نزل الوحي، فلما نزل القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها: اعتق رقبة، قال، لا أحد. قال صم شهرين متتابعين، قال: إن لم آكل في اليوم ثلاث مرات خفت أن يعشو بصري، قال: فأطعم ستين مسكينا، قال: فأعني، فأعانه (بشيء)(65).

و اختلف الفقهاء في معنى العود الوارد في قوله تعالى: ” الذينَ يَظَاهَرونَ منْكم ْمنْ نسَائهمْ مَا هنَّ أمَّهَاتُهمْ إنْ أمَّهاتهمْ إلاَّ اللَائي وَلَدْنَهمْ وَإنَّهُمْ لَيَقولونَ مُنْكرًا منَ القَوْل وَزُورا وإنَّ اللهَ لَغَفور رَحيم، وَالذينَ يَظَاهَرون َمنْ نسَائهمْ ثمَّ يَعودُونَ لمَا قَالوا فَتَحْريرُ رَقَبَة منْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَا ذَلكمْ تُوعَظونَ به وَالله بمَا تَعْمَلونَ خَبير، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَصيَّام شَهْرَيْن متَتاَبعَين منْ قَبْل أنْ يَتَمَاسَا ذَلكمْ توعَظُونَ به وَاللهُ بمَا تَعْمَلونَ خَبير، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَصيَّام شَهْرَيْن مُتَتَابعَيْن منْ قَبْل أنْ يَتَماَسَا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطعْ فإطْعَام ستينَ مسْكينَا ذَلكَ لتؤْمنوا بالله وَرسوله وَتلْكَ حدود الله وَللكَافرينَ عذَاب أَليم“. (66)

فمنهم من قال الوطء فإذا حنث فعليه الكفارة وهذا تأويل مخالف لأن الله تعالى: قال (فَتَحْريرُ رَقَبَة منْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا)، وقد روى سفيان عن أبن أبي نجيح عن طاوس قال، إذا تكلم بالظاهر لزمه، وروى عن ابن عباس أنه إذا قال أنت علي كظهر أمي لم تحل له حتى يكفر، وروى عن ابن شهاب وقتادة إذا أراد جماعها لم يقر بها حتى يكفر(67).

المطلب الثاني: نشوز المرأة:

إذا كان القرآن الكريم قد رخّص للرجل حق فسخ العلاقة الزوجية لعيب من العيوب، فإن المرأة باعتبارها طرفا أساسيا في عقد الزواج، لها الحق في طلب الطلاق من زوجها. هذا الحق الذي يسمى النشوز أو الخلع يقول الدكتور عبد الناصر العطار: ” ومسلك الشريعة الإسلامية في جعل الطلاق بيد الزوج لا بيد القاضي، في الأصل، أصح نظرا أو أولى بالعمل به لصالح المرأة ولصالح الرجل والأسرة، ذلك أن مفتاح بقاء الحياة الزوجية يجب أن يكون بيد الزوج في الأصل باعتباره هو الذي أنشأ الأسرة وهو القيم عليها والمسؤول الأول عنها، والمتكفل بالإنفاق عليها، فإذا طلق فلا يستساغ أن نفرض عليه زوجة لا يقبل التعاون معها، وبالتالي لا يتحقق في الأسرة السكن والمودة والرحمة، إذا أجبر القاضي الزوج الكاره على أن يستمر في الحياة الزوجية، وسنرى أن الزوجة الكارهة لا تجبر كذلك على الاستمرار في الحياة الزوجية، وبهذا عدلت الشريعة الإسلامية بينهما (68).

ولعل من بين الأسباب التي تدفع المرأة إلى النشوز ما جاء في الشرح الكبير بما نصه وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي نفسها منه (69).

والإسلام لا يرخص للمرأة حق الخلع إلا بناء على طرق إصلاحية تدريجية تعني باستبقاء العلاقة الزوجية، قال الله تعالى: “واللاَّتي تَخاَفُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعظوهنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجع وَاضْربُوهنَّ فَإنْ أَطَعْنَكمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيَهنَّ سَبيلاَ إنَّ اللهَ كَانَ عَليًّا كَبيرَا، وَإنْ خفْتمْ شقَاقَ بَيْنَهُمَا فَابْعَثوا حَكَما منْ أَهْله وَحَكَما منْ أَهْلهَا أَنْ يريدَا إصْلاَحًا يوَفّق الله بَيْنَهمَا إنَّ اللهَ كَانَ عَليمًا خَبيرَا (70).

فالخطاب هنا موجه إلى أولياء الأمر (الرجال) الذين تتوفر فيهم القدرة على الإصلاح بأسلوب تدريجي يبدأ بالعظة كمرحلة معنوية لتجنيد نفسي الزوجين، ثم مرحلة الهجران كعقوبة نفسية تمس المرأة في الصميم لا على أنها حرمان من لذة الجسد لبضعة أيام أو أسابيع فالمرأة تعلم أنها ضعيفة إلى جانب الرجل، ولكنها لا تأسى لذلك ما علمت أنها فاتنة له، وأنه غالبته بفتنتها، وقادرة على تعويض ضعفها بما تبعثه فيه من شوق إليها ورغبة فيها (71).

وأخيرًا مرحلة الضرب إذا خاب رجاء الزوج في الصلح على أن يكون الضرب غير مبرح ولا شائنا وذلك تأديبا للزوجة الناشز، وصونا لكرامتها من الهون والظلم والتأديب هنا لا يعد انتقاصا من حق المرأة بل حفاظا عليها في أسرتها وحتى لا تكون أبسط الأسباب سببا في الفراق استجابة لطلب المرأة التي قد يصدر كلامها في حالات انفعالية، بينما الرجل الذي أنفق وعليه الجهاز وكل المسائل من مهر وسواه سيتريث حكما على الأقل من الناحية المصلحية (72).

فمشروعية ضرب النساء كما يرى صاحب تفسير المنار ليست بالأمر المستنكر في العقل أو الفطرة فيحتاج إلى التأويل، فهو أمر يحتاج إليه في حال فساد البيئة وغلبة الأخلاق الفاسدة، وإنما يباح إذا رأى الرجل أن رجوع المرأة عن نشوزها يتوقف عليه (73).

وهذا لاجتناب قدر الممكن ما ينتج عن الطلاق من ضرر وضرار مصداقا لقوله تعالى: “وَلاَ تمْسكوهنَّ ضرَارا لتَعْتَدوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلكَ فَقَدْ ظَلَم َنَفْسَه وَلَا تَتَّخذوا آيات اللَه هزوا واذْكروا نعْمَةَ اللَه وَمَا أَنْزل عَلَيْكم ْمنَ الكتَاب والحكْمَة يَعظكم ْبه واتَّقوا اللَه َوَاعْلَموا أنَّ اللهَ بكلّ شَيْء عَليم (74). وقول رسول الله صلى الله عليه وسلمفي صحيح مسلم– : ” اتقُوا اللهَ في النسَّاء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرَهُونه، فإن فعلْن ذلك فاضْربوهن ضرباً غيرَ مبرّح “. (75)

هذه الأمور الثلاثة المتمثلة في الموعظة والهجران والضرب ينبغي أن يتدرج فيها، قال الله تعالى: “فَإن ْأَطَعْنَكمْ فَلاَ تَبْغُوْا عَليْهنَ سَبيلا(76)، أي فأزيلوا عنهم التعرض بالأذى والتوبيخ والتجني وتوبوا عليهن واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن بعد رجوعهن إلى الطاعة والانقياد وترك النشوز(77).

فضلا عن أنّ تدريجية القرآن الكريم في التعامل مع المرأة تستوفي مرحلة أخرى للصلح عن طريق بعث حكم رشيد من أهل الزوجين على أساس التراضي بين الزوجين (إنْ يريْدَا إْصْلاَحَا)، إلا إذا وقع الخوف من أن لا يقيما حدود الله ويطيعاه إن استمرت الحياة الزوجية بينهما، فاستخفاف المرأة بحق زوجها وعدم طاعتها له تجاوز لحدود الله، روى البخاري عن ابن عباس، أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ” يَا رَسولَ الله ثَابت بْن قَيْس مَا أَعْتَب عَلَيْه فيْ خُلُق ولاَ دين، ولَكنّي أَكْرهُ الكفْرَ عَلىَ الإسْلاَم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقْبَلْ الحَديقَة َوَطَلّقْهَا تَطْليقَةً(78).

ويحل محل الخلع ما يسمى في الشريعة (المبارأة)(79) وهو تنازل الزوجة عن صداقها مقابل طلاقها إذا لاحظت في زوجها إهمال واجباته الزوجية والإضرار بها؛ لأن الزواج عشرة بالمعروف، قال تعالى: “وَعاَشرُوهُنُّ بالمَعْرُوف، لذا من حق الزوجة أن تفتدي نفسها بما تبذله لزوجها، وقد عرف الفقهاء المباراة بأنها فراق الرجل زوجته ببدل يحصل عليه. ثم قال ابن تيمية: ” والله سبحانه لم يعين للفدية لفظ معين وطلاق الفداء طلاق مقيد ولا يدخل تحت أحكام الطلاق المطلق، كما لا يدخل تحتها ثبوت الرجعة والاعتداد بثلاثة قروء بالنسبة الثابتة“. (80)

وعليه، فالنشوز يعني الارتفاع على فطرة الزوجة وطبيعة تعاملها، لأنها ترفعت على زوجها، وحاولت أن تكون فوق رئيسها بل ترفعت أيضا عن طبيعتها وما يقتضيه نظام الفطرة في التعامل، فتكون كالناشز من الأرض الذي خرج عن الاستواء(81).

ويعني أيضا أن القرآن الكريم ساوى بين المرأة والرجل في حق الانفصال، فجعل للرجل الطلاق للخلاص، وأعطى للمرأة رخصة الخلع للراحة درءاً للمقت والضرر فإذا كان الطلاق حق الرجل للخلاص من هذا الوضع فالخلع حق المرأة للراحة منه وليس لأحد أن يكره المرأة، على البقاء في بيت مقتت صاحبه وأحست الضرر بجواره(82).

وهكذا نصّ القرآن الكريم على إبقاء الحياة الزوجية، وتقييد فرص الافتراق من الطرفين (الزوج والزوجة) إلا إذا استحال الصلح واتسعت الجفوة، وحصل الخلع الذي يكفي عدة حيضة واحدة للمختلعة كما حددتها الشريعة الإسلامية لبراءة رحمها من الحمل (الاستبراء) على أساس عدم وجود رجعة بين الزوجين.

ولو أن الزوجة في الأصل مطالبة بطاعة زوجها، ولحرص الإسلام على أن يكون الزواج مبنيا على المودة والتراضي والالتئام، فإن الله سبحانه وتعالى: ” لما شاء أن يسند النشوز إلى النساء إسنادا يدل على أن من شأنه ألا يقع، ففي هذا التعبير تنبيه لطيف إلى مكانة المرأة وما هو أولى في شأنها وإلى ما يجب على الرجل من السياسة لها وحسن التلطف في معاملتها (83).

المطلب الثالث: تعدد الزوجات

لقد رخّص الله سبحانه وتعالى: للرجل حال تفاقم النشوز بينه وبين زوجته سيما إذا نتج عن زواجهما أبناء تعدد الزوجات من خلال قوله تعالى: “وإنْ خفْتم ْألّاَ تقْسطوا في اليَتاَمَى فَانْكحُوا ما طَابَ لَكم ْمنَ النّسَاء مَثْنَى وثلاَث ورُباَع فإنْ خفْتم ْألّاَ تَعْدلوا فَواحدَة أوْ مَا مَلكَتْ أيْمَانُكُمْ ذَلكَ أَدْنَى ألّاَ تَعُولوا(84)، ليكون حلا وسطا يحدّ من الطلاق، ويحافظ على رباط الزواج من الاندثار شرط العدل بين الزوجات حتى لا يهرب من الطلاق إلى الطلاق.

ذلكم ما يدل على إعجاز القرآن الكريم في علاجه لظاهرة النشوز.

خاتمة الدراسة:

من النتائج التي توصلت إليها:

  1. لقد احتاج الإنسان منذ البدء إلى إقامة علاقة إنسانية مستقرة، وكان يحن ّفي فوضى النكاحات الباطلة، والعلاقات غير الشرعية إلى الأمن والسكينة، فجاء الإسلام لينقذه من هذه البدع والضلالات، ويبصره بطريق النجاة.
  2. سنّ الله تعالى: للإنسان الزواج ليؤمّن به حياته ويوسّعها، ويحصّن فرجه ويخلصه من العقاب.
  3. إذا انتفى شرطا السكينة والتكاثر من الزواج ما فائدة أن نبني أجيالا على أساس متصدّع.
  4. ما فائدة أن نبعد في تفكيرنا بالطلاق حلّ تعدد الزوجات، فلعلّه أهون من الانفصال.
  5. لقد كان القرآن الكريم وهو يتعامل مع الطلاق حكيمًا ومعجزًا، وحكمته وإعجازه في مجموع الأحكام التي أصدرها للحدّ من الطلاق، وتضييق دائرته، وحصر أسبابه فيما يوقع الضرر ويمنع حصول شرط الألفة والمودّة.
  6. كان القرآن الكريم وسطيا وحكيما أيضا في علاجه لظاهرة النشوز عند الزوجين بخطوات علاجية وقائية، ومراحل غايتها الصلح بين الطرفين.
  7. تحديد عدد الطلقات (الطلاق مرّتان)، وفسحة العدّة، ووجوب النفقة آيات إعجاز الله تعالى: في علاجه للطلاق، وتنصيب العلاقة الإنسانية فوق أي اعتبار.
  8. إنّ الأصل في أحكام الطلاق تعظيم الزواج وتقديسه، فإن التزم الزوجان وحافظا على هذه القدسية لا يمكن أن تؤول حياتهما إلى ثلاثية الطلاق والعدة والنفقة، لأنّ الله تعالى: شاء أن تتكاثر المعمورة لا أن تتنافر.
  9. وسطية القرآن الكريم واعتداله تدعو إلى التأمل والتدبر في إبداع الخالق اللامتناهي، ورحمته التي وسعت كل شيء.
  10. لقد أخذت المرأة في تعامل القرآن الكريم مع ظاهرة الطلاق حظها الوافر، ومكانها المرموق، فهي مكملة لمفعول الرجل في بناء الحضارة، وتشييد الإنسان الذي علّم الأسماء كلّها حتى لا يتيه في ظلمات الشيطان. ترى المرأة أداة فاعلة وكرامة ًمحفوظة ًوجسد الأمة، فالعمل مشترك بين الجنسين الذين خلقهما الله تعالى: ليتكاثرا ويتوادا ويسكن الواحد الآخر، لا ليتصارعا في حلبة من هو الأفضل، ذلك الأفضل الذي تحتاجه كل أمة تسعى لصنع جيل رشيد يحافظ على قدسية الزواج ومفتاح الجنة والوقاية من النار.

التوصيات والمقترحات:

  1. لا بد على طرفي العلاقة الزوجية وهما يختاران الطلاق أن يسعيا إلى الصلح، فالصلح قائم بين الطرفين لا من طرف واحد ولو إلى حين، وكل إنسان خطّاء.
  2. واجب كل زوج أن يصلح زوجته ويصبر على إصلاحها من أجل أن ينال الجنة، جنة الله تعالى: في تكوين عائلة فاضلة، وولد صالح يدعو له. فهل يوجد منا من لا يختار دخول الجنة التي خلق ابن آدم لأجلها.
  3. إن السعادة الحقة حاصلة في الزواج الصحيح، لافي الصراع والأنانية، وقائمة فينا ونحن نفتش عنها، فإذا أردت أن تتزوج فاختر الصالح، وإن كتب عليك مالم تحب فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
  4. إن أخطأت اختيار امرأتك فأحسن اختيار أبنائك بتربيتهم، وفتّش عن إصلاح ما تراه خطأ في زوجك، لأن في كل نفس نسمة خير، ابحث عنها، وسر منها لتنال فيها أجرًا عظيما، فما الحياة الدنيا إلا متاع غرور.
  5. ابتعد قدر الإمكان عن الطلاق المبغوض عند الله العلي العظيم، لأنه يشتت الأجساد وينهك النفوس ويجمّد العقول، ولا تترك لباب بيتك الروحي فراغا يلج منه الشيطان، وإن دخله فتغلب عليه بقوامتك، وتغلبي عليه أيتها المرأة بحكمتك وحيائك. لأنك أمام كتاب القرآن الكريم المعجزة الإلهية التي إن تمسكت بها لن تضل أبدا، كتاب أحلّ الطلاق وهو يبغضه، وجعل له أحكاما وقيودا رحمة للإنسان، وحفاظا على حريته الحقيقية التي تكمن في تشييد حصن زوجي قائم على السكن والرحمة، وتعظيما لمكانة ابن آدم الذي كرّمه الله بخلافته.
  6. فلتحافظ أيها الزوج على هذه الأمانة بتأديتها أحسن أداء، وطاعة الله مدبّر الكون والقادر عليه، سبحانه في حكمه وملكوته، وعجبا من إنسان يهلك نفسه ويأبى رحمة الله.

قائمة المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم
  • الحديث الشريف
  1. ابن باز، عبد العزيز، مجموعة ثلاث رسائل، ط2المملكة السعودية، مطابع التراث1983.
  2. ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، مجموع فتاوي ابن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 1995.
  3. ابن قدامة موفق الدين محمد عبد الله أحمد بن محمد، المغني على الشرح الكبير، ج1، ط1دارالحديث، القاهرة، ص82.
  4. ابن كثير الحافظ، تفسير القرآن العظيم، للطباعة والنشر، ط1، 1980.
  5. ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، باب طلق، دار صابر، 2003م.
  6. أبو العينين بدران، الزواج والطلاق في الإسلام، مؤسسة شباب الجامعة، القاهرة. 1985.
  7. البيضاوي، تفسير البيضاوي، ج1مطبعة مصطفى محمود، مصر.
  8. بيضون تغاريد، المرأة والحياة الاجتماعية، في الإسلام، دار النهضة العربية، بيروت، 1985.
  9. الثعالبي عبد الرحمن، الجواهر الحسان، تحقيق عمار الطالبي، الجواهر الحسان، ج 1، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر.
  10. الجزيري عبد الرحمن، الفقه على المذاهب الأربعة، دار إحياء التراث العربي. ط1، بيروت. 1969م.
  11. الجصاص الحنفي، أحكام القرآن. ج3، التزام عبد الرحمن محمد، المطبعة البهية، 1347ه.
  12. الدردير أحمد، الشرح الكبير على حاشية الدسوقي، عيسى البابي الحلبي.
  13. الرازي أبو بكر بن علي، أحكام القرآن، دار الكتاب العربي، بيروت.
  14. رشيد رضا محمد، حقوق النساء في الإسلام، مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة، ط2، 1985.
  15. الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي الحنفي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ج3دار النشر
  16. السحمراني أحمد، المرأة في التاريخ والشريعة، دار النفائس، ط1، بيروت. 1984.
  17. الشربيني، محمد الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ج3، دار النشر المطبعة الكبرى الأميرية، القاهرة، ط، 1، 1313ه.
  18. الشوكاني محمد بن علي بن محمد، نيل الأوطار، دار الجيل، بيروت.
  19. الصابوني محمد علي، صفوة التفاسير، دار الصابوني للطبع، القاهرة.
  20. طبارة عفيف عبد الفتاح، روح الدين، دار العلم للملايين، ط2، بيروت.
  21. عبد الواحد مصطفى، الأسرة في الإسلام، مكتبة دار العروبة. القاهرة 1961.
  22. عبد الواحد وافي علي، المرأة في الإسلام. مكتبة غريب. القاهرة
  23. عساف أحمد محمد، الأحكام الفقهية في المذاهب الأربعة، م1 دار إحياء العلوم، ط2، بيروت.
  24. العقاد عباس محمود، الفلسفة القرآنية، مكتبة رحاب، الجزائر.
  25. علي محمد، الطلاق في الإسلام. تر: حبيبة يكن. ط2، بيروت. منشورات المكتبة العضوية.
  26. عمارة يس عماد محمد، حركة تحرير المرأة في ميزان الإسلام. دار اليقين للنشر والتوزيع. المنصورة. ط1. 2003.
  27. الغزالي أبو حامد، إحياء علوم الدين، ج2 ترجمة سيد إبراهيم، دار الحديث.
  28. الغزالي محمد، مائة سؤال عن الإسلام. ط1الجزائر. 1999.
  29. الفضيلات جبير محمود، أحكام الظهار، شركة شهاب، الجزائر.
  30. قطب سيد، في ظلال القرآن، دار الشروق، ط2، القاهرة، 1981.
  31. الكبيسي أحمد علي، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء، ج1. مطبعة عصام، بغداد.
  32. لجنة من الباحثين، في قضايا المرأة، مؤسسة ناصر للثقافة، بيروت. 1980.
  33. مربوينجر محمد نور الدين مكي. الحيض والنفاس، دار الكلم الطيب، ط2، بيروت.
  34. النفراوي، الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا، الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني، ج3، ط3، عيسى البابي وشركاه، القاهرة، 1955م.
  35. الهاشمي محمد فؤاد، الأديان في كفة الميزان، دار الكاتب العربي، مصر.

1) ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، ص. 138

2) ابن قدامة موفق الدين، المغني على الشرح الكبير، ج 1ص. 82.

3) الزعبلي، فخر الدين عثمان بن علي الحنفي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ح3 ص20.

4) النفراوي، الشيخ أحمد بن غنيمبن سالم بن مهنا، الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني، ج3ص57

5) الشربيني بن زكريا أحمد بن محمد فارس، معجم مقاييس اللغة، ج3ص. 420

6) سورة البقرة: . 229

7) سورة البقرة: . 230

8) سورة البقرة: . 230

9) أحمد عبيد الكبيسي، ص 293.

10) الغزالي، أبو حامد، إحياء علوم الدين، ص 87

11) الراوي أبو حاتم المزني، المحدث الترمذي، المصدر سنن الترمذي، الجزء أو الصفحة: 1085

12) صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، الجزء رقم. 3

13) سورة البقرة: 228

14) سورة النساء: 19

15) سورة الأحزاب: 1

16) سورة الأعراف: 33.

17) رواه البخاري، الراوي عبد الله بن مسعود، أفق: 4704، العزو: (5065)

18) سورة الروم: . 21

19) سورة النساء: 34

20) عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، ص246. *الجبّ: هو قطع الذكر، وما بقي منه لا يكفي الجماع. العنّة: هي عجز الرجل عن الجماع لأسباب نفسية أو مرضة. الخصاء: هو سلّ الخصيتين، والذكر.

21) أحمد عبيد الكبيسي، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء، ص293.

22) سورة البقرة: . 231

23) سورة الطلاق: 07.

24) سورة الطلاق: 04.

25) بيضون تغاريد، المرأة والحياة الاجتماعية في الإسلام. ص125.

26) سورة البقرة: 229.

27) الجصاص الحنفي، أحكام القرآن، ص452.

28) سورة البقرة: 230.

29) الثعالبي عبد الرحمن، الجواهر الحسان، ج1، ص213

30) سورة البقرة: 230.

31) العدّة: أجل حدده الشرع للمرأة التي حصلت الفرقة بينها وبين زوجها بسبب من الأسباب تمتنع عن التزوج فيه بغير زوجها الأول. أو هي مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو لتفجعها على زوج. من الشرح الصغير لعبد الرحمن بن قدامة المقدسي، 2/671. أما النفقة فهي قدر الكفاية من الإطعام، والكسوة، والمسكن، وما يحتاج إليه. منشرائع الإسلام للمحقق الحلي، ج2، ص297.

32) مصطفى عبد الواحد، الأسرة في الإسلام، ص 141.

33) سورة البقرة: 229

34) الرازي أبو بكر، أحكام القرآن، ص460.

35) سورة البقرة: 231

36) في قضايا المرأة، لجنة من الباحثين، ص236.

37) سورة البقرة: 228.

38) الثعالبي عبد الرحمن، م س ص. 212

39) ابن كثير الحافظ، تفسير القرآن العظيم، ص269.

40) الصابوني محمد علي، صفوة التفاسير، ص382.

41) سورة البقرة: 228.

42) سورة البقرة: . 230

43) طبارة عفيف عبد الفتاح، روح الدين، ص381.

44) مربوينجر محمود نور الدين، الحيض والنفاس، ص70.

45) سورة الطلاق: 01.

46) الثعالبي عبد الرحمن، م س ص 216.

47) سورة البقرة: 231.

48) سورة الأحزاب: 07

49) سورة البقرة: 233

50) سورة البقرة: 235

51) سورة البقرة: 234

52) الإيلاء: في اللغة الحلف، وفي الشرع الحلف الواقع من الزوج أن يطأ زوجته وهو محرم، لأنه يمين على ترك واجب. من نيل الأوطار، كتاب الإيلاء، لمحمد بن علي الشوكاني، ط1، 1993.

53) محمد بن علي بن محمد الشوكاني، نيل الأوطار، ص51.

54) سورة البقرة: 226.

55) بدران أبو العينين بدران، الزواج والطلاق في الإسلام، ص416.

56) سيد قطب، في ظلال القرآن، ص357.

57) سورة البقرة: 26.

58) سيد قطب، مس ص 358.

59) كفارة اليمين: إذا فاء الزوج أي رجع عما حلف على ترك وطء زوجته، سواء كان فيؤه قبل الأربعة أشهر أم بعدها؛ لأنّ الإيلاء يمين.

60) أبو العينين بدران، الزواج والطلاق في الإسلام، ص417.

61) أحمد محمد عساف، الأحكام الفقهية في المذاهب الأربعة، ص397.

62) سورة الأحزاب: 04.

63) جبير محمود الفضيلات، أحكام الظهار، ص 8.

64) سورة المجادلة: 01.

65) الجصاص، م س، ص 513، مصدر الحديث الشريف: دخيرة الحفاظ، المحدث: ابن القيسراني، الصفحة والرقم: 638/2.

66) سورة المجادلة: 02- 04.

67) الجصاص، نفسه ص 516.

68) عماد محمد عمارة يس، حركة تحرير المرأة في ميزان الإسلام، ص316.

69) عبد العزيز باز، مجموعة ثلاث رسائل، ص167.

70) سورة النساء: 34- 35.

71) العقاد عباس محمود، الفلسفة القرآنية، ص 69، 68.

72) رشيد رضا محمد، حقوق النساء في الإسلام، ص167.

73) عمارة محمد، الأعمال الكاملة لمحمد عبده، ص210.

74) سورة البقرة: 231.

75) الراوي: جابر بن عبد الله، المحدث: ابن جرير الطبري، المصدر: تفسير الطبري، الصفحة والرقم: 392 /2/3.

76) سورة النساء: 34.

77) البيضاوي، تفسير البيضاوي، ص85.

78) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب الخلع. الصفحة أو الرقم: 5273.

79) المبارأة: “لفظ المبارأة بالهمزة، وقد تقاب ألفا، وأصلها المفارقة“. أنظر في كتاب كفاية الأحكامللسبزاري، ج2، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1423، 1ه، ص378.

اصطلاحا: هي أن تبرئه المرأة من حقوقها عليه ليخلي سبيلها، فيطلقها على هذا الشرط تطليقة واحدة في طهر بمحضر من رجلين مؤمنين عدلين، انظر في كتاب أحكام النساء، للمفيد، محمد بن محمد، كنكرة جهاني هزاره، ط1، ص45.

80) ابن تيمية، مجموع فتاوي ابن تيمية، ص155.

81) محمد رشيد رضا، المصدر السابق، ص 38.

82) محمد الغزالي، مائة سؤال عن الإسلام، ص 401.

83) أحمد السحمراني، المرأة في التاريخ والشريعة، ص 168.

84) سورة النساء: . 03