مجلة العلوم الإسلامية

حكم تكرار الأذان ثلاثاً إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة عند المالكية

Provision of repeating the Azaan three times if the Imam settled on the Membar on Friday in Malikite school

Amara Saad Chandoul

University of Sfax || Tunis

Higher Institute of Islamic Civilization || Al-Zaytoonah University || Tunis

DOI PDF

Tab title
In the Arab Maghreb countries, the matter took place in Friday’s azaan, that if the imam settled on the Membar (pulpit) on Friday, they made al-Nida (called) for prayer three times. In recent years, there has been considerable controversy over the subject, as some public people have said that it only calls for a single call to the community, unlike what people used to do. Some enthusiastic young people have come to prevent the repetition of the prayers if the Imam is forced to sit down in the podium and to bequeath those who authorize it, and only if some of the muftis ruled that prayer should not be allowed in the mosque where it calls for three. The reason for studying the subject and investigating the truth was that, through this paper, we found that the azan’s call (al-Nida ) was three if the Imam was to be on the podium from the Sunnah, unlike what the people went to and understood, and that it was a matter of ignorance of the doctrine that people would change what was done without research and education. The researcher adopted the descriptive approach in the collection of texts. He used the analytical and deductive methodology in the whole knowledge. The research resulted that if the imam settled on the Membar on Friday, it is diferred to made al-Nida for prayer between being unique or repeating three times, and that both of the two opinions are really in itself. Infact, there are no provision for the validity of one and subtract the other. Keywords: Azaan, Calls (al-Nida), Repeating, Friday.

حكم تكرار الأذان ثلاثاً إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة عند المالكية

عماره سعد شندول

جامعة صفاقس || تونس

قسم الفقه || المعهد العالي للحضارة الإسلامية || جامعة الزيتونة || تونس

Tab title
جرى الأمر في دول المغرب العربي في أذان الجمعة أنهم إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة نادوا للصلاة ثلاثا. وظهر في السنوات الأخيرة جدل كبير حول الموضوع حيث أشهر بعض العامة القول بأنه لا ينادى للجمعة إلا نداء واحداً؛؛ خلاف ما اعتاد عليه الناس. ووصل الأمر ببعض الشباب المتحمسين حد منع تكرار الأذان إذا استوى الإمام على المنبر بالقوة وتبديع من يؤذن بذلك، ووجد أن حكم بعض المفتين بعدم جواز الصلاة في المسجد الذي ينادى فيه ثلاثا. فكان الدافع لدراسة الموضوع وتحرّي الحقيقة فيه، حيث تبين لنا من خلال هذه الورقة أن النداء ثلاثا إذا استوى الإمام على المنبر من السنة، بخلاف ما ذهب إليه القوم وتوهموا، وأنه من الجهل بالفقه أن يعمد الناس لتغيير ما جرى عليه العمل دون بحث ويقين. وقد اعتمد الباحث المنهج الوصفي في جمع النصوص الأدلة، إضافة إلى المنهج التحليلي، ومنهج الجمع بين المقاصد والنصوص. معتمدا على الأسلوب الاستدلالي والأسلوب الاستنتاجي في المسألة. وقد أفضى البحث إلى أن وصف الأذان إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة مختلف فيه بين أن ينفرد أو يكرر ثلاثا، وأنه من خلاف التنوع الذي يكون به كل الرأيين حقًّا في نفسه، دون أن يوجد ما يقضي بصحة أحدهما وطرح الآخر. الكلمات المفتاحية: الأذان، النداء، تكرار، الجمعة.

المقدمة:

الحمد لله، وما من شيء أحب إلى الله من الحمد. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ(1). وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما، أما بعد.

ففي الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة، حتى تحيا البدع وتموت السنن(2). وفي الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال بن الحرث أعلم قال ما أعلم يا رسول الله! قال: اعلم يا بلال، قال ما أعلم يا رسول الله؟ قال: من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا(3).

نسأل الله أن يوفقنا حتى نعلم ما به نحيي سننا لنبيه أماتها الجهلاء، ونسيها الغافلون.

مشكلة البحث:

يطرح البحث مسألة تكرار الأذان ثلاثا إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة عند المالكية، ليوضح أن لها دلائلها النقلية والعقلية وأنها من السنة وأنها بعيدة كل البعد عن البدعة الضلالة. وينتج عن هذا البحث الوقوف على دلالة بعض الألفاظ التي يختلف معناها عن المعنى الذي اصطلح عليه أهل هذا الزمان بحكم العادة كالأذان الذي يعني النداء والإقامة والمؤذن الذي هو المنادي ومؤذن المسجد الذي يجمع بين النداء والإقامة.

أسئلة البحث:

كيف كان أذان الجمعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين؟

هل من دليل على تكرار الأذان ثلاثا إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة؟

هل يجوز منع تكرار الأذان ثلاثا إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى تحرير مسألة تكرار الأذان ثلاثا، إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة، تحريرا علميا ومنطقيا، وبالتالي تجاوز الجدال العقيم الذي تصَدَّر له بعض المتحمسين.

أهمية البحث:

يتعرض البحث لموضوع على درجة كبيرة من الأهمية، لكونه متعلق بصلاة الجمعة التي لا يكاد يتركها أحد من المسلمين. فهو بلا ريب يطرح مسألة قد تعرض أو يتعرض له كثير من المسلمين بالجدل والنقاش، وبالتناوش أحيانا، خاصة في السنوات الأخيرة من عمر الأمة، التي قل فيها العلم وقل سعي الناس في طلبه.

والتالي، يأتي على رأس المواضيع التي قد تفتح باب البحث لكثير من قضايا الخلاف وتدفع الناس دفعا وحاجة إلى تحرير بعض القضايا التي وصلت إلينا وراثة لفعل من قبلنا، دون أن يشتهر للفعل دليل معلوم لقلة الفقهاء وكثرة المقلدين والمتحمسين.

ومن ثم الوقوف على ما جرى جواز الخلاف فيه بلا إنكار، وعدم التسرع بالإنكار لما ساد كونه خالف قول فقيه، حتى يُتَحقق في وجود الدليل فيه من عدمه.

الدراسات السابقة:

لم أظفر بدراسة مستقلة تناولت هذا الموضوع بحد ذاته بشكل تفصيلي، مع وجود إشارات في بعض كتب الفقه، كالثمر الداني شرح رسالة أبي زيد القيرواني، للشيخ صالح عبد السميع الأبي الأزهري، وفي كتب شروح الحديث كعارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي لأبي بكر بن العربي، وفي بعض كتب التفسير، ككتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي.

ومع وجود بعض الدراسات الحديثة حول مسائل الأذان والإقامة ومسائل صلاة الجمعة، كرسالة الماجستير: في أحكام صلاة الجمعة في الفقه الإسلامي، للباحث حسام فهيد بن سعيد، والمقال الموسوم بـ: أحكام الأذان والإقامة، المنشور في العدد الرابع عشر من مجلة دراسات إسلاميةرمضان 1427 هـ، من إعداد الإدارة العامة للبحوث والدراسات الإسلامية. إلا أن هذه البحوث لم تعرج لا من قريب ولا من بعيد لهذه المسألة، واكتفوا بذكر حكم أذان الجمعة دون وصفه.

منهجية البحث:

تناول البحث المنهج الوصفي، إضافة إلى المنهج التحليلي، ومنهج الجمع بين المقاصد والنصوص. معتمدا على الأسلوب الاستدلالي بجمع الأدلة من القرآن الكريم والحديث النبوي وكلام العلماء، في مسألة تكرار أذان الجمعة، والأسلوب الاستنتاجي باستنتاج بعض الآثار العقلية المنطقية من تلك الأدلة.

واتبعت خلال البحث، في توثيق الآي، ذكر اسم السورة ورقم الآية. ونبهت في الأحاديث إلى من أخرجها بلفظها الوارد في البحث ومؤلفه الذي أخرجها فيه والكتاب والباب ورقم الحديث. وذكرت عند الاقتباس، اسم الشهرة لمؤلف الكتاب المقتبس منه، واسم الكتاب، وبيان الصفحة والتنصيص قبلها على بيان الجزء متى وجد.

خطة البحث:

يتكون البحث من مقدمة وخمسة مطالب وخاتمة.

  • المطلب الأول: معنى الأذان لغة واصطلاحا.
  • المطلب الثاني: المشهور في صفة الأذان إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة عند المالكية.
  • المطلب الثالث: أسباب الخلط في مسألة تكرار أذان الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر والظن بتوهم الناس فيها.
  • المطلب الرابع: الأدلة الصحيحة على سنية تكرار أذان الجمعة ثلاثا إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة.
  • المطلب الخامس: الأدلة المنطقية على أن الأولى تكرار أذان الجمعة ثلاثا إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة.
  • الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.

المطلب الأول: معنى الأذان لغة واصطلاحا

الأذان في اللغة: الإعلام. كما هو قوله تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ(4).

وهو في الشرع: التعبد بذكر مخصوص إيذانا بدخول وقت الصلاة أو الشروع فيها، كما هو قوله صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة لمن شاء(5)، قال ابن حجر: أي أذان وإقامة(6) يريد بالأذان الأول النداء، وبالثاني الإقامة.

والمؤذن من جمع بين النداء والإقامة، كما هو حديث السائب رضي الله عنه: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم غير مؤذن واحد، بلال(7). وكما في حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء، وهي التي يدعو الناس العتمة، إلى الفجر، إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة(8).

وقد يُطلَق الأذان على مُطلَق النداء، كما هو قوله تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ(9). وبالنداء للصلاة يتسمى المؤذن مؤذنا.

وهو من الشعائر العظيمة حتى إنه دليل إسلام المدن والبلاد وفرض أمانها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغير على بلد حتى ينتظر فإن سمع أذاناً وإلا أغار.

وإنما قاس الفقهاء وصول الصوت في الليل مع السكون. وهو ما قدروه بنحو من ثلاثة أميال. وحيث كثرت الضوضاء في المدن، حسُن أن تُستَعمل مكبرات الصوت لإسماع الأذان.

ويجب الأذان في المساجد للجماعات حيث يجتمع الناس، ولا يلتفت إلى من يدعو لخفض صوت الأذان من الناس.

المطلب الثاني: المشهور في صفة الأذان إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة عند المالكية

الذي اشتهر عند المالكية وأظهروه، وجرى عليه العمل عندهم، وقال به أولهم، وأشبه على بعض المتأخرين فأنكروه، أن الأذان إذا جلس الإمام على المنبر يكون ثلاثا، واحدا بعد واحد.

قال أبو زيد: والسعي إلى الجمعة فريضة وذلك عند جلوس الإمام على المنبر وأخذ المؤذنون في الأذان والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون ويحرم حينئذ البيع وكل ما يشغل عن السعي إليها(10).

قال ابن حبيب(11): كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد رقى المنبر فجلس ثم يؤذن المؤذنون وكانوا ثلاثة يؤذنون على المنار، يريد المشرفة، واحدا بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وكذا في زمن أبي بكر وعمر، ثم لما كثرت الناس أمر عثمان بإحداث أذان سابق على الذي كان يفعل على المنار، وأمرهم بفعله بالزوراء عند الزوال وهو موضع بالسوق ليجتمع الناس ويرتفعوا من السوق فإذا خرج وجلس على المنبر أذن المؤذنون على المنار(12). قال النفراوي: (والسنة المتقدمة) التي كانت تفعل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن يصعدوا ) أي المؤذنون ( حينئذ ) أي حين جلوس الخطيب على المنبر ( على المنار ) فإذا ارتقوا عليه (فيؤذنون) على قول مالك وابن القاسم وابن حبيب وابن عبد البر وغيرهم وهو الصحيح(13).

قلت: وهذا أوضح وصف للأذان إذا استوى الإمام على المنبر، ولم يتفرد ابن حبيب إلا بالتفصيل، أما الجمع، أعني جمع المؤذنين، فقد ذكره غيره. وبينه بعده ابن رشد حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس وخرج رقي المنبر فإذا رآه المؤذنون وكانوا ثلاثة قاموا فأذنوا بالمئذنة واحدا بعد واحد، ثم تلاه على ذلك أبو بكر وعمر وزاد عثمان لما كثر الناس أذانا بالزوراء فإذا خرج أذن الثلاثة(14).

وقد يشكل على البعض قول ابن الجلاب: ولها أذانان، أحدهما عند الزوال والآخر عند جلوس الإمام على المنبر، والثاني منهما آكد من الأول، وعنده يحرم البيع والشراء. هذا هو الصحيح الذي عليه مالك وابن القاسم وابن حبيب وعبد البر وغيرهم من الأئمة المحققين. فيقول محتجا: انظر كيف قال: والثاني منهما آكد من الأول مما يدل على أن الثاني أذان واحد(15). وفي ما سبق كفاية لتوضيحه، وإن النداء إذا تكرر سمي أذانا واحدا.

المطلب الثالث: أسباب الخلط في مسألة تكرار أذان الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر والظن بتوهم الناس فيها

الذي حمل الناس على أن يخلطوا في ذلك، فينكروا السنة التي أظهرها العمل، كما هو فعل أهل المدينة، أنهم خلطوا بين صفة الأذان يوم الجمعة عند جلوس الإمام على المنبر، وعدد النداء قبله.

والمشهور، أن جملة أذان الجمعة اثنان، أذان قبل جلوس الإمام على المنبر عند الزوال، وأذان عند جلوسه، والأذان الذي عند جلوس الإمام هو الذي ذكره الله تعالى بقوله جل شأنه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(16). واختلفوا فيمن سن أذان الزوال، فقيل هو عمر وقيل عثمان رضي الله عنهم جميعا. وروي عن عطاء أنه قال: النداء يوم الجمعة فيما مضى واحد، ثم الإقامة، وأما الأذان الأول الذي يؤذن به الآن قبل خروج الإمام وجلوسه على المنبر، فهو باطل، وأول من أحدثه الحجاج. وقيل أن الذي كان قبل جلوس الإمام أذانان، نقله الداودي أن الأذان أولا كان في سفل المسجد، فلما كان عثمان جعل من يؤذن على الزوراء، فلما كان هشام، يعني ابن عبد الملك، جعل من يؤذن بين يديه فصاروا ثلاثة، يعني أذانان قبل جلوس الإمام وأذان عند جلوسه. قال ابن عطية: النداء بالجمعة هو في ناحية من المسجد، وكان على الجدار في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال السائب بن يزيد: كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن واحد على باب المسجد. وفي مصنف أبي داود: كان بين يديه وهو على منبر أذان. وهو الذي استعمل بنو أمية، وبقي بقرطبة إلى الآن. ثم زاد عثمان النداء على الزوراء ليسمع الناس، فقوم عبروا عن زيادة عثمان بالثاني، كأنهم لم يعتدوا الذي كان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقوم عبروا عنه بالثالث(17). قلت: وفي هذا العدد جرى الخلاف، والمشهور أن الأذان يوم الجمعة أذانان: الأول قبل جلوس الإمام والثاني عند جلوسه، وهو الصحيح.

ثم إن البعض حمل هذا الاختلاف فيما سنه الصحابة من أذان قبل جلوس الإمام على صفة الأذان عند جلوسه، فوهموا، وظنوا أن غيرهم قد وهم. قال ابن العربي: وفي الحديث الصحيح، أن الأذان كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم واحدا، فلما كان زمن عثمان زاد النداء الثالث على الزوراء، وسماه في الحديث ثالثا، لأنه أضافه إلى الإقامة فجعله ثالث الإقامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: بين كل أذانين صلاة لمن شاء، يعني الأذان والإقامة. فتوهم الناس أنه أذان أصلي، فجعلوا المؤذنين ثلاثة، فكان وهما، ثم جمعوهم في وقت واحد، فكان وهما على وهم(18).

وليس الأمر كما ذكره ابن العربي كونه مبني على الوهم في فهم ألفاظ الحديث الذي رواه البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه. فإن المؤذنين الثلاثة عند جلوس الإمام على المنبر ما كان جمعهم تأولا لهذا الحديث ولا لغيره، بل هو ما كان عليه العمل. فابن حبيب سبق البخاري مولدا وزامنه ولم يحفظ أنه أخذ عنه، وحيث سبقه أو زامنه فلا يصح قول قائل توهمه في فهم حديث البخاري. ثم إن ابن حبيب لم يستشهد بحديث السائب، ولكن ذكر ما بلغه، وما كان عليه الفعل. وقد سبقهما الصنعاني، في ذكر أن المؤذنين كانوا بصيغة الجمع. فدل ذلك أن الأذان ثلاثا عند جلوس الإمام على المنبر لا وهم فيه ولا تأولا، بل هو الأصل الذي كان عليه الفعل.

وغاية الأمر، أن الحديث الذي رواه ابن حبيب قول وافقه الفعل. أما حديث السائب رضي الله عنه فقول تأوله الناس فأخطأوا. وكيف لي أن أنكر الفعل في أول الأمة بما استنتجته أذهان الناس آخرها. إنما الأصل أن لا يؤخذ الفقه من المتأخرين حتى يُعلَم قول من تقدم. حيث عُلِم أنه للفقهاء المالكية اصطلاح في اعتماد الكتب والأقوال، تفصيله أن يُفتى بقول مالك في الموطأ، فإن لم يوجد في النازلة، فبقوله في المدونة، فإن لم يوجد فبقول ابن القاسم فيها، وإلا فبقوله في غيرها، وإلا فبقول غيره في المدونة وإلا فبأقاويل أهل المذهب على ما بينهم من تفاوت في الرواية والترتيب(19). قلت: ومتى نقدم العارضة على المدونة أو نقدم تعاليق المفسرين على كلام الفقهاء.

وقال الغرياني: والأولى في وقتنا الاقتصار على مؤذن واحد، ولا يحتاج مع مكبرات الصوت إلى ثلاثة مؤذنين يؤذنون في وقت واحد كما كان الحال فيمن سلف(20).

قلت: وهذا ليس له دليل إلا الوهم. فإنه لم يرد شيء في تعدد الأذان عند جلوس الإمام على المنبر يوم الجمعة، يدل على أنه لغاية التسميع، إلا وهم من توهم، بل إنه لغاية التمييز أقرب. ولا دليل على الأولوية في الاقتصار على أذان واحد إلا الرأي المحض. ولو كان الدين بالرأي لقال من شاء ما شاء. ولا يُنكَر فعل السلف برأي العقل، فإن لهم من العقول ما لنا وأصفى.

المطلب الرابع: الأدلة الصحيحة على سنية تكرار أذان الجمعة ثلاثا إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة

من العجيب والمؤسف حقا، أن يجمع البعض من كتب المتأخرين الذين خلطوا أصول مالك بأصول غيره، فيجعل من قولهم قول المذهب، وهو خلافه، وهو من الباطل. ثم إنهم لأجل الانتصار للقول الذي ينتصرون له، يخفون ما ذُكِر في خلافه، وإن كان المشهور. ومسألة تعدد الأذان عند جلوس الإمام يوم الجمعة، من المسائل التي دب فيها خلاف المتأخرين لأجل جهلهم بالدليل واشتباهه عليهم. وقد تكلم فيها من لا أهلية له فبدَّع السابقين، إلى حد أنني وجدت من يقول بعدم جواز الصلاة في مسجد يُؤذن فيه ثلاثا والأولى القصد إلى غيره، ولو كان دليل على قولهم فقد اشتهر الخلاف فيه. ولو أنهم قرأوا أقوال من خالفهم لكان شفاء لعِيِّهم، ولكنهم يكتفون بما يُقال، وإن لم يكن دليل.

قلت: والأصل في ذلك الأذان، الذي عند جلوس الإمام، أنه ثلاثة تشهد عليه الروايات الصحيحة، وما جرى عليه العمل الذي لم يُنكِره أول السلف.

ففي الحديث، قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس، حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حوله تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب، فلما رأيته مقبلا، قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله، فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذنون قام، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها (21).

وفي الموطأ، عن ثَعلبةَ بن أبي مالكٍ القُرضيِّ، أنَّهم كانوا في زمانِ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ يُصلُّونَ يومَ الجُمُعةِ حتى يخرجَ عمرُ، فإذا خرَجَ عُمرُ وجلَس على المنبرِ وأذَّنَ المؤذِّنون، قَال ثعلبةُ: جَلَسْنا نتحدَّث، فإذا سكَتَ المؤذِّنونَ وقام عُمرُ يَخطُبُ، أَنصَتْنا فلم يتكلَّمْ منَّا أحد(22).

وعن عبد الرزاق عن بن جريج، قال: أخبرني محمد بن عمر بن علي أن النبي ﷺ كان يوم الجمعة إذا استوى على المنبر يجلس فإذا جلس أذن المؤذنون فإذا سكتوا قام يخطب فإذا فرغ من الخطبة الأولى جلس ثم قام فخطب الخطبة الاخرة(23).

وعنه، أي عبد الرزاق، عن بن جريج، عن عطاء، قال: لا بأس بالكلام والإمام جالس على المنبر والمؤذنون يؤذنون، لا يجب الانصات حتى يتكلم الامام(24). وعنه، عن هشيم بن بشير قال أخبرني محمد بن قيس أنه سمع موسى بن طلحة يقول رأيت عثمان جالسا على المنبر يوم الجمعة والمؤذنون يؤذنون وهو يسأل الناس عن أسعارهم وأخبارهم(25).

والبيِّن، مما سبق، أن المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر جمعٌ. والواضح أنهم غير الواحد وغير الاثنين. إذ الأصل أن لكل لفظ دلالة على ما وُضِع له. فيدل المفرد على واحد أو واحدة، والمفرد هو الذي لا يدل جزؤه على جزء. والمثنى على اثنين أو اثنتين. والجمع(26)، على أكثر من اثنين أو اثنتين.

ولا يُخرَج عن هذا الأصل فيُوضَع الجمعُ موضعَ المثنى أو المفرد بلاغة، إلا بوجود قرينة تدل على ذلك المعنى. ومثله قد يأتي المفرد في معنى الجمع. فلا يصح أن يقال هو مؤذنون وهذا مؤذنون(27).

وغير مستنكر عند العرب ذلك، إذا كان في الكلام دليل عليه. وهذا الأسلوب وارد في القرآن الكريم وفي كلام العرب(28).

وقد أول علماء اللغة كسيبويه، والفراء، وأبي عبيدة، والأخفش والمبرد وغيرهم بعض المفردات إلى معنى الجمع بقرينة تدل على جمعه. إلا أنه ليس كل كلمة مفردة صالحة لمعنى الجمع ولا كل جمع صالح لمعنى المفرد. فلا يجوز أن تقول: هم طالب وهؤلاء طالب، حيث لا توجد قرينة ولا دليل أن كلمة طالب في معنى الجمع، الذي هو طلاب.

وحيث خلا ذكر الجمع في الأحاديث الدالة على جماعة المؤذنين إذا جلس الإمام، من قرينة تدل على إفراده أو تثنيته، كان ذلك دليلا على أن ذلك الجمع أقله ثلاثة. وحيث وردت الرواية عن ابن حبيب رحمه الله تعالى أنهم، كانوا ثلاثة يؤذن الواحد بعد الواحد(29)، لم يعد شك في أنهم كانوا ثلاثة لا أكثر. ولا عبرة لمعترض بأن ابن حبيب يُضعَّف في نقل الحديث، حيث لم يتفرد بذكر جمع المؤذنين، ولا كان الأسبق في ذلك. إنما تفرد بوصف أذان الجماعة حيث قال أنه كان واحدا بعد واحد، وهو أمر صدقه الفعل، وحكاية الفعل أوكد من القول.

وقد يعترض معترض بحديث السائب بن يزيد رضي الله عنه، أن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين كثر أهل المدينة ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام يعني على المنبر. فيتأول قوله: ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد، على أن الأذان إذا جلس الإمام على المنبر لا يتعدد. فنجيب بأن القصد من المؤذن الواحد، لا عدم وجود غيره، ولكن لاشتغاله بالنداء والإقامة جميعا، واكتفاء غيره بالنداء، كما هو حديث السائب رضي الله عنه: ما كان لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلا مؤذنٌ واحدٌ إذا خرج أذَّن وإذا نزل أقام وأبو بكرٍ وعمرُ كذلك فلما كان عثمانُ وكثُرَ الناسُ زاد النداءَ الثالثَ على دارٍ في السوقِ يُقالُ لها الزوراءُ فإذا خرج أذَّن وإذا نزلَ أقامَ(30). وفي لفظ: كان بِلالٌ يؤَذِّنُ إذا جلَسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المِنبرِ يَومَ الجُمُعةِ، ويُقيمُ إذا نزَلَ، ولأبي بكرٍ، وعُمرَ، حتى كان عُثمانُ. وفي لفظ آخر: لم يَكُنْ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا مؤَذِّنٌ واحدٌ في الصلَواتِ كلِّها، في الجُمُعةِ وغَيرِها، يؤَذِّنُ ويُقيمُ(31)، وإلا فإنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم، أكثر من مؤذن. كما هو حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ بلالًا يُنادي بليلٍ فكُلوا واشرَبوا حتَّى يُنادي ابنُ أمِّ مكتومٍ(32).

المطلب الخامس: الأدلة المنطقية على أن الأولى تكرار أذان الجمعة ثلاثا إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة

من المعلوم أنه لا دليل على عدم تعدد الأذان إذا استوى الإمام على المنبر، سوى الظن. ذلك أن التنبيه بالنداء في الوقت الواحد هو في حكم المؤذن الواحد، لاتحاد وقت تأذينهم وسببه ومقصوده، وإنما يتعدد الأذان حقيقة إذا اختلف المقصود منه وتعدد سببه، وأما إذا أوقع جماعة أذاناً مجتمعين أو متراسلين في وقت واحد، فإنه أذان واحد في الحقيقة، وإن تعدد المؤذنون. فلا ضير في أن يتعدد النداء ويبقى اسمه واحدا.

ثم إن الله تعالى ذكر النداء للصلاة جملة، فقال عز وجل: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ(33).

ثم خص الجمعة بندائها، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(34).

ولم يخص غيرها بذلك. فدل ذلك على أمور تتعلق بذلك النداء لا تتعلق بغيره، كتحريم البيع والشراء، ووجوب السكوت والإصغاء للإمام. والتالي ضرورة تميزه في صفته عن غيره بحيث يستطيع من يدركه تمييزه. ليس له من ميزة سوى تعدده.

والعجيب أنهم اتفقوا على جواز تعدد الأذان لجميع الصلوات الخمس(35). واستثنى الجمعة من أنكر تعدد الأذان إذا استوى الإمام على المنبر. ولا يستند كلامه إلى شيء من دليل.

ثم إنهم اختلفوا في صلاة الجماعة في سائر الصلوات، أهي شرط أو واجب أو سنة. وأجمعوا على وجوب الجمعة وحرمة أن يتعمد المسلم تركها، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه(36). وقال عليه الصلاة والسلام: من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كُتِب من المنافقين(37). فكان النداء لها أوجب وإظهاره أولى.

واتفقوا على أن من فاتته الجمعة ففرضه أن يصلي الظهر. ولا يغني أن يصلي الظهر وهو قادر على صلاة الجمعة. وحيث جاز للظهر تعدد الأذان، فكيف لا يجوز تعدده إذا استوى الإمام على المنبر وقد فُضِّلت الجمعة على الظهر. قال الشافعي: فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته. وقال: وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة، لأن الأذان ليس من الصلاة إنما هو دعاء إليها وكذلك لو صلى بغير أذان كرهت ذلك له ولا إعادة عليه(38).

الخاتمة:

الحمد لله على منه وفضله، أن وفقني لإتمام هذه الدراسة التي بذلت جهدي أن آتي على ما في المسألة مختصرا في كل ذلك اختصارا يحقق الهدف ولا يذهب بالمقصود. وقد خلصت من خلال البحث إلى بعض النتائج، وارتأيت أن أثبت بعض التوصيات.

فمن النتائج:

  1. الوقوف على أن عددا من الأئمة من الفقهاء والمفسرين أجازوا تكرار الأذان إذا استوى الإمام على المنبر، وجعلوه هو الأولى وأنه الفعل الذي كان زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
  2. التيقن أنه لا يُعلم بالقطع زمن بداية تكرار أذان الجمعة إذا استوى الإمام على المنبر، ولا من أمر به، عند من قال أنه أمر مبتدع، فدل ذلك على أنه قديم غير حادث ولا مبتدع، وأنه عين ما كان عليه الصحابة منذ حياة النبي صلى الله عليه وسلم. فإنه إن كان على خلاف ذلك لوقف الناس عليه، حيث أنهم ذكروا الزيادة التي زادها عثمان على الزوراء.
  3. ورود الأحاديث الصحيحة التي تفيد على وجه العموم أن تكرار أذان الجمعة إذا استوى الإمام على المنبر، سنة من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من زمن أحد خلفائه رضي الله عنهم. وتعضد تلك الأحاديث الصحيحة مرويات فصلت ذلك ووضحته، ومع أن هذه المرويات كانت ضعيفة لم يكن في الباب شيء يدفعه، فقد أيدها الفعل الذي جرى عليه الناس، فلا يمكن دفعها بالهوى، وأيدها عدم مخالفتها للنصوص الصحيحة، بخلاف لو جرى الأمر بإسقاطها. فيكون لهذا العمل تخريجات متعددة، ناهيك عن استمرار العمل به منذ قرون، وحاشا أن يكون ضلالا ويسكت عنه أهل العلم.
  4. بيان أن وصف الأذان إذا استوى الإمام على المنبر يوم الجمعة مختلف فيه بين أن ينفرد أو يكرر ثلاثا، وأنه من خلاف التنوع الذي يكون به كل الرأيين حقًّا في نفسه، دون أن يوجد ما يقضي بصحة أحدهما وطرح الآخر.

ومن التوصيات:

  1. التنبيه على أنه من الجهل بالفقه أن يعمد الناس لتغيير ما جرى عليه العمل دون بحث ويقين.
  2. التنبيه على أن المسائل الخلافية لا تغير باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجة والدليل. ولا ينكر على من اتبع قولا ما دام الدليل فيه بيِّن.
  3. التنبيه على أن إحياء السنة لا يكون بإماتة مثلها جهلا.
  4. يعتبر هذا الباب فتحا لباب أرجو أن يتبعه تقص واستقصاء لكثير المسائل الذي انتهج فيها المتأخرون طريق الإنكار والتبديع وأن يكون مبتدئاً لكشف كثير من المسائل، التي عاش بها السلف متحابين واختلفت قلوب المتأخرين حولها، والتي منها ما يتعلق بالصلاة.

شكر وتقدير:

يتقدم الباحث بالشكر والتقدير للدكتورة هاجر بلقاسم، أستاذة الفقه وعلومه بجامعة الزيتونة، على إشرافها على هذا ابحث وعلى متابعتها وتصويباتها المفيدة. كما يشكر المحكمين على المناقشات المهمة والملاحظات القيمة التي ساهمت في إخراج المقال بهذه الصورة.

المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم
  1. ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1424 – 2003.
  2. ابن حجر، أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز محمد فؤاد عبد الباقي محب الدين الخطيب، دار الكتب السلفية، الطبعة الأولى.
  3. ابن خاقان، الفتح بن محمد، مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس، تحقيق: محمد علي شوابكة، دار عمارمؤسسة الرسالة، 1403 هـ– 1983م.
  4. ابن عطية، عبد الحق بن غالب، المحرر الوجيز، دار ابن حزم.
  5. الأبي، عبد السميع صالح، الثمر الداني شرح رسالة أبي زيد القيرواني، دار الكتب العلميةبيروتلبنان.
  6. الإدارة العامة للبحوث والدراسات الإسلامية، أحكام الأذان والإقامة، مجلة دراسات إسلامية، العدد الرابع عشررمضان 1427 هـ.
  7. البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: مركز البحوث وتقنية المعلومات دار التأصيل، سنة النشر: 1433 – 2012.
  8. بن سعيد، حسام فهيد، أحكام صلاة الجمعة في الفقه الإسلامي، أطروحة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه والتشريع بكلية الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية في نابلسفلسطين، 2015م.
  9. السجستاني، أبو داود سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، تحقيق: عادل بن محمد أبو تراب عماد الدين بن عباس أبو عمر، دار الأصيل.
  10. الشنقيطي، محمد الأمين بن محمد المختار، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد، دار عالم الفوائد.
  11. الغرياني، الصادق عبد الرحمن، مدونة الفقه المالكي وأدلته، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيعبيروتلبنان، الطبعة الأولى 1423 هـ-2002 م.
  12. الغماري، أحمد بن محمد، الهداية في تخريج أحاديث البداية، تحقيق: عدنان علي شلاق، دار عالم الكتب، 1407 هـ-1987م.
  13. القيرواني، عبد الله بن عبد الرحمن النفزي، متن الرسالة، دار الفكر.
  14. الكشناوي، أبو بكر بن الحسن، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك، ضبطه وصححه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية.
  15. المقدسي، ضياء الدين، إتباع السنن واجتناب البدع، تحقيق: محمد بدر الدين القهوجي ومحمود الأرناؤوط، بدون طبعة وتاريخ.
  16. المواق، محمد بن يوسف، التاج والإكليل لمختصر خليل، دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى، 1416هـ-1994م.
  17. النيسابوري، مسلم ابن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: مركز البحوث وتقنية المعلومات دار التأصيل.
  18. الونشريسي، المعيار المعرب، خرجه جماعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حجي، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية، 1401هـ-1981م.

1) سورة الروم، الآية 18.

2) المقدسي، إتباع السنن واجتناب البدع، ص 24.

3) أخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم: 2601.

4) سورة الحج، الآية 27.

5) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة، رقم 838.

6) ابن حجر، فتح الباري، مج 2، ص 107.

7) أخرجه أبو داود، في كتاب الصلاة، باب النداء يوم الجمعة، رقم 1089.

8) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة التطوع، رقم 1718.

9) سورة الحج، الآية 27.

10) القيرواني، متن الرسالة، ص 46.

11) فإن قيل أنه لا يؤخذ من ابن حبيب في الحديث، كما هو القول عند الغماري، نقلا على ابن رشد، في تخريج أحاديث البداية: قوله (أي ابن رشد): (وَرَوَى ابن حبيبٍ: أن المؤذِنِينَ كَانُوا عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةقال ابن رشد: وأحاديثُ ابن حبيبٍ عِندَ أهلِ الحَدِيثِ ضَعيفة ولاسيما فِيمَا انفَرَدَ بِه)، ثم قال معلقا: كهذا فإنه كذب مقطوع به، لم ينقله سوى ابن حبيب وقد كذبه جماعة، ممن خابروه وسبروا رواياته، ووقفنا نحن على ما يصدق ذلك ويؤيده في أحاديث، أعظمُها دلالة على ذلك هذا الحديث الباطل المقطوع ببطلانه، فإِنه يستحيل عادة أن يكون للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاثةُ مؤذنين يومَ الجمعة، ثم لا يرويه أحدٌ على الإِطلاق إلا ابن حبيب.

قلنا: أما الغماري فلا يلتفت إلى سبابه حيث ملأ بها كتبه فلم يسلم منه عالم ولا صحابي، ولا يلتفت إلى حكمه على الناس فلا هو من السلف ولا يطول علمهم وإن تطاول أو حاول. وأنا أدرجه الآن معلقا فقط لأنبه إلى غلطه وفحش قوله، فإن الكذب ليس في الحديث المنقول، وإن انفرد به ابن حبيب، فقد عضدته الروايات الصحيحة، إنما الكذب في الحكم على الحديث دون مستند ولا دليل، مع أنه اشتهر فلم يُعارض إلا ظنا في أذهان النقاد. وتناقلته كتب المالكية، وثبتوا حكمه قولا وفعلا. فإن كذبه جماعة كما قيل، فقد صدقه آخرون ليس أقل علما ولا أحرص على نقل الحديث والفقه.

فإن قيل أنه يستحيل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين يوم الجمعة، حيث لم يرد بذلك خبر. قلنا: إن الأخبار الصحيحة واردة بأنهم كانوا جمعا إذا استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سلمنا أنه كان مؤذن واحد يؤذن لم نجد بدا من رد الأخبار الصحيحة في ذلك.

ثم إنه لا يُسلَّم كلام الغماري عن ابن حبيب. ومن قبله قد رد المقري في نفح الطيب على قول صاحب المطمح، في أقل من ذلك، ولا أدري كيف لو سمع كلام الغماري فيه. قال ابن خاقان في المطمح: ولم يكن له علم بالحديث يعرف صحيحه من معتله، يعني ابن حبيب، ولا يفرق بين مستقيمه ومختله، وكان غرضه الإجازة وأكثر رواياته غير مستجازة. قال المقري: أما ما ذكره من عدم معرفته بالحديث، فهو غير مسلم، وقد نقل عنه خبر غير واحـد مـن جهابذة المحدثين، نعم لأهل الأندلس غرائب لم يعرفها كثير من المحدثين حتى أن في شفاء عياض، أحاديث لم يعرف أهل المشرق النقاد مخرجها، مع اعترافهم بجلالة حفاظ الأندلس الذين نقلوها كبقيِّ بن مخلد، وابن حبيب وغيرهما على ما هو معلوم. وأما ما ذكره عنه بالإجازة بما في الغرارة فذلك على مذهب من يرى الإجازة، وهو مذهب مستفيض، واعتراض من اعترض عليه إنما هو بناء على القول بمنع الإجازة فاعلم ذلك.

12) العدوي، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، مج 3، ص 141.

13) الكشناوي، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك، مج 1، ص 203.

14) المواق، التاج والإكليل لمختصر خليل، مج 2، ص 554.

15) المطرجي، الفقه المالكي وأدلته، مج 2، ص 327.

16) سورة الجمعة، الآية 9.

17) ابن عطية، المحرر الوجيز، تفسير الآية 9 من سورة الجمعة.

18) ابن العربي، أحكام القرآن، سورة الجمعة، المسألة الرابعة.

19) انظر: الونشريسي، المعيار، مج 12، ص 23.

20) الغرياني، مدونة الفقه المالكي وأدلته، مج 1، ص 548.

21) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت، حديث رقم 6442.

22) الإمام مالك، الموطأ، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، رقم 229.

23) الصنعاني، المصنف، كتاب الجمعة، باب الخطبة قائما، حديث رقم 5263.

24) المصدر السابق، باب جلوس الناس حين يخرج الامام، حديث رقم 5361.

25) المصدر السابق، باب يكلم الامام على المنبر يوم الجمعة في غير الذكر، حديث رقم 5284.

26) والجمع نوعان: جمع التكسير والجمع السالف. فجمع التكسير، هو كل جمع تغير بناء مفرده، والجمع السالم، هو كل جمع سلم بناء مفرده، وهو مذكر ومؤنث. فالجمع المذكر السالم هو كل ما دل على أكثر من اثنين وزيدت عليه الواو والنون في حالة الرفع والياء والنون في حالتي النصب والجر. والجمع المؤنث السالم، هو كل ما دل على أكثر من اثنتين بزيادة ألف وتاء لمفرده الصحيح في آخره، ويرفع بالضمة، وينصب ويجر بالكسرة.

27) فإن قيل كيف لا يكون ذكر المؤذن الواحد قرينة تحيل جمع المؤذنين إلى المؤذن الواحد. قلنا أن الأمر مخالف لأربعة وجوه: الأول أن ذكر كلمة المؤذن الواحدوذكر كلمة المؤذنونلم يكن في نص واحد فلا يصح اعتبارها قرينة ولو سلمنا، ولو كانتا في نص واحد ما استقام، الثاني أن القرينة تكون بلاغية فأي بلاغة في أن تذكر المؤذنين على الكثرة وأنت تريد الواحد، الثالث أن وجه استعمال المؤذن الواحد بقصد الأخير لا ينفي كثرتهم فيجوز أن يأتي نص بذكر المؤذن الواحد ونص بذكر جمع المؤذنين، الرابع أن لفظ المؤذن له معنيان كما الأذان، فالمنادي مؤذن والنداء أذان، والمقيم مؤذن والإقامة أذان، وخص تعريف مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بمن يقوم بالأذان والإقامة معا، وهو نص الحديث.

28) مثاله ما ذكر السمعاني في تفسيره، نحو قوله تعالى: إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه. قال: والمراد بالملاكة، جبريل وحده. وقوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. والحافظ هنا الله سبحانه وتعالى ورد فعله بصيغة الجمع تعظيما. وقوله تعالى: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. وهو فيما تظاهرت به الرواية من أهل السير نعيم بن مسعود الأشجعي، الذي أراد أن يثبط المسلمين عن قتال قريش. وقوله تعالى: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. والمراد بالرسل هنا، النبي عيسى عليه السلام. ومنه قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم. ولم يقل: يديهما. والمراد: فاقطعوا يميناً من هذا، ويميناً من هذا. فدل الجمع على التثنية. ومثله في القرآن كثير.

قال الشاعر:

يلحينني في حبها ويلمنني وإن العواذل ليس لي بأمير

ولم يقل: أمراء.

وقال آخر:

وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد

ولم يقل: وإن الذين حانت….

29) انظر: ابن حجر، فتح الباري، مج 2، ص395.

30) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة، رقم 885.

31) ابن حنبل، مسند أحمد ابن حنبل، مُسْنَدُ الْمَكِّيِّينَ، حَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، رقم 15478.

32) الإمام مالك، الموطأ، كتاب الصلاة، باب قدر السحور من النداء، رقم 196.

33) سورة المائدة، الآية 58.

34) سورة الجمعة، الآية 9.

35) انظر: الشوكاني، فتح القدير، مج 1، ص 249.

36) أخرجه أبو داود في سننه، باب التشديد في ترك الجمعة، رقم1052.

37) أخرجه الطبراني في الكبير، مج 1، ص 171، رقم 424.

38) الإمام الشافعي، كتاب الأم، مج 1، ص 224.