The Effect of Woman’s Work on Alimony between Jurisprudence and Law
Aziz Ali Nada
Faculty of Sharia and Regulations || Tabuk University || KSA
أثر عمل المرأة في النفقة بين الفقه والقانون
عزيزة على ندا
كلية الشريعة والأنظمة || جامعة تبوك || المملكة العربية السعودية
المقدمــة
الحمد لله رب العالمين الذي أعزنا بالإسلام، وشرفنا بالقرآن، وهدانا إلى الصراط المستقيم وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، والصلاة والسلام على سيدنا محمد –– وعلى آلة وأصحابه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
أما بعد:
إن منهج الإسلام منهج متوازن لا تناقض بين أجزائه، فهو منهج يحقق العدل في أدق معانيه، وفى أوسع آفاقه، وهو منهج شامل لا يترك أمراً فيه صلاح إلا ووجه إليه، وقد أعز الإسلام المرأة، وجعل لها مكانة عالية في ظل الدين الحنيف، وأعطاها جميع حقوقها المادية والمعنوية، فهو دين السماحة والعدل فإن كان الأصل في عمل المرأة هو عملها في بيتها مع زوجها وأولادها، فليس معنى ذلك أن الشريعة الإسلامية تأبى على المرأة العمل خارج المنزل، فقد تضطرها ظروف الحياة إلى التكسب لتراعى أولادها أو مساعدة من يعولها، وقد يحتاج المجتمع المسلم إلى القيام بأعمال هي من صميم اختصاص النساء، وقد ترى المرأة أن تنمى مداركها ومواهبها بمزاولة وظيفة لا تتعارض مع طبيعتها كأنثى، فلا يمنعها الإسلام من ذلك ما دامت ملتزمة بالتوجيهات الإسلامية في ذلك.
وقد يؤثر عمل المرأة على النفقة الواجبة لها أو عليها، فقد أوجبت الشريعة الإسلامية للمرأة حق النفقة لها سواء كانت بنتاً أو زوجة أو أماً، وكما تثبت عليها حقوق مالية واجبة كما قال تعالى وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ سورة البقرة من الآية (228). فقد جعل الإسلام للمرأة أهلية كاملة كالرجل، وذمة مالية مستقلة فهل تجب النفقة لها أو عليها إذا كانت عاملة؟ هذا ما سوف أتناوله في بحثى الذى جاء بعنوان (أثر عمل المرأة في النفقة بين الفقه والقانون).
-
مشكلة البحث:
خروج الزوجة إلى العمل أدى في واقعنا المعاصر إلى مشكلة تتعلق بنفقة المرأة والإنفاق عليها وسنعالج هذه المشكلة من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
- ما مدى سلطة الزوجة في التصرف في راتبها؟
- هل يحق للزوج أن يمنعها من العمل إذا تزوجها وهي عاملة؟
- هل تتأثر نفقة الزوجة العاملة بخروجها للعمل؟
- ما مدي إلزام المرأة العاملة بالإنفاق على نفسها وأولادها.
- هل يتوافق القانون مع الشريعة في نفقة المرأة على نفسها وأهل بيتها ؟
-
أهداف البحث:
- بيان حكم نفقة الاثني العاملة في الشريعة الاسلامية والقانون المدني.
- بيان مدى سلطة المرأة في التصرف بمالها.
- بيان حق الزوجة في العمل وأثر إذن الزوج عليه
- بيان الضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة.
- بيان نفقة الزوجة العاملة.
- بيان حكم مساهمة المرأة العاملة في الإنفاق على بيتها ومقدار تلك المساهمة.
- بيان حكم نفقة المرأة العاملة على نفسها إذا أعسر الزوج بالنفقة.
- بيان حكم نفقة المرأة العاملة على أولادها.
-
أهمية البحث وسبب اختياره:
- بيان مدى اهتمام الإسلام بالمرأة وأنه أعطاه جميع حقوقها، والرد على المتشككين في ذلك.
- وجود كثير من المسائل الفقهية المتعلقة بحقوق المرأة ونفقتها التي تحتاج إلى توضيح وبيان.
- لما كانت الأحكام الشرعية المتعلقة بعمل المرأة وأثرها في النفقة متناثرة في أبواب الفقه المختلفة أردت جمع شتات تلك الأحكام في بحث واحد تسهيلاً على الباحثين
-
منهج البحث:
سلكت في هذا البحث المنهج الاستقرائي والاستنباطي والتحليلي المقارن وقمت أثناء ذلك بما يلي:
- ذكر أقوال الفقهاء من السلف والخلف أن وجدت.
- ذكر أدلة الفقهاء عقب ذكر آرائهم ثم قمت بمناقشة هذه الآراء وترجيح ما يمكن ترجيحه منها, معضده هذا الترجيح بذكر الأسباب التي أدت إلى ترجيحه.
- عزو الآيات القرآنية المستشهد بها في البحث إلى سورها مبينة رقمها واسم السورة.
- تخريج الأحاديث الواردة في ثنايا البحث وفق المنهج العلمي في التخريج بذكر الكتاب والباب فإذا لم يكن الحديث مخرجاً في الصحيحين بينت درجة الحديث والحكم عليه إلا ما ندر
-
الدراسات السابقة:
من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة وجدت أن مسائل البحث منثورة بين عشرات المصادر والمراجع القديمة والحديثة، والتي وثقتها في قائمة مراجع البحث، فمادة البحث سبقني إليها أصحابها – من ذوي العلم والفضل–وقد عزوتها إليهم أمانة واعترافاً بحقهم في السبق، إلا أني قمت بجمع أشتاتها ليسهل الرجوع إليها، وعدم اطلاعي على بحث مستقل يتناول المسألة من الجانب القانوني وهل القانون أخذ برأي الفقه أم لا؟ والضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة.
ومن هذه الدراسات ما يأتي:
- بحث بعنوان (نفقه وإنفاق الزوجة العاملة: للدكتور/ مازن إسماعيل هنية، ود/ منال محمد رمضان) وقد تناول هذا البحث الحديث عن نفقة وإنفاق الزوجة العاملة، وسلطتها في التصرف بمالها
- بحث بعنوان (عمل الزوجة وأثره على النفقة دراسة فقهية مقارنة: للدكتورة سعاد محمد الشايفي) وقد تناول هذا البحث حقيقة النفقة وأسبابها وشروطها.
- بحث بعنوان( اثر عمل المرأة على النفقة/ عبد السلام الشويعر) قد تناول هذا البحث علة اسقاط النفقة عند الفقهاء.
- أثر عمل الزوجة في حقوقها وواجباتها الشرعية/ ذياب عبد الكريم عقل، عبدا الله سالم بريك وقد تناول هذا البحث عمل المرأة المتعلق بمصلحتها وبمصالح المجتمع.
بعد الاطلاع على هذه الدراسات السابقة تبين لي أنها لم تتناول الاتي:
- الجانب القانوني.
- الضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة
- نفقة الأنثى غير المتزوجة
أما بحث (نفقة المرأة العاملة بين الفقه والقانون/ د عزيزة على ندا ندا، فهو( لي) انا نفس الباحثة ولكن البحث تمت معالجته بطريقة مغايرة لما كان علية وتم اضافة كثير من المباحث التي لم تكن موجودة في البحث القديم.
خطة البحث:
يشتمل البحث على مقدمة وسبعة مباحث خاتمة:
المقدمـــــــــة : تشتمل على أهمية البحث وسبب اختياره و منهج البحث وخطته.
المبحث الأول: نفقة الأنثى العاملة في الاسلام.
المبحث الثاني: حكم تصرف المرأة في مالها.
المبحث الثالث: حق المرأة في العمل والضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة وأثر أذن الزوج على حق المرأة في العمل.
المبحث الرابع: نفقة الزوجة العاملة.
المبحث الخامس: مساهمة المرأة العاملة في الإنفاق على بيتها ومقدار تلك المساهمة
المبحث السادس: حكم نفقة المرأة العاملة على نفسها إذا أعسر الزوج بالنفقة.
المبحث السابع: حكم نفقه المرأة العاملة على أولادها.
الخاتمــــــــــة: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات.
فهرس المراجـــــع.
وبعد فهذا جهدي فإن كان من توفيق فبفضل الله وتوفيقه، وإن كانت الأخرى فحسبي أنى بشر منى الزلل والنسيان، وأسأل الله العفو.
المبحث الأول: نفقة الأنثى العاملة في الاسلام
-
نفقه الأنثى غير المتزوجة في الشريعة الاسلامية والقانون المدني:
الأصل أن نفقة الأولاد الصغار على الأب لا يشاركه فيها غيره أن كان موسراً بها ولم يبلغ الولد الذكر حد الكسب فإن بلغه الأب إلى حرفة يكتسب منها فلا تلزمه نفقته، بخلاف الأنثى فعليه نفقتها حتى تتزوج عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة (1).
قولهم بخلاف الأنثى: أي الممنوع إيجارها للخدمة، وليس تعليمها حرفة، كتطريز وخياطة.
وقد نصت المادة (397) من الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على أنه “لا يشارك الأب أحد في نفقة ولده ما لم يكن معسراً زمناً عاجزاً عن الكسب فيلحق بالميت، وتسقط عنه النفقة، وتجب على من تجب عليه نفقتهم في حالة عدمه“(2).
وذهب الشافعي إلى أن الأنثى تسقط نفقتها ببلوغها، ولكن كره لها أن تعتزل أبويها حتى تتزوج، لئلا يسبق إليها ظنه، ولا تتوجه إليها تهمة، وإن لم تجبر على المقام معهما (3).
فإن استغنت الأنثى بنحو خياطة، وغزل يجب أن تكون نفقتها من كسبها، ولا نقول يجب على الأب مع ذلك، إلا إذا كان لا يكفيها فيجب على الأب كفايتها، بدفع القدر المعجوز (4)
ويدل على وجوب النفقة على الأب إذا كان موسراً الكتاب والسنة والإجماع.
-
أولاً: الكتاب:
قال – تعالى-: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…( سورة البقرة: (233).
وجه الدلالة من الآية: أن قوله –تعالى– (وعلى المولود له) أي الأب، فدل ذلك على أن النفقة اللازمة للولد من طعام وكسوة وغيرها واجبة على الأب دون غيره، على قدر حاله من الإعسار واليسار، إذ ليس من المعروف إلزام المعسر أكثر مما يقدر عليه(5).
ثانياً: السنة: ما روى عن عائشة – رضى الله عنهما– أن هند بنت عتبة، قالت: يا رسول الله أن أبا سفيان رجل شحيح، ولا يعطيني ما يكفيني، وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)(6).
وجد الدلالة من الحديث: في الحديث دليل على وجوب نفقة الأولاد على الآباء بشرط الحاجة، والأصح عند الشافعية اعتبار الصغر والزمانة(7).
ثالثاً: الإجماع: أجمع الفقهاء على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا ما لهم(8).
وقد جاء القانون موافقاً لما ذهب إليه الفقهاء بوجوب نفقة الأولاد على أبيهم أن كان موسراً بها ولم يبلغ الولد حد الكسب ولم تتزوج الأنثى.
وقد نصت المادة (18) من القانون 25 لسنة 1929م المضافة بالمادة الأولى من القانون 100 لسنة 1985م على أنه “إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه، وتستمر نفقة الأولاد على أبيهم إلى أن تتزوج البنت، أو تكتسب ما يكفى نفقتها، وإلى أن يتم الابن الخامسة عشرة من عمره، قادر على الكسب المناسب، فإن أتمها عاجزاً عن الكسب، لآفة بدنية أو عقلية أو بسبب طلب العلم الملائم لأمثاله، ولاستعداده، أو بسبب عدم تيسير هذا الكسب استمرت نفقته على أبيه، ويلتزم الأب بنفقة أولاده، وتوفير المسكن لهم بقدر يساره، وبما يكفل للأولاد العيش في المستوى اللائق بأمثالهم، وتستحق نفقة الأولاد على أبيهم من تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليهم(9).
-
نفقه الأنثى المتزوجة في الشريعة الاسلامية والقانون المدني:
-
في الشريعة الاسلامية
اتفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها(10) من مأكول ومشروب وملبوس ومسكن حتى لو كانت الزوجة مريضة ما دامت سلمت نفسها له، مسلمة كانت أو ذميه، فقيرة كانت أو غنية، بشرط عدم النشوز وبمجرد العقد الصحيح، دخل بها أو لم يدخل، كبيرة كانت أو صغيرة يجامع مثلها، فإن كانت لا يجامع مثلها، فلا نفقة لها.
وذهب أبو يوسف إلى أن لها النفقة أن كانت تخدم الزوج، لانتفاعه بالخدمة، ولم يردها إلى أهلها(11).
-
حكم نفقة الاثني المتزوجة في القانون المدني:
جاء القانون المدني موافقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فأوجب على الزوج نفقة زوجته بحسب حاله يسراً أو أعسراً دون نظر لحالة الزوجة المادية أو الاجتماعية، ويدل على ذلك: ما جاء في المادة رقم: (1) من القانون 25 لسنة 1920، المعدلة بالمادة رقم: (2) من القانون 100 لسنة 1985، التي تنص على أنه (تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً، حتى ولو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها النفقة، وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن، ومصاريف العلاج وغير ذلك بما يقضى به العرف)(12).
ثانياً: أدلة نفقة الزوجة: استدل الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
-
- فمن الكتاب: قوله– تعالى– وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف. سورة البقرة من الآية: (233).
وجه الدلالة من الآية: على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها على زوجها، أرضعت أو لم ترضع، فالنفقة والكسوة مقابل التمكين، فإذا اشتغلت بالإرضاع، فقد يتوهم أن النفقة تسقط، ولكن زال ذلك الوهم بقوله–تعالى-“وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن” في حالة الرضاع لأنه اشتغال في مصالح الزوج، فلا تسقط النفقة(13)
-
- ومن السنة: ما روى عن أبى هريرة– أن النبي–– قال: (تصدقوا، فقال رجل: عندي دينار، قال تصدق به على نفسك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على زوجك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق على والدك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي دينار آخر، قال: أنت أبصر“(14).
وجه الدلالة: على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، وإنما قدم الولد لشدة افتقاره إلى النفقة، فقدم الأقرب فالأقرب(15).
المبحث الثاني: حكم تصرف المرأة في مالها
حافظت الشريعة الإسلامية على ذمة المرأة المالية وحقها في الملكية بعد الزواج، ولكن اختلف الفقهاء في حرية المرأة في التصرف في مالها بعد الزواج فهل يجب إذن الزوج قبل التصرف أم لا؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية والشافعية والراجح عند الحنابلة إلى أنه يحق للمرأة المتزوجة التصرف في مالها كيف تشاء دون إذن الزوج(18).
القول الثاني: ذهب المالكية في المشهور عندهم ورواية للحنابلة أنه إذا كانت التصرفات بعوض كالبيع والإجارة فهي تصرفات نافذة بدون إذن الزوج، وإن كان بغير عوض كالهبة فلا يجوز لها التبرع بأكثر من ثلث مالها إلا بإذن زوجها(19).
الأدلة:
أولاً: أستدل أصحاب القول الأول وهم الحنفية والشافعية والراجح عند الحنابلة: على أنه يحق للمرأة المتزوجة التصرف في مالها كيف تشاء بدون إذن الزوج بالكتاب والسنة:
من الكتاب: قوله تعالى( وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) سورة النساء: الآية (4)
وجه الدلالة من الآية: أن الله سبحانه وتعالى أنشأ للزوجة حقاً شخصياً مالياً وهو المهر، تتقاضاه من الزوج وتستقل به، وترك للزوجة حرية التصرف فيه، ومن ذلك تقديمه كله للزوج عن طيب نفس ورضا، مما يدل على كمال سلطتها في مالها(20)
من السنة:
- بما روى عن النبي –– قال: “تصدقن ولو من حليكن“(21).
وجه الدلالة: أمر النبي–– النساء بالصدقة والزكاة دون أن يشترط استئذان الولي أو الزوج فلو كان واجباً لذكره النبي ––(22)؛ ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها، فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه(23).
- كما استدلوا بما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي ––، أقطاً، وسمناً وأضباً، فأكل النبي–– من الأقط والسمن وترك الضب تقذراً“(24).
وجه الدلالة: دل الحديث على قبول النبي –– الهدية من أم حفيد وأكل منها ولم يسألها استئذان زوجها قبل أن تهدى أم لا فلو كان واجباً لسألها(25).
ثانياً: استدل أصحاب القول الثاني وهم المالكية في المشهور عندهم ورواية للحنابلة: على أنه إذا كانت التصرفات بعوض كالبيع والإجارة فهي تصرفات نافذة بدون إذن الزوج، وإن كانت بغير عوض كالهبة فلا يجوز لها التبرع بأكثر من ثلث مالها إلا بإذن زوجها بالسنة والمعقول.
فمن السنة: عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله –– قال: “لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها“(26).
وجه الدلالة: دل الحديث على عدم جواز تصرف المرأة في مالها دون إذن زوجها (27).
ومن المعقول: أن الرجوع إلى الزوج قبل التصرف فيه استرشاد برأيه لمصلحتها لأن الرجل أدرى بمصالح المال من المرأة في الغالب(28).
الرأي الراجح:
بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة فإني أرى – والله أعلم–أن الراجح هو قول جمهور الفقهاء أن المرأة البالغة الرشيدة حرة التصرف في مالها ضمن الضوابط الشرعية للتصرف في المال ولا يجب استئذان الزوج في التصرفات المالية، لأنه لا علاقة لعقد الزواج بأهلية المرأة المالية؛ فأهلية المرأة قائمة لا تتأثر بعقد الزواج ما دامت بالغة عاقلة رشيدة، فلها أن تباشر كافة العقود من بيع واجاره دون توقف على إذن أحد(29) وإن كان يستحب مشاورته حفاظاً على أواصر العلاقة بينهما وتوثيقاً لدعائم المحبة والألفة ومنعاً لأي مشاحنات وحساسيات بينهما.
المبحث الثالث: حق المرأة في العمل والضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة وأثر إذن الزوج على حق المرأة في العمل
أولا: حق المرأة في العمل في الشريعة الاسلامية والقانون المدني.
- في الشريعة: أباحت الشريعة الإسلامية عمل المرأة في الأعمال المشروعة لها إذا احتاجت إلى العمل أو احتاج العمل إليها، ولكن لا تخل بوظيفتها الأولى وهى رعاية الأسرة، وتربية الأطفال، وهناك مجالات لعمل المرأة(30) متفق عليها منها:
- في مجال التدريس والتعليم في جميع المراحل الدراسية.
- في المجالات الطبية والعلاجية: وذلك حتى لا تضطر المرأة للمعالجة عند الرجال، إذا كان لا يجوز لها كشف عورتها أمام الرجال إلا في حالة الضرورة كعدم وجود طبيبة أنثى، ويجوز للمرأة معالجة الرجال عند الضرورة، كما كانت النساء تداوى الجرحى في الغزوات، عن الربيع بنت معوذ قالت: كنا نغزو مع النبي –– نسقى ونداوى الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة“(31).
- في مجال المعاملات والحرف اليدوية، كالتطريز، والخياطة وغيرها.
- في مجال الدعوة إلى الله، كواعظة للنساء، ولا مانع من مناصحة الرجال إذا تطلبت الحاجة، كوقوع المنكر أمامها، ولا يوجد غيرها يقوم بالإنكار، لتفقهها الحكم الشرعي دون غيرها من الحضور وذلك قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ أن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ سورة التوبة: الآية (71).
وقوله –– “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان“(32)، فتعمل المرأة في مراكز تحفيظ القرآن، ودار الإفتاء وغيرهما من المراكز الدينية التي تأخذ عليها أجر مقابل هذا العمل.
-
عمل المرأة في القانون المدني:
رأى القانون المدني أنه ليس للأب أو الزوج قانوناً أن يمنع ابنته أو زوجته من أداء أي عمل ترغب في أدائه بصفة مستمرة كمتخصصة أو هاوية ما دام الأمر لا يتعارض مع واجباتها الزوجية وطبيعة المرأة واستعدادها الغريزي نحو أطفالها(33).
والأصل أن المشرع سوى بين الرجل والمرأة في علاقات العمل، وأن تخضع المرأة العاملة لجميع أحكام قانون العمل التي يخضع لها الرجل متى تماثلت أوضاع عملهم(34).
ولهذا نصت المادة (88) من قانون العمل الموحد رقم (12) لسنة 2003م. (تسرى على النساء العاملات جميع الأحكام المنظمة لتشغيل العمال دون تمييز بينهما متى تماثلت أوضاع عملهم)(35).
وإن كان القانون أباح للمرأة حق العمل إلا أنه رأى أن ينظم تشغيل النساء فهناك أعمال لا تتناسب مع قدرتهن البدنية والصحية أو مع رعاية المرأة لأطفالها وبيتها.
فقد نصت المادة (89):
على (أنه لا يجوز تشغيل النساء في الفترة ما بين الساعة السابعة مساء والسابعة صباحاً).
وقد نصت المادة (90) من قانون العمل: على أنه (يصدر الوزير المختص قراراً بتحديد الأعمال الضارة بالنساء صحياً أو أخلاقياً وكذلك الأعمال التي لياجوز تشغيل النساء فيها)(36).
وبعد الاطلاع على المادة (90) من قانون العمل رقم (112) لسنة 2003م وعلى الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر في هذا الشأن، قررت مادة (1)، لا يجوز تشغيل النساء فى الأعمال الضارة بهم صحياً أو أخلاقياً(37).
مادة (2) يراجع هذا القرار دورياً لمواجهة أية مستحدثات قد تطرأ في هذا الشأن.
مادة (3) ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره تحريراً 11/8/2003م(38).
وبذلك يتبين لنا: أن القانون المدني جاء موافقاً للشريعة الإسلامية في جواز عمل المرأة، وإن كان رجال الفقه اختلفوا فيما بينهم على حكم تولية المرأة بعض الأعمال، كالإمامة العظمى والقضاء وما يشبه ذلك من الأعمال، إلا أن رجال القانون قد وسعوا المجال أمام المرأة المسلمة في تولى بعض الوظائف القضائية أو الملحقة بالقضاء وبعض وظائف الادعاء ما عدا وظيفة المدعى العام، وخصوصاً في الشئون الأكثر اتصالاً بطبيعتها كأنثى مثل النيابات الحسبية، ونيابات الأحوال الشخصية وغير ذلك.
وبما أن تكوين المرأة يختلف عن تكوين الرجل فقد وضع القانون قيوداً على بعض الأعمال لا يجوز عمل المرأة فيها، سواء أكانت هذه الأعمال ضارة بهن صحياً، أو أخلاقياً أو غيرها من الأعمال التي لا تلائم طبيعة النساء.
ثانياً: الضوابط الشرعية التي تحكم عمل المرأة:
إذا خرجت المرأة للعمل فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار الآداب والضوابط الشرعية التي يجب عليها الالتزام بها، وهذه الضوابط قسمان، ضوابط تتعلق بالمرأة نفسها، وضوابط تتعلق بالعمل.
-
الضوابط المتعلقة بالمرأة نفسها:
- الضابط الأول: الحجاب وقد اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن حجاب المرأة المسلمة واجب عليها إذا خرجت للعمل أو لغيره، صيانة لها وحفظاً لكرامتها(39).
- الضابط الثاني: الإذن: الإسلام أباح للمرأة الخروج للعمل خارج المنزل ولكن خروجها ليس على الإطلاق بل لابد من الإذن في الخروج قد يرد على هذا الأصل استثناءات تجوز للمرأة الخروج من بيت الزوجية بغير إذن الزوج (40)وبذلك قال جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة(41).
- الضابط الثالث: عدم التبرج، وإظهار الزينة المثيرة للفتنة.
- الضابط الرابع: عدم الخلوة أو الاختلاط مع الأجانب(42) لقوله –– (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي رحم محرم)(43)
- الضابط الخامس: عدم مس الطيب وهو العطر يشترط لخروج المرأة من بيتها للعمل إلى العمل المباح ألا تمس طيبا ً ولا بخوراً، وقد نص الفقهاء على هذا الشرط عند حديثيهم عن خروج المرأة من بيتها(44)
-
الضوابط المتعلقة بالعمل:
- الضابط الأول: أن يكون العمل مشروعاً (أي مباحاً شرعاً): والعمل المشروع: ما كان متفقاً مع كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأما الأعمال غير المشروعة، فهي: كل عمل ورد النهي بخصوصه في الشريعة الإسلامية. ومثاله: عمل المرأة في المؤسسات الربوية، ومصانع الخمور، والرقص والغناء والتمثيل المحرم، ومزاولة البغاء، وأي عمل يكون فيه خلوة أو اختلاط محرمان(45).
- الضابط الثاني: اتفاق العمل وتناسقه مع واجبها في المنْزل: فلا يجوز لها أن تلتحق بعمل يشغلها ساعات طويلة، يؤدي إلى تضييع واجب عليها لزوجها أو لولدها أو لوليها وما إلى ذلك، فإنها مسئولة عن ذلك مسؤولية جسيمة، وعلى هذه المسؤولية تتوقف سلامة بناء المجتمع(46).
- الضابط الثالث: التوافق مع مجال عمل الرجال: بأن لا يؤدي عملها البطالة بين الرجال؛ لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب مسؤوليات المجتمع عامة، وهو أمر يرجع إلى دراية المسلمة بواقع الأمر في العمل الذي تريد شغله بصورة خاصة. وهو في الأصل خاضع لتخطيط الدولة العام(47).
- الضابط الرابع: أن يكون عملها لحاجة، وتكون في حاجة للعمل، إذا لم يكن هناك من يقوم بالإنفاق عليها، أو تكون مصلحة عامة تستدعي العمل، مثل أن يكون عملها من قبيل فروض الكفاية، كتدريس بنات جنسها ووعظهن، ومعالجتهن أو أي عمل آخر يتطلب تقديم خدمة عامة للنساء. أو يكون من وراء عملها مصلحة خاصة كإعانة زوج أو أب أو أخ. ومما يدل على ذلك: قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }. [القصص: 23].
ووجه الدلالة قوله تعالى: {وأبونا شيخ كبير}، فهو يدل بمنطوقه على أن علة عمل المرأتين عجز وليهما عن الرعي والسقاية، ويفهم من هذا أن عمل النساء مقيد بالحاجة فالعادة أن السقي للرجال والنساء يضعفن عن ذلك(48)
- الضابط الخامس: ألا يكون هذا العمل الذي تزاوله صارفاً لها عن الزواج – الذي حث عليه الإسلام وأكده – أو مؤخراً له بدون ضرورة أو حاجة. (49)
- الضابط السادس: ملائمة العمل لطبيعة المرأة (50)
ثالثاً: أثر إذن الزوج على حق الزوجة في العمل:
إن السلطات الناشئة للزوج بموجب عقد الزواج أعطت له الحق في منع زوجته من كل ما له المساس بحقوق الزوجية وخصوصاً حق القرار في البيت وعلى ذلك فلابد لها من استشارته واستئذانه للخروج من بيت الزوجية لممارسة العمل.
مما يعني أن هناك حقوقاً وواجبات متقابلة بين الزوجين وخروجها يمس هذا التوازن في الحقوق والواجبات فكان إذن الزوج معتبراً ولابد منه(51)
أولاً: خروج الزوجة للعمل بإذن من الزوج:
إذا تزوج الرجل بامرأة عاملة وتراضيا على أن تبقى في عملها، وتم الاتفاق بينهما على ذلك، فلا خلاف بين العلماء على استمرار الزوجة في العمل، ووجبت لها النفقة باتفاق، ومثله إذا تزوجها غير عاملة ثم عملت بعد ذلك برضاه(52).
والسؤال هل يجوز له منعها بعد ذلك؟
- لا يجوز للزوج الإضرار بزوجته والتعسف في استعمال حق القوامة(53)
- لا يجوز للمرأة أن تخالف زوجها فإن خرجت بغير إذن منه اعتبرت ناشز وترتب عليها حكم النشوز(54)
- يجوز للزوج أن يمنعها إذا تعارض مع حقه(55)
ثانياً: خروج الزوجة للعمل بغير إذن من الزوج:
الأصل أن الزوجة لا تخرج من بيت الزوجية بغير إذن من الزوج، إلا أنه قد يرد على هذا الأصل استثناءات تجوز للمرأة الخروج من بيت الزوجية بغير إذن الزوج، وبيانها كالتالي:
- عدم كفاية الزوج زوجته النفقة الواجبة لها شرعاً، فليس له أن يمنعها من الخروج للعمل والاكتساب لتكفي نفسها النفقة(56)
- ليس للزوج أن يمنع زوجته من العمل إذا كان من فروض الكفايات كالطبيبة النسائية والمعلمة للإناث إذا تعين عليها، أو لم يحسنه غيرها(57)
- أن تكون الزوجة التزمت بعقد أجرت فيه نفسها لعمل أو خدمة سابق لعقد الزواج وقد قال به الشافعية على وجه الخصوص وسموه نكاح مستأجرة العين(58)
حكم اشتراط الزوجة عدم منعها من الخروج للعمل في عقد الزواج:
اختلف الفقهاء في صحة هذا الشرط على أقوال:
- القول الأول: ذهب الحنفية والشافعية(59) إلى أن الشرط باطل والعقد صحيح، لمخالفته حقوق الزوج الثابتة بمقتضى العقد، فللزوج منعها من العمل؛ كما لو تزوجها ولم تشترط عليه ذلك(60).
- القول الثاني: ذهب الحنابلة إلى أن الشرط صحيح، وأوجبوا الوفاء به، فليس للزوج أن يمنع المرأة من العمل بعد أن رضي باشتراط ذلك عليه(61).
- القول الثالث: ذهب المالكية ‘إلى أن الشرط صحيح مع الكراهة، وقالوا بعدم لزوم الزوج الوفاء به ولكن بحسب إمضائه(62).
الأدلة:
أولاً: أدلة القول الأول استدل الحنفية والشافعية بأدلة من السنة والمعقول:
أولاً: السنة: قوله –صلى الله عليه وسلم– ( المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا، أو حرم حلالًا)(63).
وجه الدلالة: لو قلنا بوجوب الوفاء بالشرط من غير دليل يثبته، لكان الشرط محرماً للحلال لمنعه من حق ثابت للزوج(64).
ثانياً: المعقول: القول بجواز الاشتراط في عقد النكاح، فيه اخضاع للحياة الزوجية لأهواء الناس، وهذا يورث العقد الاضطراب، فآثار العقد مبنية على نص الشارع وحماية وصيانة له(65).
ثانياً: استدل الحنابلة بأدلة من الكتاب والسنة والمعقول:
أولاً: الكتاب: قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُود) سورة المائدة: أية (1)
وجه الدلالة: النص صريح في لزوم الوفاء بالعقود بوجه عام، وعقد النكاح عقد من العقود(66)
ثانياً: السنة: عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )أَحَقُ ما أوفيتم مِنَ الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)(67).
وجه الدلالة: أن ما تم الاشتراط عليه في عقد النكاح يعتبر من ألزم الشروط الواجب الوفاء بها، فإن كانت معتبرة في سائر العقود، ففي النكاح أولى، لأن أمره أحوط وبابه أضيق(68).
ثالثاً: المعقول واستدلوا به من عدة وجوه:
الوجه الأول: يجوز في النكاح عامة الشروط التي فيها غرض صحيح، للنصوص الصحيحة، فلكل من الزوجين أن يشترط صفة مقصودة، ويملك الفسخ بفواته لأن رضاه بالعقد منوط بالقبول به(69).
والوجه الثاني: إذا اشترطت المرأة على الزوج في العقد السماح لها بالعمل فإنها لم ترض بإباحة فرجها إلا بهذا الشرط، وشأن الفروج أعظم من شأن المال، فإذا حرم أخذ المال إلا بالتراضي فالفروج أولى(70)
ثالثاً: أدلة القول الثالث: استدل المالكية بمجمل الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول والقول الثاني، على النحو التالي:
اعتبروا اشتراط الزوجة الخروج للعمل في عقد الزواج شرطا يناقض أثر من الآثار المترتبة على العقد دون إخلاله بالمقصد الأصلي للنكاح؛ لذا صح العقد لعدم مناقضته أصل العقد وكره لمعارضته أثر من آثاره، فلا يلزم الزوج الوفاء به، ولما ارتضاه ابتداء استحب الوفاء به(71)
الراجح: مما سبق يتضح لي رجحان المذهب الثاني القائل بوجوب وفاء الزوج بما اشترطته عليه الزوجة في عقد النكاح، فإذا اشترطت عليه الاستمرار في عملها، فلا يحق له أن يمنعها من العمل؛ لأن المرأة لما اشترطت هذا الشرط لم ترض بإباحة فرجها إلا بذلك الشرط؛ لذلك فإن عدم الوفاء بهذا الشرط يورث خللاً في الرضا القائم عليه عقد الزواج وقد جاء القانون موافقاً لهذا القول فالقانون المدني أنه ليس الزوج قانوناً أن يمنع زوجته من أداء أي عمل ترغب في أدائه بصفة مستمرة كمتخصصة أو هاوية ما دام الأمر لا يتعارض مع واجباتها الزوجية وطبيعة المرأة واستعدادها الغريزي نحو أطفالها(72).
المبحث الرابع: نفقة الزوجة العاملة
اتفق الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، ولكن اختلفوا في نفقة الزوجة العاملة في وظيفة أو حرفة من الحرف لأنها إما أن تخرج للعمل بدون إذن زوجها أو تخرج للعمل بإذن زوجها فهل رضا الزوج أو عدم رضاه له الأثر على نفقه الزوجة العاملة؟ وإليك تفصيل المسألة:
أولاً: أثر خروج المرأة للعمل بدون إذن زوجها:
فقد اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا خرجت للعمل بدون إذن زوجها فلا نفقة لها، لأنها امتنعت عن امتثال أمره فهي ناشز، والناشز لا نفقة لها(73).
وقد جاء القانون المدني موافقاً للشريعة الإسلامية، بأن المرأة إذا خرجت بدون إذن زوجها فلا نفقة لها، فقد جاءت المادة (169) من القانون المدني: (الزوجة المحترفة التي تكون خارج البيت نهاراً وعند الزوج ليلاً إذا منعها من الخروج فعصته وخرجت فلا نفقة لها ما دامت خارجة)(74).
ثانياً: أثر خروج المرأة للعمل بإذن زوجها:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح إلى أن المرأة إذا خرجت للعمل بإذن زوجها تجب لها النفقة، ما دام الزوج راضياً بذلك(75).
القول الثاني: ذهب الشافعية في رأى والحنابلة في المشهور عندهم إلى أن المرأة إذا خرجت بإذن زوجها لحاجة نفسها فلا نفقة لها(76).
سبب الخلاف: اختلف الفقهاء في حكم نفقة الزوجة العاملة إذا خرجت بإذن زوجها، بناء على أن التسليم الذى هو حق للزوج يكون ناقصاً، فمن قال أن الزوج إذا تنازل عن حقه في التسليم الكامل، فلا تعتبر الزوجة ناشز ولها النفقة، ومن قال أن التسليم الناقص ولو بإذن الزوج يفوت عليه التمكين منها فيسقط نفقتها.
الادلة:
أولاً: استدل أصحاب القول الأول القائلون: بوجوب النفقة للزوجة العاملة إذا خرجت بإذن زوجها بالمعقول:
بأن الزوجة العاملة عملاً يجعلها تسلم نفسها بالليل فقط أو بالنهار فقط، أو بعض النهار، ثم تأوي إلى بيت الزوج وهو راض بذلك فقد أسقط حقه في التسليم الكامل الذى هو من شروط وجوب النفقة، فلا تعتبر الزوجة ناشز بذلك، فتجب لها النفقة(77).
نوقش هذا الاستدلال: بأن القول بوجوب النفقة يحمل على ما إذا كان معها الزوج، أما إذا لم يكن معها فلا نفقة لها، لإقبالها على شأنها وخروجها عن قبضته(78).
ثانياً: أدلة القول الثاني: القائلون: بعدم وجوب النفقة للزوجة العاملة إذا خرجت بإذن زوجها بالمعقول:
بأن المرأة إذا خرجت للعمل ولو بإذن زوجها فقد أصبح التسليم ناقصاً، والاحتباس الذى هو حق للزوج غير تام بأن سلمت نفسها بالليل فقط أو بالنهار فقط أو بعض الليل أو بعض النهار فلا نفقة لها، لنقص التسليم، ولأنها فوتت عليه التمكين منها لأجل نفسها(79).
نوقش هذا الاستدلال: ناقش أصحاب القول الأول هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن القول بسقوط النفقة يكون فيما إذا لم يكن معها زوجها أو منعها من الخروج، فخرجت ولم يقدر على ردها، وما عدا ذلك فلها النفقة(80).
الوجه الثاني: قولكم أن التسليم غير تام، والاحتباس الذى هو حق للزوج غير تام، والنفقة تجب بالعقد والتمكين، بأن رضا الزوج بخروج زوجته للعمل، تنازل منه عن حقه في التسليم الكامل، فتستحق النفقة عليه، وفى منعها من النفقة تعسف ضدها، وظلم لا يرتضيه الشرع(81).
القول الراجح:
بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة يتضح لنا أن ما ذهب إليه أصحاب القول الأول القائلون: بوجوب نفقة الزوجة العاملة إذا خرجت بإذن زوجها هو الراجح، لأنها لم تتعد على حقه في إمساكها واحتباسها فرضاه بالعمل تنازل منه عن حقه في التسليم الكامل فيسقط كل شبهة ذكرها المانعون ويبقى حقها في النفقة، ولكن على المرأة مراعاة معنى التعاون الذى تقوم عليه الأسرة وروح المودة والرحمة المقصودين من النكاح.
وقد جرى القضاء المصري، على فرض نفقة الزوجة المحترفة إذا أقدم الزوج على الزواج منها وهو يعلم أن لها عملاً يقتضيها لترك المنزل بعض النهار ما لم يمنعها من ذلك، لأن رضاه يعتبر إسقاط لحقه في الاحتباس الكامل.
وقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1929م المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م ما نصه: (خروج المرأة للعمل المشروع لا يعتبر سبباً لسقوط النفقة، ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه“(82).
المبحث الخامس: مساهمة الزوجة العاملة في الانفاق على بيتها ومقدار المساهمة
أولاً: مساهمة الزوجة العاملة في الانفاق على بيتها:
لقد أثبت الشرع حق القوامة للرجل وجعله مسؤولا به عن البيت ونفقته، وأثبت في المقابل واجب الزوجة في رعاية البيت والأبناء، ومما لا شك فيه أن تطور الواقع الاجتماعي للمرأة اليوم، وخروجها من بيت الزوجية للعمل وتركها بعض مسئولياتها أدى إلى حالة شكلت اضطراباً في ميزان الواجبات والحقوق بين الزوجين حتى وان كان خروجها بإذن من الزوج، فخروج الزوجة للعمل غالباً ما يؤدي إلى زيادة المصاريف والنفقات، مما يحمل الزوج مزيداً من الأعباء المالية والنفسية، وذلك من حيث زيادة شراء الملابس، والاضطرار– أحياناً– للأكل خارج المنزل، ووضع الأطفال في الحضانات واستئجار الخادمات(83).
ومن هنا ظهر الحديث عن مشاركة الزوجة العاملة في تحمل جزء من مسئولية النفقة على البيت فتعددت اجتهادات العلماء في هذه المسألة؛ على النحو التالي:
- الفقهاء القدامى(84): ذهبوا إلى أن المرأة لا تجبر على المشاركة في النفقة على البيت، حيث إن الثابت أن الزوجة لا تتحمل الإنفاق على الأسرة، وهذا توجه بعض العلماء المعاصرين، وهو ما أخذ به مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته السادسة بدبي(85).
- ذهب ابن حزم (86): إلى أن الزوجة العاملة مكلفة في المساهمة مع الزوج في النفقة على البيت، فتتحمل الزوجة العاملة جزءاً من النفقة على سبيل الإلزام.
- بعض الفقهاء المعاصرين: ذهبوا إلى أن الزوجة العاملة تساعد زوجها في نفقة البيت، تبرعاً منها ومن باب مكارم الأخلاق، وليس من باب الوجوب والإلزام وهو قول القرضاوي(87) والكيلاني(88) .
الأدلة:
- استدل القائلون بأن الزوجة العاملة لا تجبر على المشاركة في النفقة على البيت، بالأدلة العامة الدالة على وجوب النفقة على الزوج في الكتاب والسنة وتمت الاشارة اليه في المبحث الأول(89)
- استدل القائلون بأن الزوجة العاملة مكلفة في المساهمة مع الزوج في جزء من النفقة على البيت على سبيل الإلزام بالكتاب والسنة:
أولاً: الكتاب: قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) سورة البقرة: الآية (233).
وجه الدلالة: دلت الآية على أن النفقة تجب على الزوج وعلى كل وارث متى وجبت عليه، والزوجة وارثة بنص القرآن الكريم (90)
نوقش ذلك: أن الآية تفيد وجوب النفقة على الزوج وعلى الوارث مما تجب عليه نفقته من الرجال، وخصص الرجال دون النساء بالوجوب بقوله تعالى (وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ) والمولود له هو الزوج(91).
ثانياً: السنة: عن عبدالله بن عمو أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها)(92)
وجه الدلالة: يدل الحديث على أنه لا يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة، مما يدل على أن للزوج حقاً في مال زوجته بمقتضاه تشاركه في نفقة الأسرة.
نوقش ذلك: أن النصوص التي منعت صدقة المرأة إلا بإذن زوجها، تحمل على الآداب لا على الوجوب؛ وذلك من باب حفظ الحياة الزوجية وتقدير المرأة لزوجها، إضافة إلى ذلك ما ثبت في الشرع من عدم تقييد سلطة المرأة في تصرفها بمالها(93).
- استدل القائلون بأن الزوجة العاملة تساعد زوجها في نفقة البيت، تبرع اً منها ومن باب مكارم الأخلاق، وليس من باب الوجوب والإل ا زم بالسنة والمعقول:
أولاً: السنة: عن زينب امرأة عبدالله قالت: (انْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى الْبَابِ حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ فَقُلْنَا سَلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيَجْزِي عَنِّي أن أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي وَقُلْنَا لاَ تُخْبِرْ بِنَا فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَنْ هُمَا قَالَ زَيْنَبُ قَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ ؟قَالَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ)(94)
وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث المرأة أن تعطي زوجها الفقير وأبناءها من مالها أدبا ,وبراً، وما كان ذلك إلا تبرعا من الزوجة في المشاركة في النفقة على البيت(95).
ثانياً: من المعقول: استدلوا بالمعقول من وجهين:
الوجه الأول: صعوبة الحياة وضيق الحال وعجز الزوج في عدد من المجتمعات عن الإنفاق على الأسرة، أو عجزه عن تحقيق السعة في الحياة مما أوجد عرفا سائدا بين الناس يقضي بتعاون الزوج والزوجة في تكوين الأسرة والقيام بها(96)
الوجهة الثاني: مما يؤكد استحسان مساهمة المرأة العاملة في نفقة البيت، المصروفات الإضافية التي تترتب على خروجها للعمل إذا كانت وظيفتها أو عملها في الخارج؛ إذ يكلف البيت خادمة أو مربية للأطفال، أو حضانة أو غير ذلك(97)
الراجح:
مما سبق يتبين رجحان القول القائل بمساهمة الزوجة العاملة مع الزوج في الإنفاق على الأسرة استحسانا، ووجوبا أدبيا، ومن باب مكارم الأخلاق، وحسن العشرة، وليس من باب الوجوب والإلزام الشرعي وذلك لجريان العرف بمساهمة الزوجة العاملة بالنفقة على الأسرة هو في حكم الشرط، ومن المعاشرة بالمعروف فهي من الأسباب التي تولد المحبة بين الزوجين، وتقوي دعائم الأسرة، خصوصا حال عجز الزوج عن الإنفاق على الأسرة.
ثانياً: مقدار مساهمة الزوجة في نفقات البيت:
إذا تم الاتفاق والتراضي بين الزوجين على أن تساهم الزوجة بمقدار محدد من المال في نفقات البيت، فالعبرة بما تم الاتفاق عليه، وعليها الالتزام بذلك، أما إذا تم الاتفاق على مبدأ المساهمة المشاركة، دون تحديد لنسبة ومقدار المساهمة، وحصل نزاع واختلاف، فنهاك آراء متعددة منها:
- أن يتم الاتفاق على نسبة الثلث، وذلك من باب المقابلة في الحقوق والواجبات، لقوله تعالى(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء: من الآية (11) فالغنم بالغرم. (98)
- أن يكون مقدار المساهمة كما يلي:
- يتحمل الرجل نفقات البيت الأصلية كاملة، باعتباره المسؤول الأول عن الإنفاق، وتتحمل المرأة نفقات البيت الإضافية الناتجة عن العمل المهني، باعتبارها متسببة في هذه النفقات، كالحاجة إلى خادمة في البيت، أو حضانة للأطفال…الخ.
- أو أن تقدم الزوجة العاملة لزوجها مقدار من المال تعويضاً عن تحمله بعض الآثار المادية والنفسية لعملها خارج المنزل، ويقدر هذا المبلغ بحسب حال كل من الزوجين المادية وسعته وقدرته(99)
من خلال الواقع نخلص لما يلي:
- لا يمكن لنا إغفال التطورات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على الحياة الأسرية في المجتمعات العربية والاسلامية بصورة عامة، والتي من أهمها خروج المرأة للعمل، مما يترتب عليه زيادة النفقات الملقاة على عاتق الزوج.
- غالباً ما تقوم الزوجة العاملة بالمساهمة في الإنفاق على بيتها، حتى أن ذلك أصبح عرفاً جارياً بين الناس، بدليل أن نسبة كبيرة ممن يريد الزواج يبحث عن امرأة عاملة، تساعده في تحمل أعباء وتكاليف الحياة، وكأن الزوج رضي ضمناً بعمل الزوجة بشرط أن تشاركه في نفقات البيت، وفي هذا تحقق لمبدأ التكافل الأسري، والذي يعتبر من أسباب دوام واستقرار الحياة الزوجية (100).
- ليس في الفقه الاسلامي أو القانون المدني ما يشير إلى تنظيم هذه الحالة.
وعلى ضوء ما ذكر ترى الباحثة أن مساهمة الزوجة العاملة في نفقات البيت هو أمر عادل باعتبار ذلك شرطاً وعرفاً جارياً.
المبحث السادس: حكم نفقه المرأة العاملة على نفسها إذا أعسر الزوج بالنفقة
إذا عجز الزوج عن الإنفاق لعسر أو مرض ونحو ذلك…، فهل يلزم المرأة العاملة (الموسرة) الإنفاق على نفسها؟ ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، إلى أن نفقة الزوجة تبقي واجبة على زوجها، حتى في حالة عجزة أو إعساره، ولا يلزمها الإنفاق وإن كانت موسرة(101)
وذهب ابن حزم إلى أن نفقة الزوجة تسقط عن زوجها المعسر، بل وتلزمها أن كانت موسرة ولا ترجع عليه ولو أيسر بعد ذلك (102).
وهل يثبت لها حق خيار فسخ النكاح؟ اختلف الفقهاء على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية والزهري وابن أبى ليلى وابن شبرمة إلى أنها تؤمر بالاستدانة عليه ولا يفرق بينهما(103).
القول الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنها تخير بين فسخ النكاح والمقام معه، وتكون النفقة ديناً في ذمته، وإن اختارت المقام معه ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك، وإذا ثبت عسرته عند الحاكم أمهل من الحاكم بحسب ما يراه من حال الزوج، لعله أن يحصل النفقة في ذلك الزمن وإلا طلقها، أو طلق الحاكم عليه، وتكون النفقة ديناً عليه إذا أيسر بها، إلا أن تقصد به الصلة فلا ترجع بشيء عليه(104).
سبب الخلاف: تشبيه الضرر الواقع من الإعسار بالنفقة بالضرر الواقع من العنة، لأن الجمهور على القول بالتطليق من العنين، قال ابن المنذر إنه إجماع، وربما قالوا النفقة في مقابل الاستمتاع، بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور، فإذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع فوجب الخيار، وأما من لا يرى القياس، فإنهم قالوا قد ثبتت العصمة بالإجماع فلا تنحل إلا بإجماع أو بدليل من الكتاب أو السنة فسبب اختلافهم معارضة استصحاب الحال للقياس(105).
الأدلة: استدل أصحاب القول الأول القائلون بالاستدانة عليه وعدم التفريق بالكتاب والمعقول:
أولاً: الكتاب:
-
- قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة… سورة البقرة من الآية (280).
وجه الدلالة: على أن كل من كانت النفقة واجبة عليه فأعسر بها لضيق حاله وجب إمهاله إلى وقت يسارة(106)
نوقش الاستدلال بهذه الآية: بأن قوله– تعالى– “فنظرة إلى ميسرة” المقصود بها ما استقر ثبوته في الذمة، وهى لا تستحق الفسخ بما استقر ثبوته في الذمة من ماضي نفقتها، وإنما تستحق الفسخ بنفقة الوقت الذى لم يستقر في الذمة، فلم تتوجه إليها الآية(107).
-
- قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آَتَاهَا. سورة الطلاق من الآية: (7).
وجه الدلالة من الآية: دلت على أن الفقير لا يكلف بأن ينفق ما ليس في سعته، فقوله– تعالى-: “إلا ما آتاها” أي أعطاها من الرزق وتبلغ إليه طاقته، فإذا أعسر ولم يجد سبباً يمكنه به تحصيل النفقة فلا تكليف عليه بدلالة الآية(108).
نوقش هذا الاستدلال: بأنه قد دلت الآية على سقوط النفقة عن الزوج عند إعساره، وبه نقول وأما الفسخ فهو حق للمرأة تطالب به(109).
ثانياً: المعقول: أن كل من لم يقدر على الإنفاق، لا يكلف بالإنفاق، ولكن يؤمر بالاستدانة عليه، لأن في التفريق إبطال الملك على الزوج، وفى الأمر بالاستدانة تأخير حقها، وهو أهون من الإبطال(110).
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني القائلون بالتخيير بين فسخ النكاح والمقام معه بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
أولاً: الكتاب: قال– تعالى-: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان…. سورة البقرة من الآية (229).
وجه الدلالة من الآية: قوله– تعالى-: (فإمساك بمعروف) أي بما يعرف أنه الحق.
(أو تسريح بإحسان) أي لا يظلمها شيئاً من حقها ولا يتعدى عليها في قول أو غيره، فإذا أعسر بالنفقة كان لها الحق في الفسخ، إلا إذا اختارت المقام معه(111).
ثانياً: السنة.
- ما روى عن أبى هريرة أن النبي–– (قال في الرجل، لا يجد ما ينفق على أهله: يفرق بينهما) (112).
وجه الدلالة: الحديث صريح في وجوب التفريق عند الإعسار بالنفقة.
نوقش هذا الاستدلال: بأن التفريق عند الإعسار بالنفقة لا يكون إلا عند عدم رضا المرأة بالمقام معه على إعساره، للإجماع على عدم وجوب المقام معه عند عدم رضاها(113).
- ما روى عن أبى هريرة أن النبي–– قال: (أفضل الصدقة، ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني، واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى من تدعني“(114).
وجه الدلالة من الحديث: أن قوله–– “ابدأ بمن تعول“، أي بمن تجب عليك نفقته.
وقول المرأة لزوجها (إما أن تطعمني وإما أن تطلقني)، يدل على أن الزوج إذا أعسر بالنفقة واختارت المرأة فراقه فرق بينهما(115).
نوقش هذا الاستدلال: أنه لا يصح الاحتجاج بهذا الحديث، فقد قالوا لأبى هريرة: “سمعت هذا من رسول الله––؟ قال: لا، هذا من كيس أبى هريرة)، أي من استنباطه موقوفاً عليه، لئلا يتوهم نسبته إلى النبي––، ولأنه ليس إلا حكاية امرأة تقول أطعمني أو فارقني، وليس فيه دليل على أن الفراق واجب عليه(116).
- ما ثبت أن عمر بن الخطاب كتب إلى الأجناد، في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا(117).
نوقش الاستدلال بهذا الأثر: أنه لا يمكن الاحتجاج بكتاب عمر، لأن مذهبه إسقاط طلبها من المعسر، فهو لم يخاطب بذلك، إلا الأغنياء القادرين على النفقة، وليس فيه ذكر حكم المعسر، بل قد صح عن عمر إسقاط طلب المرأة للنفقة، إذا أعسر بها الزوج(118).
ثالثاً: الإجماع: قول عمر بن الخطاب، وأبى هريرة، وكتاب عمر إلى الأجناد، وانتشار ذلك في الصحابة ولم يثبت له مخالف إجماع لا يسوغ خلافة(119)
رابعاً: المعقول: أن النكاح يفسخ بالجب، والعنة، فالعجز عن النفقة أولى، لأن البدن لا يقوم بدون النفقة، بخلاف الوطء، فإن البدن يقوم بدونه(120).
نوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يمكن قياس النفقة على الجب والعنة، لأنهما يفوت بهما المقصود من النكاح، وهو التوالد والمال تابع فلا يلحق بما هو أصل، لأن النفقة لا تفوت، بل تتأخر وتبقى ديناً في ذمته، فيمكن تداركها في الآخرة، فلا تكون معارضة، لإبطال حقه فى الملك، وفى الجب والعنة لا يمكن ذلك، فتعارض الحقان، فترجح حقها، لأنه أصدق من حقه، إذ لا حاجة له إليها فيما يرجع إلى المقصود بالنكاح(121).
القول الراجح: بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم ومناقشة ما أمكن يتبين لنا أن ما ذهب إليه أصحاب القول الأول القائلون بإمهال الزوج إلى وقت يساره هو الراجح، لقوة أدلتهم ومناقشة أدلة القول الثاني، ولأن ذلك من باب المعاشرة بالمعروف، فإذا كانت المرأة عاملة فلها أن تنفق على نفسها من مالها وتحسبه ديناً على الزوج، وعليها أن تتعاون مع زوجها في استمرار الحياة الزوجية، فالمال تابع فيها وليس هو المقصود الأصلي.
وقد جاء القانون موافقاً لما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الزوج إذا أعسر بالنفقة تخير الزوجة بين المقام معه والفسخ، وإذا ثبت أن المدعى عليه قد أعذر بالنفقة ومضى الوقت الذى ضربته له المحكمة دون أن يقوم بالإنفاق على زوجته المدعية تعين تطليقها عليه طلقة رجعية عملاً بالمادة (6) من القانون رقم 25 لسنة (1920)(122). والتي تنص على: (أن تطليق القاضي لعدم الإنفاق يقع رجعياً، وللزوج أن يراجع زوجته إذا ثبت يساره واستعد للإنفاق في أثناء العدة، فإن لم يثبت يساره ولم يستعد للإنفاق لم تصح الرجعة) (123).
والطلاق بسبب عدم الإنفاق طلاق رجعى في كل الأحوال، ولكن الرجعة لا تثبت بمجرد قوله راجعت امرأتي، بل لا بد من أن يزول السبب الذى كان من أجله التطليق.
المبحث السابع: حكم نفقة المرأة العاملة على أولادها
أولاً: إذا كان الأب موسراً بالنفقة:
اتفق الفقهاء على أن النفقة واجبة على الأب لأولاده إذا كان موسراً بها ولم يبلغ الولد حد الكسب وما لم تتزوج الأنثى(124).
ثانياً: إذا كان الأب معسراً بالنفقة فهل تلزم المرأة بالإنفاق على أولادها؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب الحنفية والحنابلة بوجوب النفقة على الأم والجد حالة إعسار الأب، فإن وجدت أم وجد موسران، فالنفقة عليهما على قدر إرثهما في ظاهر المذهب، وإن أعسرت الأم فهي على الجد، ثم من يليه من الأقارب(125).
القول الثاني: ذهب المالكية إلى أن النفقة لا تلزم المرأة مع وجود الأب أو عدمه، فقيرة كانت أو غنية(126).
القول الثالث: ذهب الشافعية إلى وجوب النفقة على الجد عند إعسار الأب، فإذا لم يوجد جد فهي على الأم(127).
سبب الخلاف: اختلف الفقهاء فيمن تجب عليه نفقة الصغير عند إعسار الأب، فمن نظر إلى من هو أولى بالتحمل من الأقارب، قال بوجوبها على الأم والجد على قدر إرثهما، ومن نظر إلى أن الأم لا تلزمها نفقة، قال بعدم وجوبها على الأم، لأنها ليست عصبة، ومن نظر إلى أن الجد يقوم مقام الأب، قال بوجوبها على الجد دون غيره(128)
استدل أصحاب القول الأول القائلون بوجوبها على الأم عند إعسار الأب بالكتاب والسنة:
أولاً: الكتاب:
- قال– تعالى-: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْن سورة البقرة من الآية (233).
وجه الدلالة: دلت الآية الكريمة على أن الأب إذا كان معدماً ولا مال للصبى فالإرضاع على الأم، فإن لم يكن لها لبن ولها مال، فالإرضاع عليها في مالها، لأن الإنفاق عند الحاجة من باب إحياء المنفق عليه، والإنفاق من باب الصلة، فكان واجباً عليها، وتركه يؤدى إلى القطع فكان حراماً(129).
- قال– تعالى– وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِك…(. سورة البقرة من الآية: (233).
وجه الدلالة: على أنه لما كان الإنفاق واجباً على الأب لأولاده، فمن كان في مثل حاله في القرب يلحق به، فإذا أعسر وجبت على الأم والجد، لأنهما وارثان، فيجب اشتراكهما في تحمل النفقة عند الإعسار(130).
نوقش هذا الاستدلال: بأن الآية لا دليل فيها على وجوب النفقة على الأم، لاختلاف أهل التأويل في المراد بالوارث هنا على ثلاثة أقوال:
- أن المولود يلتزم بنفقة أمه بعد موت أبيه، كما التزمها أبوه، وعلى هذا التأويل يسقط الدليل.
- أنه أراد وارث الأب، فعلى هذا يكون الجد الذى هو أبوه أخص بميراثه نسباً من الأم التي هي زوجته فيسقط الدليل.
- أنه وارث المولود فعلى هذا يكون المراد بقوله (مثل ذلك) ما حكاه الشافعي عن ابن عباس وتابعه عليه الزهري في أنه لا تضار والدة بولدها، فسقط الاستدلال بالآية على هذه التأويلات الثلاثة(131).
ثانياً: السنة: ما روى عن بهز بن حكيم عن ابيه، عن جده قال: قلت يا رسول الله! من أبر؟ قال: “أمك. قال: قلت: ثم من؟ قال: أمك. قال: قلت: ثم من، قال: أمك. قال: قلت: ثم من؟ قال أبوك، ثم الأقرب فالأقرب“(132).
وجه الدلالة: دل الحديث على أن قوله: “من أبر؟” أي من أصله وأحسن إليه، فقال–-: “أمك” ثلاث مرات “ثم أبوك ثم الأقرب فالأقرب” دليل على أن الأم أقرب من الجد ومن غيره، فهي أولى من غيره بالإنفاق عند عجز الأب(133).
أما إذا توفى الأب فهي على الجد والأم أثلاثاً، على قدر إرثهما في ظاهر الرواية(134).
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني القائل: بأن المرأة لا تلزمها النفقة على أولادها بالكتاب والمعقول.
أولاً: الكتاب. قال– تعالى-: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض…سورة النساء من الآية: (34).
وجه الدلالة: تدل الآية الكريمة على أن النفقة لا تجب على الأم، فقد أوجب النفقة لهن ولم يوجبها عليهن فلا يلزمها(135).
نوقش هذا الاستدلال: أن هذا الاستدلال في غير محله، لأن الآية قد وردت في نفقة الزوجات فلا دليل فيها(136).
ثانياً: المعقول:
-
- أن الأم ليست عصبة لولدها فلا تلزمها النفقة عليه(137).
- أن كل من لا يلزمها إرضاعه في بعض الأحوال إلا بعوض لم يلزمها الإنفاق عليه كالأجنبية، ولأن الإنفاق إذا وجب على شخص لم ينقل إلى غيره، وكذلك إذا حال دون حائل لا ترجع النفقة عليه، ونفقة هذا الولد كانت لازمة للأب، فإذا فقد الأب أو أعسر لم يلزم غيره، كما لا يلزم سائر الأقارب(138).
أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث القائل بوجوبها على الجد أبى الأب، ثم تنتقل إلى الأم بالمعقول:
- أن الجد يطلق عليه اسم الأب، فيأخذ حكمه، قال– تعالى-: يَا بَنِي آَدَم… سورة الأعراف من الآية: (31). فسمانا أبناء، وسمى أدم أبا، وهو ليس أباً، ولأن الجد يقوم مقام الأب في الولاية ويختص دون الأم بالتعصيب فوجب أن يقوم مقامه في الالتزام بالنفقة. ولأن الله– تعالى– سمى إبراهيم–– أبا، وإن كان جداً بعيداً، قال– تعالى-: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم. سورة الحج من الآية: (78).
- أن الولد لما تحمل نفقة أبويه، وجب أن يتحمل أبواه نفقته(139).
القول الراجح: بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة ومناقشة ما أمكن من الأدلة، يتبين لنا أن ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من أن المرأة عليها نفقة أولادها عند إعسار الأب هو الراجح لأن الأم هي الأقرب للولد من غيرها، ولأن النفقة وجبت على الأب لولادته، فتجب على الأم من باب أولى، فالأم أحد الوالدين، ويوجد بينها وبين أولادها قرابة توجب رد شهادتهما فأشبهت الأب(140)، فهي أولى بالتحمل من سائر الأقارب، وكذلك الجد أن وجد على قدر إرثه، فإن لم توجد، فعلى الجد لأنه يقوم مقام الأب عند عدمه ثم من يليه من الأقارب.
وقد جاء القانون موافقاً لما ذهب إليه الحنفية والحنابلة بأن المرأة عليها نفقة أولادها عند إعسار الأب وهى موسرة، سواء كان الإعسار بسبب مرض مزمن أو العجز عن الكسب، فإن كان الاب كذلك ألحق بالميت، وسقطت عنه النفقة، وانتقل حق وجوبها إلى من تجب عليه نفقة الصغير، في حالة عدم وجود الأب(141)
الخاتمة
بعد عرض هذا البحث بفضل الله ونعمته، فإني انتهى إلى النتائج والتوصيات الآتية:
- أن نفقة الأنثى العاملة في الشريعة الإسلامية والقانون المدني تكون على الأب حتى تتزوج الأنثى وأن نفقة الزوجة على زوجها لأنها محبوسة لحقه.
- أن للمرأة حق التصرف في مالها، ولا سلطة لأحد عليها.
- شهدت النصوص الشرعية والقانونية على مشروعية العمل للمرأة في بعض المجالات.
- أن الزوجة العاملة إذا خرجت بدون إذن زوجها فلا نفقة لها، أما إذا خرجت بإذنه فالراجح وجوب نفقتها عليه لخروجها بإذن، وقد جرى القضاء المصري على فرض نفقة الزوجة المحترفة سواء رضى زوجها أم أبى.
- يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها البقاء في العمل إذا كانت عاملة، ويلزم الوفاء إذا قبل الشرط.
- مساهمة الزوجة العاملة في تحمل جزء من مسئولية النفقة يعتبر من باب مكارم الأخلاق وليس واجباً شرعياً، وليس في القانون ما يشير إلى تلك الحالة.
- إذا أعسر الزوج بالنفقة فإنها تؤمر بالاستدانة عليه وإن كانت عاملة تنفق من مالها وتحسبه ديناً على الزوج ولا يفرق بينهما وتمهل الزوج إلى وقت يساره– من باب التعاون– فالمال تابع في الحياة الزوجية وليس هو المقصود الأصلي، وإن كان القانون خير الزوجة بين المقام معه والفسخ، وإذا ثبت أن المدعى عليه قد أعذر بالنفقة ومضى الوقت الذى ضربته له المحكمة دون أن يقوم بالإنفاق على زوجته المدعية تعين تطليقها عليه طلقة رجعية.
- الأصل في نفقة الأولاد الصغار كونها على الأب ولا يشاركه فيها أحد ما دام موسراً بها ولم يبلغ الولد حد الكسب، أما إذا كان معسراً بالنفقة فالراجح وجوبها على الأم أن كانت موسرة بها لأنها الأقرب للولد وهو ما ذهب إليه القانون المدني.
- أن القانون جاء موافقاً للشريعة، إلا في مسألة نسبة مساهمة الزوجة في النفقة على بيتها.
التوصيات:
- أن المرأة إذا خرجت من بيتها لحاجة العمل تأخذ بعين الاعتبار الآداب والضوابط الشرعية التي يجب عليها الالتزام بها.
- تشريع قانون لمعالجة بعض القضايا التي لم ينص عليها، كمسألة مشاركة المرأة العاملة في الإنفاق على البيت بعد أن شاعت وأصبحت واقعاً عاماً.
فهرس المراجع والمصادر
-
القرآن الكريم.
- ابن العربي: لأبى محمد بن عبدالله، أحكام القرآن، ط– دار الجيل– 1407هـ– 1987م.
- ابن الفراء: أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، التهذيب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق الشيخ: عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ على معوض– منشورات محمد على بيضون– دار الكتب العلمية– بيروت الطبعة الأولى 1418م
- ابن رشد: القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد/(ط) الرابعة مطبعة مصطفى البابي الحلبى– 1395هـ– 1975م.
- ابن عابدين: لمحمد أمين المعروف ببن عابدين، حاشية ابن عابدين المسمى حاشية رد المحتار على الدر المحتار شرح تنوير الأبصار (ط) دار الفكر سنة 1421هـ– 2000م.
- ابن منظور: لأبى الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب/(ط) الأولى (ط) دار صادر– بيروت.
- ابن نجيم: لزين الدين الشهير ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (ط) الثانية– دار الكتاب الإسلامي
- أبى داود: للإمام سليمان بن الأشعث السجستانى الأزدي، سنن أبى داود، تحقيق: محمد محى الدين عبدالحميد (ط) دار الفكر.
- أحمد إبراهيم بك، واصل علاء الدين أحمد إبراهيم، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية والقانون معلقاً عليها بأحكام محكمة النقض/(ط) 1414هـ– 1994م.
- أحمد الصاوي: بلغة السالك لأقرب المسالك/، تحقيق: محمد عبدالسلام شاهين (ط) دار الكتب العلمية 1415هـ– 1995م– بيروت– لبنان.
- البخاري: لأبى عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256، صحيح البخاري، (ط) الأولى 1407هـ– 1987م الناشر: دار الشعب– القاهرة
- البهوتى: لمنصور بن يوسف، الروض المربع بشرح زاد المستنقع (ط) دار الفكر– تحقيق: سعيد محمد اللحام.
- البهوتي: منصور بن يونس بن صلاح الدين بن إدريس البهوتي، شرح منتهى الإرادات، (ط) الأولى سنة 1414هـ– 1993م– عالم الكتب
- الجصاص: للإمام أبى بكر أحمد بن على الرازق المتوفى سنة (370هـ)، أحكام القرآن: ط دار الفكر
- الدجوى: محمد الدجوى، الأحوال الشخصية للمصريين المسلمين فقهاً وقضاءاً (ط) مطبعة دار النشر للجامعات المصرية.
- الدسوقي: لأبى البركات أحمد الدردير، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (ط) دار إحياء الكتب العربية.
- الزبيدي: أبى بكر بن على بن محمد، الجوهرة النيرة: (ط) الأولى 1322هـ– المطبعة الخيرية
- الزبيدي: للإمام محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس (ط) المطبعة الخيرية– مصر– 1306هـ.
- زكريا الأنصاري: لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري أسنى المطالب في شرح روض الطالب (ط) أولى 1422هـ– 2000م دار الكتب العلمية.
- الزيلعي: لعثمان بن على بن محجن البارعى فخر الدين الزيلعي، تبين الحقائق(ط) الأولى 1313هـ– المطبعة الكبرى الأميرية– بولاق القاهرة
- السرخسي: لأبى بكر محمد بن أحمد بن سهل، المبسوط، (ط) دار الفكر– بيروت– لبنان.
- سلسلة المحامي القانونية قانون العمل الموحد معدل بالقانون رقم 90 لسنة 2005م والقرارات الوزارية المنفذة له– ط دار العربي– 2007م
- الشافعي: للإمام محمد بن إدريس، الأم، ط الثانية 1393هـ دار المعرفة– بيروت.
- الشربيني: الشيخ محمد الخطيب الشربيى، مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، (ط) دار الفكر– بيروت.
- الصنعاني: لمحمد بن إسماعيل، سبل السلام شرح بلوغ المراد من جمع أدلة الأحكام، (ط) الرابعة 1379هـ– 1960م مكتبة مصطفى البابي الحلبى.
- عبدالرحمن الغرياني، مدونة الفقه المالكي وأدلته، (ط) الأولى– مؤسسة الريان.
- عبدالله مبروك النجار: مبادئ تشريع العمل د – ط دار النهضة العربية– بالقاهرة ط الخامسة– 2005- 2006م
- عصام أحمد البشير: حقوق المرأة بين الشريعة والقانون الوضعي من أعمال الندوة العلمية لحقوق الإنسان/ – ط الأولى– 1412هـ– 2001م الرياض
- العطار: /عبدالناصر توفيق العطار، الأسرة وقانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985 – المطبعة العربية الحديثة بالقاهرة.
- الكاسانى: للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود المتوفى سنة 587هـ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (ط) الثانية 1406هـ– 1986م– دار الكتب العلمية.
- الكشناوي: أبوبكر بن حسين، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك (ط) دار الفكر– بيروت سنة 1420هـ– 2000م.
- الماوردي: الإمام على بن محمد بن حبيب الماوردي البصرى، الحاوي الكبير، ط) دار الفكر– بيروت.
- المبار فورى: لأبى العلى محمد بن عبدالرحمن بن الرحيم، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (ط) دار الكتب العلمية– بيروت.
- محمد قدري باشا: الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان، المطبعة العامرية بالشرقية 1318هـ
- مسلم: الإمام مسلم بن الحجاج القشيري، صحيح مسلم، ط دار الجيل– دار الآفاق الجديدة– بيروت.
- المقدسي: لأبى النجا شرف الدين، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (ط) دار المعرفة– بيروت– لبنان.
- المقديسي: لشمس الدين المقديسي، الشرح الكبير (ط) دار الفكر.
- الموصلي: لعبدالله بن محمود الحنفي، الاختيار لتعليل المحتار (ط) دار الكتب العلمية (ط) الثالثة 2005م.
- النووي: الإمام أبى زكريا محى الدين بن شرف النووي، المجموع شرح المهذب، (ط) دار الفكر– بيروت.
1() ابن عابدين: حاشية رد المحتار على الدر المحتار شرح تنوير الابصار 3/614، عبد الوهاب بن نصر المالكي: المعونة 1/619، المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 9/294، عبد الناصر توفيق العطار: الأسرة وقانون الأحوال الشخصية/ص54، أنور العمروسى: موسوعة الأحكام الشرعية الزواج والطلاق والخلع، ص256.
2() محمد قدري باشا: الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصي على مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان ص55.
3() الماوردي: الحاوي الكبير 11/500.
4() ينظر زكريا الانصاري: أسني المطالب 3/443.
5() الجصاص أحكام القرآن 1/404، الأندلسي: تفسر البحر المحيط لأبى 2/224.
6() البخاري: صحيح البخاري– كتاب النفقات– باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف 7/85 رقم (5364) مسلم– كتاب الأقضية – باب قضية هند 5/129 رقم (4547).
7() ابن حجر: فتح الباري 9/509.
8() ابن المنذر: الإجماع ص42.
9() عبد الناصر العطار: الأسرة وقانون الأحوال الشخصية/ص54، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية ص720.
10() الزيلعي: تبيين الحقائق 3/50، الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 4/16، القرافي: الذخيرة 4/465، الخرشي: شرح مختصر خليل 4/183، النووي: المجموع 18/235، زكريا الأنصاري: أسنى المطالب 3/426، الماوردي: الحاوي الكبير11/940، ابن قدامة: المغنى 9/320، عبدالله بن مفلح الحنبلي: المبدع 8/175.
11() الزيلعي: تبيين الحقائق 3/51، 52، الكاساني: بدائع الصنائع 4/23، ابن نجيم: البحر الرائق 4/188.
12() الأسرة وقانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1985م.
13– القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 3/160.
14() أبوداود: سنن أبي داود– كتاب الزكاة– باب في صلة الرحم 2/131 رقم (1691)، الحاكم في المستدرك– كتاب الزكاة– باب الإعطاء للأقرباء أعظم للآجر، وقال عنه الحاكم: الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، 1/415 رقم (1514).
15() محمد شمس الحق العظيم آبادي: عون المعبود 5/110، 111.
16() الزيلعي: تبيين الحقائق 3/51، القرافي: الذخيرة 4/465، الخرشي: شرح مختصر خليل 4/183، زكريا الانصاري: أسنى المطالب 3/426، النووي: المجموع 18/235، ابن قدامة: المغنى 9/230، عبدالله بن مفلح الحنبلي: المبدع 8/175، المقديسي: الإقناع في فقه الامام أحمد بن حنبل4/136.
17() الزيلعي: تبيين الحقائق 3/51، ابن نجيم: البحر الرائق 4/188، الماوردي: الحاوي الكبير 11/941.
18() الموصلي: الاختيار 3/91، 92، النووي: المجموع 13/272، 273، ابن قدامة: المغنى 4/560.
19() الدردير: الشرح الكبير 3/307، القرافي: الذخيرة 8/251، 252، القرطبي: الكافي في فقه أهل المدينة 2/731.
20() الكيا هراسي: أحكام القران 2/29.
21() البخاري: صحيح البخاري– كتاب الزكاة– باب الزكاة على الزوج والأيتام فى الحجر 2/150 رقم (1466)، مسلم: صحيح مسلم– كتاب الزكاة– باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج. . . 3/80 رقم (2366).
22() النووي: شرح النووي على مسلم 7/86، النووي: المجموع 34/272،
23() ابن قدامة: المغنى 4/560.
24() البخاري: صحيح البخاري– كتاب الهبة وفضلها– باب قبول الهدية 2/203 رقم (2575).
25() ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 5/204.
26() أبى داود: في سنن أبى داود– كتاب الإجارة – باب في عطية المرأة بغير إذن زوجها 3/317 رقم (3549) والحديث: صحيح قاله الألباني.
27() محمد شمس الحق العظيم آبادي: عون المعبود 4/4، 5.
28() عبد الرحمن الغرياني: مدونة الفقه المالكي وأدلته/2/650.
29() القرافي: الفروق 3/916.
30() لابد من التنبيه أن هناك مجالات محل اتفاق وأخرى محل اختلاف في جواز عمل المرأة ولا يسعني المقام هنا أن أذكر المجالات المختلف عليها ومنها تولية المرأة رئاسة الدولة، والقضاء.
31() أخرجه– البخاري في صحيحه– كتاب الجهاد والسير – باب مداواة النساء الجرحى في الغزو