آراء مُلَّا علي القاري العقدية في مسائل الإيمان: عرض ونقد

The Doctrinal Opinions Mulla Ali al- Qari in the Issues of Faith
(Presentation and Criticism)

Alisher Siedazimov

Faculty of Education || King Saud University || KSA

DOI PDF

Tab title
This Dissertation talks about Mullah Ali El Kary، died in (1014 hijri)، who is considered as one of the Hanfy scholars، who had a great effect on our Muslim Nation’s heritage، wit lot of attributions in various fields of science. He fell to some discrepancies in some believes. Thus this Dissertation is intended to demonstrate his true fact through studying his jurist’s opinions in Iman issues، so the reader can recognize how close or how deviated he was from Ahlu Sunnah Wal Jama regarding these issues. This research is consisted of 5 demands preceded by the above- mentioned Dissertation Abstract and followed with the recommendations and indexes. The Dissertation Abstract is intended for the research and results، while the Dissertation introduction is intended for the research issues The first demand is: Mullah Ali El Kary in the definition of Faith (Iman)، the second demand is about Mullah Ali El Kary opinions regarding the increase and decrease of Iman، while the third demand is about Mullah Ali El Kary opinions regarding the exclusion of Iman، and the fourth demand is about Mullah Ali El Kary opinions regarding the conflict of whether the Iman is only verbal or moral، the last demand is about Mullah Ali El Kary opinions regarding the deference between Islam and Iman. The concluded results of the Dissertation: The diseased Mullah Ali El Kary agreed with Ahlu Sunnah Wal Jama on the execlusion of Iman، but disagreed with them regarding the definition of Iman، stating that Iman do not increase or decrease and that Islam and Iman are the same thing and the dispute between Ahlu Sunnah Wal Jama and the Postponers regarding Iman issues is only verbal. Keywords: Mulla Ali al- Qari، Creen، Faith.

آراء مُلَّا علي القاري العقدية في مسائل الإيمان: عرض ونقد

أليشير سيدعظيموف

كلية التربية || جامعة الملك سعود || المملكة العربية السعودية

Tab title
يتحدث البحث عن آراء مُلاَّ علي القاري المتوفى سنة (1014ه)، الذي يُعدُّ أحد أشهر علماء الأحناف والذي كان له أثر بالغ في تراث الأمة الإسلامية بإسهاماته المتعددة في علوم شتى، وقد وقعت منه مخالفات في بعض مسائل الاعتقاد، فيأتي هذه البحث لبيان حاله من خلال دراسة آرائه العقدية في مسائل الإيمان ليتبين بذلك للقارئ مدى قُربِه أو بُعدِه عن أهل السنة والجماعة في هذه المسائل. وقد جاء البحث في خمسة مطالب يسبقه ملخص البحث والمقدمة ويتلوه التوصية والفهارس. وأما ملخص البحث ففي بيان مجال البحث ونتائجه، وأما المقدمة في بيان مشكلة البحث. وأما المطلب الأول: آراء مُلاَّ علي القاري في تعريف الإيمان، والمطلب الثاني: آراء ملا علي القاري في زيادة الإيمان ونقصانه، والمطلب الثالث: آراء ملا علي القاري في الاستثناء في الإيمان، والمطلب الرابع: آراء ملا علي القاري في هل الخلاف في مسمى الإيمان لفظي أو معنوي، المطلب الخامس: آراء ملا علي القاري في الفرق بين الإسلام والإيمان. وأهم النتائج التي توصلت إليها: أن المُلَّا علي القاري- رحمه الله- وافق أهل السنة والجماعة في الاستثناء في الإيمان، خالفهم في تعريف الإيمان، وفي تقريره أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وقوله أن الإسلام والإيمان بمعنى واحد، وأن الخلاف بين المرجئة وبين أهل السنة في مسائل الإيمان خلاف لفظي. الكلمات المفتاحية: مُلاَّ على القاري، العقيدة، الإيمان
 .

المقدمة

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

من حفظ الله لدينه أن قيض له في كل عصر من عصوره أئمةً وأعلاماً، ففي مقدمهم خير هذه الأمة بعد نبيها صحابة رسول الله ثم التابعون لهم بإحسان رضوان الله عليهم أجمعين، فاقتفى أثرهم من جاء بعدهم ممن سلك سبيلهم من الأئمة والعلماء والسلاطين والأمراء، فقاموا بنصرة هذا الدين خير قيام.

ولم يخل زمان من العلماء المجتهدين، ومن هؤلاء الأعلام الذين ذاع صيتهم وشهد لهم أقرانهم وأهل عصرهم بالعلم والفضل: مُلَّا علي القاري الهروي المتوفى سنة 1014هـ، الذي كان عالماً متضلّعاً في كثير من العلوم، تشهد بعلمه مصنفاته، فألّف في التفسير والحديث والفقه والسيرة.

قال عنه العلامة محمد عبد الحليم النعمانيرحمه الله(1): “فاق أقرانه، وصار إماما شهيراً، وعلَّامةً كبيراً، نظَّاراً، متضلعاً، في كثيرٍ من العلوم العقلية والنقلية، متمكناً بفن الحديث والتفسير والقراءات والأصول والكلام والعربية وسائر العلوم واللسان والبلاغة مع الإتقان في كل ذلك، وارتقى إلى رتبة الكملاء الراسخين في العلم، واجتمع فيه من الكمال ما تضرب به الأمثال(2).

ولما كان مُلَّا علي القاريرحمه اللهمتضلعاً في كثيرٍ من العلوم ومتمكناً في كثيرٍ من الفنون – من فن الحديث والتفسير والقراءات والفقه ونحوها – ونالت كتبه اهتماماً من قبل بعض الباحثين، فَحُقِّق بعضُها في رسائل علمية، ولكن لم يُعْنَ بدراسة آرائه العقدية إلا في رسالة علمية خصَّها صاحبُها بالكلام عن آرائه العقدية في الإلهيات، فأردت أن يكون بحثي استكمالاً للبحث السابق في الكلام عن بعض آرائه العقدية، وقد اخترت أن يكون عنوان بحثي: “آراء مُلَّا علي القاري العقدية في مسائل الإيمان – عرض ونقد(*)

***

مشكلة البحث:

يُعَدّ ملا علي القاريرحمه اللهمن مشاهير علماء الحنفية الذين ذاع صيتهم، فقد اهتم بكثير من الفنون والعلوم والتي من بينها علم العقيدة، حيث كتب فيها كثيراً من المؤلفات، وانتشر مؤلفاته انتشاراً واسعاً في الناس، وقد وافق أهل السنة في مواضع، وخالفهم في مواضع لتأثره بالماتريدية(3)، فتأتي هذه الدراسة لبيان حاله من خلال دراسة آرائه العقدية في مسائل الإيمان، ليتبين بذلك للقارئ مدى قربِه أو بعدِه عن أهل السنة والجماعة في هذه المسائل.

أهداف البحث:

  1. بيان آراء مُلَّا علي القاري في مسائل الإيمان.

  2. بيان موافقته أو مخالفته لعقيدة السلف الصالح في مسائل الإيمان.

أهمية البحث وأسباب اختياره:

  1. مكانة مُلَّا علي القاري العلمية، حيث حظيت أقواله بالقبول، واعتمد على كتبه كثير ممن جاء بعده من علماء الحنفية ومن سائر المذاهب.

  2. موافقة ملا علي القاري أهل السنة والجماعة في بعض المسائل العقدية مما ولد للبعض إحسان الظن به وأنه موافق لهم في كل أو جل أبواب الاعتقاد، فدراسة آرائه العقدية مما يـُمَكّن من رفع هذا اللبس في شخصيته.

مصطلحات البحث:

آراء: جمع كلمة رأي، مصدره: رأى رأياً، قال ابن فارس: “الراء والهمزة والياء أصل يدل على نظر وإبصار بعين أو بصيرة(4).

التعريف شرعا:

بين ابن القيم أن الرأي هو: “ما يراه القلب بعد فِكْرٍ وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الأمارات؛ فلا يقال لمن رأى بقلبه أمرًا غائبًا عنه مما يَحُسُّ به: إنه رأي، ولا يقال أيضًا للأمر المَعْقُول الذي لا تختلف فيه العقولُ ولا تتعارض فيه الأمارات: إنه رأي، وإن احتاج إلى فكر وتأمل كدقائق الحساب ونحوها(5).

العقدية: نسبة للعقيدة وهي: الإيمان الجازم بالله تعالى وما يجب له منالتوحيد والطاعةوبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، وبكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب، وأخباره(6).

الإيمان: قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية(7).

منهج البحث:

منهجي في البحث هو المنهج الاستقرائي الاستنباطي.

خطة البحث:

يتكون البحث من مقدمة وتمهيد وخمسة مطالب والخاتمة والفهارس.

المقدمة: وتحتوي على أهمية البحث وأهدافه، ومشكلته ومنهجه وخطَّته مع ذكر الدراسات السابقة.

تمهيد: وفيه ترجمة مختصرة لملَّا علي القاري.

المطلب الأول: آراء ملا علي القاري في تعريف الإيمان

المطلب الثاني: آراء ملا علي القاري في زيادة الإيمان ونقصانه

المطلب الثالث: آراء ملا علي القاري في الاستثناء في الإيمان

المطلب الرابع: آراء ملا علي القاري في الخلاف في مسمى الإيمان

المطلب الخامس: آراء ملا علي القاري في الفرق بين الإسلام والإيمان

الخاتمة: وفيها أبرز النتائج والتوصيات.

الفهارس: وتتضمن: فهرس المصادر والمراجع.

الدراسات السابقة:

من خلال بحثي في الفهارس الخاصة بالرسائل الجامعية، وفي قواعد المعلومات الخاصة بالرسائل في الجامعة الإسلامية، وجامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة أم القرى على شبكة المعلومات، وبحسب سؤالي في مكتبة ملك فهد الوطنية، ولم أعثر على رسالة بهذا العنوان فيما ذكرت، ولكن وقفت على الدراسات الآتية:

  1. مُلَّا علي القاري وآراؤه الاعتقادية في الإلهياتعرض ونقد– “.

رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير بجامعة أم القرى بكلية الدعوة وأصول الدين، قسم العقيدة، للباحث مساعد بن مجيول المطرفي، تقع الرسالة في (761) صفحة، تمت مناقشتها بتاريخ 29/11/1423ه، وحصر الباحث الرسالة في الإلهيات، حيث تكلم فيها عن آراء مُلَّا علي القاري الاعتقادية في أنواع التوحيد الثلاثة، وبيان عقيدته في القضاء والقدر، إلا أنه لم يتطرق إلى آرائه الاعتقادية في غير مسائل الإلهيات كمسائل الإيمان النبوات واليوم الآخر، لم يتكلم في حقيقة الإيمان من جهة موارده والمسائل المتعلقة به، حيث اقتصر الباحث في الإيمان بالله وتكلم في أنواع ما يتحقق به الإيمان بالله .

  1. كتاب رد الفصوص لملَّا علي القاريدراسة وتحقيق– “.

رسالة مقدمة في جامعة أم القرى بكلية الدعوة وأصول الدين، قسم العقيدة، للباحث عبد الله بن علي حسن الملا، تقع الرسالة في (526) صفحة، وكما هو ظاهر من العنوان عني بالتأليف في إبطال آراء ابن عربي في عقيدته بوحدة الوجود.

  1. شرح الإمام علي القاري المتوفى سنة 1014 هـ على كتاب ألفاظ الكفر للعلامة بدر الرشيددراسة وتحقيق– “.

رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى بكلية الدعوة وأصول الدين، قسم العقيدة 1419 ه للباحث الطيب ابن عمر بن الحسين بن عمر، تقع الرسالة في (476) صفحة، وكتاب ألفاظ الكفر للعلامة بدر الرشيد تناول الأمور التي يُخرج المؤمن من دين الإسلام والألفاظ التي يصير بها المؤمن كافرا إذا أطلقها، وليس فيها حديث عن الجوانب العقدية الذي أنا بصدد دراسته.

تمهيد: وفيه ترجمة مختصرة لملَّا علي القاري.

اسمه ونسبه

هو العلامة، المحدث، المفسر، الفقيه، المقرئ الشيخ علي بن سلطان محمد القاري الهروي المكي الحنفي، المعروف بـ مُلَّا علي القاري، المكنى بأبي الحسن، الملقب بنور الدين(8).

وسلطان محمدهو اسم والده، وهو علم مركب من لفظين، وهو جار على عادة الأعاجم(9) لتمييز المسلم عن غيره.

القاريتسهيل القارئ، اسم فاعل من (قرأ) لقب به، لأنه كان حاذقاً في علم القراءات، عالماً راسخاً متضلعاً فيه(10).

الهروينسبة إلى هَراة، وهي من أُمَّات مدن خراسان(11)، نسب القاري إليها، لأنه ولد فيها، ونشأ في ربوعها(12) وهي ضمن جمهورية أفغانستان الحالية.

مكينسبة إلى مكة، حيث إن القاري رحل إليها، واستوطن فيها أكثر من أربعين سنة(13).

الحنفينسبة إلى المذهب الذي كان يعتنقه وهو المذهب الحنفي(14).

وملاكلمة فارسية، وهي لقب مدح وتعظيم عند الفرس لمن علا شأنه في العلم الشرعي والدين(15).

مولده ونشأته:

اتفق المؤرخون لمُلَّا علي القاري – رحمه اللهعلى أنه ولد بمدينة هراة، ولم يشر أحد منهم إلى تاريخ ولادته(16).

أما نشأته فقد نشأ – رحمه اللهفي هراة محل ولادته، حيث تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب، وتعلم القراءات على يد شيخه معين الدين بن الحافظ زين الدين الهروي(17)، وتلقى مبادئ العلوم عن شيوخ عصره في بلده، فقد قرأ الكتب المقررة في مقدمة طلب العلم حيث كانت هراة تتمتعآنذاكبالتقدم والازدهار، وكانت مركزاً هاماً للحضارة الإسلامية، والفنون المختلفة(18).

وبعد أن استفاد مُلَّا علي القاريرحمه اللهوأخذ العلوم من علماء بلده هراة، رحل منها قاصداً مكة، إلى بيئة جديدة واستقر فيها أكثر من أربعين سنة، وعندما وصل إلى مكة واصل مسيرته العلمية فظل على نفس منهجه والتزامه في طلب العلم، إذ لازم حِلَقَ العلماء في هذا البلد الحرام سنوات طويلة، واستمر راغباً في العلوم مولعاً بالتعلم والتعليم، حتى صار عالماً يشار إليه بالبنان(19).

صفاته وأخلاقه:

كان الشيخ مُلَّا علي القاريرحمه اللهديِّناً ورعاً زاهدا ًعفيفاً نزيهاً، وكان يأكل من عمل يده، متقللاً من الدنيا، غلب عليه الزهد والعفاف، والرضا بالكفاف، فكان مورد رزقه كتابة مصحف، حيث يكتب كل عام مصحفاً بخط جميل، يزينه بالقراءات والتفسير فيبيعه فيكفيه له مدة عام كامل، إذ كان يعيش بلا زوجة ولا ولد ولا أهل.

وكان كثير العبادة والتقوى، زاهداً في الدنيا، بعيداً عن الحكام ومجالسهم، معرضاً عن الوظائف والأعمال، وكان يرى أن التزلف إلى الحكام وقبول منحهم يضر بالإخلاص والورع، وقد ألَّف في ذلك رسالةً سماها: “تبعيد العلماء عن تقريب الأمراء(20).

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

لمُلَّا علي القاريرحمه اللهمكانةٌ عاليةٌ في الميادين العلمية، حيث أجمعت التراجم على وصفه بأوصافٍ حميدة، حيث إنه تميز باطلاعه الواسع وتمكنه من العلوم والمعارف، ولا أدل على ذلك من التراث الضخم من المؤلفات في شتى مجالات العلم والمعرفة، فما من علم أو فن إلا وله فيه مؤلَّف، هذا يدل على غزارة علمه، وسعة معرفته، وعلو مرتبته.

وكتب الله لمصنفاته القبول والذيوع؛ اشتهرت مؤلفاته، وذاع صيتها، وانتشرت بين العباد وفي البلاد.

وتبرز مكانته العلمية في ثناء كثير من العلماء عليه:

من ذلك ما وصفه المحدث عبد الحي اللَّكْنَوي(21) بأنه من العلماء المجددين لرأس القرن الحادي عشر، حيث قال: “وقد طالعت تصانيفه المذكورةوكلها نفيسة في بابها فريـدة، وله غير ذلك من رسائل لا تعد ولا تحصى، وكلها مفيدة، بلَّغته إلى مرتبة المجدِّدية على رأس الألف(22).

وقال عبد الله مِرْداد(23): “الحاصل: أنَّه كان فريد عصـره وأوانه، ولقد أقسـم المحقق العلامة ابن عابدين(24) أنه كان مجدد زمانه(25).

فهذه بعض أقوال أهل العلم في الثناء على مُلَّا علي القاريرحمه الله، وثمة أقوال أخرى تنتقده، فمن ذلك ما اتهم به المحبي(26) والعصامي(27) من أنه يعترض على الأئمة ولا سيما الشافعي ومالكرحمهما الله تعالىفي مسائل كإرسال اليدين في الصلاة عند مالك، حتى قال العصامي: “ولهذا تجد مؤلفاته ليس عليها نور العلم، ومن ثم نهى عن مطالعتها كثير من العلماء والأولياء(28).

وقول العصامي هذا فيه مبالغة في النقد؛ فإن قوله لا يصدقه الواقع، فقد انتشرت مؤلفاته واشتهرت، حتى إنه قلما توجد مكتبة عامة لا تحوي مؤلفاً له أو أكثر، وقد أثنى عليها أهل العلم لما تميز به من جودة التأليف وجمال الأسلوب.

كما أن رفعه إلى مرتبة المجددين فيه مبالغة في الثناء، والحق في مُلَّا علي القاري – رحمه اللهأن لا نغلو فيه ولا نجفوه، فإنَّ له رسائل وكتبا نافعة ومفيدة كرسالة: “سلالة الرسالة في ذم الروافض من أهل الضلالة، وفصول المهمة في حصول المتمةوفَرُّ العون ممن يدَّعي إيمان فرعون، إلى غير ذلك، وله كتب ورسائل فيها الحق والباطل، لا سيما فيما يتعلق بالأسماء والصفات فإنه ذهب إلى التفويض والتأويل، كشرحه عين العلم وزين الحلم، وشرحه لـ الفقه الأكبروتفسيره، وشرحه مرقاة المصابيح، وضوء المعالي ونحو ذلك(29).

عقيدته:

ملا علي القاري في العقيدة على طريقة أبي منصور الماتريدي، سائر على منهج الماتريدية في العقيدة، وقد صرح بذلك في مواضع من كتبه فذكر عبارات تدل على أنه ماتريدي، كقوله: “أصحابنا ماتريدية(30)، وتارة يعبر بقوله: “عندنا(31)يريد بذلك أصحابه الماتريدية.

ولكن لم تتمخض دراسته لمسائل العقيدة على المنهج الماتريدي، فقد خالفهم في كثير من المسائل التي بحثها وقرر مذهب السلف في تلك وانتصر لهم كما نقد بعض علماء المذهب في أماكن مختلفة ودافع في عن بعض علماء مذهب السلف.

مذهبه الفقهي:

وأما عن مذهبه الفقهي: لا شك أن ملا علي القاري حنفي المذهب ويدل على ذلك تصريحه في مواضع بقوله: “أصحابنا الحنفيةوكثيرا ما يعبر بقوله أصحابنا(32)ويقصد الحنفية.

قالرحمه الله– :جوز بعض أصحابنا الحنفية قتل من سب أكابر الصحابة على وجه الزجر والسياسة(33)، وقال أيضا: “كتب أصحابنا الحنفية خاصة على أن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو غيرها(34).

وقد أولى عناية كبيرة بخدمة كتب الحنفية، فألف عدة كتب ورسائل فيها، من أشهرها: “فتح باب العناية بشرح النقاية، وله شرح على الوقاية، وله حاشية على فتح القدير لابن الهمام، وشرح على الهداية(35).

وكان شديد الالتزام بالمذهب؛ ينتصر له ويدافع عنه ويقرره ويستدل عليه.

يقول العلامة عبد الحي اللكنوي(36) في مقدمة كتابه التعليق الممجدتصانيفه كلها جامعة مفيدة حاوية على فوائد لطيفة، ولولا ما في بعضها من رائحة التعصب المذهبي لكان أجود وأجود(37).

ولكن تمسكه بالمذهب لا يصل إلى درجة الجمود عليه وتحريم الخروج عنه، بل إنه قد يخالف المذهب ويأخذ بما دل عليه الدليل.

مؤلفاته:

كان ملا علي القاري من المكثرين في التأليف، فقد ألف تآليف كثيرة، حتى قيل إنها بلغت تآليفه ثلاثمائة مؤلف، وهي ما بين مطولات ومتوسطات ومختصرات ورسائل صغيرة، وفيما يلي أذكر أمثلةً لمؤلفاته المطبوعة المحققة وأخرى لغير المطبوعة ولكنها محققة في رسائل علمية، وأيضا للمخطوطة والمفقودة؛ مستفيداً مما كتبه خليل قوتلاي في كتابه: “الإمام القاري وأثره في علم الحديث(38)وأيضا من كتاب شرح الإمام علي القاري على كتاب ألفاظ الكفر للعلامة بدر الرشيد(39)تحقيق: الطيب بن عمر الشنقيطي، وأيضا من رسالة ياسر عبدربه محمد أبو قوطة: جمع الوسائل في شرح الشمائل، دراسة وتحقيق وتخريج(40).

من مؤلفاته المطبوعة:

أنوار القرآن وأسرار الفرقان، الأربعون في الأحاديث القدسية، أربعونَ حديثا من جوامع الكَلمزبدة الشمائل وعمدة المسائلتعليقات القارِي على ثلاثيات البخاريإعراب القاري على أول باب البخاريبداية السالك في نهاية المسالكشرحُ ألفاظِ الكُفْرِالقولُ السَّدِيدُ في خُلْفِ الوعيدِشرح الفقه الأكبر.

مؤلفاته المخطوطة:

آداب المربين، أربعون حديثا، الأزهار المنثورة في الأحاديث المشهورة، استخراج المجهولات للمعلومات، اقتداء الحنفية بالسادة الشافعية، أوراد الملا علي القاري، بهجة الإنسان ومهجة الحيوان، تتميم المقاصد وتكميل العقائد، رسالة في شرح حديث ورد في العقائد.

من مؤلفاته المحققة غير المطبوعة.

حاشية الجمالين على الجلالين حققها أحمد بن علي بن الحذيفي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الأنفال، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وحققها محمد منقذ عمر فارق من أول سورة التوبة إلى آخر سورة النمل، الجامعة الإسلامية، وحققها عبد القدير بن ناصر بن علي الشيخ من سورة القصص إلى آخر القرآن مع سورة الفاتحة، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

من مؤلفاته المفقودة:

    1. شرح صحيح مسلم، شرح الجامع الصغير، للسيوطي، شرح المواهب اللدنية، للقسطلاني.

وفاته:

توفيرحمه اللهبمكة المكرمة في شهر شوال(41) سنة أربع عشرة ومائة وألف من الهجرة النبوية (1014ه)، ودفن بمعلاة(42)، وأوردَ بعض من ترجم للإمام علي القاري: أنه لما وصل خبر وفاته علماء مصر صلوا عليه بالجامع الأزهر صلاة الغائب في جمع غفير وصل عددهم قرابة أربعة آلاف نسمة أو أكثر(43). مما يدلنا على أن شهرته وصيته قد بلغت الأقطار الإسلامية؛ وهذا يشير إلى عظم منزلته ورفيع مرتبته؛ رحمه الله برحمته الواسعة وعفا عنه.

***

آراء مُلَّا علي القاري في مسائل الإيمان

وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: آراء ملا علي القاري في تعريف الإيمان.

تطرق مُلَّا علي القاريرحمه اللهلجملة من المسائل المتعلقة بالإيمان، فعرَّف الإيمان في اللغة والشرع، وبيَّن حقيقته في عدد من المواضع، كما تطرَّق للعلاقة بينه وبيَّن الإسلام وحكم الاستثناء فيه، وتعريف الكبيرة وحكم مرتكبها، وفيما يلي بيان آرائه في هذه المسائل وتقويمها:

التعريف لغة:

عرف مُلَّا علي القاري الإيمان في اللغة بأنه التصديق مع الأمن والطمأنينة والإذعان، ومن أقواله في ذلك إن الإيمان: هو التصديق الذي معه أمن وطمأنينة لغة(44). وقال أيضاً: “فإن حقيقة الإيمان هو التصديق القلبي الذي بلغ حد الجزم والإذعان(45).

وقال في تعريف التصديق: “التصديق عند أهل التحقيق إذعان النفس وقبولها بما يجب قبوله عليها(46).

وفي بعض المواضع عرّف الإيمان بأنه التصديق مطلقا، ومن ذلك قوله: “والصحيح ما عليه عامة أهل العلم، فإن الإيمان هو التصديق مطلقاً، فمن أُخبر بخبر فصدقه صح أن يقال: آمن به وآمن له..” (47)، وقوله: “الإيمان هو التصديق(48)، وغير ذلك، حيث اكتفى في تعريف الإيمان في اللغة في هذه المواضع بالتصديق فقط من غير ذكر الإذعان والقبول، وهذا التعريف لا يتنافى مع تعريفه السابق؛ والسبب في اكتفائه في هذا التعريف بذكر التصديق فقط، هو أن الإذعان والقبول داخلان عنده في ماهية التصديق، فالتصديق والإذعان والقبول عنده عبارة عن شيء واحد، كما يدل على ذلك قوله: “التصديق عند أهل التحقيق إذعان النفس وقبولها بما يجب قبوله عليها(49).

وهذا الذي قرره مُلَّا علي القاريرحمه اللهمن كون الإيمان في اللغة هو التصديق والأمن والإذعان، موافق لما قرره أهل اللغة، فإن الإيمان في اللغة يطلق على التصديق الذي معه أمن وإذعان، ومن أقوال أهل اللغة في تعريف الإيمان:

قال الراغب الأصفهاني: “الإيمان هو التصديق الذي معه أمن(50)“.

قال ابن فارس: “الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان أحدهما: الأمانة ضد الخيانة ومعناها سكون القلب والآخر: التصديق(51).

وقال الفيروز آبادي: “والإيمان الثقة وإظهار الخضوع وقبول الشريعة(52).

فتعريفه للإيمان في اللغة صحيح في الجملة؛ لأنه قرر أن الإيمان في اللغة يشمل التصديق والإذعان، ولكنهرحمه اللهأخطأ في تعريف للتصديق، حيث عرفه: بـ إذعان النفس وقبولها بما يجب قبوله عليها(53). فجعل التصديق والإذعان والقبول عبارة عن شيء واحد. ولذلك عرف الإيمان به، فهورحمه اللهعند تعريفه الإيمان بالتصديق لم ينزل الإيمان إلى درجة التصديق المجرد، وإنما ظن أن التصديق في درجة الإيمان لشموله الإذعان والقبول ولذلك عرف الإيمان به.

ولكن هذا التداخل خطأ، فإن التصديق لا يشمل الإذعان والقبول وليس مرادفا لهما، وإنما هو عبارة عن التصورات التي يقرُ القلب بثبوتها، فهو على باب الإثبات والنفي، ولهذا كان ما يقابل التصديق هو التكذيب. وأما عمل القلب (الإذعان) فهو حركته بهذا التصديق بأعماله المناسبة له كالخوف والمحبة والرجاء(54).

هذا يدل على أن التصديق والإذعان أمران منفكان، وقد يوجد التصديق دون الإذعان.

التعريف شرعا:

يرى مُلَّا علي القاريرحمه اللهأن الإيمان في الشرع هو التصديق بالقلب فقط، وأما الإقرار باللسان فإنه شرط للإيمان، ويصير شطراً في حال المطالبة به فقط وأمره بأدائه، وأما عمل الجوارح فقد جعله مكملا للإيمان؛ فوجوده كمال، وعدمه نقص؛ لا شطرٌ في الإيمان ولا شرط صحة له.

يقول مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي كون الإيمان هو التصديق فقط: “وفي الشرع تصديق القلب بما جاء من عند الرب(55).

ويقول أيضاً: “فالتحقيق أن الإيمان هو تصديق النبي بالقلب في جميع ما علم بالضرورة مجيئه به من عند الله إجمالاً(56).

وأما أقواله في كون العمل خارجاً عن حقيقة الإيمان، فمن ذلك قوله: “أجمع أهل السنة(57) على أن الأعمال ليست جزءاً من حقيقة الإيمان خلافاً للخوارج(58) والمعتزلة(59).

وقال أيضاً: “وأما العمل بالأركان فهو من كمال الإيمان(60) فهو شطر عند الخوارج والمعتزلة(61).

وقد استدل مُلَّا علي القاريرحمه اللهعلى ما ذهب إليه في تعريف الإيمان بأنواع من الأدلة، وفيما يلي تفصيل ما ذكر من الأدلة:

  1. أدلة مُلَّا علي القاري على أن الإيمان هو التصديق فقط.

    1. الاستدلال باللغة:

ذكر ملا علي القاري إن ذلك هو تعريفه في اللغة حيث قال: “ففي القاموس: آمن به إيماناً أي صدَّقه(62).

    1. استدل مُلَّا علي القاريرحمه اللهعلى ركنية الإقرارعند المطالبة بهبقصة أبي طالب التي جرى فيها مطالبة النبي عند موته بالإقرار بالشهادتين، حيث طالبه النبي بالإقرار فامتنع عن ذلك مع تصديقه للنبي في الباطن، فرأى مُلَّا علي القاريرحمه اللهأن كفره كان لأجل امتناعه عن الإقرار عند مطالبة النبي به. ومن هنا قال:” إن الإقرار يصير شطراً عند المطالبة به، حيث قال بعد ذلك: “والحاصل أن امتناعه عند مطالبته مع وجود قدرته مبطل لمعرفتهولا يبعد أن يقال الإقرار حينئذ صار شطْراً فيكون ذا وجهين، كما قال أصحابنا في الإحرام: أنه من وجه شرط ومن وجه ركن، وبه يجمع بين الأقوال المختلفة والله أعلم(63).

    2. دعوى أن الإيمان شيء واحد:

استند مُلَّا علي القاريرحمه اللهتبعاً لمرجئة الفقهاء(64) والمتكلمينعلى دعوى أن الإيمان شيء واحد، فإذا ذهب شيء منه لزم ذهابه بالكلية، ومن أقوال ملا علي القاريرحمه اللهفي ذلك: “فإن الإيمان لا يتجزأ إلا باعتبار تعدد المؤمن به(65).

وقال أيضا: “الكل ينتفي بانتفاء جزئه(66).

وقال في موضع آخر: “مذهب مالك والشافعي والأوزاعي وهو المنقول عن السلف وكثيـر من المتكلميـن، ونقله في شرح المقاصدعن جميع المحدثين، وفي شرح العقائدعن جمهورهم أنها (أي: الأعمال) داخلة في الإيمان. والظاهـر أنَّ مـرادهم أَنها (أي: الأعمال) داخلة في الإيمان الكامل، لا أنه ينتفي الإيمان بانتفائها، كما هو مذهب المعتزلة والخوارج (67). قوله: “أن مرادهم أنها (أي الأعمال) داخلة في الإيمان الكامل، لا أنه ينتفي الإيمان بانتفائها، مفهوم ذلك: أن الأعمال إذا كان داخلة في في حقيقة الإيمان لانتفى الإيمان بانتفائها، فهذا يدل على أنه يرى أن الإيمان إذا ذهب شيء منه ذهب كله.

هذا ما قرره ملا علي القاريرحمه اللهفي هذه المسألة، وما قرره من إخراج قول اللسان وعمل الجوارح من الإيمان وقصره على تصديق القلب مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل(68)قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فهذه أربعة أموراشتمل عليها مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة، واتفقوا جميعاً على هذا الاعتقاد.

وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على هذا القول، منها في هذا المقام قول الله : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة: ١٤٣]. وهذه الآية من أخص دلائل أهل السنة على أن الأعمال الظاهرة تدخل في مسمى الإيمان، وإذا دخل واحد من الأعمال فإن غيره يكون كذلك.

ليس المقصود من الآية هو تصديق القلب، تصديق المصدقين بوجوب الصلاة إلى بيت المقدس، لأنه لا يمكن أن يظن أحد من الصحابة الذين صلوا إلى بيت المقدس أن تصديقهم الأول قد فسد، لكن الذي قد يتبادر إلى الذهن هي مسألة العمل، حيث إن هؤلاء صلوا إلى جهة بيت المقدس وهؤلاء صلوا إلى جهة الكعبة(69).

قال الحليمي – رحمه الله– : “أجمع المفسرون على أنه أراد صلاتكم إلى بيت المقدس، فثبت أن الصلاة إيمان، وإذا ثبت ذلك، فكل طاعة إيمان، إذ لم أعلم فارقاً في هذه التسمية بين الصلاة وسائر العبادات(70).

ويقول ابن حزم – رحمه اللهتعليقاً على الآية: “لم يزل أهل الإسلام قبل الجهمية والأشعرية والكرامية(71) وسائر المرجئة مجمعين على أنه تعالى إنما عنى بذلك صلاتهم إلى بيت المقدس قبل أن ينسخ بالصلاة إلى الكعبة(72).

من الأدلة أيضاً حديث وفد عبد القيس وهو عمدة الباب وأصرح دليل على أن الأعمال من الإيمان وقد فسر النبي الإيمان بالأعمال من فعل المأمورات وترك المنهيات، حيث قال النبي لوفد عبد القيس حين أتوه في المدينة: (آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (شهادة أن لا إله إلا الله، إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا من الغنائم الخمس…) (73) الحديث، ففي هذا الحديث فسر الرسول للوفد الإيمان هنا بقول اللسان وأعمال الجوارح.

قال ابن أبي العزّ – رحمه اللهبعد سوقه لهذا الحديث: ” أي دليل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان فوق هذا الدليل؟ فإنه فسر الإيمان بالأعمال ولم يذكر التصديق، للعلم بأن هذه الأعمال لا تفيد مع الجحود(74).

والأدلة في الكتاب والسنة كثيرة لا تحصى، وقد حكى الإجماع على هذا الأصل طائفة من أهل العلم(75).

وأما الأدلة التي استدل بها مُلَّا علي القاريرحمه اللهفسيكون الرد عليها كما يلي:

أولاً: استدل ملا علي القاري على كون الإيمان هو التصديق بأن ذلك معناه في اللغة.

والجواب أن يقال:

أن كلمة الإيمان في لغة العرب مشتقة من الأمن وطمأنينة النفس(76)وقد قرر ملا علي القاري ذلكولا يتحقق ذلك الأمن والطمأنينة بمجرد التصديق مع عدم الانقياد. فهو في اللغة أعم من التصديق هو ما يجلب الأمن والطمأنينة من عمل، من إقرار، من تصديق، من موالاة، فكل ما يجلب الأمن فهو إيمان في اللغة(77)؛ وأما التصديق منبت الإيمان، لأنه لا يكون الانقياد وطمأنينة النفس إلا بتصديق، وقد يعبر بعض اللغوين والعلماء عن الإيمان بالتصديق؛ للدلالة على منبته وأساسه وأصل استعماله، لا على ماهيته وحقيقته في الشرع(78).

ولو سلّم أن الإيمان هو التصديق في اللغة، فإنه من جهة استعمال الشرع له معنى زائد على اللغة؛ فأنّ الألفاظ الشرعية الواردة في الكتابة والسنة كالإيمان والإسلام والصلاة والزكاة والحج وغيرها ليست على معانيها اللغوية المطلقة، بل زاد فيها الشرع قيوداً لا تخرج بها هذه الأسماء عن معناها في اللغة، فمثلاً الصلاة في اللغة الدعاء لكن في الشرع عبارة عن الأفعال والأقوال المخصوصة في أوقات مخصوصة بشروط مخصوصة، وإن كانت مشتملة على الدعاء. فهكذا الإيمان الشرعي مشتمل على التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان(79).

فكما أنه لا يكتفى بالدلالة اللغوية على حقيقة الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، فكذلك الإيمان في الشرع إنما تعرف من جهة دلالة النصوص الشرعية(80).

ثانياً: استدل ملا علي القاري على ركنية الإقرار بإجماع العلماء على كفر أبي طالب لأجل امتناعه عن الإقرار عند المطالبة النبي به.

فيقال في جواب ذلك:

وإذا كان الامتناع عن الإقرار كفراً، هذا يدل على أن الإقرار أصل في الإيمان وداخل في مسماه؛ لأنه لو لم يكن داخلاً في مسماه لما أمكن أن يكون الامتناع عن الإتيان كفراً؛ فإنه لو كانت الجهة منفكة تماماً بين الإقرار وبين إيمان القلبالذي هو التصديقلما أمكن أن يكون الامتناع عن هذا مبطلاً لأصل الإيمان(81).

ثالثا: استند ملا علي القاري في قوله بعدم دخول العمل في الإيمان على دعوى أن الإيمان شيء واحد وإذا ذهب شيء منه ذهب كله.

وهذا أصل كل شبهة باطلة في مسائل الإيمان وكل شبه المرجئة قائمة عليها(82).

والجواب أن يقال:

قول المرجئة بأن الإيمان شيء واحد غير صحيح، فإن نصوص الوحي تدل على أن الإيمان يتجزأ ويتركب، وأن أجزاءه مختلفة متفاوتة، فمنها ما يزول الإيمان كلية بزولها؛ كفعل أمر كفري ناقض للإيمان، ومنها ما يزول كمال الإيمان الواجب بزوالها؛ كفعل كبيرة من الكبائر، ومنها ما يزول كمال الإيمان المستحب بزوالها؛ كترك إماطة الأذى عن الطريق(83).

فإذا كان الأمر كذلك فإن قولهم بإخراج العمل من الإيمان بناء على شبهة أن الإيمان واحد لا يتجزأ ولا يتبعض غير صحيح، لأنه مبني على مقدمة باطلة، وما بني على باطل يكون باطلا كذلك.

المطلب الثاني: آراء ملا علي القاري في زيادة الإيمان ونقصانه.

هذه المسألة مبنية على ما قبلها، فإن المرجئة لما جعلوا الإيمان خصلة واحدة وهو التصديق، قالوا بعدم الزيادة والنقصان فيهان ونقصانه, لا، لأن الزيادة والنقصان فيه ينافي كونه خصلة واحدة.

ومُلَّا علي القاريرحمه اللهكذلك رتب هذه المسألة على تعريف الإيمان عنده، وجعله فرعاً عن القول في الأعمال، فقرر أن من قال: إن الإيمان هو التصديق مع الإقرار والأعمال، قال بزيادته ونقصانه على أن الزيادة والنقصان في الأعمال فقط، ومن قال: إن الإيمان هو مجرد التصديق، فالإيمان عنده لا يزيد ولا ينقص، ويدل على ذلك ما نقله من قول الرازي(84)على سبيل التأييد، حيث قال: “ذهب الإمام الرازي وكثير من المتكلمين إلى أن هذا الخلاف راجع إلى تفسير الإيمان: “فإن قلنا: هو التصديق فلا يقبلهما، وإن قلنا هو الأعمال أيضاً فيقبلهما، فهذا هو التحقيق الذي يجب أن يعول عليه(85). وقال أيضا: “الإيمان لا يزيد ولا ينقص(86).

ومما يدل أيضا على أنه يرى أن التصديق شيء واحد يستوي فيه جميع الناس تعليقه – رحمه اللهعلى قول الإمام أبي حنيفة – رحمه الله– : “المؤمنون متساوُون في الإيمانقائلاً: “أي في أصله(87) أصل الإيمان هو التصديق.

وقال أيضاً: “التصديق بطلوع الشمس أقوى من التصديق بحدوث العالم، وإن كانا متساويين في أصل التصديق المؤمن به(88).

هذا ما قرره مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي هذه المسألة، وما قرره ملَّا علي القاري مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، فإن من أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه ليس على مرتبة واحدة، والأدلة على ذلك كثيرة جدا.

أولاً: التصريح بزيادة الإيمان، وجاء في كتاب الله في ذلك نصوص كثيرة، منها: قول الله :

وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا [الأحزاب: 22]. وقوله : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال: ٢].

ثانياً: ما ورد في أحاديث الشفاعة لمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، ومن ذلك: حديث أنس أن النبي قال: “يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير)(89). وذكر البخاري أنه جاء في رواية: “من إيمانمكان من خير(90).

قال الإمام ابن رجب – رحمه اللهفي شرحه للحديث: “والحديث نص في تفاوت الإيمان الذي في القلوب(91).

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي – رحمه اللهفي بيانه لدلالة هذه الأحاديث: “فمن زعم أن ما في قلوبهم من الإيمان مستوٍ في الوزن فقد عارض قول النبي بالرد(92).

ثالثا: من الأدلة على تفاوت الإيمان؛ الضرورة العقلية:

من دلالة العقل على أن التصديق يتفاوت، فإن من صدق بخبر بناء على دليل واحد ليس كالمصدق به بناء على عشرة أدلة فإن تعدد الأدلة يوجب اختلاف التصديق(93).

فهذه الوجوهوغيرها كثيرتدل على أن زيادة الإيمان ونقصانه هو الحق الذي يجب القول به.

وأما ما استند إليه مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي قوله بعدم تفاوت الإيمان من أن التصديق واحد متساوٍ بين جميع المؤمنين، ووحدة التصديق واستواء أهله في ذلك ينافي قبول التفاوت فيه، فهذه الشبهة هي من أعظم شبه المرجئة في كل مسائل الإيمان.

فالجواب أن يقال:

بأن قولهم: إن التصديق خصلة واحدة، لا ينقسم ولا يتجزأ غير مستقيم، فهو أمر ذهني لا حقيقة له في الخارج(94)، يقول ابن تيميةرحمه اللهفي سياق رده على المرجئة على قولهم بأن الإيمان شيء واحد بسيط غير مركب: “هؤلاء منتهى نظرهم أن يروا حقيقة مطلقة مجردة تقوم في أنفسهم فيقولون: الإيمان من حيث هو إيمانوالإنسان من حيث هو إنسان والسواد من حيث هو سوادلا يجوز أن يتفاضل ولا يجوز أن يختلف وأمثال ذلك؛ ولو اهتدوا لَعلموا أن الأمور الموجودة في الخارج عن الذهن متميزة بخصائصها وأن الحقيقة المجردة المطلقة لا تكون إلا في الذهن(95).

كذلك قوله بتساوي المؤمنين في أصل الإيمان مما يُفترض في الذهن فقط ولا حقيقة له في الخارج لأن ذلك الأصل الذي يقول: إنه لا يزيد ولا ينقص لا يمكن تحديده، لكون الإيمان لا يوجد له حد أدنى بحيث لا يقبل النقصان عن ذلك الحد وليس في الأدلة ما يدل على ذلك، والتي دلت عليه الأدلة على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء(96).

فـأصل الإشكال في هذا الباب هو الظن أنه يلزم من الاشتراك في أمر ما أن يكون له حقيقة ثابتة لا تقبل التفاوت، يستوي فيها جميع من تقوم به تلك الحقيقة، وإلا لم يمكن تمييزها.

ولا شك أن مجرد الاشتراك في أمر ما لا يستلزم لذاته وجود حقيقة تكون ثابتة متحققة في أفراده بالتساوي، وهذا وإن كان قد يقوم بالذهن، لكنه لا يكون في الخارج. وعلى هذا فلا يلزم من مجرد الاشتراك في التصديق التساوي فيه، وإنما يكون التساوي في مجرد ثبوته لا في حقيقته، وكذا الاشتراك في التصديق لا يقتضي أن مجرد ثبوته هو الأصل، وأن التفاضل يكون فيما بعد الثبوت؛ لأن الكلام عن الأصل كلام عن حقيقة لها أصل وكمال، والكلام عن الثبوت كلام عن مجرد صحة نسبة التصديق إلى المصدق(97).

مما سبق عرضه يتبين عدم موافقة مُلَّا علي القاري في هذه المسألة لما عليه إجماع السلف، وما ذهب إليه موافق لما عليه جمهور المتكلين الذين خالفوا في ذلك الكتاب والسنة وقول سلف الأمة أجمعين.

المطلب الثالث: آراء ملا علي القاري في الاستثناء في الإيمان.

المراد بالاستثناء في الإيمان: تعليق الإيمان بمشيئة الله، كأن يقول الرجل إذا سئل: أمؤمن أنت؟ فيقول: إن شاء الله، أو أنا أرجو أن أكون مؤمناً، أو نحو ذلك.

وقد ذكر مُلَّا علي القاريرحمه اللهاختلاف العلماء في حكم الاستثناء في الإيمان، وحرّر محل النزاع في المسألة، واختار ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من جواز الاستثناء في الإيمان، فلم يقف في هذه المسألة موقف أصحابه المرجئة بالجزم بتحريم الاستثناء في الإيمان مطلقاً، وتكفير بعضهم لمن استثنى في الإيمان، وإن كان لم يَسلم من التأثّر بشيء من شبه المرجئة في هذه المسألة، فلذلك مع قوله بجواز الاستثناء ذهب إلى أن تركه أولى، إليك أقوال مُلَّا علي القاري في هذا الصدد:

يقولرحمه اللهمبينا محل النزاع في هذه المسألة: “والكلام في الإيمان المتحقق في الحال، وأن الأولى ماذا من الأقوال؟(98).

حيث ذكر أن محل النزاع في الاستثناء إنما هو في الإخبار عن إيمانه في الحال؛ وليس في الإيمان في المستقبل، وليس في الإيمان حال الموافاة الذي يقول به الأشاعرة(99)، قال مُلَّا علي القاريرحمه اللهناقلا قولهم في ذلك: “وقال بعضهم: الإيمان هو ما مات الإنسان عليه، والإنسان إنما يكون عند الله مؤمناً أو كافراً باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكون عليه، وما قبل ذلك لا عبرة به، قالوا: والإيمان الذي يتعقبه الكفر فيموت صاحبه كافراً– : ليس بإيمان، كالصلاة التي أفسدها صاحبها قبل الكمال، والصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب (100).

والأشاعرة قالوا: إن الإيمان هو ما يوافي العبد به ربه، فمن عَلِم الله أنه لا يوافيه بهذا الإيمان فإن هذا الإيمان لا اعتبار له؛ الإيمان الأولالذي لا يوافي به، أو يعقبه ردة وما إلى ذلكفليس إيماناً(101)؛ فذكر مُلَّا علي القاريرحمه اللهإن محل الخلاف ليس في ذلك وإنما هو في الإيمان في الحال، وهل يجوز الإخبار عن الإيمان في الحال بالتعليق بمشيئة الله.

ثم قال مُلَّا علي القاري ردا على الأشاعرة: “وفيه أن الإيمان إذا تحقق بشروطه، كيف يكون كالصلاة التي أفسدها صاحبها قبل إكمالها، والصوم الذي يفطر صاحبه قبل الغروب(102).

ثم قال مبينا رأيه: “والظاهر، أنه لا يستثنيلأنه لا يحسن الاستثناء عرفاً في قطع الوقوع أصلاً؛ لأنه إذا سئل أنت مكي أو مدني؟ أو جائع أو عاطش؟ أو شاب أو طويل؟ لا يقال: إن شاء الله. كذا إذا سئل: إن الرب واحد؟ أو محمد نبي؟ فلا يقال: نعم إن شاء الله؛ لأنه يحصل التردد في تصديقه، والشك في تحقيقه، ولذا قيل في توجيه منعه: إن تركه أبعد عن التهمة بعد الجزم في الحال، وبتقدير أنه قصد غير التعليق، فربما اعتادت نفسه التردد في الإيمان، لكثرة إشعار النفس بواسطة الاستثناء بترددها في ثبوت الإيمان واستمراره. وأجاب عنه ابن حجر بما لا طائل تحته، فتدبر(103).

وهذا القول لملَّا علي القاريرحمه اللهيدل على أنه يرى ترك الاستثناء في الإيمان.

وقالرحمه اللهفي موضع آخر: “وكثير من السلف حتى الصحابة والتابعون ذهبوا إلى الجواز، وهو المحكي عن الشافعيرحمه اللهوأتباعهوفيه أنه لا محظور في هذه المقالة (104). وهذا القول لملَّا علي القاريرحمه اللهيدل على أنه يرى جواز الاستثناء في الإيمان.

ومن أقواله أيضا: “والحاصل أن المستثني إذا أراد الشك في أصل إيمانه مُنع من الاستثناء وهذا لا خلاف فيه، وأما إن أراد أنه مؤمن كامل، فالاستثناء حينئذ جائز إلا أن الأولى تركه باللسان وملاحظته بالجنان(105).

رد مُلَّا علي القاري على من قال بالقولين السابقين:

وقد ردَّ مُلَّا علي القاريرحمه اللهعلى من قال بالقولين السابقين من أصحابه، وبيَّن غلط ما ذهبوا إليه من التحريم والتكفير على النحو التالي:

أولا:ذكر صاحب التمهيد(106) والكفاية(107) وغيرهما من علماء الحنفية كفر القائل بالاستثناءوفيه أنه لا وجه للكفر والكذب(108).

ثانيا:أجمع السلف والخلف على أنه لا يخرج من الإيمان باستثنائه(109).

ثالثا:وفيه أنه لا محظور في هذه المقالةكما سبق بيانه عن كثير من السلف من الصحابة والتابعين.

رابعا: أنكر مُلَّا علي القاريرحمه اللهالاستثناء باعتبار الموافاة الذي يقول به الأشاعرة، كما سبق ذكره.

هذا ما قرره مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي هذه المسألة؛ وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:

القول الأول: تحريم الاستثناء، وهذا قول المرجئة، والجهمية(110).

مأخذ هذا القول: أن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه، ومن استثنى فقد شك، والشك في الإيمان كفر(111).

القول الثاني: وجوب الاستثناء، وهو قول الكلابية(112) وجمهور الأشاعرة(113).

ومأخذ هذا القول: أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، وأما قبل ذلك فلا عبرة به(114).

وهذا الاعتبار للأشاعرة في تعليلهم وجوب الاستثناء مبني على قولهم بنفي الصفات الاختيارية عن الله، وهو ما يسمونه بمنع حلول الحوادث، ومن ثَمَّ قالوا: إن الحب والبغض والسخط والغضب صفات أزلية قديمة، فلا يكون الله مبغضا لشخصحال كفرهثم يصير محبا له بعد إيمانه، بل لم يزل محبا له في الأزل إذا علم أنه يموت على الإيمان، ولم يزل مبغضا له في الأزل إذا علم أنه يموت على الكفر(115).

القول الثالث: التفصيل في ذلك وهو: جواز الاستثناء على اعتبار خوف التزكية والاحتياط للعمل، أو لعدم العلم بالعاقبة وغير ذلك، ومنعه إذا أراد المستثني الشك في أصل إيمانه، وهذا قول أهل السنة والجماعة.

لأن الإيمان عندهم على مرتبتين: مرتبة الإيمان المطلق الكامل، ومرتبة مطلق الإيمان؛ فأجازوا الاستثناء في الأول دون الثاني(116).

يقول الإمام الآجريرحمه اللهمبيناً منهج أهل السنة والجماعة: من صفة أهل الحق ممن ذكرنا من أهل العلم: الاستثناء في الإيمان، لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟(117).

يدل قول الإمام الآجري ¬ على أن السلف يرون جواز الاستثناء في الإيمان مخافة التزكية ولعدم استكمالهم العمل، وأما الاستثناء في الإيمان على معنى أنه غير جازم بأصل الإيمان فهذا مما لا خلاف في منعه، لأن أصل الإيمان يصح الجزم به؛ لأن كل مسلم ومؤمن يجزم بأن معه الأصل(118).

ومن خلال الأقوال الثلاثة، وما ذكره مُلَّا علي القاريرحمه اللهعن الاستثناء في الإيمان فإنّ الباحث يرى أنه من الممكن جعله من أصحاب القول الثالث مع بعض التوجيهات. وفيما يلي بيان ذلك:

أولا: قول مُلَّا علي القاريرحمه الله– : “الأولى تركه (أي الاستثناء) باللسان وملاحظته بالجنان(119). فيقال: بل الأولى: لزوم الاستثناء؛ لأنه قول الصحابة والتابعين، ولم يكن يعرف عن الصحابة والتابعين الجزم بالإيمان، وقد نفى ذلك عنهم جماعة من العلماء، ومنهم أحمد: حيث قال: “لم يقله أحد من أهل العلم قبلنا(120).

ثانيا: احتجاج مُلَّا علي القاريرحمه اللهبقوله:إنه لا يحسن الاستثناء عرفاً في قطع الوقوع أصلا؛ لأنه إذا سئل أنت شاب أو طويل؟ لا يقال: إن شاء الله(121).

يكفي في بيان بطلان هذه الشبهة نقضُ مُلَّا علي القاريرحمه اللهنفسه لهذا القياس في شرح الفقه الأكبر، حيث قال فيه: “فإن صاحب التمهيد والكفاية وغيرهما من علماء الحنفية كفروا القائل به، وقالوا ذلك لا يصح كما لا يصح قول القائل: أنا حي إن شاء الله تعالى، وأنا رجل إن شاء الله تعالى، وفيه أن هذا ليس من قبيل قول القائل: أنا طويل إن شاء الله تعالى، بل نظير قولك: أنا زاهد، أنا مُتَّقٍ، أنا تائب إن شاء الله تعالى، إما قاصداً هضم النفس والتواضع، أو قـاصـداً جـهله بحـقيـقة وجـود شـروطـه(122)، فـهـذا صـحـيـح؛ فـإن قـيـاس الإيمان على الطـول قـياس مـع الفارق وتمثيل في غير محله؛ لأن الطول والشباب من الأمور المحسوسة المعلومة بالقطع، والإنسان إذا كان طويلاً أو كان شاباً صح أن يقال عنه: إنه طويل أو إنه شاب، وأما الإيمان من الأمور غير المحسوسة بل هو من الكيفيات النفسانية؛ وهو مركب من أمور ثلاثة، يزيد وينقص، له مقتضيات ومتطلبات قد لا تتوفر في مدعيه، وعليه فلا يمكن للإنسان أن يجزم قطعا بأنه أتى بجميع متطلبات الإيمان وجميع مقتضياته(123).

ثالثا: إنكار مُلَّا علي القاريرحمه اللهرأي الأشاعرة بوجوب الاستثناء باعتبار الموافاة، صحيح، فإن الاستثناء باعتبار الموافاة لم يعرف عن أحد من السلف. يقول ابن تيميةرحمه الله– : “وأما مذهب سلف أصحاب الحديثفكانوا يستثنون في الإيمان. وهذا متواتر عنهم لكن ليس في هؤلاء من قال: أنا استثني لأجل الموافاة وأن الإيمان إنما هو اسم لما يوافي به العبد ربه؛ بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات فلا يشهدون لأنفسهم بذلك كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى؛ فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علموأما الموافاة؛ فما علمت أحداً من السلف علل بها الاستثناء(124).

يتبين مما سبق أن ما قرره مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي هذه المسألة من جواز الاستثناء في الإيمان موافق لما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، وأما استحسانه تركه فإن ذلك ليس من قول أهل السنة والجماعة، فإنهم يقولون إن الإتيان به أولى وأتم.

المطلب الرابع: آراء ملا علي القاري في الخلاف في مسمى الإيمان؟

ذهب مُلَّا علي القاريرحمه اللهإلى أن الخلاف بين السلف والمرجئة في مسمى الإيمان وزيادته ونقصانه والاستثناء فيه خلاف لفظي وليس حقيقياً(125).

قال مُلَّا علي القاريرحمه الله: نُقل عن أصحاب الحديث مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وعن المعتزلة والخوارج أنه فعل القلب واللسان مع سائر الأركان، لكن المعتزلة قالوا على أن صاحب الكبيرة بين الإيمان والكفروالخوارج على أنه كافر، وأهل السنة على أنه مؤمن فاسق داخل تحت المشيئة لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48]، قالوا(126): لا تظهر المغايرة بين قول أصحاب الحديث وبين سائر أهل السنة (127).

والسبب الذي جعله يقول إن الخلاف لفظي بين أهل السنة والمرجئة، هو ما رآه من موافقة السلف للمرجئة في عدم نفيهم للإيمان عن مرتكب الكبيرة ومخالفتهم للخوارج والمعتزلة في ذلك، فظن مُلَّا علي القاريرحمه اللهأن ذلك لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان المقصود من قول أهل الحديث بأن العمل من الإيمان أنه من كمال الإيمان، بحيث يصح الإيمان مع انتفائه، لأنه لو كان مرادهم بقولهم أن العمل من الإيمان أنه ركن من الإيمان كما يقول المعتزلة والخوارج، لاتفقوا مع المعتزلة والخوارج في نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة.

هذا ما قرره ملا علي القاري في هذه المسألة، والذي ذكره مُلَّا علي القاريرحمه اللهعن مكانة العمل من الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو في الحقيقة افتيات عليهم، فإن أهل السنة والجماعة يقصدون بقولهم: الإيمان قول وعمل أن العمل أصل في الإيمان وليس كمالياً؛ ولا يمكن القول بأن العمل من الإيمان إلا على اعتبار بأنه أصل فيه.

وقد نص العلماء في تفسير قول أهل السنة بأن الإيمان قول وعمل على ثلاثة أمور:

أولها: أنه لابد في الايمان من العمل؛ لأنه أصل فيه.

والثاني: كفر التارك للعمل؛ لأنه قد ترك ركنا في الإيمان.

والثالث: أن من ترك العمل لم يكن من أهل الجنة.

فهذه لوازم ثلاثة، نص أهل السنة والجماعة على أن ما أجمعوا عليه من أن العمل من الإيمان يقتضيها(128)، ولم ينقل عن واحد منهم أنه أطلق على العمل أنه شرط كمال، فإن مذهب السلف إنما يعرف منهم بالآثار لا بمجرد الدعاوى والتخرصات، كما هي طريقة أهل الكلام؛ فإنهم إذا استصوبوا قولا في مسألة من مسائل الاعتقاد نسبوه إلى السلف، كنسبتهم التفويض في صفات الله إلى السلف، والسلف منه براء(129).

وأما عدم إخراج مرتكب الكبيرة من الإيمان عند أهل السنة والجماعة مع إدخالهم العمل فيه(130)، والسبب في ذلك أنهم لا يسلمون أن الإيمان واحد وأنه لا يزيد ولا ينقص بل يقولون أن الإيمان حقيقة مركبة يتركب ويتجزأ، وأن هذه الأجزاء مختلفة متفاوتة، فمنها ما يزول الإيمان كلية بزولها؛ كفعل أمر كفري ناقض للإيمان، ومنها ما يزول كمال الإيمان الواجب بزوالها؛ كفعل كبيرة من الكبائر(131). بناء على ذلك لا يحكمون على المخالف فيما ليس بركن في الإيمان، بل هو من واجبات الإيمان وهو آحاد العمل أن إيمانه قد انتفى وأما المخالف فيما هو ركن في الإيمان، وهو جنس العمل فيحكمون في هذا المقام بأن إيمانه قد انتفى(132).

وأما المعتزلة والخوارج فإن أصلهم أن الإيمان واحد لا يزيد ولا ينقص، وإذا نقص شيء منه ذهب كله، فإنهم يلزمهم على قولهم بأن العمل من الإيمان إخراج مرتكب الكبيرة من الإيمان، لأنه على أصلهم أن الإيمان واحد لا يمكنهم التفريق بين من خالف في ما هو من واجبات الإيمان وبين من خالف فيما هو ركن في الإيمان، فيكون حكم من خالف في ما هو من واجبات الإيمان وهو مرتكب الكبيرة كحكم من خالف فيما هو ركن في الإيمان وهو من ترك العمل بالكلية.

وإذا كان يمكن الجمع عند أهل السنة والجماعة بين عدم نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة وبين اعتبار العمل من الإيمان، يتبين أن حمل ملا علي القاريرحمه اللهقول السلف بأن الإيمان قول وعمل على كمال الإيمان، بناء على رأيه باستحالة الجمع بين عدم نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة وبين اعتبار العمل من الإيمان غير صحيح، وإذا كان مراد السلف من قولهم في الإيمان أنه قول وعمل أن العمل من أصل الإيمان لا من كماله يكون قول ملا علي القاريرحمه اللهوصف الخلاف بين أهل السنة والمرجئة بأنه خلاف لفظي بناء على رأيه من أن مراد السلف من قولهم بأن الإيمان قول وعمل كمال الإيمان غير صحيح.

يتبين مما سبق يتبين أن قول مُلَّا علي القاريرحمه اللهبأن الخلاف بين السلف والمرجئة لفظي غير معنوي غير موافق للصواب.

المطلب الخامس: آراء ملا علي القاري في الفرق بين الإسلام والإيمان

من المسائل التي اشتهر فيها الخلاف بين أهل السنة والجماعة هو بين العلاقة الإسلام والإيمان، هل هما بمعنى واحد أم أن بينهما فرقا؟

لتجلية قول مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي هذه المسألة إليك بعض أقواله في هذا الصدد:

من أقوال مُلَّا علي القاريرحمه الله– : في العلاقة بين الإسلام والإيمان: “إنهما بمعنى واحد في الشرع(133). وقال أيضاً: “فإن الجمهور على أن الإسلام والإيمان واحد(134).

مما سبق من أقوال مُلَّا علي القاري يتبين أنه يرى أن الإسلام والإيمان بمعنى واحد في الشرع ولكن مراد مُلَّا علي القاري بقوله بالاتحاد الإسلام والإيمان اتحادهما من جهة التلازم وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر في الوجود أو في الحكم ولا يقصد اتحادهما من جهة مفهومهما.

مما يدل على ذلك قوله: “… نعم عدم تغايرهما بمعنى أنه لا ينفك أحدهما عن الآخر في اعتبار حكمهما لا باعتبار مفهوميهما، ولهذا لا يصح أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس بمسلم، أو مسلم ليس بمؤمن(135).

وقال أيضاً: “الإسلام والإيمان كشيء واحد حيث هما لا ينفكان كالظهر مع البطن للإنسان، فإنه لا يتحقق وجود أحدهما بدون الآخر(136).

وقال أيضاً: “والحاصل أنه لا بد من وجودهما حتى يحكم على أحد بأنه من أهل الإيمان(137).

وللإسلام عنده موضع آخر: وهو الاستسلام خوف القتل، وبهذا المعنىالاستسلام في الظاهر خوف القتلفسر قول الله تعالى: وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات: 14]، فهو يرى أن إسلامهم غير صحيح. يدل على ذلك قوله: “نعم قد يطلق الإسلام على المعنيين جميعاً، كقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: ١٩]، وقد يطلق على الانقياد الظاهري فقط، كقوله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات: 14](138)وقال في موضع آخر: وهو في الآية بمعنى الانقياد الظاهر من غير انقياد الباطن بمنزلة التلفظ بكلمة الشهادة من غير تصديق معتبر في حق الإيمان(139).

وقال أيضاً: “فالإيمان مختص بالانقياد الباطني، والإسلام مختص بالانقياد الظاهري، كما يدل عليه حديث جبرائيل حيث فرق بين الإسلام والإيمان وفق الاستعمال اللغوي بأن جعل الإيمان محض التصديق والإسلام هو القيام بالإقرار وعمل الأبرار في مقام التوفيق(140).

ومن خلال ما سبق من أقوال مُلَّا علي القاري، يفهم المراد من قوله في موضع آخر: “أنهما يجتمعان ويفترقان، وأن كل مؤمن مسلم من غير عكس(141).

قوله: “يجتمعانيريد بذلك اتحاد الإسلام والإيمان في الشرع سواء جاءا مقترنين في النص أو منفردين.

وقوله يفترقانيريد بذلك افتراقهما في اللغة فيحمل كل من الإسلام والإيمان على معناهما الخاص في اللغة، فيحمل الإيمان على التصديق المحض، ويحمل الإسلام على استسلام الظاهر المحض دون أن يكون بينهما التلازم.

وقوله: “كل مؤمن مسلم من غير عكس“. يعني بذلك: أن من أتى بالانقياد الباطن فهو مؤمن في الشرع والمؤمن في الشرع هو المسلم، وأما من أتى بالانقياد الظاهر فقط فإنه قد يكون مؤمناً وقد لا يكون مؤمناً، فإذا كان مع إسلامه الانقياد الباطن كذلك فهو يعدّ مسلماً في الشرع والمسلم في الشرع هو المؤمن، فإذا لم يكن مع إسلامه الانقياد الباطن فيكون مسلماً من جهة اللغة، وهو لا يعتبر مؤمناً في الشرع.

وهذا ما قرره مُلَّا علي القاري ¬ في هذه المسألة.

وقد ذهب عامة أهل السنة وأكثر السلف إلى أن مسمَّى الإيمان والإسلام يختلف مدلولهما في الشرع على حسب الإفراد والاقتران؛ فإذا اقترنا باللفظ اختلفا في المعنى فيشمل الإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة، فإذا افترقا باللفظ اجتمعا بالمعنى فيشمل كل واحد منهما الأعمال الظاهرة والباطنة.

وهذا القول هو الذي تعضده الأدلة وبه تجتمع النصوص، ورجّح هذا القول جمع من أهل العلم المحققين، ومنهم الإمام بن تيمية، وابن رجب، وغيرهم من أهل العلم(142).

من النصوص التي تدل على أن الإسلام والإيمان يفترقان إذا اجتمعا: قول الله : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب: 35].

وجه الدلالة منهما: عطف الإيمان على الإسلام، والعطف هنا يدل على المغايرة في المعنى بين المتعاطفين(143).

ومن النصوص التي تدل على أن الإسلام والإيمان يفترقان إذا اجتمعا ما ثبت عن النبي من حديث سعد بن أبي وقاص : “أن رسول الله أعطى رهطاً وترك رجلاً هو أعجبهم إليّ، فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً. فقال: (أو مسلماً)، فسكت قليلاً. غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت: ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً. فقال: (أو مسلماً)، ثم غلبني منه فعدت لمقالتي فعاد رسول الله : ثم قال: (يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه، خشية أن يكبه الله في النار)”(144).

فهذا الحديث من أدل الدلائل على الفرق بين الإسلام والإيمان؛ لأنه لا يمكن حمل الإسلام في هذا الحديث على معناه في اللغة، فلو حمل الإسلام على معناه في اللغةعلى الإسلام الظاهر خالياً عن استسلام الباطنكما هو معنى الإسلام في اللغة، لكان ينبغي أن يقال: إن هذا الرجل كان من المنافقين، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الرجل الذي زكّاه سعد بن أبي وقاص واضح أنه من جملة المؤمنين، بدليل تزكية سعد بن أبي وقاص له وبدليل إقرار النبي لجملة تزكيته، وإشارته بأن له قسطاً من محبته، كما يفهم ذلك من قول النبي : (وغيره أحب إلي منه)(145).

فإذا كان الأمر كذلك فيقال بناءً على ذلك، فإن منع النبي سعداً عن إطلاقه اسم الإيمان عليه مع إقراره على صحة إسلامه يدل دلالة بينة على الفرق بين الإسلام والإيمان. ولو كان معنى الإسلام والإيمان واحداً لما منع النبي سعدا أن يسمي هذا الرجل مؤمناً.

ودل هذا الحديث كذلك على أن الفرق بين الإسلام والإيمان هو أن الإيمان درجة أعلى من الإسلام، وأنه اسم ثناء ومدح، ففي مقام الثناء والمدح فلا يطلق هذا إلا لمن حقق الإيمان، وأما من لم يحقق الإيمان فلا يطلق هذا الاسم وإن كان أصل إيمانه ثابتاً.

وأما في مقام الإجراء الأحكام الدنيوية فلا مانع من إطلاق هذا الإسم مريداً أصل الإيمان، إنما الممنوع هو إطلاقه في مقام الثناء والمدح كما في الحديث السابق(146).

ولذلك خص السلف هذا الاسم بمن أتى بالإيمان المطلق(147) فقط وأما من أتى بمطلق الإيمان فأطلقوا عليه اسم الإسلام مع إثبات أصل إيمانه الذي به يصحح إسلامه.

ومن هنا يقول ابن تيميةرحمه الله– : “إنما النزاع في إطلاق الاسم(148) مراد ابن تيميةرحمه اللهبهذا القول: أن عامة أهل السنة والجماعة نزاعهم في إطلاق اسم الإيمان لمن أتى بمطلق الإيمان أو بالإسلام فقط، لكونهم يرون أن هذا الاسم اسم ثناء ومدح، لكونه جاء إطلاقه في النصوص مختصًّا بمقام الثناء والتزكية، فعملا بدلالة النصوص خصّوا هذا الاسم بهذا المقام دون غيره.

يحسن الإشارة هنا أن قول عامة السلف بالفرق بين الإسلام والإيمان عند اجتماعهما لا يراد به فرق التباين والمغايرة من كل وجه بحيث لا يجتمعان في مكان واحد، بل المراد من هذا التفريق أن لكل واحد مسمى غير الآخر؛ مع التلازم بينهما بحيث لا ينفك أحدهم عن الآخر كالشهادتين؛ لأن لكل من الشهادتين غير حقيقة الأخرى، مع التلازم بينهما وعدم انفكاك إحداهما عن الآخر(149).

والقول بالتلازم بين الإسلام والإيمان يتوافق مع قول السلف: “إيمان قول وعملولا يشكل على قولهم، ولكن يشكل على المرجئة، ويتعارض مع قولهم في الإيمان بأنه تصديق فقط، فإن القول بالتلازم معارض لهذا الأصل عندهم.

ذلك أن القول بالتلازم يوجب ألا يحكم على أحد بأنه مؤمن إلا بوجود الإسلام، أو بأنه مسلم إلا بوجود الإيمان، فإذا لم يوجد الإسلام لا يحكم بكونه مؤمناً وإذا لم يوجد الإيمان لا يحكم بكونه مسلماً، كما في قول مُلَّا علي القاريرحمه الله– :والحاصل أنه لا بد من وجودهما حتى يحكم على أحد بأنه من أهل الإيمان(150).

وقال أيضاً: “فإنه لا يتحقق وجود أحدهما بدون الآخر(151).

وأما القول بأن الإيمان هو التصديق، يوجب إطلاق اسم الإيمان على من وجد منه التصديق فقط ولو لم يوجد منه الإسلام.

ولهذا والله أعلمللتخلص من هذه المشكلة، قال مُلَّا علي القاريرحمه اللهفي بعض المواضع باتحاد الإسلام والإيمان من جهة الحكم بدل قوله باتحادهما من جهة التلازم في الوجود؛ لأنه يمكن أن يقال في هذا الموضع باتحادهما في الحكم فقط، أي يمكن أن يحكم عند المرجئةبناء على أصلهم أن الإيمان هو التصديقعلى من أتى بالتصديق فقط بأنه مسلم ولو لم يوجد لازمه؛ لأن من أتى بالتصديق فقط يُعدُّ مؤمناً عندهم في حكم الشرع، والمؤمن في حكم الشرع هو المسلم. فاتحدا ههنا من جهة التلازم في الحكم، لا من جهة التلازم في الوجود؛ لأنه لا يوجد ههنا لازم الإيمان الذي هو الإسلام، والله أعلم.

يتبين مما سبق أن ما ذكره مُلَّا علي القاري في بيان الفرق بين الإسلام والإيمان غير موافق لما عليه أهل السنة والجماعة.

الخاتمة:

هذا ما استطعت جمعه وترتيبه من آراء ملا علي القاري في مسائل الإيمان على قدر جهدي المتواضع، ولكن قبل الختام أذكر النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث؛ وهي كالتالي:

  1. ملا علي القاريرحمه اللهخالف أهل السنة والجماعة في مسمّى الإيمان، وكان قوله في الإيمان أنه تصديق القلب وإذعانه فقط ولكنه ينكر أن يكون الإيمان هو مجرد المعرفة كما ذهب إليه الجهمية، وأما الإقرار باللسان فهو شرط للإيمان، ويصير شطراً في حال المطالبة به وأمره بأدائه، وأما عمل الجوارح فقد جعله مكملا للإيمان؛ فوجوده كمال، وعدمه نقص ولم يدخله في مفهوم الإيمان ولكنه يقرر أن الإيمان به متحتمٌ، والإتيان به فرض.

  2. خالف أهل السنة والجماعة في قوله أن الإيمان شيء واحد وخصلة واحدة لا يتبعض ولا يتجزأ، وقوله بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص بناء على هذا الأصل، فأخطأ في التأصيل والتفريع.

  3. قرر ملا علي القاريرحمه اللهأن الإسلام والإيمان متّحدان في المعنى، ومراده بذلك أن الإسلام والايمان متحدان من جهة التلازم في الوجود أو في الحكم ولا ينفك أحدهما عن الآخر في الوجود أو في الحكم، وهو لا يرى اتحاد الإسلام والإيمان من جهة المفهوم، وهذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة، فإن الإسلام والإيمان يتحدان من جهة المفهوم في موضع ويفترقان في موضع على حسب الإفراد والاقترانكما سبق بيان ذلك.

  4. يرى ملا علي القاريرحمه اللهأن الخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين مرجئة الفقهاء في مسمى الإيمان وزيادته ونقصانه والاستثناء فيه خلاف لفظي وصوري غير حقيقي، وهذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة فالخلاف في هذه المسائل كلها حقيقي جوهري.

  5. وافق ملا علي القاري أهل السنة والجماعة في الاستثناء في الإيمان، وأن ذلك جائز إذا قصد به عدم الشهادة لنفسه بالكمال في إتيان الأعمال على وجهها المطلوب، أو عدم علمه بالعاقبة، وأما إذا قصد الشك في أصل إيمانه فإنه يحرم الاستثناء.

التوصية:

يوصي الباحث بالتوسع في دراسة مناهج الأئمة وأعلام المذاهب الفقهية المتبوعة الاعتقادية، وضرورة تقويمهاخاصة المتأخرين منهملعظم أثرهم، وانتشار كتبهم، ولأنهم أشد تمسكاً بآراء أئمتهم.

وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يغفر لي ما وقع فيه من خطأٍ وزللٍ، إنه جواد ٌكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

***

المصادر والمراجع:

  1. ابن أبي العز الحنفي، محمد بن علاء الدين علي، شرح العقيدة الطحاوية، مؤسسة الرسالة، 1417ه.

  2. ابن أبي حام الرازي، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي، 1271هـ.

  3. ابن أبي يعلى، محمد بن محمد بن أبي يعلى، طبقات الحنابلة، دار المعرفة.

  4. ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، مناقب أحمد، دار هجر، 1409هـ.

  5. ابن العماد العكري، عبد الحي بن أحمد بن محمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار ابن كثير، 1406هـ.

  6. ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1423 هـ.

  7. ابن النجار، أحمد بن محمد بن الصادق، براءة أئمة السلف من التفويض في صفات الله ، دار النصيحة، 1432ه.

  8. ابن الهمام، كمال بن أبي شريف، كتاب المسامرة في شرح المسايرة في علم الكلام، المكتبة الأزهرية للتراث، 1347ه.

  9. ابن بطة، عبيد الله بن محمد بن بطة، الإبانة الكبرى، دار الراية، 1415هـ.

  10. ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، العقيدة الواسطية: اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة، تحقيق: أبو محمد أشرف بن عبد المقصود، ناشر: أضواء السلف – الرياض، الطبعة: الثانية 1420هـ.

  11. ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، الإيمان، المكتب الإسلامي، 1416هـ.

  12. ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، مجموع الفتاوى، دار الوفاء، 1426هـ.

  13. ابن جرير الطبري، محمد بن جرير بن يزيد، تفسير الطبري، دار هجر، 1422ه.

  14. ابن حجر، أحمد بن علي بن محمد، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، مجلس دائرة المعارف العثمانية، 1392ه.

  15. ابن حجر، أحمد بن علي بن محمد، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، 1379ه.

  16. ابن حزم، علي بن أحمد بن سعيد، الفصل في الملل والأهواء والنحل، مكتبة الخانجيالقاهرة.

  17. ابن رجب، عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب، فتح الباري شرح صحيح البخاري، مكتبة الغرباء الأثرية 1417 هـ.

  18. ابن رجب، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، دار السلام، 1424.

  19. ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ناشر: دار الفكر، دون ذكر الطبعة، 1399هـ.

  20. ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، الطبعة الأولى، 1418هـ.

  21. ابن كثير، إسماعيل بن محمد بن عمر، البداية والنهاية، دار هجر، 1418هـ.

  22. أبو قوطة، ياسر عبدربه محمد أبو قوطة: جمع الوسائل في شرح الشمائل، دراسة وتحقيق وتخريج، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، 1428- 1429ه.

  23. الأشعري، علي بن إسماعيل بن أبي موسى، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، المكتبة العصرية، 1426هـ.

  24. الأصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، دار القلم، 1412ه.

  25. البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، التاريخ الكبير، دار الكتب العلمية.

  26. البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، صحيح البخاري دار طوق النجاة، 1422هـ.

  27. البرمكي، أحمد بن محمد بن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، دار صادر، 1415ه.

  28. البغدادي، إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم البغدادي، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين (المتوفى: 1399ه)، دار إحياء التراث العربيبيروت / لبنان.

  29. البغدادي، عبد القاهر بن طاهر بن محمد، الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، دار الآفاق الجديدة، 1397ه.

  30. بلال علي الأنصاري، المحدث الدكتور محمد عبد الحليم النعماني الجشتي، 1436ه، رابط الموقع: http://www.madarisweb.com/ar/articles/2940، تاريخ آخر الزيارة: 15/4/1440.

  31. الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، دار العلم للملايين، 1407ه.

  32. حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله كاتب جلبي القسطنطيني، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مكتبة المثنىبغداد، 1941ه.

  33. الحربي، أحمد بن عوض الله، الماتريدية دراسة وتقويماً، دار الصميعي، 1421ه.

  34. الحليمي، الحسين بن الحسن بن محمد، المنهاج في شعب الإيمان، دار الفكر، 1399ه.

  35. الخطيب البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ بغداد، دار الغرب الإسلامي، 1422ه.

  36. الخلال، أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد، السنة، دار الراية – الرياض، 1415ه.

  37. الخميس، محمد بن عبد الرحمن، أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة، دار الصميعي.

  38. الخميس، محمد بن عبد الرحمن، التوضيحات الجلية على شرح العقيدة الطحاوي دار ابن الجوزي، 1429ه.

  39. الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، 1405هـ.

  40. الذهبي، محمد بن أحمد بن عثمان، تذكرة الحفاظ، دار الكتب العلمية، 1419هـ.

  41. الرشيد، عبد العزيز بن ناصر، التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية، دار الرشيد، 1416ه.

  42. الزبيدي، محمد بن محمد الحسيني، الملقب بمرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية.

  43. الزبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، الملقّب بمرتضى الزَّبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، مجموعة من المحققين، دار الهداية.

  44. الزركلي، خير الدين بن محمود الدمشقي، الأعلام، دار العلم للملايين، 1423ه.

  45. السبكي، تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين، طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو، ناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، 1413هـ.

  46. السبكي، عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (المتوفى: 771هـ)، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي وآخرون، هجر للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1413هـ.

  47. السخاوي، لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت / لبنان.

  48. السخاوي، محمد بن عبد الرحمن، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، منشورات دار مكتبة الحياة.

  49. الشنقيطي، الطيب بن عمر الشنقيطي، شرح الإمام علي القاري على كتاب ألفاظ الكفر للعلامة بدر الرشيد، دار الفضيلةالرياض، الطبعة الأولى 1423ه.

  50. الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر، الملل والنحل، مؤسسة الحلبي.

  51. الشوكاني، محمد بن علي بن محمد الشوكاني اليمني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، دار المعرفةبيروت / لبنان.

  52. الطريفي، عبد العزيز بن مرزوق، الخراسانية في شرح عقيدة الرازيين أصل السنة واعتقاد الدين، مكتبة دار المنهاج، 1437ه.

  53. عبد الرزاق بن حسن بن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر، تحقيق: محمد بهجة البيطار، دار صادر – بيروت / لبنان، الطبعة الثانية، 1413ه.

  54. عبد الله ابن أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ البغدادي، السنة، تحقيق: د. محمد بن سعيد بن سالم القحطاني، ناشر: دار ابن القيم – الدمام، الطبعة: الأولى، 1406 هـ.

  55. عبد الله بن عبد العزيز بن حمادة الجبرين، تسهيل العقيدة الإسلامية، ناشر: دار العصيمي للنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، دون ذكر سنة الطبعة.

  56. عبد الله مرداد، أبو الخير عبد الله بن أحمد بن عبد الله مرداد، مختصر نشر النور والزهر تراجم أفاضل أهل مكة، تحقيق: محمد أحمد العمودي وأحمد علي، الطبعة الثانية، 1406ه.

  57. العثيمين، لمحمد بن صالح بن محمد، شرح العقيدة الواسطية، دار ابن الجوزي، 1421هـ.

  58. العصامي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وآخرون، دار الكتب العلمية – بيروت / لبنان، الطبعة الأولى، 1419ه.

  59. العطار، حسن العطار، حاشية العطار على جمع الجوامع، ناشر: دار الكتب العلمية.

  60. الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة 1426ه.

  61. القرشي، عبد القادر بن محمد بن نصر الله، الجواهر المضية في طبقات الحنفية، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية.

  62. القرني، عبد الله بن محمد، أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان، دار ابن الجوزي، 1432ه.

  63. القزويني، أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، دار الفكر، 1399ه.

  64. قوتلاي، خليل بن إبراهيم، الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث، دار البشائر الإسلاميةبيروت / لبنان، الطبعة الأولى، 1408ه.

  65. الكتاني، لمحمد بن جعفر بن إدريس الشهير بـ الكتاني، الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، تحقيق: محمد المنتصر الزمزمي، دار البشائر الإسلامية، الطبعة: السادسة، 1421ه.

  66. كحالة، عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة الدمشق، معجم المؤلفين، مكتبة المثنىبيروت / لبنان، دار إحياء التراث العربيبيروت / لبنان.

  67. الكليسي، عثمان الكليسي العرياني، خير القلائد شرح جواهر العقائد، تحقيق: أحمد فريد المزيدي، ناشر: دار الكتب العلمية – البيروت / لبنان. دون ذكر الطبعة وسنة الطبع.

  68. اللكنوي، أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي، التعليق الممجَّد على موطأ محمد، تحقيق: تقي الدين الندوي استاذ الحديث الشريف بجامعة الإمارات العربية المتحد، ناشر: دار القلم، دمشق، الطبعة: الرابعة، 1426هـ.

  69. اللكنوي، أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي، فوائد البهية في تراجم الحنفية، عنى بتصحيحه وتعليق بعض الزوائد عليه: محمد بدر الدين أبو فراس النعساني، طبع بمطبعة دار السعادة بجوار محافظة مصرلصاحبها محمد إسماعيل، الطبعة: الأولى، 1324 ه.

  70. مجمع اللغة العربية، معجم الوسيط، القاهرة، دار الدعوة.

  71. مجموعة من الأكاديميين والباحثين المختصين في جامعات العالم، موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة، دار التوحيد للنشر، 1439ه.

  72. المحبي، محمد أمين بن فضل الله بن محب الدين المحبي الحموي الأصل، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر الدمشقي، دار صادربيروت / لبنان.

  73. محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، دار البشائر الإسلامية،، الطبعة الثالثة، 1408هـ.

  74. المروزي، محمد بن نصر، تعظيم قدر الصلاة، مكتبة الدار، 1406ه.

  75. مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي.

  76. المطرفي، مساعد بن مجيول بن صالح المطرفي، مُلَّا علي القاري وآراؤه الاعتقادية في الإلهيات عرض ونقد، رسالة جامعية مقدمة لنيل درجة الماجستير بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، 1423ه.

  77. ملا علي القاري، علي بن سلطان بن محمد، الحرز الثمين للحصن الحصين، مكتبة ملك فهد الوطنية، 1434ه.

  78. ملا علي القاري، علي بن سلطان بن محمد، شرح الإمام علي القاري على كتاب ألفاظ الكفر لبدر الرشيد، دار الفضيلة 2002م.

  79. ملا علي القاري، علي بن سلطان بن محمد، شرح الشفا، دار الكتب العلمية، 1421ه.

  80. ملا علي القاري، علي بن سلطان بن محمد، شرح مسند الإمام أبي حنيفة، دار الكتب العلمية، 1405ه.

  81. ملا علي القاري، علي بن سلطان بن محمد، ضوء المعالي شرح بدء الأمالي، دار الفتح، 1436ه.

  82. ملا علي القاري، علي بن سلطان، المبين المعين لفهم الأربعين الهروي، دار العاصمة، 1435ه.

  83. ملا علي القاري، علي بن سلطان، شرح الفقه الأكبر، دار الكتب العلمية، 1432ه.

  84. ملا علي القاري، علي بن سلطان، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، دار الكتب العلمية– 1422ه.

  85. الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، الرياض، 1420ه.

  86. النعماني، محمد عبد الحليم، البضاعة المزجاة لمن يطالع المرقاة في شرح المشكاة، ناشر: مكتبة إمدادية.

  87. ياقوت الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، معجم البلدان

  88. يوسف بن محمد بن علي الغفيص، شرح كتاب الإيمان، 1428ه، رابط الموقع: http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138166، تاريخ آخر الزيارة: 15/4/1440.

1() هو: هو المحدث العالم الناقد، محمد عبد الحليم بن المنشي محمد عبد الرحيم الهندي مولداً ومنشأً، والنُعماني – نسبةً للإمام أبي حنيفة النعمانالحنفي مذهباً, وُلِد سنة (1347). منقول من موقع: شبكة المدارس الإسلامية, رابطها: http: //www.madarisweb.com/ar/articles/2940

2() ينظر: النعماني, البضاعة المزجاة (ص: 30).

3() الماتريدية: فرقة كلامية تنتسب إلى أبي منصور الماتريدي، وافق ابن كلّاب في كثير من المسائل، مثل الكلام النفسي، وإنكار الصفات اختيارية، وزاد عليه بأشياء منها: إنكار جميع الصفات ما عدا ثمان صفات ولم تظهر الماتريدية كفرقة مستقلة إلا في زمان متأخر، وهي فرقة أقرب في الآراء من الأشاعرة، حيث وافقت في كثير من أصولهم الاعتقادية. ينظر: الجهني, الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (ص: 95-10)، للاستزادة ينظر: الحربي, الماتريدية دراسة وتقويما.ِ

4() معجم مقاييس اللغة (ج: 2/472)

5() إعلام الموقعين عن رب العالمين: (ج: 2/124).

6() ينظر: تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين (ص: 1)

7() ينظر: العقيدة الواسطية (ص: 113), والسنة لعبد الله بن أحمد (ص: 307).

8() ينظر: حاجي خليفة, كشف الظنون (ج: 1/445)، أبو الخير, مختصر نشر النور والزهر (ج: 2/365).

9() ينظر: عبد الله مرداد, مختصر نشر النور والزهر (ص: 369).

10() ينظر: عبد الله مرداد, مختصر نشر النور والزهر (ص: 368).

11() وهي اليوم من أمهات مدن أفغانستان، كالعاصمة الثانية له. انظر: ياقوت الحموي, معجم البلدان (ج: 5/396).

12()القوتلاي, الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث (ص: 46-47).

13() ينظر: المحبي, خلاصة الأثر (ج: 3/185)، العصام المكي, سمط النجوم العوالي (ج: 4/394).

14() ينظر: المحبي, خلاصة الأثر (ج: 3/185)، العصام المكي, سمط النجوم العوالي (ج: 4/394)، البغدادي, هدية العارفين (ج: 1/751).

15() ينظر: المرتضى الزبيدي, تاج العروس (ج: 40/253)، القوتلاي, الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث (ص: 48).

16() ينظر: المحبي, خلاصة الأثر (ج: 3/185)، العصام المكي, سمط النجوم (ج: 4/402)، الشوكاني, البدر الطالع (ج: 1/445)، الكتاني, الرسالة المستطرف (ص: 153).

17() هو: معين الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسني الأيجي الشافعي الصفوي، مفسر له أكثر من مؤلَف، وفاته سنة (905هـ). ينظر: السخاوي, الضوء اللامع (ج: 8/ 37)، حاجي خليفة, كشف الظنون (ج: 1/610).

كما صرح بذلك هو بنفسه، إذ قال: “أستاذي المرحُوم فيعِلم القراءة، مَولانا معين الدين بن الحافظ زين الدين“. شم العوارض في ذم الروافض (ص: 42).

18() ينظر: المحبي, خلاصة الأثر (ج: 3/185)، العصام المكي, سمط النجوم (ج: 4/393).

19() القوتلاي, الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث (ص: 55).

20() ينظر: الزركلي, الأعلام (ج: 5/12)، النعماني, البضاعة المزجاة (ص: 30)، القوتلاي, الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث (ص: 58).

21() هو: محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم الأنصاري اللكنوي الهندي، أبو الحسنات، عالم بالفقه والحديث والتراجم، من مؤلفاته: “الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، والفوائد البهية في تراجم الحنفية“. ينظر: الزركلي, الأعلام (ج: 6/187).

22() اللكنوي, التعليقات السنية ( بهامش الفوائد البهية ) (ص: 8).

23() هو: أبو الخير عبد الله بن أحمد بن عبد الله مرداد، مؤرخ فاضل، من أهل المكة، كان من خطباء المسجد الحرام، وولي القضاء بمكة في عهد الشريف حسين بن علي، قتل في واقعة الطائف سنة (1343هـ)، من مؤلفاته: “نشر النور والزهر في تراجم أهل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر“. ينظر: الزركلي, الأعلام (ج: 4/70)، كحالة, معجم المؤلفين (ج: 6/27).

24() هو: محمد بن أمين بن عمر بن عبد العزيز، من كبار علماء الحنفية وفقيه ديار الشامية، هو إمام الحنفية في عصره، وإمام الحنفية في عصره، صاحب التآليف العديدة والتصانيف المفيدة، منها: حاشيته الشهيرة رد المحتار على الدر المختارالمتوفى (1242ه). ينظر: البيطار, حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر (ج: 1/1230-1239)، الزركلي, الأعلام (ج: 6/140).

25() عبد الله مرداد, مختصر نشر النور (ص: 368).

26() هو: محمد بن فضل بن محب الله، المحبي، الحموي، الدمشقي، الحنفي، ولد سنة (1061ه)ـ، مؤرخ، نحوي، أديب، شاعر، من مؤلفاته: “خلاصة الأثر، ونفحة الريحانية، مات سنة (1111هـ). ينظر: الحسيني, سلك الدرر (ج: 4/86). كحالة, معجم المؤلفين (ج: 8/75). ينظر: فيما قاله عن الملا علي القاري في كتابه خلاصة الأثر (ج: 3/186).

27() عبد الملك بن حسين بن عبد الملك، الشافعي، المكي، الشهير بالعصامي، ولد سنة (1149هـ)، مؤرخ أديب شاعر، من مصنفاته: “سمط النجوم العوالي، وقيد الأوابد، مات سنة (1017ه). ينظر: الحسيني, سلك الدرر (ج: 3/139)، كحالة, معجم المؤلفين (ج: 6/182).

28() العصام المكي, سمط النجوم العوالي (ج: 4/402).

29() ينظر: المطرفي, ملا علي القاري وآراؤه الاعتقادية في الإلهيات عرض ونقد (ص: 26).

30) شرح الفقه الأكبر: (ص: 70).

31) شرح الفقه الأكبر: (ص: 42, 43).

32() مرقاة الماتيح: (ج: 1/ص96).

33() شرح الشفا: (ج: 2/ص408).

34() مرقاة الماتيح: (ج: 4/ص464).

35() ذكره البغدادي في هدية العارفين: (ج: 1/752).

36() هو: محمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم الأنصاري اللكنوي الهندي، أبو الحسنات، عالم بالفقه والحديث والتراجم، من مؤلفاته: “الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، والفوائد البهية في تراجم الحنفية“. ينظر: الزركلي: الأعلام (ج: 6/187).

37() اللكنوي, التعليق الممجد (1ج: 1/108)

38() طبعة دار الفضيلةالرياض, الطبعة: الأولى, 1423ه.

39() طبعة دار البشائر الإسلامية بيروت / لبنان, الطبعة الأولى, 1408ه.

40() هو: رسالة جامعية, قدمها الطالب لنيل درجة الماجستير, بجامعة أم القرى, بكلية الدعوة وأصول الدين قسم الكتاب والسنة.

41() ينظر: المحبي, خلاصة الأثر (ج: 3/186)، كحالة, معجم المؤلفين (ج: 7/100)، القوتلاي, الإمام علي القاري وأثـره في علم الحديث (ص: 67).

42() مقبرة مشهورة في مكة عند الحجون.

43() ينظر: عبد الله مرداد, مختصر نشر النور والزهر (ص: 366).

44() مرقاة المفاتيح (ج: 1/50) (بتصرف يسير)، ومبين المعين في شرح الأربعين (ج: 1/133)، ينظر: أنوار القرآن وأسرار القرآن (ج: 5/11).

45() شرح الفقه الأكبر (ص: 232).

46() شرح الفقه الأكبر (ص: 232)، ينظر: مرقاة المفاتيح (ج: 1/57).

47() شرح الفقه الأكبر (ص: 247).

48() مرقاة المفاتيح (ج: 1/125).

49() مرقاة المفاتيح (ج: 1/57)، وشرح الفقه الأكبر (ص: 232).

50() الراغب الأصفهاني, المفردات في غريب القرآن (ص: 91).

51() ابن فارس, معجم مقاييس اللغة (ج: 1/133), الجوهري, الصحاح (ج: 5/2071)، مجمع اللغة العربية بالقاهرة, المعجم الوسيط (ج: 28/1)

52() الفيروزآبادي, القاموس المحيط (ج: 15/18), ينظر: مرتضى الزبيدي, تاج العروس, مادة (أ م ن).

53() شرح الفقه الأكبر (ص: 232)، ينظر: مرقاة المفاتيح (ج: 1/57).

54() الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الأول، رابط الموضوع: http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138166

يقول شيخ محمد بن صالح العثيمين: “وأما قول القلب؛ فهو اعترافه وتصديقه. وأما عمله فهو عبارة عن تحركه وإرادته مثل الإخلاص في العمل، فهذا عمل القلب، وكذلك التوكل والرجاء والخوف فالعمل ليس مجرد الطمأنينة في القلب بل هناك حركة في القلب“. ينظر: شرح العقيدة الواسطية (ج: 2/231).

55() مرقاة المفاتيح (ج: 1/50).

56() شرح الفقه الأكبر (ص: 142-143)، ينظر: نفس المصدر (ص: 144)، مرقاة المفاتيح (ج: 1/50).

57() مراده بـ أهل السنة“: الأشاعرة والماتريدية.

58() الخوارج: هم جماعة خرجوا على علي ممن كان معه في حرب صفين أثناء التحكيم, وهم فرق كثيرة يجمعها القول بتكفير عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وتكفير كل فرقة سواهم، وتكفير مرتكب الكبيرة، والقول بوجوب الخروج على الإمام الجائر. ينظر: الأشعري, مقالات الإسلاميين (ج: 1/84-86)، ابن حزم, الملل والنحل (ج: 1/113).

59() شرح الشفا (ج: 2/11)، ينظر: شرح الفقه الأكبر (ج: 236).

60() شرح الفقه الأكبر (ص: 117، 149)، ينظر: أنوار القرآن (ج: 3/226)، والمبين العين (ج: 1/137)، (ج: 2/7).

61() شرح الفقه الأكبر (ص: 117)، شرح مسند الإمام أبي حنيفة (ص: 455). المبين المعين في شرح الأربعين (ج: 1/137)، ضوء المعالي شرح بدء الأمالي (ص: 126)، شرح الفقه الأكبر (ص: 236)، مرقاة المفاتيح (ج: 1/71) 90-91) (ج: 1/136، 163-164). الحرز الثمين للحصن الحصين (3/1279).

62() المبين المعين لفهم الأربعين (ج: 1/133).

63() المبين المعين لفهم الأربعين (ج: 1/141).

64() هم من يقولون: إن الإيمان تصديق القلب وقول باللسان، وهو المشهور عن أهل الفقه كأبي حنيفة وأصحابه، وأول من قال بهذا القول هو حماد بن سليمان شيخ أبي حنيفة. ينظر: ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/507). الشهرستاني, الملل والنحل (ج: 1/139).

65() مرقاة المفاتيح (ج: 8/3189).

66() مرقاة المفاتيح (ج: 1/124).

67() ضوء المعالي شرح بدء الآمالي (ص: 126-127). (باختصار).

68() التعبير بـ: “أن الإيمان قول وعملهو الذي عبر به جمهور السلف، وهذا التعبير أتم وأحسن؛ لأن فيها إبانة لتضمن القول: الباطن والظاهر والعمل: الباطن والظاهر؛ والقول الباطن: هو قول القلب، والقول الظاهر: هو قول اللسان.

والعمل الباطن: هو عمل القلب، والعمل الظاهر: هو عمل الجوارح والأركان.

ينظر: الغفيص, شرح كتاب لمعة الاعتقاد، الدرس العاشر، الرابط: http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138221

69() الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الثالث، رابط الموضوع: http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138178

70() الحليمي, المنهاج في شعب الإيمان (ج: 1/37)، ينظر: ابن منده, الإيمان (ج: 1/329)، البيهقي, الجامع لشعب الإيمان (ج: 1/43-44).

71() الكرامية: هم أتباع محمد بن كرام، وهي فرقة إرجائية صفاتية، يقولون: إن الإيمان قول اللسان فقط، فيجعلون المنافق مؤمنا على الحقيقة، وهم يغلون في إثبات الصفات إلى حد التشبيه، ويعتقدون أن الله تعالى جسم، وأنه تعالى محل للحوادث، يقول الذهبي إنهم قد قلوا وتلاشوا. ينظر: الذهبي, سير أعلام النبلاء (ج: 11/523)، الإسفراييني, الفرق بين الفرق (ص: 202-214)، الأشعري, مقالات الإسلاميين (ج: 1/120).

72() ابن حزم, الفصل (ج: 3/109).

73() صحيح البخاري، كتاب الإيمان (رقم53) (ج: 1/20)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان (رقم17) (ج: 1/46).

74() ابن أبي العز, شرح العقيدة الطحاوية (ج: 2/487).

75() اللالكائي, شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (ج: 5/956، 886-887)، ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/308)

76() ينظر: ابن فارس, مقاييس اللغة (ج: 1/133)، الجوهري, الصحاح (ج: 5/2071)، الأصفهاني, المفردات في غريب القرآن (ص: 91).

77() ينظر: صالح آل الشيخ, شرح العقيدة الطحاوية (ج: 2/37).

78() ينظر: الطريفي, الخراسانية في شرح عقيدة الرازيين (ص: 71).

79() الخميس, التوضيحات الجلية على العقيدة الطحاوية (ج: 2/810). (بتصرف يسير).

80() ينظر: ابن حزم, الفصل (ج: 3/110).

81() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الثالث. (بالتصرف). http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138178

82() ينظر: القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان لعبد الله بن محمد (ص: 110).

83() مجموعة من الأكاديميين والباحثين المختصين في جامعات العالم, موسوعة العقيدة (ج: 3/1496-1497).

84() هو: محمد بن عمر الحسين القرشي أبو عبد الله الرازي، فخر الدين المعروف بابن خطيب الري، من كبار المتكلمين الأشاعرة، أظهر الرجوع في آخر حياته، له تصانيف جمة أشهرها: “التفسير الكبيروالمطالب العالية والمباحث المشرقية، توفي سنة (606هـ). ينظر: الذهبي, سير أعلام النبلاء (ج: 21/501-502)، ابن كثير, البداية والنهاية (ج: 17/12).

85() شرح الفقه الأكبر (ص: 233). (بتصرف يسير).

86() الحرز الثمين للحصن الحصين (ج: 3/1278)، وشرح الفقه الأكبر (ص: 232).

87() شرح الفقه الأكبر (ص: 146). هذا من كلام ابن أبي العز الحنفي، نقله مُلَّا علي القاري دون عزوه إليه. ينظر: ابن أبي العز, شرح العقيدة الطحاوية (ج: 2/463).

88() شرح الفقه الأكبر (ص: 144).

89() صحيح البخاري، كتاب الإيمان (رقم44) (ج: 1/17)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان (رقم193) (ج: 1/180) بلفظ مقارب.

90() ابن حجر, فتح الباري (ج: 1/105).

91() ابن رجب, فتح الباري (ج: 1/ 172).

92() المروزي, تعظيم قدر الصلاة (ج: 2/706).

93() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الثالث. (بالتصرف). http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138175

94() ينظر: القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان لعبد الله (ص: 51).

95() ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/405، 512).

96() القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان (ص: 42-43، 57) (بالتصرف). انظر نفس المرجع (ص: 74-75).

97() القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان لعبد الله (ص: 42-44) (باختصار وتصرف يسير).

98() المبين المعين في شرح الأربعين (ج: 1/157). (بتصرف يسير).

99() قال الجويني وهو يوضح مذهب الأشاعرة: “فإن قيل قد أثر عن سلفكم ربط الإيمان بالمشيئة، وكان إذا سئل الواحد منهم عن إيمانه قال إنه مؤمن إن شاء الله، فما محصول ذلك؟ قلنا: الإيمان ثابت في الحال قطعا لا شك فيه، لكن الإيمان الذي هو علم الفوز وآية النجاة، إيمان الموافاة، فاعتنى السلف به وقرنوه بالمشيئة. ينظر: الإرشاد (ص: 400).

100() شرح الفقه الأكبر (ص: 241).

101() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الخامس، الرابط: http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138201

102() شرح الفقه الأكبر(ص: 241).

103() مبين المعين لفهم الأربعين (ج: 1/156).

104() شرح الفقه الأكبر(ص: 239).

105() شرح الفقه الأكبر(ص: 241).

106() هو: أبو المعين ميمون بن محمد بن محمد بن مكحول ابن الفضل أبو المعين النسفي المكحولي الإمام الزاهد, من مصنفاته: “التمهيد لقواعد التوحيدوتبصرة الأدلة“, توفي سنة: 508ه. ينظر: محيي الدين الحنفي, الجواهر المضية (ج: 2/189).

107() هو: علي بن سعيد بن عبد الرحمن بن محرز بن أبي عثمان المعروف بأبي الحسن العبدري, من أهل ميورقة من بلاد الأندلس, كان رجلا عالما مفتيا عارفا باختلاف العلماء, من مصنفاته: “الكفاية في مسائل الخلاف, توفي سنة: 493ه. ينظر: السبكي, طبقات الشافعية الكبرى (ج: 5/257).

108() شرح الفقه الأكبر(ص: 239).

109() شرح ألفاظ الكفر لبدر الرشيد(ص: 170).

110() انظر: ابن تيمية, الإيمان (ص: 410).

111() ابن تيمية, الإيمان (ص: 334).

112() الكلابية فرقة كلامية تنسب إلى عبد الله بن سعيد بن كلاب، وكان لها آراء في العقيدة مخالفة لمنهج الحق، ومنها: إنكار كلام الله المسموع، وأن القرآن معنى قائم بالنفس، لا يتعلق بالقدرة ولا المشيئة، وأن الإيمان لا يتفاضل، ولا يزيد ولا ينقص، وغير ذلك. ينظر: السكسكي, البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (ص: 36).

113() ينظر: البغدادي, أصول الدين (ص: 253)، التفتازاني, شرح المقاصد (ج: 5/214)، ابن الهمام, المسامرة شرح المسايرة (ص: 283).

114() ينظر: المصادر السابقة.

115() مجموعة من الأكاديميين والباحثين المختصين في جامعات العالم, موسوعة العقيدة (ج: 1/154).

116() الخميس, أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة (ص424).

117() الآجري, الشريعة (3/656). ينظر: الخلال, السنة (ج: 3/593)، ابن بطة, الإبانة (ج: 2/862)، ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/429-460، 666-669).

118() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الخامس، رابط الموضوع: http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138201

119() شرح الفقه الأكبر (ص: 241).

120() ينظر: الخلال, السنة (ج: 3/566).

121() مبين المعين لفهم الأربعين (ج: 1/156).

122() شرح الفقه الأكبر (ص: 239). (باختصار).

123() ينظر: الخميس, أصول الدين للإمام أبي حنيفة لمحمد عبد الرحمن (ص: 419-420). (بالتصرف).

124() ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/438-439).

125() مراده بذلك: أن كُلّا من السلف والمرجئة متفقين أن حقيقة الإيمان هو التصديق فقط وأنه لا يتفاوت ولا يستثنى فيه عند الجميع، وأما قولهم أن الإيمان هو قول وعمل وأنه يزيد وينقص وأنه يجوز الاستثناء فيه، فإنهم أرادوا بذلك كمال الإيمان، والمرجئة كذلك يقولون أن كمال الإيمان يدخل فيه العمل ويدخل فيه الزيادة والنقصان وأنه يجوز الاستثناء فيه، والخلاف إذا لفظي وليس حقيقياً.

126) يريد بذلك الأشاعرة والماتريدية.

127) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح, (1/106), انظر: شرح الشفا: (2/11).

128() القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان (ص: 126-130). (باختصار).

129() ينظر: أحمد النجار, براءة أئمة السلف من التفويض في صفات الله (ص: 9).

130() الوعيدية هم (المعتزلة والخوارج) ويقولون بنفاذ الوعيد في حق أصحاب الكبائر، وأنهم خالدون في نار جهنم في الآخرة أخذا بنصوص الوعيد، وفي الدنيا هم كفار عند الخوارج، وفي منزلة بين المنزلتين عند المعتزلة. ينظر: الأشعري, مقالات الإسلاميين (ص: 124-131)، ابن تيمية, مجموع فتاوى (ج: 20/105).

131() مجموعة من الأكاديميين والباحثين المختصين في جامعات العالم, موسوعة العقيدة (ج: 3/1496-1497).

132() ينظر: القرني, أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان لعبد الله بن محمد (ص: 20، 24، 35-36، 115).

133() مرقاة المفاتيح (ج: 1/50).

134() الحرز الثمين للحصن الحصين (ج: 3/1265).

135() شرح الفقه الأكبر (ص: 234).

136() المصدر نفسه.

137() شرح الفقه الأكبر (ص: 236). وصحيح البخاري, كتاب الإيمان (رقم53)، وصحيح مسلم, كتاب الإيمان (رقم17).

138() الحرز الثمين للحصن الحصين (ج: 3/1265).

139() شرح الفقه الأكبر (ص: 236).

140() شرح الفقه الأكبر (ص: 149-236). (بالتصرف).

141() المبين المعين (ج: 1/134-135).

142() ينظر: ابن تيمية, مجموع الفتاوى (ج: 7/552-553), ابن رجب, جامع العلوم والحكم (ج: 1/112).

143() ينظر: عثمان الكليسي, خير القلائد شرح جواهر العقائد: (ص: 200), حاشية العطار على جمع الجوامع, لحسن العطار (ج: 2/28).

144 ) صحيح البخاري، كتاب الإيمان (رقم27).

145() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الرابع. (بالتصرف). http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138184

146() ينظر: الغفيص, شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد قاسم بن سلام، الدرس الرابع. (بالتصرف). http: //audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=138184

147) الإيمان المطلق: هو الإيمان الكامل ومطلق الإيمان هو الإيمان الناقص, وهو أصل الإيمان الذي لا بد لكل مؤمن ومسلم. ينظر: الرشيد, التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية, (ص: 270). يقول الشيخ العثيمين: والفرق بين مطلق الشيء والشيء المطلق: أن الشيء المطلق هو الشيء الكامل، ومطلق الشيء، يعنيC: أصل الشيء، وإن كان ناقصًا. ينظر: شرح العقيدة الواسطية (ج: 2/244).

148() ابن تيمية, الإيمان (ص: 287).

149() ينظر: ابن تيمية, الإيمان (ص: 288)، الخميس, التوضيحات الجلية على شرح العقيدة الطحاوية (ج: 2/853-855). (بالتصرف).

150() شرح الفقه الأكبر (ص: 236).

151() مرقاة المفاتيح (ج: 1/57).