MUHAMMAD HASHIM THATTWI AND HIS EDUCATIONAL EFFORTS
KHALIL AHMED SALIH
SARDAR AHMED YAQOOB
SUMYYAH SARDAR AHMED
Faculty of Arts || Federal Urdu University of Arts, Science and Technology || Karachi || Pakistan
محمد هاشم التتوي وجهوده العلمية: دراسة تحليلية وصفية
خليل أحمد صالح
سردار أحمد يعقوب
سمية سردار أحمد
كلية الفنون || جامعة أردو الفيدرالية للعلوم والفنون التكنولوجية || كراتشي || باكستان
مقدمة:
لا غضاضة أن لمشايخ الهند من الأعاجم دورا بارزا في خدمة العلم والدين، وفي خدمة اللغة العربية والاحتفاظ بها والعناية بها عناية كاملة، والاهتمام البالغ بها، ولم تكن أرض الهند غريبة عنها ولا جاهلة عن علومها وآدابها في القرون الأولى والمتأخرة والأيام الحاضرة.
وإن لهذه القارة الهندية لصلة قوية باللغة العربية منذ القرون الأولى، وقد قدر الله- سبحانه وتعالى- أن تستمر هذه البلاد متمسكة بعلوم الكتاب والسنة، مسايرة لركب الأدب العربي والإنتاج العلمي السيار عن طريق خدمة هذه اللغة الميمونة.
ومن نعم الله- سبحانه وتعالى- على أهل هذه البلاد وأبنائها أن جهودهم مركزة على علوم الكتاب والسنة التي توافرت لها الدواعي القوية، مثل: الإيمان والعقيدة والحب والعاطفة. ليس هذا فحسب، وإنما تجاوزت جهودهم إلى اللغة العربية وآدابها، إضافة إلى ذلك أن تاريخ هذه البلاد يتحدث عن خدماتهم للغة العربية والعناية بها.
ومن أشهر هؤلاء العلماء البارزين في شبه القارة الهندية العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله- المتوفى عام 1174ه-/1761م وهو من عباقرة الأدب العربي، وأفذاذه، يستحق أن يعد في طليعة الأدباء البارزين المجيدين، وكتاب اللغة العربية القادرين. وقلما أنجبت السند مثله في سعة الاطلاع على الأدب العربي، والأنساب، والعروض، وقواعد اللغة العربية، وفنونها، وله قصائد بديعة رنانة، وأشعار مميزة في أسلوبها، ومؤلفات أدبية باللغة العربية، وكان من الأدباء البارعين.
لا غرو أن شخصيته معروفة وشهيرة بين علماء وأدباء شبه القارة الهندية، ولا سيما في نشاطاته وخدماته في الأدب العربي، وهو علم شامخ من بين علماء ومشايخ وعباقرة السند.
مشكلة البحث:
المشكلة التي سوف يحاول الباحث معالجتها في هذا البحث، هو معرفة السر الكامن وراء كيفية إتقان عالم من علماء السند (محمد هاشم التتوي) اللغة العربية، وتأليف كتب عتيقة، ومفيدة باللغة العربية الفصحى الجميلة في أكثر من فن من الفنون، وذلك عن طريق دراسة وتحليل وتتبع سيرة ومسيرة العالم الشيخ محمد هاشم التتوي، ابتداء من طفولته، ومرورا بشبابه، وانتهاء بالمكاتيب، وأساتذة اللغة العربية في حقب زمنه، وطرق الاستفادة منهم. وتسخير كل ذلك في المساهمة في اللغة والحضارة العربية.
أهداف البحث:
- استكشاف شخصية بارزة من شخصيات إقليم السند الباكستانية.
- طرح نبذة من إسهامات أرض سند في الحضارة الإسلامية والثقافة الدينية.
- دراسة حياة وسيرة ومسيرة شخصية علمية مرموقة شخصية الشيخ محمد هاشم التتوي.
- إزالة الغبار عن الكتب والمؤلفات العتيقة للشيخ محمد هاشم التتوي.
أهمية البحث:
- تشجيع الطلاب غير الناطقين باللغة العربية على التحدث والتأليف باللغة العربية على ديدن ومنوال الشيخ محمد هاشم التتوي.
- إبراز مدى حب علماء إقليم السند للغة العربية وعلومها.
- إثبات صلات العرب قديما بشبه القارة الهندية عموما، وبإقليم السند على وجه الخصوص.
منهج البحث:
لقد اخترت منهجا وصفيا تحليليا في بحثي هذا حيث إني اعتمدت فيه على الأمور التالية:
- لقد قمت بدراسة شخصية محمد هاشم التتوي شبه مفصل، حيث تناولت فيها دراسة تراجم شيوخه، وأساتذته، وتلامذته، وكتبت مكانته العليمة بين العلماء ثم ذكرت أقوال العلماء والأدباء فيه.
- أما بالنسبة إلى المصادر الأردية والسندية، فقد أدرجتها تحت عنوان “المصادر غير العربية علما أن هنالك بعض المؤلفات من مؤلفات العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- أصلا باللغة العربية إلا أنه قد قام أحد المحققين بترجمته، فمثل هذا المصدر أدرجته في قائمة المصادر غير العربية.
- أما المصادر والمراجع فمنقولة من المواقع الالكترونية وهي ضمن المصادر غير العربية، وذكرت عناوينها بأكملها.
- أما الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فقد خرجتها حيث ذكرت اسم السورة ورقم الآية وخرجت الأحاديث كلها من الكتب مع نقل مصادرها الأصلية. ولم أتخلف في توثيق الأقوال حين ذكرها.
- ولقد تصرفت في المصادر السندية والأردية بتصرف حيث إنني قمت بنقل تلك العبارة السندية والأردية إلى العربية، علما أنني لم أذكر في الحاشية كلمة “تصرف”، بل تركته مطلقا، ثم في المصادر العربية أيضا لم أنقل نصا حرفيا، بل تصرفت فيها بتلخيص العبارات أو استنباط مفاهيمها؛ بكلماتي وعباراتي وبأسلوبي الخاص بي.
- ولقد أردفت نتائج البحث والتوصيات والمصادر والمراجع كلها في نهاية البحث علما أن خلاصة البحث باللغة الانجليزية أيضا أرفقتها في بداية البحث.
الدراسات السابقة:
لقد اطلعت على دراسة شخصية محمد هاشم التتوي- رحمه الله- وهي كما يلي:
- حياة مخدوم محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية، الدكتور عبد الرسول القادري، رسالة الدكتوراه باللغة السندية، وهذا البحث كتبه الدكتور عبد الرسول القادري، والذي هو في الأصل رسالة وأطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، لم يكن مختصرا، بل كان طويلا، حيث يصعب على القاري معرفة شخصية محمد هاشم التتوي من خلالها، والتي تتطلب وقتا طويلا، لكن مقالتي هي مختصرة، غير أنها تحيط تقريبا جميع جوانب شخصية محمد هاشم التتوي في العديد من الصفحات والتي يمكن إحصائها على الأنامل بكل سهولة.
الأمر الثاني هو أن البحث للدكتور القادري لم يكن باللغة العربية، بل كان باللغة السندية، والتي هي مقصورة في إقليم السند، وإنني نويت من مقالتي هذه إلقاء ضوء على شخصيته بلغة، لا تكون مقصورة في بلد أو إقليم، بل تكون متداولة في البلدان كلها بل وهي أم اللغات؛ ألا وهي اللغة العربية، فبحثي هذا باللغة العربية.
- شخصية مخدوم محمد هاشم التتوي وخدماته في الأدب العربي، الدكتور/ خليل أحمد، رسالة الدكتوراه باللغة العربية، وهذا البحث هو بحثي ورسالتي وأطروحتي لنيل شهادة الدكتوراه، والذي يخص جانبا واحدا من جوانب شخصية محمد هاشم التتوي، وهو جانب الأدب العربي، وحاولت فيها إثبات جانب الأدب العربي له، وجئت فيها قصيدته وعباراته الرنانة التي تثبت قوته في الأدب العربي، وهذا البحث الذي أنا كتبته لم يكن مختصا بجانب واحد، بل هو مشتمل على جوانبه المختلفة.
خطة البحث:
- مقدمة: واشتملت على ما تقدم.
- تمهيد
- المبحث الأول: اسمه ونسبه ولقبه وولادته وأسرته.
-
- المطلب الأول: اسمه ونسبه ولقبه.
- المطلب الثاني: ولادته ونشأته.
- المطلب الثالث: أسرته.
- المطلب الرابع: أسرته.
- المبحث الثاني: نشأته العلمية.
- المبحث الثالث: أساتذته وشيوخه وتلامذته ومعاصروه.
-
- المطلب الأول: أساتذته وشيوخه.
- المطلب الثاني: تلامذته.
- المطلب الثالث: معاصروه.
- المبحث الرابع: مرتبته ومقامه العلمي.
- المبحث الخامس: صفات محمد هاشم التتوي.
-
- المطلب الأول: القدرة على النطق والكتابة بثلاث لغات.
- المطلب الثاني: خبرته الكاملة في مجال التأليف.
- المطلب الثالث: تحليه بصفة القناعة والتواضع.
- المطلب الرابع: كونه داعيا.
- المبحث السادس: رحلاته.
-
- المطلب الأول: رحلته الأولى.
- المطلب الثاني: رحلته الثانية.
-
- المطلب الثالث: رحلته الثالثة.
- المبحث السابع: خدماته الدينية.
- المبحث الثامن: ذكر بعض مصنفاته ومنهجه فيها
- المبحث التاسع: وفاته.
- الخاتمة. وتضمنت: أولا: نتائج البحث. ثانيا: التوصيات.
تمهيد
ولا شك أن السند هي منبع العلم والعلماء، وهي أرض أشرقت بنور الإسلام، ولقد تشهد صفحات التاريخ، بأنها قد أنجبت العلماء والفقهاء العباقرة، وليس هذا فحسب، بل كان نطاق إنجابها واسعا حيث إنها بسيطة المحدثين والمفسرين، والشعراء والأدباء، وكانت مرجع العلم والدين في آخر مطاف القرن الأول، ولقد ساهم أهلها وسكانها في خدمة العلم والعلماء أيما إسهام.
ولا ينكر أحد من أن نطاقها وحدودها لم تكن في البداية، كما هي الآن، بل نطاقها قد اختلفت من وقت إلى آخر، ويعتمد هذا كله على قوة الحاكم السندي، ومدى سلطته على المدن المجاورة، حيث إنها تتوسع بتوسعها، وتتضيق بتضيقها، فإن كانت سلطة الحاكم السندي تجاوزت مناطق عديدة، فتلك تدخل في نطاق السند، وإن خرجت وانفلت من يده، فحينئذ لا يمكن إطلاق كلمة السند على تلك المناطق.
والزمن الذي ولد فيه الشيخ محمد هاشم التتوي، وهو زمن السلطان العادل محيي الدين اورنكزيب (1) ـ رحمه الله تعالى ـ وحينئذ كان السلطة السياسية في غالب الهند تابعة لسلطنة المغول، وبلاد السند أيضا تحت حكم المغول بداية من عام 1001هـ/ 1592م. وكان له نواب وحكام يحكمون بلاد السند بتعيين منه، وتبيعة له.
والخلاف مبني على الحقيقة في تعيين موقعها الجغرافي، غير أنه لا خلاف في أن السند لها مكانة عالية بمرور الزمن، ومرتبة مرموقة بمضي العصور، وهي معروفة بحضارة راقية، والتي ظلت مجهولة لفترة طويلة.(2) أما اليوم فهي جزء من باكستان، والتي هي إحدى أقاليمه الأربعة، وعاصمتها مدينة كراتشي.
كيفية مجيء الإسلام إلى بلدان السند
ولا يختلف اثنان في أن الإسلام قد دخل إلى بلدان السند من عدة طرق، إلا أن المعروفة هي ثلاثة: أولا: عن طريق التجارة، وثانيا: عن طريق السند، وثالثا: عن طريق الممرات الجبلية.
أولا: عن طريق التجار الذين كانوا يسافرون إلى السواحل الهندية قبل الإسلام، وكانوا يركبون البحر إلى بلدان شتى وراء المكاسب، فلما انتشر الإسلام في بلاد العرب آمن هؤلاء التجار، ثم ظلوا في عملهم وأسفارهم، ولكن لم تكن أسفارهم وراء الأرباح، وإنما كانت في سبيل الله لنشر الإسلام بين الشعوب الوثنية التي تعمر تلك الأصقاع التي يتاجرون معهم، وما من أرض نزل بها التجار المسلمون إلا وحلت معهم المبادئ والأفكار التي يحملونها، فيرغب السكان بالإسلام بمجرد معرفتهم عن سلوك أبنائه.
ثانيا: عن طريق السند: عندما تولى الحجاج بن يوسف الثقفي أمر العراق والمشرق أرسل إلى السند مجاعة بن سعر التميمي، فغلب على الثغر، وفتح بعض المناطق، لكنه توفي قبل مضي عام، وفي هذه الفترة اختطف قراصنة الهنود بعض النساء المسلمات، فطلب الحجاج من ملك السند داهر تسليم هؤلاء النساء، فأجاب بأن يده لا تصل إلى القراصنة، ولا يقوى عليهم، فبعث إليه الحجاج بعض المقاتلين، على رأسهم عبيد الله بن نبهان لكنه قتل، فأرسل آخر لكنه أيضا توفي، فنوى الحجاج أن يرسل جيشا كبيرا بقيادة وتحت إشراف أبي الأسود، ويكون محمد بن القاسم الثقفي- رحمه الله تعالى- جنديا فيه، لكن محمد بن القاسم الثقفي أصر عليه بأن يبقى أبو الأسود في فارس، وأن يكون هو على رأس الجيش.
سار محمد بن القاسم- رحمه الله تعالى- على رأس ستة آلاف مقاتل، ففتح المدن ووصل الديبل(3) ووصل الأسطول الإسلامي في تلك اللحظة، فحوصرت المدينة، وفتحت عام 89ه- وكان أول عمل قام به المسلمون، تحطيم الأصنام ليوقنوا أن الأصنام لا تنفعهم ولا تضرهم، ثم دخل محمد بن القاسم مدينة “بيرون”(4) ثم فتح مدينة الملتان(5) عاصمة إقليم السند عام ستة وتسعين للهجرة، وقتل الملك داهر، ثم دارت الأيام على محمد بن القاسم الثقفي، فنزلت به النكبة، وولي أمر السند يزيد بن أبي كبشة.
ثالثا: عن طريق الممرات الجبلية: السلطان محمود الغزنوي عند ما تولى الحكم عام ثلاث مائة وثمانية وثمانين للهجرة، الموافق تسع مائة وثمانية وتسعين للميلاد، فنذر نفسه للجهاد في سبيل الله والقضاء على الشرك وتحطيم الأصنام، وقد دخل الهند عن طريق ممر خيبر وهو يدعو الناس إلى الإسلام، هذا هو السبب الرئيسي لنشر الإسلام في بلاد الهند والسند.(6)
وبما أن كل قرن من القرون لم يكن خاليا من العلماء والأدباء والشعراء، ولكن القرن الثاني عشر من الهجرة، هو منبع العلم والعلماء بالنسبة إلى بلدان السند، فمن بين أولئك العلماء والأدباء والشعراء هو العلامة المحدث المفسر الفقيه الحنفي الأصولي، إمام الحجة، شيخ العصر شيخ الإسلام محمد هاشم بن عبدالغفور التتوي- رحمه الله تعالى- .
المبحث الأول: اسمه ونسبه ولقبه وولادته وأسرته
المطلب الأول: اسمه ونسبه ولقبه:
كتب العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- نسبه في كتابه الشهير “إتحاف الأكابر”(7) محمد هاشم بن عبدالغفور بن عبدالرحمن بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن خيرالدين السندي البتورائي ثم البهرامفوري ثم التتوي.(8)
أما نسبته إلى “السند” فكونه من سكانها، ونسبته إلى “البتورائي” لأنها كانت مسقط رأسه، أما كونه بهرامفوري” فإنها هي القرية التي قدم إليها العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- بعد فراغه من العلوم الدينية، لخدمة الدين ولإحيائه، ونسبته “تتوي” لأنه استوطن مدينة تته (مدينة معروفة في بلاد السند وكانت آنذاك عاصمة بلاد السند) بعد مغادرة “بهرامفور” ومكث فيها بقية حياته إلى وفاته، وبذل قصارى جهده لإعلاء كلمة الله ولإحياء الدين.
ينتهي نسبه إلى قبيلة “بني حارث” من العرب الذين وردوا بلاد السند مع المجاهد الإسلامي الشاب محمد بن قاسم الثقفي- رحمه الله تعالى- في أواخر القرن الأول من الهجرة.(9)
لقب العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى – بـ “مخدوم” تكريما له، وليس هو وحده معروفا بهذا اللقب، بل آنذاك العلماء الكبار في السند كانوا يلقبون بهذا اللقب.(10)
طار صيته بلقب “المخدوم” بين الآفاق، وبين أوساط الناس، لأجل خدماته الدينية والعلمية والعملية، فبدأ الناس ينادونه بلقبه “المخدوم” فصارت ألستنهم رطبة به.(11)
المطلب الثاني- ولادته ونشأته:
ولد ليلة الخميس في العاشر من ربيع الأول عام ألف ومائة وأربع للهجرة الموافق التاسع عشر من نوفمبر عام ألف وست مائة واثنين وتسعين للميلاد في بلدة بتورة(12)، ونشأ العلامة محمد هاشم السندي- رحمه الله تعالى- منذ طفولته في بيئة علمية، وتربى في حجر أبيه الذي كان عالما بارعا.
لقد تربى في حضن أسرة علمية عريقة، وفي بيئة علمية، وفي جو صالح، ولقد بذل أبوه قصارى جهده في تربيته من حيث الأخلاق، ومن حيث التعلم، فأدبه فأحسن تأديبه، وعلمه فأحسن تعليمه، حتى حفظه القرآن الكريم، وعلمه العلوم الابتدائية الفارسية والعربية. ثم لنيل العلوم الأخرى قد سافر إلى مدينة “تته” التي هي كانت آنذاك مدينة العلوم والفنون. وكانت شهيرة بباب مدينة العلم والعلماء والشعراء والأدباء، لأنها كانت تنطوي في طيها الجامعات والمدارس، والعلماء والمشايخ والشعراء والأدباء.(13)
المطلب الثالث- أسرته:
وله ثلاثة أولاد، ابنان وبنت: أما ابنه الأكبر، فهو عبد الرحمن: كان حافظا للقرآن الكريم وعالما بارزا.(14) وأما ابنه الثاني فهو عبداللطيف: وكان عالما، محدثا فقيها، وتربى في حضن أبيه، حتى حفظ القرآن الكريم، ودرس العلوم الشرعية حتى أصبح عالما بارعا، وتولى أمور المدرسة بعد وفاة أبيه.
المبحث الثاني: نشأته العلمية
العلامة محمد هاشم التتوي السندي- رحمه الله تعالى- قد بدأ مسيرته العلمية تحت إشراف والده حيث إنه تلقى منه القرآن الكريم، ومبادئ العلوم الفارسية، والعربية، والقواعد، والفقه، وغيرها، ثم ارتحل طلبا للعلم إلى مدينة (تته) التي هي كانت عاصمة لبلاد “السند” آنذاك، ومعقلا من معاقل العلوم والمعارف في أوانه ومجمعا للعلماء والشعراء. فدرس فيها على مشايخها وعلمائها العلوم الدينية والفنون الأدبية حسب المناهج والمقررات المتداولة حينئذ.(15) وتلمذ على العالم الشهير العلامة المخدوم محمد سعيد- رحمه الله تعالى- ومولنا محمد معين- رحمه الله تعالى- ولم يكتف بهذا القدر من العلوم، وإنما كانت رغبته أن ينال العلوم أكثر فأكثر، لكن الحظ لم يحالفه. فخلال سفره العلمي توفي أبوه عام ألف ومائة وثلاثة عشر للهجرة، فرجع إلى قرية “بهرامفور” التي تجاور مدينة “بتوره” وأنشأ المدرسة، وبدأ فيها التدريس، لكن رؤساء القرية وزعماؤها ما طاقوا نصائحه، فأخيرا غادر تلك القرية وتوجه إلى مدينة “تته” وأنشأ المدرسة وقضى حياته كلها فيها، وأفاد طلاب العلم وقد استفاد الطلاب منه أيما استفادة.(16)
يقول مولنا دين محمد وفائي- رحمه الله تعالى- في كتابه: إن العلامة محمد هاشم التتوي السندي- رحمه الله تعالى- قد حفظ القرآن الكريم خلال ستة أشهر.(17) فهذا دليل جلي على أنه كان فطينا وذكيا، فلذا لم يستغرق مدة طويلة في حفظ القرآن الكريم.
المبحث الثالث: أساتذته وشيوخه وتلامذته ومعاصريه
المطلب الأول: أساتذته وشيوخه:
أولا: أساتذته
لقد متع الله- سبحانه وتعالى- العلامة محمد هاشم التتوي السندي- رحمه الله تعالى- بأساتذة أكفاء، كانوا على قمة البراعة والمهارة في زمنهم في مختلف العلوم وشتى الفنون، وقد قرأ- رحمه الله تعالى- على شيوخ كثيرين، إضافة إلى ذلك أنه قرأ على الشيوخ الذين كانوا من كبار علماء السند، وعلى الشيوخ الذين كانوا من كبار علماء الحرمين الشريفين.
ثانيا: شيوخه من السند
-
- مولانا عبدالغفور السندي: والده مولنا عبدالغفور بن عبدالرحمن السندي، أحد الأساتذة المشهورين في السند،( المتوفى: 1113هـ ـ 1702 م ) (18).
- المخدوم محمد سعيد: المخدوم محمد سعيد التتوي- رحمه الله تعالى- أحد أساتذته، قرأ عليه أيضا، (19) لكن ترجمته غامضة، فأنا لم أتمكن من الاطلاع عليها.
- المخدوم محمد ضياء الدين: هو العالم الجليل الفاضل النبيل أستاذ العصر، الأستاذ الثالث لمحمد هاشم التتوي، المخدوم ضياء الدين بن إبراهيم بن هارون بن عجائب بن المخدوم إلياس الصديقي- رحمه الله تعالى- ، ولد عام ألف وواحد وتسعين للهجرة، الموافق عام ألف وست مائة وثمانين للميلاد ببلدة “تته” بإقليم “السند”.(20) مات في الثمانين من عمره، عام ألف ومائة وواحد وسبعين للهجرة.(21).
ثالثا: شيوخه من الحرمين الشريفين
كما أن العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- قرأ على مشايخ السند، وتلمذ عليهم، كذلك تلمذ على شيوخ الحرمين الشريفين، واستفاد منهم، وذلك حين رحلته إلى الحجاز لأداء فريضة الحج عام ألف ومائة وخمس وثلاثين للهجرة، وهؤلاء المشايخ هم:
- الشيخ عبدالقادر المكي: العلامة الشيخ عبدالقادر بن أبي بكر بن عبدالقادر الصديقي المكي (1080هـ _ 1138هـ)، مفتي الحنفية بمكة المكرمة، وهو العمدة في شيوخه.(22) قال عنه العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- في كتابه الشهير: “إتحاف الأكابر بمرويات عبدالقادر” هو الشيخ الأجل، العالم العامل، والوارث الكامل، أحد مشايخ الإسلام بالبلد الحرام الشيخ عبدالقادر بن الشيخ أبي بكر ابن الشيخ عبدالقادر الصديقي، مفتي الحنفية بمكة المعظمة. وهو عمدة مولانا محمد هاشم السندي- رحمه الله تعالى- في أسانيده وجمع من مروياته ثبتا ضخما “إتحاف الأكابر بمرويات الشيخ عبدالقادر”.(23)
- الشيخ علي المالكي المغربي: هو الشيخ علي بن عبدالملك الدراوي المالكي المغربي المدني(المتوفى: 1145هـ)(24) تعلم منه القراءات السبع قراءة، ونال الإجازة فيها، وتلقى إجازة في بقية العشر.
- الشيخ عيد النُّمْرُسِيْ: هو الشيخ عيد بن علي النمرسي (بضم النون والراء بينهما ميم ساكن) المصري الأزهري الشافعي (المتوفى:1140ه-/1727م)(25)
- الشيخ أبو طاهر محمد الكوراني: الشيخ أبو طاهر محمد بن إبراهيم بن حسن الكُوْرَاني المدني الشافعي، ولد بالمدينة المنورة عام ألف وواحد وثمانين للهجرة، الموافق عام ألف وست مائة وسبعين للميلاد، ونشأ في حجر أبيه، ولي إفتاء الشافعية بالمدينة المنورة مدة، وتوفي بالمدينة المنورة عام ألف ومائة وخمسة وأربعين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثلث وثلاثين للميلاد، ودفن بالبقيع.(26)
- الشيخ محمد بن عبدالله المغربي (المتوفى: 1141ه-/1728م): هو الإمام العابد الزاهد الفاضل، محمد بن عبدالله المغربي الفاسي، المدني المالكي، قدم المدينة المنورة عام ألف ومائة وخمسة وعشرين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثلاثة عشر للميلاد واستوطنها، وأخذ عن الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن شيخ الشيوخ عبدالقادر الفاسِيِّ، والعلامة عبدالله بن سالم البصري، والعلامة محمد بن إبراهيم الكوراني وغيرهم، وتوفي بالمدينة المنورة عام ألف ومائة وواحد وأربعين للهجرة، ودفن بالبقيع.(27)
بالجملة عرفنا أن العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- قد عاش بين هؤلاء الأساتذة البارعين في فنونهم، وأمثالهم- رحمهم الله تعالى- واستفاد من علومهم وخدمتهم وصحبتهم، ولم يكن له أي شغل في زمن طلب العلم سوى دراسته وخدمة أساتذته وشيوخه.
المطلب الثاني: تلامذته
بدأ الإمام محمد هاشم السندي- رحمه الله تعالى- بالتدريس والتعليم في قريته “بتورة”، ولما أنه كان غيورا على المسائل الدينية خصوصا في رد البدع وقمع الخرافات والشركيات. فمن ثم؛ لم يوافقه جو القرية، فانتقل إلى قرية “بهرامفور” المجاورة الأولى، إلا أن الوضع لم يتغير فيها عن سابقتها، فلم يوافقه أهل القرية على معتقداته وأفكاره، وبدأوا بإيذائه، فانتقل إلى مدينة “تته” التي كانت عاصمة البلاد آنذاك، حيث استقر به المقام، وهناك أنشأ مدرسة(28) علمية دينية، فاستفاد منها خلق كثير من أهل البلاد وخارجها في شتى العلوم والفنون، (29) فظهرت ثمار جهوده في الأعداد الكبيرة من طلاب العلم الذين تلقوا عليه العلوم الشرعية؛ لأنه كان إماما بارزا في الفقه والحديث وناقدا بصيرا، ومحققا لا نظير له في عصره في بلاد السند.
نظرا لتعدد المواد العلمية التي كان يدرسها العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- تعددت اتجاهات تلامذته، وتنوعت مجالات نبوغهم، فكما نبغ منهم المحدثون والفقهاء والأصوليون، نبغ منهم المؤرخون واللغويون، وأذكر ههنا أهم تلامذته وأشهرها:
- الشيخ عبدالرحمن السندي: هو الشيخ الفاضل، الفقيه المحدث، أكبر أبنائه، عبدالرحمن بن محمد هاشم السندي، ولد عام ألف ومائة وواحد وثلاثين للهجرة، الموافق ألف وسبع مائة وثمانية عشر للميلاد، وتوفي هناك عام ألف ومائة وواحد وثمانين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وسبعة وستين للميلاد.(30)
- الشيخ عبداللطيف السندي: هو الشيخ الفاضل، العلامة المحقق، الفقيه، ابنه الثاني، عبداللطيف بن محمد هاشم السندي التتوي، ولد في الرابع عشر من شعبان عام ألف ومائة وأربعة وأربعين للهجرة الموافق ألف وسبع مائة واثنين وثلاثين للميلاد. وقرأ الحديث والفقه على أبيه، كان محدثا بصيرا، فقيها بارعا، (31)، وتوفي في السابع عشر من ذي القعدة عام ألف ومائة وتسعة وثمانين للهجرة، الموافق ألف وسبع مائة وستة وسبعين للميلاد ب- “تته”، ودفن بها.(32)
- الشيخ أبو الحسن السندي: هو العلامة المحدث المسند غلام حسين الشهير بمحمد بن محمد صادق النقشبندي السندي- رحمه الله تعالى- كان مشهورا بـ “الصغير” ليمتاز عن العلامة المحدث أبي الحسن محمد(33) بن عبدالهادي السندي الكبير، ولد بأرض السند، وقرأ على العلامة محمد هاشم السندي التتوي- رحمه الله تعالى- ثم حالفه الحظ أنه هاجر إلى المدينة المنورة، واستوطنها، ثم بدأ التدريس في تلك البقعة المباركة. وتوفي ليلة الجمعة الخامس وعشرين من شهر رمضان عام ألف ومائة وسبعة وثمانين للهجرة، الموافق نوفمبر عام ألف وسبع مائة وثلاثة وسبعين للميلاد في المدينة المنورة، ودفن بالبقيع.(34)
- الشيخ شهمير الشاه المتياروي: هو الشيخ الفاضل، والعالم التقي، وحافظ القرآن الكريم، شهمير شاه المتياروي، وكان- رحمه الله تعالى- من السادة الأشراف الذين قاموا ضد البدع. درس العلوم الابتدائية من علماء مدينته، ثم قرأ على العلامة محمد هاشم التتوي السندي- رحمه الله تعالى- وبرع فيها. وتوفي العاشر من محرم الحرام عام ألف ومائة وسبعة وسبعين للهجرة في مدينة “المتياري”(35) ودفن فيها.
- المخدوم مَئَيْدِنُو النَّصَرْفُوْريْ: هو العلامة الفقيه الأصولي، المخدوم مَئَيْدِنُو النَّصَرْفُوْرٍيْ السندي- رحمه الله تعالى- من تلامذة العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- كان متبحرا في الفقه الحنفي وأصوله في القرن(36) الثاني عشر، وتوفي بنصرفور، عام ألف ومائة وواحد وثمانين للهجرة، الموافق عام ألف ومائة وسبعة وستين للميلاد، ودفن بها.(37)
- الشيخ محمد صالح الجيلاني: هو السيد الشريف، محمد صالح بن موسى الجيلاني، ولد عام ألف ومائة واثنين وعشرين للهجرة، الموافق ألف وسبع مائة وعشرة للميلاد، كني بـ “أبو جمال” ولقب “المتقي”، درس على العلامة محمد هاشم السندي التتوي..
- الشيخ فقير الله العلوي الأفغاني: هو الولي الكامل الفقيه الصوفي، الشاه فقير الله بن الشاه عبدالرحمن بن الشاه شمس الدين العَلَوِي الأفغاني السندي النقشبندي، ولد عام ألف ومائة للهجرة، الموافق عام ألف وست مائة وثمانية وثمانين للميلاد في أفغانستان. فنسبته إلى مسقط رأسه يدعى الأفغاني. ثم قدم إلى بلاد السند عام ألف ومائة وخمسين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وسبعة وثلاثين للميلاد واستوطنها واستقر بها. فنسبته إلى مسكنه يدعى: “السندي”. وبما أنه سلك في التصوف الطريقة النقشبندية(38)، يدعى “النقشبندي”. وتوفي عام ألف ومائة وخمسة وتسعين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثمانين للميلاد. (39)
فحوى الكلام: قد استفاد عدد مديد من الطلاب في مختلف العلوم والفنون(40) من الشيخ التتوي وقد برز فيهم المؤلفون والمحدثون والمدرسون واللغويون وقد ذكرنا بعض الأسماء للنموذج من هؤلاء العباقرة.
المطلب الثالث: معاصروه
لا شك أن الفترة في القرن الثاني عشر من الهجرة كانت حافلة من الفترات التاريخية بالعلماء في بلاد السند، وكانت زاهرة بالمدارس ودور الكتب، ومليئة بحلقات الدروس ومجالس العلماء والفتيا والمناظرات، وهذا هو العصر الذي يقال عنه: إنه عصر العلماء والأولياء. أجل، هذا هو العصر الذي كانت فيه بلاد السند غنية من مختلف الفنون والعلوم والآداب. وآنذاك بلاد السند كانت تنافس مراكز العلم في بغداد والقاهرة ودمشق، ولم تكن أية قرية من قرى السند خالية من مكتب أو مدرسة لتدريس العلوم والفنون. وبما أن العلامة المخدوم محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- قد عاش في هذه الفترة من القرن الثاني عشر من الهجرة، فأذكر بعضا من معاصريه من العلماء والأعيان وكانت له صلة بهم.
- الإمام أبو الحسن السندي (الكبير): هو الإمام المحدث محمد بن عبدالهادي التتوي السندي ثم المدني المعروف ب- – “أبي الحسن السندي الكبير”، ولد في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري،. تعلم العلوم الابتدائية من علماء وقته في مدينة “تته”، ثم هاجر إلى المدينة المنورة، ودرس بالحرم الشريف النبوي، واشتهر بالفضل والذكاء والصلاح، وقضى بقية حياته في الدراسة والتدريس وخدمة الدين، ولم يكن متخلفا في مجال التأليف حيث إنه ألف مؤلفات نافعة غنية من المعلومات القيمة.(41)
- الشيخ محمد حيات السندي: هو الإمام المحدث محمد حيات بن إبراهيم السندي، ثم المدني، ولد بإحدى القرى في السند، اسمها “عادلفور” وكان من قبيلة “جاجر” وهي قبيلة معروفة في بلاد السند، فأخذ العلم من بعض مشايخ السند، وقرأ على محمد معين بن محمد أمين. ثم انتقل إلى الحرمين الشريفين واستوطن المدينة المنورة، ولازم الشيخ أبا الحسن بن عبدالهادي السندي، المعروف بأبي الحسن الكبير، وقرأ عليه الأحاديث حتى أكملها، وجلس مجلسه في المسجد النبوي بعد وفاته أربعة وعشرين عاما واشتغل بالتدريس حتى استفاد منه خلق كثير، وكان من معاصري الشيخ محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- والعلامة محمد معين التتوي- رحمه الله تعالى- وقد جرت النقاشات العلمية بينه وبين العلامة المخدوم محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- وكتب كل واحد منهما رسالة في الرد على صاحبه. وقد توفي الشيخ محمد حيات السادس والعشرين من صفر عام ألف ومائة وثلاثة وستين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وتسعة وأربعين للميلاد، ودفن بالبقيع.(42)
- المخدوم أبو الحسن التتوي: هو الإمام العارف الأديب، أبو الحسن بن عبدالعزيز التتوي السندي- رحمه الله تعالى- وهو أول من كتب عقائد الإسلام والصوم والصلاة في إطار النظم، وكان شاعرا باللغة السندية، وهو الذي أوجد الحروف السندية للكتابة. وتوفي عام ألف ومائة وخمسة وعشرين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثلاثة عشر للميلاد، وقيل غيره.(43)
- الشيخ عبداللطيف بهتائي السندي: هو الإمام الشاعر المعروف، عبداللطيف بن حبيب بن عبدالقدوس بن جمال بن لعل محمد بهتائي السندي، كان- رحمه الله تعالى- يصلح الناس من خلال أشعاره الحاملة معاني القرآن والسنة، وكان- رحمه الله تعالى- من مشايخ الطريقة القادرية. ولد عام ألف ومائة واثنين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثلاثة وخمسين للميلاد، وتوفي عام ألف ومائة وخمسة وستين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وواحد وخمسين للميلاد، وعلى قبره ضريح مشهور.(44)
- مولانا محمد معين السندي: هو الشيخ الفاضل العلامة محمد معين بن محمد أمين بن طالب الله السندي، وهو أحد العلماء المبرزين في الحديث والكلام والعربية، ولد في إقليم السند، ونشأ فيه، وقرأ العلم على أستاذه الشيخ عنايت الله بن فضل الله السندي، ثم سافر إلى “دهلي” وأخذ المزيد من العلم عن الشيخ ولي الله بن عبدالرحيم العمري الدهلوي، ثم رجع إلى بلاده وأخذ الطريقة عن الشيخ أبي القاسم النقشبندي، وصاحب السيد عبداللطيف واستفاض منه فيوضا كثيرة حتى رزق حظا وافرا من العلوم والمعرفة.(45)
- الشيخ شاه ولي الله الدهلوي: هو إمام المحدثين بالهند، حجة الله بين الأنام إمام الأئمة قدوة الأمة علامة العلماء وارث الأنبياء شيخ الإسلام قطب الدين أحمد ولي الله بن عبدالرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي- رحمه الله تعالى- ولد في الدهلي الرابع عشر من شوال عام ألف ومائة وأربعة عشر للهجرة. بدأ مسيرته العلمية في كنف أبيه فحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، وانصرف إلى دراسة اللغتين الفارسية والعربية، وتلقى علوم القرآن والحديث والفقه على المذهب الحنفي على أكابر علماء الهند، ومال إلى التصوف والزهد، وأقبل على العبادة والطاعة، ونزع الله من قلبه حب الدنيا وزينتها، فأطلق عليه الناس “الشاه ولي الله” أي ولي الله الكبير.
المبحث الرابع: مرتبته ومقامه العلمي
كان عالما ربانيا وفقيها، ولقد ذاع شهرته في الآفاق بين العرب والعجم، ولذلك بدأ علماء عصره يعترفون بمكانته العلمية، ويمكنني القول: إن كثرة مؤلفاته واستخدام العلماء إياها في مقالاتهم والباحثين في بحوثهم كمصدر ومرجع، دليل جلي على عظمته وعلى رفعة مكانته العلمية.
ثم هنالك العديد من العلماء أثنوا على شخصيته، فمن خلاله أيضا تثبت عظمته ومكانته ومرتبته في العلم، فالبعض منهم قالوا عنه: إنه فقيه. والآخرون قالوا: إنه مجدد. والبعض قالوا: إنه قاطع الشرك والبدعة، وهلم جرا.
أقوال العلماء فيه:
وأجمع العلماء على مكانة العلام المخدوم محمد هاشم السندي العلمية والثقافية، وتباروا في مدحه، والثناء عليه.(46) وأذكر فيما يلي بعض الأعلام الذين شادوا بذكره وأثنوا عليه:
-
المؤرخ مير علي شير(47) التتوي: يقول مير علي شير قانع التتوي- رحمه الله تعالى- : محمد هاشم بن عبدالغفور السندي- رحمه الله تعالى- كان من أشهر العلماء في عصره، وفاق أكثرهم في السعادة والنسق، وكان رئيس العلماء في عصره، وتشرف في زمنه بالإسلام مئات من الذميين.(48)
ينجلي من كلامه أن الشيخ السندي التتوي- رحمه الله تعالى- كان رئيس العلماء في عصره، فهذا يعني أنه كان عالما بارعا وذا خبرة في العلوم، ثم إنه لم يكن من الذين يقتلون أوقاتهم فيما لا يعنيهم، بل يقضي معظم أوقاته في خدمة الدين، ودعوة الناس إلى الله- عز وجل- فنتيجة تشرف مئات من الذميين بالإسلام.
- الإمام محمد حيات المدني: مدحه الإمام محمد حيات السندي المدني (المتوفى: 1163ه-/1749م) بقوله: “العلامة، ملجأ الورى للفتوى، المتحلي بالورع والتقوى الشيخ محمد هاشم السندي الحنفي”.
- العلامة محمد إبراهيم التتوي: إن العلامة محمد إبراهيم بن عبداللطيف التتوي السندي- رحمه الله تعالى- هو حفيد العلامة محمد هاشم التتوي السندي- رحمه الله تعالى- وصف جده بصفات تدل على مكانته العلمية وخبرته الواسعة، ولم يكن عالما فحسب، بل كان محدثا ولديه علوم معرفة الرجال، ونال حظا وافرا في مجال التأليف والتصنيف. وقال حفيده فيه: “وقد كان حائزا للصحاح الستة والمسانيد وكتب الأطراف والطبقات وعلوم معرفة الرجال، وله تصانيف عظيمة مشهورة في تلك العلوم. منها أطراف البخاري”(49)
- العلامة عبدالواحد السيوستاني: أثنى عليه أبو القاسم العلامة عبدالواحد السيوستاني النقشبندي بقوله: التحية لتلك الأم التي أنجبت ولدا مثل المخدوم محمد هاشم التتوي والذي لا يساويه أحد في عصرنا.(50)
فيما أرى أن العلامة قد بالغ في وصفه، وبالفعل كانت شخصيته علمية مرموقة منقطعة النظير، وقيد عبارته ب- – “في عصرنا”، وذلك لأنه لم يكن ملما بزمن ما بعده.
المبحث الخامس: صفات محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى-
لا شك أن كل إنسان يمتاز بصفات متنوعة، حيث إنها تميزه عن الآخرين، وليس الضروري أن تكون الصفات المميزة كلها في إنسان واحد، فالعلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- أيضا كان يتحلى ببعض الصفات المميزة، وبالاختصار أذكر عدة صفات مميزة له:
المطلب الأول: القدرة على النطق والكتابة بثلاث لغات.
حاز الخبرة في ثلاث لغات، بل لو قلت فلست مبالغا إنه أجادها وأتقنها من حيث النطق، والكتابة، ولقد تتضح هذه النقطة من مؤلفاته، فإنها تتواجد في كل لغة من اللغات الثلاث، أعني اللغة العربية، والسندية، والفارسية. أما اللغة السندية فكانت لغته الأم، فالمفروض كل واحد يتقن لغته الأم، لكن العربية والفارسية لم تكن لغته الأم، ومع ذلك أنه تمهر فيها. والدليل على ذلك أنه ألف عدة كتب باللغة العربية والفارسية، والسندية، ولم يكن أحد من أقرانه يجيد هذه اللغات الثلاث بإتقان في زمنه.(51)
المطلب الثاني: خبرته الكاملة في مجال التأليف.
لم يكن ناطقا باللغة السندية، فحسب، بل عرض خدماته بلغته الأم، أعني السندية في إطار التأليف، لأن الزمن الذي عاش فيه العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- كان خاليا من المؤلفات السندية، فمن الناس من لم يفهم سوى السندية، هم كانوا بأمس الحاجة إلى فهم الدين، والمسائل الفقهية. فالعلامة عند ما رأى حاجتهم إليه قدم نفسه في مجال التأليف، وبدأ يؤلف كتبا باللغة السندية، لتعم الفائدة بين أوساط الناس، ولم يكن مكتفيا بتأليف الكتب الفقهية، بل ألف في علوم القرآن، مثل: التفسير، وفضائل القرآن وكتب التجويد والقراءة، فكأنه أول من عمل في ترجمة القرآن الكريم وتفسيره باللغة السندية، فمن التفسير الذي نال أهمية كبرى بين الشعب، هو تفسير هاشمي، فإنه تفسير الجزء الأخير من القرآن الكريم، لأن الناس عادة يقرءون في الصلاة السور الأخيرة من الجزء الأخير، فاعتبارا له العلامة محمد هاشم التتوي فسّر السور الأخيرة والجزء الأخير من القرآن الكريم كي يستفيد منه كل من يناجي ربه في صلاته.(52)
ولقد ألف الكتب باللغة وغيرها، وأركان الإسلام والعقائد والفقه والحديث وفي الموضوعات التي تتعلق بالإسلام خاصة، فتقدر مؤلفاته من مائة وخمسين إلى ثلاثة مائة في فنون مختلفة.
المطلب الثالث: تحليه بصفة القناعة والتواضع.
لقد عرف العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- بالتصوف والقناعة، والتواضع، لأنه لم يكن يركز على العلوم الظاهرة، بل كدس جهده في العلوم الباطنة، وجاهد في سبيل إصلاح النفس، كي يترسخ الإيمان في القلب، ويكمل الإنسان. وفي هذا الصدد انخرط في السلسة القادرية من الطرق الأربعة المروجة بين الصوفيين، وكان يحب القناعة.
المطلب الرابع: كونه داعيةً.
قال الله- عز وجل- في كلامه المجيد: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (53)
لا غضاضة أن الشيخ- رحمه الله تعالى- قضى حياته في أداء مسئوليته في الدعوة، فكان ينصر من يظلم نفسه عملا بحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : “انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره”.(54)
أستشف من هذا الحديث أنه لو أحد يظلم نفسه في إدخال نفسه في الإثم، فلا بد من تقديم يد العون إليه، فالعلامة التتوي- رحمه الله تعالى- أيضا عند ما كان يرى منكرا في مكان ما، فيذهب ويمنع الناس عن المنكرات، وما كان يكترث بالذي أمامه سواء يكون ملكا أو حاكما، أو وزيرا، فكان يباشره بتقديم النصائح القيمة كي يبتعد عن المنكرات.(55)
المبحث السادس: رحلاته:
حينما أدرس صفحات حياة العلامة محمد هاشم السندي- رحمه الله تعالى- أرى أن له ثلاث رحلات علمية:
المطلب الأول: الرحلة الأولى
قرأ العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى عنه- الكتب الابتدائية من الفارسية والصرف والنحو والفقه على أبيه، ثم سافر إلى “تته” وهي مدينة رجال العلماء حينئذ. فقرأ الكتب الأخرى على كبار مشايخها وعلمائها، وأتم تحصيل الفقه والحديث والأصول فيها، ودرس الكتب العالية على كبار مشايخها، فسفره هذا كان لطلب العلم من بتوره إلى مدينة العلم والعلماء والأدباء والشعراء.(56)
المطلب الثاني: الرحلة الثانية
ثم رحل إلى الحجاز الحرمين الشريفين _ حرسهما الله _ عام ألف ومائة وخمسة وثلاثين للهجرة، الموافق عام ألف وسبع مائة وثلاثة وعشرين للميلاد، وكانت لهذه الرحلة أهمية كبرى وأثر بالغ على حياة العلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- حيث التقى خلال رحلته هذه بعلماء الحرمين الشريفين. فبعد ما أدى فريضة الحج استفاد منهم في دراسة علم الحديث والتفسير والتجويد، ونال الشهادة منهم، ثم عاد إلى بلده، وحصل له فيها القبول والإقبال، ثم جد واجتهد في إحياء السنة وإماتة البدعة ولم تأخذه في ذلك لومة لائم.(57)
المطلب الثالث: الرحلة الثالثة
إن هذه الرحلة كانت من مدينة “تته” إلى مدينة “سورت” بالهند، وهي أيضا كانت لطلب العلم وتزكية النفس، حيث جاء ليأخذ الطريقة القادرية والإجازة في الحديث عن المحدث الإمام السيد سعد الله السلوني- رحمه الله تعالى- (المتوفى: 1138ه- -/1725م).(58)
وهناك رحلات أخرى، ولكنها كانت للدعوة والإرشاد في ربوع بلاد السند، واستمرت إلى وفاته.
المبحث السابع: خدماته الدينية:
من مقاصد نزول القرآن الكريم على رسولنا وحبيبنا الكريم- صلى الله عليه وسلم- أنه منبع الهداية والرشد، ومن تعليماته أنه يأمر الإنسان بالمعروف، وينهاه عن المنكر، فيلزم كل مسلم أن يتبع تعليمات القرآن الكريم ويقضي حياته على طريقة النبي- صلى الله عليه وسلم- ويحيي سنته- صلى الله عليه وسلم- في حياته. فمن الواجب على كل مسلم أن يبلغ رسالة القرآن الكريم، وتعليمات النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الآخرين. فالعلامة محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- أيضا كان متبع السنة، ومتمسكا بها، وكان يعلم الناس في ضوء الشريعة تعليمات قرآنية ويرغبهم بالتعايش على سنة النبي- صلى الله عليه وسلم- ولم يكن مباليا لومة لائم في إعلاء كلمة الله، ورفع الدين. فعندما كان يرى أي منكر فيباشره أيا من كان، ولا يخاف.
يقول “مؤرخ السند علي شير القانع” ما ملخصه”:
“لا يضاهيه أحد في تقوية مذهب أهل السنة والجماعة وإحياء السنن، وكانت تتمشى بسعيه أمور توجب تقوية الدين المتين، وكان شديدا على المشركين، وعلى معاندي الدين المتين، تشرف بالإسلام في زمنه مئات من الذميين، وكان يكاتب سلاطين الوقت وكان ينفذ حسب طلبه أحكاما تشيد أركان الدين المتين، وبالجملة كان وجوده من المغتنمات”(59)
المبحث الثامن: ذكر بعض مصنفاته، ومنهجه فيها.
وبما أن الشيخ محمد هاشم التتوي كان مؤلفا بارعا، فبلغ عدد مؤلفاته في مواضيع مختلفة إلى مائة وخمسين، والبعض يقولون: إن عددها بلغ حوالي ثلاث مائة كتاب، وفي البحث أذكر بعض المؤلفات التي هي باللغة العربية، ومنهجه فيها بالاختصار.
لما سافر الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ إلى الحرمين الشريفين، عام ألف ومائة وخمسة وثلاثين للهجرة، تلمذ على كبار أساتذة الحرمين الشريفين، ودرس في مكة عند أستاذه الشيخ عبدالقادر بن أبي بكر بن عبدالقادر صديقي الحنفي ـ رحمه الله تعالى ـ علم الحديث والعلوم الأخرى. وجمع الأسناد، فذكر في هذا الكتاب الأسناد التي نالها عن طريق أستاذه الشيخ عبدالقادر في علم التفسير والحديث وأصول الفقه والتصوف والتاريخ والرجال والسيرة والعلوم الأخرى، وألزم فيه بأنه لا يذكر جميع الأسناد، بل يذكر فيه الأسناد التي نال الإجازة فيها عن أستاذه الشيخ عبدالقادر – رحمه الله تعالى- . أما الأسناد الأخرى التي حصل عليها من الأساتذة الآخرين، فلم يذكر فيها، بل كتب لها رسالة مستقلة.(60)
- شد النطاق فيما يلحق من الطلاق:
لا شك أن كل واحد منا يتعرض لكثير من المسائل في الحياة، فمنها أكثر أهمية في الفقه والمعاملات والنكاح والطلاق، فكان الناس بأمس الحاجة إلى معرفة مسائل النكاح والطلاق في زمن العلامة الشيخ محمد هاشم التتوي – رحمه الله تعالى- فعند ما رأى شدة احتياج الناس إلى أحكامهما، فألف كتابا يتناول أحكام النكاح والطلاق، وسماه بــ “شد النطاق فيما يلحق من الطلاق”، وقد ذكر العلامة الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ في مقدمة هذه الرسالة: “لقد ذكرت في هذه الرسالة المختصرة حكم وقوع الطلاق، سواء الطلاق يكون مطلقا أو بائنا، أو رجعيا، وأحكامها، فأوردت في هذه الرسالة متن “كنز الدقائق” ثم شرحته، وسميته بـ “شد النطاق فيما يلحق من الطلاق” ولقد بدأت كتابة هذه الرسالة السادس جمادى الآخرة 1133هــ وأنهيتها خلال يومين”.(61)
إن موضوع هذا الكتاب يتضح من اسمه، فهو أصلا كُتِبَ في الرد على رسالة كتبها محمد معين التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ وسماها “قرة العين في البكاء على الحسين” وجوز فيها المآتم والنياحة والحداد ولبس السواد، وغير ذلك من الأمور، فالشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد رد عليها ردا شديدا وأثبت بالأدلة على عدم جواز تلك الأمور، وسماها “رد رسالة قرة العين في البكاء على الحسين”. ولقد ذكر المؤلف في مقدمة هذا الكتاب قائلا:
“هذه رسالة للشيخ محمد معين التتوي في تجويز الماتم والنياحة والحداد، ولبس السواد والتعزية بعد الثلث في يوم عاشور. وهذه الرسالة سماها مؤلفها “قرة العين في البكاء على الحسين” – رضي الله تعالى عنه- .(62)
إن هذا الكتاب كرسالة صغيرة الحجم، وتكملة لكتاب آخر، وهو إتحاف الأكابر بمرويات الشيخ عبدالقادر. وبما أنه خصص كتاب “إتحاف الأكابر بمرويات الشيخ عبدالقادر” لجمع الأسناد التي حصلها من أستاذه الشيخ عبدالقادر الصديقي الحنفي –رحمه الله تعالى- فكان بأمس الحاجة إلى تأليف رسالة أو كتاب يجمع فيه الأسناد الأخرى التي نالها من الأساتذة الآخرين. وبهذا الصدد ألف رسالة “نظم الجواهر بذيل إتحاف الأكابر” فذكر فيها الأسناد التي حصل عليها من الأساتذة الآخرين. كـ: الشيخ محمد عبدالله المغربي الفاسي، والشيخ عيد بن علي النمرسي المصري، والشيخ طاهر بن إبراهيم بن الحسن الكوراني المدني،- رحمه الله تعالى- ولقد قسم هذه الرسالة على أربعة فصول.(63)
هذا الكتاب مكتوب باللغة العربية، وفي موضوع فقهي، وهو أن هنالك خلافا بين الفقهاء بأن عند التشهد يشار بالإصبع أم لا؟ فذكر في كتاب “خلاصه كيداني” في مسائل الصلاة: إن الإشارة بالإصبع عند التشهد حرام، وذكر الآخرون أيضا نفس المسألة. والأمر الذي أدى إلى ذلك هو عدم وجود رواية ظاهرة في كتب الأحناف، لكن أثبت الإمام محمد تلميذ الإمام أبي حنيفة في كتابه “مؤطا” من الحديث، وأردف قائلا: إن هذا هو قول الإمام أبي حنيفة – رحمه الله تعالى- ولذا أكثر الأحناف أفتوا على هذا القول.(64)
يقول العلامة المخدوم السندي في مقدمة هذا الكتاب: “يقول محمد هاشم بن عبدالغفور البتوري ثم التتوي ـ رحمه الله ـ إن في هذه الرسالة قد ذكرت مسألة الإشارة بالإصبع عند التشهد، فهذا العلم مستحب أم سنة، المهم ترك هذا العلم غير مناسب، لأن هذه المسألة وردت في كثير من الأحاديث الصحيحة، فأنا قد أوردت الأحاديث والأدلة العقلية على جوازه، كي نعمل به.(65)
سبب تأليف هذه الرسالة هو أن العلامة محمد معين ـرحمه الله تعالى ـ ألف رسالة، وكتب فيها أن البكاء على الحسين والنوح يجوز، وإقامة مجالس الحداد أيضا يجوز. وزد على ذلك أن لبس الثوب الأسود سنة، فألف العلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ هذه الرسالة ردا عليه، بالأدلة النقلية والعقلية.(66)
لقد شاع في زمن الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ بين أوساط الناس أن وضع الرداء فوق العمامة سنة، ووضعها على الكتفين مكروه، كما أن كشف الرأس في الصلاة مكروه، وإن لم يضع أحد في الصلاة فوق عمامته رداء فالله ـ سبحانه وتعالى ـ لا ينظر إليه. فالعلامة محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ قد رد على ما شاع بينهم في هذه الرسالة، وأرشد فيها إلى صراط مستقيم.
لقد ألف الشيخ محمد هاشم السندي ـ رحمه الله تعالى ـ بصدد التجويد عدة رسائل. منها هذه أيضا، فذكر فيها قراءة “ر” حسب قواعد التجويد، متى تكون مفخمة ومتى تكون مرققة.(67) لقد طبع هذا الكتاب.
كتاب “بذل القوة في حوادث سني النبوة” في موضوع السيرة النبوية- عليه الصلاة والسلام- للشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أشهر كتاب في هذا الموضوع،.(68)
ولا يخفى على الباحثين أن المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ قد ألف كتبا شتى في موضوع السيرة النبوية – صلى الله عليه وسلم- بعدة لغات، لكن ميزة هذا الكتاب بأنه قد أُلِّفَ باللغة العربية، فمستواه عال جدا من حيث التنسيق والترتيب.
ولقد ذكر المؤلف في بداية الكتاب اسمه وعنوانه قائلا: فيقول العبد الفقير المفتقر إلى رحمة ربه الغني، محمد هاشم بن عبد الغفور بن عبدالرحمن السندي، التتوي، كان الله له ومعه في كل وقت وحين: إن هذه رسالة مختصرة في بيان ما وقع من الحوادث في سني نبوة النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرعت فيها خامس ذي الحجة الحرام سنة ألف ومائة وست وستين من هجرة خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وسميتها “بذل القوة في حوادث سني النبوة”.(69)
فمنهجه في هذا الكتاب يعتمد على النقاط التالية:
أولا: منهجه في هذا الكتاب هو منهج تاريخي، حيث ذكر فيه أحداث السيرة النبوية – صلى الله عليه وسلم- حسب السنين، وفي نفس الوقت منهج تحليلي أيضا حيث إنه يذكر في بعض الأحيان الفوائد العلمية. فنظرا لأسلوب سلس قسم الكتاب على قسمين: فالقسم الأول في حوادث سني النبوة قبل الهجرة. أما القسم الثاني فهو في حوادث سني النبوة بعد الهجرة وإضافة إلى ذلك أنه قد نبه في مقدمة الكتاب على أنه لا يذكر شيئا من حوادث المغازي والسرايا، وذلك لأنه لم يقع قبل الهجرة شيء من المغازي والسرايا.(70)
ثانيا: وبما أنه سرد أحداث النبوة حسب السنين، فجاء الكتاب مرتبا ترتيبا حوليا لا موضوعيا كما يكون في المنهج الموضوع.(71)
ثالثا: لم يتناول المؤلف – رحمه الله تعالى- الحوادث قبل النبوة ولا قبل مولده – صلى الله عليه وسلم- كما هو دأب كتاب السير عامة حيث يبدؤون بذكر الأحداث قبل مولده – صلى الله عليه وسلم- ثم يذكرون مولده ونسبه – صلى الله عليه وسلم- وهلم جرا إلى آخر الأحداث قبل النبوة. فإنه قد خصص كتابه لأحداث النبوة، وهذا ظاهر أيضا من اسم الكتاب، فوُفق المؤلف ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تسمية الكتاب وعرضه للقراء.(72)
رابعا: وأسلوبه في النقل عن المصادر والتعامل معها، فإنه يذكر اسم الكتاب ومؤلفه دون ذكر فصل أو باب من ذلك الكتاب.(73)
خامسا: ومن منهجه في التعامل مع المصادر أنه بعد ذكر الأحداث المشهورة من الغزوات والسرايا وغيرها من الحوادث يقول: “كما هو مذكور مفصلا في كتب الحديث والسير”. أو يقول: “كما هو مذكور في المطولات”. فهذه أيضا طريقة من طرق التوثيق لنقل المعلومات من المصادر.(74)
سادسا: أما منهجه في استخدام المصادر في كتابه فهو لم يعتمد عليها المؤلف على النقل النصي أو الحرفي، بل إنه ينقل فحوى العبارة حسب ما يستدعيه الحال، إلا في الأحاديث، وإنْ نهج أيضا في الأحاديث نهج الرواية بالمعنى ولكنه قليل.(75)
سابعا: أما منهجه في ذكر الأحاديث في كتابه فهو يعتمد على الأحاديث الصحيحة دون غيرها إضافة إلى ذلك أن المؤلف قد آثر حذف الأسانيد رغبة في الإيجاز، لأن كتابه هذا مختصر جامع. ولو ذكر الأسانيد لطال الكتاب، فهو يذكر عند ذكر الحديث الراوي الأعلى فقط، ويشير إلى اسم الكتاب، مثل: البخاري ومسلم، وغيرهما. فلا يتطرق لبيان الأبواب أو الكتب وغيرها من متون الحديث.(76)
ثامنا: يتسم منهج المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في ذكر الحوادث بالتحليل أولا، وبالسرد ثانيا، فإنه جمع بينهما، حيث إنه لم يتبع في كتابه كله وفق المنهج السردي فقط، أو التحليلي فقط. بل كان منهجه بين هذا وذاك، فإنه أحيانا يسرد الأحداث دون ذكر شيء من التحليل، ولكنه يذكر كثيرا الفوائد العلمية والمناقشات الفقهية والحديثية.(77)
قد جمع في هذا الكتاب الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ مائة وعشرين حديثا من جوامع الكلم، على ترتيب حروف المعجم، وجعل لها سلسلتين: فالسلسلة الأولى بدايتها من الحديث الأول “اتق الله حيث كنت” الحديث، ونهايتها إلى الحديث الثاني بعد الخمسين “اليوم الرهان، وغدا السباق” الحديث.
أما السلسة الثانية فبدايتها من الحديث الثالث بعد الخمسين “إن أحبكم وأقربكم مجلسا مني يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا”، ونهايتها إلى الحديث العشرين بعد المائة “يا خيل لله اركبي”.(78)
ثم أخيرا قد انتخب منها أربعة أحاديث جمعت متفرقات الشرائع وقواعد الإسلام، وهي: الحديث الأول: “إنما الأعمال بالنيات”. والحديث الثاني: “الحلال بين والحرام بين”. والحديث الثالث: “البينة على المدعي واليمين على من أنكر”. والحديث الرابع: “لا يكمل إيمان المرء حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.(79)
لا شك أن هذا الكتاب يتناول أسماء البدريين من الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين- كما يتضح من عنوانه. وأزيد على ذلك أن له صلة قوية بعلوم الحديث، وذلك أن التأليف في مثل هذا الموضوع معروف في فن علم الرجال(80).
ولا غرابة أن العلامة المخدوم محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ يؤلف كتابا في هذا الفن، وذلك لأنه يعد من أبرز أعلام الحديث وعلومه من بلاد الهند والسند في زمنه، وله عدة مؤلفات في الحديث الشريف وعلومه كما هو مذكور في ترجمته.(81)
منهج المؤلف فيه كالتالي:
والذي لاحظته أنا من خلال قراءتي أن الإمام البخاري(82) لم يتناول ذكر أسماء البدريين كلها في كتابه “صحيح البخاري” علما أن الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ وضع الشروط في صحة الرواية للقبول ورفضه، أحب الإمام السندي التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ جمع أسماء البدريين كلهم، فهذا كان سبب تأليف هذا الكتاب حتى يتمكن من ذكر أسماءهم على وجه الاستيعاب ليكون موجبا للثواب، فتوكل على الله ببدء هذا الكتاب بتاريخ الحادي والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام عام ألف ومائة وواحد وستين من الهجرة، وسماها النور المبين في جمع أسماء البدريين.(83)
هذا الكتاب مكتوب باللغة العربية في موضوع علوم القرآن، وذلك أن علوم القرآن الكريم متعددة ومتنوعة، فمن جملتها علم الآيات المتشابهات أو المتشابه اللفظي، إضافة إلى أن متشابه القرآن الكريم ينقسم إلى نوعين: النوع الأول المتشابه المعنوي، والثاني المتشابه اللفظي. فهذا التأليف من النوع الثاني.
منهجه فيه كالتالي:
لا شك أن المؤلف قد بذل جهده في تأليف هذا الكتاب الذي موضوعه هو المتشابه اللفظي في القرآن الكريم. وذكر فيه حوالي ألف وثمانية أبيات. فيعد هذا الكتاب ألفية فريدة في بابها في العالم الإسلامي، ثم إنه من علوم القرآن الكريم، لأنه يحتوي على عدة أنواع، فعلم المتشابهات والمتشابه اللفظي من جملة تلك العلوم.
والاهتمام بـ “التشابه اللفظي” ينفع في إتقان حفظ القرآن الكريم، وضبط ألفاظه، ولا شك أنه يبرز أحد جوانب إعجاز القرآن الكريم، ويحافظ على نص القرآن الكريم، ويجعل ألفاظه محفوظة من التحريف واللحن والخطأ، واهتم به جماعة من علماء الأمة من عصر الصحابة والتابعين إلى عصرنا الحاضر.(84)
ولقد نظم الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ أرجوزته وقصيدته في ألف وثمانية أبيات، وهذا الكتاب محتو على مقدمة وأبواب على عدد حروف التهجي، وخاتمة.(85)
وقد اختار المؤلف في نهجه نهج الإمام السخاوي في “هداية المرتاب”(86)، وضمّنه أبياتها، وزاد فيها، لكن في بعض الأحيان يذكر بيتا كاملا من الهداية كما أشار إليه المحقق في المقدمة.(87)
هذا الكتاب باللغة العربية وهو يحتوي على مسائل الذبائح والاصطياد، التي يحتاج إليها كل واحد. فالشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله تعالى ـ قد ذكر فيه مسائل تتعلق بالذبح، ومسائل تتعلق بالاصطياد مع الأدلة.
منهجه في هذا الكتاب فهو كالتالي:
- اتضح من مقدمته أنه – رحمه الله تعالى- جعل لهذا الكتاب متنا مأخوذا من متن الكنز(88) والوقاية.
- ثم شرح شرحا جامعا للمسائل، وضابطا للدلائل حسب استعداده.
- ورقم في ذيل كل مسألة اسم الكتاب الذي روى عنه.
- ووضح هذه النقطة المهمة في مقدمته بأنه ربما نقل المسائل من الكتب بواسطة ثم لم يذكر الواسطة بل أسقطها وذكر ذلك الكتاب من غير ذكر واسطة اعتمادا على المنقول عنه. فمثلا: رأى مسألة في التتارخانية مثلا من المحيط، فنقلها قائلا: نقلتها من المحيط.(89)
- لقد رتب هذه النسخة على كتابين: كتاب الذبائح وكتاب الاصطياد.
- وذكر في المقدمة أيضا أنه قد ظفر حين جمع هذه الرسالة بخزينة كتب متكاثرة. فلأجل جمع هذه الرسالة طالع جميعها، واستخرج منها فوائد نافعة فأحب أن يذكر تلك الكتب مفصلة ترغيبا للطالبين، وتسكينا للراغبين، فذكر أسماء تلك الكتب التي استفاد منها خلال جمع هذه الرسالة.(90)
هذا الكتاب يعد أهم الكتب الفقهية المصنفة، ولا سيما أحكام الصيام. وقد اهتم كبار العلماء في بيان مسائل الصيام، لكن المؤلف برز من بين هؤلاء في هذا الباب. فإن هذا الكتاب حول هذا الموضوع وحيد في بابه، وفريد في ترتيبه، ومحتو لما يحتاج إليه من أحكام الصيام، ومثل هذا المنهج لم يسبقه أحد من قبل.(91)
منهجه فيه كالتالي:
لقد بدأ المؤلف مقدمة الكتاب بأسلوب عادي كما هو دأب المؤلفين، ثم ذكر أنه قد ألف هذا الكتاب بسبب إلحاح بعض الإخوة عليه، فبدأ بتاريخ ألف ومائة وخمس وعشرين للميلاد، وجعل له متنا ثم شرحه شرحا وافيا يبين الأحكام وسماه “مظهر الأنوار”.(92)
وقد حافظ على الأمانة العلمية حيث إنه ذكر تحت كل مسألة اسم الكتاب تحرزا عن العتاب، ورتبه على أربعة أبواب، ثم وضع تحت كل باب فصولا متعددة.
يقول الشيخ محمد هاشم التتوي ـ رحمه الله ـ بأنه لو استخدم لفظة “الفتاوى” أراد “الفتاوى العالمكيرية”(93) وكلما أطلق “حاشية الشيخ” أراد “حاشية شيخ الإسلام على شرح الوقاية”، وكلما أراد ” كذا في شرح النقاية” أراد شرحها للشيخ “أبي المكارم” وكلما قال: “كذا في الخزانة” أراد به “خزانة الروايات”.(94)
وفي بعض الأحيان يذكر مسألتين أو أكثر من كتاب واحد، فحينئذ يكتب في آخر تلك المسائل، مثلا ” كذا في التاتارخانية”. وفي بعض الأحيان يذكر مسألة مذكورة في الكتاب لكنها منقولة من كتاب آخر، فيترك الواسط ويذكر أصلا اعتمادا على الناقل. وذكر أيضا أنه حين جمع هذه الرسالة حصل على نسخ متوافرة، فطالعها جميعا واستخرج منها فوائد نافعة ومفيدة.(95)
كما ذكرت آنفا أن المؤلف قد جعل هذا الكتاب متنا مستمدا من متن “الكنز” و”الوقاية” على وفق المراد، ثم بيّن فيه أحكام الصيام باختصار، ثم شرحه شرحا وافيا مفصلا شافيا، فهو يبين ماهية الصوم، وفضائله، ويتحدث عن أنواعه وشروطه وسننه وآدابه. ثم يتحدث عن مكروهاته، والأعذار المبيحة للفطر، ومفسداته ووجوب قضائه، وكفارته، ويتحدث عن الاعتكاف، وحكمه وشروطه وآدابه ومبطلاته، وعن ليلة القدر وغير ذلك.(96)
المبحث التاسع: وفاته:
إن هذه الشخصية العبقرية التي أتعبت نفسها طوال حياته، وعرض ما في وسعه من خدمات دينية في مجالات مختلفة، غير أن الدنيا فانية، فحان أجله السادس من رجب، ألف ومائة وأربعة وسبعين عاما للهجرة، الموافق الحادي عشر من فبراير، عام ألف وسبع مائة وواحد وستين للميلاد، فرحل من هذه الدنيا إلى دار الآخرة، وتوفي وهو في مدينة تته، ثم دفن في المقبرة المعروفة بمكلي، وهذ ما ذكره المؤرخ مير علي شير التتوي في كتابه “تحفة الكرام”.(97) رحمه الله المخدوم محمد هاشم التتوي، وأسكنه فسيح جنانه.
الخاتمة:
أولا: نتائج البحث:
إن نتائج البحث التي توصلت إليها بعد إكمال بحثي فهي كالتالية:
- استكشفت بأن الشيخ محمد هاشم التتوي كانت شخصية بارزة من شخصيات إقليم السند الباكستانية.
- ولقد عرفت من خلال البحث أن أرض سند لها أكبر إسهامات في الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية.
- وثبت من خلال البحث بأن زمن الشيخ محمد هاشم التتوي هو زمن السلطان العادل محي الدين اورنكزيب.
- السلطة السياسية في غالب الهند كانت تابعة لسلطنة المغول، وبلاد السند كانت تحت حكمه.
- استكشفت من خلال هذا البحث أن الشيخ محمد هاشم التتوي كان مؤلفاً بارعاً، فقد ألف أكثر من مائة وخمسين كتابا عند البعض، وأما البعض الآخرون يقول: إن عدد مؤلفاته حوالي ثلاث مائة.
- ولقد علمت أن مصنفاته كانت باللغة الثلاث: العربية، والسندية، والفارسية.
- وثبت من خلال البحث أن الشيخ محمد هاشم التتوي كان داعيةً أيضاً، حيث إنه حث أفراد الأمة الإسلامية على إصلاح النفوس، والجد وترك الرغبة في الملذات.
- استكشف من خلال البحث أنه كان شاعراً أديباً، وكان هدفه من نثره ونظمه وشعره استئصال البدعة، وترويج السنة وإحياء كلمة الله في العالم كله.
ثانيا: التوصيات:
إن التوصيات التي أنوي أن أوصيها بعد إكمال بحثي، وهي كما يلي:
- ضرورة دراسة خدمات العلماء في العلوم وفي مجالات التأليف ولا سيما خدمات علماء السند في هذا المجال، فإنها تساعد على فهم الثقافات والحضارات المختلفة، ويمكن بها الإفادة على مستوى الشعوب المختلفة والأمم في الدراسات الأدبية والحياة العقلية والفنية.
- إن الشيخ محمد هاشم التتوي- رحمه الله تعالى- شاعر ومفكر عظيم وله شاعرية مليئة بالمقاصد والأهداف العلمية والحكمية والإصلاحية، فهناك حاجة ماسة إلى ترجمة تلك القصائد والأبيات والأشعار التي هي مكتوبة بلغات غير العربية من النظم والنثر إلى اللغة العربية ليستفيد منها شعراء وأدباء العرب الذين ليست لهم معرفة بالأردية ولا بالسندية.
- وكذلك لتطوير تعليمات العلامة التتوي- رحمه الله تعالى- في البلاد العربية، وأيضا حاجة ماسة إلى ترجمة قصائده السندية وخطبه السندية من اللغة السندية إلى العربية.
- ما تزال بعض مؤلفاته في شكل المخطوط، فهنالك حاجة ماسة إلى تبييضها، وتحقيقها.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا- المراجع بالعربية.
- ابن كثير، أبو الفداء، إسماعيل بن عمر القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ). البداية والنهاية، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراثي العربي، ط: الأولى، عام 1408ه-/1988م.
- ابن ماجه، أبو عبد الله، محمد بن يزيد القزويني (المتوفى: 273هـ)، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية.
- ابن منظور، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقي (المتوفى: 711هـ)، لسان العرب، محمد بن مكرم بن على، دار صادر، ط: الثالثة، عام 1414ه- ، بيروت.
- أبو الفضل، محمد خليل بن علي بن محمد بن محمد مراد الحسيني (المتوفى: 1206هـ)، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، دار البشائر الإسلامية، ط: الثالثة، عام 1408ه-/1988م، دار ابن حزام.
- البخاري أبو عبدالله، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط: الأولى، عام 1422ه- .
- التتوي، العلامة محمد هاشم التتوي، (1104ه- – 1174هـ)، بذل القوة في حوادث سني النبوة، تحقيق: حق النبي السندي الأزهري، دار الفتح للدراسات والنشر، ط: الأولى، عام 1437ه-/2016م، مصر.
- التتوي، محمد هاشم بن عبد الغفور الحارثي (1104ه- – 1174ه- – )، كفاية القاري، تحقيق: الدكتور عبد القيوم بن عبدالغفور السندي، المكتبة الإمدادية، ط: الأولى عام 1428ه-/ 2007م، مكة المكرمة.
- التتوي، محمد هاشم، إتحاف الأكابر، مكتبة القاسمية، كنديارو، السند، باكستان.
- التتوي، محمد هاشم، السيف الجلي على ساب النبي، تحقيق: أبي البركات حق النبي السندي، دار الضياء، ط: الأولى، عام 1437ه-/ 2016م.
- التتوي، محمد هاشم، فاكهة البستان، تحقيق: أبي عبيد الله محمد جان بن عبدالله النعيمي، المكتبة النعيمية المجددية، ط: الأولى، عام 2016م، كراتشي، باكستان.
- التتوي، محمد هاشم، مظهر الأنوار، تحقيق: أبو عبيد الله محمد جان بن عبدالله النعيمي، دار النعيمي للنشر والتوزيع، ط: الأولى، عام 2008م، كراتشي، باكستان.
- درنيقه، للدكتور محمد أحمد، التصوف الإسلامي، الطريقة النقشبندية وأعلامها.
- الزركلي الدمشقي، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، (المتوفى: 1396ه)، الأعلام، دار العلم للملايين، ط: 15 عام 2002م.
- شاكر، محمود شاكر، باكستان، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
- الطالبي، عبد الحي بن فخر الدين بن عبد العلي الحسني (المتوفى: 1341هـ)، الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى ب- (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)، دار ابن حزم، بيروت، ط: الأولى، عام 1420ه-/1999م، لبنان.
- عبد الحي الكتاني، محمد عبدالحي بن عبدالكبير ابن محمد الحسني الإدريسي، (المتوفى: 1382هـ)، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، تحقيق: إحسان عباس، دار العرب الإسلامي –بيروت- ط: 2 عام 1982م.
- مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، (إبراهيم مصطفى/ أحمد الزيات/ حامد عبد القادر/ محمد النجار)، دار الدعوة، القاهرة.
- مسلم بن الحجاج، أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
- المهدي، القاضي/حسين بن محمد المهدي، صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال، راجعه: الأستاذ العلامة عبد الحميد محمد المهدي، دار الكتاب.
- موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام، أعده مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف دون التاريخ.
- ياقوت الحموي، أبو عبد الله، شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الرومي (المتوفى: 626هـ)، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، ط: الثانية، عام 1995م، لبنان.
ثانيا- المراجع غير العربية:
- القادري، الدكتور عبد الرسول، حياة مخدوم محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية، لجنة إحياء الأبد السندي، ط: الثانية، عام 2006م، جامشورو حيدرآباد سند باكستان.
- قانع، میر علی شیر قانع ٹھٹوی، تحفۃ الکرام، ترجمۃ: اختر رضوی، اشاعت سوم سال 2006ء، سندھی ادبی بورڈ کتاب گھر حیدرآباد سندھ پاکستان
- قدوسي، اعجاز الحق، تاریخ سندھ، اشاعت جدید 2014ء، سندھیکا اکیڈمی کراچی
- وفائي، مولانا دين محمد، تذکرہ مشاهير سنده، اشاعت اول، 2005ءسندهي ادبی بورڈ، جام شورو حيدرآباد..
- الموقع التالي: https://goo.gl/ATybQ2
1() أورنكزيب أي زينة العرش. ومعنى عالمكير جامع زمام الدنيا أو العالم. انظر “نزهة الخواطر”: ص 209 “تاريخ الإسلام في الهند”ص 268 ـ 175.
2() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة،: 26.
3() وهي مدينة من مدن السند، وهي على ضفة بحر الهند والتيز، وهي مدينة كراتشي اليوم. انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان: 3/267.
4() وهي حيدر آباد السند اليوم. انظر: شاكر، باكستان: 16.
5() وهي مدينة من نواحي الهند، أهلها مسلمون منذ قديم. انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان: 5/189.
6() انظر: شاكر، باكستان: 12- 18.
7() اسمه الكامل: إتحاف الأكابر بمرويات عبدالقادر.
8() التتوي، إتحاف الأكابر لمحمد هاشم التتوي: 1.
9() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 41.
10() المرجع السابق: 11.
11() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 56.
12() بتورة: قرية من أرياف مدينة تتة. انظر: ” مقدمة بذل القوة ” لأمير أحمد العباسي ص 4 ـ 5. ” إتحاف الأكابر بمرويات الشيخ عبد القادر ” ( وهو ثبت للشيخ محمد هاشم السندي ) لوحة رقم 2، المخطوط، بمكتبة الشيخ العلامة المفتي عبد الرحيم سكندري السندي. “مخدوم محمد هاشم حياته وخدماته العلمية ” للقادري ص 56 ـ 57. ” مقدمة نور العين في إثبات الإشارة في التشهدين ” لمحمد هاشم السندي ص 100 تحقيق الدكتور أبو النور مولا بخش السندي.
13() التتوي، فرائض الإسلام، العلامة محمد هاشم السندي: 14.
14() الوفائي، تذکرہ مشاهير سنده: 3/540.
15() للتتوي، كفاية القاري: 12.
16() الوفائي، تذکرہ مشاهير سنده: 3/203.
17() المصدر نفسه: 3/203.
18() كورة كبيرة من السند وأوّل الهند على نهر السند ومدينة كبيرة لها دخل واسع وبلاد كثيرة وقرى. وتدعى حاليا “سيهون”. انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان: 3/301.
19() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 44. الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 302.
20() في تذکرہ مشاھیر سندھ مكتوب “جون” اسم المنطقة، التي تدعى حاليا “بدين” وهي محافظة في إقليم السند”. انظر: الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/473.
21() الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/352- 353.
22() التتوي، كفاية القاري: 12.
23() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 45- 46- 47.
24() التتوي، كفاية القاري: 12. حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 48.
25() فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات: 2/805.
26() انظر: الأعلام: 5/304.
27() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 48.
28() اسمها الكامل: دار العلوم الهاشمية. انظر الموقع التالي: https://goo.gl/NyicLR
29() التتوي، كفاية القاري: 13.
30() انظر ترجمته في: مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 52- 53. القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 78. الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/540.
31() هو الحاكم المعروف بـ “ميان محمد سرفراز خان ابن ميان غلام شاه” وسرفراز تولى على السند بعد وفاة أبيه ويبدأ زمان ولايته من 1186هـ إلى 1189هـ. انظر: القدسي، تاریخ سندھ: 383.
32()انظر ترجمته: في تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/540- 541. القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 79. حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 53- 54.
33() هو العلامة المعروف بـ “الإمام السندي الحنفي محمد بن عبدالهادي التتوي السندي المدني” كان محدثا بارعا وفقيها مجتهدا قد علق هوامش على صحيح البخاري وصحيح المسلم وسنن الترمذي والنسائي، توفي 12 من شوال عام 1138هـ.
انظر الموقع التالي: https://goo.gl/ATybQ2
34() انظر ترجمته في: نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر: 6/685. القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 79. حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 54- 55.
35() هي اسم مدينة من مدن السند، وهي قريبة من مدينة حيدر آباد.
36() القرن من الزمان مائة سنة. انظر المعجم الوسيط: 2/731.
37() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 56. القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 78..
38() هي واحدة من أكبر الطوائف الصوفية والتي تنتسب إلى محمد بهاء الدين النقشبندي، واشتق اسمها منه، ومن ثم عرفت. وكلمة “نقشبند” مؤلفة من جزأين: نقش وهو صورة طابع إذا طبع به على شمع وغيره، و”بند” معناه ربط وبقاء من غير محو، فالكلمة تشير إلى تأثير الذكر في القلب وانطباعه فيه. انظر: التصوف الإسلامي، الطريقة النقشبندية وأعلامها للدكتور محمد أحمد درنيقه.
39() حق النبي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 55- 56. القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته: 79- 80.
40() كفاية القاري، د. عبد القيوم: ص 13.
41() الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/278- 280. أبو الفضل، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر: 4/66.
42() أبو الفضل، سلك الدرر: 4/34. الوفائي، تذکرہ مشاھیر سندھ: 3/329- 332.
43() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته: 178- 179.
44() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 61.
45() الطالبي، نزهة الخواطر: 6/837.
46() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 127.
47() هو المؤرخ الشهير الذي ولد سنة 1728 من الميلاد، وتوفي سنة 1788من الميلاد، وقد ألف كتابا جمعا على تاريخ السندي، اسمه تحفة الكرام. انظر: ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
48() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث سني النبوة: 127.
49() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 127.
50() مناقب المخدوم محمد هاشم: 11.
51() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته: 139.
52() المصدر نفسه: 139.
53() سورة فصلت، الآية: 33.
54() صحيح البخاري: 9/22.
55() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته: 141.
56() التتوي، السيف الجلي على ساب: 79.
57() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته: 97- 100.
58() التتوي، السيف الجلي: 79.
59() التتوي، كفاية القاري: 14- 15.
60() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 259- 260.
61() المصد نفسه: ص 250- 251.
62() المصدر نفسه: 257.
63() المصدر نفسه: 261.
64() المصدر نفسه: 269- 271.
65() القادري، حياة محمد هاشم التتوي وخدماته العلمية: 270 ـ 271.
66() المصدر نفسه: 272- 273.
67() المصدر نفسه: 277.
68() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 7.
69() المصدر نفسه: ص137.
70() حق النبي، مقدمة بذل القوة في حوادث النبوة: ص 138، 210، 213.
71() نفس المصدر: 138.
72() المصدر نفسه: 139.
73() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 139.
74() المرجع السابق: 139.
75() المصدر نفسه: 139.
76() المصدر نفسه: 139- 140.
77() التتوي، بذل القوة في حوادث سني النبوة: 140.
78() المرجع السابق: 27.
79() المرجع السابق: 27- 28.
80() علم الرجال هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ. انظر الموقع على الشبة: https://goo.gl/hYsufa
81() انظر: النور المبين في جميع أسماء البدريين، الإمام محمد هاشم التتوي، تحقيق: سليم الله بن محمد قاسم السندي، المكتبة القاسمية، كنديارو، السند باكستان: 9.
82() هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، الجُعْفِيّ، أبو عبد الله، ت256هـ،. العسقلاني، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: 1/83.
83() التتوي، النور المبين في جمع أسماء البدريين: 41- 42.
84() التتوي، كفاية القاري: 7.
85() المصدر نفسه: 23.
86() اسمه الكامل: هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في تبيين متشابه الكتاب، علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري الشافعي، أبو الحسن، علم الدين السخاوي (المتوفى: 643هـ)، تحقيق: عبد القادر الخطيب الحسني، دار الغوثاني للدراسات القرآنية، دار الفكر.
87() التتوي، كفاية القاري: 23.
88() اسمه الكامل “كنز الدقائق” في الفقه الحنفي، ومؤلفه هو الإمام أبي البركات عبدالله بن أحمد النسفي المولود سنة 620هـ والمتوفى سنة 710هـ
89() التتوي، فاكهة البستان: 8.
90() التتوي، فاكهة البستان: 8- 9.
91() التتوي، مظهر الأنوار: 9.
92() التتوي، مظهر الأنوار: 46.
93() المعروف بالفتاوى الهندية، وهو متداول بين العلماء والمفتيين في شبه القارة الهندية.
94() التتوي، مظهر الأنوار: 46- 47.
95() المصدر نفسه: 47.
96() التتوي، مظهر الأنوار: 7.
97() مير علي شير، تحفة الكرام: 696.