مجلة العلوم الإسلامية

نظرية السلم والحرب في القرآن الكريم آيات القتل والقتال في سورة التوبة نموذجاً

The Theory of peace and war in the Holy Qur’an, verses of killing and fighting in Surat Al- Tawbah a model

Mohammed Abdullah shaiban

Humanities Faculty || University of Science and Technology || Yemen

PDF DOI

Tab title
Allah all mighty had aimed the purpose of prophet Mohammed’s message (peace be upon him), as in his words “We did not send you unless you become a merci for the whole world” and “We did not send you unless you are sent for all people to presage and portent” and from that purpose we will study the verses speak about fighting in surat Altawbah as it was the last surah came down from the Quran. Many scientists believed that this surah had drawn the final shape of the Muslim individual with others, for that reason it was important to talk about some issues the researcher sees there were some effect in understanding the texts as the transfer issue in Quran and the differences between the verb fight and kill and then study the Tawbah verses in the light of the one Quranic layout and in the light of the fighting purposes in Quran to come out with a theory to certain limitation of the human relation with each other. The researcher had come to the point that the origin of Islam is the peace and the war is only a tool to stop tyranny and to get fighters back to the right path. The Quran use of the word kill which meant to defend in most of the verses and only for those who fight to get killed. Keywords: Peace – war – theory – fight – kill.

نظرية السلم والحرب في القرآن الكريم آيات القتل والقتال في سورة التوبة نموذجاً

محمد عبد الله شيبان

كلية العلوم الإنسانية || جامعة العلوم والتكنولوجيا || اليمن

Tab title
لقد حدد سبحانه وتعالى المقصد من رسالة محمد عليه الصلاة والسلام بقوله وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (الأنبياء: 107) وبقوله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (سبأ: 28)، وبناء على هذا المقصد سنقوم بدراسة الآيات المتحدثة عن القتال في سورة التوبة باعتبارها آخر سورة نزلت من القرآن عند أكثر العلماء، ويعتقد الكثير أنها حددت الشكل النهائي في علاقة المسلم بغيره وكان لابد من الخوض في قضايا هامة يرى الباحث أنه كان لها أثر في الفهم للنصوص كقضية النسخ في القرآن الكريم وقضية الفرق بين الفعل: قتل وقاتل ثم دراسة الآيات في سورة التوبة في ضوء النسق القرآني الواحد وفي ضوء مقاصد القتال في القرآن الكريم للخروج بنظرية تحدد شكل العلاقة مع الآخر، وقد توصل الباحث إلى أن الأصل في الإسلام السلم وأن الحرب ماهي إلا وسيلة لردع الظالم والمحارب وإعادته إلى جادة الصواب. والله أعلم. الكلمات المفتاحية: السلم – الحرب – نظرية – القتل – القتال.

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فلقد تم اختيار عنوان: ” نظرية السِّلم والحرب في القرآن الكريم آيات القتل والقتال في سورة التوبة نموذجا” بغية الإسهام في الوقوف مع آيات القتل والقتال فيها، وبيان معانيها التي تخدم الهدف الأسمى من إرسال محمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة، ومحاولة تصحيح الأفهام الخاطئة للآيات القرآنية سواء من قبل بعض المسلمين، أو من قبل غير المسلمين الذين صَوَروا الإسلام كدين يتبنى الإرهاب ويُنَظِّر له. وقد كان اختيار سورة التوبة لأنها من آخر ما نزل من القرآن ويعتقد أغلب المفسرين أن آيات القتل والقتال فيها قد بينت الصورة النهائية لشكل العلاقة بين المسلمين وغيرهم وأنها نسخت معظم ما سبقها من آيات الصفح والعفو والجدال.

مشكلة البحث:

تكمن إشكالية البحث في التحيز الحاصل عند قراءة النص القرآني والذي قد تدعو إليه ظروف الزمان أو المكان أو نظرية الحق لدى البعض أو النظرية المسبقة التي ترى أن الأصل الحرب وأن السلم ما هو إلا استثناء هذا عند المسلمين، أما عند غيرهم فقد يدعو إلى القراءة الخاطئة للنص، التحيز أو النظرة الاستعلائية أو محاولة الكيد والتشويه أو دعاوى التجديد أو التخفيف من التشدد لدى المسلمين أو اتهام النص القرآني. ولذا يمكن أن تصاغ الإشكالية عبر التساؤلات الآتية:

  1. ما نظرية السلم والحرب في الإسلام؟.
  2. هل التعامل في هذه القضية يختلف فيه المسلم عن الكافر؟.
  3. هل ما يسمى بآية السيف نسخت بالفعل قرابة المائتي آية في القرآن الكريم؟.
  4. هل آخر ما أنزل من القرآن يحث على قتل المخالف والتنكيل به؟.
  5. هل انتهت نظرية الإسلام في السلم والحرب إلى خلاصة مفادها: أن الكافر إذا كان ملحداً أو مشركاً فليس أمامه إلا الإسلام أو الحرب وأن الكتابي ليس لديه من خيار إلا الإسلام أو الجزية أو الحرب؟

أهداف البحث:

يهدف البحث إلى:

  1. بيان نظرية السلم والحرب في الإسلام؛ بتتبع الآيات المتحدثة عن القتل والقتال في سورة التوبة.
  2. عرض أقوال المفسرين فيها.
  3. مناقشة ما يتعلق بآية السيف من قضايا كالنسخ أو المقاصد وغيرها.
  4. الوقوف مع آية السيف ومناقشة ما أثير حولها.
  5. بيان منهجية القرآن في التعامل مع المخالف.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في أن نتائجه قد تفيد في:

  1. الإسهام في التخفيف من الخلاف في قضية لها مساس كبير بواقع الناس.
  2. تصحيح الأفهام حول قضية جوهرية تتعلق بالتعامل مع المخالف في الدين.

منهجية البحث:

أما منهج البحث فسيعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي في مواطن وفي مواطن أخرى الوصفي الاستقرائي حيث عمد الباحث إلى استقراء الآيات القرآنية المتحدثة عن العلاقة مع القتل في القرآن الكريم فوجد أنها كلها عبرت بلفظ (قاتِل) وليس بلفظ (اقتل) ولم يستخدم القرآن لفظ (اقتل) إلا في خمسة مواطن. ثم هرع الباحث إلى سورة التوبة باعتبارها آخر السور نزولاً عند أكثر العلماء ليستقرئ فيها لفظة (أقتل وقاتِل) ليختبر ما توصل إليه. ثم بعد الاستقراء عمد إلى عرضها وتحليلها ليخلص إلى نظرية القرآن في السلم والحرب.

خطة البحث:

يحتوي البحث على مبحثين وسبعة مطالب وخاتمة:

  1. المبحث الأول: مداخل وتعاريف:
    1. المطلب الأول: معنى القتل لغةً واصطلاحاً والفرق بيت القتل والقتال.
    2. المطلب الثاني: النسخ في القرآن الكريم.
    3. المطلب الثالث: نظرية القرآن في القتل والقتال.
  1. المبحث الثاني: آيات القتل والقتال في سورة التوبة:
    1. المطلب الأول: الآيات الواردة بلفظ: اقتلوا.
    2. المطلب الثاني: الآيات الواردة بلفظ: قاتلوا.
    3. المطلب الثالث: آية السيف.
    4. المطلب الرابع: المقصد الشرعي من القتال والقتل في الإسلام.
  1. الخاتمة: وفيها:

النتائج والتوصيات.

الدراسات السابقة:

البحث متعلق بالآيات الواردة بصيغة القتل والقتال في سورة التوبة لبيان الفرق بين الصيغتين في الاستخدام القرآني بغية الوصول إلى نظرية القرآن في التعامل مع المخالف من خلال السورة التي تعتبر في نظر البعض الكلمة النهائية في تحديد شكل العلاقة مع الغير، ولذا لم يطلع الباحث على دراسة تناولت الآيات في السورة بهذه الطريقة، وإن كانت هناك كتابات تكلمت عن العلاقات الدولية وكذلك عن السلم والحرب في الشريعة الإسلامية إلا أنها تناولت الموضوع بشكل عام ولم تتناوله من هذه الزاوية. ومن هذه الدراسات:

الدراسة الأولى: دراسة موضوعية للصرايرة طالب، (1998)، السِّلم في آيات القرآن الكريم، تناولت النصوص القرآنية التي تحوي لفظ السلم ودراستها؛ للوصول إلى الأصل في العلاقة السلم أو الحرب، كما تناولت تنظيم القرآن الكريم لحالة السلم، وأخيراً تناولت نماذج تطبيقية، وآثار السلم.

وعليه فإن الدراسة هذه تتحدث عن مصطلح السلم ووروده في الآيات القرآنية، وهي تختلف عن بحثي في أنه متعلق بتتبع لفظي قتل وقاتل في سورة التوبة وبيان مدلولهما.

الدراسة الثانية: دراسة تحليلية للرعيني أمين، (2015)، التعايش الحضاري في ضوء القرآن الكريم واقع المسلمين في أوروبا – إيطاليا نموذجاً- ، تناولت معنى التعايش، وخلصت إلى تعريف مركب للتعايش الحضاري، وتحدثت عن العلاقة بين المسلمين وغيرهم في القرآن الكريم، هل هو تعايش أم مفاصلة؟ وذلك من خلال ذكر الآيات التي تحث على التعايش، ومناقشة ما يُوهم ظاهره عدم التعايش، ثم خلصت إلى الحديث عن تعايش المسلمين مع غيرهم، وأصول ذلك وضوابطه، وتنزيله على الواقع الغربي- إيطاليا-.

وعليه فإن الدراسة السابقة تحدثت عن التعايش بشكل عام فهي لا تتناول مصطلحي القتل والقتال فقط.

الدراسة الثالثة: دراسة البُوهالي الطيب، (1431هـ- 2010) مفهوم السلام في القرآن والحديث النبوي الشريف، تناولت مفهوم السلام ومشتقاته في القرآن والحديث النبوي، وتحدثت عن فهم المفسرين له حيث كان هذا المفهوم عمود الدراسة إذ تم ذكر امتدادات هذا المفهوم في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ثم خلصت الدراسة إلى ذكر منشأ السلام وصيرورته ومآله.

وعليه فإن الدراسة السابقة تحدثت عن لفظ السلام في القرآن والحديث النبوي، فكانت دراسته مصطلحية، بينما الدراسة الحالية تتبعت لفظي القتل والقتال في سورة واحدة وهي التوبة.

الدراسة الرابعة: دراسة الناصري محمد (1430هـ- 2009) العلاقة مع الآخر في ضوء الأخلاق القرآنية، تناولت أصول الرؤية القرآنية للآخر، والقيم القرآنية في التعامل معه، كما حاولت تتبع الأسس والضوابط للعلاقة مع الآخر.

وعليه فإن الدراسة السابقة تحدثت عن العلاقة مع الآخر بشكل عام، بينما البحث الحالي تتبعت لفظي القتل والقتال في سورة واحدة وهي التوبة باعتبارها آخر سورة نزلت لتصور شكل العلاقة مع الغير.

المبحث الأول: مداخل وتعاريف:

المطلب الأول: معنى القتل لغةً واصطلاحاً والفرق بيت القتل والقتال:

القتل لغةً واصطلاحاً:

القتل لغةً: معروف وقتله إذا أماته بضرب أو حجر أو سم أو علة. (1)

وفي الاصطلاح: فعل من العباد تزول به الحياة. (2)

والفرق بن التعريفين أن اللغوي يطلق على الموت ولو بدون فاعل من البشر أما في الاصطلاح فلا يسمى قتلا إلا إذا كان بفعل.

الفرق بين القتل والقتال:

مما يتعلق بهذا المقام ضرورة التفريق بين “اقتلوا – وقاتلوا” فاقتلوا: أمر بإزهاق الأرواح، أما ” قاتلوا ” فهو لفظ من ألفاظ المفاعلة، وألفاظ المفاعلة بحسب الدلالة اللغوية تدل على مشاركة طرفين فهناك من يقاتل ظلماً وعدواناً، وهناك من يقاوم هذا الظلم، وهذا يستفاد من التعبير بهذه الصيغة “قاتلوا”. وهذا هو فهم الأئمة.

يقول الإمام الشافعي: “ليس القتال من القتل بسبيل فقد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله”. (3) إذن: فالمقاتلة تعني المحاربة وتحري القتل من الطرفين، وهذا يقتضي المجابهة لرد الاعتداء؛ لأن الفعل واقع من كل واحد وعليه وهي من باب الفاعلين والمفعولين الذي يفعل كل واحد بصاحبه ما يفعله صاحبه به فالسياق طبيعي لنزول الآية من باب الرد بالمثل.

وليس معنى القتال استباحة المحرم دون قيد؛ بل يلحظ منه بأن الأمر من باب المدافعة؛ وهو أشبه بدفع الصائل الذي يدفع بالأقل؛ ومتى اندفع شره بأيسر الطرق لم يحتج إلى سلوك أشدها، وهذا ما فهمه الأئمة من هذه الآية، ولذلك قال ابن عبد البر في التمهيد: “وفي قوله: {فقاتلوا} دليل على أن الباغي إذا انهزم عن القتال أو ضعف عنه بما لحقه من الآفات المانعة للقتال حرم دمه لأنه غير مقاتل ولم نؤمر بقتاله إلا إذا قاتل؛ لأن الله تعالى قال: {فقاتلوا} ولم يقل فاقتلوا، والمقاتلة إنما تكون لمن قاتل. (4)

المطلب الثاني: النسخ في القرآن الكريم:

لن يخوض الباحث في كلام السابقين حول وقوع النسخ في القرآن من عدمه، وإنما سيعبر هنا عن وجهة نظره حول القضية على النحو التالي:

  • ليس هناك دليل قطعي أو حاسم يثبت قضية النسخ. وما استدل به جمهور العلماء على ذلك فليس بصريح، كما أنه يحتمل النسخ بمعناه الأصولي ويحتمل غيره.
  • يرى الباحث أن فكرة النسخ مستساغة من الناحية العقلية وأن العلماء عند حديثهم عن تعارض الأدلة لجأوا إلى النسخ كطريقة لابد منها عند عدم إمكانية الجمع بين الأدلة وعند معرفة المتقدم من المتأخر، وهذا من وجهة نظر الباحث مستساغ.

يقول الشافعي: “إذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام كان أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً، وكلما احتمل حديثان أن يستعملا معا استعملا معاً ولم يعطل واحد منهما”(5) ويشير الزرقاني إلى ذلك بقوله: “النسخ ضرورة لا يصار إليها إلا إذا اقتضاها التعارض الحقيقي دفعاً للتناقض في تشريع الحكيم العليم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه”(6) وعند تطبيق ذلك على القرآن الكريم يتضح أن أغلب دعاوى النسخ ضعيفة فهي إما مبنية على اجتهاد غير صائب أو أن القول بها كان نتيجة تقليد من سبق دون تمحيص، فما من آية قيل إنها منسوخة بآية أخرى إلا ويمكن الجمع بينهما. وقد تتبع السيوطي الآيات المنسوخة فالقرآن الكريم وأوصلها إلى 20 آية فقط(7) وقد أعاد النظر في المسألة د. مصطفي زيد في بحثه الموسوم بـ: “النسخ في القرآن الكريم” وأوصل الآيات المنسوخة إلى 6 آيات فقط هي التي أجمع عليها من كتب في قضية النسخ. (8)

ولست هنا بصدد تعديد الآيات التي أبقي النسخ فيها فيمكن للراغب الرجوع إلى الكتاب وإنما المراد هنا الإشارة إلى أن النسخ في القرآن نادر على فرض وجوده. ولا أعتقد أننا بحاجة إلى النسخ مادام الجمع بين النصوص المتعارضة ممكناً فالإعمال أولى من الإهمال والجمع أولى من الترجيح كما هو معلوم والأصل الإحكام لا النسخ.

هذا وقد بين كثير من العلماء أن مصطلح النسخ عند السابقين أعم منه عند اللاحقين فهم يقصدون بالنسخ التخصيص والتقييد والبيان وغيره ومن جاء بعدهم من اللاحقين حمل كل ما قيل فيه نسخ بأنه رفع للحكم الشرعي وأغفل إطلاقات السابقين على اللفظة. (9)

والذي يخلص إليه الباحث: هو إثبات النسخ في حدود الاضطرار إليه كما قال الزرقاني: “والمقتصدون هم الذين يقولون بالنسخ في حدوده المعقولة فلم ينفوه إطلاقاً كما نفاه أبو مسلم وأضرابه ولم يتوسعوا فيه جزافاً كالغالين بل يقفون به موقف الضرورة التي يقتضيها وجود التعارض الحقيقي بين الأدلة مع معرفة المتقدم منها والمتأخر. والغالون هم الذين تزيدوا فأدخلوا في النسخ ما ليس منه بناء على شبة ساقطة”(10) وأن المبالغة في النسخ مناف لأصل الإحكام الذي وصف الله به كتابه بقول: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ (هود: 1)

المطلب الثالث: نظرية القرآن في القتل والقتال:

بعد تتبع واستقراء للباحث في القرآن الكريم عن لفظة القتل والقتال في حق غير المسلم يمكن للباحث الوصول إلى النتيجة التالية:

التعامل مع المسلم وغير المسلم في هذا الباب واحد: فلا يجوز قتل المسلم والكافر ويجوز قتال المسلم والكافر. والمراد أنه لا يجوز ابتداء القتل لمسلم وكافر ويجوز رد العدوان إذا ابتدأه مسلم أو كافر. وشاهد ذلك قوله تعالى عن الكفار: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا [البقرة: 190] فلم يقل سبحانه اقتلوا من قاتلكم بل قال: “قاتلوا”.

والشاهد في حق المسلم: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي[الحجرات: 9] فقد عبر سبحانه بقوله “قاتلوا التي تبغي” ولم يقل: اقتلوا.

والباحث قد تتبع استخدام القرآن لكلمة قاتل وقتل في التعبير عن العلاقة مع الغير فوجدها أكثر من 33 موضعاً كلها تعبر بلفظ “قاتلوا – يقاتلون” ولم يعبر سبحانه وتعالى بلفظ: اقتلوا إلا في خمسة مواطن وكلها تتحدث عن كافر محارب مُصر على قتال المسلمين واستئصال شأفتهم. وسيأتي مزيد من البسط عند الحديث عن الآيات في سورة التوبة.

المبحث الثاني: آيات القتل والقتال في سورة التوبة:

المطلب الأول: الآيات الواردة بلفظ: اقتلوا:

  1. فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم (التوبة: 5)

السائد في فهم الآية أنه قبل سورة براءة كان الصفح والعفو والإمهال والعهد والمجادلة وأن ذلك كله قد نسخ بهذه الآية وغيرها وأصبح الحكم النهائي هو ما يلي:

من كان مشركاً أو ملحداً فليس أمامه إلا الإسلام أو القتال، ومن كان كتابياً فليس أمامه إلا خياران إما أن يسلم أو يدفع الجزية ومالم تكون واحدة منهما فإنه يقاتل حتى يختار أحدهما.

هذه هي خلاصة النظرة السائدة عند جمهور العلماء والتي ما فتأت تفاسير العلماء تحمل عليها آيات التوبة المتحدثة عن العلاقة مع غير المسلم. وسأسوق أمثلة تشهد على كون هذا الرأي هو السائد فيما يلي:

قال الشافعي: وأباح دماء أهل الكفر من خلقه فقال: واقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وحرم دماءهم إن أظهروا الإسلام فقال:  وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ اَلدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ وقال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً) وقال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ فجعل حينئذ دماء المشركين مباحة وقتالهم حتما وفرضا عليهم إن لم يظهروا الإيمان”(11)

وعبر ابن حزم بقوله” فصح باليقين، أنه لا يحل أن يعاهد مشرك عهداً، ولا يعاقد عقداً، إلا على الإٍسلام فقط، أو على غرم بالجزية والصغار، إن كان كتابياً. وصح يقيناً، أن كل عهد، أو عقد، أو شرط عقد معهم، أو عوهدوا عليه، أو شرط لهم بخلاف ما ذكرنا، فهو باطل مردود لا يحل عقده، ولا الوفاء به إن عقد، بل يفسخ ولا بد”(12)

” وقد عمّت الآية جميع المشركين وعمّت البقاع إلا ما خصصته الأدلّة من الكتاب والسنة”(13)

” قوله: (المشركين) هو صيغة عموم، فالألف واللام فيه تدل على العموم؛…إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين تخصيص هذا العموم بنهيه عن بعض المشركين”(14)

إذن فالإشكال في فهم الآية هو في حملها على عمومها في كل مشرك في أي مكان وأي زمان. والنقولات السابقة وغيرها جعلت كثيراً من العلماء يعيد النظر في تفسيرها وقراءتها وفق سياقها وسباقها ولحاقها فكانت هذه التقويمات والملاحظات الآتية التي تتغيا صياغة نظرية مطردة مستساغة في السلم والحرب تتناسب مع عالمية الإسلام ومقصد الرحمة فالآية تتحدث عن صنف من الكفار وهم مشركو العرب الذين صدر منهم ما يجعل هذا الرد مناسباً لأفعالهم فهم من عادى وحارب وطرد وبدأ القتال ووقف للمسلمين في كل مرصد، وتحالف مع الجميع ضدهم وجيَّش اليهود وغيرهم ضد المسلمين فكانت هذه الآية ومثيلاتها تبين منهج التعامل مع المحارب والمعادي، وليست بياناً للتعامل مع غير المسلم عامة، وإليك نقولاً من وجهة النظر المقابلة:

في المنار: “الآية في مشركي العرب الذي لا عهد لهم، والذين نبذت عهودهم، وضرب لهم موعد الأربعة الأشهر…والأمر بقتال مشركي العرب في هذه الآيات مبني على كونهم هم الذين بدأوا المسلمين ونكثوا عهودهم…وعلى كون قتالهم كافة جزاء بالمثل كما قال: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً  (التوبة: 36)…ولفظ المشركين في هذه الآيات لم يوضع لأهل الكتاب المعروفين بالقطع، ولا لأمثالهم كالمجوس مثلا…ولولا أن هؤلاء المفسرين وشراح الأحاديث ينظرون في كتاب الله وحديث رسوله من وراء حجب المذاهب الفقهية لما وقعوا في أمثال هذه الأغلاط الواضحة. “(15)

ويضيف أبو زهرة أن العلة هي رد العدوان بقوله: لأنه قد أصبح دمهم مباحاً، فقد نقضوا العهد، ولم يدخلوا في الإسلام، وقد تحدوا الله ورسوله، وأشركوا، والعلاقة في أصلها كانت حرباً انتهت بالعهد فنقصوه، وقد أعطاهم مهلة ساحوا فيها في الأرض آمنين، ولم يحدثوا توبة ورجعوا إلى الحق، فلم يبق إلا القتال. وقوله تعالى: حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُم يشمل الحل والحرم؛ لأنهم ممنوعون من المسجد الحرام، وهم مقاتلون، والله تعالى يقول: وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ”(16)

أما محمد عزة دروزة فقد بين روح الآية وفقا لسياقها قائلا: “وروح هذه الآية بل فحواها يؤيد كذلك الرواية التي رواها البغوي والقول الذي قاله الطبري بأن المشركين المعاهدين الذين أعلنت براءة الله ورسوله منهم في الآية الأولى من السورة هم الناقضون لعهدهم”(17)

وقال أيضا “ونبهنا على ما في ذلك من غلو ومناقضة للتقريرات القرآنية المتضمنة لأحكام محكمة بعدم قتال غير الأعداء وترك المسلمين والموادين وبرهم والإقساط إليهم…والآية كما هو واضح من فحواها وسياقها هي في صدد قتال المشركين المعاهدين الناقضين لعهدهم وحسب. “(18)

ويبين علة ردة الفعل العنيفة ضد مشركي العرب: “والذي يتبادر لنا في صدد هذه المسألة أن المشركين بعد أن نقضوا عهدهم وقاتلهم المسلمون فقدوا حق العهد ثانية، وصار من حق المسلمين أن يفرضوا الشرط الذي يضمن لهم الأمن والسلامة، وهو توبتهم عن الشرك ودخولهم في الإسلام وقيام بواجباته التعبدية والمالية. ولا يعد هذا من قبيل الإكراه في الدين “(19) مما سبق يتضح أن جعل الآية من باب العام المراد به الخصوص هو الأليق، والأوفق لمقصد الشرع، والأقرب إلى نصوصه التي تحدثت عن ذات الموضوع؛ فهي تتحدث عن قوم معينين بلغوا قمة الحنق والغيظ وحملهم هذا على أن اتخذوا كل وسائل الإيذاء والعداء القولية والفعلية فكان هذا الإجراء هو الأليق بأمثالهم.

أما حمل الآية على عمومها في كل مشرك وجعها ناسخة لمئات الآيات فهذا شطط كبير وبعد عن الصواب.

  1. إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة: 111)

هذه الآية تتحدث عن قتال المسلمين لغيرهم عند الاعتداء عليهم ولذلك عبر الله سبحانه وتعالى بقوله ” يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ” ولم يقل “يقتلون” ثم ذكر سبحانه وتعال أنه في حالة مقاتلة الغير ليس ثم إلا أن تقتل غيرك أو يقتلك كما قال ابن عاشور: “لأن حال المقاتل لا تخلو من أحد هذين الأمرين”(20)

وليس في الآية دعوة إلى الاعتداء على الغير أو إكراهه على الدين سواء كان المراد بالآية الأمر على قول الزمخشري حيث قال: “يُقاتِلُونَ فيه معنى الأمر، كقوله تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ”(21). أو على رأي الأكثر أنها خبر لا أمر، فالآية: “بيان لصفة تسليم المبيع وهو أنهم يقاتلون في سبيل الحق والعدل الموصلة إلى مرضاته تعالى فيبذلون أنفسهم وأموالهم فيكونون إما قاتلين لأعدائه الصادين عن سبيله، وإما مقتولين شهداء في هذه السبيل. قرأ الجمهور بتقديم (يقتلون) المبني للفاعل، وحمزة والكسائي بتقديم المبني للمفعول، فدلت القراءتان على أن الواقع هو أن يقتل بعضهم ويسلم بعض، وأنه لا فرق بين القاتل والمقتول في الفضل، والمثوبة عند الله عزّ وجلّ، إذ كل منهما في سبيله لا حبا في سفك الدماء، ولا رغبة في اغتنام الأموال، ولا توسلا إلى ظلم العباد، كما يفعل عباد الدنيا من الملوك ورؤساء الأجناد”(22)

المطلب الثاني: الآيات الواردة بلفظ: قاتلوا:

  1. وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة: 12- 15)

الآية تتحدث عن قتال مشركي العرب الذين: نكثوا أيمانهم- أي عهودهم- من بعد إبرامها، وطعنوا في دين المسلمين وهموا بإخراج الرسول وبدأوا القتال في معركة بدر وغيرها. فهي إذن تتحدث عن قتال المحاربين والمعادين وتحث المسلمين وتحضّهم على رد عدوانهم وعدم التساهل معه.

ويعبر الطبري عن ذلك بقوله: “يقول تعالى ذكره: قاتلوا، أيها المؤمنون بالله ورسوله، هؤلاء المشركين الذين نكثوا أيمانهم، ونقضوا عهودهم بينكم وبينهم، وأخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم”(23)

ويبين محمد رشيد رضا أنها من العام المخصوص بقوله: “والحق أنها صريحة في مشركي العرب أصحاب العهود مع المؤمنين من بقي منهم، ويدخل في حكمها كل من كانت حاله مع المؤمنين كحالهم. فكل من يجمع بين عداوتهم بنكث عهودهم، والطعن في دينهم فيجب عده من أئمة الكفر ولهم حكمهم”(24)

  1. قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة: 29).

وهذه الآية يسميها البعض بآية الجزية وعدها آخرون آية السيف ويُدعى أن هذه الآية نسخت العديد من الآيات وأنها أعلنت الحرب على أهل الكتاب جميعاً ولم تجعل لهم إلا خيارات ثلاثة: إما الإسلام أو الجزية أو الحرب، والحقيقة أنها لا تدل على ما جنحوا إليه بل تتحدث عن قتال المحارب من أهل الكتاب والمحرف لدينه السماوي حتى يتوقف عن القتال وإذا أصر عليه فيُقاتل ويُرغم على دفع الجزية.

والصواب في معناها ” أن الأمر القرآني…إنما كان للحث والتحريض على النفرة إلى غزوة تبوك لقتال الروم وقبائل النصارى “(25)

وما فهمه البعض من أن القتال من أجل أن يعتنقوا الإسلام بعيد. فقوله تعالى: لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ المراد منه أنهم حرفوا دينهم فأصبح إيمانهم باليوم الآخر والتحريم والتحليل بناء على أهوائهم التي حرفت كتاب الله وبناء عليه فلم يعودوا على الدين الصحيح الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام. وهذا ما أشار إليه صاحب المنار: “ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله مما ثبت في كتبهم، فإن الله حرم عليهم الشحوم فأذابوها وباعوها وأكلوا أثمانها، وحرم عليهم أشياء كثيرة فأحلوها. قال سعيد بن جبير في الآية: يعني لا يصدقون بتوحيد الله، وما حرم الله من الخمر والخنزير. وقيل: معناه لا يحرمون ما حرم الله في القرآن، ولا ما حرم رسوله في السنة، والأول أولى. وقيل: لا يعملون بما في التوراة والإنجيل”(26)

فالآية إذن تتحدث عن طائفة من أهل الكتاب هذا ديدنهم ولعل ما يعين على هذا الفهم قوله تعالى: “من الذين أوتوا الكتاب” ومن هنا تحتمل التبعيض كما تحتمل البيان. ومما يدعم ذلك أيضا قوله سبحانه: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وأهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر وهذا يدل على أن المراد البعض منهم لا الكل.

ويقول محمد عزة دروزة: “وروح الآيات الأخرى ثانياً يسوغان الأخذ بالأقوال الأخرى، وهي عدم تحريم ما حرمه الله ورسله في الكتب السماوية التي نزلت على أنبياء أهل الكتاب وعدم طاعتهم لله حق الطاعة وعدم احترامهم حقوق غيرهم ودمائهم وأموالهم مما يدخل فيه العدوان على القوافل وإخافتها وسلب أموالها وقتل أفرادها الخ. وقد يدعم هذا جملة: لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ التي لا تصح على جميع أهل الكتاب الذين منهم من كان وما يزال يؤمن بالله واليوم الآخر بصورة ما. كذلك مما يدعمه ما ذكرته الآيات من إرادتهم إطفاء نور الله بأفواههم مما يتسع لمعنى تعطيل الدعوة إلى دين الله والصد عنه. وهذا قد نسب بصراحة إلى أحبار اليهود ورهبان النصارى في الآيات مع نسبة أكل أموال الناس بالباطل. وهو من موجبات الجهاد الإسلامي ومبرراته”(27)

والآية ابتدأها الله سبحانه بقوله “َقاتِلُوا” وهو من أفعال المشاركة التي لا تحصل إلا بين طرفين ولم يقل سبحانه “اقتُلوا” الدال على مباشرة القتل حتى دون تعد من الطرف المقابل.

أما ما ذكره المفسرون في معنى لفظة عن يد وهم صاغرون من الدلالة على الإذلال والإمعان في الإهانة فذلك مما تأباه النصوص ويتنافى مع روح الشرع ومقاصده يقول صاحب المنار معقبا على التأويلات التي ساقها المفسرون: “ومن المفسرين من قال في الآية أقوالاً يأباها عدل الإسلام ورحمته”(28)

واختصر محمد عزة دروز ذلك معبراً “وعلى كل حال فالكلمة اصطلاح للضريبة التي يدفعها المغلوب المستسلم لغالبه مقابل إقراره على ما هو عليه والدفاع عنه”(29)

وأما ما يعتقده البعض أيضاً من أن القتال غايته أخذ الجزية فهذا بعيد وقد عقب عليه دروزة بقوله: “والوقائع متسقة في أسبابها وظروفها مع المبادئ القرآنية التي تقرر أن الجهاد إنما شرع للدفاع ومقابلة العدوان بالمثل ولم تكن الجزية والغنائم من أهدافه “(30).

ونخلص هنا إلى أن الخلل في فهم الآية هو حملها على عمومها لتحمل على كل كتابي وهذا بعيد فهي من العام المراد به الخصوص أي محمولة على الكتابي المحارب لا المسالم.

  1. إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة: 36)

يقول ابن عاشور: ” فمقصود الكلام هو الأمر بقتال المشركين الذين يقاتلون المسلمين في الأشهر الحرم، وتعليله بأنهم يستحلون تلك الأشهر في قتالهم المسلمين. “(31)

وهذه الآية يفهم البعض منها أن الله أمرنا بقتال جميع المشركين والكفار وهذا المعنى مجانب للمراد من الآية وقد بين الطبري المراد من الآية بقوله: “فإنه يقول جل ثناؤه: وقاتلوا المشركين بالله، أيها المؤمنون، جميعًا غير مختلفين، مؤتلفين غير مفترقين، كما يقاتلكم المشركون جميعًا، مجتمعين غير متفرقين. “(32) فالآية تبين كيفية القتال لا قتال جميع المخالفين.

وقد صحح ابن عطية مفهوماً بعيداً للآية بقوله: “وهذا الذي قالوه لم يعلم قط من شرع النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ألزم الأمة جميعاً النفر، وإنما معنى الآية الحض على قتالهم والتحزب عليهم وجمع الكلمة، ثم قيدها بقوله:  كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ فبحسب قتالهم واجتماعهم لنا يكون فرض اجتماعنا لهم”(33)

  1. يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة: 123)

“هذه الآية كالوصية بالاستمرار على غزو بلاد الكفر المجاورة لبلاد الإسلام بحيث كلما استقر بلد للإسلام وكان تجاوره بلاد كفر كان حقا على المسلمين غزو البلاد المجاورة. ولذلك ابتدأ الخلفاء بفتح الشام ثم العراق ثم فارس ثم انثنوا إلى مصر ثم إلى إفريقية ثم الأندلس. “(34) و”نقل عن الحسن أنَّه قال هذه الآية نزلت قبل الأمر بقتال المشركين كافة. وأنكر المحقِّقُون هذا النسخ وقالوا: إنَّهُ تعالى لمَّا أمر بقتال المشركين كافة أرشدهم إلى الطَّريق الأصلح وهو أن يَبْتَدِئوا من الأقرب، فالأقرب، منتقلاً إلى الأبعدِ”(35) ويلخص الطبري المعنى ” ابدأوا بقتال الأقرب فالأقرب إليكم دارًا، دون الأبعد فالأبعد”(36)

أما قوله تعالى: وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً فلا تفسر فيما يتبادر لنا بالقسوة في القتل والإبادة أو بذلك وحسب، بل بمعنى إظهار العزيمة والحمية والتصميم والشدة التي ترهب الأعداء أيضا، ولعل الجملة التي انتهت بها الآية التي فيها الجملة مما يبرز هذا التنبيه”(37) ويقول رشيد رضا: “والغلظة على المقاتلين في زمن الحرب من مقتضيات الطبيعة والمصلحة، وتنكيرها في الآية يدل على أن لأولي الأمر أن يحددوها في كل زمن وكل حال بما يتفق مع المصلحة، وإنما أمروا بها على كونها طبيعية لتقييد ما أمروا به في الأحوال العامة من الرفق والعدل والبر في معاملة الكفار حتى صار ذلك من أخلاق الإسلام، وأمر القتال مبني على الشدة والغلظة في كل الأمم، وقد حرم فظائعها الإسلام”(38)

وينبه القاسمي على المعنى: “قالوا إنها كلمة جامعة للجرأة والصبر على القتال، وشدة العداوة، والعنف في القتل والأسر. وظاهرها أمر الكفار بأن يجدوا في المؤمنين غلظة، والمقصود أمر المؤمنين بالاتصاف بصفات كالصبر وما معه، حتى يجدهم الكفار متصفين بها، فهي على حد قولهم: لا أرينك ههنا. والغلظة هي ضد الرقة”(39)

المطلب الثالث: آية السيف.

لم ترد تسميتها بهذا الاسم في القرآن والسنة ولعل ما جعل المفسرين وغيرهم يسمونها بهذا الاسم ما ورد في بعض الآثار كالذي ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف (40)، وقد اختلف العلماء هل هي آية واحدة أم عدة آيات: البعض يرى أنها الآيات التي تحدثت عن القتال في سورة التوبة والجمهور على أنها الآية الخامسة من سورة التوبة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وأنها نسخت كل آيات العفو والصفح والصلح والعهد والكف والإعراض والصبر والموادعة والمهادنة وأنها نسخت ما يقرب من مائة وأربع وعشرون آية.

وإليك بعض هذه الأقوال:

“عن الضحاك قال: كل آية في كتاب الله فيها ميثاق من النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عهد ومدة نسختها سورة براءة وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ”(41)

وورد عن الحسين بن الفضل قوله: فنسخت هذه الآية كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء”(42)

ويضيف ابن عطية “وهذه الآية نسخت كل موادعة في القرآن أو مهادنة وما جرى مجرى ذلك وهي على ما ذكر مائة آية وأربع عشرة آية”(43)

وقال ابن حجر: آية السيف وَقَاتِلُواْ المشركين كَافَّةً (التوبة: 36) وقيل: هما “(44)

وقد تعقب العلماء هذا القول الذاهب إلى النسخ والإلغاء لمفهوم مئات الآيات السابقة بالآتي:

يقول دروزة: “والمفسرين يسمون الآية الثانية من الآيتين اللتين نحن في صددهما آية السيف ويعتبرونها ناسخة لكل آية فيها أمر بالتسامح والتساهل مع المشركين وإمهالهم والإغضاء والصفح والإعراض عنهم، وتوجب قتالهم إطلاقا. وبعضهم يستثني المعاهدين منهم إلى مدتهم، وبعضهم لا يستثنيهم ولا يجوز قبول غير الإسلام منهم بعد نزولها. ونبهنا على ما في ذلك من غلو ومناقضة للتقريرات القرآنية المتضمنة لأحكام محكمة بعدم قتال غير الأعداء وترك المسالمين والموادين وبرهم والإقساط إليهم. “(45) ويستنكر ابن الجوزي بقوله: “وقد ذكر بعض من لا فهم له من ناقلي التفسير أن هذه الآية وهي آية السيف نسخت من القرآن مائة وأربعا وعشرين آية ثم صار آخرها ناسخا لأولها. “(46) ويرى السيوطي عدم نسخها للآيات الأخرى بل نُعمل كل آية في وقتها، قائلاً: ” إن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعله يقتضي ذلك الحكم ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر وليس بنسخ أنما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله. “(47) ويقول رشيد رضا: “وهذه الآية –يقصد الآية الخامسة من سورة التوبة- هي التي يسمونها آية السيف واعتمد بعضهم أن آية السيف هي قوله تعالى: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وقال بعضهم إنها تطلق على كل منهما أو على كلتيهما ويكثر في كلام الذين كثروا الآيات المنسوخة أن أية كذا وآية كذا من آيات العفو والصفح والإعراض عن المشركين والجاهلين والمسالمة وحسن المعاملة منسوخة بآية السيف. والصواب أن ما ذكروه من هذا القبيل ليس من النسخ الأصولي في شيء. “(48)

وينبغي أن تفهم الآية في سياقها فسورة التوبة مليئة بالاستثناءات لبعض المشركين، وهي استثناءاتٌ جاءت في الآيات الواردة قبل آية السيف وبعدها ومنها قوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ وقوله وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ وقوله إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.

وقد سبق الكلام عن أن المراد بالمشركين فيها مشركي العرب وأنها ليست عامة في كل مشرك.

أما ابن تيمية فقد أطال النفس في الكلام عن آية السيف والرد على من يقول إنها ناسخة لآيات المجادلة والمحاجة يمكن الرجوع إليه في مصدره(49)

المطلب الرابع: المقصد الشرعي من القتال والقتل في الإسلام:

ليس الجهاد في الإسلام لمجرد القتال أو تعطشاً للدماء ولا انتقاماً من الناس بل ضرورة لحفظ الأرض من الفساد، ولتحرير الأوطان والدفاع عن الدين والعرض والأرض، وصيانة حرية الفكر من تطاول المحتلين، وحماية الحق ورد المظالم، وقمع العدوان وكسر الجبابرة، وإقامة العدل والمساواة، ولعل التأمل في هذه الآيات الجامعة يشير إلى ذلك:

  1. وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (البقرة: 190- 194). فالآية واضحة في الحث على قتال من يقاتلنا وليس الاعتداء عليه. مما يدل على أن المقصد رد العدوان ومنع الفتنة عن الناس.
  2. فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (النساء: 76). والآية صريحة في أن القتال هدفه الدفاع عن المستضعفين ورد الظلم عنهم، وأن القتال لا يكون إلا لأولياء الشيطان ولا يكون إلا في سبيله سبحانه.
  3. لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الممتحنة: 8- 9). والآية فرقت بين المعادي المحارب وبين المسالم وهذا يشير بشكل واضح إلى أن الاعتداء ليس مقصداً وإن الدفاع وسيلة لردع الظالم والمجرم.

النتائج:

خلصت الدراسة إلى نتائج من أهمها:

  1. عبر القرآن الكريم بكلمة “قاتل” و”قتل” في التعبير عن العلاقة مع الغير في أكثر من 33 موطناً كلها تعبر بلفظ “قاتلوا – يقاتلون” ولم يعبر سبحانه وتعالى بلفظ: اقتلوا، إلا في خمسة مواطن وكلها تتحدث عن كافر محارب مُصر على قتال المسلمين واستئصال شأفتهم ومن خلال هذا الاستقراء يتضح أن الإسلام دين الرحمة والسِّلم. ولم يشرع القتال إلا لرد العدوان وتحرير الناس وإزالة الظلم ورفع الأذى.
  2. الخلل الحاصل في فهم الآيات المتعلقة بالعلاقة مع الغير في سورة التوبة يعود إلى حمل الآيات على العموم في كل مشرك وكتابي في أي زمان ومكان، والصواب حملها على العام المراد به الخصوص فهي واردة في مشركي العرب المحاربين والمعادين وفي قوم مخصوصين من أهل الكتاب ينزعون إلى العداء والمحاربة.
  3. الإسلام يعامل المسلم وغير المسلم في هذا الباب على السواء فلا يبيح قتل المسلم والكافر ابتداء ويجيز رد العدوان بالقتال على المسلم وغير المسلم.
  4. الإسلام يتعامل في هذه القضية بمنطق العدل فلا يعتدي على مسالم أو معاهد ولكنه في المقابل لا يقف مكتوف اليدين أمام المعتدين والظالمين بل يواجههم ويقاتلهم، لا لأنهم مخالفون في الدين بل لأنهم محاربون ومعتدون ويجب كف شرهم.

التوصيات:

  • يوصي الباحث المفكرين وطلبة الدراسات العليا بكتابة أبحاث عن: تطبيق السلم عند المسلمين واليهود والنصارى دراسة تاريخية مقارنة. ليبين عملياً من يمارس حالياً كلاماً عن السلم والإرهاب ينقضه تاريخه وواقعه.
  • يوصي الباحث أيضاً بدراسة قضايا السلم والحرب من النواحي السياسية والسيسيولوجية والنفسية.

قائمة المصادر والمراجع

  1. ابن أبي حاتم: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس، (1419هـ)، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: أسعد محمد الطيب، المملكة العربية السعودية- مكتبة نزار مصطفى الباز، ط3.
  2. ابن الجوزي: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، (1422 هـ)، زاد المسير في علم التفسير، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، بيروت- دار الكتاب العربي، ط1.
  3. ابن الجوزي: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، (1422هـ- 2001)، نواسخ القرآن، تحقيق: أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي، بيروت- شركه أبناء شريف الأنصاري، ط1.
  4. ابن القيم: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، (1415هـ- 1994)، زاد المعاد في هدي خير العباد، بيروت- مؤسسة الرسالة؛ الكويت- مكتبة المنار الإسلامية، ط27.
  5. ابن تيمية: تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحنبلي الدمشقي، (1419هـ- 1999)، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، تحقيق: علي بن حسن- عبد العزيز بن إبراهيم- حمدان بن محمد، السعودية- دار العاصمة، ط2.
  6. ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني، (1379ه)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي؛ إخراج: محب الدين الخطيب؛ تعليق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، بيروت- دار المعرفة، (د. ط).
  7. ابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الظاهري، (د. ت)، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق: أحمد محمد شاكر، تقديم: إحسان عباس، بيروت، دار الآفاق الجديدة، (د. ط).
  8. ابن عادل، أبو حفص سراج الدين عمر بن علي الحنبلي، (1419 هـ- 1998)، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، لبنان: بيروت- دار الكتب العلمية، ط1.
  9. ابن عاشور: محمد الطاهر بن محمد التونسي، (1984 ه)، التحرير والتنوير، تونس- الدار التونسية للنشر، (د. ط).
  10. ابن عبد البر: أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، (1387هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي؛ محمد عبد الكبير البكري، المغرب- وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، (د. ط).
  11. ابن عطية: أبو محمد عبد الحق بن غالب الأندلسي، (1422 هـ)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، بيروت- دار الكتب العلمية، ط1.
  12. ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي، (1419هـ)، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: محمد حسين شمس الدين بيروت- دار الكتب العلمية، ط1.
  13. أبو إسحاق: أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، (1422هـ- 2002)، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: الأستاذ نظير الساعدي، لبنان: بيروت- دار إحياء التراث العربي، ط1.
  14. أبو زهرة: محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد، (د. ت)، زهرة التفاسير، دار الفكر العربي، (د. ط).
  15. أبو منصور: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، (2001)، تهذيب اللغة، بيروت- دار إحياء التراث العربي، ط1.
  16. الألوسي: شهاب الدين محمود بن عبد الله، (1415 هـ)، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، بيروت- دار الكتب العلمية، ط1.
  17. البخاري: محمد بن إسماعيل الجعفي، (1422هـ)، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، (د. ب)- دار طوق النجاة، ط1.
  18. البغوي: أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الشافعي، (1420 هـ)، معالم التنزيل في تفسير القرآن، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، بيروت- دار إحياء التراث العربي، ط1.
  19. جلال الدين السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر، (1394هـ- 1974)، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (د. ط).
  20. دروزة: محمد عزة، (1421ه- 2000)، التفسير الحديث، القاهرة- دار إحياء الكتب العربية، ط2.
  21. رضا: محمد رشيد بن علي، (1990 )، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (د. ط).
  22. الزُّرْقاني: محمد عبد العظيم، (د. ت)، مناهل العرفان في علوم القرآن، (د. ب)- مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط3.
  23. الزمخشري: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، (1407 هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، بيروت- دار الكتاب العربي، ط3.
  24. زيد: مصطفى، (1383ه- 1963)، النسخ في القرآن الكريم، دار الفكر، (د. ط).
  25. الشاطبي: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، (1417هـ- 1997)، الموافقات، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، (د. ب)، دار ابن عفان، ط1.
  26. الشافعي: أبو عبد الله محمد بن إدريس القرشي، (1410هـ- 1990)، الأم، بيروت- دار المعرفة، (د. ط).
  27. الشافعي: أبو عبد الله محمد بن إدريس، (1410هـ- 1990)، اختلاف الحديث، بيروت- دار المعرفة، (د. ط).
  28. الشربيني: شمس الدين محمد بن الخطيب، (1419هـ- 1998)، مغني المحتاج، بيروت- دار الفكر، ط1.
  29. الشنقيطي: محمد الأمين بن محمد المختار، (1426هـ)، العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير، تحقيق: خالد بن عثمان السبت؛ إشراف: بكر بن عبد الله أبو زيد، مكة المكرمة- دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، ط2.
  30. الطبري: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، (1420هـ- 2000)، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، (د. ب)- مؤسسة الرسالة، ط1.
  31. فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن، (1420 هـ)، مفاتيح الغيب، بيروت- دار إحياء التراث العربي، ط3.
  32. القاسمي: محمد جمال الدين بن محمد سعيد، (1418 هـ)، محاسن التأويل، تحقيق: محمد باسل عيون السود، بيروت- دار الكتب العلمية، ط1.
  33. القرافي: شهاب الدين أحمد بن إدريس المالكي، (د. ت)، أنوار البروق في أنواء الفروق، (د. ب)- عالم الكتب، (د. ط).
  34. القرطبي: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، (1384هـ- 1964)، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، القاهرة- دار الكتب المصرية، ط2.

1() ابن منظور، لسان العرب 5ج/ص3527. و الأزهري، تهذيب اللغة، ج9، ص62.

2() الشربيني، مغني المحتاج، ج4/ص3.

3) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج1، ص76.

4) ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ج21، ص283.

5) الشافعي، اختلاف الحديث، ج8، ص598.

6) الزُّرْقاني، مناهل العرفان، ج2، ص178.

7)السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج3، ص77.

8) زيد، النسخ في القرآن الكريم، ج2، ص847.

9) الشاطبي، الموافقات، ج3، ص344.

10) الزُّرْقاني، مناهل العرفان؛ ج2، ص178.

11) الشافعي، الأم، ج7، ص319.

12) ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ج5، ص29.

13) ابن عاشور، التحرير والتنوير؛ ج10، ص115.

14) الشنقيطي، العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير، ج5، ص268- 269.

15) رضا، تفسير المنار؛ ج10، ص151.

16) أبو زهرة، زهرة التفاسير، ج6، ص3231.

17) دروزة، التفسير الحديث، ج9، ص349- 351.

18) المرجع السابق، ج9، ص351 وما بعدها.

19) المرجع السابق، ج9، ص354- 355.

20() ابن عاشور، التحرير والتنوير؛ ج11، ص39.

21) الزمخشري، الكشاف؛ ج2، ص313.

22() رضا، تفسير المنار؛ ج11، ص40.

23) الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج14، ص160.

24) رضا، تفسير المنار؛ ج10، ص173.

25) دروزة، التفسير الحديث؛ ج9، ص403.

26) رضا، تفسير المنار؛ ج10، ص252.

27) دروزة، التفسير الحديث؛ ج9، 404.

28) المرجع السابق، ج10، ص256.

29() دروزة، التفسير الحديث؛ ج9، ص398.

30) المرجع السابق، ج9، ص399.

31) ابن عاشور، التحرير والتنوير؛ ج10، ص187.

32) الطبري، جامع البيان؛ ج14، ص241.

33) ابن عطية، المحرر الوجيز؛ ج3، ص31.

34) ابن عاشور، التحرير والتنوير؛ ج11، ص63.

35) ابن عادل، اللباب في علوم الكتاب، ج10، ص242.

36) الطبري، جامع البيان؛ ج14، ص574.

37) دروزة، التفسير الحديث؛ ج9، ص565.

38) رضا، تفسير المنار؛ ج11، ص66.

39) القاسمي، محاسن التأويل؛ ج5، ص531.

40) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم؛ ج4، ص99.

41) ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، ج6، ص1752.

42)الثعلبي، الكشف والبيان عن تفسير القرآن، ج5، ص12.

43) ابن عطية، المحرر الوجيز؛ ج3، ص8.

44) الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج5، ص246.

45) دروزة، التفسير الحديث؛ مرجع سابق، ج9، ص349.

46() ابن الجوزي، نواسخ القرآن، ج1، ص155.

47() السيوطي، الإتقان في علوم القرآن؛ ج3، ص69.

48() رضا، تفسير المنار؛ ج10، ص150.

49) ابن تيمية، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ج1، ص218 وما بعدها.