مجلة العلوم الإسلامية

التنظيمات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية

Humanitarian organizations in the light of the Holy Quran and Sunnah

Hassan Ali Hassan Ananzeh

Feras Ali Alhamad Ananzeh

Ministry of Education || Jordan

DOI PDF

Tab title
This study aims to shed light on the humanitarian organizations in light of the growing role of civil society organizations, including constructive and destructive, in addition to dealing with its emergence and development and the role that can play on the local and international arenas in the light of the guidance of the Koran and the Sunnah. The researcher has followed the inductive fundamentalist approach through the use of verses from the Koran supported by the interpretation of the interpreters and try to drop these interpretations on the lived reality through reference to the evidence from the Koran explicit, as well as the researcher inferred the Prophet’s Sunnah, coupled with the explanations of the hadith Hadith as well as his biography In the publication of the Islamic call, the researcher reached many results, the most important of which are the different philosophers of Greece and the Greeks in their contemplation of human organizations through their freshness to society and the extent of enrichment provided by Arab and Muslim philosophers in the conceptualization. The researcher reached the legitimacy of constructive humanitarian organizations such as advocacy, liberation and humanitarian relief and awareness- raising organizations and the fight against organizations with destructive orientations that target the nation and its unity as Zionist and atheistic organizations. In contrast, the study recommended that all constructive humanitarian organizations should be encouraged. The study recommended that the role of civil society organizations should be activated in parallel with government institutions so that they are of no help to them, as explained in the conclusion of the search. Keywords: Humanitarian organizations, Holy Quran, Sunnah, Society.

التنظيمات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية

حسن علي حسن عنانزه

فراس علي الحمد عنانزه

وزارة التربية والتعليم || الأردن

Tab title
هدفت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على التنظيمات الإنسانية في ظل تنامي دور منظمات المجتمع المدني البناءة منها والهدامة، علاوة على تناول نشأتها وتطورها والدور الذي يمكن أن تلعبه على الساحتين المحلية والدولية في ضوء توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية. وقد اتبع الباحثان المنهج التأصيلي الاستقرائي من خلال الاستعانة بآيات من القرآن الكريم مدعومة بتفسير المفسرين ومحاولة إسقاط هذه التفاسير على الواقع المعاش من خلال الاستناد إلى الدليل من صريح القرآن الكريم، وكذلك قام الباحثان بالاستدلال بالسنة النبوية الشريفة المقرونة بشروح الأحاديث النبوية، وكذلك الاستدلال بسيرته صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة الإسلامية، حيث توصل الباحث إلى العديد من النتائج أهمها اختلاف الفلاسفة اليونان والإغريق بنظرتهم للتنظيمات الإنسانية من خلال نظرتهم للمجتمع ومدى الإثراء الذي قدمه فلاسفة العرب والمسلمين في وضع تصور شامل للإنسان والإنسانية كما هو موضح في البحث، وكذلك فقد توصل الباحث إلى مشروعية التنظيمات الإنسانية البناءة كالتنظيمات الدعوية والتحررية والإنسانيّة الإغاثيّة والتوعويّة ومحاربة التنظيمات ذات التوجهات الهدامة التي تستهدف الأمة ووحدة صفها كالمنظمات الصهيونية والإلحادية، وفي المقابل فقد أوصت الدراسة بوجوب تشجيع جميع التنظيمات الإنسانية البناءة بما لا يتعارض مع معتقداتنا وقيمنا الإسلامية الراسخة كما وأوصت الدراسة بوجوب تفعيل دور منظمات المجتمع المدني بالتوازي مع المؤسسات الحكومية بحيث تكون عونا لها لا ندا يجب محاربته كما هو موضح في خاتمة البحث. الكلمات المفتاحية: التنظيمات الإنسانية، القرآن الكريم، السنة النبوية، المجتمع.

مقدمة

لقد شهدت الإنسانية منذ آدم عليه السلام العديد من التحولات والتغيرات، والتي أدت بالبشرية إلى ما أدت إليه على مر المراحل والعصور، وتقلبات التاريخ إلا أنه ومن الملاحظ بل ومن الطبيعي أن نرى هذه التقلبات ما كانت ولا ستكون إلا نتاجا للتنظيم الإنساني الهادف سواء كان هذا الهدف سلبيا أم إيجابيا، ويرى أي باحث أن الإنسان وبما فطر عليه كباقي المخلوقات لا بد له من مجتمع يتعايش فيه، ويتفاعل معه بغية الوصول إلى تحقيق أهدافه وعلى رأسها الأمن الإنساني، وقد عالجت الشريعة الإسلامية التنظيم الإنساني من خلال التوجيهات القرآنية الحاثّة على الأخوّة والتعاون والتكاتف بدل التشرذم والفرقة وهذا ما نصت عليه العديد من الأحاديث النبوية الشريفة.

مشكلة الدراسة

تكمن مشكلة الدراسة في تنامي دور منظمات المجتمع المدني الهدّامة منها خصوصًا؛ وذلك نظراً للانفتاح المعلوماتي الذي عاشه ويعيشه العالم وبوتيرة متسارعة في ظل النظام العالمي الجديد المسمى بعصر العولمة أو الشوملة والذي همه الأوحد العمل على إذابة الثقافات والقيم والمعتقدات في بوتقة واحدة خدمة لمصالح الدول الاستعمارية الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من خلال تفعيل دور منظمات ذات توجهات هدامة وتنظيمات انحلالية تدميرية؛ من خلال العمل على زرع بذور الفتنة والفرقة في المجتمع المسلم والذي يعتبر المجتمع الوحيد الذي يحتكم أتباعه لتعاليم تكفل الله عز وجل بحفظها إلى يوم الدين متحرين الحلال باتباعه والحرام باجتنابه؛ فكان لزاماً اللجوء إلى ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من صريح القول وصحيح النقل، قطعي الثبوت قطعي الدلالة، في تعزيز دور جماعة المسلمين من خلال الحث على التنظيم الاجتماعي البناء.

أسئلة الدراسة

س1: كيف نشأت التنظيمات الإنسانية وتطورت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه؟

س2: ما هي أدلة مشروعية التنظيمات الإنسانية البناءة من القرآن الكريم والسنة النبوية؟

س3: كيف يمكن إسقاط الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على الواقع المعاش بتكوين تنظيمات بناءة؟

فرضيات الدراسة

من أهم الفرضيات البحثية التي تناولها الباحثان هو مدى استجابة المجتمع المسلم للتنظيم الإنساني الهادف والبنّاء وخاصة أن الأمر جاء من الأعلى إلى الأدنى بالتنظيم والترغيب فيه.

أهداف الدراسة:

تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:

  1. التعرف على التنظيم والمنظّمة ودوافع بروز التنظيم الإنساني.
  2. تحديد التّصور الذي رسمه الفلاسفة الإغريق واليونان انتهاءً بفلاسفة العرب والمسلمين للتنظيم الإنساني الهادف.
  3. بيان أثر الخطاب الديني في تكوين وإنشاء التنظيمات الإنسانية البنّاءة.
  4. توضيح أهمية التنظيمات الإنسانية في ظل الثورة المعلوماتية المتسارعة.

أهمية الدراسة

وتكمن أهمية الدراسة بما يأتي:

  1. التعرف والاطلاع على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الدّاعمة للتنظيم الإنساني.
  2. معرفة الحكم الشرعي للتنظيم ونقيضه من خلال مفهوم المخالفة فالأمر بالشيء نهي عن ضده.
  3. دور العلماء المسلمين ومن قبلهم فلاسفة الإغريق واليونان في تقعيد وتقنين التنظيم الإنساني.
  4. استعراض آراء المفسرين والمفكرين ومحاولة إسقاط النص على الواقع المعاش وخاصة في ظل ما بات يعرف بانتفاء الحدود أمام تدفق الأفكار والسلع والحد من حرية الأفراد؟

منهجية البحث:

حيث تم اتباع المنهج الاستقرائي. كما تم إتباع المنهج التأصيلي بعرض الواقع المعاش من تنظيمات إنسانية على القرآن الكريم والسنة النبوية.

حدود الدراسة

  1. حدود زمانية منحصرة في عصر النبوة بترغيب القرآن الكريم والسنة النبوية على التنظيم الإنساني الهادف.
  2. حدود مكانية بتفعيل التنظيمات الإنسانية في المجتمعات المسلمة استجابة للنص الوارد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

الدراسات السابقة:

هنالك العديد من الدراسات السابقة لعصر النبوة ولما بعده؛ حيث ألقت الضوء على الاجتماع الإنساني الفطري ومدنية الإنسان بطبعه، من خلال وصف الواقع المعاش أحيانا، والاستناد لكتب التأريخ أحيانا أخرى ومن أبرز هذه الدراسات:

  1. دراسة ابن رشد في كتابه مختصر الضروري في السياسة لأفلاطون حيث قام بالرد على أفكار افلاطون الفلسفية في علم الاجتماع الإنساني ومناداته بمدنية الإنسان بطبعه واستحالة عيشه دون الاجتماع والتعاون مع بني جنسه، حيث رد عليه ابن رشد بوجوب التعاون مع كل ما يحيط به من إنسان وحيوان وطير؛ ليلبي حاجاته الضرورية ليضمن استمرار جنسه.
  2. ابن خلدون في كتابه الشهير بالمقدمة حيث تناول الاجتماع الإنساني والتنظيمات الإنسانية منذ بدء الخليقة بالتقاء آدم بحواء، وتعاظم نسلهم إلى قبائل ودول وإن البداوة سابقة للمدنية، واتفاق الناس على وازع يحكمهم ممثلا بالقانون حتى بات مؤسساً لعلم الاجتماع الإنساني
  3. صلاح الغزال في كتابه علم الاجتماع بين النظرية والتطبيق حيث تناول فيه منظمات المجتمع المدني بالتعريف من منظور معاصر وأهمية هذه المنظّمات فيما لو قامت بمهامها الإيجابية وكذلك تناول المنظمات الهدّامة ذات الفكر المتطرف.
  4. الأحكام السلطانية للماوردي والذي قنن ونظّم فيه سياسة الدولة ومؤسساتها، مستفيدًا من تجارب الفلاسفة اليونان والإغريق في تنظيم شؤون الدولة الإنسانية بكافة صورها وأشكالها.

التعقيب على الدراسات السابقة

من خلال استعراض بعض كتب الفلاسفة والباحثين المسلمين كابن رشد والفارابي وابن خلدون وغيرهم يتضح بأن الفلاسفة المسلمين قد أثروا علم الاجتماع الإنساني من خلال تناول جميع العوامل المحيطة من نبات وحيوان ومدى تأثيرها ولزومها في بقاء الجنس البشري وكذلك وجوب التعامل مع هذا المحيط بما يتفق وروح الشرع الحنيف للسماح له بتأدية دوره الطبيعي الذي خلقه الله من أجله سواءً كان ذلك حيواناً أم نباتاً أم مياه ممثلة بالبحار والمحيطات خلافًا لما ذهب إليه الفلاسفة الإغريق من نظرتهم الطبقية للمجتمع حيث انحصر المجتمع عندهم بالتعاون فيما بين الناس دون الالتفات للمحيط المعاش.

خطة البحث: يتكون البحث من مقدمة ومبحثين وخاتمة:

  • المقدمة: اشتملت على ما تقدم ذكره
  • المبحث الأول: التنظيم (لغة واصطلاحًا، نشأته وتطوره) وفيه أربعة مطالب:
    • المطلب الأول: التنظيم لغةً.
    • المطلب الثاني: المفردات ذات الصلة.
    • المطلب الثالث: التنظيم من منظور الفلاسفة اليونان والإغريق وأخلافهم فيه.
    • المطلب الرابع: مفهوم التنظيم الإنساني المعاصر.
  • المبحث الثاني: مشروعية التنظيمات الإنسانية.، وفيه مطلبان:
    • المطلب الأول: التنظيمات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم.
    • المطلب الثاني: التنظيمات الإنسانية في ضوء السنة النبوية.
  • الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.

تقديم

إن التطور الذي شهده العالم وخاصة في منتصف العشرينيات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي وعلى كافة الصعد وخاصة المعلوماتية منها أفسح المجال أمام قيام تنظيمات إنسانية شبه وهمية يتصل أفرادها ويتواصلون، ولا يعرف أحدهم الآخر إلا عن طريق ما يسمى بالشبكة العنكبوتية، أو الانترنت عن طريق مواقع التواصل حتى باتت هذه الوسيلة الأكثر خطرًا على سلامة النظم الشمولية والمستبدة.

علاوة على ما ذكر فإن الثورة المعلوماتية قد لعبت دورًا بارزًا في نشوء وتطور الحركات الإنسانية ذات التوجهات التحررية من الأفكار الراديكالية (الرجعية)، ومنها ذات توجهات دينية وأخرى اقتصادية حتى باتت توجهات منظمات المجتمع المدني لا يمكن حصرها وذلك لمدى الاستنارة الذي طال في تأسيّه معظم شعوب العالم، وسيتناول هذا البحث مفهوم المنظّمة والمجتمع لغةً واصطلاحًا نشأة وتطورًا وتصورًا، أهدافًا وغايات.

 

المبحث الأول: التنظيم (لغةً واصطلاحًا، نشأته وتطوره)

تمهيد:

لقد شهدت الإنسانية العديد من التقلبات والتطورات والتي لعبت أكبر الأثر في تأريخ الإنسانية القديم الأصيل منه والمعاصر الحديث وكذلك المستجد كل ذلك بسبب التنظيمات الإنسانية بكافة أشكالها وصورها الإيجابية منها والسلبية البناءة منها والهدّامة إذ كان ولا زال محتمًا على الجنس البشري، التعايش في مجموعات منظمة لتلبية حاجياته الأساسية التي تضمن له دوام نسله وتطور إنجازاته بهدف إنجاح توجهاته وأهدافه التي يراها كل تنظيم من منظوره هي الصائبة.

إلا أن أبرز ما يمكن الإشارة إليه هنا أن أول تنظيم إنساني شهدته البشرية كان بالتقاء سيدنا آدم عليه السلام بحواء ليكون بذلك أول اجتماع بشري إنساني، وما نجم عن هذا الاجتماع من التناسل والتكاثر للجنس البشري كنتيجة حتمية للتزاوج؛ مما حتّم على هذا الجنس اللجوء للتنظّيم والتنّسيق فيما بين أفراد الجنس الواحد للتمكن من تلبية رغبات الجماعة ومن هنا ظهر ما يسمى بمدنية الإنسان بفطرته؛ أي لابد له من مجتمع يعيش فيه ويتعايش معه وفق وازع حاكم ممثلًا بالقانون الذي يحكم ويتحكم في حياة الأفراد والجماعات. والمتتبع للتأريخ الإنساني يرى بأن التنظيمات الإنسانية قد تطورت مع تنامي البشرية وتعاظم أعداد السكان من الأسرة إلى القبيلة وبالتالي الدولة وانتهاءً بالإمبراطوريات الشاسعة.

وما يهم البحث هنا هو مشروعية هذه التنظيمات، سواءً كانت منظّمات مجتمع محلي أم تنظيمات حكومية كالوزارات والمؤسسات والنوادي وغيرها من أشكال وتواصيف من خلال نظرة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وقبل البدء بمشروعية التنظيمات الإنسانية فإنه من الواجب التعرف إلى مفهوم التنظيم لغة واصطلاحًا علاوة على رؤية العلماء القدامى للتنظيم الإنساني والمعاصرين المختصين، ومدى ارتباطه بموضوع البحث المراد تناوله

المطلب الأول: التنظيم لغةً

    1. التنظيم لغة: من النظم والنون والظاء والميم:- أصل يدل على تأليف شيء وتأليفه ونظمت الخرز نظمًا؛ ونظمت الشعر وغيره(1).

وللتنظيم العديد من التصورات والتعاريف لدى علماء اللّغة وأهل الاختصاص من أصحاب المعاجم يمكن إيجازها بما يأتي:

  1. التنظيم من نظم ينظم تنظيمًا، والجمع أنظمًا ونظم بضم الميم والنظم الحنطة الحادرة السمينة أما بتسكين الظاء فهي للتألّيف كما سبق.
  2. الجمع: ومنها نظم اللؤلؤ إذا جمعه جمعًا حتى انتظم في خيط أو سلك واحد، وكل ما ينظم به اللؤلؤ والخرز يسمى نظامًا.
  3. الهديّ والسيرة: ومنها قول القائل ليس لأمره نظام أي ليس له هدي ولا سيرة ولا متعلق يتعلق به.

ومن الملاحظ من خلال التعريفات السابقة أن المفهوم اللغوي قد ركز على الاجتماع والتآلف لا التفرق والتشرذم لمدى أهمية التنظيم في مطابقة الوصف للمذكور أعلاه من خرز ولؤلؤ وشعر وغيره مما لا يتم إلا بالتآلف والانسجام مع غيره من بني جنسه وهو ما يعطي للباحث فائدة مفادها بأن التنظيم نقيض الفوضى والتطرف والانفلات والتشرذم (2).

المطلب الثانيالمفاهيم ذات الصلة.

هنالك العديد من المفاهيم ذات الصلة بالتنظيم والمنظمات المجتمعية الإنسانية إلا أن أبرز هذه المفاهيم صلة والتصاقا ما بات يعرف اليوم بالمجتمع المدني فما هو المجتمع وما هي المدنية؟

أولًا: المجتمع

    1. يقول صاحب المحيطوالمجتمع اسم مأخوذ من جمع يجمع جماعا والجمع جماع والجماع بضم الجيم المتفرقون، وقيل: جماع الناس أي أخلاطهم، والجموع اسم لجماعة الناس والمجمع اسم لجماعة الناس وجماع الثمر، أي: اجتماع براعمها في موضع واحد (3)

ويطلق كذلك على جماع الثرية، أي: مجتمعها.

ومن خلال ما سبق فإن لفضة الجيم والميم والعين تدل على نظام الشيء والجماع الإنابة من قبائل شتى

ثانيا: المدينة: وأمّا المدينة فهي من مدن والميم والدال والنون ليس فيها إلا مدينة إن كانت على وزن فعيلة(4)

والمدينة مفرد جمعها مدائن، ويقال: فلان مدن المدائن إذا نزلها وسكنها كما يقال مصر الأمصار، وإذا نسبت إلى مدينة الرسولصلى الله عليه وسلمقلت: مدني وإلى مدينة المنصور قلت مديني وإلى مدائن كسرى قلت مدائني وذلك تفريقا بين النسب لئلا يختلط.

ومن خلال ما تقدم من التفصيل اللغوي الوجيز، يمكن يرى الباحث بأن المدينة ما هي إلا لفظ يطلق على الأماكن والتجمعات البشرية التي تنتشر فيها السلوكيات والمعاملات السلمية بعيدًا عن الفوضى والتشرذم والانفلات على وجه العموم. ومنه سمي المجتمع مجتمعًا لاجتماع الناس فيه وتآلفهم على قانون يحكمهم وعادات وتقاليد موروثة اتفقوا عليها واحتكموا بها وإليها، وكذلك سمي يوم الجمعة بهذا الاسم لاجتماع الناس فيه كما سمي السبت سبتا من الراحة والدعة لكونه يوماً مخصصاً للراحة من عناء عمل الأسبوع.

المطلب الثالث: التنظيم من منظور الفلاسفة اليونان والمسلمين واختلافهم فيه.

إن من أبرز الفلاسفة المسلمين الذين عاشوا وتعايشوا مع فكرة المجتمع نشأة وتكوينا وتنظيما هم الفارابي وابن رشد وعميد علم الاجتماع الإنساني ابن خلدون، الذي قنن وقعّد هذا العلم حتى بات المؤسس الأول له وبلا منازع فإذا أطلق علم الاجتماع عند أهل الاختصاص انصرف الذهن وبلا أدنى تردد إلى ابن خلدون رحمه الله؛ لما قدمه للبشر والبشرية من علم وآراء وتصورات لما يجب أن يكون عليه المجتمع الإنساني وشروط ديمومته واستمراريته مع عدم إغفاله لكل ما يحيط بالإنسان من نبات وحيوان وسماء وماء؛ لما لها من دور فعّال في ديمومة تنظيم الجنس البشري على شكل تجمعات ممثلة بالأسرة النواة والممتدة وصولا إلى القبيلة ومن ثم الدولة(5). وقد عبر عن ذلك ابن رشد بقوله: (وليس يحتاج إلى هذا التعاون في الكمالات الإنسانية وحدها بل أيضا في الأمور التي يشترك فيها معه الحيوان نحوا من الاشتراك، للحصول على الغذاء، واتخاذ المسكن وارتداء اللباس)(6).

ومن خلال ما تقدم نرى بأن الفلاسفة المسلمين حاولوا ونجحوا في وضع تصور كامل المعالم حول ما يسمى بالتنظيمات الإنسانية لضمان ديمومتها ونجاحها وهذه الديمومة تستعدي أن تكون للتنظيمات البناءة لا الهدامة.

وختاما لهذا المطلب الموجز فمن باب الأولى الاحتجاج بما نص عليه ابن خلدون بقوله4 (الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر الحكماء عن ذلك بقولهم الإنسان مدني بالطبع، أي: لا بد له من الاجتماع والذي هو المدنية في اصطلاحهم وهو معنى العمران وبيان أن الله عز وجل خلق الإنسان وركبّه على صورة لا يصح بقاؤها ودوامها إلا بالغذاء وهداه إلى التماسه بفطرته، و بما ركب فيه القدرة على تحصيله، إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجاته فلا بد من التعاون والاجتماع). (7) وهذا تعبير صريح عما يجب أن تكون عليه التنظيمات الإنسانية مع مراعاة قواعد الشرع صراحة أحيانا وضمناً أحياناً أخرى وذلك لأن تصور الفلاسفة العرب والمسلمين للتنظيمات الإنسانية ما كان إلا ردا على تصورات الفلاسفة الإغريق واليونان الوثنيّ الدين والمعتقد أمثال افلاطون حيث انطلق أفلاطون في تصوره للمجتمع من قالب سياسي إذ نجد المعاني المختلفة والأمور التي يوليها الناس اهتمامهم للعدل والعدالة وفقاً للواقع المعاش آنذاك فالمجتمع عند أفلاطون ينقسم على اساس طبقي أعلاه طبقة الملوك والفلاسفة و أدناه طبقة الفلاحين والعبيد ويتضح ذلك من خلال مناظراته مع الفلاسفة اليونان أمثال(إقريطن) وأرسطو وإقليدس كما ويتضح ذلك جليا في كتابه الجمهورية الفاضلة. إلا أن أول ما يسجل لأفلاطون هو وصفه للإنسان بالمدنية بالطبع، أي: أن الإنسان لن يبلغ درجة الكمال، والرقي في الفضيلة من غير أن يعاونه في ذلك أناس آخرون ولكن هذا التعاون يعتبر واجب طبقي على العبيد، والعوام من الفلاحين والعمال للسادة والفلاسفة والملوك(8).إلا أن ما جاء به أرسطو مغاير مغايرة تامة عمّا جاء به تلميذه أفلاطون حيث نص على أن المجتمع المدني (9)مجموعة بشرية متكاملة لها هدف معين، هو تحقيق السعادة الدنيوية للبشرية والتفاهم بين أفرادها“. حيث نظر إلى تخصيص العدالة بالجنس البشري من منظور أناني متجاهلا كل ما خلقه الله عز وجل وسخّره خدمة للإنسان كتكريم إلّهي مقرون بالعدالة من خلال الاستفادة مما سخّر المولى عز وجل من غير ضرر ولا ضرار.

المطلب الرابع: تعريف التنظيم الإنساني المعاصر.

اختلف المعاصرون من أهل الاختصاص في وضع تصور وتعريف محدد المعالم واضح الأهداف للتنظيمات الإنسانية وذلك بسبب اختلاف توجهاتهم واتجاهاتهم وخاصة في ضل انتشار الأفكار الشيوعية والرأسمالية والمختلطة وتنامي الفكر الاسلامي الذي بدوره شهد اختلافا ايضا نضرا لانتشار الأفكار وتعدد التنظيمات الإسلامية حيث بات الحليم في هذا الزمان حيران في الوصول إلى تصور واضح وتعريف واضح للتنظيمات الإنسانية يرضي الجميع ويتفق عليه الجل إذا استحال الكل.

ومن أهم التعاريف ما يمكن إيجازه بما يأتي:

    1. (نماذج معقدة من الممارسات السلوكية التي تتضمنها القواعد والضوابط الخلقية والقيمية التي يعترف بها المجتمع، وجاءت نتيجة لصلاحيتها، وفعاليتها في تمشية أمور المجتمع)(10).
    2. (نسق اجتماعي يجتمع على عدد كاف من العادات الاجتماعية النظامية لأفراد وجماعات وتنظيمات ويستهدف اشباع الحاجات من خلال تكوين علاقات دور متبادلة لتشمل بناء النسق الكلي)(11).

ومن خلال ما تقدم من تعاريف يمكن القول إن لكل فرد من أفراد المجتمع دوراً يؤديه بما لا يخالف القوانين والأعراف السائدة خدمة للنسق الاجتماعي الذي يعيش ويتعايش معه؛ بغية تحقيق الهدف الجماعي المنشود من الأمن بكافة صوره وأشكاله ابتداءً بالأمن الشخصي وانتهاءً بالأمن المجتمعي الشامل الذي يضم في ثناياه الأمن الغذائي والمائي والاقتصادي والعسكري للحفاظ على ديمومة الجماعة وتطورها.

وختاما يمكن القول بأن التنظيمات الإنسانية ما هي إلا مبادرات فردية تهدف إلى تحقيق فائدة جماعية وخير مثال معاش الفكر الماركسي الشيوعي على ظلاله وتطرفه الذي نادى به كارول ماركس واعتنقته العديد من الدول والكيانات اعتقادًا من هذه التنظيمات بصحته دون غيره من الأفكار كالرأسمالية والنظام الاقتصادي المختلط والنظم الدينية المعتنقة عندهم وعند غيرهم كالإسلام خاتم الديانات السماوية وأكمله

المبحث الثاني: مشروعية التنظيمات الإنسانية.

المطلب الأول: التنظيمات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم.

إن المتتبع للآيات القرآنية يرى أن الخطاب القرآني قد جاء موجها في الغالب للجماعة لا للفرد وإن كان الخطاب في بعض الآيات القرآنية قد تم توجيهه للفرد، إلا أن المراد به جماعة المسلمين وقد سبق أن ذكرت أن التنظيم الإنساني لابد له من الاجتماع فلا يسمى المجتمع مجتمعًا إلا بالتلاقي والتوافق على نسق معين، يحكم شؤون الجماعة وتوجهاتها ابتداءً بالأسرة والتي هي نواة التنظيمات الإنسانية والذي يطلق عليه علماء التربية وعلماء الاجتماع بالمجتمع الأسري وانتهاءً بالدولة فالعالم بأسره وهو ما يطلق عليه بالمجتمع الدولي.

ومن خلال البحث والاستقصاء نرى بأن الشريعة الإسلامية قد راعت التنظيمات الإنسانية ذات الشخصية الاعتبارية كالوقف والشركة وبيت مال المسلمين حيث أولى القرآن الكريم لهذه المكونات والتي هي عبارة عن تنظيمات إنسانية كل العناية وذلك لما تلعبه مثل هذه التنظيمات في تسيير حياة الفرد والمجتمع الإسلامي بكافة أطيافه ومكوناته بهدف الوصول إلى ما هو منشود ممثلًا بالأمن الفردي أصالة والجماعي تبعًا.

لقد أولى الفقهاء المسلمون العناية الفائقة في تفسير النصوص القرآنية وإسقاطها على الواقع المعاش نظراً لما تتسم به الشريعة الإسلامية ممثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية وغيرها من مصادر التشريع الإسلامي من مرونة وصلاحية لكل زمان ومكان حيث استدل الفقهاء المسلمون بالآيات القرآنية على مشروعية الوقف، والشركة، وبيت المال، وما تؤديه من دور فعال في التكافل الاجتماعي في الوسط المسلم (12) كالموصلي والسرخسي وابن عابدين في كتبهم ومؤلفاتهم والتي كان القرآن الكريم ولا يزال حجة لهم لا عليهم والمصدر الأول والأقوى في ترتيب مصادر التشريع الإسلامي.

الأدلة من القرآن الكريم.

    1. قوله تعالى: “ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (المجادلة: 22)

ومن خلال الآية القرآنية نرى بأن الله عز وجل قد اختتمها بصيغة الجمع لا المفرد بقوله (المفلحون) والمقصود بحزب الله هم شيعة الله ومناصريه وهم من اتصفوا بالولاء المطلق والإيمان الراسخ والمعتقد السليم بإتيان أوامره و الانتهاء عن نواهيه عز وجل(13) حيث وصفهم بالفلاح، ومن الفلاح كل تنظيم مبني على تقوى الله عز وجل والإيمان برسالة السماء من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ لا يمكن أن يتم هذا الفلاح دون تنظيم إنساني ممنهج وخاصة أن الرسالة المحمدية إنما جاءت في مجتمع تعقدت توجهاته، باختلاف قبائله ومكوناته وتنافرت أهدافه بتعدد الولاءات وكثرة المعتقدات. وما قيل آنفا عن النصرة لله ولرسوله يمكن إسقاطه على الواقع المعاش من تنظيمات إنسانية بناءة كالتنظيمات المعنية بمكافحة الفساد ومكافحة العنوسة، ومنظمات الإغاثة الأهلية منها والحكومية والدولية فكلها ذات أهداف سامية ما هي إلا صورة من صور التحزب لله بدرء المفاسد وجلب المنافع لكونها مفاتيح خير مغاليق شر.

    1. قوله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً” (آل عمران: 103)

ويستفاد من النص القرآني وجوب الاحتكام لأوامر الله عز وجل من خلال إتيان ما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر حيث ذهب بعض المفسرين ومنهم ابن مسعود رضي الله عنه بأن المقصود بحبل الله هو الجماعة حيث قال رضي الله عنه في إحدى خطبه (أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي أمر)(14).

والملاحظ أن الخطاب قد جاء بصيغة الأمر والأمر للوجوب ما لم توجد قرينة تصرفه عن الوجوب إلى غيره والقرينة هنا معدومة؛ حيث أمر الله عز وجل بوجوب التآلف والتكاتف وبمفهوم المخالفة، فهذا يعني نهياً صريحاً وتشنيعاً قبيحاً عن التشرذم والتفكك والانفلات وكل ما سبق لا يتم إلا من خلال التنظيم الإنساني الإسلامي الهادف ولكن نظرًا لتباعد الدول الإسلامية عن بعضها البعض وتعدد نظمها ودساتيرها فمن باب الاستحالة أن يجتمع المسلمون على جغرافية واحدة موحدة، لتكون التنظيمات الإنسانية الإسلامية البديل الأمثل كالمنظمات الإغاثية والدعوية ومنظمات العمل التطوعي مستعينة بالمجتمع المحلي بكافة أطيافه ومكوناته كالعشائر والقبائل.

    1. قوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ” (الحجرات: 12).

والملاحظ من صريح النص أن الله عز وجل قد خلق الناس شعوبا وقبائل والشعوب من شعب أي أخلاط الناس والقبائل أي أن كل واحد من أفراد هذا التنظيم الإنساني الذي تجمعه رابطة الدم يلتقي بالآخر، وقيل في القبائل إنها تعني بطون الناس وأخلاطهم ولا مشاحة في الاصطلاح وقوله تعالى (لتعارفوا) الّلام هنا جاءت للتّعليل أي لكي يعرف بعضكم بعضًا ولا يتم التّعارف إلا بتنسيق محكم منظّم ليؤدي الغاية المنشودة منه وهو تحقيق الأمن الجماعي بكافة أشكاله وصوره(15). وما يؤيد ذلك ما نص عليه صاحب معجم مقاييس اللغة بقوله (والتعارف هو العلة المشتملة على الحكمة، ونص على أن الشعب أصلان مختلفان، أحدهما يدل على الافتراق، والآخر على الاجتماع، وسميت القبيلة بذلك لإقبال كل واحدة منها على الأخرى ومنها قبائل العرب، وقبيل القوم عريفهم، لأنه يقبل إليهم ويتعرف أمورهم وأصلها قبل أي مواجهة الشيء بالشيء (16).

ونظراً لتبدل دور القبيلة وتطوره من حالة الترحال والتنقل تشكلت المدن والتي تعني القطون والاستقرار لينجم عن هذه التجمعات الضخمة منظّمات وتنظيمات اجتماعية إنسانية همها الأول والأخير توزيع الأعباء؛ من خلال اختصاص كل تنظيم بدور يقوم به فظهرت منظّمات المجتمع المدني والتي يتفق أفرادها على أهداف وغايات هي سامية لا يشترط بين أفرادها رابطة القرابة والمصاهرة والنسب كالمنظّمات الحقوقية والتطوعية النسوية منها والذكوريّة وغيرها من التنظيمات.

    1. قوله تعالى وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ” (التوبة: 107).

ومن خلال مفهوم المخالفة يتضح بأن الله عز وجل إذا نهى عن أمر إنما أوجب نقيضه وهذا نهي صريح وتشنيع قبيح وإخراج من الملّة لكل من انتسب لمثل هذه التنظيمات الهدامة وإن كان ظاهرها الخير إلا أن العداء والشر باطنها ود يدنها، لأن المقصود من بناء مسجد الضرار كما هو معلوم مضرة المؤمنين ممن يرتادون مسجد قباء واتخاذ هذا المسجد وكرًا للغدر والخيانة والتآمر على الإسلام وأهله علاوة على محاولة تفريق صفوف المسلمين بتشتيت شملهم وتفريق جمعهم من خلال بناء(17) مسجدين.

وما يمكن القول فيه عن مسجد الضرار يقال عن كل تنظيم إنساني هدّام كالمنظّمة العالمية الماسونية والمعتنقين للفكر الشيوعي الإلحادي والجماعات الإسلامية ذات التوجّهات المتطرفة والتي هي بعيدة عن الإسلام بعد المنافقين عن الإيمان لكونهم مجيّرين مأجورين من جهات صهيونية وأخرى صليبية متطرّفة.

ومن خلال ما تم استعراضه من بعض الأدلة لا كلها من القرآن الكريم يرى الباحث وجوب تشجيع التنظّيمات الإنسانية الهادفة والبنّاءة امتثالا لأوامره عز وجل بالتآلف والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم لقوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ” (آل عمران: آية 110) وفي هذه الآية الكريمة قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ” من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرطها (18). وشروط الخيرية لهذه الأمة كما ذكرها القرآن الكريم هيالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله حق إيمانهوفي المقابل العمل الجاد والدؤوب على محاربة التنظيمات الهدّامة وخاصة تلك التي همها إشاعة الفاحشة والفسق والفجور؛ بتشجيع المُضلات الاجتماعية وترويجها كالمخدرات والمسكرات والمفتّرات لسلب الشّباب المسلم هويتهم المتمثلة في العقيدة السليمة وصهرها في بوتقة الحداثة البغيضة، وخاصة في ظل انتشار الإنترنت والأقمار الصناعية وقدرتها على اختراق البيوت ومن ثم التأثير على الفكر والتوجه والاتجاه.

المطلب الثاني: التنظيمات الإنسانية في ضوء السنة النبوية

حثت السنة النبوية المطهرة من خلال أفعاله وأقواله صلى الله عليه وسلم على كل ما فيه خير للبشرية مسلمين كانوا أم غير مسلمين وقد رافق هذا الحث المقرون بفعله صلى الله عليه وسلم التنظيم والتنسيق الإنساني البّناء والذي كان ولا زال هدفه السعادة للمؤمنين خصوصا في الدّارين الدنيا والآخرة ويتضح ذلك من خلال ما يأتي من أدلة هي على سبيل المثال لا الحصر.

  1. اتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم مركزًا للدعوة ومنطلقا لنشر الدين الإسلامي وذلك في السنة الثالثة من البعثة بتخفي أصحابه رضي الله عنهم أجمعين من أذى قريش فيها والتنسيق فيما بينهم في كيفية تعلم الدين الجديد ووسائل نشره من خلال الدعوة السرية، وذلك نظرًاً لقلة عددهم وخشيتهم من عناد وصناديد كفّار قريش وهذا ما حدث بعد أمره عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة(19)، وهذا حال جميع التنظيمات الإنسانية البنّاءة وخاصة تلك التي تحمل أفكارًا مناهضة للنظم الاستبدادية التسلّطية كالتنظيمات الحقوقية وتنظيمات مكافحة الفساد، والرشوة ومكافحة الفقر والبطالة في ظل سيطرة فئة قليلة على مقدرات الشعوب وأقواتهم.
  2. بيعة العقبة الأولى والثانية في السنة الثانية والثالثة عشرة من البعثة حيث (” لقي رهطا من الخزرج فدعاهم إلى الإسلام فأجابوه من فورهم وصدقوه وانصرفوا راجعين إلى بلادهم ولما قدموا المدينة وكانت تسمى يثرب أخذوا ينشرون الإسلام حسب ما سمعوه من الرسول صلى الله عليه وسلم حتى انتشر الإسلام في المدينة وفي العام الذي تلاه، التقى من الأنصار اثني عشر رجلا لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منطقة العقبة وبايعوه على الإسلام وعدم الإشراك بالله وإن لا يسرقوا، وإن لا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم من إملاق……)(20).

ومن الملاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يلتق بأهل المدينة كلهم وإنما التقى بالوكلاء والنقباء وهذا يقودنا إلى مشروعية الوكالة إذ من المعلوم أن الوكالة ما هي إلا إنابة الغير عن النفس في تصرف جائز معلوم والملاحظ كذلك وهنا موضع الشاهد أن من التقى بهم الرسول ما هم إلا تنظيم إنساني لنشر الدعوة الإسلامية اجتماعي التكوين، يمثلون أقوامهم وأهاليهم مُلزمين أنفسهم بنشر الإسلام في المدينة المنورة، وهذا ما حدث لاحقا للبيعة وما تبعه من دخول قبيلتي الأوس والخزرج في الإسلام، وما القبائل في جميع الأزمان إلا كيانات وتنظيمات بشرية تحتكم لوازع يتفق عليه الجميع ويرتضي به والمتمثل بالقانون كما عبر عن ذلك ابن خلدون(21).

ومن خلال ما تقدم نلحظ بأن التنظيمات الإنسانية في المدينة المنورة على إثر بيعتي العقبة الأولى والثانية قد مثلت منظّمات المجتمع المدني بأبهى صورها وأشكالها؛ لما اتسم به أهل المدينة من المصداقية في مطابقة القول للعمل بوفائهم لما عاهدوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمفهوم المخالفة فإنه يحرم إنشاء تنظيمات إنسانية أهدافها براقة في الظاهر هدّامة في الباطن وخاصة في ظل تنامي الفكر المتطرف مع تنامي الثورة المعلوماتية الغير مسبوقة والتي يعيشها العالم الآن وبوتيرة متسارعة.

  1. ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ(22).

ومن منطوق الحديث الشريف نرى بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على التكافل الاجتماعي وكل ما فيه نفع للمسلم ولو بشكل فردي تطوعي؛ وذلك تعبيرًا عن مدى العناية الإلهية بالإنسان المسلم، فإذا صح البدن تمكن من القيام بواجباته الدينية من صلاة وصيام وحج وغيرها وفي المقابل فإن حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على فعل الخير فرادى فمن باب أولى أن يكون هذا الفعل وفق تنظيمات إنسانية منسجمة فيما بينها متفقة على مبادئ وأهداف بنّاءة كالتنظيمات الإغاثيّة والحقوقيّة والتطوعيّة الخدمية كالتي تعنى بالبيئة ومكافحة المُضلات الاجتماعية كالتدخين والمخدرات والمسكرات لما تفرزه من ضرر على الفرد والمجتمع على حد سواء.

  1. عن أنس بن مالك رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا (23).

ومن صريح النص يفهم النهي عن التباغض والتحاسد وغيرها من أمراض القلوب والأمراض الاجتماعية المنتشرة بين الناس إذ إن النهي للتحريم والتحريم لا يأتي إلا على جهة الاستعلاء أي من الأعلى للأدنى وذلك لما تفرزه هذه الأمراض من تنامي للكراهية داخل المجتمع المسلم والذي لا يمكن أن يؤدي دوره الريادي الإنساني في ظل تنامي مثل: هذه الأمراض فكان لزاما تشكيل تنظيمات إنسانيه صميم الشريعة الإسلامية وروحها السمحة، ممثلة بالتنظيمات الدعويّة الإسلاميّة والمنظّمات التوعويّة الهادفة علاوة على إعمال دور العشيرة والقبيلة والتنظيمات الأهليّة الأخرى للحد من الانعكاسات السلبيّة والتي ورد النهي عنها في صريح الحديث عن الفرد والمجتمع والنهي عن الشيء هو أمر بضده، ويتضح ذلك من أمره وحثه صلى الله عليه وسلم على التراحم والتآلف والتعاون فيما بين أفراد المجتمع المسلم وهذا ما جاءت به دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في مجتمع كان يأكل القوي فيه الضعيف علاوة على الفوضى العارمة التي كان يعيشها العرب قبل الإسلام من تباغض وتناحر وتقتيل وتهجير بين القبائل العربية.

والناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة ولهذا قيل إن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الظالمة ولو كانت مؤمنة(24). والمؤمنون بالعدل أولى وبالتنظيم أجدر.

الخاتمة

الخلاصة:

وخلصت هذه الدراسة إلى مشروعية التنظيمات الانسانية البناءة والترغيب بها من خلال ما تم الاستدلال به من نصوص قرآنية مدعومة بنصوص من الحديث الشريف لما للتنظيم الإنساني من أهمية في حياة الفرد والمجتمع المسلم.

النتائج:

  1. اختلف الفلاسفة اليونان والإغريق في وضع تصور واضح المعالم للتنظيم والمنظمات الإنسانية وذلك لما أفرزه الواقع الطبقي المعاش من تأثير على رؤية وتصور الفلاسفة للتنظيم والمنظمة ومن ثم المجتمع الإنساني ككل.
  2. من منظور فلسفي إسلامي نرى بأن الفلاسفة المسلمين مثل ابن رشد والفارابي وابن خلدون قد وضعوا تصورًا أكثر شمولًا وأكثر عمقا للتنظيم الإنساني ومقومات بقائه من وجوب التعاون والتعامل مع كل ما يحيط بالإنسان المدني بطبعه لضمان استمرارية نوعه وإشباع رغباته.
  3. أولت الشريعة الإسلامية العناية الإلهية للتنظيم الإنساني من خلال ما اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم من خطوات هي في الأصل توجيهات ربانية ابتداءً بالدعوة السرية بدعوة آل بيته والمقربين إليه واتخاذه صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ابن أبي الأرقم منبعا لنشر تعاليم الدين الجديد.
  4. عنايته صلى الله عليه وسلم بتنظيم علاقات المسلمين فيما بينهم سواءً قبل الهجرة أم بعدها من خلال بث روح التآخي والمساواة وما قام به بعد الهجرة من المؤاخاة بين الأوس والخزرج خير دليل على تنظيم شؤون المسلمين.
  5. تنظيمه صلى الله عليه وسلم علاقات المسلمين بغيرهم من اليهود ممن كانوا يسكنون المدينة المنورة من خلال ما عرف بالوثيقة حيث نصت على مساواة اليهود بالمسلمين من حيث الحقوق والواجبات وما تضمنته الوثيقة من وجوب الدفاع المشترك في حال الشدائد.
  6. توسع المفسرون وعلماء الفقه الإسلامي والحديث الشريف بسرد العديد من الأدلة سواء كانت من المنقول أم المعقول في الحث على كل تنظيم إسلامي بناء لهو دليل واضح على مشروعية التنظيمات الإسلامية البناءة وبمفهوم المخالفة فهذه الأدلة معارضة بصحيح القرآن الكريم وصريح السنة لكل تنظيم إنساني هدام في الوسط الإنساني.

التوصيات:

    1. العمل على تفعيل دور التنظيمات الإنسانية كمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية المتخصصة والهيئات الإنسانة المعنية بشؤون الفرد وقضايا المجتمع وفق أسس وقواعد الشريعة الإسلامية.
    2. تشجيع عمل التنظيمات الإنسانية الهادفة بدعمها من المجتمع المحلي والعمل على أن تكون العلاقة بينها وبين النظم الحاكمة مبنية على التعاون لا الندية والعداء.
    3. محاربة كافة التنظيمات الإنسانية الهدامة ومقاطعتها بعدم الاعتراف بها برفض توجهاتها وأهدافها وخاصة تلك التي تتلقى دعما غير محدود من جهات همها الإسلام وأهله ومن مفهوم المخالفة فإنه من الواجب على الأمة الإسلامية دعم كافة التنظيمات الإنسانية التي تقوم بواجب نيابة عن الأمة كالحركات التحررية الإسلامية.

المصادر والمراجع

  1. ابن الجوزي، جمال الدين أبي الفرج، (المتوفى/ 597 هـ)، ط1، 1984م، نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  2. ابن القيم، شمس الدين أبن قيم الجوزية، 1428 هـ، عون المعبود، مجمع الفقه الإسلامية، جدة.
  3. ابن خلدون، عبد الرحمن، 1988م، المقدمة، ط1، دار الفكر، بيروت.
  4. ابن خلدون، عبد الرحمن، 2000م، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر والعجم، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت.
  5. ابن سيده، علي بن اسماعيل، 2000م، المحكم والمحيط الأعظم. دار الكتب العلمية، بيروت.
  6. ابن سيده، علي بن اسماعيل، 2000م، المحكم والمحيط الأعظم، دار الكتب العلمية، بيروت.
  7. ابن عابدين، محمد أمين، 2000م، حاشية ابن عابدين، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت.
  8. ابن عبد البر، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي، 1412هـ، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ط2، مؤسسة قرطبة، الرياض.
  9. ابن فارس، أحمد بن فارس، 1949م، معجم مقاييس اللغة، ط 1، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي، القاهرة.
  10. أزهري، محمد بن أحمد الهروي، 1964م، تهذيب اللغة، الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة.
  11. البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، (المتوفى/ 256 هـ)، 1987م، الجامع الصحيح، ط1، د ت.
  12. بدوي، عبد الرحمن، 1964م، الاصول اليونانية للنظريات السياسية في الاسلام، ط1، مكتبة دار النهضة المصرية، القاهرة.
  13. البغوي، حسين بن مسعود، 1983م، شرح السنة، ط1، المكتب الإسلامي، بيروت.
  14. البقاعي، برهان الدين أبي الحسن، 1995م، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت.
  15. جابر، سامية، 2005م، علم الاجتماع، دار النهضة العربية، بيروت.
  16. الزبيدي، أبو الفيض محمد بن محمد الحسيني، 1997م، تاج العروس، ط1، القاهرة.
  17. السرخسي، محمد بن أحمد، 1986م، المبسوط، ط1، دار المعرفة، بيروت.
  18. السيوطي، جلال الدين بن أبي بكر، 2003م، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ط1، دار هجر، مصر.
  19. الشامي، محمد بن يوسف بن صالح، 1985م، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت.
  20. الطبري، محمد بن جرير، 1999م، جامع البيان، ط1، تحقيق مكتب التحقيق، بدار هجر، القاهرة.
  21. الغزال، صلاح، 1996م، علم الاجتماع بين النظرية والتطبيق، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة.
  22. الكاساني، أبو بكر بن مسعود، بدائع الصنائع، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت
  23. كرمي، أحمد عجاج، 2007م، الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ط1، دار السلام، القاهرة.
  24. محمد، سامي الشيخ، 2006م، دراسات فلسفية، ط1، دار الفكر، دمشق.
  25. المراغي، أحمد مصطفى، 1945م، تفسير المراغي، ط1، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة.
  26. مسلم بن الحجاج، د.ت، صحيح مسلم، ط1، دار الجيل، بيروت.
  27. الموصلي، عبدا لله بن محمود بن مودود، 2005م، الاختيار لتعليل المختار، دار الكتب العلمية، بيروت
  28. الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، (المتوفى/ 807هـ)، 1412هـ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ط1، باب لزوم الجماعة، دار الفكر، بيروت.

1) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 1/443، الأزهري، تهذيب اللغة، 1/313، الزبيدي، تاج العروس، 4/99، 7/34.

2) ابن سيده، المحكم والمحيط الأعظم، 1/221.

3)الزبيدي، تاج العروس، 4/99 كذلك 7/34.

4) الأزهري، تهذيب اللغة، 1/313.

5) ابن خلدون، المقدمة، ص33.

6) ابن رشد، مختصر الضروري في السياسة لأفلاطون، ص76.

7) ابن خلدون، المقدمة، ص33.

8) بدوي، أفلاطون في الإسلام، ص15

9) جهماني، ابن رشد وتلخيص منطق أرسطو، ص 13.

10)جابر، علم الاجتماع، ص235.مرجع سابق.

11) الغزال، علم الاجتماع بين النظرية والتطبيق، ص96

12) الموصلي، الاختيار لتعليل المختار، 3/43، السرخسي، المبسوط، 12/27، الكاساني، بدائع الصنائع، 5/218، ابن عابدين، حاشية ابن عابدين، 6/545.

13) السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، 2/227.

14) البغوي، شرح السنة 1/54، وانظر: ابن عبد البر، التمهيد، 21/272، والهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، 1/401، والطبري، جامع البيان، 1/437.

15) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 2/190.

16)مكي، الهداية إلى بلوغ النهاية، 11/710.

17) ابن الجوزي، نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، ص568، البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، 3/ 295، المراغي، تفسير المراغي، 11/25.

18) السيوطي، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، تفسير سورة آل عمران، 13/ 725.

19) الفاكهي، أخبار مكة، 4/15، الشامي، سبل الهدى والرشاد 2/219

20) الشامي، سبل الهدى والرشاد، 2/219، كرمي، الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ص59.

21) ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر والعجم، 2/404، الحلبي، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، 2/176، ابن عبد البر، الدرر في اختصار المغازي والسير، ص68.

22) مسلم، صحيح مسلم، 8/71، حديث رقم7028، ابن بطال، شرح صحيح البخاري 5/285، كتاب الجهاد، باب فل من حمل متاع صابه في السفر حديث رقم 740، باب رقم67، المباركفوري، تحفة الأحوذي، باب ما جاء في الستر على المسلم، حديث رقم 1345.

23) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب بدء الوحي، حديث رقم 6065، 8/23، القاضي عياض، إكمال المعلم، باب تحريم الهجر فوق ثلاث حديث رقم 30، 8/13.

24) ابن القيم، عون المعبود وحاشيته، 13/246.