معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم – قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام أنموذجاً – دراسة تحليلية

Milestones of Da’wa in the Stories of Prophets in the Light of the Holy Qur’an
– The Story of the Prophets of God Adam and Noah, peace be upon them, (Analytical Study)

Abdulrahman Qaid Abdulrahman Al- faqih

College of Humanities and Social Sciences || University of Science and Technology || Yemen

DOI PDF

Tab title
The study aimed to identify the features of the call in the stories of the prophets in the light of the Holy Qur’an i.e. the story of the Prophet of God, Adam and Noah, peace be upon them as a model. The descriptive approach was used. The study included three parts, the first part addressed the definition of the call linguistically and conventionally. The second part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Adam, peace be upon him. The third part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Noah, peace be upon him. This study concluded the flowing results (1) every messenger whose story was mentioned in the Holy Qur’an was characterized by the communication of the revelation of God, and the fact that no one was forced to enter into religion. Such important features are among the most important concepts of common teaching among all the prophets; (2) perseverance, patience and endurance in the path of call are vital in the success of the message of the prophets. Keywords: milestones, Da’wa, stories, prophets, Adam, Noh.Abstract: The study aimed to identify the features of the call in the stories of the prophets in the light of the Holy Qur’an i.e. the story of the Prophet of God, Adam and Noah, peace be upon them as a model. The descriptive approach was used. The study included three parts, the first part addressed the definition of the call linguistically and conventionally. The second part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Adam, peace be upon him. The third part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Noah, peace be upon him. This study concluded the flowing results (1) every messenger whose story was mentioned in the Holy Qur’an was characterized by the communication of the revelation of God, and the fact that no one was forced to enter into religion. Such important features are among the most important concepts of common teaching among all the prophets; (2) perseverance, patience and endurance in the path of call are vital in the success of the message of the prophets. Keywords: milestones, Da’wa, stories, prophets, Adam, Noh.

معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم
قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام أنموذجاً دراسة تحليلية

عبد الرحمن قايد عبد الرحمن الفقيه

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية || جامعة العلوم والتكنولوجيا || اليمن

Tab title
هدف البحث إلى التعرف على معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم- قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام- أنموذجاً، وقد تم استخدام المنهج الوصفي. وتضمن البحث ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة في اللغة والاصطلاح، وتناول المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام، وتضمن المبحث الثالث: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام. وختم البحث بذكر أهم النتائج ومن أبرزها: كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم اتصف بتبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين، وهذان معلمان هامان من أهم مفاهيم التربية المشتركة بين الأنبياء جميعاً. من أسس نجاح رسالة الأنبياء المثابرة في الدعوة، والصبر والتحمل في سبيلها. الكلمات المفتاحية: معالم- الدعوة- قصص- الأنبياء- آدم – نوح.

المقدمة

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً وبعد.

أنزل الله القرآن الكريم هداية ونوراً، وعلاجاً للأمراض الاجتماعية، قال تعالى (إنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)[الإسراء: 9[.، وقال جل شأنه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً) [الإسراء: 82[.

وقد تناول القرآن الكريم جانب القصص في كثير من آياته، ولم يسردها السرد التاريخي المعروف، ولا عالجها من زاوية قصصية؛ لأنه ليس كتاب قصص وروايات، ولكنه يذكر ما يقتضي المقام ذكره ألا وهو جانب العظة والاعتبار، أو ما يحمل الناس على الإيمان بالله، وسلوك الطريق المستقيم، قال تعالى موضحاً ذلك: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111[.

وذكر الله قصص الأنبياء متناثرة بين سوره وآياته، ولم يأت ذكر جميع أنبيائه المرسلين، وإنما اقتصر على خمسة وعشرين نبياً، لأن ما ذكر من قصص هؤلاء الأنبياء يمثل شواهد على قضايا أريد اثباتها للناس، ومن شأن الأمثلة والشواهد أن ينوب بعضها عن أشباهها ونظائرها.

وقد جاء هذا البحث في محاولة لخدمة الغرض الذي أراده الله من سوق قصص الأنبياء في القرآن الكريم، وهو أخذ العبر والعظات، كي تنعكس سلوكاً وواقعاً في حياة الفرد المسلم.

وتم الاقتصار على قصة نبيي الله (آدم – ونوح) عليهما السلام كي يتناسب مع المساحة المتاحة في المجلات المحكمة، وسبب اقتصار البحث على هذين النبيين صلوات الله عليهما وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، كون آدم عليه السلام أبو البشرية جمعاء، وفي قصته معالم يُقتدى بها لأخذ العبر والعظات المهمة التي يحتاجها الفرد المسلم، وأما نبي الله نوح فقد لبث في قومه مدة طويلة، والمدة الطويلة مظنة للدروس والعبر المتكاثرة التي يحتاجها الفرد والمجتمع، ويحتاجها الدعاة والمربون وأصحاب الفكر، لتكون معالم في الدعوة إلى الله.

مشكلة البحث:

الدعوة إلى الله والسير على طريق الأنبياء في الدعوة يحتاجان من الدعاة إلى الله ومن نذر نفسه لذلك إلى تتبع وتقصي المنهج القرآني وما جاء في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ولكن من خلال استقراء الواقع نلحظ انحراف البعض عن ذلك مما يسبب قدوة سيئة للغير.

ومن هنا جاء هذا البحث، لتوضح معالم الدعوة في قصص الأنبياء من خلال الإجابة على السؤال: ما المعالم الدعوية لقصة نبي الله آدم ونوح عليهما السلام في القرآن الكريم؟

أهداف البحث:

  1. التعرف على معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام.
  2. التعرف على معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام.
  3. بيان أهمية الدعوة إلى الله في ضوء القصص القرآني.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في:

  1. إبراز الجانب القصصي في ضوء آيات القرآن الكريم.
  2. الاسهام في تعريف الفرد المسلم بطريق الدعوة التي جاءت في قصص الأنبياء في القرآن الكريم.
  3. إظهار العظة والعبرة من قصص الأنبياء مما يسهم في نشر الوعي للسالكين طريق الدعوة إلى الله
  4. رفد المكتبة القرآنية بالأبحاث المتخصصة في مجال القرآن وعلومه.

الدراسات السابقة:

من الدراسات السابقة التي اطلع عليها الباحث رسالتان علميتان هما:

  1. الدراسة الأولى: معالم الدعوة في قصص الأنبياء، د.عبد الوهاب لطف الديلمي، رسالة دكتوراه، منشورة، جامعة محمد بن سعود الرياض، 1404ه.

وقد ناقش فيها الباحث معالم الدعوة في قصص الأنبياء بشكل عام وركز على أهمية الدعوة إلى الله، حيث ذكر في الباب الأول أسس الدعوة في القصص القرآني، وتحدث في الفصل الثاني عن أساليب الدعوة في القصص القرآني.

ويختلف البحث الحالي عن الدراسة السابقة في كونه أخص حيث يركز على قصة نبيا الله آدم ونوح عليهما السلام كنماذج لمعالم الدعوة في قصص الأنبياء واستخلاص العبر منها بشكل أخص.

  1. حوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم، د. عبده عبد الله محمد الحميدي، رسالة دكتوراه، منشورة، السودان، نشرتها مكتبة الرشاد، اليمن 2003م.

حيث ذكر في الفصل الأول عن منهج الحوار في القرآن الكريم، وقد فصل الكلام في الفصل الثاني عن حوار نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط عليهم السلام مع أقوامهم، وذكر في الفصل الثالث حوارات يوسف وشعيب وموسى وسليمان وعيسى عليهم السلام.

وقد ركز الباحث على جانب الحوار بينما البحث الحالي ركز على معالم الدعوة في قصص الأنبياء والحوار جزء بسيط منها، وعليه فالبحث أعم من الدراسة السابقة.

منهج البحث:

تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، كونه الأنسب للدراسات الإنسانية حيث يهتم بوصف الظاهرة قيد الدراسة من جميع جوانبها والخروج بنتائج في ضوء ذلك، وذلك من خلال تتبع الآيات الكريمات التي تحدثت عن قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام، واستخلاص المعالم الدعوية، وفق الاجراءات المتبعة في الأبحاث العلمية.

خطة البحث:

لتحقيق أهداف الدراسة فقد تم تقسيمه إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:

  • المقدمة: وتضمنت ما سبق؛ المشكلةالأهداف، الأهمية، الدراسات السابقة، منهجية البحث.
  • المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة لغة واصطلاحاً.
    • المطلب الأول: تعريف المعالم لغة واصطلاحا.
    • المطلب الثاني: تعريف الدعوة لغة واصطلاحاً.
  • المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام، وفيه ثلاثة مطالب:
    • المطلب الأول: خلق آدم ونفخ الله فيه من روحه.
    • المطلب الثاني: استخلاف آدم وذريته في الأرض.
    • المطلب الثالث: اسكان آدم الجنة واخراجه منها بسبب المعصية.
  • المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام، وفيه ثلاثة مطالب:
    • المطلب الأول: حال قوم نوح قبل إرسال نوح عليه السلام.
    • المطلب الثاني: معالم الدعوة في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه.
    • المطلب الثالث: دعوة نبي الله نوح عليه السلام على قومه بالهلاك.
  • الخاتمة: وفيها أبرز النتائج والتوصيات.

المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة لغة واصطلاحاً.

المطلب الأول: تعريف المعالم لغة واصطلاحاً

أولاً: تعريف المعالم لغة.

جاء في تهذيب اللغة أن: المَعْلَم: ما جعل علامة وعلماً للطرق والحدود؛ مثل أعلام الحرم ومعالمه المضروبة عليه، وفي الحديث: ” تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النقي ليس فيها مَعْلَم لأحد(1)، قال أبو عبيد: المَعْلَم: الأثر، وجمعه المعالم (2).

وجاء في لسان العرب أن المَعْلَم الأثر يُستَدَلُ به على الطريق وجمعه المَعالِم (3).

ويُلاحظ تقارب المعنى في كلا المعجمين، حيث دار المعنى اللغوي حول العلامة والأثر.

ثانياً: تعريف المعالم اصطلاحاً.

حسب اطلاع الباحث لم يجد تعريفاً للمعالم عند العلماء، ولعل ذلك يرجع إلى أن كلمة معالم لا يتوضح معناها إلا بإضافتها إلى كلمة أخرى كنحو معالم الدعوة.

المطلب الثاني: تعريف الدعوة لغة واصطلاحاً

أولاً: تعريف الدعوة لغة.

الدَعْوَة إلى الطعام بالفتح، يقال: كنا في دَعْوَةِ فلان ومدْعاةِ فلان، وهو في الأصل مصدر، يريدون به الدعاء إلى الطعام (4).

والدَعْوَة: الحَلِف والدعاء إلى الطعام ويضم كالمَدْعاة (5).

وجاء في المعجم الوسيط دعا بالشيء دعوا ودعوة ودعاء ودعوى طلب إحضاره يقال دعا بالكتاب والشيء إلى كذا احتاج إليه، ويقال: دعت ثيابه أخلقت واحتاج إلى أن يلبس غيرها، ويقال دعا الميت ندبه وفلاناً استعان به ورغب إليه وابتهل، ويقال دعا الله رجا منه الخير يقال دعاه إلى الأمير ويقال مدعاة إلى أن يفعل كذا، ودعوة ومدعاة طلبهم ليأكلوا عنده(6).

والداعية: الذي يدعو إلى دين أو فكرة(7).

ومن تعاريف علماء اللغة للدعوة يتضح أن المقصود بها الدعوة إلى شيء ما وطلب إحضاره.

ثانياً: تعريف الدعوة اصطلاحاً

عرفها ابن تيمية رحمه الله – بقوله:” الدعوة إلى الله: هي الدعوة إلى الإيمان به وبما جاءت به رسله بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه(8).

ويُلاحظ من تعريف ابن تيمية أنه عرَف الدعوة بنحو تعريف الإسلام والإيمان والإحسان.

وقيل: “هي تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه اياهم، وتطبيقه في واقع الحياة(9).

ولعل هذا التعريف مختصر مفيد في تعريف الدعوة إلى الله لأنه اشتمل على التبليغ والتعليم والتطبيق وهي أسس دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجميين.

ويمكن أن نعرف معالم الدعوة في الدراسة الحالية بأنها: العلامة التي نسترشد بها في طرائق الأنبياء في الدعوة إلى الله.

المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام

المطلب الأول: خلق آدم ونفخ الله فيه من روحه.

أصل خلقة آدم من تراب، والقيمة للتراب تكاد تكون منعدمة ما لم تنفخ فيه الروح التي جعلت منه بشراً سوياً يفكر ويحس، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ {71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ {72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {73} [ص: 71 – 73 [، إذن سر الخلق التي أودعها الله في آدم عليه السلام هي نفخ الله فيه من روحه، وفي هذا إرشاد دعوة للإنسان أن يرتقي بنفسه إلى معالي الأمور، لأنه نفخة من الله، وتجعل المسلم يسلك السلوك الطيب الذي يرضاه الله لعباده، وترشد الإنسان إلى مساعدة أخيه الإنسان مهما اختلفت الأجناس، وتباعدت الديار، لأنهم من أصل واحد وهو آدم عليه السلام فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى كما جاء عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: ” خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ” فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ (10).

ومن هنا لا بد على الداعية إلى الله أن يستشعر هذا الأمر ويهذب نفسه ويرتقى بها؛ لتكون مَعْلَماً مهماً له في طريق دعوته إلى الله سبحانه وتعالى.

ثم يأتي أمر الله سبحانه وتعالى للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، وتسخير الله له ولذريته ما في السموات وما في الأرض، قال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13 [؛ لأنه مخلوق كرمه الله، واستخلفه في الأرض، ونستخلص أن على الإنسان أن ينتفع بما سخر الله له في هذا الكون الفسيح، ولا يعبد إلا الله الذي خلقه وخلق ما في هذا الكون فهو انسان مكرم، ويمكن أن تكون هذه إحدى معالم الدعوة في خلق آدم عليه السلام.

المطلب الثاني: استخلاف آدم وذريته في الأرض

أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل له خليفة في الأرض فاختار الإنسان، وكان أول إنسان اختاره الله تعالى ليحقق ذلك هو نبي الله آدم عليه السلام، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 30[، فالإنسان في القرآن الكريم خليفة الله في أرضه، وقد تكررت قضية خلافته في كثير من المواضع، متضمنة: أن الله جعله سيداً مطاعاً ومكرماً” (11)، ويتضح من الآية الكريمة أن الملائكة كانت على علم بما يمكن أن يحدثه الإنسان من إفساد في الأرض، ولعلهم عرفوا ذلك، أو توقعوه، من باب فراستهم، فهم يرون مراحل تكوين آدم، ويعرفون أن أساس ذلك حفنة من تراب، لقد ربطوا بفراستهم الإيمانية الحية، وبين الإفساد وسفك الدماء، وبين العنصر الأرضي الترابي” (12)، ورد الله عليهم بما يمكن أن يكون درساً دعوياَ، فهو سبحانه يعلم ما لا يعلمون، فأرشدهم سبحانه وتعالى إلى أن الله فضله بالعلم، وميزه بسعة المعرفة، وهذا ما يمكنه أن يحد من فساد هذا المخلوق، ويمنع انحراف المجتمع، وهذه الإشارة وردت في قوله تعالى في موضع آخر: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة: 31 [، فالإنسان الذي نال حظاً من العلم يكون في الغالب أقل فساداً وأقل ضرراً من غير المتعلم؛ ولذلك قال سبحانه: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 28[، فالعلم يولد الخشية لله، وبالعلم رفع الله منزلة آدم عليه السلام، وهذه من معالم ما أرشدتنا إليه قصة نبي الله آدم عليه السلام.

ومن هنا يمكن أن نستنبط من الآيات السابقة بعض المعالم الدعوية:

  1. جعل الله الإنسان خليفته في الأرض، وسيداً مطاعاً، في دلالة على عظم هذا الإنسان إن هو التزم بتوجيهات خالقه ومن استخلفه في الأرض.
  2. تميز الإنسان بالعلم والمعرفة في دلالة واضحة لأهمية العلم وزيادة المعرفة التي توصل الإنسان إلى أعلى الدرجات في الدنيا والآخرة، ويجب استغلال كل ذلك العلم والمعرفة في عمارة الأرض وليس افسادها، فكم من أشخاص نالوا حظاً وافراً وغزيرا في جانب المعرفة لكنهم كانوا أكثر إفسادا في هذه البسيطة، ومن هنا نرشد الدعاة إلى الله وطلبة العلم من استغلال ما تعلموه في صالح إعمار الأرض حتى يطابق قولهم فعلهم ويحققوا أحد معالم الدعوة في قصص الأنبياء قولاً وفعلاً.

المطلب الثالث: اسكان الله لآدم الجنة وخروجه منها بسبب عصيانه

أمر الله آدم عليه السلام أن يسكن وزوجته الجنة، كما جاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)[البقرة: 35[، وأمر الملائكة بالسجود له، لكن إبليس أبى السجود تكبراً وتفاخراً، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[البقرة: 34[.

وقال تعالى في موضع آخر مبيناً أن سبب طرد إبليس وما نزل به من الهوان، ما هو إلا بسبب مخاصمته لنبي الله آدم عليه السلام، (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)[الأعراف: 13[.

وأراد إبليس أن ينتقم لنفسه، بسبب طرده من رحمة الله فوسوس لهما حتى خالفا أمر الله فأكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها، قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)[البقرة: 36[.

ومما تجدر الإشارة إليه في سياق حديث القرآن عن قصة آدم عليه السلام ووقوعه في المعصية بأكله وزوجته حواء من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، أن القرآن الكريم عبر عن أن كلاً منهما قد وقع في المخالفة، بقوله فأكلا منها، قال سبحانه وتعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 121[، وفي هذا دلالة على أنهما متساويان في عدم الالتزام بما نهاهما الله عنه وهذا من ناحية المسؤولية الفردية، ولكن هناك مسؤولية اجتماعية، لا يسأل عنها إلا آدم فقط، لأن وظيفة الرجل في المجتمع تقتضي منه أن يكون حارساً على الأخلاق والفضيلة، فهو يتحمل مسؤوليتين، مسؤولية فردية، وأخرى اجتماعية، ولهذا جاء إسناد العصيان له فقط دون حواء (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 122]” وقد عُني السياق هنا – في إجمال مقصود – بإبراز خطأ أدم عليه السلام، وتحميله مسئولية الخروج من الجنة، ووصفه بأنه عبد خالف ما صدر إليه من أمر، فاستحق العقاب، وأن الله – تفضلاً منه على عبد ضعيفقد ألهمه التوبة، فلما تاب أهبطه إلى الأرض، ليبدأ حياة شاقة، يعود بعدها إلى الجنة، إن هو أحسن العمل (13)، قال تعالى: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) [طه: 122[، وقال تعالى في موضع آخر: (تَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِي) [البقرة: 37[، فإن الله غفور رحيم ودوديلهم عبده المخطئ كيف يعتذر عن خطئه، فإذا أقبل معتذراً هش للقائه، وكان إليه بكل خير أسرع، لذلك لم يترك آدم يواجه عاقبة عصيانه، بل علمه كيف يرجع إلى ربه، ويتخلص من ذنبه” (14)، وفي هذا تمهيد وإرشاد ومعلم من معالم الدعوة لبني آدم للتوبة والعودة إلى الله، لأن رحمته سبحانه سبقت غضبه، ولو ترك الناس لغرائزهم لأهلكتهم خطاياهم، ولكن الله يفتح باب الإنابة والرجوع إليه، وكذلك فعل آدم عليه السلام وحواء عندما زلا؛ لذلك رددا قائلين؛ (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23[.

ومن خلال استعرض هذه الآيات الكريمات يمكن أن نستنبط بعض المعالم الدعوية منها:

  1. من دلالات إسكان آدم وزوجه الجنة ثم الأمر بالهبوط منها للأرض أن الله سبحانه وتعالى حينما أسكنهما الجنة أراد اختبارهما حيث أباح لهما الأكل من كل شيء عدا شيئاً واحدا حرمه عليهما هو الاقتراب من الشجرة التي حددها ربنا لهما ليكون درساً لبني آدم عليه السلام في التقيد بأمر الله ونهيه وتحديد المباح، مما يجعل الإنسان يتصرف فيما له حق فيه، ويبتعد عما ليس له حق فيه، وهنا تحصل السعادة للفرد والمجتمع إذا التزم الجميع بحدود الله.
  2. وتحريم الله لآدم الأكل من شجرة معينة تعليم لنا بأنه ليس كل شيء مباحاً بل يوجد حدود للإباحة، وهذا وفق سنن الحياة في المجتمعات البشرية.
  3. وجود دوافع تدفع الإنسان إلى التعدي على ما ليس له، فيخطئ في حق نفسه وإزاء الآخرين، وقد أبرزت قصة آدم عليه السلام ووسوسة الشيطان له ولزوجته ذلك وانحراف الإنسان ينبع من ثلاثة أمور: رغبة كامنة في النفس، وتأثير خارجي، وأمل يريد تحقيقه، ولا يستقيم الإنسان في سلوكه إلا إذا هذب هذه الرغبات الكامنة في النفس، وأدراك أنه لا ينبغي له أن ينساق وراء كل دعوة تدعوه إلى سلوك طريق ما، إلا إذا كان ذلك في حدود ما رسم له، وأيقن أن ليس كل ما يتمناه المرء قابلاً للتحقيق، فيحصر أمانيه في حدود الجائز(15).
  4. الكبر والاستكبار من أعظم الذنوب والموبقات التي تجعل صاحبها من أصحاب النار وبئس المصير، ولذلك جاء في الحديث القدسي: (العز إزاري، والكبرياء رداي، فمن نازعني عذبته(16).
  5. يجب الحذر من وسوسة الشيطان وطرق اغوائه، فالشيطان عدو لنا كما قال الله تعالى عنه.
  6. وكل هذه المعالم التي ذكرها الله في ثنايا القصص القرآني، لا بد أن تكون معالم في حياتنا للدعوة إلى الله نهتدي بها في حياتنا الدنيوية والأخروية.
  7. وخلاصة القول في قصة آدم عليه السلام في القرآن الكريم، أنه لم يكن القصد من وردوها السرد التاريخي، وإنما جاءت لنستلهم منها العبر والعظات والتعليم والهداية.
  8. فحوار الله مع الملائكة حول خلقه يعلمنا التسليم لما يريد لأننا لا نعلم سر إرادته، فهو المالك المتصرف في هذا الكون، ونحن بشر مخلوقون ضعفاء فقراء إليه سبحانه وتعالى.
  9. وما يخص أمر الملائكة بالسجود لآدم، يوضح لنا مكانة آدم عليه السلام وذريته في هذا الكون، ولم تكن له هذه المنزلة الرفيعة، إلا لأن الله نفخ فيه من روحه، وهنا يتطلب على الإنسان الارتقاء بهذه الروح، التي من زكاها أفلح، ومن دساها خاب وخسر.
  10. وعقاب الله لإبليس يؤكد لنا أن من يستكبر لا بد له من العقاب، مهما كنت منزلته ودرجته.
  11. وتحريم الله لآدم الأكل من شجرة معينة تعليم لنا بأنه ليس كل شيء مباحاً بل يوجد حدود للإباحة، وهذا وفق سنن الحياة في المجتمعات البشرية.
  12. ووقوع آدم في المعصية واتباع الشيطان فيه تحذير لبني آدم من ارتكاب المعاصي، واتخاذ الشيطان عدوا.
  13. هذه بعض الأهداف والمعالم التي جاء من أجلها الحديث عن آدم عليه السلام في القرآن الكريم، فقد ركز القرآن على الأساسيات وترك ما عداها من تفاصيل ثانوية، لأنها أمور عادية ليس فيها ما يلفت النظر، ولو تحدث عنها القرآن لخرج عن كونه كتاب هداية نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحصل به سعادة الدنيا والفلاح في الآخرة، وتحول إلى كتاب تاريخ.

المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام

المطلب الأول: حال قوم نوح قبل إرسال نوح عليه السلام

تحدث القرآن الكريم عن نبي الله نوح عليه السلام في ثلاثة وأربعين موضعاً في القرآن الكريم (17)، وكعادة القرآن الكريم في سرد قصص أنبيائه، لم يدخل في تفاصيل حياته بشكل تفصيلي، بل تركز هذه المواضع على إرساله لقومه ودعوتهم للتوحيد وتعنتهم وضلالهم في عبادة الأصنام والأوثان.

وقد اصطفى الله نوحاً عليه السلام من بين هؤلاء القوم الذين عبدوا الأصنام، وأنزل الله عليه وحيه، ليبلغهم وينذرهم عقاب ما هم عليه من الإشراك بالله، قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [نوح: 1- 2[.

وقد حذرهم من خطورة الإشراك بالله، واتخاذ هذه الأصنام التي ذكرها الله في كتابه الكريم والتي عبدوها من دون الله (وديسوع – يغوث – يعوقونسراً)، قال تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)[نوح: 23[، وهي كما يذكرها المفسرون أنها كانت أعلاماً لقوم صالحين، عاشوا بين آدم ونوحاً، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما مات الاتباع وأتت أجيال أخرى وسوس إليهم إبليس لعبادتهم من دون الله (18)، فما ذكره المفسرون يعتبر اجتهاداً قد يكون صواباً أو عكسه.

المطلب الثاني: معالم الدعوة في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه

عندما أرسل الله نوحاً عليه السلام إلى قومه كي يرجعوا عن ضلالهم وغيهم، تمادوا في الضلال والاستكبار والاستهزاء به وبما دعاهم إليه.

وقد صور القرآن الكريم هذا الضلال، وهذا الصد عن طريق هذا الحوار بين نوح وقومه، قال تعالى: (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ {27} قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ {28}‏ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ {29} وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ {30} وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ {31} قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {32} قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ {33} وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {34} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) [هود: 27 – 35[، وفي هذا الحوار دروس ومعالم جسدها نوح عليه السلام، فقد حاورهم حوار المحب لقومه المشفق عليهم، وأنه لا يطلب مالاً ولا جاهاً، ولا يعلم الغيب، ولا يملك الخزائن، وإنما أراد النصيحة لهم، والعودة إلى جادة الصواب.

وقد سلك نبي الله نوحاً عليه السلام مع قومه شتى الطرق، ونوع لهم في أساليب الدعوة، لعلهم يرجعون عن غيهم، فقد دعاهم سراً وعلانية، ليلاً ونهاراً، ومن ضمن الوسائل التي استخدمها نوح عليه السلام في دعوة قومه أنه أرشدهم إلى ما حولهم من النعم والتي لا يقدر على إيجادها غير الله الخالق، كالشمس والقمر والأرض التي يعيشون عليها، فلم يزدهم كل ذلك إلا فراراً مما دعاهم إليه، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً {5} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً {6} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً {7} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً {8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً {9} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً {10}‏ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً {12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً {13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً {14} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً {15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً {16} وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً {17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً {18} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً {19} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً) [نوح: 5 – 20[.

وفي دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه، واستخدامه كل هذه الوسائل والتي ذكرها الله في قصته إرشاداً للدعاة إلى الله والمربين إلى انتهاج الأساليب والطرق في دعوة الآخرين إلى دين الله وعدم اليأس أو الاستسلام، لأن المؤمن يبتغي الأجر من الله، ويحتسب كل ذلك العناء والتعب والجهد ابتغاء مرضات الله.

ويتضح من الآيات السابقة التي ذكرها الله عز وجل في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام معالم دعوية كثيرة نذكر منها:

  1. الدعوة إلى الله تحتاج صبر وحسن الحوار والقول الحسن في إيصال الدعوة إلى المخالف.
  2. يجب تنويع الأساليب الدعوية مع الآخرين حتى يكون لها الأثر الفعال في كسب قلوب الآخرين.
  3. العمل بالأسباب وعدم اليأس والقنوط مهما بلغت المصاعب والعقبات.

المطلب الثالث: دعوة نبي الله نوح عليه السلام على قومه بالهلاك

استنفذ نوح عليه السلام كل طاقته وجهده، وحرصه على قومه وهداياتهم إلى الطريق السوي، ولكنه إزاء عنادهم واستكبارهم لم يجد سبيلاً أمامه سوى أن يدعو الله عليهم بأن ينزل عليهم بأسه وعقابه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، حتى يكونوا عبرة للمعتبرين من بعدهم، ولأن تركهم بدون عقاب مع عصيانهم وتمردهم واستهزائهم سيعطي انطباعاً للأجيال القادمة من بعده بالاستهتار أكثر بدعوة الله والتمادي في سلوك الضلال، ويحذوا حذوهم ومسلكهم في الضلال والنفور والصد عن دين الله، وما شرعت العقوبات إلا لتكون وسيلة لمحاربة الفساد والمفسدين، وهذه سنة من سنن الله أن يهلك كل من تكبر وتعالى بعد الإنذار وإرسال رسله وآياته في كل الأزمنة. فكان دعاء نوح على قومه بالهلاك حتى لا يستشري الفساد في الأرض.

وقد سجل القرآن الكريم من ضمن معالم قصة نبي الله نوح أنه لم يدع عليهم إلا بعد بذل كل طاقته في الدعوة إلى الله، بعد فترة طويلة في الدعوة إلى الله امتدت ألف سنة إلا خمسين عاماً، استخدم فيها شتى الطرق: محاورات ومناقشات، وعظ وتذكير بألاء الله ونعمه، وتحذيراً من غضب الله إن هم أصروا على عبادة الأصنام، ومن هنا على الدعاة إلى الله والمربين عدم استعجال النتائج والثمرة، والصبر على من يدعوهم حتى تتحقق الغاية وتجنى الثمرة طيبة مباركة.

وبعد كل الفترة الطويلة التي مكثها نوح عليه السلام في قومه، وتنوع الأساليب في الدعوة إلى الله، وتعنت واستكبار قومه واستهزائهم به وبدعوته وما آمن معه إلا قليل، سأل نوح ربه أن يهلكهم، قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً {26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً {27} رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً)[نوح: 26 – 28[.

وهنا جاء الأمر الإلهي لنوح عليه السلام أن يصنع سفينة، قال تعالى: (يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) [هود: 37[، وفي هذا إشارة إلى أن الله سيغرقهم بالطوفان، وأيضاً في قوله (واصنع) إشارة إلى بذل السبب، وكان الله قادر على أن يهلكهم بدون صنع السفينة ويدمرهم أجمعين ولكن فيه إرشاد للمؤمنين إلى أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله.

وبعد أن فرغ من صنع السفينة جاء عذاب الله، وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[هود: 44[.

وخلاصة القول في قصة نبي الله نوح عليه السلام من خلال ما ترشدنا إليه الآيات السابقات.

وضحت هذه القصة وظيفته كرسول، وأنه مبلغ ومنذر، وليس بملزم ولا مكره أحد على قبول طاعته، وبأنه لا يطلب زعامة ولا ملكاً ولا مالاً، إنما يبتغي بذلك الأجر من الله، ومن هنا نستخلص أن معالم كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم هي تبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين.

وقد وضحت قصة نوح عليه السلام أسس نجاح رسالته وجميع رسل الله وهي بمثابة معالم للدعوة إلى الله ونذكر منها:

  1. المثابرة في تبليغ الدعوة، فالدعوة إلى الله تحتاج بذل الغالي والرخيص واستنفاذ كل الطاقات والوسائل لتبليغ دين الله إلى الناس.
  2. الصبر والتحمل في سبيل دعوة الله مهما كانت الصعوبات والمعوقات والآلام، فالعاقبة للمتقين.

وأخيراً: وعد القرآن لكريم في ثنايا قصة نوح عليه السلام من يدعون إلى الله، ويواجهون الحرب الشعواء التي سيطلقها الأعداء، والضغوط النفسية، بالنصر والتمكين، وهي سنة من سنن الله.

الخاتمة

تناول البحث معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم –قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام أنموذجاً، وتم التوصل إلى النتائج والتوصيات الآتية:

أبرز النتائج:

  1. احتلت القصة مساحة كبيرة في القرآن الكريم، وذلك لما لها من أهمية في غرس القيم والمفاهيم والعبرة والهداية والتفكير.
  2. المقصد الأساس من القصص القرآني هو العبرة والعظة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: ١١١[.
  3. معالم كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم تبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين.
  4. سر تفضيل الله لآدم عليه السلام هو نفخه فيه من روحه.
  5. اختار الله آدم عليه السلام وذريته للاستخلاف في الأرض وإعمارها، بما ميزه عن سائر مخلوقاته بالعقل والعلم.
  6. مما ترشدنا إليه قصة آدم عليه السلام أن الإنسان الذي نال حظاً من العلم يكون أقل فساداً، وأقل ضرراً من غير المتعلم.
  7. التقيد بأمر الله يورث رضوان الله، ومخالفة ذلك يورث الذل والهوان.
  8. الكبر من أعظم الذنوب وكان سبباً في طرد إبليس من رحمة الله.
  9. تنوعت أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام، بالسر والعلن، والليل والنهار، واستخدام أسلوب الحوار مع قومه.
  10. من أسس نجاح رسالة الأنبياء المثابرة في الدعوة، والصبر والتحمل في سبيل الدعوة إلى الله.
  11. الاستعجال في الدعاء على المخالف فيه مخالفة صريحة لمعالم دعوة نبي الله نوح عليه السلام.
  12. إنزال العقوبة على قوم نبي الله نوح عليه السلام إزاء عنادهم وضلالهم، هي سنة من سنن الله بالمكذبين الظالمين، وحتى تحصل العبرة لغيرهم، لأن تركهم بدون عقاب مع عصيانهم وتمردهم، يدفع من بعدهم من الأجيال القادمة على الاستهتار أكثر بالدعوة، والتمادي في سلوك الضلال.

التوصيات.

  1. يوصي الباحث وزارة التربية والتعليم بإيلاء موضوع القصص القرآني جزءاً مهماً من المنهج الدراسي لما له من انعكاس ايجابي على الفرد المسلم والمجتمع بأكمله.
  2. يوصي الباحث الدعاة إلى الله والمربين بجعل قصص الأنبياء الواردة في القرآن الكريم نبراساً في طريق الدعوة إلى الله.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم

  • إبراهيم مصطفى، أحمد الزيات، حامد عبد القادر، محمد النجار، المعجم الوسيط دار الدعوة، تحقيق: مجمع اللغة العربية.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، لسان العرب، دار صادر، بيروت (د.ت)
  • أبو العباس، أحمد عبد الحليم بن تيمية، مجموع فتاوى ابن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن محم قاسم، مكتبة ابن تيمية، ط2 (د.ت).
  • أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، (2010).
  • أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مؤسسة الرسالة، بيروت، (2006).
  • أبو عبد الله، أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني، مسند أحمد بن حنبل، تحقيق: أبو المعاطي النووي، عالم الكتب، بيروت، ط1، (1998).
  • أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1 (2001).
  • أبو نصر، إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح في اللغة، دار العلم للملايين، بيروت (د.ت)
  • البيانوني، محمد، المدخل إلى علم الدعوة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، (1995)
  • الحميدي، عبده عبد الله محمد، حوار الانبياء مع قومهم في القرآن الكريم، رسالة دكتوراه، منشورة، السودان، نشرتها مكتبة الرشاد، اليمن (2003)
  • الخالدي، صلاح، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث دار القلم، دمشق، ط1، (1998).
  • الديلمي، عبد الوهاب لطف، معالم الدعوة في القصص القرآني رسالة دكتوراه، منشورة، جامعة محمد بن سعود الرياض، 1404هـ.
  • شامه، محمد، في رحاب القرآن، ابوللو للنشر، القاهرة ط1، (1988).
  • عبد الباقي، محمد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم دار الحديث، القاهرة (2007).
  • الغزالي، محمد، المحارو الخمسة للقرآن الكريم دار الشروق، مصر (د.ت).
  • الغزالي، محمد، نظرات في القرآن الكريم، شركة نهضة مصر، القاهرة د6 (2005م.
  • الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت
  • النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. (د.ت).

1 () النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب البعث والنشور (4/ 2150)، رقم الحديث (2790).

2 () الأزهري، محمد بن أحمد بن، تهذيب اللغة، (2/254).

3 () ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، لسان العرب، (12/416).

4 () الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح في اللغة (1/206).

5 () الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط (1/ 1655).

6 () إبراهيم مصطفى وأخرون، المعجم الوسيط، (1/ 286)

710) المرجع السابق نفسه (1/287).

8 () ابن تيمية، أحمد عبد الحليم، مجموع فتاوى، (15/ 157-158).

9 () البيانوني، محمد، المدخل إلى علم الدعوة، (ص17).

10 () أبو عبد الله، أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند أحمد بن حنبل، (5/411) رقم الحديث (23536)

11 () الغزالي، محمد، نظرات في القرآن الكريم، (ص51).

12 ().الخالدي، صلاح القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، (1/99).

13 () الغزالي، محمد، المحاور الخمسة للقرآن الكريم، (ص83).

14 () في رحاب القرآن، مرجع سابق (ص87)

15 () في رحاب القرآن، مرجع سابق (165)

16 () النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكبر، (4/ 2023) برقم (2620).

17 () عبد الباقي، محمد فؤاد المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، (ص815).

18)) ينظر، الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (ج23/ 303)، وينظر، أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (ج21/261).

Milestones of Da’wa in the Stories of Prophets in the Light of the Holy Qur’an
– The Story of the Prophets of God Adam and Noah, peace be upon them, (Analytical Study)

Abdulrahman Qaid Abdulrahman Al- faqih

College of Humanities and Social Sciences || University of Science and Technology || Yemen

Abstract: The study aimed to identify the features of the call in the stories of the prophets in the light of the Holy Qur’an i.e. the story of the Prophet of God, Adam and Noah, peace be upon them as a model. The descriptive approach was used. The study included three parts, the first part addressed the definition of the call linguistically and conventionally. The second part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Adam, peace be upon him. The third part addressed the features of the call in the story of the Prophet of God, Noah, peace be upon him. This study concluded the flowing results (1) every messenger whose story was mentioned in the Holy Qur’an was characterized by the communication of the revelation of God, and the fact that no one was forced to enter into religion. Such important features are among the most important concepts of common teaching among all the prophets; (2) perseverance, patience and endurance in the path of call are vital in the success of the message of the prophets.

Keywords: milestones, Da’wa, stories, prophets, Adam, Noh.

معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم
قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام أنموذجاً دراسة تحليلية

عبد الرحمن قايد عبد الرحمن الفقيه

كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية || جامعة العلوم والتكنولوجيا || اليمن

الملخص: هدف البحث إلى التعرف على معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريمقصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلامأنموذجاً، وقد تم استخدام المنهج الوصفي. وتضمن البحث ثلاثة مباحث، تناول المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة في اللغة والاصطلاح، وتناول المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام، وتضمن المبحث الثالث: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام. وختم البحث بذكر أهم النتائج ومن أبرزها: كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم اتصف بتبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين، وهذان معلمان هامان من أهم مفاهيم التربية المشتركة بين الأنبياء جميعاً.

من أسس نجاح رسالة الأنبياء المثابرة في الدعوة، والصبر والتحمل في سبيلها.

الكلمات المفتاحية: معالمالدعوةقصصالأنبياءآدم – نوح.

المقدمة

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً وبعد.

أنزل الله القرآن الكريم هداية ونوراً، وعلاجاً للأمراض الاجتماعية، قال تعالى (إنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)[الإسراء: 9[.، وقال جل شأنه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً) [الإسراء: 82[.

وقد تناول القرآن الكريم جانب القصص في كثير من آياته، ولم يسردها السرد التاريخي المعروف، ولا عالجها من زاوية قصصية؛ لأنه ليس كتاب قصص وروايات، ولكنه يذكر ما يقتضي المقام ذكره ألا وهو جانب العظة والاعتبار، أو ما يحمل الناس على الإيمان بالله، وسلوك الطريق المستقيم، قال تعالى موضحاً ذلك: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111[.

وذكر الله قصص الأنبياء متناثرة بين سوره وآياته، ولم يأت ذكر جميع أنبيائه المرسلين، وإنما اقتصر على خمسة وعشرين نبياً، لأن ما ذكر من قصص هؤلاء الأنبياء يمثل شواهد على قضايا أريد اثباتها للناس، ومن شأن الأمثلة والشواهد أن ينوب بعضها عن أشباهها ونظائرها.

وقد جاء هذا البحث في محاولة لخدمة الغرض الذي أراده الله من سوق قصص الأنبياء في القرآن الكريم، وهو أخذ العبر والعظات، كي تنعكس سلوكاً وواقعاً في حياة الفرد المسلم.

وتم الاقتصار على قصة نبيي الله (آدم – ونوح) عليهما السلام كي يتناسب مع المساحة المتاحة في المجلات المحكمة، وسبب اقتصار البحث على هذين النبيين صلوات الله عليهما وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، كون آدم عليه السلام أبو البشرية جمعاء، وفي قصته معالم يُقتدى بها لأخذ العبر والعظات المهمة التي يحتاجها الفرد المسلم، وأما نبي الله نوح فقد لبث في قومه مدة طويلة، والمدة الطويلة مظنة للدروس والعبر المتكاثرة التي يحتاجها الفرد والمجتمع، ويحتاجها الدعاة والمربون وأصحاب الفكر، لتكون معالم في الدعوة إلى الله.

مشكلة البحث:

الدعوة إلى الله والسير على طريق الأنبياء في الدعوة يحتاجان من الدعاة إلى الله ومن نذر نفسه لذلك إلى تتبع وتقصي المنهج القرآني وما جاء في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ولكن من خلال استقراء الواقع نلحظ انحراف البعض عن ذلك مما يسبب قدوة سيئة للغير.

ومن هنا جاء هذا البحث، لتوضح معالم الدعوة في قصص الأنبياء من خلال الإجابة على السؤال: ما المعالم الدعوية لقصة نبي الله آدم ونوح عليهما السلام في القرآن الكريم؟

أهداف البحث:

  1. التعرف على معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام.
  2. التعرف على معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام.
  3. بيان أهمية الدعوة إلى الله في ضوء القصص القرآني.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في:

  1. إبراز الجانب القصصي في ضوء آيات القرآن الكريم.
  2. الاسهام في تعريف الفرد المسلم بطريق الدعوة التي جاءت في قصص الأنبياء في القرآن الكريم.
  3. إظهار العظة والعبرة من قصص الأنبياء مما يسهم في نشر الوعي للسالكين طريق الدعوة إلى الله
  4. رفد المكتبة القرآنية بالأبحاث المتخصصة في مجال القرآن وعلومه.

الدراسات السابقة:

من الدراسات السابقة التي اطلع عليها الباحث رسالتان علميتان هما:

  1. الدراسة الأولى: معالم الدعوة في قصص الأنبياء، د.عبد الوهاب لطف الديلمي، رسالة دكتوراه، منشورة، جامعة محمد بن سعود الرياض، 1404ه.

وقد ناقش فيها الباحث معالم الدعوة في قصص الأنبياء بشكل عام وركز على أهمية الدعوة إلى الله، حيث ذكر في الباب الأول أسس الدعوة في القصص القرآني، وتحدث في الفصل الثاني عن أساليب الدعوة في القصص القرآني.

ويختلف البحث الحالي عن الدراسة السابقة في كونه أخص حيث يركز على قصة نبيا الله آدم ونوح عليهما السلام كنماذج لمعالم الدعوة في قصص الأنبياء واستخلاص العبر منها بشكل أخص.

  1. حوار الأنبياء مع أقوامهم في القرآن الكريم، د. عبده عبد الله محمد الحميدي، رسالة دكتوراه، منشورة، السودان، نشرتها مكتبة الرشاد، اليمن 2003م.

حيث ذكر في الفصل الأول عن منهج الحوار في القرآن الكريم، وقد فصل الكلام في الفصل الثاني عن حوار نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط عليهم السلام مع أقوامهم، وذكر في الفصل الثالث حوارات يوسف وشعيب وموسى وسليمان وعيسى عليهم السلام.

وقد ركز الباحث على جانب الحوار بينما البحث الحالي ركز على معالم الدعوة في قصص الأنبياء والحوار جزء بسيط منها، وعليه فالبحث أعم من الدراسة السابقة.

منهج البحث:

تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، كونه الأنسب للدراسات الإنسانية حيث يهتم بوصف الظاهرة قيد الدراسة من جميع جوانبها والخروج بنتائج في ضوء ذلك، وذلك من خلال تتبع الآيات الكريمات التي تحدثت عن قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام، واستخلاص المعالم الدعوية، وفق الاجراءات المتبعة في الأبحاث العلمية.

خطة البحث:

لتحقيق أهداف الدراسة فقد تم تقسيمه إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة على النحو الآتي:

  • المقدمة: وتضمنت ما سبق؛ المشكلةالأهداف، الأهمية، الدراسات السابقة، منهجية البحث.
  • المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة لغة واصطلاحاً.
    • المطلب الأول: تعريف المعالم لغة واصطلاحا.
    • المطلب الثاني: تعريف الدعوة لغة واصطلاحاً.
  • المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام، وفيه ثلاثة مطالب:
    • المطلب الأول: خلق آدم ونفخ الله فيه من روحه.
    • المطلب الثاني: استخلاف آدم وذريته في الأرض.
    • المطلب الثالث: اسكان آدم الجنة واخراجه منها بسبب المعصية.
  • المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام، وفيه ثلاثة مطالب:
    • المطلب الأول: حال قوم نوح قبل إرسال نوح عليه السلام.
    • المطلب الثاني: معالم الدعوة في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه.
    • المطلب الثالث: دعوة نبي الله نوح عليه السلام على قومه بالهلاك.
  • الخاتمة: وفيها أبرز النتائج والتوصيات.

المبحث الأول: تعريف معالم الدعوة لغة واصطلاحاً.

المطلب الأول: تعريف المعالم لغة واصطلاحاً

أولاً: تعريف المعالم لغة.

جاء في تهذيب اللغة أن: المَعْلَم: ما جعل علامة وعلماً للطرق والحدود؛ مثل أعلام الحرم ومعالمه المضروبة عليه، وفي الحديث: ” تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النقي ليس فيها مَعْلَم لأحد(1)، قال أبو عبيد: المَعْلَم: الأثر، وجمعه المعالم (2).

وجاء في لسان العرب أن المَعْلَم الأثر يُستَدَلُ به على الطريق وجمعه المَعالِم (3).

ويُلاحظ تقارب المعنى في كلا المعجمين، حيث دار المعنى اللغوي حول العلامة والأثر.

ثانياً: تعريف المعالم اصطلاحاً.

حسب اطلاع الباحث لم يجد تعريفاً للمعالم عند العلماء، ولعل ذلك يرجع إلى أن كلمة معالم لا يتوضح معناها إلا بإضافتها إلى كلمة أخرى كنحو معالم الدعوة.

المطلب الثاني: تعريف الدعوة لغة واصطلاحاً

أولاً: تعريف الدعوة لغة.

الدَعْوَة إلى الطعام بالفتح، يقال: كنا في دَعْوَةِ فلان ومدْعاةِ فلان، وهو في الأصل مصدر، يريدون به الدعاء إلى الطعام (4).

والدَعْوَة: الحَلِف والدعاء إلى الطعام ويضم كالمَدْعاة (5).

وجاء في المعجم الوسيط دعا بالشيء دعوا ودعوة ودعاء ودعوى طلب إحضاره يقال دعا بالكتاب والشيء إلى كذا احتاج إليه، ويقال: دعت ثيابه أخلقت واحتاج إلى أن يلبس غيرها، ويقال دعا الميت ندبه وفلاناً استعان به ورغب إليه وابتهل، ويقال دعا الله رجا منه الخير يقال دعاه إلى الأمير ويقال مدعاة إلى أن يفعل كذا، ودعوة ومدعاة طلبهم ليأكلوا عنده(6).

والداعية: الذي يدعو إلى دين أو فكرة(7).

ومن تعاريف علماء اللغة للدعوة يتضح أن المقصود بها الدعوة إلى شيء ما وطلب إحضاره.

ثانياً: تعريف الدعوة اصطلاحاً

عرفها ابن تيمية رحمه الله – بقوله:” الدعوة إلى الله: هي الدعوة إلى الإيمان به وبما جاءت به رسله بتصديقهم فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه(8).

ويُلاحظ من تعريف ابن تيمية أنه عرَف الدعوة بنحو تعريف الإسلام والإيمان والإحسان.

وقيل: “هي تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه اياهم، وتطبيقه في واقع الحياة(9).

ولعل هذا التعريف مختصر مفيد في تعريف الدعوة إلى الله لأنه اشتمل على التبليغ والتعليم والتطبيق وهي أسس دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء صلوات الله عليهم أجميين.

ويمكن أن نعرف معالم الدعوة في الدراسة الحالية بأنها: العلامة التي نسترشد بها في طرائق الأنبياء في الدعوة إلى الله.

المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله آدم عليه السلام

المطلب الأول: خلق آدم ونفخ الله فيه من روحه.

أصل خلقة آدم من تراب، والقيمة للتراب تكاد تكون منعدمة ما لم تنفخ فيه الروح التي جعلت منه بشراً سوياً يفكر ويحس، قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ {71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ {72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {73} [ص: 71 – 73 [، إذن سر الخلق التي أودعها الله في آدم عليه السلام هي نفخ الله فيه من روحه، وفي هذا إرشاد دعوة للإنسان أن يرتقي بنفسه إلى معالي الأمور، لأنه نفخة من الله، وتجعل المسلم يسلك السلوك الطيب الذي يرضاه الله لعباده، وترشد الإنسان إلى مساعدة أخيه الإنسان مهما اختلفت الأجناس، وتباعدت الديار، لأنهم من أصل واحد وهو آدم عليه السلام فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى كما جاء عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: ” خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ” فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ (10).

ومن هنا لا بد على الداعية إلى الله أن يستشعر هذا الأمر ويهذب نفسه ويرتقى بها؛ لتكون مَعْلَماً مهماً له في طريق دعوته إلى الله سبحانه وتعالى.

ثم يأتي أمر الله سبحانه وتعالى للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، وتسخير الله له ولذريته ما في السموات وما في الأرض، قال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13 [؛ لأنه مخلوق كرمه الله، واستخلفه في الأرض، ونستخلص أن على الإنسان أن ينتفع بما سخر الله له في هذا الكون الفسيح، ولا يعبد إلا الله الذي خلقه وخلق ما في هذا الكون فهو انسان مكرم، ويمكن أن تكون هذه إحدى معالم الدعوة في خلق آدم عليه السلام.

المطلب الثاني: استخلاف آدم وذريته في الأرض

أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل له خليفة في الأرض فاختار الإنسان، وكان أول إنسان اختاره الله تعالى ليحقق ذلك هو نبي الله آدم عليه السلام، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 30[، فالإنسان في القرآن الكريم خليفة الله في أرضه، وقد تكررت قضية خلافته في كثير من المواضع، متضمنة: أن الله جعله سيداً مطاعاً ومكرماً” (11)، ويتضح من الآية الكريمة أن الملائكة كانت على علم بما يمكن أن يحدثه الإنسان من إفساد في الأرض، ولعلهم عرفوا ذلك، أو توقعوه، من باب فراستهم، فهم يرون مراحل تكوين آدم، ويعرفون أن أساس ذلك حفنة من تراب، لقد ربطوا بفراستهم الإيمانية الحية، وبين الإفساد وسفك الدماء، وبين العنصر الأرضي الترابي” (12)، ورد الله عليهم بما يمكن أن يكون درساً دعوياَ، فهو سبحانه يعلم ما لا يعلمون، فأرشدهم سبحانه وتعالى إلى أن الله فضله بالعلم، وميزه بسعة المعرفة، وهذا ما يمكنه أن يحد من فساد هذا المخلوق، ويمنع انحراف المجتمع، وهذه الإشارة وردت في قوله تعالى في موضع آخر: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة: 31 [، فالإنسان الذي نال حظاً من العلم يكون في الغالب أقل فساداً وأقل ضرراً من غير المتعلم؛ ولذلك قال سبحانه: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 28[، فالعلم يولد الخشية لله، وبالعلم رفع الله منزلة آدم عليه السلام، وهذه من معالم ما أرشدتنا إليه قصة نبي الله آدم عليه السلام.

ومن هنا يمكن أن نستنبط من الآيات السابقة بعض المعالم الدعوية:

  1. جعل الله الإنسان خليفته في الأرض، وسيداً مطاعاً، في دلالة على عظم هذا الإنسان إن هو التزم بتوجيهات خالقه ومن استخلفه في الأرض.
  2. تميز الإنسان بالعلم والمعرفة في دلالة واضحة لأهمية العلم وزيادة المعرفة التي توصل الإنسان إلى أعلى الدرجات في الدنيا والآخرة، ويجب استغلال كل ذلك العلم والمعرفة في عمارة الأرض وليس افسادها، فكم من أشخاص نالوا حظاً وافراً وغزيرا في جانب المعرفة لكنهم كانوا أكثر إفسادا في هذه البسيطة، ومن هنا نرشد الدعاة إلى الله وطلبة العلم من استغلال ما تعلموه في صالح إعمار الأرض حتى يطابق قولهم فعلهم ويحققوا أحد معالم الدعوة في قصص الأنبياء قولاً وفعلاً.

المطلب الثالث: اسكان الله لآدم الجنة وخروجه منها بسبب عصيانه

أمر الله آدم عليه السلام أن يسكن وزوجته الجنة، كما جاء في قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)[البقرة: 35[، وأمر الملائكة بالسجود له، لكن إبليس أبى السجود تكبراً وتفاخراً، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)[البقرة: 34[.

وقال تعالى في موضع آخر مبيناً أن سبب طرد إبليس وما نزل به من الهوان، ما هو إلا بسبب مخاصمته لنبي الله آدم عليه السلام، (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)[الأعراف: 13[.

وأراد إبليس أن ينتقم لنفسه، بسبب طرده من رحمة الله فوسوس لهما حتى خالفا أمر الله فأكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها، قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)[البقرة: 36[.

ومما تجدر الإشارة إليه في سياق حديث القرآن عن قصة آدم عليه السلام ووقوعه في المعصية بأكله وزوجته حواء من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، أن القرآن الكريم عبر عن أن كلاً منهما قد وقع في المخالفة، بقوله فأكلا منها، قال سبحانه وتعالى: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 121[، وفي هذا دلالة على أنهما متساويان في عدم الالتزام بما نهاهما الله عنه وهذا من ناحية المسؤولية الفردية، ولكن هناك مسؤولية اجتماعية، لا يسأل عنها إلا آدم فقط، لأن وظيفة الرجل في المجتمع تقتضي منه أن يكون حارساً على الأخلاق والفضيلة، فهو يتحمل مسؤوليتين، مسؤولية فردية، وأخرى اجتماعية، ولهذا جاء إسناد العصيان له فقط دون حواء (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) [طه: 122]” وقد عُني السياق هنا – في إجمال مقصود – بإبراز خطأ أدم عليه السلام، وتحميله مسئولية الخروج من الجنة، ووصفه بأنه عبد خالف ما صدر إليه من أمر، فاستحق العقاب، وأن الله – تفضلاً منه على عبد ضعيفقد ألهمه التوبة، فلما تاب أهبطه إلى الأرض، ليبدأ حياة شاقة، يعود بعدها إلى الجنة، إن هو أحسن العمل (13)، قال تعالى: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) [طه: 122[، وقال تعالى في موضع آخر: (تَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِي) [البقرة: 37[، فإن الله غفور رحيم ودوديلهم عبده المخطئ كيف يعتذر عن خطئه، فإذا أقبل معتذراً هش للقائه، وكان إليه بكل خير أسرع، لذلك لم يترك آدم يواجه عاقبة عصيانه، بل علمه كيف يرجع إلى ربه، ويتخلص من ذنبه” (14)، وفي هذا تمهيد وإرشاد ومعلم من معالم الدعوة لبني آدم للتوبة والعودة إلى الله، لأن رحمته سبحانه سبقت غضبه، ولو ترك الناس لغرائزهم لأهلكتهم خطاياهم، ولكن الله يفتح باب الإنابة والرجوع إليه، وكذلك فعل آدم عليه السلام وحواء عندما زلا؛ لذلك رددا قائلين؛ (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23[.

ومن خلال استعرض هذه الآيات الكريمات يمكن أن نستنبط بعض المعالم الدعوية منها:

  1. من دلالات إسكان آدم وزوجه الجنة ثم الأمر بالهبوط منها للأرض أن الله سبحانه وتعالى حينما أسكنهما الجنة أراد اختبارهما حيث أباح لهما الأكل من كل شيء عدا شيئاً واحدا حرمه عليهما هو الاقتراب من الشجرة التي حددها ربنا لهما ليكون درساً لبني آدم عليه السلام في التقيد بأمر الله ونهيه وتحديد المباح، مما يجعل الإنسان يتصرف فيما له حق فيه، ويبتعد عما ليس له حق فيه، وهنا تحصل السعادة للفرد والمجتمع إذا التزم الجميع بحدود الله.
  2. وتحريم الله لآدم الأكل من شجرة معينة تعليم لنا بأنه ليس كل شيء مباحاً بل يوجد حدود للإباحة، وهذا وفق سنن الحياة في المجتمعات البشرية.
  3. وجود دوافع تدفع الإنسان إلى التعدي على ما ليس له، فيخطئ في حق نفسه وإزاء الآخرين، وقد أبرزت قصة آدم عليه السلام ووسوسة الشيطان له ولزوجته ذلك وانحراف الإنسان ينبع من ثلاثة أمور: رغبة كامنة في النفس، وتأثير خارجي، وأمل يريد تحقيقه، ولا يستقيم الإنسان في سلوكه إلا إذا هذب هذه الرغبات الكامنة في النفس، وأدراك أنه لا ينبغي له أن ينساق وراء كل دعوة تدعوه إلى سلوك طريق ما، إلا إذا كان ذلك في حدود ما رسم له، وأيقن أن ليس كل ما يتمناه المرء قابلاً للتحقيق، فيحصر أمانيه في حدود الجائز(15).
  4. الكبر والاستكبار من أعظم الذنوب والموبقات التي تجعل صاحبها من أصحاب النار وبئس المصير، ولذلك جاء في الحديث القدسي: (العز إزاري، والكبرياء رداي، فمن نازعني عذبته(16).
  5. يجب الحذر من وسوسة الشيطان وطرق اغوائه، فالشيطان عدو لنا كما قال الله تعالى عنه.
  6. وكل هذه المعالم التي ذكرها الله في ثنايا القصص القرآني، لا بد أن تكون معالم في حياتنا للدعوة إلى الله نهتدي بها في حياتنا الدنيوية والأخروية.
  7. وخلاصة القول في قصة آدم عليه السلام في القرآن الكريم، أنه لم يكن القصد من وردوها السرد التاريخي، وإنما جاءت لنستلهم منها العبر والعظات والتعليم والهداية.
  8. فحوار الله مع الملائكة حول خلقه يعلمنا التسليم لما يريد لأننا لا نعلم سر إرادته، فهو المالك المتصرف في هذا الكون، ونحن بشر مخلوقون ضعفاء فقراء إليه سبحانه وتعالى.
  9. وما يخص أمر الملائكة بالسجود لآدم، يوضح لنا مكانة آدم عليه السلام وذريته في هذا الكون، ولم تكن له هذه المنزلة الرفيعة، إلا لأن الله نفخ فيه من روحه، وهنا يتطلب على الإنسان الارتقاء بهذه الروح، التي من زكاها أفلح، ومن دساها خاب وخسر.
  10. وعقاب الله لإبليس يؤكد لنا أن من يستكبر لا بد له من العقاب، مهما كنت منزلته ودرجته.
  11. وتحريم الله لآدم الأكل من شجرة معينة تعليم لنا بأنه ليس كل شيء مباحاً بل يوجد حدود للإباحة، وهذا وفق سنن الحياة في المجتمعات البشرية.
  12. ووقوع آدم في المعصية واتباع الشيطان فيه تحذير لبني آدم من ارتكاب المعاصي، واتخاذ الشيطان عدوا.
  13. هذه بعض الأهداف والمعالم التي جاء من أجلها الحديث عن آدم عليه السلام في القرآن الكريم، فقد ركز القرآن على الأساسيات وترك ما عداها من تفاصيل ثانوية، لأنها أمور عادية ليس فيها ما يلفت النظر، ولو تحدث عنها القرآن لخرج عن كونه كتاب هداية نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحصل به سعادة الدنيا والفلاح في الآخرة، وتحول إلى كتاب تاريخ.

المبحث الثاني: معالم الدعوة في قصة نبي الله نوح عليه السلام

المطلب الأول: حال قوم نوح قبل إرسال نوح عليه السلام

تحدث القرآن الكريم عن نبي الله نوح عليه السلام في ثلاثة وأربعين موضعاً في القرآن الكريم (17)، وكعادة القرآن الكريم في سرد قصص أنبيائه، لم يدخل في تفاصيل حياته بشكل تفصيلي، بل تركز هذه المواضع على إرساله لقومه ودعوتهم للتوحيد وتعنتهم وضلالهم في عبادة الأصنام والأوثان.

وقد اصطفى الله نوحاً عليه السلام من بين هؤلاء القوم الذين عبدوا الأصنام، وأنزل الله عليه وحيه، ليبلغهم وينذرهم عقاب ما هم عليه من الإشراك بالله، قال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [نوح: 1- 2[.

وقد حذرهم من خطورة الإشراك بالله، واتخاذ هذه الأصنام التي ذكرها الله في كتابه الكريم والتي عبدوها من دون الله (وديسوع – يغوث – يعوقونسراً)، قال تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)[نوح: 23[، وهي كما يذكرها المفسرون أنها كانت أعلاماً لقوم صالحين، عاشوا بين آدم ونوحاً، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما مات الاتباع وأتت أجيال أخرى وسوس إليهم إبليس لعبادتهم من دون الله (18)، فما ذكره المفسرون يعتبر اجتهاداً قد يكون صواباً أو عكسه.

المطلب الثاني: معالم الدعوة في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه

عندما أرسل الله نوحاً عليه السلام إلى قومه كي يرجعوا عن ضلالهم وغيهم، تمادوا في الضلال والاستكبار والاستهزاء به وبما دعاهم إليه.

وقد صور القرآن الكريم هذا الضلال، وهذا الصد عن طريق هذا الحوار بين نوح وقومه، قال تعالى: (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ {27} قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ {28}‏ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ {29} وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ {30} وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ {31} قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {32} قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ {33} وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {34} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) [هود: 27 – 35[، وفي هذا الحوار دروس ومعالم جسدها نوح عليه السلام، فقد حاورهم حوار المحب لقومه المشفق عليهم، وأنه لا يطلب مالاً ولا جاهاً، ولا يعلم الغيب، ولا يملك الخزائن، وإنما أراد النصيحة لهم، والعودة إلى جادة الصواب.

وقد سلك نبي الله نوحاً عليه السلام مع قومه شتى الطرق، ونوع لهم في أساليب الدعوة، لعلهم يرجعون عن غيهم، فقد دعاهم سراً وعلانية، ليلاً ونهاراً، ومن ضمن الوسائل التي استخدمها نوح عليه السلام في دعوة قومه أنه أرشدهم إلى ما حولهم من النعم والتي لا يقدر على إيجادها غير الله الخالق، كالشمس والقمر والأرض التي يعيشون عليها، فلم يزدهم كل ذلك إلا فراراً مما دعاهم إليه، قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً {5} فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً {6} وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً {7} ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً {8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً {9} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً {10}‏ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً {12} مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً {13} وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً {14} أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً {15} وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً {16} وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً {17} ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً {18} وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطاً {19} لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً) [نوح: 5 – 20[.

وفي دعوة نبي الله نوح عليه السلام لقومه، واستخدامه كل هذه الوسائل والتي ذكرها الله في قصته إرشاداً للدعاة إلى الله والمربين إلى انتهاج الأساليب والطرق في دعوة الآخرين إلى دين الله وعدم اليأس أو الاستسلام، لأن المؤمن يبتغي الأجر من الله، ويحتسب كل ذلك العناء والتعب والجهد ابتغاء مرضات الله.

ويتضح من الآيات السابقة التي ذكرها الله عز وجل في أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام معالم دعوية كثيرة نذكر منها:

  1. الدعوة إلى الله تحتاج صبر وحسن الحوار والقول الحسن في إيصال الدعوة إلى المخالف.
  2. يجب تنويع الأساليب الدعوية مع الآخرين حتى يكون لها الأثر الفعال في كسب قلوب الآخرين.
  3. العمل بالأسباب وعدم اليأس والقنوط مهما بلغت المصاعب والعقبات.

المطلب الثالث: دعوة نبي الله نوح عليه السلام على قومه بالهلاك

استنفذ نوح عليه السلام كل طاقته وجهده، وحرصه على قومه وهداياتهم إلى الطريق السوي، ولكنه إزاء عنادهم واستكبارهم لم يجد سبيلاً أمامه سوى أن يدعو الله عليهم بأن ينزل عليهم بأسه وعقابه الذي لا يرد عن القوم الظالمين، حتى يكونوا عبرة للمعتبرين من بعدهم، ولأن تركهم بدون عقاب مع عصيانهم وتمردهم واستهزائهم سيعطي انطباعاً للأجيال القادمة من بعده بالاستهتار أكثر بدعوة الله والتمادي في سلوك الضلال، ويحذوا حذوهم ومسلكهم في الضلال والنفور والصد عن دين الله، وما شرعت العقوبات إلا لتكون وسيلة لمحاربة الفساد والمفسدين، وهذه سنة من سنن الله أن يهلك كل من تكبر وتعالى بعد الإنذار وإرسال رسله وآياته في كل الأزمنة. فكان دعاء نوح على قومه بالهلاك حتى لا يستشري الفساد في الأرض.

وقد سجل القرآن الكريم من ضمن معالم قصة نبي الله نوح أنه لم يدع عليهم إلا بعد بذل كل طاقته في الدعوة إلى الله، بعد فترة طويلة في الدعوة إلى الله امتدت ألف سنة إلا خمسين عاماً، استخدم فيها شتى الطرق: محاورات ومناقشات، وعظ وتذكير بألاء الله ونعمه، وتحذيراً من غضب الله إن هم أصروا على عبادة الأصنام، ومن هنا على الدعاة إلى الله والمربين عدم استعجال النتائج والثمرة، والصبر على من يدعوهم حتى تتحقق الغاية وتجنى الثمرة طيبة مباركة.

وبعد كل الفترة الطويلة التي مكثها نوح عليه السلام في قومه، وتنوع الأساليب في الدعوة إلى الله، وتعنت واستكبار قومه واستهزائهم به وبدعوته وما آمن معه إلا قليل، سأل نوح ربه أن يهلكهم، قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً {26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً {27} رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً)[نوح: 26 – 28[.

وهنا جاء الأمر الإلهي لنوح عليه السلام أن يصنع سفينة، قال تعالى: (يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) [هود: 37[، وفي هذا إشارة إلى أن الله سيغرقهم بالطوفان، وأيضاً في قوله (واصنع) إشارة إلى بذل السبب، وكان الله قادر على أن يهلكهم بدون صنع السفينة ويدمرهم أجمعين ولكن فيه إرشاد للمؤمنين إلى أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله.

وبعد أن فرغ من صنع السفينة جاء عذاب الله، وقد عبر القرآن عن ذلك بقوله تعالى: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[هود: 44[.

وخلاصة القول في قصة نبي الله نوح عليه السلام من خلال ما ترشدنا إليه الآيات السابقات.

وضحت هذه القصة وظيفته كرسول، وأنه مبلغ ومنذر، وليس بملزم ولا مكره أحد على قبول طاعته، وبأنه لا يطلب زعامة ولا ملكاً ولا مالاً، إنما يبتغي بذلك الأجر من الله، ومن هنا نستخلص أن معالم كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم هي تبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين.

وقد وضحت قصة نوح عليه السلام أسس نجاح رسالته وجميع رسل الله وهي بمثابة معالم للدعوة إلى الله ونذكر منها:

  1. المثابرة في تبليغ الدعوة، فالدعوة إلى الله تحتاج بذل الغالي والرخيص واستنفاذ كل الطاقات والوسائل لتبليغ دين الله إلى الناس.
  2. الصبر والتحمل في سبيل دعوة الله مهما كانت الصعوبات والمعوقات والآلام، فالعاقبة للمتقين.

وأخيراً: وعد القرآن لكريم في ثنايا قصة نوح عليه السلام من يدعون إلى الله، ويواجهون الحرب الشعواء التي سيطلقها الأعداء، والضغوط النفسية، بالنصر والتمكين، وهي سنة من سنن الله.

الخاتمة

تناول البحث معالم الدعوة في قصص الأنبياء في ضوء القرآن الكريم –قصة نبيي الله آدم ونوح عليهما السلام أنموذجاً، وتم التوصل إلى النتائج والتوصيات الآتية:

أبرز النتائج:

  1. احتلت القصة مساحة كبيرة في القرآن الكريم، وذلك لما لها من أهمية في غرس القيم والمفاهيم والعبرة والهداية والتفكير.
  2. المقصد الأساس من القصص القرآني هو العبرة والعظة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: ١١١[.
  3. معالم كل رسول وردت قصته في القرآن الكريم تبليغ وحي الله، وعدم إكراه أحد على الدخول في الدين.
  4. سر تفضيل الله لآدم عليه السلام هو نفخه فيه من روحه.
  5. اختار الله آدم عليه السلام وذريته للاستخلاف في الأرض وإعمارها، بما ميزه عن سائر مخلوقاته بالعقل والعلم.
  6. مما ترشدنا إليه قصة آدم عليه السلام أن الإنسان الذي نال حظاً من العلم يكون أقل فساداً، وأقل ضرراً من غير المتعلم.
  7. التقيد بأمر الله يورث رضوان الله، ومخالفة ذلك يورث الذل والهوان.
  8. الكبر من أعظم الذنوب وكان سبباً في طرد إبليس من رحمة الله.
  9. تنوعت أساليب دعوة نبي الله نوح عليه السلام، بالسر والعلن، والليل والنهار، واستخدام أسلوب الحوار مع قومه.
  10. من أسس نجاح رسالة الأنبياء المثابرة في الدعوة، والصبر والتحمل في سبيل الدعوة إلى الله.
  11. الاستعجال في الدعاء على المخالف فيه مخالفة صريحة لمعالم دعوة نبي الله نوح عليه السلام.
  12. إنزال العقوبة على قوم نبي الله نوح عليه السلام إزاء عنادهم وضلالهم، هي سنة من سنن الله بالمكذبين الظالمين، وحتى تحصل العبرة لغيرهم، لأن تركهم بدون عقاب مع عصيانهم وتمردهم، يدفع من بعدهم من الأجيال القادمة على الاستهتار أكثر بالدعوة، والتمادي في سلوك الضلال.

التوصيات.

  1. يوصي الباحث وزارة التربية والتعليم بإيلاء موضوع القصص القرآني جزءاً مهماً من المنهج الدراسي لما له من انعكاس ايجابي على الفرد المسلم والمجتمع بأكمله.
  2. يوصي الباحث الدعاة إلى الله والمربين بجعل قصص الأنبياء الواردة في القرآن الكريم نبراساً في طريق الدعوة إلى الله.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم

  • إبراهيم مصطفى، أحمد الزيات، حامد عبد القادر، محمد النجار، المعجم الوسيط دار الدعوة، تحقيق: مجمع اللغة العربية.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، لسان العرب، دار صادر، بيروت (د.ت)
  • أبو العباس، أحمد عبد الحليم بن تيمية، مجموع فتاوى ابن تيمية، تحقيق: عبد الرحمن محم قاسم، مكتبة ابن تيمية، ط2 (د.ت).
  • أبو جعفر، محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، (2010).
  • أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مؤسسة الرسالة، بيروت، (2006).
  • أبو عبد الله، أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني، مسند أحمد بن حنبل، تحقيق: أبو المعاطي النووي، عالم الكتب، بيروت، ط1، (1998).
  • أبو منصور، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1 (2001).
  • أبو نصر، إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح في اللغة، دار العلم للملايين، بيروت (د.ت)
  • البيانوني، محمد، المدخل إلى علم الدعوة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، (1995)
  • الحميدي، عبده عبد الله محمد، حوار الانبياء مع قومهم في القرآن الكريم، رسالة دكتوراه، منشورة، السودان، نشرتها مكتبة الرشاد، اليمن (2003)
  • الخالدي، صلاح، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث دار القلم، دمشق، ط1، (1998).
  • الديلمي، عبد الوهاب لطف، معالم الدعوة في القصص القرآني رسالة دكتوراه، منشورة، جامعة محمد بن سعود الرياض، 1404هـ.
  • شامه، محمد، في رحاب القرآن، ابوللو للنشر، القاهرة ط1، (1988).
  • عبد الباقي، محمد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم دار الحديث، القاهرة (2007).
  • الغزالي، محمد، المحارو الخمسة للقرآن الكريم دار الشروق، مصر (د.ت).
  • الغزالي، محمد، نظرات في القرآن الكريم، شركة نهضة مصر، القاهرة د6 (2005م.
  • الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت
  • النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. (د.ت).

1 () النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب البعث والنشور (4/ 2150)، رقم الحديث (2790).

2 () الأزهري، محمد بن أحمد بن، تهذيب اللغة، (2/254).

3 () ابن منظور، محمد بن مكرم بن على، لسان العرب، (12/416).

4 () الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح في اللغة (1/206).

5 () الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، القاموس المحيط (1/ 1655).

6 () إبراهيم مصطفى وأخرون، المعجم الوسيط، (1/ 286)

710) المرجع السابق نفسه (1/287).

8 () ابن تيمية، أحمد عبد الحليم، مجموع فتاوى، (15/ 157-158).

9 () البيانوني، محمد، المدخل إلى علم الدعوة، (ص17).

10 () أبو عبد الله، أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند أحمد بن حنبل، (5/411) رقم الحديث (23536)

11 () الغزالي، محمد، نظرات في القرآن الكريم، (ص51).

12 ().الخالدي، صلاح القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، (1/99).

13 () الغزالي، محمد، المحاور الخمسة للقرآن الكريم، (ص83).

14 () في رحاب القرآن، مرجع سابق (ص87)

15 () في رحاب القرآن، مرجع سابق (165)

16 () النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكبر، (4/ 2023) برقم (2620).

17 () عبد الباقي، محمد فؤاد المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، (ص815).

18)) ينظر، الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (ج23/ 303)، وينظر، أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (ج21/261).