Impact of (Manna) for individual and society: An analytical study
Saida Rida Mrbid Al- Anzy
Imam Mohammed bin Saud University || KSA
آثار المنّ على الفرد والمجتمع: دراسة تحليلية
جامعة الإمام محمد بن سعود || المملكة العربية السعودية
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق كما صح عنه الحديث، وكان لحسن الخلق منزلة عظيمة في الدين الإسلامي الذي نهى عن جملة من الأخلاق المذمومة ومنها المنّ، والتي لها آثار خطيرة على العمل وعلى العامل، إلى جانب ما تسببه من انكسار لدى الشخص الذي وقع عليه هذا الفعل، ومن هذا المنطلق آثرت أن يكون بحثي بعنوان: (المن وآثاره على الفرد).
مشكلة البحث:
إن هذا البحث يناقش الآثار السالبة على المنَّ والذي يجب على كل مسلم أن يتجنبها ويتمسك بتقوى الله والعمل على طاعته واجتناب معاصيه حتى يفوز بسعادة الدارين فالمن ظاهرة يقع فيها كثير من الناس نيلا لهوى النفس من التكبر وحب الرياء والمحمدة فهذه مشكلة يجب معالجتها بتوضيح الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تتحدث عنها.
أسئلة البحث:
يمكن تحديد مشكلة الدراسة في الأسئلة الآتية:
- ما مفهوم المنَّ وما مظاهره وعقوبته في الدنيا والأخرى؟.
- ما الآثار المترتبة على الفرد المنان الدينية والدنيوية؟.
- ما الأحاديث والآيات القرآنية التي حذرت من المن؟.
- ما عقوبة الإنسان المنان حتى يتجنب هذه الصفة الشنيعة؟.
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى :
- التعريف بحقيقة المنَّ وتوضيح فضاعته وعقوبته في الدنيا والأخرى.
- إبراز الآثار المترتبة على الفرد المنان الدينية والدنيوية.
- ذكر الأحاديث والآيات القرآنية الدالة على المن.
- بيان عقوبة المنان حتى يتجنب الإنسان هذه الصفة الشنيعة.
أهمية البحث:
- قد تفيد نتائج الدراسة الحالية في معرفة حقيقة المنّ وآثاره ومساعدة المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام والمربين وعموم المجتمع المسلم للتوعية بخطورة المن؛ كسلوك سلبي ضار؛ ولكنه ما زال متجدداً في واقع حياة معظم المجتمعات الإسلامية.
- من المؤمل أن تضيف هذه الدراسة نوعاً من المعرفة النظرية للمكتبة الإسلامية؛ في مجال دراسة حقيقة المنّ وآثاره وأسلوب علاجه.
- تعتبر الدراسة الحالية بمثابة نواة لدراسات إسلامية مستقبلية تهتم بالتعرف على المنّ في المنهج الإسلامي يستفيد منه الباحثون في هذا المجال.
منهج البحث:
تعتمد هذه الدراسة في منهجيتها الطريقة التحليلية بشكل عام معتمدة على الأسلوب الاستدلالي بجمع الأدلة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية وأقوال العلماء في المن وآثاره والمنهج الاستنتاجي في بعض الحالات باستنتاج بعض الآثار من الأدلة ومن ثم تعتمد الدراسة على أسلوب علمي لجمع المادة العلمية.
الدراسات السابقة:
سبقني في دراسة هذا البحث الباحث يوسف جارالله المهدي في رسالته للماجستير والتي بعنوان (المن والأذى في القرآن الكريم) وتتفق مع دراستي في أنهما تناقشان نفس الموضوع وهو المنّ من حيث التعرف على ماهية المنّ، وأثر المنّ على الصدقة والعطاء والنفقة، بينما لم تتطرق تلك الرسالة إلى آثار المنّ والذي هو عنوان بحثي.
وأيضاً؛ سبقني في دارسته الباحث احمد مصطفى عباس في رسالته للماجستير والتي بعنوان المن والأذى في الصدقة؛ ويتفقان في نفس الموضوع وتختلف دراستي عنها لأنها تتحدث عن آثار المن على الفرد الدينية والدنيوية والتي لم يقم بها الباحث.
خطة البحث:
اقتضت طبيعة هذا البحث وتكوينه أن تكون كالاتي:
- المبحث الأول: تعريف المن وفيه ثلاثة مطالب:
-
- المطلب الأول: مفهوم المنَّ لغة واصطلاحا
- المطلب الثاني: المنَّ في القرآن الكريم
- المطلب الثالث: المنَّ في السنة النبوية
- المبحث الثاني: آثار المن على الفرد وفيه مطلبين:
- المطلب الأول: آثار المنَّ على الفرد الدينية
- المطلب الثاني: آثار المنَّ على الفرد الدنيوية.
المبحث الأول: تعريف المنَّ:
المطلب الأول: مفهوم المنَّ في اللغة والاصطلاح:
المن لغة: المنَّ: “مصدر كلَّ ما ينعم به وهي مائية تنعقد على بعض الأشجار عسلاً وتجف جفاف الصمغ. ومنُّ بني إسرائيل هو الذي أنزله الله بأعجوبة بالبرية يقتاتوا به والمِنة مصدر وهي جمع منن مِن مَنَّ عليه أي قرعهُ بصنيعهِ وإحسانه ومِنُه المنة تهدم الصنيعة” (1).
والمنّان المعطي ابتداء ولله المنة على عباده ولا منّة لأحد منهم عليه وهي المبالغة في المنّ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر ثم تلا قوله: ﴿لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى﴾)) (2)، والمنَّ في اللغة ما يَمنُّ الله عز وجل به مما لا تعب فيه ولا نصب (3).
ويمكن من خلال تلك الدلالات اللغوية المتنوعة تعريف كلمة المنّ بما يلي: المنّ: أن تمنّ لما أعطيت وتعتد به كما قصدت به الاعتداد وهذا المعنى المراد في البحث.
المنُّ في الاصطلاح:
يوجد عدة تعريفات لكلمة المنّ من الناحية الاصطلاحية ومن أبرزها ما يلي:
ذكر بعضهم أن المنّ: هو ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك وشبهه، وقال بعضهم: المنَّ التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه.
وهو عدُّ الإحسان وقد يطلق على النعمة لأن المنعم عليه يقطع من ماله قطعة للمنعم عليه(4)
والمنُّ: هو تذكير المنعم عليه بالنعمة
طعم الآلاء أحلى من المنّ ** وهو أمرّ من الآلاء عند المنّ (5)
فالآلاء الأولى النعم والآلاء الثانية الشجر مُر الورق.
والمنُّ الأول شيء أشبه بالعسل يقع كالندى على بعض شجر بادية سيناء (6) وهو الذي في قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ﴾ (7).
﴿فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ أي: غير مقطوع (8)، يطلق المنُّ على العطاء بلا مقابل ومن ذلك قوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. (9)
وفرق ابن منظور بين المنّ والأذى فقال: ” المنّ هاهنا أن تمنّن بما أعطيت، وتعتدّ به، كأنك إنما تقصد به الاعتداء. أما الأذى: أن توبخ المعطي. فاعلم أن المنّ والأذى يبطلان الصدقة، وقوله تعالى: ” وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ” (10) أي لا تعط شيئاً مقدراً لتأخذ بدله ما هو أكثر منه“(11).
والتعريف الراجح للمنّ هو: “أن يُعدّد الشخص نعمته على الآخذ، أو يذكرها لمن لا يحب الآخذ اطلاعه عليه، وأن يرى لنفسه مزية على المتصدق عليه بإحسانه إليه، والتحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه“. وسبب ترجيحي لأنه قد جمع بين التعريفات السابقة سواء في اللغة العربية أو في الاصطلاح، وأعطي تعريفاً واضحاً من ناحية أنها تهدم الصنيعة وتذهب بالحسنات والأجر وتؤذي الآخذ.
المطلب الثاني: المنَّ في القران الكريم:
قد علم الله تبارك وتعالى أن أناساً يمنون بعطيتهم، فكره ذلك وقدّم فيه، فقال: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ (12).
والمنّ أصله الإنفاق والفضل، ويقال: منّ عليه مناً ثم أطلق على عدّ الأنعام على المنعم عليه ومنه قوله تعالى: ﴿وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ (13) فالمقصد الشرعي أن يكون إنفاق المنفق في سبيل الله مراداً به نصر الدين ولا حظ للنفس فيه، كذلك فهو أعلى درجات الإنفاق وهو الموعود عليه بهذا الأجر الجزيل(14) لذلك قال الله تعالى ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ (15)
معنى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ…﴾(16) عن عباد بن منصور (17)، قال: سألت الحسن البصري عن قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ…﴾ فقال أن أقواماً يبعثون الرجل منهم في سبيل الله أو ينفق على الرجل ويعطيه النفقة ثم يمنّه ويؤذيه، ومنه ما أنفق يقول: أنفقت في سبيل الله كذا وكذا من منه من غير محتسبة عند الله ويؤذي به الرجل الذي أعطاه من ماله (18)، ذكر القرآن الكريم أن الصدقات التي تعطي للفقراء قد يشوبها المنّ، وينتابها البطلان، ويذهب أثرها وتفسد منفعتها إذا أعطيت لغرض دنيوي، أو لشهرة أو رياء أو تطاول على المتصدق عليه، ولذلك فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ﴾(19)، الإبطال للصدقات، إذهاب أثرها، وإفساد منفعتها، أي: لا تبطلوها بالمنّ والأذى، أو بأحدهما ﴿كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ﴾ أي: لأجل الرياء، أو حال، أي: ينفق مرائياً لا يقصد بذلك وجه الله تعالى، وثواب الآخرة، بل يفعل ذلك رياء للناس، استجلاباً لثنائهم عليه ومدحهم له (20).
وقال تعالى في جانب المن في العطاء قال تعالى:﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (21). في قوله: ﴿هذا عطاؤنا﴾ أي ليس عليك حرج فيما أعطيت وفيما مسكت وهذا في أمر الشياطين خاصة والمعنى بهؤلاء الشياطين المسخرون عطاؤنا، فامننّ على من تشاء من الشياطين فخل عنه، واحبس من تشاء منهم في العمل بغير حساب(22)، وقيل له إنما مطلق اليد فيما وهب الله لك من سلطة ومن نعمة تعطي من تشاء كيف تشاء وتمسك ممن تشاء قدر ما تشاء وذلك زيادة في الإكرام والمنّة (23).
وكما يكون المنّ بالعطية يكون بغيرها كذلك، قال الله تعالى:﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أن أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أن هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ أن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾(24).
ثم ذكر القرآن الكريم بعد ذلك بالنص أثر الصدقة التي يتبعها المنّ والأذى، وأنها مبطلة للصدقة ممحقة للثواب، وذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (25)، فشبه سبحانه الذي يمنّ ويؤذي في صدقته بالذي ينفق ماله رئاء الناس لا لوجه الله، وبالكافر الذي ينفق ماله ليقال: إنه جواد ويثنى عليه أنواع الثناء. (26)
المطلب الثاني: المن في السنة النبوية:
هناك أحاديث كثيرة وردت في المن وبيان معناه وعقوبته فجمعت بعض الأحاديث لعدم امكانية حدود البحث بسردها كلها فهذه الأحاديث والآيات: الأول منها: التَّحذير من المَنِّ في العطية والأذى، فالواجب على المؤمن إذا أعطى أو تصدَّق ألا يَمُنَّ، ولا يُؤذِي، وأن يكون كريم الأخلاق، طيب النفس، يُعطي إخوانه ويتصدَّق ويُحْسِن، لكن لا يمُنُّ ولا يؤذي المُعْطَى فالمؤمن لا يُزَكِّي نفسه تفاخُرًا وعُجْبًا، أو لمقاصد أخرى من المقاصد السيئة، بل يتواضع لله، ويخاف الله، ويُراقبه أينما كان، عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا أَعَادَهَا ثَلاَثًا. قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَابُوا وَخَسِرُوا فَقَالَ «الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ»(27)
وقال صلى الله عليه وسلم في النهي عن المن وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى»(28).
لا يدخل الجنة منان:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ خَمْسٍ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا كَاهِنٌ وَلَا مَنَّانٌ»(29).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلا عَاقٌّ، وَلا مَنَّانٌ»(30).
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلا مَنَّانٌ، وَلا مُكَذِبٌ بِالقَدَرٍ»(31).
المبحث الثاني: آثار المنَّ على الفرد وفيه مطلبين:
المطلب الأول: آثار المنَّ على الفرد الدينية:
لما كان الامتنان: تعداد الصنائع والتفاخر بذلك، حرم الشارع الامتنان الحاصل بين البشر، ولم يقتصر على تحريمه فقط، بل عده من الكبائر التي يعاقب عليها في الآخرة، ورتب بطلان ثواب الصدقة إذا دفعها صاحبها على سبيل المنّة.
يوجد عدة آثار دينية تترتب على المنّ من أبرزها ما يلي:
-
-
يحبط الأعمال، وينقص الأجر وقد يذهب به بالكلية
-
فقد دل القرآن الكريم بالنص والإيماء على أن المنَّ يبطل ثواب الصدقة حيث بين فضل الإنفاق في سبيل الله في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (32)، ثم أخبر في الآية التالية أن الإنفاق المذكور الذي يضاعف ثوابه لصاحبه هو الإنفاق الذي يخلو من المنّ والأذى فقال عز من قائل: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (33).
في هذه الآية يمتدح المولى جل في علاه الذين ينفقون في سبيل الله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات منّاً على من أعطوه، فلا يمنّون به على أحد، لا بقول ولا بفعل.
والمفهوم من ذلك أن الذين يتبعون ما أنفقوا منّاً وأذى ليس لهم عند ربهم أجر ولا أمن من الخوف والحزن. ثم بين سبحانه وتعالى أن الكلمة الطيبة ورد الجميل والدعاء للسائل والتأنيس والترجية بما عند الله خير من صدقة هي في ظاهرها صدقة وفي حقيقتها أذى فقال: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ (34).
وخطورة المنّ على الأعمال الصالحة عظيمة؛ لأنه يذهب بركتها، ويبطلها والعياذ بالله: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ (35). فهذا العمل الصالح أصله كالبستان العظيم كثير الثمار، فهل هناك أحد يحب أن تكون له هذه الثمار والبستان العظيم ثم يرسل عليها الرياء فيمحقها محقًا، وهو في أشد الحاجة إليها!! ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَنْ عمِلَ عملًا أشرك معي فيه غَيري تركتُه وَشِركه))(36).
وعن أبي سعد بن أبي فضالة وكان من الصحابة رضي الله عنهم قال: قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا جمع اللهُ الأولين والآخرين، لِيومٍ لا ريبَ فيه، نادى مُنادٍ: من كان أشرك في عملٍ عملَه للهِ أحدًا فليطلُبْ ثوابَه من عندِه فإنَّ اللهَ أغنى الشُّركاءِ عن الشركِ)) (37).
كما مثل سبحانه المنفق المنَّان بصفوان– حجر أملس– عليه تراب، فيظنه الرائي أرضاً منبتة طيبة، فإذا أصابه وابل من المطر أذهب عنه التراب وبقي صلداً، فكذلك المرائي والمنّان، فالمنّ والرياء والأذى يكشف عن النية في الآخرة كما يكشف المطر الغزير عن الحجر الأملس(38).
قال ابن حجر مفسراً الآيتين: ” بين الله – سبحانه وتعالى – بالآية الأولى أن من أنفق شيئاً في وجه من وجوه القربات كالإنفاق على نفسه وأهله، وبالآية الثانية أن من تصدق بشيء من أنواع الصدقات: اشترط لنيله الثواب العظيم الذي أعده الله – سبحانه وتعالى – للمنفقين والمتصدقين أن يخلو ويَسْلَم إنفاقه وصدقته من المنّ بها على الْمُعطَى في الثاني، وعلى الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين في الأول ” (39).
والمنّ يحرم الإنسان من ثواب الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: ((بشر هذه الأمة بالسناء والدين، والرفعة، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب)) (40).
وقال الفخر الرازي مفسراً الآية المذكورة: ” واعلم أنه تعالى ذكر لكيفية إبطال أجر الصدقة بالمنّ والأذى مثلين:
فمثله الأول: بمن ينفق ماله رئاء الناس، وهو مع ذلك كافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر، لأن بطلان أجر نفقة هذا المرائي الكافر أظهر من بطلان أجر صدقة من يتبعها المنّ والأذى.
ثم مثله ثانياً بالصفوان الذي وقع عليه تراب وغبار، ثم أصابه المطر القوي، فيزيل ذلك الغبار عنه، فالكافر كالصفوان، والتراب مثل ذلك الإنفاق والوابل كالكفر الذي يحبط عمل الكافر، والمنّ والأذى اللذين يحبطان عمل هذا المنفق، كما أن الوابل أزال التراب الذي وقع على الصفوان، فكذا المنّ والأذى يوجب أن يكونا مبطلين لأجر الإنفاق بعد حصوله…”(41).
وقيل: المراد بالآية إبطال الفضل دون أصل الثواب، وقيل: إنما يبطل من ثواب صدقته من وقت منه وإيذائه، وما قبل ذلك يكتب له ويضاعف، فإذا منّ وأذى انقطع التضعيف، لأنه ورد أن الصدقة تُربى لصاحبها حتى تكون أعظم من الجبل، فإذا خرجت من يد صاحبها خالصة على الوجه المشروع ضُوعفت، فإذا جاء المنّ بها والأذى وقف بها هناك وانقطع زيادة التضعيف عنها(42).
يستحب دفع الصدقة بطيب نفس، وبشاشة وجه، ويحرم المنّ بها فلو منّ بطل ثوابه، قال الله تعالى:﴿لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ﴾“(43).
-
-
وقوعه في الكبائر:
-
ذهب الفقهاء إلى أنه يحرم على المكلف أن يمنّ على الغير بما أعطى، بل نص بعضهم على أنه كبيرة كالإمام أحمد، كما عده ابن حجر الهيتمي من الكبائر الزواجر.
والمنّ من الكبائر، كونه أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم، والمنّ هادم للفائدة المقصودة من الصدقة ومبطل لها وهو تخفيف بؤس المحتاجين ودفع الفقر عنهم.
والأدلة الواردة في ذم المنّة وإلحاق العقوبة الشديدة بها – من عدم تكليم المولى عز وجل لهم وعدم النظر إليهم ووعيدهم بالعذاب الأليم – كل هذه العقوبات تجعل المنّة من الكبائر، عن أبي ذر رضي الله عنهم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة)) ولأبي داود في رواية ((والمناّن الذي لا يعطي شيئاً إلا منه))(44).
في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنّان بما أعطى)) (45).
” قيل: معنى لا يكلمهم أي تكليم أهل الخيرات وبإظهار الرضى، بل بكلام أهل السخط والغضب، وقيل: المراد الإعراض عنهم، وقال جمهور المفسرين: لا يكلمهم كلاماً ينفعهم ويسرهم، وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية، ومعنى لا ينظر إليهم أي: يعرض عنهم، ونظره سبحانه وتعالى لعباده رحمته ولطفه بهم، ومعنى لا يزكيهم: لا يطهرهم من دنس ذنوبهم“(46).
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “((لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ خِبٌّ (47) وَلَا مَنَّانٌ وَلَا بَخِيلٌ )) (48)، وجاء في تحفة الأحوذي شرح الحديث: (لا يدخل الجنة) أي دخولاً أولياً….. (ولا منّان) من المنّة، أي تمنّ على الفقراء بعد العطاء، أو من المنّ بمعنى القطع لما يجب أن يوصل، وقيل: لا يدخل الجنة مع هذه الصفة حتى يجعل طاهراً منها: إما بالتوبة عنها في الدنيا، أو بالعقوبة بقدرها، تمحيصاً في العقبى، أو بالعفو عنه تفضلاً وإحساناً، ويؤيده قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ﴾ (49).
-
-
شدة الوعيد لمن حصل منه المنّ:
-
توعد الله سبحانه وتعالى المنّان بعدم دخول الجنة، وإنما يسحب على وجهه يوم القيامة ويلقى في النار، فالذي يتصدق ويتبع صدقته بالمنّ، إنما يبطل صدقته، وخسارته تكون خسارتين: الخسارة الأولى أنه أنقص ماله بالفعل؛ لأن الله لن يعوض عليه؛ لأنه أتبع الصدقة بما يبطلها من المنّ، والخسارة الأخرى هي الحرمان من الثواب. وقد جاء في الحديث الشريف: ((ورجل آتاه الله من أنواع المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها؟ قال: ما تركت من شيء تجب أن أنفق فيه إلا أنفقت فيه لك، قال: كذبت إنما أردت أن يقال: فلان جواد فقد قيل، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار)) (50) وهذا الحديث يشير إلى أن عدم الإخلاص لا ينفع أي عمل لا كثيره ولا قليله.
ومن شدة الوعيد للمانّ عذاب الآخرة ولهذا أول من تسعر بهم النار يوم القيامة: قارئ القرآن، والمجاهد، والمتصدق بماله، الذين فعلوا ذلك ليقال: فلان قارئ، فلان شجاع، فلان كريم متصدق. ولم تكن أعمالهم خالصة لله تعالى.
كما أن المنّ يورث الذل والصغار والهوان والفضيحة، قال صلى الله عليه وسلم: ((من سمَّع سمَّعَ اللهُ بهِ، ومن يُرائي يُرائي اللهُ بهِ))(51).
-
-
عدم نظر الله عز وجل إليه
-
إن المنّان يستحق غضب الله سبحانه، والطرد من رحمته، وحرمان صاحبها من نعمة نظر الله إليه وكلامه معه يوم القيامة، وهذا بين في الحديث النبوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب))(52).
والمنّ المراد هنا في الحديث أن يكون ذلك بالقول، بأن يذكر الإنسان ما أنعم به على أخيه، مثاله: كمن يعطي أحدًا عطاءً أو يشفع له في أمر ما أو يسدي له أي نوع من أنواع المعروف ثم يذكر هذا المعروف ويدلي به ويمنّ به، فيتأذى المعطى له، والمنّ أيًّا كان كبيرة من كبائر الذنوب، وصاحبها لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا يزكيه، ولا ينظر إليه، وله عذاب أليم(53).
فالمنّ والمنّة من صفات الله تعالى الفعلية الثابتة بالقرآن الكريم، وفي السنة؛ كما في حديث أنس: ((اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنّان، بديع السموات والأرض…)) (54).
والمُعنى المراد في الحديث منَّ فلان على فلان أي عظَّم إحسانه إليه وفخر به، وتحدَّث عن هذا الإحسان والعطاء وأبدأ فيه وأعاد، وهو من الخصال الذَّميمة، وفيه قالت العرب: (المنَّة تهدم الصَّنيعة). وقد ذَمَّ الحديث الشَّريف المنَّ وفاعله، والمنُّ هو ذِكر الإنسان لما أنعم به على الآخرين، وهو من الأفعال المستقبحة المذمومة، ولا يُقبل إلّا في حال كان المُنعَم عليه منكراً وكافراً لنعمة الآخرين وجاحداً لإحسانهم، ففي هذه الحالة لا يُذمُّ المنُّ، وقد جاء التَّحذير من المنِّ وبيان عواقبه في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ فالمن يُحبط العمل، وينقص الأجر، بل قد يُلغيه بالكلِّيَّة، وبهذا لا ينظر الله إليه(55).
-
-
عدم تكليم الله عز وجل له:
-
هذا من باب الوعيد عند أهل السنة والجماعة، بل من باب الوعيد والتحذير والترهيب، فالمنّان بالعطية يقع في كبيرة من الكبائر، ويحرم من كلام الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى لا يكلم هؤلاء تكليم الرضا بل بكلام أهل السخط والغضب بما لا ينفعهم ولا يسرهم، ولا ينظر إليهم بلطفه ورحمته، ولا يزكيهم من دنس ذنوبهم، ولا يثني عليهم، والسبب أن كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه، وعدم ضرورته إليها، وضعف دواعيها عنده، فلذلك أشبه إقدامهم عليها بالمعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى، وقصد معصيته لا لحاجة غيرها(56).
المطلب الثاني: آثار المن على الفرد الدنيوية:
يوجد عدة آثار دنيوية للمنّ على الفرد المان والممتن عليه كما يلي:
أولاً: آثار المنّ على الفرد الممتن عليه:
-
إهانة الكرامة الإنسانية
جعل الإسلام الكرامة أساساً في المعاملة، فلا يحل شرعاً السب والاستهزاء والشتم وقذف الأعراض (57)، وكذلك المنّ في العطية، فإنه مظهر من مظاهر المعاملات التي فيها تعد واضح على الكرامة الإنسانية، بل هي أوقع على النفس من السب والشتم.
كما أن تعرض الإنسان للمنّ من المنّان فيه خدش للكرامة الإنسانية، فالمنّ في العطاء يعبر تعبيراً واضحاً عن امتهانها، في حين أن القرآن الكريم كرم الإنسان يقول تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾(58).
-
الإيذاء النفسي والشعور بالذل
وهذا ينضم إلى ما سبقه، فلما تعرضت الكرامة الإنسانية لما يخدشها يشعر الإنسان بالذُل، الذي هو نقيض العز، فإن تعداد الصنائع والتقريع بها يمثل استخفافاً واحتقاراً لشأن المعطى، كما أن تعرض السائل للمسألة على وجه المسكنة يعرضه لما هو الحال من الذل والشعور بالنقص، لذلك استعاذ النبي عليه الصلاة والسلام من الذل واعتبره شراً لا بد من الالتجاء إلى الله ليكفينا شره(59).
جاء في الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((اللهم إني أعوذ بك من أن أُذل))(60)، وسواء كان سبب استعاذة النبي من الذل: استخفاف الغير، أم سؤال الناس فهي شر استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فإن الصدقة والمنحة وغيرها مما يحصل عليه الإنسان هبةً من غيره يُشعره بنوع من الذلة، وهذا بحد ذاته أليم على النفوس المتعففة، فماذا تكون النتيجة إذا أُتبعت بالمنّ والأذى؟ لذلك قرن الله سبحانه وتعالى المنّ والأذى معاً في القرآن الكريم.
إن المنّ المذموم هو الذي تعظُم العطية في نفس صاحبه، ويفخر بها على سبيل التقرير للنعمة، ويتحدث بما أعطى، فيؤذي المعطى له ويهدم صنيعة المعطي(61).
-
كسر قلوب الفقراء والمساكين
الفقراء والمساكين الذين لا يكادون يحصلون على ما يسد حاجاتهم إلا بمشقة، فإنهم عندما يرون من يمّن عليهم بالعطية والصدقة ويعايرونهم بها، تنقبض نفوسهم، وتضيق صدورهم، وتنكسر قلوبهم، وهذا خلاف مقاصد الشارع الحكيم، الذي يأمر بمواساتهم وجبر قلوبهم، قال عز وجل: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾(62).
فليحرص المسلم المنفق لماله أن يكون عمله دائما خالصا لوجه العزيز الوهاب، وليبتعد أيضا عن كل ما يقدح في صدقته إذا أراد أن ينال بسببها الأجر والثواب، ومن ذلك أن يجتنب المنَّ على الفقراء والمساكين لأنه فعل مشين وليس من أخلاق الصالحين المتقين، وليحمد دوما رب العالمين أن جعله من المقتدرين المنفقين لا من المحتاجين السائلين، يقول الإمام القرطبي (63)– رحمه الله– :” ومُوجِب ذلك – أي الوقوع في المنِّ– كلّه الجهل، ونسيان منّة اللَّه تعالى فيما أنعم به عليه، إذ قد أنعم عليه مما يُعطي، ولم يَحْرِمه ذلك، وجعله ممن يُعطي، ولم يجعله ممن يسأل“(64).
ثانيا: آثار المن على الفرد الماّن وهي:
-
حقد الناس وكرههم له
في مجتمعنا الكثير من الظواهر المرضية التي أصبحت متفشية بشكل كبير حتى في أوساط تلك الطبقة التي يمكن أن يسميها البعض بالمثقفة. فالمنّ على الآخرين التي أصبح بعض أصحاب النفوس الضعيفة والعقليات المقيتة يشيعون بها بين الناس، يمكن أن تجلب الحقد والكراهية من قبل الأفراد الممّتن عليهم؛ فإذا سادت الكَرَاهِية والبَغْضَاء، أحسَّ الفرد أنه يعيش في غابة بين وحوش يتربَّصون به، ويتحيَّنون الفرص لأذيَّته، فيعيش في قلقٍ دائمٍ لا ينتهي، كما يتسبب في فقدان الحبِّ في المجتمع الواحد، بل في العائلة الواحدة.
لا شك في كون المنّ سببا موجباً لسلب الراحة والاستقرار لمن يبتلى به، فلا يعرف طعما للراحة والاستقرار، وأيضاً سبباً مباشراً لحقد وكراهية الناس له، ومضافا لكونه سببا مباشرا في قطع علاقاته الاجتماعية مع الآخرين، وهذا يوجب له عزلة اجتماعية فيؤدي به ذلك لحالة القلق النفسي وفقدان الاستقرار. ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى عزلة اجتماعية وفقدان الارتباط بين الأفراد.
-
سوء السمعة
تأتي السمعة السيئة في الوسط الاجتماعي ضمن أبرز الأعراض السلبية لآفة المنّ؛ إذ يخلق كل امرئ صورة ذهنية عن نفسه بين الناس، فيقرأ الناس من حولهم ويقيمون الأفراد بناء على ممارساتهم وإن لم يفصحوا عن تقييماتهم تلك على نحو مباشر، فالمنفق والمتصدق لوجه الله يمدحه الناس ويحبونه، والشخص كثير المنّ يذمه الآخرون ويبتعدون عنه، وتكون سمعته بين الناس سيئة، ذلك أن المنّان إنما يفعل المعروف طلبا لمرضاة الناس، والمدح والثناء منهم، فلا هو الذي ظفر برضا الله عز وجل ولا هو بالذي حصل ما كان يتمناه ويرجوه من الناس. وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس))(65)
إن الإنسان إذا أراد أن يؤجر خيراً في ما يصنع؛ يجب أن لا يمنّ ابن على أبيه، ولا يمنّ ابن على أمه أو بنت على أمها، لا يمنّ أخ على أخيه، ولا يمنّ غني على فقير، فما سمعنا أن أبو بكر منّ على بلال، رضي الله عنهما، الذي اشتراه ثم أعتقه، وقال عمر متأدباً في قمة الأدب: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا (66)، ويقصد: بلالاً، رضي الله عنه، لم يمنّ أغنياء الصحابة على الفقراء بما صنعوا، حتى أن أهل الصُفة، وهم فقراء المدينة الذين كانوا لا يستطيعون العمل لضعفهم وضعف بنيتهم، كان الصحابة من الأغنياء يربطون في سارية مؤخرة مسجد رسول الله حبلاً ويأتي الغني ليضع ما يريد لإخوانه الفقراء من طعام أو شراب أو كساء أو أي غير ذلك، ويأتي هؤلاء الفقراء ليأخذوا، لا يعرف الغني من الذي أخذ من الفقراء، ولا يعرف الفقير من الذي أعطى من الأغنياء؛ لأن الكل إنما يبتغي وجه الله سبحانه وتعالى، لا يمنّ أحد على أحد إلا إذا كان في قلبه مرض، وفي قلبه عدم نقاء، فالمنّ بما أعطى الإنسان هذه آفة خطيرة تؤثر على سمعته.
-
مقت الناس للمنان وعداوتهم له:
المنّان لا يجد في المجتمع محباً له ولا يرى فيهم ولياً فيصير بالعداوة مأثوراً وبالمقت مزجوراً ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ((شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه)) (67) ؛ لانحراف الناس عنه ونفورهم منه، والمنُّ غالباً يقع من البخيل والمُعجب، فالبخيل تعظم في نفسه العطية وإن كانت حقيرة في نفسها، والمعجب يحمله العجب على النظر لنفسه بعين العظمة وأنه مُنعم بماله على المُعطَى، وإن كان أفضل منه في نفس الأمر، وموجب ذلك كله الجهل، ونسيان نعمة الله فيما أنعم به عليه، ولو نظر مصيره لعلم أن المنة للآخذ لما يترتب له من الفوائد (68).
الخاتمة:
الحمد لله المنعم المتفضل الذي أعانني على هذا البحث، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد فهذه أهم النتائج وأبرز التوصيات التي توصلت إليها:
أولاً: أهم نتائج الدراسة:
- أن تأثير المن على النفس أوقع على النفس من السب والشتم.
- أنه إذا فعل الإنسان شيئاً من أمور الآخرة رجاء أن يحمده الناس وظنا أنه يؤجر به فقد خسر.
- ينظر الله إلى الناس بعين الرحمة وكلامه لهم يسعدهم فالمان ليس له من ذلك نصيب.
- الثواب المطلوب عن طريق المن على الناس لا يزيد على كلمتين للمديح فقط، وإنما الثواب الدائم فلا يرجى إلا من الله عز وجل
- إن المنان الذي يعطي من أجل المدح والثناء سيصبح منبوذا بين المجتمع وسئ السمعة
- أن المنان جاهل وناسي أن النعم هي من الله عز وجل
ثانياً: أبرز التوصيات:
- ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة وهدى السلف الصالح واستمداد التوجيهات منها لاسيما ما يخص العلاقات الاجتماعية.
- الحرص على تفعيل الدور التربوي بين الأسرة والمدرسة في تنشئة الأجيال على حب الخير للآخرين وعدم المن عليهم.
- تفعيل دور الإعلام في محاربة الآفات الأخلاقية وخاصة المن الذي يؤثر على العلاقات في المجتمع ويخلق الحقد والكراهية ويُضعف الترابط الأسري والمجتمعي.
المصادر والمراجع:
-
القرآن الكريم.
- ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1414. 1993م.
- ابن عطية، المحرر الوجيز لتفسير الكتاب العزيز تحقيق عبدالسلام عبدالشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1422 هـ.2001م.
- ابن ماجه، أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، فيصل عيسى البابي الحلبي، 1409 هـ.
- ابن منظور، محمد بن مكرم بن على أبو الفضل جمال الدين الأنصاري، لسان العرب لابن منظوردار صادر، بيروت، ط3، 1414 هـ.
- أبو داود السجستاني، سليمان بن الأشعث الأزدي، السنن، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الفكر، بيروت.
- أبي عبيد عبد الله، ابن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع عالم الكتب، بيروت، ط3، ت1403هـ.
- أحمد بن حنبل، المسند، تحقيق شعيب الأرناؤوط، عادل مرشد وآخرون، إشراف عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421 هـ. 2001م.
- البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، صحيح البخاري، ، ط3، دار ابن كثير، بيروت، 1987م.
- البيهقي، أبي بكر أحمد بن الحسن بن علي، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط3، 1424 هـ، 2003.
- الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي، سنن الترمذي، تحقيق بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي للنشر، بيروت، 1998م.
- حميد صالح بن عبد الله، نضرة النعيم، دار الوسيلة للنشر والتوزيع، ط4، 2010م.
- الذهبي، أبوعبدالله محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، تحقيق مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، ط3، 1405 هـ. 1985م.
- الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي، مفاتيح الغيب، التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، 1420ه
- الراشد على إبراهيم المنة وأثرها في الحكم الشرعي، مجلة الشريعة الكويتية. مج24، ع 76، 2009.
- الزمخشري، ابو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد سعد الدين، الكلم النوابع، ط1، 2010م.
- زين الدين، أبو عبد الله حمد بن أبي بكر بن عبدالقادر مختار الصحاح، الحنفي تحقيق، يوسف الشيخ محمد، المكتبة العصرية، الدار النموذجية، بيروت، صيدا، ط5، ت1420هـ، 1999م.
- سيد قطب في ظلال القرآن الكريم، دار العلم للطباعة والنشر بجدة، طبعة جديدة ومشروحة، ط12. 1412 هـ. 1992م.
- الشوكاني، محمد بن علي بن عبدالله فتح القدير، دار ابن كثير، دار الكلم الطيب، دمشق: بيروت، ط1، 1414 هـ. 1994م.
- الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم، المعجم الأوسط، مجمع اللغة العربية والإدارة العامة للمجمعيات وإحياء التراث، تركيا.
- الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير، جامع البيان في تأويل آي القرآن، تحقيق عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار عالم الكتب للطباعة والنشر، ط1، 1424ه، 2003م.
- علي بن سلطان محمد، مرقاة المفاتيح، القارئ، تحقيق جمال عتباني، دار الكتب العلمية، بيروت: لبنان ط1، 1422هـ.
- القرطبي أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، دار الكلم الطيب، دمشق، بيروت، ط1، 1417 هـ– 1996 م
- المباركفورى، أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، دار الكتب العلمية، بيروت
- المن والأذى في ضوء القرآن الكريم: حسب السيد، فاطمة أحمد دراسة موضوعية، جامعة أم درمان الإسلامية، السودان، 2016.
- الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، ط1، مطابع دار الصفوة بمصر، 1427 هـ.
- النسائي، أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان سنن النسائي، ، تحقيق عبدالفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، ط2، 1406 هـ. 1980م.
- النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، المجموع شرح المهذب، دار الفكر، بيروت، 2010م.
- النيسابوري، أبو الحسن مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1991م.
- الهيثمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الفكر للنشر، ط1، 1407 ه. 1982م.
1(( علي القاري، مرقاة المفاتيح(11/164).
2() القرطبي في تفسيره (3/ 271)، وذكره الذهبي في باب الكبائر(152). لم أقف على سند له.
3( (ابن منظور، لسان العرب، (14، 27- 28).
4((ابن عطية، المحرر الوجيز لتفسير الكتاب العزيز، (2/429).
5((الزمخشري، الكلم النوابع مطبوع مع النغم السوابغ في شرح الكلم النوابغ، (1/35).
6(( سيناء اسم الجبل الذي نودى عيه موسى وقيل اسم النقعة وقيل جبل بيت المقدس، ممتد ما بين مصر وأيله سمى بطور بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. انظر: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، للأندلسي، (3/897).
7(( سورة البقرة، الآية: 57.
8( (للرازي، مختار الصحاح، / 1/299.
9(( سورة آل عمران: الآية 164.
10() سورة المدثر: الآية 6.
11()لابن منظور لسان العرب،: 3/415.
12()الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، 4/653.
13() سورة المدثر: الآية 6.
14()بن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون للنشر والتوزيع بتونس (3/42/43).
15() سورة البقرة: الآية 262.
16() سورة البقرة: الآية 262.
17() هو عباد بن منصور الإمام القاضي أبو سلمة التاجي البصري. ولد بالبصرة، روى عن عكرمة والقاسم وعطاء وابن صخي وغيرهم روى عنه يحيى القطان ويزيد بن هارون وآخرون، وأبرز أعماله: ولي قضاء البصرة خمس سنين. مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 7/105.
18()للرازي التفسير الكبير ومفاتيح الغيب مج2، ص 31.
19() سورة البقرة: الآية 264.
20() فتح القدير، للشوكاني: 1/285.
21() سورة ص: الآية 39.
22()للرازي، انظر التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب (13 / 25- 26).
23()سيد قطب، في ظلال القرآن الكريم مج5، (19/25).
24() سورة الحجرات: الآية/ 17.
25() سورة البقرة: الآية 264.
26()علي الراشد، المنة وأثرها في الحكم الشرعي، ص 388 – 392.
27()رواه مسلم– كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار– حديث: 179
28()رواه أحمد– حديث: 6180، والنسائي– كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى– حديث: 2528، وابن حبان– كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ، ذِكْرُ نَفْيِ نَظَرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ إلى أَقْوَامٍ مِنْ أَجْلِ أَفْعَالٍ ارْتَكَبُوهَا– حديث: 7448 بسند صحيح.
29()رواه أحمد– حديث: 10895 بسند صحيح كتاب المكثرين باب مسند ابي سعيد الخدري.
30()رواه الطبراني في الكبير حديث: 10963، كتاب العين باب مسند ابن عباس والخرائطي في مساوئ الأخلاق– باب ما جاء فيمن يعطي العطية ويمن بها من الكراهة، حديث:671 بسند حسن.
31()رواه الطيالسي– حديث: 1212باب أحاديث ابي امامة الباهلي بسند حسن.
32() سورة البقرة: الآية 261.
33() سورة البقرة: الآية 262.
34() سورة البقرة: الآية 263.
35() سورة البقرة: الآية 266.
36() رواه مسلم – كتاب الزهد والرقائق – باب من أشرك في عمله غير الله، برقم (2985).
37) رواه بن ماجه – كتاب الزهد – باب الرياء والسمعة، برقم (4203). حديث صحيح. الألباني في صحيح الأحكام، ص35.
38() المباركفوري تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، (6/86).
39() ابن حجر الهيتمي، الزواجر عن اقتراف الكبائر، (1/312).
40() رواه أحمد: 21258، وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح: انظر: صحيح الترغيب والترهيب، للألباني، ص 23.
41() للرازي، مفاتيح الغيب (2/48).
42() الموسوعة الكويتية (39/134).
43() النووي، المجموع (6/240).
44() رواه أبي داود، كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار (8/408). حديث صحيح.
45() رواه النسائي، كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى (2/256). حديث حسن.
46() شرح صحيح مسلم (2/116).
47() والخب: خب بفتح خاء معجمة وتكسر وتشديد موحدة أي يسعى بين الناس بالفساد، والتخبيب إفساد زوجة الغير أو عبده. أنظر: عون المعبود للعظيم آبادي (13/101).
48() أخرجه الترمذي في سننه، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في البخيل، ج4/343، برقم (1963). حديث حسن غريب. الألباني: ضعيف أحاديث البيوع (6339).
49() سورة الأعراف: الآية 43.
50() اخرجه مسلم – كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء (1905)، سنن الترمذي – باب الزهد (2382)، سنن النسائي – باب الجهاد (3137).
51() رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة 11/ 336 (6499)، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله 4/ 2289 (2987). متفق عليه.
52() أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، حديث رقم 106، (1/102).
53()صالح بن عبد الله بن حميد، نضرة النعيم، (11/ 5563).
54() سنن النسائي – كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، رقم (1300)، سنن أبي داود– الصلاة (1495). حكم الألباني، حديث صحيح. انظر: صحيح أبو داود رقم (1325).
55()صالح بن عبد الله بن حميد، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، ج11، صفحة 5565- 5569.
56() النووي، شرح النووي على مسلم (2/114).
57()الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، (8/329).
58() سورة الإسراء: الآية 70.
59()العظيم آبادي، عون المعبود، (4/282).
60() أخرجه النسائي في السنن الكبرى عن أم سلمة مرفوعاً، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، ح 7921، ج 4، 465. قال الشيخ الألباني حديث صحيح. انظر صحيح وضعيف الجامع الصغير (6/92).
61() تفسير القرطبي، (3/307).
62() سورة الضحى: الآية 9، 10.
63() سبق ترجمته، ص 35.
64() المفهم لما أشكل من تخليص كتاب مسلم (1/304)
65() رواه الترمذي برقم (2414)، وابن حبان في صحيحه (1 /510). انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة “، للألباني
(5 / 392).
66() صحيح البخاري، كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – باب مناقب بلال بن رباح رضي الله عنه مولى أبي بكر رضي الله عنهما برقم (3577).
67() رواه أبو هريرة برقم (3374).
68() نعمة الشراري، المن وأحكامه الفقهية في العبادات: دراسة فقهية مقارنة، ص 53 – 58.