Tarğῑḥāt Assamin Al- Halabiy in his book “Al- qawl al- wağῑz fῑ ʾaḥkām al- kitāb al- ʿazῑz” from the beginning of Surat An- nisa till verse (51) in the same Surat
Abdulakhad Abdusattar Smanov
Faculty of Education || King Saud University || KSA
ترجيحات السمين الحلبي في كتابه “القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز ”
من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها
كلية التربية || جامعة الملك سعود || المملكة العربية السعودية
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أنزل الله عز وجل القرآن العظيم هدى وشفاء ورحمة وبشرى؛ ليخرج الناس به من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، وقد تكفل الله بحفظه، قال تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِّكْرَ وإنّا لَهُ لحافِظون} [الحجر: 9]
وقد عني المسلمون بالقرآن الكريم من كل وجه، وذلك بحفظه وقراءته، وفهمه والعمل به، وتفسيره وبيانه للناس، وإمامهم في ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تلقى من الله عز وجل عن طريق الوحي ثم بلغ وفسر وبين ما تحتاج إليه الأمة، كما قال تعالى: {وأنْزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لَتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إلَيَهِمْ ولَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]
ثم كان الصحابة يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عما يشكل عليهم، ويفسرون بما عندهم من أدوات التفسير؛ إذ هم أفصح الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم بأسباب النزول وغيرها من العلوم، وتعلم على أيدي الصحابة كبار التابعين، ونشأت بسببهم مدارس التفسير بمكة والمدينة والكوفة.
ثم أقبل الناس على تصنيف التفاسير، وامتلأت المكتبات بمجلدات من هذا النوع، ومن بين المصنفات في التفسير (القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز) للإمام أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي المتوفى سنة (756ه) رحمه الله، وكتابه يحمل بين دفتيه عرضًا لأقوال المفسرين، ومناقشتها، والترجيح بينها بالأدلة.
ومما تجب الإشارة إليه أن هذا الكتاب حُقّق في قسم التفسير وعلوم القرآن بالجامعة الإسلامية في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه.
ولقد تقدم قبلي عدد من الطلاب والطالبات، كل منهم بخطة بحث بعنوان: ترجيحات السمين الحلبي في كتابه (القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز) جمعًا ودراسة، وقد شمل ذلك من سورة الفاتحة إلى سورة النساء؛ فرأيت إكمال بعض ما شرع فيه الزملاء الأفاضل بدراسة ترجيحات السمين الحلبي من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها؛ إذ توقف الطالب الذي قبلي عند نهاية سورة آل عمران؛ فبدأت من هنالك وجعلت عنوان البحث: (ترجيحات السمين الحلبي في كتابه القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز من بداية سورة النساء إلى الآية (51) جمعًا ودراسة)
وأسأل الله تعالى الصدق والإخلاص في القول والعمل، ومنه وحده أستمد العون وأستلهم التوفيق في الأمور كلها؛ إنه الرب المعين وعليه التكلان.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
- هذا الكتاب لم يتم تحقيقه إلا من وقت قريب، ولم تسبق دراسته بالكامل واستخلاص ما فيه، وله مكانته العلمية التي تجعله مؤهلًا لذلك، فهو كتاب كبير في بابه، وقد تتابعت الرسائل العلمية في تحقيقه مما يبين أهميته، فالسبق إلى دراسته أمر مهم.
- ما تميَّز به المؤلف في هذا الكتاب من حسن عرض الأقوال ومناقشتها، والأدب في ردها والاعتذار لأصحابها، وهذا يكسب القارئ له والباحث فيه معرفة الطريقة الحسنة في التعامل مع الأقوال المختلفة والمتعارضة، من حيث عرضها والتأليف بين المتشابه منها، ومن حيث نقدها ومناقشتها، ومعرفة الأدب في التعامل مع المخالف دون تنقص أو هضم.
- حيادية المؤلف في موازنة الأقوال وترجيحها، حتى إنه ينتصر للقول الذي ضعَّفه شيخه أبو حيان ولا ينحاز لرأي شيخه إن خالف الصواب، بل يزن الأقوال بإنصاف ثم يرجح ما هو أظهر، وهذا هو الترجيح الذي يستفاد منه وتجدر العناية به، فهو من أهم ما تميز به الكتاب.
- أهمية الوقوف على الخلاف المتعلق بتفسير كلام الله، ومعرفة الصحيح في ذلك.
مشكلة البحث:
يعد كتاب السمين الحلبي “القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز” من أوسع المؤلفات في كتب آيات الأحكام، وقد اهتم بأقوال المفسرين واستطرد في بيانها ومناقشتها والترجيح بينها ترجيحًا مقترنًا بالدليل والتعليل.
ونظرًا لأهمية معرفة أصح الأقوال وأولاها بالقبول في تفسير كتاب الله جاء موضوع البحث ليدرس مجموعة من ترجيحات السمين الحلبي للتمييز بينها واختيار الأقوى منها بعد موازنتها مع ترجيحات المفسرين، والتعرف على صيغ وقواعد الترجيح التي استعملها في ترجيحه بين الأقوال.
أهداف البحث:
- جمع ترجيحات السمين الحلبي المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن في كتابه القول الوجيز من بداية سورة النساء إلى الآية 51 من السورة نفسها، ودراستها.
- بيان الأدلة التي استدل بها السمين الحلبي في ترجيحه.
- بيان منهج السمين الحلبي في ترجيحه.
- بيان قواعد الترجيح عند السمين الحلبي.
- مقارنة ترجيحه بترجيح غيره من أئمة التفسير المعتبرين.
حدود البحث:
البحث إنما يتصل بترجيحات السمين الحلبي المتعلقة بالتفسير، وما يرتبط به من علوم القرآن، وذلك من كتاب “القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز” من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها، من خلال الرسائل المحققة في الجامعة الإسلامية، وقد وقفت– في محل بحثي من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها” – على خمسين ترجيحًا من الترجيحات المتعلقة بالتفسير، وأنا أورد في هذه المنشورة ثلاثة ترجيحه من أصل خمسين ترجيحًا.
مصطلحات البحث:
الترجيح: إثبات مرتبة في أحد الدليلين على الآخر (1).
القاعدة: هي قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها (2).
التفسير: في الأصل هو الكشف، والإظهار، وفي الشرع: توضيح معنى الآية، وشأنها، وقصتها، والسبب الذي نزلت فيه، بلفظ يدل عليه دلالة ظاهرة (3).
قواعد التفسير: الأمور الكلية المنضبطة التي يستخدمها المفسر في تفسيره، ويكون استخدامه لها إما ابتداء، ويبني عليها فائدة في التفسير، أو ترجيحاً بين الأقوال (4).
قواعد الترجيح: ضوابط وأمورٌ أغلبية يُتوصل بها إلى معرفة الراجح من الأقوال المختلفة في تفسير كتاب الله (5).
الدراسات السابقة:
بعد سؤال المختصين والبحث في المكتبات والمواقع الإلكترونية، لم أقف على من درس هذه الترجيحات، لكن هناك كتاب يتحدث عن القول الوجيز بإيجاز، وهو: “كتاب تفاسير آيات الأحكام ومناهجها“، للأستاذ الدكتور: علي بن سليمان العبيد. وأصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتمت مناقشتها بتاريخ 24/6/1407ه.
ويمكن الاستفادة من هذه الرسالة فيما ذكره المؤلف من خصائص كتب تفاسير آيات الأحكام في العموم، وما خص به كتاب القول الوجيز من تعريفٍ به وبمؤلفه وبيانٍ لمنهجه في الكتاب.
منهج البحث:
سأتبع في هذا البحث– بمشيئة الله تعالى– المنهج الاستقرائي التحليلي؛ “وهو المنهج الذي يعتمد على جمع الحقائق والمعلومات، ثم مقارنتها وتحليلها وتفسيرها للوقوف على حيثيات وجوانب تطبيق المناهج الدراسية ومدى تأثيرها في المجتمع“(6).
خطة البحث:
- المبحث الأول: ما يتعلق بالسمين الحلبي وكتابه القول الوجيز، وفيه مطلبان:
- المطلب الأول: ترجمة موجزة للسمين الحلبي.
- المطلب الثاني: التعريف بكتاب القول الوجيز.
- المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية لترجيحات السمين الحلبي من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها، ثلاثة ترجيحات أنموذجًا.
- الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.
المبحث الأول: ما يتعلق بالسمين الحلبي وكتابه القول الوجيز، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ترجمة موجزة للسمين الحلبي.
- اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه.
اسمه: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف (7) بن محمد بن مسعود (8) ، المعروف بالسمين الحلبي والنحوي(9) .
نسبته: الحلبي ثم المصري، أما الحلبي؛ فلأنه نشأ في حلب، وأما المصري؛ فلأنه انتقل إلى مصر واستقر هناك (10).
كنيته: أبو العباس (11).
لقبه: السمين هو اللقب الذي غلب على اسمه حتى سُمي بالسمين الحلبي، ومع ذلك لم أقف على سبب التسمية بهذا اللقب، وأطلق عليه بعض أهل التراجم لقب شهاب الدين (12).
- مولده.
ولد السمين الحلبي في بداية سبع مئة للهجرة.
- شيوخه، وتلاميذه.
أولًا: من شيوخه:
- التقي الصائغ: محمد بن أحمد بن عبد الخالق العلامة تقي الدين المعروف بابن الصائغ شيخ القراء بالديار المصرية، وكان أيضا فقيها مشاركا في فنون أخرى، (ت725ه)، وأخذ عنه السمين الحلبي القراءات (13).
- يونس الدبابيسي: هو يونس بن إبراهيم بن عبد القوي بن قاسم بن داود الكناني العسقلاني مسند الديار المصرية، فكان محدثًا وقارئًا، (ت729ه)، وأخذ عنه السمين الحلبي الحديث (14).
ثانيًا: تلاميذه:
بعد الاطلاع – على قدر الإمكان– على تراجم من ترجم للسمين الحلبي، فلم أقف على ذكر تلامذته، وكل من تصدى لترجمة السمين الحلبي من المتقدمين اكتفوا بذكر بعض من شيوخه ولم يتعرضوا للتلاميذ بالذكر، وهذا الأمر يثير العجب؛ إذ تولى التدريس سنوات طويلة بعدة جوامعَ شهيرة في ذلك العصر، إلا أن هناك كتبا يمكن أن يستوحى منها شيء من ترجمة بعض من تلامذته، مثل:
- يحيى بن أحمد بن أحمد بن صفوان القيني الأندلسي المالكي نزيل مصر، إمام محقق، تلا السبع على السمين الحلبي، (ت770ه) (15).
- مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
للسمين الحلبي مكانة علمية كبيرة، وبلغ من العلم والشهرة الرتبة الرفيعة، حتى صار من العلماء الذين يُشار إليهم بالبنان، فكان في القراءة والتفسير وعلوم العربية وغيرها من العلوم متقدمًا جدًا، وتشهد لنا عدة أمور بمكانته العلمية، مثل:
- تفننه في العلوم ويظهر ذلك في مؤلفاته المتنوعة، ومنها التفسير بنوعيه النحوي والفقهي، والقراءات، واللغة وغير ذلك من العلوم.
- ثناء العلماء عليه، لا شك أن هذا أيضًا من أقوى الشواهد لعلو شأنه بين العلماء، ومن أقوال العلماء في الثناء عليه:
قال عنه الإسنوي (ت772ﻫ): “كان فقيهًا بارعًا في النحو، والتفسير، وعلْم القراءات، يتكلـم في الأصول، خيّرًا، ديّنًا“(16).
وقال ابنُ الجزري (ت833ﻫ): “إمام كبير“، ثم قال: “وألف تفسيرا جليلا، وإعرابًا كبيرًا، وشرح الشاطبية شرحًا لم يُسبق إلى مثله“(17).
- عقيدته ومذهبه الفقهي.
أولًا– عقيدته:
كان– رحمه الله– يعتقد عقيدة الأشاعرة (18)، ويدل على ذلك تأويله آيات الصفات بطريقة الأشاعرة، وقد يعبر عن الأشاعرة بالأصحاب، كما قال في القول الوجيز: “هذا ما نقله أصحابنا الأشاعرة“(19)، مثال على ذلك: قوله في تفسير صفة الغضب: فقد أولها بإرادة الانتقام (20).
فهذا الأمر غير مستبعَد منه، إذ إنه متأثر بشيخه أبي حيان وهو أشعري الاعتقاد.
ثانيًا– مذهبه:
كان شافعي المذهب، وكتابه القول الوجيز يُعدّ أحد التفاسير الشافعية في آيات الأحكام، ويدل على ذلك ما يلي:
- أنه كتب بخط يده على ورقة عنوان القول الوجيز: “تأليف: الفقير إلى الله تعالى أحمد بن يوسف بن محمد بن مسعود الشافعي الحلبي.”
- أنه عند كل مسألة فقهية يدافع عن مذهب الشافعي، ويناقش أقوال المذاهب الأخرى مقارنة بمذهب الشافعي.
- من مصنفاته.
- وفاته.
توفي الإمام الفقيه المقرئ، المفسر السمين الحلبي بالقاهرة سنة ست وخمسين وسبعمائة للهجرة (756ﻫ)، ولا اختلاف فيه بين أصحاب التراجم (23).
المطلب الثاني: التعريف بكتاب القول الوجيز.
-
اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى المؤلف.
اسم الكتاب: القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز. ومؤلفه: السمين الحلبي، عُلم هذا بعدة طرق، ومنها:
- أن المصنف– رحمه الله– كتب على غلاف المخطوط بخط يده: “القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز تأليف: الفقير إلى الله تعالى أحمد بن يوسف بن محمد بن مسعود الشافعي الحلبي.”
- أن المصنف– رحمه الله أطلق على هذا الكتاب التسمية (القول الوجيز) في مقدمته، فقال: “وسميته القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز“(24).
- ذكره في عمدة الحفاظ قائلًا: “وأما حكمه بالنسبة إلى الجهر والإسرار وحكم الإمام والمأموم فقد بسطت القول في ذلك في “القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز“(25).
- أن حاجي خليفة نسب (القول الوجيز) للسمين الحلبي في هدية العارفين (26)، وهو كتاب فهرس.
-
أهمية الكتاب.
- كلما كانت مكانة الكاتب أعلى تكون مكانة كتابه عالية، وللسمين الحلبي درجة رفيعة بين العلماء وهو من المتبحرين في العلم كما بينت آنفًا، فبهذا ارتفع شأن الكتاب أيضًا.
- أن الكتاب من كتب أحكام القرآن في المذهب الشافعي، بل هو من أوسع الكتب فيه، ولا يخفى على أحدٍ أهمية التفقه بمذهب إمام من الأئمة المعتبرة.
- اشتمال الكتاب على شتى الفنون.
المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية لترجيحات السمين الحلبي من بداية سورة النساء إلى الآية (51) من السورة نفسها، ثلاثة ترجيحات نموذجا.
- قوله تعالى: {إنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [سورة النساء: 2].
المسألة: رجوع الضمير في قوله: {إنَّه}.
قال السمين الحلبي: – فيه– ثلاثة أوجه:
“أحدها: أنه يعود على الأكل المفهوم من قوله {ولا تَأكُلُوا}.
الثاني: أنه عائد على التبدل المفهوم من قوله: {ولا تَتَبَدَّلُوا} والأول أولى لأنه أقرب مذكور.
والثالث: أنه عائد إليهما، وإنما أفرد أحواله مجرى اسم الإشارة (27) كقوله:
فيها خطوطٌ من سوادٍ وبَلَقْ | *** | كأنهُ في الجلدِ توليعُ البَهَقْ (28). |
فهو كقوله: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [سورة البقرة: 68]، بعد ذكر الفارض والبكر، وقد تقدم تحقيقه في مكانه“(29)(30) .
الدراسة والموازنة:
القول الأول: وهو قول من يقول إن الضمير يعود على الأكل المفهوم من قوله: {وَلَا تَأْكُلُوا}، اختاره السمين الحلبي وهو قول الأخفش، والطبري، والواحدي، وابن عطية، والقرطبي، والبيضاوي، والخازن، وأبي حيان، والثعالبي، وابن عادل، والبقاعي، والألوسي، والشنقيطي (31).
واستدلوا على ذلك بقاعدة في النحو، وهي إعادة الضمير لأقرب مذكور، كما قال ابن مالك: “إذا ذكر ضمير واحد بعد اثنين فصاعدا جُعل للأقرب، ولا يجعل لغيره إلا بدليل من خارج“(32)، وهناك قاعدة ترجيحية: “الأصل إعادة الضمير إلى أقرب مذكور ما لم يرد دليل بخلافه“(33).
القول الثاني: إعادته على التبدل المفهوم من قوله: {ولا تَتَبَدَّلُوا} ذكره أبو حيان، والسمين الحلبي، وابن عادل(34) من دون نسبة لأحد، ولم أجد من المفسرين من تبنى هذا القول.
ولم يستدلّ أحد على هذا القول ولعل دليل هذا الرأي: أنك لو ذهبت إلى من يقول بإعادة الضمير إلى قوله: {وَلا تَأْكُلُوا} تضطر أن تحكم بنسخ الآية وناسخها قوله تعالى: {وَإِنْ تُخاَلِطُوهُم فَإِخْوَانِكُم} [سورة البقرة: 220]، أما إذا أعدت الضمير إلى التبدل فأنت حينئذ أعملت الآيتين معا، فلا شك أن إعمال الآية أفضل من إهماله.
ويمكن أن يجاب عن ذلك، أن معناه: “ولا تأكلوها مضمومة إلى أموالكم، أي لا تنفقوهما معا ولا تسووا بينهما، وهذا حلال وذاك حرام وهو فيما زاد على قدر أجره“(35).
القول الثالث: إعادة الضمير على كليهما، وإنما أفرد أحواله مجرى اسم الإشارة، أجاز هذا القول أبو حيان، والسمين الحلبي، وابن عادل (36).
استدلوا على هذا القول: أن هذه الآية تشبه قوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِك} [سورة البقرة: 68]، فقال الزمخشري في تفسيره: “فإن قلت: كيف جاز أن يشار به إلى مؤنثين، وإنما هو للإشارة إلى واحد مذكر؟ قلت: جاز ذلك على تأويل ما ذكر وما تقدّم، للاختصار في الكلام، كما جعلوا (فعل) نائباً عن أفعال جمة تذكر قبله: تقول للرجل: نِعمَ ما فعلت، وقد ذكر لك أفعالاً كثيرة وقصة طويلة، كما تقول له: ما أحسن ذلك. وقد يجري الضمير مجرى اسم الإشارة في هذا؛ لأنّ أسماء الإشارة تثنيتها وجمعها وتأنيثها ليست على الحقيقة وكذلك الموصولات“(37)، وكما قال أبو علي الفارسي(38): “قوله عز وجلّ: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِك} (وبَيْن) لا يقع إلا لاثنين، كقولك: المال بينهما وبين زيدٍ وعمرٍو، وإنما أضيف إلى (ذلك) لأن المراد به ما فوق الواحد، وجاز هذا فيه، لما فيه من الإبهام، لأن الأسماء المبهمة تقع على لفظ الآحاد والمراد بها أكثر من الواحد“(39).
الترجيح: الراجح القول الأول، وذلك للتالي:
- لإعادة الضمير إلى أقرب مذكور، وقد ذكرت القاعدة في هذا.
- لأنه قول جمهور المفسرين، ولم أقف على قول من خالفه، والقائلون بجواز القول الثالث اختاروا هذا القول وصرحوا بأولوية التفسير به.
- قوله تعالى: {فانَكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاع} [سورة النساء: 3].
المسألة: ما سبب انتصاب قوله تعالى: {مَثْنَى}؟
قال السمين الحلبي: “وفي انتصابها في هذه الآية وجهان:
أبرزهما: الحالية كما قدمناه، وفي صاحب الحال وَجْهان: أظهرهما: أنه {مَا طَابَ}.
والثاني من الوجهين الأولين: أنه بدل من {مَا طَابَ} جوز ذلك ابن عطية وأبو البقاء وفيه نظر من حيث إن البدل في نية تكرير العامل وقد تقدم أن هذه الألفاظ لا تلي العَوامِل(40).
الدراسة والموازنة:
القول الأول: اختاره السمين الحلبي وهو قول الزمخشري، والفخر الرازي، والنسفي، وابن جزي، وأبي حيان، والبقاعي، وأبي السعود، وابن عاشور (41).
استدلوا على ذلك: إن قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} وهي نكرات يعرفن بلام التعريف، تقول: فلان ينكح المثنى والثلاث والرباع (42)، وقوله {مَا طَابَ} معرفة، فهذا يجعلهن حالًا؛ إذ إن شرط الحال النكارة (43)، وأما البدل يتساوى مع المبدل عنه في التعريف والتنكير (44).
القول الثاني: هو قول الزجاج، وأبي علي، ومكي بن أبي طالب، والواحدي، وابن عطية، وأبي البقاء، والقرطبي، والثعالبي، والشوكاني (45).
استدلوا على ذلك: كما قال الفراء: “فإنها حروف لا تجرى، وذلك أنهن مصروفات عن جهاتهن ألا ترى أنهن للثلاث والثلاثة، وأنهن لا يضفن إلى ما يضاف إليه الثلاثة والثلاث، فكان لامتناعه من الإضافة كأن فيه الألف واللام“(46).
الترجيح: الراجح– والله أعلم– قول السمين الحلبي ومن وافقه؛ لأن قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} نكرات، نظيره قوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [سورة فاطر: 1]، هنا قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} صفة لقوله {أَجْنِحَةٍ} وهي نكرة (47)؛ فكذلك في موضوعنا نكرات؛ لذلك ترجحت عندي حاليتها في الإعراب.
- قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافَاً وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [سورة النساء: 6].
المسألة: ما نوع الواو في قوله: {ولا تأكلوها إسرافا وبدارًا أن يكبروا}؟
قال السمين الحلبي: “وفي هذه الجملة النهيية وَجْهان: أحدهما: وهو الأظهر أنها مُستأنفة، وليست عطفا على جواب الشرط الذي هُو فادفَعُوا، وذلك لفساد المعنى وبَيانه أن الجواب المذكور وشرْطه مترتبان على بلوغ النكاح أي وقته وحده وهو معارض لقوله: {أَنْ يَكْبَرُوا}.
فيلزم منه سبقه على مَا ترتب عليه، وذلك ممتنع، وقد غلط بعضهم فجعلها عطفا عليْه وقد بينا فسَادَه“(48).
الدراسة والموازنة:
القول الأول: اختاره السمين الحلبي وهو قول أبي حيان، والآلوسي (49).
والمفسرون الذين وافقوا على هذا القول ضمنا مقاتل بن سليمان، والفراء، والأخفش، وابن جرير، والسمرقندي، والثعلبي، والسمعاني، والزمخشري، وابن عطية، وابن العربي، والفخر الرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، ابن جزي، وابن كثير، والنيسابوري (50).
كما ورد في قراءة ابن مسعود (51)، وروي عن ابن عباس، وقتادة، والحسن، والسدي (52).
واستدلوا على ذلك: إذا جُعلت الواو الاستئنافية لا يتوافق مع قوله {وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}، كما قال أبو حيان: “وهذه الجملة مستقلة. نهاهم تعالى عن أكل أموال اليتامى وإتلافها بسوء التصرف، وليست معطوفة على جواب الشرط، لأنه وشرطه مترتبان على بلوغ النكاح. وهو معارض لقوله: {وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}، فيلزم منه مشقة على ما ترتب عليه، وذلك ممتنع“(53).
القول الثاني(54): هو عطف الواو في قوله: {وَلَا تَأْكُلُوها} على جواب الشرط في قوله {فَإِنْ ءَانَسْتُم مِنْهُم رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِم}، وعلى هذا القول يكون المعنى: ولا تأكلوها حال رشدهم وبلوغهم، وهذا مفسد لمعنى الآية– والله أعلم– .
الترجيح: الراجح– والله أعلم– قول السمين الحلبي ومن وافقه، وذلك لأسباب:
- استقامة المعنى على هذا القول.
- هو قول جمهور المفسرين ولم أقف على رأي المخالف لهذا القول.
الخاتمة:
توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
- يعتبر السمين الحلبي من العلماء الأجلاء الذين له قدم راسخ في علم التفسير، وذلك يُرى من عدة أمور:
- توسعه في إيراد الأقوال المفسرين والفقهاء والمحدثين.
- اختيار قول وتقوية ذاك الاختيار بصحيح النقل وصريح العقل.
- مناقشة الأقوال المرجوحة، وإتيانه بإيرادات صحيحة.
- بالرغم من موافقة رأي السمين الحلبي مع المفسرين الآخرين إلا أنه ينفرد بالحكم أحيانًا، وهذا يعطي لتفسيره مرتبة ممتازة.
- أن السمين الحلبي اعتمد في تفسيره على التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي.
- أكثر السمين الحلبي في نقل أقوال أبي حيان، والزمخشري وابن عطية.
- إن المذهب الفقهي للسمين الحلبي مذهب الشافعي؛ لذلك غالبًا ما ينتصر لمذهبه، إلا أنه يتمسك بالحديث إن صح ذلك.
- إن دراسة الترجيحات يعطي للطالب ملكة التعامل مع الكتب، وتنمي عنده دقة في الفهم.
- إن السمين الحلبي متعمق في علم النحو والصرف، وذلك يظهر جليًا في تعامله بالتفسير بالرغم جعل هذا التفسير في أحكام القرآن.
التوصيات:
- جمع جميع الرسائل التي كتبت في ترجيحات السمين الحلبي وطباعتها؛ لأن تفسيره يكمن فيه كثير من الفوائد والدرر.
- أحث إخوتي المتخصصين في علم التفسير بالتعمق بعلوم اللغة؛ لأن الطالب الذي ليس عنده يد طويلة في علم النحو لا يستطيع أن يفهم التفاسير مثل هذا.
قائمة المراجع:
- ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين أبي الخير محمد بن محمد ابن الجزري، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1428ه – 2006م.
- ابن العربي: أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله، دار الكتب العلمية.
- ابن حجر: الدرر الكامنة في الأعيان المائة الثامنة لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، مجلس الدائرة المعارف العثمانية ط: الطبعة الثانية 1392ه – 1972م.
- ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لعبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1422ه – 2001م.
- أبو حيان: البحر المحيط لأثير الدين محمد بن يوسف أبي حيان الأندلسي، دار إحياء التراث العربي.
- أبو سليمان: النجوم الزاهرة في تراجم القراء الأربعة عشرة ورواتهم وطرقهم لصابر حسن أبي سليمان، دار عالم الكتب ط: الطبعة الأولى 1419ه – 1998م.
- الأخفش: معاني القرآن لأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط، مكتبة الخانجي ط: الطبعة الأولى 1411ه – 1990م.
- الأسنوي: طبقات الشافعية لعبد الرحيم الأسنوي، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1407ه – 1978م.
- الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لأبي الفضل السيد المحمود الألوسي، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1415ه – 1994م.
- البيضاوي: أنوار التنزيل وأسرار التأويل لناصر الدين أبي الخير عبد الله بن عمر البيضاوي، دار إحياء التراث العربي.
- الجرجاني: التعريفات لأبي الحسن علي بن محمد الجرجاني، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الثانية 1424ه– 2003م.
- حسين الحربي: قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين بن علي بن حسين الحربي، دار القاسم ط: الطبعة الأولى 1417ه – 1996م.
- الخازن: لباب التأويل في معاني التنزيل علاء الدين علي بن محمد، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1425ه – 2004م.
- الزركلي: الأعلام قاموس التراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين لخير الدين الزركلي، دار العلم الملايين ط: الطبعة الخامسة عشر 2002م.
- الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، مكتبة العبيكان ط: الطبعة الأولى 1418ه– 1998م.
- السمين الحلبي: الدر المصون في علوم الكتاب المكنون لأحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي، دار القلم، ت: د. أحمد محمد الخراط.
- السمين الحلبي: عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ لأحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي، دار الكتب العلمية ط: الطبعة الأولى 1417ه – 1996م.
- السيوطي: بغية الوعاة في طبقات النحويين والنحاة لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، عيسى البابي الحلبي ط: الطبعة الأولى 1384ه – 1964م.
- الصفدي: الوافي بالوفيات لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، دار إحياء التراث العربي ط: الطبعة الأولى 1420ه – 2000م.
- الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري دار هجر، ت: د. عبد المحسن التركي.
- العكبري: شذرات الذهب في أخبار من ذهب لشهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد العكبري، دار ابن كثير ط: الطبعة الأولى 1406ه – 1986م.
- القرطبي: لجامع الأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، دار الكتب المصرية ط: الطبعة: الثانية، 1384هـ– 1964م.
- مساعد الطيار: فصول في أصول التفسير لمساعد بن سليمان الطيار، دار ابن الجوزي ط: الطبعة الثالثة 1420ه – 1999م.
- مقاتل: تفسير مقاتل بن سليمان، مؤسسة التاريخ العربي ط: الطبعة الأولى 1423ه – 2002.
- الواحدي: الوجيز في تفسير كتاب العزيز لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي، دار القلم ط: الطبعة الأولى 1411ه – 1990م.
1) الجرجاني: التعريفات ص (56).
2) الجرجاني: التعريفات ص (171).
3) الجرجاني: التعريفات ص (63).
4) د. مساعد الطيار: فصول في أصول التفسير ص (118).
5) د. حسين الحربي: قواعد الترجيح عن المفسرين دراسة تطبيقية (1/39).
7) ذكر ابنُ تغري بردي في النجوم الزاهرة 10/321، والسيوطي في بغية الوعاة 1/402، والزركلي في الأعلام 1/274: أن اسمَ جدهِ عبدُ الدائم.
8) السمين الحلبي: الدر المصون 11/165.
9) الإسنوي: طبقات الشافعية 2/288.
10() المصدر السابق، ولكن لم أقف على أي كلام حول نشأته في حلب من التراجم.
11() عبد الحي العكري: شذرات الذهب 8/308.
12() خليل الصفدي: أعيان العصر 1/441.
13() انظر: ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 2/282، وابن حجر: الدرر الكامنة 1/402.
14() انظر: خليل الصفدي: أعيان العصر 5/675، وخليل الصفدي: الوافي بالوفيات 29/173، وابن حجر: الدرر الكامنة 1/402.
15() ابن الجزري: غاية النهاية 2/365.
16() الإسنوي: طبقات الشافعية 2/288.
17() ابن الجزري: غاية النهاية 1/152.
18() الأشاعرة: فرقة كلامية إسلامية، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة. وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب. أنظر: موسوعة الميسر لمذاهب والأديان 1/83.
19() القول الوجيز 1/ 277 تحقيق د. عبد الرحيم القاوش.
20() الدر المصون 1/76.
21() الإسنوي: طبقات الشافعية 2/288.
22() وهو مطبوعٌ، طبعته دار القلم بدمشق، بتحقيق: د. أحمد الخراط، وحول هذا الكتاب دراسات نفيسة، منها: منهج السمين الحلبي في در المصون للدكتور عيسى الدريبي.
23() الإسنوي طبقات الشافعية 2/289.
24() القول الوجيز 1/101 تحقيق عبد الرحيم القاوش.
25() السمين الحلبي: عمدة الحفاظ 1/126.
26() حاجي خليفة: هدية العارفين 1/111.
27() أجازه أبو حيان كما في: البحر المحيط: 3/150، وانظر الأوجه الثلاثة في: الدر المصون 3/557، اللباب: 6/155.
28() البيت لرؤبة بن العجاج، انظر ديوانه: ص 104. والبلق سواد وبياض، والبهق: بياض رقيق يعتري ظاهر البشرة. انظر مادة (بلق) و (بهق) في: لسان العرب 5/347 و5/374 وفي تاج العروس 25/94 و25/108.
29() انظر: الدر المصون: 1/419؛ يقول السمين رحمه الله: «بين» إنما تُضاف لشيئين فصاعداً، وجاز أن تضافَ هنا إلى مفرد، لأنه يُشارُ بِهِ إلى المثنى والمجموع. ثم نقل كلام الزمخشري فقال: قال الزمخشري: «فإن قلت: كيف جازَ أن يُشارَ به إلى مؤنَّثَيْن وإنما هو لإِشارةِ المذكر؟ قلت: لأنه في تأويلِ ما ذُكر وما تقدَّم»، وقال: «وقد يَجْري الضمير مَجْرى اسم الإِشارةِ في هذا، قال أبو عبيدة: قلت لرؤبة في قوله:
فيها خطوطٌ من سَوادٍ وبَلَقْ***كأنَّهُ في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
إن أردْتَ الخطوطَ فقل: كأنها، وإن أردْتَ السوادَ والبَلَق فقل: كأنهما، فقال: أردْتُ: كأنَّ ذاكَ. وَيْلَك» انظر: الكشاف (1/149ـ150). والذي حَسَّنَ منه أنَّ أسماءَ الإِشارةِ تَثْنِيتُها وجَمْعُها وتأنيثُها ليسَتْ على الحقيقة، وكذلك الموصولاتُ، ولذلك جاء الذي بمعنى الجمع.
30() القول الوجيز ص: 108.
31() انظر: الأخفش: معاني القرآن ل 1/244، والطبري: جامع البيان 6/356، والواحدي: الوجيز ص: 251، وابن عطية: المحرر الوجيز 2/6، والقرطبي: الجامع لأحكام 5/10، والبيضاوي: أنوار التنزيل 2/59، والخازن: لباب التأويل 1/338، وأبي حيان: البحر المحيط 3/225، والثعالبي: الجواهر الحسان 2/162، وابن عادل: اللباب 6/155، والبقاعي: نظم الدرر 5/178، والألوسي: روح المعاني 2/399، والشنقيطي: أضواء البيان 1/358.
32() ابن مالك: التسهيل 1/157.
33() حسين الحربي: قواعد الترجيح 1/621.
34() البحر المحيط 3/225، القول الوجيز ص: 108، ابن عادل، اللباب 6/155.
35() أنوار التنزيل 2/59.
36() البحر المحيط 3/225، القول الوجيز ص: 108 ، ابن عادل، اللباب 6/155.
37() الكشاف 1/279، نقلته بتصرف يسير.
38() أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الفسوي، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة مثل (الحجة) في علل القراءات، و(الإيضاح) في النحو وغيرهما، وكان فيه اعتزال، توفي سنة: (377ه). انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 16/379.
39() أبي علي الفارسي: التعليقة على كتاب سيبويه 3/253.
40 القول الوجيز ص: 124.
41) انظر: الكشاف 2/15، ومفاتيح الغيب 9/182، ومدارك التنزيل 1/329، وتسهيل ص: 166، والبحر المحيط 3/229، ونظم الدرر 5/179، وإرشاد العقل 2/142،
42) انظر: الكشاف 2/15.
43) قال ابن هشام: وشرطها التنكر. انظر: قطر الندى ص: 231.
44) انظر: المصدر السابق ص: 307.
45) انظر: معاني القرآن 2/9، معاني القرآن 1/254، ومشكل إعراب القرآن 1/178، والبسيط 6/302، والمحرر الوجيز 2/466، وأبي البقاء التبيان 1/328، والجامع لأحكام 6/30، والجواهر الحسان 2/164، وفتح القدير 1/482.
46) معاني القرآن 1/254.
47) السيرافي: شرح كتاب سيبويه 3/492.
48() القول الوجيز ص: 155.
49() البحر المحيط 3/241، روح المعاني 2/418.
50() انظر: تفسير مقاتل بن سليمان 1/358، ومعاني القرآن 1/257، ومعاني القرآن 1/246، وجامع البيان 7/579، وبحر العلوم 1/333، والكشف والبيان 2/173، وتفسير القرآن 1/398، والكشاف للزمخشري 2/24، والمحرر الوجيز 2/11، وأحكام القرآن 1/421، ومفاتيح الغيب 6/197، والجامع لأحكام ل 5/41، وأنوار التنزيل 2/61، ومدارك التنزيل 1/332، وتسهيل ص: 167، وتفسير القرآن 2/216، وغرائب القرآن 2/354، وغيرهم من المفسرين، وكلهم فسروا الآية موافقا باستئنافية الواو، ومع ذلك لم يتعرض أحدهم في هذا الموضوع.
51() ذكرها الماتريدي في تأويلات أهل السنة 3/25 وهي: “ولا تأكلوها إسرافًا وبدارا خشية أن يكبروا“؛ فهذه القراءة يتوافق لقول من يقول بالواو الاستئنافية.
52() انظر: جامع البيان 7/580.
53() البحر المحيط 3/241.
54() ولم أقف على صاحب هذا القول.