Etiquette in Islam
Tagreed Hassan almatalka
Faculty of Humanities and Humanities Bahout Sudair || Almajmaa university || KSA
الإتيكيت في الإسلام
كلية الدراسات والعلوم الإنسانية بحوطة سدير || جامعة المجمعة || السعودية
المقدمة:
قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]. وقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4].
والآيتان الكريمتان في مدح أفضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. والملاحظ أنّ الله تعالى لم يمتدحه بماله، ولا جماله، ولا حسبه، ولا نسبه، وإنّما بأخلاقه وسلوكه صلى الله عليه وسلم.
وقد تبدو غرابة هذه الكلمة (الإتيكيت)، لأن الفكر اذا ما أُطلقت فإنّه يذهب مباشرة إلى الغرب معتقدين أنّهم أصل الإتيكيت، وأنّ المسلمين ليس لهم من هذه الكلمة نصيب، والحقيقة أنّ الإسلام هو أصل الإتيكيت، والنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه خير من طبّقه، ولا غرابة فالإتيكيت هو فن السلوك وهذا هو أصل الإتيكيت.
وليس منّا من لا يُحبّ أن يُشار إليه بالبنان، ويُوصف بأنّه إتيكيت، والسبيل إلى ذلك هو التحلّي بأخلاق الإسلام، والعمل بمبادئه، فكل مسلم هو سفير عن دينه، ولا بدّ أن يكون هذا السفير قدوة لغيره، ينقل الصورة الصحيحة لهذا الدين. عن طريق التطبيق العملي له.
وفي محاولة متواضعة رأيت أن أكتب في هذا الموضوع، علّه يجد عقولاً واعية، وآذاناً صاغية راجية المولى عزّ وجل أن يرزقني الإخلاص في عملي، وأن يُعينني على ذلك، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
أهمية البحث:
- تنبع أهمية الكتابة في هذا الموضوع من أهمية الموضوع نفسه، فموضوع الإتيكيت أمر يهم الجميع، وهو هدف سامٍ يسعى الجميع لتحقيقه، ويفيد منه كل من يطلع عليه.
- ممّا يؤكد أهمية هذا الموضوع عناية القرآن الكريم والسنة النبوية به، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، خصوصاً إذا ما عرفنا بأنّ الإتيكيت ينبع من الأخلاق، والأخلاق تحتل مكانة عريقة في ديننا الإسلامي.
- الجميع يسعى لأن يكون هو الأفضل ولن يكون هذا إلا بالتحلي بالأخلاق والإتيكيت.
مشكلة البحث وأسئلته:
حيث إنّه يُنظر إلى المسلمين على أنّهم الأبعد عن الأخلاق، وفن السلوك، وأنّهم لا يُحسنون فن التعامل والإتيكيت، وأنّ هذا الوصف هو للغرب لا للمسلمين، ثمّ البُعد الاجتماعي بين المسلمين أنفسهم، وبينهم وبين الآخرين، وهذا كلّه مردّه إلى قلة المعرفة بأخلاق ديننا، وبالتالي عدم تطبيق هذه الأخلاق لعدم معرفتنا بها، والتي لو عرفناها لكنّا أهلاً للإتيكيت ولكانت علاقاتنا الاجتماعية، وفق ما أراده الله تعالى للمجتمع المسلم.
لذلك ارتأيت أن أكتب في هذا الموضوع، علّنا نلحق بالركب. ونستطيع العودة إلى أخلاقنا.
وقد جاءت فكرة الكتابة في هذا الموضوع في محاولة متواضعة مني لعلاج هذه المشكلة.
وذلك من خلال الإجابة عن سؤال رئيس ألا وهو: ما هي معالم الإتيكيت في الإسلام؟
ويتفرع عن هذا السؤال كل من الأسئلة التالية:
- ما مفهوم الإتيكيت؟
- ما مجالات اتكيت تعامل الفرد مع نفسه؟
- ما مجالات اتكيت تعامل الفرد مع أفراد أسرته؟
- ما مجالات اتكيت تعامل الفرد مع المجتمع الخارجي؟
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق الهدف المحوري المتعلق بتوضيح مفهوم الإتيكيت في الإسلام ومجالاته، ويتفرع عنه الأهداف الفرعية التالية:
- بيان مفهوم الإتيكيت.
- بيان مجالات اتيكيت تعامل الفرد مع نفسه.
- كيفية معاملة الفرد مع أفراد أسرته.
- بيان مجالات تعامل الفرد مع المجتمع الخارجي.
الدراسات السابقة:
لم أقف على دراسة تلتقي مع موضوع دراستي، اللهمّ إلا ما كان من بعض الدراسات التي تعرضت إلى ذكر الشيء اليسير من موضوع دراستي ومنها:
- فن الإتيكيت(1): تناول الكاتب دراسته في جزأين تحدث في الجزء الأول منها عن الإتيكيت بمفهومه وعن اتكيت الحديث، وهذا هو الجزء الذي يلتقي مع موضوع دراستي، وفي الجزء الثاني تحدث عن فن المراسم (البروتوكول) وهنا تفترق مع دراستي حيث فصّل في الحديث عن الإتيكيت في التعامل الرسمي والاجتماعي، وفي الاجتماعات والمقابلات، وتحدث بشكل مفصّل عن البروتوكول.
- قواعد البروتوكول الدبلوماسي والإتيكيت: ل نور الدين بيدو كان و عبد الواحد الرفيق)(2)
هدفت الدراسة إلى توضيح مفهوم البروتوكول في السياسة الدولية وجاءت هذه الدراسة في مقدمة وأربعة فصول تحدّثوا في الفصل الأول عن تعريف ومفاهيم للبروتوكول وفي الفصل الثاني تحدّثوا عن مصادر المراسم والتشريفات – البروتوكول وفي الفصل الثالث تحدّثوا عن خدمة المراسم والتشريفات في دول العالم أمّا الفصل الرابع والأخير فقد تحدّثوا فيه عن مراسم زيارة كبار الزوار والوفود الرسمية
لم يتطرق الكاتبان في هذه الدراسة للحديث عن الإتيكيت وإنّما كان جلّ اهتمامهم في التركيز على الحديث في موضوع البروتوكول.
تختلف دراستي بشكل كلّي عن هاتين الدراستين حيث إنّ موضوع دراستي يتحدث عن الإتيكيت بشكل مفصّل سواء أكان اتكيت تعامل الفرد مع نفسه أم مع الآخرين ممّن هو من داخل البيت، أو ممّن هم من خارجه.
منهج البحث
وقد استخدمت في بحثي هذا المنهج الوصفي لوصف أبعاد المشكلة، والتاريخي حيث بيّنت أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع كافة أفراد المجتمع. والرقيّ والإتيكيت الذي كان يتعامل بهما. مستعينة في ذلك بالمنهج الاستقرائي، من خلال استقراء بعض الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، التي استشهدت بها في ثنايا البحث للوصول من خلالها إلى حكم معين، مع تخريج الأحاديث من الكتب الستة وما لم أعثر عليه في هذه الكتب اعتمدت كتب التخريج الأخرى مع توثيق دقيق للمراجع.
هيكلة البحث
المقدمة.
المبحث الأول: الإتيكيت. وفيه:
المطلب الأول: أصل الكلمة ومفهومها
المطلب الثاني: أهمية الإتيكيت
المطلب الثالث: الفرق بين الإتيكيت والبروتوكول
المبحث الثاني: إتيكيت الفرد مع نفسه وفيه.
المطلب الأول: إتيكيت المظهر العام.
المطلب الثاني: استخدام الطيب
المطلب الثالث: اتيكيت المشي
المطلب الرابع: اتيكيت الحديث
المطلب الخامس: اتيكيت الاكل
المبحث الثالث: إتيكيت معاملة الفرد لأفراد أسرته. وفيه:
المطلب الأول: إتيكيت معاملة الوالدين
المطلب الثاني: إتيكيت معاملة الزوجة
المطلب الثالث: إتيكيت معاملة الأبناء.
المطلب الرابع: إتيكيت معاملة الخادم.
المبحث الرابع: الإتيكيت الخارجي وفيه
المطلب الأول: إتيكيت معاملة الضيوف.
المطلب الثاني: إتيكيت الزيارة.
المطلب الثالث: إتيكيت احترام مشاعر الآخرين.
المطلب الرابع: إتيكيت معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة
ثم الخاتمة والمراجع.
المبحث الأول: الإتيكيت
المطلب الأول: أصل الكلمة ومفهومها.
كلمة الإتيكيت مشتقة من الكلمة الفرنسية (تيكيت) وهي بطاقة الدعوة، والتي يُكتب عليها بروتوكول أو نظام أو سلوك الحفل المتبع (3).
أقول: وإن كان أصل الكلمة مشتق من الفرنسية، لكنّه اشتقاق كلمة فقط، أمّا المعنى والمضمون فأساسه الإسلام.
لغة: لياقة، سلوك سليم(4).
اصطلاحا: هو “فن الخصال الحميدة” أو “السلوك بالغ التهذيب“(5).
ويُعرّف بأنّه: (احترام النفس، واحترام الآخرين، وحُسن التعامل معهم) (6).
ممّا سبق يُمكن القول: بأنّ الإتيكيت هو مجموعة من الأخلاق والسلوكيات الإيجابية الراقية، التي يمُارسها الفرد مع نفسه أولاً، ثمّ مع الآخرين، فترتقي به وبالمجتمع أيّما رقيّ.
المطلب الثاني: أهمية الإتيكيت
إنّ التعامل مع الآخرين بذوق واحترام، هو من أجل أنْ نَكسب احترامنا وحُبنا لأنفسنا وللآخرين.
فالسلوك الراقي يُعبّر عن صاحبه، وهو جزء لا يتجزأ من الجمال الروحي والجسمي. والإتيكيت هو المرآة التي تعكس صورة الإنسان لنفسه، وللآخرين، وما من شك بأنّ الجميع يُحبّ أن يرى نفسه بأجمل شكل، ولا يكون هذا إلاّ إذا تجمَل وتحلّى المرء بأفضل ما عنده من الزينة الداخلية والخارجية.
والإتيكيت هو الرُقيّ وحلاوة الأسلوب، وهو ممّا يَكتب لصاحبه القَبول عند الخالق والخلْق فُيكسبه الثقة بنفسه، ويجعله عضواً فاعلاً في المجتمع.
وهو من أهم أسس أمن المجتمع، واستقراره، والارتقاء به، ومن هنا يُمكن لنا أن نعزو معظم الجرائم المجتمعية، إلى افتقارنا إلى هذا الأمر، حيث إنّ الإتيكيت يمنح صاحبه التفاعل مع المجتمع، والتسامح مع الآخرين، ممّا يؤدي إلى تقليص حجم الجرائم في المجتمع.
المطلب الثالث: الفرق بين الإتيكيت والبرتوكول.
قد يُعتقد للوهلة الأولى أن الإتيكيت والبروتوكول بمعنىً واحد، لكن ثمة فرق بينهما. ويظهر ذلك من خلال أصل الكلمة واشتقاقها.
(بُروتوكول مفرد بُروتوكولات: مسوّدة أصليَّة تُصاغ على أساسها معاهدة أو اتفاقيّةُ، وثائق ومحاضرُ الاتِّفاقات)(7).
وإذا كان البروتوكول مجموعة من القواعد والإجراءات في العلاقات الرسمية الإنسانية وعلى مستوى الدول فإنّ الإتيكيت أو السلوك الحسن يصب في العلاقات العامة والخاصة الفردية، وعلى مستوى المجتمعات الصغيرة الضيقة(8).
وهناك معنيان لكلمة بروتوكول: (9)
ففي المعنى القانوني، يعرّف البروتوكول أنه اتفاقية دولية تكمّل أو تحسّن معاهدة ما، أو أنّه ملحق بمعاهدة ما.
أمّا في المعنى الدبلوماسي، فيُطلق على مجموعة القواعد والإجراءات، والاتفاقيات والاحتفالات التي تتصل بالعلاقات بين الدول.
فالبروتوكول هو القاعدة التي توجّه الكيفية التي يجب أن يؤدى بها تصرّف أو نشاط ما. خاصّة في مجال الدبلوماسية فالبروتوكولات تحدد السلوك السليم، أو المتعارف على قبوله فيما يتعلق بأصول الدبلوماسية وشؤون الدولة)(10).
وعليه: فإنّ البروتوكول والإتيكيت يُكمّلان بعضهما، يهتم الأول بالقواعد التي تحكّم السلوك الدبلوماسي، وتنظم الثانية حياة البشر بمختلف انتماءاتهم في إطار من القواعد السلوكية.
(فالإتيكيت يُمثّل جمالك أمام نفسك وأمام الآخرين، والبروتوكول يُمثّل جمالك أمام الجنسيات الأخرى)(11).
المبحث الثاني: اتكيت الفرد مع نفسه.
يتعامل فيه المرء مع نفسه، بأسلوب راقٍ جميل، فيظهر أثره على شكله وأخلاقه وينتقل هذا الرقيّ تلقائيا إلى الآخرين، لذلك علينا الاهتمام به، لنجعله منهجاً نلتزم به، ومبدأ حياة نسير عليه.
المطلب الأول: اتيكيت المظهر العام.
حثّ الإسلام على نظافة الأجسام، والعناية بها، لأنّ أثرها عميق في تزكية النفس، وتمكين الإنسان من النهوض بأعباء الحياة، فهي ليست مجرد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعياً فقط، بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة، يثاب فاعلها ويأثم تاركها) (12).
ومن مظاهر المحافظة على المظهر العام، الاعتناء بالمظهر الخارجي واللباس النظيف، فجاء الأمر للمسلمين بأن يتزينوا ويتجملوا في كل أوقات الصلاة، أي: على مدار اليوم؛ لأنّ المسلم إمّا أن يكون في وقت الصلاة، أو في وقت يتهيأ فيه للصلاة، فهو نظيف وطاهر باستمرار.
قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف: 31).
نقل الرازي رأي بعض العلماء عند تفسير هذه الآية فقال: اشترط هؤلاء أن تغسل النجاسة بماء الورد“(13).
ونظافة وطهارة الثوب من أوائل الأمور التي نبّه عليها الإسلام، قال تعالى: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المدثر: 4 والمعروف أن سورة المدثر هي من أوائل السور الكريمة نزولاً.
وفي الوقت نفسه استنكر صلى الله عليه وسلم على ذلك الرجل الذي لم يهتم بنظافة ثوبه لمّا رآه متسخا.
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرًا فِي مَنْزِلِنَا، فَرَأَى رَجُلًا شَعْثًا، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ» وَرَأَى رَجُلًا آخر وعَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ)(14).
وقد جعل الله تعالى النظافة والطهارة من الأسباب الموجبة لحبه عزّ وجل.
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222]
ومن الإتيكيت تسريح الشعر ونظافته وهذا يدخل في النظافة الشخصية الظاهرة للفرد، بدليل الحديث المتقدم
ممّا سبق يتبيّن اهتمام الإسلام بالمظهر الخارجي للإنسان، هذا الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بداخله وشعوره بالراحة والسعادة، ممّا يجعله يُقبل على الآخرين بحُب واحترام.
المطلب الثاني: استخدام الطيب.
استخدام الطيب، هو من باب أخذ الزينة التي أُمرنا بها عند الذهاب لكل صلاة وقد اهتم الإسلام بالروائح الطيبة، التي تصدر عن المُسلم. وحثّ على استخدامها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حُبِّبَ إِلَيَّ من الدنيا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)(15).
وكان صلى الله عليه وسلم جميل الرائحة دون استخدام الطيب، تنبعث منه الرائحة الزكيّة، دون أن يضع الطيب.
عن جابر –رضي الله عنه– قال: صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ثمّ خرج إلى أهله وخرجت معه، فاستقبله ولدان فجعل يمسح خديّ أحدهم واحداً واحداً قال: وأما أنا فمسح خدي قال: فوجدت ليده بردا أو ريحاً، كأنّما أخرجها من جؤنة عطار)(16).
قال النووي: (قال العلماء: كانت هذه الريح الطيبة صفته صلى الله عليه وسلم وإن لم يمس طيبا، ومع هذا فكان يستعمل الطيب في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة، وأخذ الوحي الكريم ومجالسة المسلمين)(17). |
وإلى هذا المعنى أشار ابن القيم فقال: “وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ التَّطَيُّبَ، وَتَشْتَدُّ عَلَيْهِ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَتَشُقُّ عَلَيْهِ“(18).
والتطيب، سمة للمسلمين جميعاً، وليست مُقتصرة على من هم أصحاب المناصب العالية، أو رجال الأعمال، كونهم هم الموصوفون بأهل الإتيكيت، وكل شخص لا يهتم برائحته ومظهره فهو مقصّر في سنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم.
وتجدر الإشارة: إلى أنّ وضع العطر خارج المنزل مُقتصر على الرجال دون النساء، وذلك منعاً للفتنة التي يُمكن أن تحدث، وتقتصر المرأة في وضع العطر في بيتها، وأمام محارمها فقط(19).
المطلب الثالث: إتيكيت المشي.
الإسلام دينٌ شاملٌ، يهتم بمظهر المُسلم من كل النواحي، حتّى في طريقة المشي، قال تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ .وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان: 18-19].
وقال ابن كثير عند تأويل هذه الآية: أي خيلاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا، لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ يُبْغِضُكَ اللَّهُ، وَلِهَذَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ أَيْ مُخْتَالٍ مُعْجَبٍ فِي نَفْسِهِ، فَخُورٌ عَلَى غَيْرِهِ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أَيِ امش مقتصدا مشيا لَيْسَ بِالْبَطِيءِ الْمُتَثَبِّطِ، وَلَا بِالسَّرِيعِ الْمُفْرِطِ، بَلْ عَدْلًا وَسَطًا)(20).
وقال الألوسي: (ولا تمش في الأرض) التي هي أحط الأماكن منزلةً (مرحاً) أي: فرحاً وبطراً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ هذا هو التعليل للنهي، والمختال من الخيلاء، وهي التبختر في المشي كبراً، ولذلك قيل: إن اشتقاق اسم الخيل من الخيلاء، لأنه ما ركبها أحدٌ إلا وجد في نفسه خيلاء، فسميت الخيل خيلاً من هذا. وقوله تعالى: ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) قال رحمه الله: بعد اجتناب المرح فيه، توسط فيه بين الدبيب والإسراع، من القصد وهو الاعتدال)(21).
وقد ذكر تعالى أنّ الذين يعتدلون في مشيتهم، هم من عباد الرحمن.
فقال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان: 63].
قال ابن كثير: هوناً أي بسكينةٍ، ووقار من غير جبرية أي بدون تجبر ولا استكبار. فأما هؤلاء أي عباد الله فإنّهم يمشون من غير استكبارٍ ولا مرح ولا أشرٍ ولا بطر، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعاً ورياءً يمثلون تمثيلاً ويتظاهرون تظاهراً ويتماوتون تماوتاً فقد كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وَكَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ، وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ الْمَشْيَ بِتَضَعُّفٍ وَتَصَنُّعٍ(22))(23).
وقال ابن القيم واصفاً مشية النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا مشى تكفأ تكفؤاً، وكان أسرع الناس مشيةً وأحسنها وأسكنها، وقال مرةً: إذا مشى تقلع، والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته. فلا يسحب رجليه سحباً كما يفعل بعض الناس، بل كان صلى الله عليه وسلم يرفعها رفعاً ويضعها وضعاً. فإذاً كان يرتفع من الأرض بجملته كحال المنحط من صبب، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل المشيات وأروحها للأعضاء)(24).
ممّا سبق يتبين لنا أنّ إتيكيت المشي هو من الأهمية بمكان؛ لذلك كان من الموضوعات التي نبّهنا إليها الله عزّ وجل، ونبيه صلى الله عليه وسلم.
المطلب الرابع: إتيكيت الحديث.
في طريقة الحديث مع الآخرين من الإتيكيت ما لا يخفى علينا، فهو طريقنا في الوصول إلى قلوب الآخرين وللحديث معهم آداب، منها: أن نبدأهم بالسلام قبل الكلام.
قال صلى الله عليه وسلم: (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه(.(25)
والأَولى عدم الإكثار من الحديث، ولا نتحدث إلاّ بما يرضي الله. قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114].
والآية الكريمة تبيّن أنّ الحديث الذي لا نفع فيه، ولا فائدة تترتب عليه، لا داعي له أصلا.
ومن إتيكيت الحديث مع الآخرين، تقديم الأكبر، في الكلام، وهذا الكبير قد يكون هو الأكبر في السِن أو المقام. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات: 1].
ويُستأنس بما ورد عند الإمام البخاري قال: أنّ عبدالله بن سهل ومحيّصة بن مسعود أتيا خيبر، فتفرقا في النخل، فقُتل عبدالله فجاء عبد الرحمن وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن، وكان أصغر القوم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كبّر الكُبر، قال يحيى: يعني ليلي الكلام الأكبر فتكلموا في أمر صاحبهم…الخ)(26)
ومن الإتيكيت، النظر إلى الآخرين عند محادثتهم، فلا ننشغل بأمور أخرى كالنظر إلى الجوال أو التلفاز أو أيٍ من الُملهيات الأخرى.
ومن الإتيكيت: عدم قطع حديث الآخرين، لأنّ هذا قد يُحزنهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسٍ يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدثُ. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة)(27) والشاهد قوله: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُحدّث أي: ولم يقطع حديثه.
ومن الإتيكيت خفض الصوت، قال تعالى: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان: 19].
والابتسامة أثناء الكلام، وعدم التجهم والعبوس في وجوه المستمعين من الإتيكيت فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدّث حديثاً إلّا تبسّم)(28)
ومن الإتيكيت أن لا يتناجى اثنان دون الثالث؛ لأنّ هذا الأمر قد يحزنه، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الْآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ)(29) (فالعلة: حتى لا يحزن، لأنّه قد يظن أنّه دون مستوى الكلام، ومعناها احتقاره بطريقة غير مباشرة، أو أن يظن أنّكما تتآمران عليه، فاختص الكلام بينكما وتركتماه، فكأنكما تدبران شيئًا ضده، ولأجل ذلك قال: فإن ذلك يحزنه).(30)
ممّا سبق يتبين اهتمام الإسلام بطريقة الحديث مع الآخرين، وهنا يظهر إتيكيت الإسلام.
المطلب الخامس: إتيكيت تناول الطعام.
قد يعتقد البعض أن الإتيكيت في تناول الطعام هو الشوكة والسكين، أو في وضع المناديل على السفرة. وقد تناول الكثيرون موضوع الإتيكيت في الطعام وتناوله، بطريقة مختلفة عن طريقة الإسلام، وخير من تناوله بالحديث هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
فالتسمية عند بداية الطعام، والأكل باليد اليمنى، والأكل مما يلي الشخص نفسه من الطعام هو عين الإتيكيت، وفي الحديث (يا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)(31) ومن الإتيكيت أن لا يعيب شخصٌ طعاماً قط، فإن أحبّه أكل منه، وإن لم يحبّه تركه. ومن الإتيكيت، متى ما انتهى الشخص من طعامه، حمد الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعامًا فقال: الحمدُ لله الذي أطعمنيِ هذا ورزقنِيهِ من غيرِ حولٍ منّي ولا قوّة. غُفر له ما تقدّم من ذنبه) (32).
ممّا سبق يتبيّن لنا عناية الإسلام بالإتيكيت، وحرصه على أن يكون المسلم مميزاً حتّى في طريقة تناوله للطعام.
المبحث الثالث: إتيكيت معاملة الفرد لأفراد أسرته.
الإنسان اجتماعي بطبعه، لا يستطيع العيش بمعزل عن غيره، فهو يعيش مع والديه وأفراد أسرته، ومع من حوله من أفراد المجتمع الداخلي والخارجي، وعليه أن يكون راقياً في تعامله معهم، متخلقاً بأخلاق الإسلام. وأولى الناس بالمعاملة الحسنة، والأسلوب الراقي هم الوالدان.
المطلب الأول: إتيكيت معاملة الوالدين.
الوالدان هما الأساس في تكوين الأسرة، وهما العمود الذي يُبني عليه البيت، وعليهما تقع المسؤولية في تربية الأبناء، وتعليمهم الأخلاق الفاضلة، وبالمقابل حفِظ الإسلام للوالدين حقوقهما ومكانتهما المرموقة، ولهذه المكانة العظيمة فقد قرن الله تعالى طاعة الوالدين والإحسان إليهما بعبادته. وحثّنا على حُسن معاملتهم واحترامهم وعدم الإساءة إليهم ولو بأصغر كلمة.
قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء: 23].
قال ابن كثير: (أي لا تسمعهما قولاً سيئاً حتّى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء.
ولا تنهرهما أي: لا يصدر منك إليهما فعل قبيح. ثمّ لمّا نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح أمره بالقول والفعل الحسن فقال: وقل لهما قولاً كريماً أي ليّناً طيّباً حسناً بتأدّب وتوقير وتعظيم)(33)
والآية الكريمة تبيّن إتيكيت التعامل مع الوالدين، خصوصاً في مرحلة الكبر، حيث هي مرحلة الضعف والحاجة إلى الآخرين؛ لذلك نبّه القرآن الكريم على ضرورة إقامة الوالدين ببيت الأبناء عندما يبلغون مرحلة متقدمة من العمر، وقد أكّد تعالى على ذلك من خلال قوله: (يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) وفي تقديم كلمة (عِنْدَكَ) تأكيد على أن يكونا عنده لا عند غيره.
(وفي هذه الآية الكريمة نهى تعالى عن يسير القول، والحركة، ممّا هو خارج عن الأدب. فكلمة أف من يسير القول الذي يخرج دون شعور عند طلب الوالدين أمرا قد لا يُعجب الابن، أو لا يرتضيه ويدخل في قوله (وَلَا تَنْهَرْهُمَا) يسير حركة اليدين عند عدم الرضا)(34)
ومن إتيكيت التعامل مع الوالدين، التواضع لهما، والانكسار أمامهما، فمهما بلغ الابن من مكانة لا يحق له أن يتعالى عليهما، أو ينتقص من قدرهما.
قال تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 24].
قال ابن عاشور: (ثمّ ارتقى في الوِصَاية بالوالدين إلى أمر الولد بالتواضع لهما تواضعا يبلغ حدَّ الذُّل لهما لإزالة وحشة نفوسهما إن صارا في حاجة إلى معونة الولد، لأنّ الأبوين يبغيان أن يكونا هما النافعين لولدهما)(35).
وطاعة الوالدين من أهم القُربات إلى الله تعالى؛ لذلك علينا الالتزام بهذه الطاعة، مستخدمين كل أساليب الإتيكيت في طاعتهما والإحسان إليهما.
المطلب الثاني: إتيكيت معاملة الزوجة:
الزواج نعمة امتنّ الله بها على عباده، وجعل كلاً من الزوجين سكنا للآخر، يسكن إليه، ويأنس به.
قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
وأساس هذه العلاقة الرحمة والمودّة،. وكما أنّه يوجد إتيكيت للتعامل مع الزوجة، كذلك هناك إتيكيت للتعامل مع الزوج، لكن ذكرت إتيكيت التعامل مع الزوجة؛ لأنّها ضعيفة بطبعها، بحاجة إلى الدعم المعنوي.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19].
قال ابن كثير: أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ)(36).
ومن إتيكيت معاملة الزوجة، مساعدتها في أمور المنزل، ففي الوقت الذي يرى به الرجل في هذه الأيام أنّ مساعدته لزوجته في أمور البيت انتقاصاً من رجولته، نرى الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُساعد زوجاته في أمور المنزل، ( سُئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان في مهنة أهله)(37). هذا في الوقت الذي لم تكن به المرأة مسؤولة إلاّ عن بيتها وزوجها، فكيف بمن هي اليوم موظفة وأم وزوجة، ومربيّة، والواقع يشهد بذلك.
ومن الإتيكيت أن يُشعر الزوج زوجته بحبه وتقديره لها، وليس في هذا انتقاص من رجولته، ولا بالأمر المُسيء إليه، فها هو صلى الله عليه وسلم كان يُظهر حبه لزوجاته فقد ورد عنه أنّه قال: “أني رزقت حُبها“(38) –يقصد خديجة رضي الله عنها-.
وفيه إشارة إلى أنّ حبها فضيلة وعدّ صلى الله عليه وسلم حبه لزوجته رزقاً، والرزق يستوجب الشكر.
ومن الإتيكيت أنْ لا يتصيد الزوج أخطاء زوجته بل ينظر إلى محاسنها، ويغُضّ البصر عن بعض أخطائها، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)(39).
ومن الإتيكيت أيضاً: أن لا ينشر خصوصياتها، لا في فترة الصُلح بينهما، ولا في فترة الخصام.
قال صلى الله عليه وسلم: (إنّ من أشّرِ النّاسِ عند الله منزلةً يومَ القيامة الرجُلَ يُفضِي إلى امرأتِهِ وتُفضِي إليه، ثمّ ينشُرُ سرَّها.)(40)
ومن الإتيكيت الإحساس بها، والشعور بمشاعرها، ثمّ التعبير لها عن ذلك. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: (إنِّي لأعلمُ إذا كُنتِ عنِّى راضِيَةً وإذا كُنتِ علَيَّ غَضْبَى قالت فقُلتُ: ومن أين تعرفُ ذلك؟ قال: أمّا إذا كُنتِ عنِّى راضِيةً فإنّكِ تقُولين: لا وَرَبِّ محمَّد وإذا كُنتِ غَضبى قُلتِ: لا وربّ إبراهيم)(41).
ومن الإتيكيت أنْ يستوعب الزوجُ زوجته، ويُحسن التصرف معها، وإنْ أخطأت، فعليه أن يكون حكيماً في حل مشاكله معها، حتى ولو بلغت حد النشوز.
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء: 34].
فالموعظة أولاً، والهجر ثانياً، وإنْ استدعى الأمر، فالضرب غير المبرح ثالثاً. وهذا على عكس ما يفهم الكثير من الرجال، بأنّه الضرب المُؤذي المُهين، والذي يُعتقد بأنّ فيه اثباتاً لرجولته.
عن عائشة رضي الله عنها: ما ضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم امرأةً له قط(42).
هذا وهو الذي تزوج العديد من النساء، فكيف بمن كانت لديه زوجة واحدة، ولا يستطيع استيعابها وتحمّلها.
وممّا عُرف عند الآخرين، أنّ من الإتيكيت أنْ يُطعم الرجلُ زوجته بيده، وأنْ يفتح لها باب السيارة بنفسه ولم يعلم هؤلاء، بأنّ حبيبنا وقُدوتنا صلى الله عليه وسلم قد فعل هذا. ولا يعني بأنّ هذا منهجاً وإنَّما من باب حُسن العِشرة.
هذه هي عظمة الدين في التعامل الراقي مع الزوجات، ومُخطئ من يظنّ أنّ الُرقّي والإتيكيت بمن يتعالى على المرأة، أو يهملها.
المطلب الثالث: إتيكيت معاملة الأبناء.
الأبناء هم بهجة الحياة الدنيا، وزينتها، وهم من أكبر نعم الله تعالى على الخلق، قال تعالى:
(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) [الكهف: 46].
وقد حثّنا تعالى على المحافظة عليهم، ومعرفة حقّ الله فيهم، وتعليمهم الخير والصلاح، لِما لهم فيه من خيريّ الدنيا والآخرة.
والأولاد ذو شأن عند الله، علينا أن نُحافظ عليهم، ونتّقي الله فيهم، لأننا سُنسأل عنهم يوم القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: (ألاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(43)
إنّه حديث عظيم، يُبيّن مسؤولية كل شخصٍ تجاه من هو مسؤول عنهم، فالأولاد مسؤولية الأبوين سيُسألون عنهم يوم القيامة.
لذلك عليهم القيام بهذه المسؤولية على أكمل وجه من خلال تأدية ما عليهم من واجبات تجاه أبنائهم، هذه التي تبدأ من مرحلة ما قبل الولادة وتستمر إلى مالا نهاية، لكن لا شك بأنّ مرحلة الطفولة أهم وأخطر مرحلة. فهي المرحلة التي تتكون بها شخصية الابن؛ لذلك على الأبوين التركيز على هذه المرحلة.
قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ)(44) إن السنوات الست الأولى من عمر الطفل هي الأمثل لغرس القيم الصالحة، ويجب المداومة على تأكيد هذه القيم والأخلاق في نفوس الأبناء، ولا نملّ من التأكيد المتكرر عليها، فيجب على الوالدين أنْ يجعلا من أنفسهما قدوة للأبناء، فما يتعلّمه الطفل بالقدوة أكثر تأثيراً عليه ممّا يتعلّمه بالتلقين.
ومن إتيكيت معاملة الأطفال مُمازحتهم، والحديث معهم بما يُناسب أعمارهم، وهذا لا ينتقص من قدر الوالدين، ولنقتدي بحبيبنا صلى الله عليه وسلم وهو يواسي طفلاً لموت طائر صغير كان يلعب به.( يقول أنس بن مالك كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسنَ النَّاس خُلُقاً، وكان لي أخٌ يُقال له أبو عُمير قال: أحسبُه فطيماً وكان إذا جاء قال: “يا أبَا عُمَيْر، مَا فَعَلَ النُّغَيْر ) (45)
ومن الإتيكيت أن لا ندخل على الآخرين ونخترق خصوصياتهم، إلّا بعد الاستئذان، وهذا ممّا يجب تعليمه لأولادنا منذ الصغر.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النور: 58].
ومن الإتيكيت تعليم الأولاد الصدق، حتى لا يُصبح منهجاً في حياتهم. وحتى يتحقق هذا علينا أن نكون معهم كذلك. عن عبد الله بن عامر قال: دعتني أمِّي ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في بيتِنا فقالت: ها تَعالَ أعطيك” فقال لها صلى الله عليه وسلم: ما أردتِ أن تُعطِيه؟ قالت ” أُعْطِيه تمرا“، فقال لها: أمّا إنّك لو لم تُعطِه شيئاً كُتِبتْ عليكِ كِذبة“(46).
فالكذب على الطفل يُفقده ثقته بأبويه، فينصرف عن الاستماع إليهما ويعمد إلى تقليدهما به.
ومن الإتيكيت الذي يجب أن نعلّمه لأبنائنا، احترامهم لمن هم أكبر منهم، وهذا ما تربّى عليه الصحابة رضي الله عنهم.
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ)(47).
وهذا من باب توقير الكبير، وعدم التقدم عليهم بالكلام.
ممّا سبق يظهر لنا حِرص الإسلام على استخدام أسلوب الإتيكيت في تربية الأبناء، والذي سينعكس إيجابا على تصرفاتهم.
المطلب الرابع: إتيكيت معاملة الخادم:
الدين الإسلاميّ هو دينُ العدل والمساواة، فلا فرق بين غني وفقير، وقوي وضعيف، وملك ومملوك، الكل سواسية عند الله تعالى، وقد جعل الله تعالى مقياسَ التفاضل بين النّاس يوم القيامة هو التقوى.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13].
وفي جزء من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)(48)
هذه الأدلة تبيّن أنّه لا فضل لمخلوق على آخر إلاّ بالتقوى، ولمّا أمرنا تعالى بحُسن المعاملة، عمّ الجميع دون استثناء، ولو كانوا خدماً، والنبي صلى الله عليه وسلم وضع للخدم من الحقوق، ما يتناسب مع إنسانيّتهم، وكرامتهم
والجدير بالذكر أنّ راحة الخادم هي راحة لأهل البيت، فما سيلقاه من إتيكيت في التعامل، سينعكس إيجابا على تصرفاته معهم.
ومن إتيكيت معاملة الخادم، إعطاؤه مستحقاته المالية في وقتها. قال: صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجيرَ أجْرَه قبلَ أنْ يجِّفَ عَرَقه )(49).
والإساءة الى الخدم، ليست من الإتيكيت، وقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم من إهانتهم وضربهم.
عن أبى مسعود رضي الله عنه قال: ( كُنتُ أضربُ غلاماً لِي، فَسمِعتُ مِنْ خلفي صوتاً: إعلم أبا مسْعود، للهِ أقْدرُ عليك مِنْك عليه فالتفتُ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقُلتُ: يا رسولَ الله هو حرً لوجه الله فقال صلى الله عليه وسلم: أمّا لو لمْ تفعل لَلفَحتك النّارُ ـ أو لَمَستك النّار)(50).
وهنالك من يظنّ بأنّ القسوة عليهم، وعزلهم عن باقي أفراد البيت، من علامات قوة الشخصيّة، وليس هذا، إنّما هو في الإحسان إليهم. قال صلى الله عليه وسلم: (إخوانُكُم خَوَلُكُم جَعلَهم الله تحت أيِديكم، فمَن كان أخوه تَحتَ يَدِه فلْيُطعِمه ممَّا يأكل، ولْيُلبِسه ممّا يلْبس، ولا تُكَلِّفوهم ما يَغْلبهم فإن كَلَفتُموهم فأعِينوهم)(51). (والخول بفتح المعجمة والواو هم الخدم سمّوا بذلك لأنّهم يتخولون الأمور أي يصلحونها)(52).
ومن الإتيكيت التواضع معهم، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا اسْتَكْبَر مَن أكَلَ مَعَه خَادِمُه.) (53)
وقد يصدر من الخدم بعض المخالفات، التي يجب معاقبتهم عليها، إلاّ أنّه من الإتيكيت العفو عنهم عن العباس الحجري قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: (جَاء رجُلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقَال يا رسولَ الله: كم نَعفُو عن الخَادِم؟، فَصَمَت، ثُمّ أعَادَ عليْه الكلامَ فَصَمت، فلمّا كان في الثالثةِ قال: اعْفُوا عنْه في كلِ يومٍ سَبعِين مَرّة )(54).
وعن أنس رضي الله عنْه قال: (خدمتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْر سِنينَ، فَما قالَ لِي أُفٍّ، ولا: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولا ألّا صَنَعْتَ)(55).
وهذا الإتيكيت في معاملة الخَدم لم يقتصر على المُسلمين فقط، بل شمل غير المسلمين أيضا عن أنس رضي الله عنه: قال: (كان غُلامٌ يهُوِّدي يَخِدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فَمَرض، فأتَاه يَعُوده، فقَعد عنْد رأسِه فقال لَه أسْلِم، فنَظرَ إلى أبيِه وهو عنْده، فقال: أطِع أبا القاسِم، فأسْلَم فخَرَج النّبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يَقول: الحمدُ لله الذي أنَقذه مِنَ النّار )(56).
ممّا سبق يتبيّن لنا عظَمة الإسلام في إتيكيت التعامل مع الخَدم، المُسلمين منهم وغير المُسلمين.
المبحث الرابع: الإتيكيت الخارجي.
ويعني حُسن المعاملة، والأسلوب الراقي، في التعامل مع من هم من خارج الأسرة والبيت.
المطلب الأول: إتيكيت معاملة الضيوف.
نبّه الإسلام على ضرورة احترام الضيف، وعدم إيذائه؛ فقد قال تعالى: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) [هود: 78].
قال ابن عاشور: أيْ لا تَجعَلونِي مَخْزِيّاً عند ضَيْفي إذ يَلْحَقُهُم أذىً في ضِيافَتي، لأنَّ الِضّيَافَة جِوَارٌ عند ربِّ المَنْزل، فإذا لَحِقتِ الضَيفُ إهانَةٌ كانت عَاراً على ربِّ المنزل)(57).
(من إكرام الضيف حمايته من الأذى، ومنع وقوع أيّ تعد عليه في جسمه، أو ماله، أو عرضه. فها هو نبي الله لوط يجهد دفاعا ًعن ضيوفه، ويبيّن لقومه طريق العفة الصحيح بالبيان أن النكاح من نساء القوم أطهر وأعظم مما يبغون)(58)
ومن الإتيكيت: ضرورة التجمّل بالأدب، حتى لا يُحرَج المضيف، أو الضيف على حد سواء.
قال تعالى: (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُون) [الحجر : 67-69].
ومن إتيكيت الضيافة: الاحتفاء بالضيف، والبشاشة في وجهه، وتقديم الطعام إليه.
قال تعالى: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) هود: 69
ومن الإتيكيت سرعة الضيافة، لذلك وجدنا ابراهيم الخليل مُسارعاً في تقديم الضيافة لزائريه.
قال تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ) [الذاريات: 24-27].
وفي قوله: ألا تأكلون حثٌّ للضيف على أن يأكل دون حرج، فلربّما امتنع من الشبع مظنة الحياء، فإنْ وجد طلاقة المضيف، استمر حتى يأخذ حاجته.
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم: أنّ إكرام الضيف من الإيمان بقوله: (ومَن كانَ يُؤمنُ بالله واليَومِ الآخِر، فلْيُكرِم ضَيفَه)(59)
قال ابن بطال: (من كان يُؤمن بالله واليوم الآخِر) يعني: من كان إيمانه بالله واليوم الآخر إيمانًا كاملا، فينبغي أنْ تكون هذه حاله وصفته، فالضيافة من سُنن المرسلين)(60).
ممّا سبق يتبين لنا روعة الإسلام، في استقبال الضيوف، والتعامل معهم بالإتيكيت والاحترام.
المطلب الثاني: إتيكيت الزيارة
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور: 27].
من إتيكيت الزيارة عدم الذهاب بدون موعد، وقد أشار الإسلام إلى هذا بقوله: (حتى تستأنسوا) – والاستئناس: معرفة رغبة أهل البيت بالزيارة، واستبشارهم بذلك-.
ومن الإتيكيت الالتزام بالموعد قال صلى الله عليه وسلم: “آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ)(61).
وإنْ لم يُؤذن لنا بالدخول، فعلينا أن نتقبل هذا ولا نتضايق، ونعود من حيث أتينا، فقد قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [النور: 28].
ومن الإتيكيت أن لا نقف أمام الباب مُباشرة وإنّما من جهة اليمين أو الشمال.
فعن عبدالله بن بُسر رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بابَ قومٍ لم يستقبل البابَ من تِلقاءِ وجهِه، ولكن من رُكْنه الأيمنِ أو الأيسر“(62).
ولا يزيد الضيف بالاستئذان على ثلاث، لأنّ المضيف قد يكون منشغلاً بما يمنعه من استقبال الضيوف، فليطرق الباب ثلاثاً، ثم يرجع إنْ لم يُفتح له، فعن أبي سَعيد الخُدريّ رضِي الله عنه قال: كُنتُ في مَجلسٍ من مَجالسِ الأنصار، إذ جاء أبو مُوسى كَأنّه مَذعورٌ فقال: استأذنْتُ على عُمر ثلاثاً، فَلم يُؤذن لي َفرجَعت فقال: ما مَنعك ؟ قُلت استأذنتُ ثلاثاً فلم يُؤذن لي فَرجَعت، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا اسْتأذن أحدُكم ثلاثاً فلمْ يُؤذن له فلْيرجع فقال: والله لتُقِيمنّ عليه َبيِّنة، أمِنكُم أحدٌ سَمِعه من النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أُبيُّ بن كعب: والله لا يقومُ معك إلاّ أصغرُ القوم، فكُنتُ أصْغرَ القوم فقُمتُ معَه، فأخبرتُ عمرَ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ذلك(63).
ومن الإتيكيت أن ننتظر وقتا يسيراً بين المرّة والأخرى، فإنْ لم يفتح نتركه ونذهب، ونلتمس له عذراً.
ومن عدم الإتيكيت أن نصطحب معنا الآخرين، دون علم أهل البيت، لأنّ هذا قد يُحرجهم، وقد نبّه صلى الله عليه وسلم على ذلك، ورد أنّ صحابياً دعَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامٍ هو وأربعة من الصحابة وعندما كانوا في طريقهم إليه جاء معهم رجلٌ فقال النبيُ صلى الله عليه وسلم للصحابيّ الذي دعَاهم: إنَّ هذا قد تَبِعَنا فإنْ شِئتَ أنْ تأذنَ لهُ فأْذَن له وإن شِئت أنْ يْرجِع رجَع فقال: لا بَلْ قد أذِنتُ له(64).
هذه بعض مظاهر إتيكيت آداب الزيارة في الإسلام، والتي ينبغي أن نتعلّمها ونُطبقها.
المطلب الثالث: احترام مشاعر الآخرين.
احترام مشاعر الآخرين من الإتيكيت، خصوصاً إذا كانوا ممّن يشعرون بالضعف والقهر، بحكم ظروفهم الاجتماعية، والاقتصادية. فاليتيم مثلاً، إنسان مكسور الخاطر، ضعيف الشأن؛ لذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يختار نبيّ هذه الأمّة، يتيماً، ليشعر بهم ولا يعِش بمنأى عن ظروفهم ومعاناتهم. قال تعالى: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) [الضحى: 6]، وقال: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) [الضحى: 9].
أيضا الفقراء والمحتاجين، الذين يسألون الناس، علينا احترام مشاعرهم، وعدم إيذائهم بالقول أو الفعل. قال تعالى: ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) الضحى: 10
وهذا السائل أمره بين اثنين، إمّا أنْ نُعطيه، وإمّا أن نعتذر له بطريقة مُهذّبة.
قال تعالى: (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا) [الإسراء: 28].
ومن إتيكيت احترام مشاعر الآخرين، عند صُدور خطأ منهم، تنبيههم عليه، دون إحراج وهذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يذكر أشخاصاً بأسمائهم، وإنّما كان يكتفي بالقول: ما بال أقوام. وفي قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، تتجلّى روعة الإتيكيت في احترام المشاعر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: ( قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم “دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ“(65).
ومن الإتيكيت ألاّ يتناجى اثنان وبينهما ثالث، لأنّ ذلك يُؤذي مشاعره، قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ، فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ“(66).
هذه بعض من آداب الإتيكيت في احترام مشاعر الآخرين
المطلب الرابع: إتيكيت معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة.
جعل الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة أسلوباً خاصاً في المعاملة، ومن ذلك أنّ الإسلام أباح لهم أن يأكلوا من بيوت أهليهم، أو أقاربهم.
قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [النور: 61].
يقول الإمـام القرطبي: (إن الله رفع الحـرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج كذلك بالنسبة لما يشترط فيه المشي وما يتعذر من الأفعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر فيه المرض في إسقاطه)(67).
ومن الأمانة والإخلاص حفظ أموالهم، وتنميتها لهم، وعدم الغش في التعامل معهم، ثمّ الحديث إليهم بأدبٍ ولين؛ فقد قال تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا) [النساء: 5].
ومن الإتيكيت عدم تجاهلهم، والإعراض عنهم. بل الاهتمام بهم، والإقبال عليهم، ومعاملتهم بالحسنى؛ فقد قال تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى. أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) [عبس: 1-4].
هذه الآيات تبيّن أنّ الله تعالى، قد عاتب خليله، لأجل رجل ضرير ؛ كونه انشغل عنه بدعوة الوجهاء، عن قضاء حاجته، وكان الأولى أن تُقضى حاجته أولاً.
من كل ما سبق يتبين لنا عظمة الإسلام، وأسلوبه الراقي في التعامل مع الناس جميعاً، دون تمييز أو محاباة، فالكل سواء في ميزان الشرع. كما ويظهر لنا أنّ الإسلام هو دين الإتيكيت.
الخاتمة:
الحمدُ لله حمداً كثيراً، لك الحمدُ يا الله، على عِنايتك وإعانتك لي بإتمام هذا البحث الذي عُني بموضوع الإتيكيت الإسلامي، والذي من خلاله خلَصتُ إلى النتائج والتوصيات التالية:
أولا النتائج:
- أهمية القيم والأخلاق في حياة الفرد والجماعة. وتنبع هذه الأهمية من اهتمام الإسلام بالأخلاق، والتي هي سبب رئيسي في دخول الجنة، مطمع ورجاء كل مسلم، والله تعالى قد امتدح نبيّه بأخلاقه، دون نسبه أو حسبه.
- السلوك هو الإتيكيت، والإتيكيت هو السلوك، وكلاهما مصدرهما الأساسي هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
- الدين الإسلامي هو أصل الإتيكيت، (فن السلوك) والمسلمون هم الأحرى أن يتصفوا بهذا الوصف الرائع، وهذا على خلاف من يعتقد بأن الغرب هم أساس الاتيكيت.
- اهتمام الإسلام بالإتيكيت في جميع جوانب الحياة. ولا غرابة في ذلك فهو دين كامل وشامل.
- احترام الانسان للآخرين يبدأ من احترامه وتقديره لنفسه أولا. ففاقد الشيء لا يعطيه وبقدر احترام الإنسان لنفسه يكون احترامه وتقديره لغيره.
ثانيا: التوصيات:
- أوصي نفسي وجميع المؤمنين بتقوى الله عزّ وجل فهي أساس كل أمر.
- أوصي المسلمين جميعاً بالتحلّي بالإتيكيت مع أنفسهم والآخرين. كي ينقلوا لهم الصورة الحقيقية للإسلام.
- أوصي المعلّمين والمربين بتعليم طلابهم وأبنائهم بكل أساليب الإتيكيت.
واستخدامهم له وأن يكونوا قدوة لهم.
- أوصي وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي، بالاهتمام بموضوع الإتيكيت، وذلك عن طريق تدريسه للطلاب في مناهج ومقررات خاصة. وعمل دورات تدريبية في موضوع الإتيكيت
وأخيرا أسأل الله تعالى أن أكون قد وُفقت في عملي هذا، وأن يجعله خالصا ًلوجهه الكريم وما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان.
قائمة المصادر والمراجع:
- ابن السني، أحمد بن محمد: عمل اليوم والليلة سلوك النبي مع ربه عز وجل ومعاشرته مع العباد، تحقيق: كوثر البرني، جدة–بيروت: دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن
- ابن بطال، علي بن خلف: شرح صحيح البخاري، تحقيق: ياسر بن إبراهيم، ط2، الرياض: مكتبة الرشد، 2003م
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ، دار المعرفة – بيروت، 1379
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1990م.
- ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب: زاد المعاد في هدي خير العباد، ط27، بيروت: مؤسسة الرسالة، الكويت: مكتبة المنار الإسلامية.
- ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني: سنن ابن ماجة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد ومحمد كامل وعبد اللطيف حرز الله، ط1، دار الرسالة العالمية، 2009م.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ط3، بيروت: دار صادر، 1414هـ
- أبو الحسن النيسابوري، مسلم بن الحجاج: المسند الصحيح، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت: دار إحياء التراث العربي ص1814
- أبو الحسن الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق: حسام الدين القدسي، ، القاهرة: مكتبة القدسي، 1994م
- أبو الفداء، اسماعيل بن عمر بن كثير: تفسير القرآن العظيم، تحقيق: محمد حسين شمس الدين، ط1، بيروت: دار الكتب العلمية.
- أبو حاتم الدارمي، محمد بن حبان: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط1، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1988م
- أبو داود السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، ، تحقيق: شعَيب الأرنؤوط، ط1دار الرسالة العالمية، 2009م.
- أبو زكريا، محيي الدين بن شرف النووي: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ط2، بيروت: دار احياء التراث العربي.
- أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، 2008م
- الألوسي، شهاب الدين محمود بن عبدالله الحسيني: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري، ط1بيروت: دار الكتب العلمية.
- البخاري، محمد بن اسماعيل: الأدب المفرد، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، ط3، بيروت: دار البشائر الإسلامية، 1989م.
- البخاري، محمد بن اسماعيل: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، تحقيق محمد زهير، ط1، دار طوق النجاة، 1422هـ
- البيهقي، أحمد بن الحسين: شعب الايمان، تحقيق: د. عبد العلي حامد، ط1، الرياض: مكتبة الرشد 2003م
- الترمذي، محمد بن عيسى: الجامع الكبير، تحقيق: بشار عواد معروف، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1998.
- الرازي، محمد بن عمر: مفاتيح الغيب، ط3، بيروت: دار احياء التراث العربي: ، 1420هـ
- الشوكاني، محمد بن علي: فتح القدير، ط1، دمشق، بيروت دار ابن كثير، دار الكلم الطيب 1414هـ
- الطبري، محمد بن جرير: جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد شاكر، ط1، مؤسسة الرسالة، 2000م.
- القرطبي، أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري: الاستذكار، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض ط1، بيروت: دار الكتب العلمية.
- القرطبي، محمد بن أحمد: الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط2، القاهرة: دار الكتب المصرية، 1964م.
- منقذ السقار، التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم.
- مي السديري، آداب المجاملة والإتيكيت.
- النسائي، أحمد بن شعيب: السنن الصغرى: تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، ط2، حلب: مكتب المطبوعات الإسلامية 1986م
المواقع الالكترونية:
- أسس تعلم الأطفال الإتيكيت، موقع ليالينا، https: //www.layalina.com
- إكرام الضيف في القرآن الكريم، حبل الله، المقالات والبحوث الإسلامية، www.hablullah.com
- بروتوكول (دبلوماسية ) ويكبيديا، https: //ar.wikipedia.org/wiki
- جمانا راجح، فن التعامل مع الوالدين، موقع ركن أخوات طريق الإسلام. https: //akhawat.islamway.net.
- سمر أرناؤوط، في ظلال آية، منتديات ستار تايمز، ، www.startimes.com
- العهدة العمرية، ويكيبيديا، https: //ar.wikipedia.org
- فن الاتيكيت والبروتوكول، منتديات المصطبة، https: //vb.almstba.com
- محمد حسن المرزوقي، دورة فن الإتيكيت، والآداب الاجتماعية، مجلة الابتسامة،. https: //www.ibtesamah.com
- محمد سلامة الغنيمي، النظافة من منظور التربية الإسلامية، ، شبكة الألوكة https: //www.alukah.net
- محمد صالح المنجد، آداب الكلام والمحادثة، موقع إسلام ويب، http: //audio.islamweb.net
1)دراسة عن فن الإتيكيت على موقع الجامعة الاسلامية بغزة سنة2010 على الرابط التالي: .iugaza.edu.ps/kghonem/files/2010/02/32
2) الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية 10 نوفمبر 2017
https: //www.politics-dz.com/community/threads/quayd-albrutukul-aldblumasi-u-alatikit.9636
3) محمد المرزوقي، مجلة الابتسامة، دورة فن الإتيكيت، والآداب الاجتماعية علم البرمجة اللغوية والعصبيةNLP وإدارة الذات، ص1.
4) أحمد مختار، عبد الحميد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج1، ص59
5) مجلة الابتسامة، (سابق)
6).مي السديري، آداب المجاملة والإتيكيت، ص11
7) أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج1ص198
8) دورة فن الإتيكيت والبروتوكولات الدبلوماسية، فن الإتيكيت، https: //assaqiaetikate.blogspot.com/2013/04/blog-post_19.htm
9) بروتوكول (دبلوماسية )ويكبيديا
10) بروتوكول (دبلوماسية )ويكبيديا
11) منتديات خجلي – من قسم: مقالات اجتماعية – بحوث علمية
12) محمد الغنيمي، النظافة من منظور التربية الاسلامية، شبكة الألوكة
13) الرازي، مفاتيح الغيب، ج14، ص228
14) السجستاني، سنن أبي داود، كتاب اللباس، رقم 31، باب في غسل الثوب وفي الخلقان، ج4، ص51حديث رقم 4062 والحديث صححه الألباني.
15) النسائي، السنن الصغرى، كتاب عشرة النساء رقم 36، باب حب النساء، حديث رقم 3939ج7، ص61 والحديث صححه الألباني
16)مسلم، المسند الصحيح، كتاب الرؤيا رقم 42، باب رقم 21، طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: 2329ج4، ص1814
17() النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم، ج15، ص85
18) ابن قيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج4، ص307
19) قال صلى الله عليه وسلم: (أيّما امرأة استعطرت فمرّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية) والحديث أخرجه النسائي في سننه، كتاب الزينة باب ما يكره للنساء من الطيب، حديث رقم 5126، ج8، ص153.
20) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج6، ص303
21) الألوسي، روح المعاني، ج11، ص89
22() في جزء من حديث عن علي رضي الله عنه قال يصف مشية النبيّ صلى الله عليه وسلم: إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنّما ينحط من صبب والحديث صحيح رواه الترمذي في سننه، أبواب المناقب رقم46، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم حديث رقم: 3637، ج6، ص34، قال حديث حسن صحيح
23() ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج6، ص110
24() ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، ج1، ص161
25() ابن السني، عمل اليوم والليلة، باب من بدأ بالكلام قبل السلام، حديث رقم: 214ج1، ص176
والحديث حسنه بعض العلماء المعاصرين، قال عنه أبو زرعة: وهذا الحديث ليس له أصل.
26) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأدب رقم: 78، باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام، حديث رقم: 6144 ج8، ص34
27()البخاري، الجامع الصحيح، كتاب رقم 2 الايمان، باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأثم، حديث رقم 59، ج1، ص21
28) الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الكتاب الثاني العلم، باب في طالب العلم وإظهار البشر له، حديث رقم 549، ج1، ص131
29) مسلم، المسند الصحيح، كتاب رقم 39 كتاب السلام، باب رقم 15 تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث، حديث رقم: 2184، ج4، ص1718
30) المنجد، آداب الكلام والمحادثة، موقع اسلام ويب.
31)البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأطعمة رقم 70، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، حديث رقم: 5376، ج7، ص68
32) الترمذي، سنن الترمذي، أبواب الدعوات، باب رقم56: ما يقول إذا فرغ من الطعام، حديث رقم: 3458، ج5، ص385 قال: هذا حديث حسن غريب
33) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج5، ص60
34) جمانا راجح، فن التعامل مع الوالدين، موقع ركن أخوات طريق الاسلام.
35) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج15، ص70
36) ابن كثير، تفسٌير القرآن العظيم، ج2، ص212
37) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأدب رقم 78، باب كيف يكون الرجل في أهله، حديث رقم: 6039 ج8، ص14
38) مسلم، المسند الصحيح، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم44، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم 75، حديث رقم: 2435، ج4، ص1888
39) مسلم، المسند الصحيح، كتاب الرضاع رقم 17، باب الوصية بالنساء، رقم 18، حديث رقم: 1469، ج2، ص1091
40) مسلم، المسند الصحيح، كتاب النكاح، رقم16، باب تحريم افشاء سر المرأة، رقم21 حديث رقم: 1437، ج2، ص1060
41) مسلم، المسند الصحيح، ، كتاب فضائل الصحابة، رقم 44، باب في فضل عائشة رضي الله عنها رقم الباب 13، حديث رقم 2439، ج4، ص1890
42) جزء من حديث عند مسلم، كتاب الفضائل، رقم43، باب مباعدته ﷺ للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، رقم 20، حديث رقم: 2328 (4/ 1814)
43) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأحكام رقم 93، باب قول الله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، حديث رقم: 7138، ج9، ص62
44) جزء من حديث عند مسلم، المسند الصحيح، كتاب القدر رقم 46، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة رقم الباب 6، حديث رقم: 2658ج4، ص2047
45)البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الكنية للصبيّ وقبل أن يولد للرجل، حديث رقم: 6203، ج8، ص45
46)) أبو داود السِّجِسْتاني، سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في الكذب رقم 87حديث رقم: 4991ج7، ص343
قال الألباني حديث حسن
47) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا وأنبأنا، حديث رقم 61، ج1، ص22
48) البيهقي، شعب الإيمان، حفظ اللسان عما لا يحتاج اليه رقم 34، فصل ومما يجب حفظ اللسان منه الفخر، حديث رقم: 4774 ج7، ص132 وفي إسناد الحديث بعض من يجهل وصححه الألباني.
49)القزويني، سنن ابن ماجه، كتاب الرهون، باب أجر الأجراء، رقم 4 حديث رقم: 2443ج3، ص511
50) مسلم، المسند الصحيح، كتاب الايمان، رقم: 27، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، رقم: 8، حديث رقم: 1659، ج3، ص1281.
51) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب العتق، رقم: 49، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العبيد اخوانكم فأطعموهم مما تأكلون حديث رقم: 2545، ج3، ص149
52) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج5، ص174
53) البخاري، الأدب المفرد، باب الكبر حديث رقم: 550، ج1، ص194 قال الألباني: حديث حسن
54) أبو داود، سنن أبي داود، أبواب النوم، باب في حق المملوك، رقم: 132 حديث رقم: 5164، ج7، ص470
55) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأدب، باب حُسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، ج8، ص14، حديث رقم: 6038
56) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الجنائز، رقم23، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه حديث رقم: 1356ج2، ص94
57) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج12، ص128
58() حبل الله، إكرام الضيف في القرآن الكريم، المقالات والبحوث الاسلامية
59() البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، حديث رقم: 6018ج 8، ص11
60) ابن بطال، شرح صحيح البخاري، ج9، ص310
61) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الشهادات رقم: 52، باب من أمر بإنجاز الوعد حديث رقم: 2682ج3، ص180
62() أبو داود، سنن أبي داود، أبواب النوم، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، رقم الباب: 137حديث رقم: 5186، ج7، ص484 قال الأرناؤوط والحديث صحيح
63) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الاستئذان رقم 79، باب التسليم والاستئذان ثلاثا، حديث رقم: 6245، ج8، ص54
64) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب البيوع، باب ما قيل في اللحام والجزار، حديث رقم: 2081، ج3، ص58
65) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الوضوء، رقم 4، باب صب الماء على البول في المسجد، حديث رقم: 220، ج1، ص54
66).سبق تخريجه ص19
67) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج12، ص313