الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع وحجيتها عند العلماء
أحمد سعيد حمد فضلان محمد عثمان محمد عارف نظري
قسم الكتاب والسنة || كلية الشريعة- الجامعة الوطنية الماليزية || ماليزيا
button link=”https://doi.org/10.26389/AJSRP.A050718” color=”orange”] DOI[/button] PDF
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه.
من المعلوم أنَّ عدد أحاديث السنة النبوية على صاحبها أفضل السلام غير قليل وقد تكفل الله بحفظها، حين قال عز وجل: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”[الحجر: ٩].
ومما لا شك فيه أنَّ السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، فهي مبينة للقرآن، وشارحة له، فلا يمكن لأحدٍ من المسلمين الاستغناء عنها في كل مكانٍ، أو زمان.
فإن كانت بهذه الأهمية الكبيرة، وتلك المكانة العظمى؛ فقد هيأ الله I أقواماً يقومون بحفظها، يذودون عنها، ويحرسونها من كل دخيلٍ، ففرقوا بين مقبولِها، ومردودها، وميزوا صحيحها، من سقيمها، وهكذا،،
فحكموا على أحاديث بالصحة، وأخرى بالضعف، وأطلقوا عبارات، ومصطلحاتٍ تتميز بها تلك الحالات، مما يدل على براعتهم، ودقتهم في ذلك.
ومن تلك العبارات “الموقوف” والذي يقابله “المرفوع”، فالموقوف ما أسند إلى الصحابي t، وأما المرفوع هو ما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون الموقوف منقطعاً بالنظر إلى الحكم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرفوع موصولاً.
بيد أن بعض الأحاديث الموقوفة قد تلحق بالمرفوع حكماً، وعملاً؛ لأن في متنها أموراً لا يمكن أن تقال بالرأي، أو الاجتهاد، من ذلك الصحابي، كالأمور الغيبية، وما شابه، فمثلها يلحقها أهل العلم بالمرفوع، قولاً وحكماً.
وللصحابة رضوان الله عليهم مكانة عظيمة في الاسلام، فقد أثنى الله عز وجل عليهم في كتابه الحكيم في أكثر من موضع، وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم كما تشهد بذلك الأحاديث الكثيرة الواردة في الثناء عليهم، بل وبالتمسك بقولهم، والاقتداء بسنتهم، والتهدِّي بهديهم، وبسط ذلك يطول مقامه في هذا المقال.
وهذه تعطي أهمية بالغة في معرفة تلك الأحاديث الموقوفة والتي لها حكم الرفع؛ لأنه كما أسلفنا الذكر قد تكون مرفوعة حكماً، وبالتالي يحكم على تلك الرواية بصحة ثبوتها من حيث التلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأحاديث الموقوفة لها أهمية كبيرة في السنة النبوية، وقد تعامل معها أهل العلم في كتبهم وفتاويهم محتجين بما جاء فيها من أحكام، بل وعقائد، حسب شروط وقرائن ذكروها مما يدل على أهمية تلك الأحاديث، لا سيما أنَّ منها مما يحكم لها بالرفع كما أسلفنا.
وبما أن الموضوع– في حدود بحثنا- لم يبحث بما يستحق البحث والعناية فيه من حيث التأصيل وجمع أقوال العلماء فيه، وبيان منهجهم في التعامل مع الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع، فقد عزمنا– رغم تقصيرنا- أن نقوم بدراسة تلك الأحاديث نظرياً، فنجمع أقوال أهل العلم فيها، ونربط هذا المبحث بمنهج الشيخ الألباني- رحمه الله- حتى تظهر لنا الصورة الحقيقية في تعامل العلماء معها، لا سيما وأن للشيخ الألباني أحكاماً كثيرة على تلك الأحاديث.
مشكلة البحث
تتلخص مشكلة البحث فيما يأتي:
- لم يفرد هذا الموضوع ببحث مستقل لإظهار أهم الجوانب الخافية فيه.
- غموض المنهج الحديثي في التعامل مع تلك الأحاديث.
- نفي بعض طلبة الحديث أن هناك أحاديث موقوفة قد يحكم لها بالرفع.
- غموض منهج الشيخ الألباني في هذه المسألة.
أهداف البحث
- إثبات حجية تلك الأحاديث والعمل بها كمصدر تشريعي.
- إظهار الجوانب الخافية في هذا المبحث الهام.
- توضيح المنهجية الصحيحة للتعامل مع تلك الأحاديث لِخاصة الناس من طلاب العلم، ولعامتهم.
أهمية البحث
- ستفيد نتائج البحث في كشف الغموض وبيان مكانة الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع.
- ستفيد نتائج البحث في بيان كيفية التعامل مع تلك الأحاديث في كثير المصنفات الحديثية.
منهجية البحث
سنركز في مقالتنا هذه على النقطتين الأولى والثانية من مشكلة البحث من حيث بيان بعض من جوانب هذه المسألة الهامة على الساحة العلمية عموما، والحديثية خصوصا.
وسنذكر تعريف الحديث الموقوف لغة واصطلاحا، ثم نعرف الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع أيضا، وبعد ذلك نذكر بعض أقوال أهل العلم في تلك الأحاديث وكيفية التعامل معها، مع ذكر بعض الأمثلة التي تدعم تلك الأقوال، فالأمثلة أقوى شاهد ودليل على صحة الدعوى.
ومما ينبغي بيانه أن أطروحتنا تناولت الأحاديث الموقوفة التي لم ترد بها صيغ الرفع المعتبرة مثل “أُمرنا” أو “نُهينا” أو كنّا نفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم” ونحو ذلك من الألفاظ التي يعتبر بها للحكم برفع الموقوف حكما، وهذا هو منهج أهل العلم لا ينازعهم في ذلك إلا نفر قليل ليس لمنازعتهم تأثير البتة، فَرَكَّزْنا رسالتنا في الأحاديث المجردة من تلك الصيغ، ولهذا ستتركز مقالتنا أيضا عليها.
وبالتالي ستكون منهجية المقالة على النحو الآتي:
- تعريف الحديث الموقوف لغة واصطلاحا.
- أقوال أهل العلم في الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع.
- أمارات الحكم على الحديث الموقوف بالرفع.
- الخلاصة، وأهم النتائج.
- فهرس المصادر والمراجع.
الدراسات السابقة
لا توجد دراسات سابقة –في حدود بحثي- تناولت الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع المجردة من صيغ الرفع كما ذكرنا، وكل ما ألف في ذلك إنما تركزت على الأحاديث الموقوفة التي وردت فيها صيغ معتبرة تدل على الرفع، مثل: “كنا” وأمرنا” “ونهينا” ونحو ذلك من العبارات التي تدل صراحة على الرفع.
ومن تلك الدراسات التي وقفنا عليها:
- ما له حكم الرفع من أقوال الصحابة وأفعالهم. جمع وترتيب: د. حمد بن مطر الزهراني. دار الخضيري للنشر والتوزيع، المدينة المنورة، 1418هـ.
- قول الصحابي من السنة بين الوقف والرفع. تأليف د.إبراهيم صالح محمود. مجلة كلية العلوم الإسلامية المجلد السادس العدد الثاني عشر 1433هـ.
وتلك الرسائل كما ذكرنا سابقا أنها لم تتناول جانب الأحاديث التي جاءت مجردة عن صيغ الرفع، أما رسالتنا فستتناول تلك الأحاديث مع بيان المنهج الصحيح، وإيراد كلام العلماء، مع الأمثلة التي تدل على المنهج الذي يسيرون عليه.
المبحث الأول: الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع
المطلب الأول :تعريف الحديث الموقوف لغة.
معنى الحديث لغة:
الحديث في اللغة: ضد القديم، ويطلق على الجديد، والخبر.
قال ابن منظور: ((الجديدُ من الأَشياء والحديث الخَبَرُ يأْتي على القليل والكثير والجمع أحاديث)) ([1]) .
معنى الحديث اصطلاحا:
ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة من قول أو فعل أو تقرير([2]) .
معنى الموقوف لغة:
الموقوف في اللغة: الوقوف خلاف الجلوس وقف بالمكان وقفاً ووقوفاً فهو واقف.
قال ابن منظور: ((وقف: الوُقوف خلاف الجُلوس وقَف بالمكان وقْفاً ووُقوفاً فهو واقف)) ([3]) .
المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي:
قال الحافظ ابن الصلاح: ((ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) ([4]) .
أما تعريف الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع: فهو ما يروى عن الصحابة مما لا مجال للاجتهاد فيه، فيأخذ حكم الرفع؛ لأنه لا مسرح للاجتهاد فيه، سواء بالرأي أو الفتيا.
شرح التعريف:
هو ما يروى عن الصحابة: أي ما نقل عنهم من كلام أو فعل ونحو ذلك.
إلى الصحابي: أي نسبته إلى الصحابي، فيخرج بذلك الحديث المرفوع، ويخرج كذلك المرسل الذي ينتهي سنده إلى التابعي.
فيأخذ حكم الرفع: أي يحكم عليه بأنه مرفوع حكماً، فيخرج بذلك ما ثبت بأنه موقوف عليه؛ لعدم وجود قرينة الرفع.
لأنه لا مسرح للاجتهاد فيه، سواء بالرأي أو الفتيا: أي ما كان مصدر كلامه –أي الصحابي- من النبي r لأنه هو المؤيد بالوحي صلوات ربي وسلامه عليه، فيخرج بذلك ما كان مصدر كلامهم أو أفعالهم محض اجتهادٍ، أو رأيٍ، أو إخبارٍ.
فإذا نظرنا إلى غير الأحاديث المرفوعة من جهة الاتصال وجدنا أن الموقوف والمرسل كلاهما في حكم المقطوع، بيد أن للموقوف درجة يعلوها على ما هو دونه؛ فإن الموقوف قد يُصّير إلى المرفوع حكماً، وبالتالي يحتج به، أضف إلى ذلك أن أصحابه ممن عاصروا زمان نزول الوحي ([5]) فأصبح ذا مزيةٍ ولهذه له من المكانة الكبيرة الهامة لدى علماء المسلمين.
ثم وإن لم يثبت له حكم الرفع، فهو حجة عند أكثر أهل العلم إن لم يثبت له مخالف، وكثير من الأحكام الشرعية ثبتَ دلِيلُها بأحاديث وردت عن الصحابة الكرامy، وبعضهم كان مشهورا في الفقه كابن عمرt، فيأخذ من فقه، وقوله، وعمله، وبعضهم برع في التفسير كابن عباس t، فكثيرٌ من الآيات أُخذ تفسيرها من ابن عباسt، ولهذا كان يطلق عليه ترجمان القرآن، وهكذا.
المبحث الثاني: أقوال أهل العلم في الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع
سنذكر هنا أقوال أهل العلم في الحديث الذي ورد موقوفاً على صحابي، على قسمين:
القسم الأول ([6]) :ما نص عليه العلماء بعبارات صريحة مثل “له حكم الرفع” أو نحو ذلك من العبارات.
أما القسم الثاني: فسنورد كلامهم بصنيعهم عند الكلام على الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع، لأنهم لم يصرحوا أو يطلقوا عبارات كما هو الحال عند العلماء المتأخرين؛ وإنما دل صنعيهم على اعتبار أن تلك الأحاديث وإن كانت موقوفة لكن يحكم لها بالرفع، فَعُلِمَ هذا من صنعيهم كما أسلفنا، ومن استشهادهم بتلك الأحاديث، وكذلك حين يوردونها في بعض الأبواب التي تدل على احتجاجهم بالأحاديث التي ثبت وقفها؛ ولكن حكمها حكم الحديث المرفوع؛ ذلك لأنَّ فيها أموراً لا يمكن بحالٍ أن تكون محض رأيٍ، أو اجتهادٍ.
المطلب الأول: القسم الأول: ما نص عليه العلماء بعبارات صريحة مثل “له حكم الرفع” أو نحو ذلك من العبارات:
أَبُو عَبْداللَّه الْحَاكِم، ت(405ه):
قال- رحمه الله-: ((ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند))(([7])).
وقال أيضاً: ((وَتَفْسِيرُ الصَّحَابِيُّ مُسْنَدٌ)) ([8]) .
الإمام البيهقي، ت(458ه):
فيما نقل عنه الحافظ ابن حجر: ((ورجح البيهقي أيضاً الموقوف، إلا أنه قال إن له حكم الرفع)) ([9]).
وقال أيضاً: ((هذا إسناد صحيح وهو في معنى المسند وقد رفعه أولاد زيد عن أبيهم)) ([10]) .
الخطيب البغدادي، ت(463ه):
((فهذا يتوهم موقوفاً؛ لأنه لا ذكر فيه للنبي r وليس بموقوف وإنما هو مسند؛ لأن الصحابي الذي شاهد الوحي إذا أخبر عن آية أنها نزلت في كذا أو كذا كان ذلك مسنداً)) ([11]) .
وقال أيضاً: ((وكذلك قول الصحابي حدث أو أخبر أو قال رسول الله r فهو بمثابة قوله سمعت رسول الله r يأمر بكذا وينهى عن كذا)) ([12]) .
أبوبكر الجرجاني، ت(471ه):
قال: ((وعن عليّ بن أبي طالب قال: لا يكون الصّداق أقلّ من عشرة دراهم، وهذا في حكم المرفوع؛ لأنّ المقادير لا تدرك قياساً واجتهاداً)) ([13]).
المطلب الثاني: المعاصرون:
قال الدكتور نور الدين عتر: ((إذا احتف الحديث الموقوف بقرائن معنوية أو لفظية تدل على رفعه فإنه يكون له حكم المرفوع ويحتج به)) ([14]).
قال الدكتور محمود الطحان: ((وهذا إذا لم يكن له حكم المرفوع، أما إذا كان من الذي له حكم المرفوع فهو حجة يجب العمل به كالمرفوع)) ([15]) .
المطلب الثالث: القسم الثاني
الإمام أحمد، ت(241ه).
المثال الأول: جاء عن عمر رضي الله عنه: ((أنه قد صح عنه t أنه كان يستفتح في مقام النبي صلى الله عليه وسلم ويجهر به ويعلمه الناس، وهو بهذا الوجه في حكم المرفوع، ولذا قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر)) ([16]).
قال الباحث: قول الإمام أحمد- رحمه الله- في احتجاجه بما كان يفعله عمر رضي الله عنه يدل على اعتبار ذلك الأثر عن ذلك الصحابي من قبيل المرفوع؛ لأنه يعلم أن عمر رضي الله عنه أخذ ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصل هذا أن الإمام أحمد أخذ بفعل الصحابي في أمر من أمور العبادة التي –في الأصل- لا تأخذ إلا عن النبي r، وهذا يدل على حجية الأحاديث الموقوفة لا سيما إذا تعلقت بأمورٍ تشريعية، أو تفاسير آيات قرآنية ونحو ذلك.
قال أبو يعلى: ((وأما تفسير الصحابة فيجب الرجوع إليه، وهذا ظاهر كلام أحمد- رحمه الله- في مواضع من كتاب “طاعة الرسول” ([17])))…حتى قال: ((والوجه فيه أنهم شاهدوا التنزيل، وحضروا التأويل فعرفوا ذلك، ولهذا جعلنا قولهم حجة))(([18])).
المثال الثاني: ذَكَرَ الْأَثْرَمُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَأْخُذُ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، هَذَا فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يُضَحِّيَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ؟ فَقَالَ: إِذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يُمْسِكْ عَنْ شَيْءٍ، إِنَّمَا قَالَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، وَقَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَدِيثَ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ، وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ إذا دخل الْعَشْرِ، فَبَقِيَ عَبْدُالرَّحْمَنِ وَلَمْ يَأْتِ بِجَوَابٍ، فَذَكَرْتُهُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فَقَالَ: يَحْيَى ذَاكَ لَهُ وَجْهٌ، وَهَذَا لَهُ وَجْهٌ، حَدِيثُ عَائِشَةَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَأَقَامَ، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا أَقُولُ، قِيلَ لَهُ: فَيُمْسِكُ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، قَالَ: نَعَمْ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا عَلَى الَّذِي بِمَكَّةَ فَقَالَ: لَا بَلْ عَلَى الْمُقِيمِ وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ هَكَذَا، وَلَكِنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ شَيْخِ مَالِكٍ قِيلَ لَهُ: إِنَّ قَتَادَةَ يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا إِذَا اشْتَرَوْا ضَحَايَاهُمْ أَمْسَكُوا عَنْ شُعُورِهِمْ وَأَظْفَارِهِمْ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَالَ هَذَا يُقَوِّي هَذَا وَلَمْ يَرَهُ خِلَافًا وَلَا ضَعَّفَهُ ([19]) .
قال الباحث: ضعف الأئمة حديث أم سلمة المرفوع، ورجح الإمام الدارقطني: “في حديث أم سلمة الوقف” ([20])، وكذلك الإمام ابن عبدالبر حين قال: “وفي حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم حين قلد هديه وبعث به، وهو يرد حديث أم سلمة ويدفعه، ومما يدل على ضعفه ووهنه أن مالك روى عن عمارة بن عبدالله عن سعيد بن المسيب قال: لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة فترك سعيد لاستعمال هذا الحديث وهو راويته دليل على أنه عنده غير ثابت أو منسوخ” ([21]) .
قال الباحث: ومع هذا أخذ بهذا الحديث الإمام أحمد مع أنّ الأئمة من رجح وقفه كما نقلنا عنهم آنفا.
الإمام البخاري
معلومٌ أن الإمام البخاري– رحمه الله– ألف كتابه الصحيح والذي أسماه ” المسند الصحيح ” فأخرج فيه الأحاديث المرفوعة، وأخرج فيه- أيضاً- بعض أحاديث وآثار الصحابة والتابعين، وبعض تلك الأحاديث والآثار التي يوردها الإمام البخاري لا يوردها أصالةً وإنما يوردها عرضًا؛ لفائدة جانبية، وبعضها أوردها أصالةً، وقسمٌ منها مما يحكم له بالرفع؛ فهو مع وقفه لكن له حكم الرفع ([22]) .
المثال الأول: قال الإمام البخاري: حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِى الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِى صَلاَةِ الْحَضَرِ» ([23]) .
قال الباحث: أورد الإمام البخاري- رحمه الله- هذا الحديث في كتابه الصحيح تحت باب “كيف فرضت الصلوات في الإسراء”؟ ومعلوم أن الإسراء والمعراج من الأمور الغيبية التي أسري فيها النبي r تلك الليلة، وإيراد البخاري حديث عائشة رضي الله عنها الموقوف عليها يدل على أنه كالمرفوع حكماً عنده؛ إذ لا يمكن بحالٍ أن يكون اجتهاداً منها رضي الله عنها، فتلك من الأمور الغيبية التشريعية التي علمت من النبي r، أو تلقاها الصحابة y منه عليه الصلاة والسلام.
المثال الثاني: قال الإمام البخاري: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ }الآيَةَ [فصلت:22]، كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ فِى بَيْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ بَعْضَه . وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ. فَأُنْزِلَتْ{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} الآيَةَ ([24]) .
قال الباحث: أخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه بإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً عليه، ولا يخفى على كل ذي لبٍ أنه- رحمه الله- ما أورده هكذا دون الاحتجاجٍ به، وإلا للزم أن تسقط كل الأحاديث الموقوفة في صحيحه، التي أوردها بإسناده إلى أولئك الصحابة رضي الله عنهم، فالحق أن يقال أن هذه الأحاديث الموقوفة أوردها للاحتجاج بها، وكذا الحال مع هذا الحديث فقد أورده تحت باب: باب قوله: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ}[22 فصلت] .
وإذا سلم هذا الأمر في أن البخاري يحتج بتلك الأحاديث الموقوفة؛ فنقول إذاً لا فرق بين حديث اُختِلفَ فيه بين الرفع، والوقف، ثم رُجِّح الوقف على الرفع لكن حكم عليه بأن له حكم الرفع؛ لأنه اشتمل على تفسير آية كما هو الحال مع هذا الحديث، أو اشتمل على أمورٍ غيبية، ونحو ذلك، فالحالة هذه تشبه ما سُلِّمَ به من الاحتجاج بالحديث الموقوف من أصله، لأن في نهاية الأمر حاصله الاحتجاج بالحديث الموقوف، فلو ورد الحديث الموقوف أصالة وفيه أمورٌ غيبية أو تفاسير قرآنية لا تقال برأي، أو اجتهاد، اُحْتُجَّ به، فصار كالمرفوع في منزلة الاحتجاج، والاستدلال، كما فعل الإمام البخاري في هذا الحديث الذي أخرجه موقوفاً على ابن مسعود رضي الله عنه، وفي المقابل إذا ورد الحديث وفيه اختلاف في سنده، أو طرقه، بين الرفع، أو الوقف، فهنا ينظر إلى القرائن التي تعين على ترجيح الصواب في تلك الطرق، وفي الأسانيد المختلفة، وعندها قد يحكم بصحة الطرق الموقوفة، أو المرفوعة، أو قد يصحح كلا الطريقين معاً.
وعلى كل حال؛ فإن رُجِّح الطريق المرفوع، على الموقوف وكان وجه الصواب في إسناده الرفع، صار حجة لا خلاف فيه البتة.
وإن كان الراجح فيه هو الوقف، يصبح الحديث الذي صح موقوفاً كالحديث الموقوف أصالة، فعندها يتحول النظر، والتدقيق إلى متنه؛ فإن احتوى المتن أمراً من الأمور الغيبية، أو جاء فيه تفاسير لآيات قرآنية، ومثلها لا يمكن أن تدرك بقياسٍ، أو رأي، أو اجتهاد، فحينها العمل بالحديث يكون لازماً، وحجته ثابتةً، كما فعل الإمام البخاري في هذا الحديث السابق، والله تعالى أعلم.
وحتى يتضح الأمر نطرح سؤالاً فنقول: ما الفرق بين الحديث الموقوف المحتج به كما فعل ذلك الإمام البخاري في الحديث الموقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، وبين حديث تَبَيّن أن الصواب فيه الوقف بعد أن اختلف فيه بين الرفع والوقف؟
الجواب: أنه لا فرق لدى كل من تأمّل، وتفقه في هذا العلم؛ بحيث يضع الأمور في نصابها الصحيح المناسب لها، من غير تعصبٍ، ولا هوى.
وأعني أنه لا فرق بينهما من ناحية الاحتجاج والاستدلال إذا تحقق شرطاً مهماً، وهو أن يتضمن متنه أموراً لا تقال برأي، أو اجتهاد ([25]) .
الإمام مسلم
قال- رحمه الله- تعالى: ((حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِىُّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يَعْنِى ابْنَ سَلاَّمٍ- عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ فَهْي يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَقَالَ:{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21])) ([26]) .
قال الباحث: أخرج الإمام مسلم هذا الحديث في صحيحه وهو موقوف على ابن عباس رضي الله عنه، وقد جعل الإمام مسلم هذا الحديث في أول الباب، وكما هو معلومٌ أنه- رحمه الله- يقدم الحديث الأصح فالأصح، واستشهاده بهذا الحديث يدل على أن الإمام مسلم يَعُد هذا الحديث من الأحكام التي تبين ما على الرجل أن يفعله في حال أنه حرّم عليه امرأته، وهي كفارة يمين تُذهب عنه ما قد حرمه هو عليه، فأورده الإمام مسلم- رحمه الله- في هذا الباب باعتبار هذا الحديث فيه من الأحكام الشرعية؛ ومعلومٌ أن الأحكام الشرعية، كرفع الحرج، أو إبراء الذمة هي توقيفية، لا تقال برأيٍ، أو اجتهاد، والله تعالى أعلم.
ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ الإمام مسلماً حمه الله قد أخرج في صحيحه كتاباً كاملاً، وهو كتاب “التفسير” كل الأحاديث التي ذكرها في ذلك الباب كذكر أسباب نزول الآيات أو السور، أو في بيان تفسيرها، هي أحاديث موقوفة ثابتة عن الصحابة رضي الله عنهم خلا حديثاً واحداً مرفوعاً ([27]) عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد لنا أن منهج الأئمة المحدثين قبول أحاديث الصحابة رضي الله عنهم وحجيتها، والعمل بمقتضاها.
وممّا سبق يتبين لنا: أن المحدثين كانوا يحملون الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع منزلة الحديث المرفوع إذا لم يكن للرأي أو الاجتهاد فيها سبيل، فيصححونها بذلك الاعتبار، وتصحيحهم لها هو بالاحتجاج بها في كتبهم، وسننهم، أو إيرادها تحت أبواب الاحتجاج التي يذكرون تحتها الأحاديث ونحن نعلم أن بعضاً من تلك الأحاديث أوردها أهل العلم لبيان ضعفها وعللها، أو لبيان أوجه الاختلاف فيها، أو لزيادة في المتن او غيره من الأمور كما هو معلوم، وهذا صحيح مسلمٌ به، لكن هذا لا يعارض كلامنا السابق؛ إذ أن أهل العلم يوردنها أيضا للاحتجاج بها، وقد بينا ذلك آنفاً، وأكبر مثالٍ على ذلك أن أصحاب الصحيحين الإمامين البخاري ومسلم، كانوا يوردون كثيرا من الأحاديث الصحيحة الموقوفة محتجين بها، وهذا واضح بيّن في صنيعهما، ولهذا يقول الإمام أبو عمرو الداني: “قد يحكي الصحابي قولا يوقفه، فيخرجه أهل الحديث في المسند؛ لامتناع أن يكون الصحابي رضي الله عنه قاله إلا بتوقيف”([28])، ولا يمكن أن يأتي معارضٌ فيقول أن بعض تلك الأحاديث إنما هي أحاديث موقوفة ليس فيها أموراً غيبية أو نحوها مما يدخل في هذا المبحث، فجواب ذلك: أن المحدث إذا احتج بحديث كهذا فمن باب أولى الاحتجاج بالحديث الموقوف الذي جاء في متنه أمرا من أمور الغيب ونحوه.
ويقول الشيخ الألباني- رحمه الله-: ” فإني لا أرى أي تعارض بين المرفوعات والموقوفات حتى يصار إلى ترجيح هذه على تلك؛ ذلك لأن الموقوف هنا في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما هو ظاهر، وهذا هو ملحظ الترمذي ومن وافقه حين صححوه، وهم على علم بالطرق الموقوفة دون ريب، وكذلك الحافظ ابن منده الذي أقام جزءه على الطرق المرفوعة، وساق الطرق الكثيرة الموقوفة، فلم يعل تلك بهذه لما ذكرت” ([29]) .
فأهل العلم من المتقدمين احتجوا بتلك الأحاديث غير مصرحين في الغالب، وإنما غلب على صنيعهم الاحتجاج بها، بينما خلفهم من المتأخرين صرحوا حين الاحتجاج بها بإطلاق بعض العبارات، ولهذا جاءت عبارات كثيرة منهم بمثل: “هو عندنا في حكم المرفوع”، “إلا أنه قال إن له حكم الرفع”، “وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي”، “وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ فِي حُكْم الْمَرْفُوع”، ونحو ذلك من العبارات.
وهذا يؤكد لنا ما قاله الحافظ بن حجر- رحمه الله-: ((وتفاسير الصحابة عند جمهور الأئمة المتقدمين على ما نقله الحاكم أبو عبد الله محمولة على الرفع، وبعض المحققين حمل ذلك على ما يتعلق بأسباب النزول وما أشبهها))([30]) .
وقال أيضاً- رحمه الله-: ((وَإِنَّمَا كان لهُ حُكْمُ المَرْفوعِ؛ لأنَّ إخبارَهُ بذَلِكَ يَقْتَضِي مُخْبِرًا له، وما لا مَجَالَ للاجْتِهَادِ فيه يَقْتَضِي مُوقِفًا لِلقَائِلِ بهِ، ولا مُوقِفَ لِلصَّحَابَةِ إلاَّ النَّبِيُّ r أو بَعْضُ مَن يُخْبِرُ عَن الكُتُبِ القديمَةِ، فلِهَذَا وقعَ الاحْتِرَازُ عَن القِسْمِ الثَّانِي، وإذا كانَ كذَلِكَ فله حُكْمُ ما لوْ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ r، فهو مرفوعٌ سواءٌ كانَ مما سمعَهُ منه أو عنهُ بواسِطَة))([31]) .
قال الباحث: وقد أجاد- رحمه الله- في كلامه السابق مما يشفي لهف الولهان، ويروي قلب الظمآن، ويهدي التائه الحيران، فقد ذكر ما يوجب العمل بتلك الأحاديث والحكم عليها بالرفع، والاحتجاج بها، في حال طابقت جميع ما ذكر، وانتفى عنها جميع ما حُذِّر فعندها وجب المصير إلى قول ابن حجر، وقوله هذا يجعل القلب على يقينٍ بما قال عنه أئمة الشأن قديماً أنه “أمير المؤمنين في الحديث”([32]) .
هذا وكما هو معلومٌ أن متأخري علماء الحديث قد أصّلوا هذا العلم الشريف، ودونوه في دواوين علم الحديث، خدمةً لهذا الدين الحنيف، فكلهم يسعى له سعي الحثيث، وتأصليهم هذا لم يأت من فراغ أو هوى، وإنما من استقراء لصنيع من سبقهم من المتقدمين، وسبر لمروياتهم، فخّرَّجوا لنا تلك الكتب العظيمة في علم الحديث الذي يستقي منها القاصي والداني، فالعجب ممن ينكر ذلك، والله المستعان.
وعندما أطلقوا تلك العبارات أطلقوها بناء على أحاديث موقوفة حملوها على الرفع؛ لأن في متنها أموراً لا يمكن أن تقال برأي أو اجتهادٍ، وهذا بلا شك مما أخذوه عن أسلافهم من المتقدمين بطريق الاستقراء والسبر والنظر إلى أحكامهم، واحتجاجهم بتلك الأحاديث، وإدراجها في مواضع يدل على الاحتجاج بها، والله تعالى أجل وأعلم.
بل إن معظم مناهج المحدثين المتقدمين ومصطلحاتهم لم تعلم إلا بطريق الاستقراء والتتبع، والسبر، لأنهم لم يصرحوا بعبارة تدل على ذلك، فإن علم الرواية على الدراية كانت سائدة في زمنهم فعُلم بعضها بطريق الاستقراء المنهج الذي يسير عليه ذلك الإمام المتقدم، أو المعنى من ذلك المصطلح الذي يطلقه المحدث، كمصطلح “حسن صحيح” عند الترمذي ([33])، وكشرط البخاري في صحيحه، وترتيب الأحاديث عند الإمام مسلم، وغيرها كثير من المناهج الغامضة عند المحدثين، التي علم بعضها، بينما لا يزال بعضها غامضاً تدور بين رحى الترجيحات، والاجتهادات عند المتأخرين.
المبحث الثالث: أمارات الحكم على الحديث الموقوف بالرفع
المطلب الأول: القرائن([34])
ومما يدل على دقة أهل العلم في قبول تلك الأحاديث والحكم لها بالرفع أنهم يحكمون على حديث موقوف بأن له حكم الرفع وفق قرائن، وليس اعتباطاً، فلا يحكمون على كل حديث موقوف برفعه إلا من خلال تلك القرائن التي تظهر على كل حديثٍ، فإن تحقق فيها حكم عليه بذلك، وإلا فلا، وتلك القرائن هي:
أولا: التفسير([35])
ثانياً: بيان سبب نزول الآية.
ثالثا: الأمور الغيبية([36]) . وفيها:
- الأمور الماضية، أو الآتية
- كبدء الخلق وهلاك الأمم السابقة أو اللاحقة كالملاحم والفتن، ونحو ذلك.
- قصص الأنبياء.
- حوادث للأنبياء، وقومهم، ونحو ذلك.
- وصف الجنة أو النار.
رابعاً: الأمور التشريعية. وفيها:
- الحلال والحرام
- النهي والإباحة
خامساً: العبادات. وفيها:
- الأمور الفقهية.
- الأحكام التكليفية.
- المقادير الشرعية.
- المواقيت الزمنية.
سادساً: الوعد والوعيد. وفيها:
- الترغيب والترهيب.
- تحديد الثواب أو العقاب.
الإيمان والكفر. وفيها:
- نواقض الإيمان.
- مسببات الكفر.
- محبطات الأعمال.
خامساً: الأمور التوقيفية.
- العقيدة
- أسماء الله وصفاته
فمثل هذه الأمور من القرائن التي ذكرت إذا جاء فيها حديثٌ موقوف صحيحٌ على صحابي، فإنه مما يحكم له بالرفع، على أن لا يخالف شرطا مما ذكرنا سابقاً، وهذا هو المسلك الصحيح الذي عليه أئمة العلم قديماً وحديثاً، والأدلة كلها تؤيد ذلك، فلا يمكن لصحابي- كما أسلفنا مهما بلغ من المرتبة والمكانة- أن يتحدث عن أمورٍ كهذه بلا برهان ولا دليل، ونعني بالبرهان أنه سمعه أو تلقاه من النبيe، أو من صحابته عنه r، فإذا ذكروا كلاماً في تلك الأمور لابد أن يكون مصدره وحياً، ومعلومٌ أن الصحابي لا ينزل عليه الوحي، بل الوحي ينزل على النبي e من الله I فنعلم يقيناً أن هذا الكلام مما عرفه- أي الصحابي- من رسول الله r، فالكلام عن النار والجنة أو وصف النار والجنة أو الكلام عن الحساب والجزاء والصراط وغير ذلك، يوجب المصير إلى ما قلناه، فحتما أن الصحابي لم ير شيئاً من ذلك، لكننا على يقين أن مثل هذا مما تلقاه من النبي r فنقبل كلام هذا الصحابي على اعتبار أن هذا صدر من مشكاة النبوة صلوات ربي وسلامه عليه؛ فأحياناً لابد لنا من أن نأخذ كلام الصحابي في الغيبيات، في حال لم نجد مرفوعا صريحا فالمصير إلى ذلك الموقوف ويكون في حكم المرفوع، قال شيخ الإسلام ابن تيمة- رحمه الله-: ((إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوه من القرآن، والأحوال، التي اختصوا بها… لاسيما علماؤهم، وكبراؤهم كالأئمة الأربعة، والأئمة المهديين، مثل: عبدالله بن مسعود)) ([37]) .
وإذا الكلام في تلك الأمور الغيبية لا تقبل، من أي مسلم بل لا تجوز؛ لأنه يعد حينها رجما بالغيب؛ إذ أن مصدر تلك الأمور وحياً من اللهI، ولا وحيَ بعد موت النبيe وبالتالي يتأثم ذلك المسلم الذي قال مثل هذا الكلام، والأدهى من ذلك أن يتكلم بكلامٍ أو حديث فيه ثوابٌ أو عقاب، وهذا تشريعٌ بلا شك ليس لأحدٍ إلا النبيe أن يأتي بمثل هذا، فنقول إن كان هذا لا يتصور من مسلمٍ عاديِّ فكيف يتصور هذا من الصحابة الكرام وهم خير من وطأت قدمهم الثرى بعد الأنبياء والرسل، بل هم الأكثر خشية لله، وتطبيقاً لأوامره، وبعداً عن محارمه، وأكثرهم إجلالاً لله ورسوله الكريمe. فلا يتصور منهم بعد ما كل ما ذكر أن يَتَقَوَّلَ منهم في الدين بتلك الأمور بلا برهان ولا بيان من المؤيد بالوحي صلوات ربي وسلامه عليه، لأنهم عاصروه.
وبهذا نعلم عظم مقدار الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع، ومكانتها العالية في الشريعة الإسلامية كونها تعد من مصادر التشريع الاسلامي إلحاقا بالمصدر الثاني وهي الأحاديث المرفوعة على صحابها أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولهذا وجدنا أهل العلم قديما وحديثا اهتموا بتلك الأحاديث، وجعلوها بمرتبة الاحتجاج مثلها كالمرفوعة أصالةً، يظهر ذلك كما أسلفنا من تصريحهم أحيانا ومن صنيعهم حين الاستدلال بها وذكرها تحت الأبواب حين إيراديهم لتك الاحتجاج، وهذا ما فعله الإمام مسلم- رحمه الله- في جامعه الصحيح في باب التفسير، إذ أورد في ذلك الباب أحاديث كلها موقوفة إلا واحدا، وهذا من أقوى الدلالات على الاحتجاج.
الخلاصة، وأهم النتائج:
أن الأحاديث الموقوفة لها أهمية كبيرة في الشريعة الإسلامية، ومكانة عالية لدى علماء المسلمين، وقد اهتموا بتلك الأحاديث تخريجاً واحتجاجاً من خلال إيراد تلك الأحاديث في مصنفاتهم وتراجم الأبواب عليها، وهذا دليل الاحتجاج.
- أن كثيرا من الأحاديث الموقوفة جاءت فيها أحكام تشريعية، وأخرى عقدية، مما يدل على ارتباطها بالتشريع الإسلامي فقهاً واعتقاداً.
- من أنكر أن هناك أحاديث موقوفة قد يحكم لها بالرفع فقد أخطأ خطأً كبيراً، ونتيجة ذلك هدم السنة الواردة في تلك الأحاديث الموقوفة، بل ويفتح باباً للطعن في الصحابة أمام المستشرقين وأذنابهم بدعوى أن الصحابة يتكلمون في أمور الغيب بلا مستندٍ ولا دليل، وبالتالي يسقط الاحتجاج بالكلية لأحاديثهم.
- أن عدد الأحاديث الموقوفة في الكتب الحديثية وغيرها من المصنفات عدد غير قليل، مما يدل على أهميتها وعلى اهتمام العلماء بها، فلو أسقطت تلك الأحاديث وجب على كل محقق أو باحث أن يحذف تلك الأحاديث من تلك الكتب؛ لأن لا قيمة لها، وهذا ناتج من يقول بعدم وجود أحاديث موقوفة قد يحكم برفعها.
التوصيات:
- تتبع الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع في المصنفات الحديثية وإبرازها بصورة توضح المنهجية الصحيحة في التعامل معها، والاحتجاج بها.
- تجريد تلك الأحاديث مما شابها من الإسرائيليات، مع وضع الضابط في معرفة ذلك.
- حصر تلك المرويات الإسرائيلية ومعرفة ما وافقت منها شرعنا أو لم توافق.
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
فهرس المصادر والمراجع:
- ابن العماد الحنبلي، عبدالحي بن أحمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار ابن كثير، دمشق،1406هـ.
- ابن القيم الجوزية، شمس الدين محمد، زاد المعاد في هدي خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 27، 1415ه.
- ابن تيمية الحراني، أحمد بن عبدالحليم، مجموع الفتاوى، دار الوفاء مصر، 1426هـ.
- ابن جماعة، محمد بن إبراهيم. المنهل الروي في مختصر علوم الحديث، دار الفكر، دمشق، 1406هـ.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، النكت على كتاب ابن الصلاح، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، 1404ه.
- ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد بن علي، تغليق التعليق، المكتب الاسلامي، بيروت، 1405هـ.
- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة- بيروت، 1379ه.
- ابن عبد البر القرطبي، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ت مصطفى بن أحمد العلوي، وزارة الأوقاف المغرب، 1387هـ.
- ابن قيمالجوزية، شمس الدين محمد، تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مُشكِلاته، تحقيق: إسماعيل بن غازي، مكتبة المعارف، 1428ه.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار المعارف القاهرة، 1416هـ.
- أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن، الجرجاني، دَرْج الدُّرر في تفسير الآي والسُّوَر، دار الفکر- عمان، الأردن، 1430 هـ.
- أبو حفص الطحان، محمود بن أحمد، تيسير مصطلح الحديث، مكتبة المعارف، الرياض، 1425ه.
- الألباني، محمد ناصر الدين، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها، مكتبة المعارف، الرياض، 1422ه.
- البخاري محمد بن اسماعيل، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، 1422هـ.
- البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، مكتبة دار الباز- مكة المكرمة، 1414هـ.
- الترمذي، محمد بن عيسى، الجامع الكبير، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، دار الرسالة العالمية بدمشق وبيروت، 1430هـ.
- الحاكم النيسابوري، محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية – بيروت، 1411هـ.
- الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، تحقيق د. محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض.
- الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، تحقيق إبراهيم بن مصطفى آل بحبح الدمياطي، دار الهدى بميت غمر، مصر، 1423هـ.
- الشهرزوري، أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن، معرفة أنواع علوم الحديث مكتبة الفارابي، 1948م.
- عتر، نور الدين، منهج النقد في علوم الحديث، دار الفكر، دمشق، 1401هـ.
- القاضي أبي يعلى، محمد بن الحسين الفراء، العدة في أصول الفقه، تحقيق أحمد المباركي، السعودية، 1410ه.(بدون اسم ناشر).
- مسلم ابن الحجاج، أبو الحسين القشيري، الجامع الصحيح، دار قرطبة، بيروت، 1430ه.
The suspendednd Ahaadeeth Which has a lifting ruling and Obligation in the Scientists
([1]) ابن منظور.محمد بن مكرم. لسان العرب. دار المعارف، القاهرة. ط1. 1416هـ، م2، ص131.
[2])) ابن جماعة، محمد بن إبراهيم. المنهل الروي في مختصر علوم الحديث، دار الفكر، دمشق، ط2، 1406هـ، ص40.
([3]) المصدر السابق. م9، ص259.
([4]) أبو عمرو الشهرزوري، عثمان بن عبد الرحمن. مقدمة علوم الحديث، مكتبة الفارابي، ط1، 1948م، ص27.
([5]) ولا ينافي هذا أن بعض الأحاديث الموقوفة على الصحابة قد وردت بعد وفاة النبي r؛ لأن المقصود مصدر حديثهم لما شاهدوه أو سمعوه في حياة النبي r.
([6]) وأقوال العلماء في هذا أكثر مما ذكرت؛ فاقتصرت على بعضهم حتى لا يطول المقال.
([7])الحاكم النيسابوري، أبو عبدالله محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية – بيروت ط1، 1411هـ، م2، ص28.
([8]) المصدر السابق، م4، ص619.
([9]) ابن حجر العسقلاني، شهاب الدين أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة- بيروت، 1379ه، م9، ص621.
([10]) البيهقي، أحمد بن الحسين الخرساني، السنن الكبرى، مكتبة دار الباز- مكة المكرمة، 1414هـ، م1، ص454.
([11])الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، تحقيق د. محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، م2، ص291.
([12]) الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية. م1، ص415.
([13])الجرجاني، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن، دَرْجُ الدُّرر في تَفِسيِر الآيِ والسُّوَر، دار الفکر- عمان، الأردن ط1، 1430 هـ،ج1، ص466.
([14]) عتر، نور الدين، منهج النقد في علوم الحديث، دار الفكر، دمشق، ط2، 1401 هـ ص328.
([15]) أبو حفص الطحان، محمود بن أحمد. تيسير مصطلح الحديث، مكتبة المعارف، الرياض، ط10، 1425ه، ص166.
([16]) ابن القيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر، زاد المعاد في هدي خير العباد. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 27، 1415ه، م1، ص198.
([17]) من الكتب المفقودة للإمام أحمد رحمه الله حتى هذه اللحظة.
([18])أبو يعلى القاضي، محمد بن الحسين الفراء، العدة في أصول الفقه، تحقيق أحمد المباركي، السعودية، ط2، 1410ه، م3، ص721-724.
([19]) ابن عبد البر، يوسف بن عبدالله القرطبي. كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. ت مصطفى بن أحمد العلوي، وزارة الأوقاف المغرب، 1387هـ، م17، ص235.
([20]) انظر: ابن القيم، شمس الدين محمد، تَهْذِيْبُ سُنَنِ أَبِي دَاودَ وَإيضاحِ مُشكِلاتِهِ. م2، ص47.
([21]) ابن عبد البر، يوسف بن عبدالله، التمهيد، م17، ص235-236.
([22]) يحكم له بالرفع ليس تصريحاً بمثل هذه العبارة ونحوها؛ إنما من خلال صنيعهم حين الاحتجاج بتلك الأحاديث.
([23]) البخاري، محمد بن إسماعيل، الجامع الصحيح ، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الاسراء، حديث رقم 350.
([24]) البخاري، باب سورة فصلت، حديث رقم4538.
([25]) وإذا لم يتحقق هذا الشرط، نظر إلى الحديث الموقوف من ذلك الصحابي من منظور هل له من مخالف أو لا يوجد فيحتج به، وهكذا، وتفصيل ذلك مبسوطٌ في كتب أصول الفقه، فلينظر إليها.
([26])مسلم بن الحجاج، أبو الحسين القشيري،. الصحيح، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينوِ الطلاق، حديث رقم 3676.
([27]) المصدر السابق حديث رقم7527. وانظر كتاب التفسير في صحيح مسلم.
([28]) ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، النكت على كتاب ابن الصلاح، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط1، 1404ه، م2، ص531.
([29]) الألباني، محمد ناصر الدين، السلسلة الصحيحة، مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1422ه، م7، ص972.
([30]) ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تغليق التعليق، المكتب الاسلامي، بيروت، ط1، 1405هـ م2،ص25.
[31])) ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر، مطبعة الصباح، دمشق، ط3، 1424هـ، ص107.
([32]) ابن العماد الحنبلي، عبدالحي بن أحمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1406هـ، م7، ص270.
([33]) انظر مثلا كتاب: القاضي، أحمد بن محمد شاكر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، ت علي الحلبي، مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1417هـ.
([34]) وممكن أن يطلق عليها أيضا “الأمور أو الأمارات” التي يحكم لمتنها بالرفع حكما.
[35])) وينبغي التفريق بين ما قد يكون اجتهادا من الصحابي وبين أن يكون ذلك التفسير قد تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم، سواء مباشرة منه أو عن طريق صحابي آخر أخذه عن النبي عليه الصلاة والسلام، والمعيار في ذلك هو النظر إلى ذلك التفسير من حيث تعلق متنه بأمر غيبي أو تشريعي ليس للاجتهاد فيه مجال.
([36]) ومما ينبغي بيانه أن بعض الصحابة قد تلقى بعض أحاديث أهل الكتاب، وجواز ذلك جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: “وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج” رواه الإمام أحمد، المسند، حديث رقم 6486. وتلك حكمها الاستئناس بها ما وافق شرعنا، وإلا رددناه.
([37])ابن تيمية ، أحمد بن عبدالحليم الحراني. مجموع الفتاوى، دار الوفاء مصر، ط3، 1426هـ، م13، ص364.